الصورية – معناها – الحياز في الهبة مع وجود مكتري للعقار الموهوب – الأتمية المشهود بها في العقد – قيمتها

الصورية – معناها – الحياز في الهبة مع وجود مكتري للعقار الموهوب – الأتمية المشهود بها في العقد – قيمتها

                                                           jhk

القرار عدد 8/187 الصادر بتاريخ 2013/04/02 في الملف رقم 2012/8/1/295

القاعدة

الصورية تقتضي وجود عقد ظاهر وآخر باطن أخفاه الطرفان و مجرد بقاء الواهب بعقار النزاع رفقة زوجته وبنته ثم وفاته به وتشييع جنازته منه ليس دليلا على صورية عقد الهبة ولا يتنافى مع الحيازة المشهود بها في العقد ما دام الواهب احتفظ لنفسه بجزء من العقار الموهوب.

حيازة جزء من العقار الموهوب ثبت أنه كان مكرى للغير وقت التبرع تتحقق بقبض كرائه من المكتري.

اعتماد القرار حجية العقد العدلي بالهبة المشهود فيه من العدلين بالأتمية على الواهب يعفي المحكمة من الرد أو البحث في مرض الواهب وفقدانه ذاكرته وتأثير ذلك على أهليته.   

بناء على المقال المرفوع بتاريخ 15/12/2011 من الطالبات أعلاه بواسطة نائبهن المذكور، والرامي إلـى نقض القرار عدد 630 الصادر عـن محكمـة الاستئناف بطنجة بتاريـخ 09/06/2011 في الملف رقم 35/09/8.

وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 04/03/2013 وتبليغه.

و بناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 02/04/2013.

و بناء على المناداة على الطرفين و من ينوب عنهما وعدم حضورهم.

و بعد تلاوة المستشار المقرر السيد جمال السنوسي لتقريره . والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي.

وبعد المداولة طبقا للقانون

حيث يستفاد من مستندات الملف ، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بتاريخ 26/04/2002 بالمحافظة العقارية بطنجة تحت رقم 20199/06 طلب محمد برهم تحفيظ الملك المسمى ” ملك برهم ” وهو عبارة عن أرض بها بناء يتكون من طابق أرضي ونصف من الطابق الأول والكائن بمدينة طنجة حي السواني شارع انفا بالمحل المدعو زنقة 55 ، المحددة مساحته في آر  واحد و 31 سنتيارا ، لتملكه له بالهبة عدد 429 المؤرخة في 25/06/2001 من الواهب له والده أحمد بن بوشتى برهم .

 وبتاريخ 02/04/2003 (كناش 11 عدد 596) تعرضت على المطلب المذكور أخوات طالب التحفيظ وهن أمينة وعائشة وفاطمة مطالبات بكافة الملك المذكور لبطلان الهبة لكون الواهب محجور عليه وأنه رهن الأطباء للأمراض العقلية ، وأدلين بالحكم عدد 302 القاضي بالتحجير على الواهب والموجب عدد 483 لإثبات فقدان الذاكرة والرسم عدد 710 لإثبات عدم بنوة الموهوب له للواهب وشهادتين طبيتين وتقرير طبي.

وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بطنجة وإدلاء طالب التحفيظ بالقرار عدد 04.63/7  الصادر بتاريخ 22/01/2004 في الملف رقم 03.304/7 والقاضي بإلغاء الحكم الابتدائي القاضي بالتحجير أصدرت المحكمة المذكورة بتاريخ 11/11/2008 حكمها عدد 22 في الملف رقم 21/07/16 بعدم صحة التعرض المذكور . فاستأنفته المتعرضات وأيدته محكمة الاستئناف المذكورة ، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنفات بسببين.

فيما يخص السبب الأول

حيث تعيب الطاعنات القرار في السبب الأول بخرق الفصل 419 من قانون الالتزامات والعقود وانعدام التعليل ، ذلك أن الأمر يتعلق بالتثبت من وجود الصورية في الورقة الرسمية واستدلال الطاعنات فيها بواسطة الشهود والقرائن القوية ، وأنه بمعرفة النصوص الشرعية والفقهية وما أخذ به العمل من طرف المالكية أن الحيازة هي شرط في صحة الهبة عملا بفقه عاصم ممزوجا بشارحه التودي وخصه ” والحوز شرط صحة التحبيس وكذا سائر التبرعات من هبة وصدقة أو نحلة قبل حدوث موت أو تفليس فإن لم يؤخر حتى مات المحبس أو فلس بطل ” . وأنه تأسيسا على ذلك فإن الحوز المدعى به الوارد في رسم الهبة المحتج به لا ينظر إليه أو يعتد به لانبنائه على الصورية والتحايل ومساسها بحق من حقوق الله وهو الإرث ، وذلك استنادا لاستمرار حياة الموروث بالعقار الوارد برسم الهبة وبقاء منقولاته واستمرار تصرفه فيه من دون أن ترفع يده في يوم من الأيام عن هذا العقار أو خروجه منه أو حصول إفراغ لشواغله وفق ما يقتضيه الشرع في الحوز إلى أن انتقل إلى جوار ربه وشيعت جنازته في سكناه ومنزله بمعية جميع أبنائه ، تكذيبا تماما لما جاء به رسم الهبة الباطل ، وأنه تأسيسا على مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 419 من القانون أعلاه يجوز للطاعنين إعمال كافة وسائل الإثبات لإثبات الصورية ، وقد أعلن ذلك من خلال مقال استئنافهن معززات دفعهن بلائحة شهود من الجوار وتمسكن بكون الموروث لم يرفع يده عن العقار بل وشكل الطابق الأول منه بيتا للزوجية ولم يخله فعلا من نفسه وشواغله لمدة عام كامل ، وقد تم الاستدلال بكون الطابق السفلي كان ولا زال في حيازة المكتري منه ولم تنتقل معه الحيازة إلى مدعي الهبة ولم تنتزع منه الحيازة ، و قد حصل التمسك باستدعائه لجلسة البحث رغم الاستدلال بعقد الإيجار ومحضر معاينة المؤكد لذلك ، كما استدللن برسم ثبوت سكنى ابنته أمينة بمعية أبيها أحمد إلى تاريخ الوفاة ولم ترحل من السكنى الموهوبة أو تخلت عنها للمطلوب ،كما استدللن برسم إثبات الوفاة للهالك في سكناه التي عاش بها.

لكن ؛ ردا على السبب أعلاه ، فإنه ولئن كانت الفقرة الثانية من الفصل 419 من قانون الالتزامات والعقود تسمح بالطعن في الورقة الرسمية بالصورية وإثبات ذلك بجميع وسائل الإثبات بما في ذلك شهادة الشهود والقرائن المنضبطة والقوية و دونما حاجة إلى القيام بدعوى الزور ، فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لم تكن في حاجة إلى البحث في ذلك ما دام أن الصورية تقتضي وجود عقد ظاهر وآخر باطن أخفاه الطرفان وهو ما لا تدعيه الطاعنات ، وأن مجرد بقاء الواهب بعقار النزاع رفقة زوجته وبنته أمينة ثم وفاته به وتشييع جنازته منه ليس دليلا عليها من جهة ولا يتنافى مع الحيازة المشهود بها في العقد من جهة أخرى ، لا سيما وأنه يتجلى من العقد المذكور أن الواهب قد احتفظ لنفسه فيه بملكية نصف الطابق الفوقي والسطح وسمح للمطلوب بنشر غسيله به فقط ؛ وأن الحيازة المشار إليها في العقد بالنسبة للطابق للسفلي المكرى للغير إنما تتم بقبض كرائه الذي لا يستفاد من وثائق الملف أنه  كان يسلم للواهب ، الأمر الذي يكون معه السبب المذكور غير جدير بالاعتبار.

وفيما يخص السبب الثاني

حيث تعيب الطاعنات القرار فيه بانعدام التعليل ، ذلك أنهن تقدمن بسبب إضافي في الاستئناف زيادة على سبب انتفاء الحيازة يعزى إلى فقدان الذاكرة وأهلية التصرف للهالك من خلال خبرة قضائية منجزة في مسطرة أخرى كاشفة لاستغلال المطلوب لدواعي المرض في استصدار هاته الهبة ، إلا أن القرار لم يتطرق لذلك ولم يجب عليه.

 لكن ردا على السبب أعلاه ، فإن القرار لم يكن في حاجة إلى الجواب على السبب الإضافي للاستئناف ما دام قد اعتمد الورقة الرسمية المستدل بها من المطلوب واعتبرها مستوفية لجميع الشروط الفقهية التوثيقية المتطلبة فيها و كحجة قاطعة لا يطعن فيها إلا بالزور ، لا سيما وأن العدلين شهدا فيها للواهب ساعة العقد بالأتمية ، ولذلك فإنه حين علل بأن ” رسم الهبة الذي أسس عليه المستأنف عليه مطلب تحفيظه للمدعى فيه هو حجة عدلية صحيحة شكلا وواضحة موضوعا مستوفية لسائر الشروط الفقهية والتوثيقية المتطلبة فيها بما في ذلك شهادة شهيديها على معاينتهما تحوز الموهوب له للشيء الموهوب حوزا تاما بعد الطواف به فارغا من شواغل الواهب وأمتعته ، وأنه تطبيقا للقواعد الفقهية المعمول بها في هذا الشأن بما فيها قواعد الترجيح بين الحجج التي تقضي بترجيح بينة الإثبات على بينة النفي وترجيح الشهادة العلمية الأصلية على الشهادة اللفيفية “. فإنه نتيجة لكل ذلك يكون القرار معللا والسبب بالتالي غير جدير بالاعتبار.

لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطاعنات الصائر.

 بهذا صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. ـ والمستشارين جمال السنوسي مقررا. و علي الهلالي ومحمد دغبر وأحمد دحمان أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي  وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة العكرود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *