الإخلال بالالتزام – إثبات
حكم عدد 611 بتاريخ 2010/01/19 في الملف رقم 2009/6/476
القاعدة
إثبات الإخلال بالالتزام يقع على مدعيه.
عدم إثبات ذلك يعدم عنصر الخطأ في جانب المدعى عليه ويجعل طلب فسخ العقد غير مرتكز على أساس قانوني.
باسم جلالة الملك
بتاريخ 19/01/2010 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.
وهي مؤلفة من السادة:
جمال السنوسي رئيسا ومقررا.
نادية زهيري عضوا.
عبد السلام خمال عضوا.
بمساعدة عبد الله زويتر كاتب الضبط.
في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:
بين: بلخوية محمد 1 شارع محمد الخامس بني ملال.
نائبه الأستاذان برمو المولودي المحامي بهيئة بني ملال والجاعل محل المخابرة معه بمكتب الأستاذ محمد شكار المحامي بهيئة الدارالبيضاء.
والأستاذ النوري الحسن المحامي بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة.
وبين : شركة شل المغرب ش م في شخص ممثلها القانوني بمقرها الكائن بالرقم 11 عمارة زنيت تجزئة التوفيق طريق النواصر سيدي معروف الدارالبيضاء.
نائبها الأستاذ محمد سايبوب المحامي بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة أخرى.
الوقائــع:
بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 16/1/2009 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيه المدعي بواسطة نائبه أنه متعاقد مع المدعى عليها بموجب عقد صفقة وشراكة مؤرخ في 1/6/1992 تم بموجبه تجهيز محطة شال الزيتون الكائنة ببني ملال شارع محمد الخامس، وقد التزمت المدعى عليها بتزويد المحطة بالوقود وبكل المستلزمات مدة تزيد عن 17 سنة، إلا أنها في الآونة الأخيرة أصبحت تمتنع عن ذلك وتوقفت منذ 30/6/2008 حيث راسلها في الموضوع بتاريخ 3/7/2008 ثم قام بإجراء معاينة وإثبات حال بواسطة أحد المفوضين القضائيين، ولأنه تضرر من هذا التوقف، لأجله فهو يلتمس الحكم بفسخ العقد الرابط بينهما وإفراغ المدعى عليها من عقاره ومن التجهيزات المثبتة به تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 2000 درهم عن كل يوم تأخير وتعويض مسبق قدره 20.000 درهم وتمهيديا إجراء خبرة لتحديد التعويض عن الضرر من جراء عدم الاستغلال بصفة عادية مع حفظ حقه في تقديم مقال إضافي وتحميلها الصائر. وأرفق مقاله بصور من العقد ومراسلة ومحضر إثبات حال وإشعارات بريدية بالتوصل.
وبناء على جواب المدعى عليها أن البند السادس من العقد ينص على أنه في حالة عدم احترام أحد شروط العقد فإن الفسخ يتم بعد إشعار الطرف الآخر بالإخلال بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل ومنحه أجل ثمانية أيام، وأن المدعي لم يحترم هذه الشكلية مما يجعل طلبه مختلا ويتعين الحكم بعدم قبوله. واحتياطا في الموضوع فإنها لا ترغب في فسخ العقد وتسعى للحفاظ على علاقتها مع المدعي الذي يدعي أن العارضة توقفت عن التزويد، وأنه راسلها بتاريخ 30/6/2008 و 1/7/2008، في حين أن هذا الادعاء تطغى عليه عدة تناقضات يشهد عليها محضر المعاينة وإثبات حال الذي صرح فيه السيد طوس حمادي بصفته مسير أعمال المحطة بأن العارضة زودت المحطة بالمحروقات من 2/7/2008 إلى 7/7/2008، كما أن الرسائل المدلى بها لا تفيد في شيء ما دام أنها زودت المحطة خلال المدة المحتج بها، وأمام انعدام ما يفيد امتناعها عن التزويد فإن طلب الفسخ يبقى غير مبرر، ملتمسة الحكم برفض الطلب.
وبناء على تعقيب المدعي أن الدفع الشكلي لا أساس له لأن الفصل 6 ملزم للمدعى عليها وليس للعارض، مضيفا أنها توقفت مرة أخرى عن تزويد المحطة في 7/7/2008 إلى 15/7/2008 الثابت من محضر إثبات حال وأن هذا التصرف يشكل إخلالا بالالتزام ملتمسا الحكم وفق المقال.
وبناء على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 16/6/2009 تحت رقم 1019 والقاضي بإجراء بحث.
وبناء على جلسة البحث المنعقدة بتاريخ 21/7/2009 والتي حضرها المدعي وممثل المدعى عليها فصرح المدعي أن عملية التزويد تتم بطلب منه وليس تلقائيا وأن طريقة طلب السلعة تتم إما بالفاكس أو الهاتف وصرح ممثل المدعى عليه بخصوص كيفية التزويد أنها تتم بواسطة سندات الطلب ويقتضي الأمر 48 ساعة لتجهيز الشاحنة وملئها قطع المسافة الرابطة بين المحمدية وبني ملال ولا يتم تقديم الطلبية بواسطة الهاتف مضيفا أن العقار ملك للمدعي والمعدات ملك للشركة وأنه لم يسبق تزويد المدعي بالسلعة بواسطة الهاتف وأن الفاتورة لا يمكن إنجازها إلا بوجود الطلبية، كما أن الفاتورة ترافق السلعة ولا يمكن الاستجابة لأية طلبية بالهاتف، وتدخل المدعي موضحا أن المكتب الخاص بالمدعى عليها هو الذي يتلقى الطلب بواسطة الفاكس ويهيئ سند الطلب فعارضه ممثل المدعى عليها في ذلك بان سند الطلب يجب أن يوقعه المعني بالأمر.
وبناء على مستنتجات المدعي بعد البحث أنه حسما لكل نقاش يرفق مذكرته بوثائق تعزز تصريحاته وتفند مزاعم المدعى عليها ويتعلق الأمر بمراسلة من المدعى عليها محررة بتاريخ 28/4/1997 موجهة للعارض بالنسبة للمعدات على أن التواصل يكون عبر الهاتف أو الفاكس وبها عدة أرقام كان العارض بواسطتها يتصل بالأشخاص العاملين لدى المدعى عليها ومراسلة أخرى مؤرخة في 7/11/2001 تؤكد على التواصل بالهاتف وبالرقم الأخضر 080007010، والثالث كتيب صادر عن المدعى عليها وجه للعارض به فهرس يحمل عدة فقرات من بينها فقرة تتعلق بطلب المحروقات وطريقة الحصول على البنزين بواسطة الفاكس أو الهاتف ثم شهادة سنوية صادرة عن المدعى عليها لسنة 2007 تبين قيمة المشتريات من المدعى عليها وتفيد أن العارض من أهم الزبائن، كما أن الرقم المدون بها يبين مدى الخسائر التي لحقت العارض من توقف المدعى عليها عن تزويده منذ شهر يونيو 2008 لغاية يومه، وهذا يستدعي بالضرورة إجراء خبرة حسابية لتحديد الأضرار التي لحقت به، كما يدلي بفواتير وعددها 31 فاتورة مشتريات خلال سنة 2008 إلى غاية التوقف عن التزويد، وأخيرا وثيقتان صادرتان عن مكتب البريد تفيدان أن الرسالتين المحررتين في 30//2008 و 1/7/2008 وجهتا للمدعى عليها بالبريد المضمون، لأجله فهو يلتمس الحكم تمهيديا بإجراء خبرة حسابية لتحديد الأضرار اللاحقة به والحكم وفق ملتمساته المدونة بالمقال الافتتاحي، وأرفق مذكرته بصور من الوثائق المذكورة.
وبناء على تعقيب المدعى عليها مع طلب مضاد مؤدى عنه بتاريخ 10/11/2009 أنها كشركة متعددة الجنسيات يقتضي تعاملها التوصل من الزبناء 48 ساعة على الأقل بوصل الطلب عبر الفاكس أو البريد الإلكتروني حول نوعية البضاعة المطلوبة وحجمها حتى يتم ملء الصهريج بشركة سمير بالمحمدية وإعداد الفاتورة وتوجيهها للزبون، وأن المدعي وأمام عدم وجود حجة على إخلالها بالتزامها بادر بجلسة البحث إلى ابتداع عملية الطلب بالهاتف، لإثبات امتناع العارضة عن التزويد، وهو ما يتناقض مع ما جاء في مقاله الافتتاحي الذي صرح فيه أنها توقفت عن التزويد وأنه راسلها بالبريد مستشهدا بمحضر إثبات حال صرح فيه السيد طوس حمادي أن العارضة زودت بالمحروقات من 2/7/2008 إلى 7/7/2008، وبالتالي أمام انعدام الحجة المكتوبة قلب عبء الإثبات وتشبث بالهاتف كوسيلة لإثبات مزاعمه، مؤكدة أن العارضة منذ آخر تزويد للمدعي بتاريخ 7/7/2008 لم تتوصل منه إلى حدود يومه بأي طلبية، وأن المدعي من أجل المضاربة التجارية يهدف إلى التخلص من العقد الذي يمتد إلى غاية 30/12/2012، وأنه تضررت من هذا الموقف ومن عدم التزود بالوقود، خاصة وأن المدعي من أهم زبائنها، وقد استصدرت أمرا عن السيد رئيس المحكمة التجارية بالدارالبيضاء بتاريخ 31/12/2008 في الملف رقم 29136/2008 من أجل معرفة سبب التوقف بالتزويد بالوقود ومساءلته عن الجهة التي أصبحت تزوده به وحجم الأرقام الموجودة بعدادات التوزيع، إلا أنه لسوء نيته رفض الإدلاء بأية حجة وإجابة المفوض القضائي، كما امتنع عن الإدلاء بحجم الأرقام، وأن المدعي يزعم لحوق أضرار به مع أنه رغبة منه في المضاربة التجارية أصبح يزود المحطة من جهة تجهلها العارضة، وأنه لم يتوقف عن تزويد زبنائه بالمحروقات بل يشتغل بصفة عادية مستغلا العلامة التجارية للعارضة وهذا الأمر ثابت من خلال محضر المعاينة المنجز من طرف السيد حميد لطفي المفوض القضائي بالمحكمة الابتدائية ببني ملال بتاريخ 12/1/2009، وأن الوثائق المدلى بها من طرفه بعد البحث رغم حجمها لن تفيد في شيء لأن الأمر يتعلق بفواتير شهري يناير وفبراير 2008 وتصريحات العاملين لديه لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ورسالتين سبق الإدلاء بهما رفقة المقال وشهادة صادرة عن العارضة بتاريخ 30/1/2008 بناء على طلب المدعي قصد الإدلاء بها لإدارة الضرائب، أما بخصوص المراسلة الحاملة للرقم الأخضر فهي تتعلق بتسهيل الخدمة في حالة وقوع عطب بمعدات العارضة المستعملة في التزويد، ونفس الحالة بالنسبة للمراسلة المؤرخة في 28/4/1997 التي تشير إلى رقم الهاتف بالنسبة للخدمة والفاكس بالنسبة للطلبيات، وهذا ما يؤكده الكتيب الصادر عن العارضة، وبخصوص الطلب المضاد، وإذا ارتأت المحكمة أن من حق المدعي الحصول على فسخ العقد فإنه يتعين تطبيق الفصل 6 من العقد الذي يعفي العارضة من تزويد المدعي وصيانة المعدات ووجوب إرجاع المعدات في حالة جيدة مع تحميله مصاريف ذلك مع استفادة العارضة من التعويض الذي يعادل النقص الذي كانت ستستفيد منه عن الفترة المتبقية من العقد، ولأن العقد يمتد إلى غاية 30/12/2012 فمن حقها المطالبة بتعيين خبير لتحديد التعويض عن الفسخ وفقا للفصل 6 أعلاه، لأجله فهي تلتمس رد دفوعات المدعي والحكم لها وفق ما جاء في مذكرتها كطلب مضاد، وأرفقت مذكرتها بمحضري معاينة واستجواب.
وبناء على تعقيب المدعي أن المدعى عليها لم ترفق مذكرتها بأي طلبية من طرف العارض لتزويده بالمنتج بينما أرفق هو مذكرته بفواتير صادرة عن المدعى عليها، وتم تزويدها عن طريق الهاتف، ولا يوجد ما يفيد إلزامية المدعي بتقديم الطلبية، وبخصوص محضري المعاينة والاستجواب فهما لا يتعلقان بموضوع النازلة وجاء بعد توقف المدعى عليها عن تزويد العارض، وبخصوص الطلب المضاد فإن المدعى عليها تقر بعدم التزيد وبالتالي فإن الطلب المضاد غير مبرر كما لم يوضح القصد منه، ملتمسا الحكم وفق ملتمساته وأرفق مذكرته بشهادة عقارية وصور فوتوغرافية.
وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 29/12/2009 فحضر نائبا الطرفين فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 19/1/2010.
التعليـــل
بعد الاطلاع على جميع وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.
في الطلب الأصلي:
في الشكل:
حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين تبعا لذلك الحكم بقبول الدعوى شكلا.
في الموضوع:
حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.
وحيث أجابت المدعى عليها بالدفوع المشار إليها صدره.
وحيث تبين للمحكمة أن المدعى عليها قد استجابت لرسالة المدعية المؤرخة في 30/6/2008 و 1/7/2008 وقامت بتزويدها بالمحروقات حسب الثابت من محضر الاستجواب المدلى به من قبلها نفسها.
وحيث إن المحكمة بتقدير منها، واعتبارا لما ورد في العقد من تحديد نسبة دنيا يجب التزود بها من الوقود شهريا، ارتأت إجراء بحث لمعرفة مصير الكمية المتفق عليها وكيف يتم التزود بها.
وحيث إن المحكمة بعد اطلاعها على ما راج بجلسة البحث وأدلي به من وثائق بعد ذلك، تبين لها أن التزود بالوقود يتم بكافة الأشكال المتاحة بما فيها الهاتف، ولكن لم يتأكد لها أن التزود يتم بطريقة تلقائية بل يجب أن يسبقه تقديم طلب بذلك بأي طريق كان.
وحيث إن المدعي ينعى على المدعى عليها عدم تنفيذها لالتزامها رغم طلب التزود إلا انه استقر على كونه طالبها بذلك بطريق الهاتف ولكنها لم تفعل.
وحيث إنه ما دام إثبات الإخلال بالالتزام يقع على عاتق المدعي فقد كان ملزما أن يثبت أنه طالبها بالوقود بالطريق المذكور ولم تفعل.
وحيث إنه لم يثبت شيئا من ذلك.
وحيث إنه في غياب الخطأ في جانب المدعى عليها يكون طلب الفسخ غير مؤسس ويتعين رفضه.
وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.
في الطلب المضاد:
حيث إن الطلب المضاد قدم من طرف المدعى عليها معلقا على مصير الدعوى الأصلية وبالتالي يعتبر طلبا احتياطيا فقط.
وحيث إن المحكمة لم تستجب للدعوى الأصلية مما يبقى معه الطلب المذكور غير ذي موضوع ويتعين الحكم برفضه.
وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.
وتطبيقا للقانون.
لهذه الأسبـــــاب
حكمت المحكمة علنيا ابتدائيا وحضوريا.
قبول الطلبين الأصلي والمضاد شكلا ورفضهما معا موضوعا وتحميل كل طرف صائر طلبه.
وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.