دين محدد الأجل – اتفاق الأطراف على شروط سقوط الأجل – أثره على التماطل وحلول كامل الدين

دين محدد الأجل – اتفاق الأطراف على شروط سقوط الأجل – أثره على التماطل وحلول كامل الدين

                 hg

 حكم عدد 5527 بتاريخ : 2009/05/05 ملف رقم : 2009/11/520

القاعدة:

توجيه الإنذار للمدين بالأداء في غير العنوان المتفق عليه كمحل للمخابرة معه وعدم توصله به لا يرتب أثر الامتناع عن الأداء.

 لا مجال للاستدلال في النازلة بكون الأجل محددا وأن التماطل يتحقق بمجرد حلول الأجل مادام أن الطرفين اتفقا على أن الدين لا يحل بكامله إلا بعد توجيه إنذار. 

الإنذار العقاري الذي يدعو المدعي إلى أداء كل الدين دون سلوك مسطرة الإنذار المنصوص عليها في العقد يكون باطلا.

                                                             باسم جلالة الملك

بتاريخ 05/05/2009 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.

وهي مؤلفة من السادة:

جمال السنوسي رئيسا ومقررا.

نادية زهيري عضوا.

عبد السلام خمال عضوا.

بمساعدة  هشام مبروك كاتب الضبط.

في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

بين: البدراوي الإدريسي المامون الساكن بشارع المقاومة رقم 65 الدارالبيضاء.

نائبه الأستاذ عبد الكريم سماد المحامي بهيئة الدارالبيضاء.

من جهة.

وبين: البنك المغربي للتجارة والصناعة في شخص ممثله القانوني بمقره الكائن26 ساحة الأمم المتحدة الدارالبيضاء.

نائبته الأستاذتان بسمات والعراقي المحاميتان بهيئة الدارالبيضاء.

بحضور: المحافظ العقاري بالحي المحمدي الدارالبيضاء.

                                                            من جهة أخرى.

 

 

الوقائــع:

بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 19/1/2009 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيه المدعي بواسطة نائبه أنه توصل بإنذار عقاري من المدعى عليه يطالبه فيه بأداء مبلغ 563.623,78 درهم الناتج عن الحساب السلبي، وأنه يتعرض على الإنذار المذكور لعدة أسباب، أولها أن البنك عديم الصفة في توجيه الإنذار وأن الإدلاء بالوثائق المثبتة للصفة من النظام العام، في حين أنه بالاطلاع على وثائق الإنذار العقاري يتبين أنها تتمثل في الإنذار الموجه للعارض وكشوف حساب وعقد القرض، في حين أنه بالرجوع إلى الفصل 204 من القانون العقاري  يتبين أن الوثائق التي تثبت الصفة هي إثبات عدم أداء القسط في الأجل والإنذار الرامي إلى أداء القسط غير المؤدى داخل أجل 15 يوما وتوجيه هذا الإنذار بالبريد المضمون وإثبات التوصل به، في حين أن الإنذار بأداء مديونية الحساب السلبي المدلى به من البنك فهو باطل شكلا لأنه وجه للعارض بواسطة المفوض القضائي وليس البريد المضمون خرقا لبنود العقد، وباطل موضوعا  لأن موضوعه هو أداء الدين برمته وليس القسط الحال، فهذا الإنذار يثبت الفسخ التعسفي لعقد القرض، وبالنسبة للكشوف الحسابية فإنه لا يمكن لمديونية الحساب السلبي أن تكون ناتجة عن فسخ عقد القرض إلا إذا امتنع العارض عن أداء القسط الحال كما هو متفق عليه في حين أن المدعى عليه لم يثبت امتناعه عن أدائه مما يثبت أن مديونية الحساب ناتجة عن الفسخ وليس عن عدم أداء القسط، وبالتالي يكون الإنذار باطلا والبنك عديم الصفة. ومن جهة أخرى فإن وصولات الأداء تثبت أن مديونية الإنذار العقاري ناتجة عن الفسخ التعسفي لعقد القرض لأنه كان يؤدي أقساط القرض منذ إبرام العقد إلى تاريخ حصر الحساب بشكل منتظم، وبالتالي فإن الإنذار المطعون فيه باطل وغير منتج لأي أثر قانوني. لأجله فهو يلتمس الحكم ببطلان الإنذار العقاري وبطلان الإجراءات المبنية عليه والرامية إلى تحقيق الرهن والإذن للمحافظ العقاري بالتشطيب عليه من السجل العقاري عدد 16023/32 مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميل المدعى عليه الصائر. وأرفق مقاله بصور لإنذار وكشف حساب ووصولات أداء وعقد القرض.

وبناء على جواب المدعى عليه أن المدعي لم يحترم التزاماته التعاقدية لأنه استفاد من قرض قدره 700.000 درهم وتعهد بأدائه على شكل أقساط شهرية بمبلغ 8326,69 درهم على مدى 180 شهرا أي أنه تعهد بتسديد ما مجموعه 1.498.804,20 درهم، وقد حدد العقد الذي يعتبر شريعة للمتعاقدين مبلغ القسط وتاريخ الأداء على شكل جدول استهلاك القرض، إلا أن المدعى عليه لم يحترم مقتضياته المتعلقة بمبلغ الأداء وتاريخه واقتصر على الأداء الجزئي وغير المنتظم محددا بذلك وبإرادته المنفردة طريقة تنفيذه لمقتضيات العقد ضدا فيما اتفق عليه الأطراف وتراضوا عليه، أما وصولات الأداء المدلى بها فهي حجة عليه وتؤكد عدم احترامه لمقتضيات العقد إذ تبين انقطاعه عن الأداء لفترة طويلة نتج عنها مجموعة من الأقساط غير المؤداة وكذا تحقق شروط سقوط الأجل، وادعاؤه أداء المديونية الحالة عن آخرها لا يستقيم وتقاعسه عن الالتزام بمقتضيات العقد فما يخص مبلغ الأقساط وتاريخ استحقاقها، لأن الأقساط غير المؤداة تنتج فوائد التأخير وتضاف إلى المديونية فضلا عن أن عدم أداء الأقساط بتواريخها يؤدي إلى سقوط الأجل وحلول الدين برمته طبقا لمقتضيات المادة 9 من عقد القرض التي تنص على سقوط الأجل في حالة عدم أداء قسط واحد بتاريخه بعد 15 يوما من إنذار المقترض بالأداء بواسطة رسالة مضمونة تبقى بدون جدوى، وبخصوص الدفع بعدم سقوط الأجل بدعوى عدم إنذاره بالأداء فإن العارض سبق له إنذار المدعي بتسوية وضعيته بواسطة رسالة إنذار مع الإشعار بالتوصل طبقا للمادة 9 من العقد والتي تنص على سقوط الأجل في حالة عدم أداء قسط واحد بتاريخه بعد 15 يوما من إنذار بالبريد المضمون، وأنه في جميع الأحوال فإن الأمر في نازلة الحال يتعلق بقرض على شكل أقساط محددة الآجال، وطبقا للمادة 255 من ق ل ع فإن المدين يصبح في حالة مطل بمجرد حلول الأجل المقرر في السند المنشئ للالتزام وعدم تنفيذه، وطبقا للمادة 256 لا يكون الإنذار من الدائن واجبا إذا رفض المدين صراحة تنفيذ التزامه، والمدعي أقر برفضه تنفيذ التزامه بدليل ما جاء في مذكرته المدلى بها في إطار مسطرة التشطيب على الرهن الرسمي المخصص لضمان الدين الممنوح له من طرف العارض موضوع الملف عدد 2066/2008 الرائج أمام المحكمة التجارية بالدارالبيضاء، إذ صرح بأنه لا يمكنه أن يستمر في أداء الأقساط لأن الأداءات تعتبر والحالة هذه ربوية، وبالتالي أداءات باطلة، وأن الأداءات الباطلة ترجع لصاحبها، ولهذا السبب بالذات عمد العارض إلى حصر الحساب من تلقاء نفسه بعد أن دارت بينه وبين المدعي مناقشة في الموضوع، وعليه وطبقا للفصل 256 من ق ل ع فإن رفض المدعي الأداء طبقا لشروط العقد يجعل إنذاره من طرف العارض غير واجب، والأكثر من ذلك فقد سبق أن استصدر أمرا بإجراء حجز تحفظي على منقولاته بناء على نفس المديونية الحالية وتم تنفيذ الأمر الصادر بذلك بتاريخ 29/1/2008 وهذا الحجز يعتبر في حد ذاته إنذارا للمدعي بالأداء طبقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 255 التي تنص على أن الإنذار يحصل كتابة بواسطة برقية أو رسالة مضمونة أو بالمطالبة القضائية ولو رفعت إلى قاضي غير مختص، وبذلك يكون الشرط الفاسخ قد تحقق وأصبح الدين حالا برمته لسقوط الأجل وعدم الأداء، وبخصوص السبب المتعلق بتوجيه الإنذار بواسطة مفوض قضائي بدل البريد المضمون فإن الإنذار بالأداء الواجب إرساله بالبريد هو الإنذار السابق لسقوط الأجل أما الإنذار العقاري فقد تم تبليغه للمدعي بناء على أمر من رئيس المحكمة في إطار المادتين 204 و 205 من ظهير 2 يونيو 1915، وبالتالي فإن السبب غير مؤسس، ومن جهة أخرى فإنه لا يمكن التعرض على الإنذار العقاري لمجرد المنازعة في المديونية خاصة وأن العارض يتوفر على شهادة التقييد الخاصة في نطاق الفصل 58 من القانون العقاري والتي تسمح له بإجراء البيع ولو لم يكن بيده سند تنفيذي مستشهدا باجتهادات قضائية في الموضوع وملتمسا في الأخير الحكم برفض الطلب. وأرفق مذكرته بصور لرسالة إنذار ومذكرة تعقيبية  وأمر بالحجز التحفظي  ومحضر حجز تحفظي.

وبناء على تعقيب المدعي أنه بنى طعنه في الإنذار على انعدام صفة البنك في توجيه الإنذار والطعن في الصفة لا تعتبر منازعة في المديونية، وبالتالي فلا علاقة للاجتهاد القضائي المستدل به بالنازلة، ما الإنذار المدلى به فمخالف للفصل 9 من العقد  وحالة المطل والصفة لا تثبت إلا بشروط الفصل المذكور، والمدعى عليه عجز عن إثبات عدم الأداء في الأجل الشهري كما عجز عن إثبات توجيه الإنذار طبقا للفصل 9 من العقد وهو ما أدى به إلى ارتكاب مزيد من الأخطاء ومحاولة تستره عليها عن طريق الافتراض والتحوير والتحريف كما لم يثبت توصل العارض بالإنذار بالأداء، وبخصوص زعم إقراره برفضه، فإن الأمر يتعلق بحالة الفسخ التعسفي وحتى يكون هناك إقرار يجب ألا يكون هناك فسخ تعسفي لأن الفسخ لا يعطي للعارض فقط حق عدم أداء الأقساط بل أيضا حق طلب استرجاع الأداءات التي تفوق مبلغ القرض لأن الفسخ يرجع الأطراف إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل التعاقد مؤكدا باقي دفاعه السابق وملتمسا الحكم وفق مقاله.

وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 14/4/2009 فحضر نائب الطرفين فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 28/4/2009.

التعليـــل

بعد الاطلاع على جميع  وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.

في الشكل:

حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.

في الموضوع:

حيث إن الطلب يهدف إلـى الحكم بما هو مسطر أعلاه.

وحيث أجاب المدعى عليه بالدفوع المشار إليها صدره.

وحيث تبين للمحكمة صحة ما استند عليه المدعي في طلبه، ذلك أن المدعى عليه احتسب مجموع الدين المتبقي من القرض وقرر وحده حرمان المدعي من مزية الأجل والنطق بسقوطه دون أن يحترم مقتضيات الفصل 9 من عقد القرض التي توجب على المقرض أن يوجه للمدين المتخلف عن الأداء إنذارا بالوفاء يبقى بدون نتيجة لمدة 15 يوما.

وحيث إن هذا المقتضى الاتفاقي يتعين احترامه من البنك لأنه ورد في العقد الذي يعتبر شريعة للمتعاقدين.

وحيث إنه فيما يخص الدفع بإنذار المدعي طبقا للفصل 9 فقد تبين للمحكمة من صورة الإنذار المذكور أنه وجه إلى العنوان الكائن بعمارة النرجس الشقة 8 الطابق 4 شارع المقاومة الدارالبيضاء، في حين أنه بالرجوع إلى عقد القرض الرابط بين الطرفين يتبين أن عنوان المدعي الشخصي هو عمارة المراكشي بئر أنزران سيدي سليمان، والعنوان المهني هو شارع بئر أنزران عمارة المراكشي.

وحيث إنه طبقا للفصل 20 من نفس العقد فإن الطرفين معا اختارا العنوان المذكور للمخابرة مما تكون معه الرسالة الإنذارية المستدل بها غير ذات أثر ولا تحقق الشرط المنصوص عليه في الفصل 9 المحتج به.

وحيث إنه فيما يخص الدفع بكون الأجل سقط بمجرد عدم الأداء، وأن المدين يعتبر في حالة مطل بمجرد حلول الأجل المقرر في السند المنشئ للالتزام وعدم تنفيذه، كما أن الإنذار من الدائن لا يكون واجبا إذا رفض المدين صراحة تنفيذ التزامه، فإن هذا الأمر يقتضي بالضرورة أن يكون الدين حالا ومستحقا، ومن ثم قرر المشرع أنه لا ضرورة لإنذار المدين الذي لم يوف التزامه الذي حل أجله، في حين أن الدين الذي احتسبه المدعى عليه لم يحل أجله بعد وإنما اتفاق الطرفين هو الذي قرر ذلك، ولكن إرادتهما معا ارتأت ألا يتم ذلك إلا بعد توجيه الإنذار المنصوص عليه في الفصل 9 إلى المدين وبعنوانه الذي أختاره للمخابرة معه، وبالتالي هناك فرق بين القواعد المنظمة للتماطل وتلك المقررة لسقوط الأجل.

وحيث إن الإنذار الذي يدعو المدعي إلى أداء كل الدين دون سلوك مسطرة الإنذار المنصوص عليها في العقد يكون، تأسيسا على ما تقدم، باطلا وتكون الدعوى الرامية إلى الحكم بذلك مؤسسة وتتعين الاستجابة لها.

وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.

وحيث إنه ومن غير حاجة إلى بحث باقي الأسباب الأخرى المعتمد عليها في الدعوى.

 وتطبيقا للقانون.

                                         لهذه الأسباب

حكمت المحكمة علنيا ابتدائيا وحضوريا.

في الشكل : قبول الدعوى.

في الموضوع: ببطلان الإنذار العقاري المؤرخ في 26/12/2008 موضوع ملف التنفيذ عدد 314/2008.

تأذن للمحافظ العقاري بالتشطيب عليه من الرسم العقاري عدد 16023/32.

تحمل المدعى عليه الصائر.

 

وبهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *