دعوى مسؤولية الناقل البحري – الفرق بين تقادم الفصل 263 من القانون البحري و أجل السقوط في الفصل 262 من نفس القانون

دعوى مسؤولية الناقل البحري – الفرق بين تقادم الفصل 263 من القانون البحري و أجل السقوط في الفصل 262 من نفس القانون

images (14)

القرار رقم 2750

الصادر بتاريخ 20 نونبر 1985

ملف مدني رقم 94865

القاعدة: 

إن الدعاوى التي ترفع في ميدان النقل البحري قد تسقط فلا تقبل بعد تسعين يوما إذا لم يقع احتجاج بسبب عوار أوهلاك ضد الناقل البحري أو أصحاب البضائع داخل ثمانية أيام ابتداء من اليوم الذي وضعت فيه البضاعة فعليا تحت تصرف المرسل إليه.

وقد تتقادم بمرور سنة ابتداء من تاريخ بلوغ البضائع إلى ميناء الوصول أومن التاريخ الذي كان عليها أن تصل فيه في الأحوال العادية

وفرق بين أجل السقوط المنصوص عليه في الفصل 262 … وأجل التقادم المنصوص عليه في الفصل 263 في القانون البحري

ومن أجله فالمحكمة التي قررت عدم قبول الدعوى لانصرام أجل السقوط ( 90 يوما ) تكون قد طبقت الفصل 262 تطبيقا سليما ولا حاجة معه إلى تطبيق الفصل 263 – المتعلق بالتقادم مادام أجل السقوط متوفر.

باسم جلالة الملك

إن المجلس:

وبعد المداولة طبقا للقانون،

حيث يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه أنه بتاريخ 6.6. 79 تقدمت المدعية الطاعنة شركة التأمين الشمال الإفريقي بمقالها الابتدائي لدى المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء ضد المدعى عليهما:

قبطان باخرة س/س والكارف.

الدنبورغ بوتيجيش دامشيف ريدري تعرض به أنه حمل على ظهر الباخرة الكارف أكياس كطاليزون (الموصل) في اتجاه البيضاء حسب وثيقة الشحن 37 ووصلت يوم 16/7/73 إلى البيضاء وهي مضمونة من طرف المدعية التي لها الحق في إدخال الدعوى طبق الفصل 367 من القانون التجاري البحري المغربي وعوين إثر وصول البضاعة نقص وخسارة قدرتا في مبلغ 19،12670 درهم حسب تقرير الخبير السيد أطانوني وأنه طبقا للفصل 221 من القانون التجاري البحري المغربي فإن المجهز مسؤول وتدلى المدعية برسالة من ماربار تعفيها من أجل السقوط المنصوص إليه في الفصل 262 من القانون المذكور ملتمسة الحكم على المدعى عليهما متضامنين بأدائهما المبلغ المذكور مع الفوائد القانونية من تاريخ الطلب والتنفيذ المعجل والمصاريف.

وبتاريخ 19/8/74 تقدم المدعى عليهما بمقال إدخال الغير في الدعوى يرمي إلى استدعاء مكتب الشحن والإفراغ بميناء البيضاء والعون القضائي بحلول الأول محلهما وضمانه في أداء المبلغ الذي يحكم عليهما وتحمله المصاريف ثم أجاب ربان الباخرة وشركة الملاحة عن المقال الأصلي مثيرين أولا الدفع بعدم قبول الدعوى الأصلية شكلا لعدم احترام المدعية مقتضيات الفصل 262 من القانون التجاري البحري المغربي إذ أن أجل سقوط الحق انتهى بتاريخ 10/11/72 لأن وكيل الباخرة أجاب في هذا التاريخ برفض المطالبات التي تقدمت بها شركة التأمين وأن الدعوى المقامة بتاريخ 6/6/74 جاءت متأخرة وبذلك يكون الطلب الذي تقدمت به المدعية داخل تحت طائلة سقوط الحق المنصوص عليه في الفصل 262 من القانون المذكور.

وأجاب مكتب الشحن مؤكدا دفوعات ربان الباخرة حول سقوط الدعوى وعقبت المدعية بأن تسجيل الدعوى كان في أجله القانوني إذ يكفي الرجوع إلى رسالة المجهز المؤرخة في 20/12/73 لنؤكد من أنها لا تثير إلى اختتام المناقشات ولم يجب العون القضائي وعلى إثر ذلك أصدرت المحكمة الابتدائية بتاريخ 3/11/76 حكمها القاضي بعدم قبول الطلب استنادا إلى أن رسالة 11/9/73 الموجهة إلى شركة التأمين من طرف الناقل البحري تعفي شركة التأمين من الأجل المنصوص عليها في الفصل 262 من القانون التجاري البحري أثناء المفاوضات الحبية،ولكن هاته المفاوضات انتهت بمقتضى الرسالة المؤرخة في 20/11/73 التي أعلم فيها الناقل البحري شركة التأمين الشمال الإفريقي بأن الملف قد حفظ لأن المطالب أصبحت منعدمة الموضوع وبما أن تقييد الدعوى وقع يوم 6/6/74 ولم تقم شركة التأمين برفع الدعوى داخل 90 يوما من تاريخ 30/11/73 فإنها تكون قد تخلت من ممارسة حقوقها ولم تحترم الفصل 262 المشار له وسقط حقها.

وبتاريخ 22/11/1980 استأنفت المدعية الحكم المذكور بعلة أن الحكم الابتدائي وقع في خطأ حين اعتبر أن المفاوضات انتهت بتاريخ 30/11/73 لأن العارضة طلبت من جديد مراجعة موقف المدعى عليهما فتوصلت منهما برسالة مؤرخة في 13/2/74 جاء فيها ” أننا آسفون من تأكيد موقفنا في هذه النازلة وعن عدم قبول أية مسؤولية لكوننا قمنا ببحث جديد وتبين لنا أن مكتب الشحن والإفراغ لميناء البيضاء لم يتخذ أي تحفظات فيما يخص حالة البضاعة تحت الروافع.وذكرت أنه يظهر من ذلك أن المفاوضات استمرت بعد 30/11/73 ولم تنته إلا بتاريخ 13/3/74 والتمست إلغاء الحكم الابتدائي والحكم وفق المقال الافتتاحي للدعوى.

وأجاب ربان الباخرة وشركة الملاحة بأن رسالة 13/2/74 لم تؤد إلى مفاوضات جديدة الشيء الذي جعل وكيل الباخرة يؤكد قراره والتمسا تأييد الحكم.

وأكد مكتب الشحن دفوعاته السابقة والتمست النيابة تطبيق القانون ولم يجب العون القضائي رغم توصله.

وبعد تبادل الأجوبة أصدرت محكمة الاستئناف بالبيضاء قرارها القاضي بتأييد الحكم المستأنف استنادا إلى أنه يقطع النظر عن كون المفاوضات انقطعت أولم تنقطع في 30/11/73 فإنه حتى على فرض استمرارها إلى تاريخ 13/2/1974 الذي تعتبره شركة التأمين تاريخا لانتهاء المفاوضات يكون طلبها غير مقبول لوقوعه خارج أجل 90 يوما الذي ينتهي بناء على ما ذكر في 12/5/74 وبالتالي يبقى الحكم الابتدائي في محله.

وهذا هوالقرار المطعون فيه.

فيما يخص الوسيلة الوحيدة.

حيث عابت الطاعنة على القرار خرق مقتضيات الفصل 262 من القانون التجاري البحري المغربي عدم الأساس القانوني – عدم التعليل ذلك أن قرار محكمة الاستئناف صرح بعدم قبول دعوى العارضة لسبب أن تاريخ انتهاء المفاوضات – يكون تاريخ بداية الأجل الجديد لتسعين يوما، وأن هاته انتهت ففي 12 مايو1974 رغم أن أجل سقوط الحق لما يقع انقطاعه لا يمكن أن يستمر من جديد وأن قرار محكمة الاستئناف لا يشير إلى أساس هذا التعليل مع العلم أن أجل سقوط الحق لا يمكن انقطاعه بل يجوز فقط التنازل عنه ورسالة مجهز الباخرة تساوي التنازل عن هذا الأجل، وبالتالي فإن الأجل الوحيد الذي يجب احترامه هوالأجل المنصوص عليه في الفصل 253 من القانون التجاري المغربي الذي حدد التقادم في سنة واحدة، وبما أن محكمة الاستئناف لم تجب عن هذا الدفع وذلك رغم إثارته في المرحلة الابتدائية وأمام محكمة الاستئناف فإنه يتعين بالتالي نقض القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بتاريخ 16/6/1981.

لكن حيث إن المفاوضات الحبية قد استمرت بين الطاعنة من جهة وبين الناقل البحري من جهة أخرى منذ وصول الباخرة يوم 18/7/1973 إلى تاريخ الرسالة الأخيرة المؤرخة في 13/2/1974 التي يجدد فيها الناقل البحري رسالته المؤرخة في 30/11/73 الرامية إلى عدم رضوخه لمطالب المؤمن بالكسر وعدم مسؤوليته عن ضياع البضاعة فإن الأجل المنصوص عليه في الفصل 263 من القانون التجاري البحري المغربي يبتدئ سريانه من تاريخ الرسالة الأخيرة وباحتساب تاريخها مع تاريخ رفع الدعوى يتأكد أن أجل 90 يوما قد انصرمت وبالتالي فإن الفصل المشار إليه الذي يرتب جزاء عدم القبول يكون قد طبق من طرف محكمة الاستئناف بصفة سليمة وبنى قرارها على أساس سليم وعلل بما فيه الكفاية ولا حاجة معه إلى تطبيق الفصل 263 من القانون المذكور المتعلق بتقادم الدعوى وفرق بين أجل السقوط وأجل التقادم مادام أجل السقوط متوفرا في الحالة الأولى مما تكون معه الوسيلة غير مبنية على أساس.

لهذه الأسباب

قضى برفض الطلب وتحميل صاحبته الصائر.

الرئيس:                   المستشار المقرر:                    المحامي العام: 

السيد محمد بوزيان،      السيد علال الازرق،                    السيد البدري،

2 Replies to “دعوى مسؤولية الناقل البحري – الفرق بين تقادم الفصل 263 من القانون البحري و أجل السقوط في الفصل 262 من نفس القانون”

  1. يتناول هذا القرار مسألة الفرق بين أجل السقوط المنصوص عليه في الفصل 262 من القانون البحري وأجل التقادم المنصوص عليه في الفصل 263 الموالي له من نفس القانون.
    فما هومجال الدفع بالسقوط المنصوص عليه في الفصل 262 وما هومجال الدفع بالتقادم المنصوص عليه في الفصل 362.
    إن مجال الدفع بالسقوط يتناول الدعاوى الناشئة عن تلف البضاعة أوخصاصها أوالعوار الذي يصيبها مما يعاينه المرسل إليه عند تسلم البضاعة أووضعها رهن إشارته ولذلك يشترط لإثارة هذا الدفع:
    أن تسلم البضاعة رهن إشارة المرسل إليه حتى يتمكن من فحصها والتحقق من حالتها وعددها ووزنها أوكيلها ويتمكن من تنظيم احتجاج معلل بالحالة التي كانت عليها البضاعة وقت تسلمها في الأجل القانوني ” ثمانية أيام ”.
    أن تقادم الدعوى داخل أجل التسعين يوما من تاريخ تسليم البضاعة أومن تاريخ انتهاء المفاوضات فيما إذا كان هناك إعفاء من احترام الأجل.
    أما مجال الدفع بالتقادم المنصوص عليه في الفصل 263 من نفس القانون فيتناول الدعاوى الأخرى الناشئة عن عقد النقل البحري التي يقيمها المرسل إليه ضد الناقل البحري، ويكون موضوعها المطالبة بتسليم البضاعة أوالتعويض عن عدم تسليمها بسبب الهلاك الكلي أوالتعويض عن التأخير في التسليم أودعاوى الناقل البحري ضد المرسل إليه ويكون موضوعها مطالبة بحقوق الناشئة عن عقد النقل البحري أوغير ذلك من الدعاوى التي تنشأ عن النقل البحري
    هذا وأن المشرع قد تعرض في غير القانون البحري لكل من سقوط الدعوى وتقادمها ضد الناقل بصفة عامة ونظم أحكامها تنظيما مختلفا.
    ففي القانون التجاري بعدما قرر الفصل 92 منه حق المرسل إليه في إجراء الكشف عن حالة البضاعة وقت تسلمه لها لإثبات حالتها نص الفصل 96 منه على أن تسلم البضاعة بدون تحفظ يسقط كل دعوى ضد الناقل إلا إذا كان التلف أوالعوار مما يتعذر التعرف عليه عند تسلم البضاعة فيكون للمرسل إليه أن يرفع الدعوى ضد الناقل بما لم يتحفظ به عند التسليم إذا اثبت أن العوار أوالتلف أوالخصاص أصاب البضاعة أثناء وجودها في عهدة الناقل وأجرى معاينة قضائية بذلك خلال سبعة أيام الموالية لتسليمها. كما نص الفصل 389 من قانون العقود والالتزامات الفقرة الرابعة منه على أنها تتقادم بمضي سنة واحدة شمسية.
    الدعاوى التي تثبت من أجل العوار والضياع و التأخير وغيرها من الدعاوى التي يمكن أن تنشأ عن عقد النقل سواء كانت ضد الناقل أوالوكيل بالعمولة أوضد المرسل إليه وكذلك الدعاوى التي تنشأ بمناسبة عقد النقل وتحسب مدة التقادم في حالة الهلاك الكلي ابتداء من اليوم الذي كان يجب فيه تسليم البضاعة وفي غير ذلك من الأحوال ابتداء من يوم تسليم البضاعة للمرسل إليه أوعرضها عليه.
    أما عن مجال تطبيق هذه المقتضيات الواردة في قانون العقود والالتزامات والقانون التجاري فهوالنقل التجاري والمدني البري والنهري ليبقى مجال تطبيق الفصلين 262 و263 من القانون البحري هوالنقل البحري.
    أحمد عاصم

  2. تعقيب
    بقلم الأستاذ محمد بوزيان
    رئيس غرفة بالمجلس الأعلى

    قبل أن أبرز هذا التأويل لابد من أن أضع أمام القارئ الباحث نصي الفصلين 262 و263.

    الفصل: 262.
    ( ظهير 17 مارس 1953 ) لا تقبل أية دعوى تعويض بسبب عوار خصوصي أوهلاك جزئي ضد الربان أوالمجهز أوأصحاب البضائع إذا لم يقع تنظيم احتجاج معلل وتبليغه، وذلك بواسطة إجراء غير قضائي أورسالة مضمونة داخل أجل لا يزيد على ثمانية أيام غير محسوبة ضمنها أيام العطلة ابتداء من تاريخ اليوم الذي وضعت فيه البضائع فعليا تحت تصرف المرسل إليه ولم يتبع هذا الاحتجاج بدعوى قضائية داخل أجل تسعين يوما.

    الفصل:263
    تتقادم جميع الدعاوى الناتجة عن عقد تأجير سفينة بمرور سنة ابتداء من تاريخ بلوغ البضائع إلى ميناء الوصول أوفي حالة عدم وصولها ابتداء من تاريخ اليوم الذي كان عليها أن تصل فيه في الأحوال العادية.
    وبإلقاء نظرة ولوسريعة ندرك أن جميع الدعاوى الناتجة عن عقد تأجير سفينة تتقادم بمرور سنة ابتداء مما حدده الفصل 263 سواء كانت هذه الدعاوى ناشئة عن تلف في البضاعة أوخصاص فيها أوعوار أصابها من كل ما يعاينه المرسل إليه عند تسلم البضاعة أووضعها رهن إشارته أوكانت هذه الدعاوى ناشئة عن الهلاك الكلي أوالتعويض عن التأخير في التسليم أوغير ذلك من الدعاوى التي تنشأ عن عقد النقل البحري. فمثلا إذا لم تسلم البضاعة إلا بعد سنة من وصولها إلى الميناء يحق للمرسل إليه أن يقدم الاحتجاج ضد التلف أوالنقصان ويحق له أن يرفع الدعوى داخل تسعين يوما ضد المجهز أوالربان أوالمرسل، ولكن للمدعى عليه أن يدفع بتقادم الدعوى الذي يترتب عنه عدم القبول، فكان بذلك مجال تطبيق الفصل 263 عاما وفي جميع القضايا التي تنشأ عن عقد النقل البحري وليس خاصا بالدعاوى التي يقيمها المرسل إليه ضد الناقل البحري ويكون موضوعها المطالبة بتسليم البضاعة أوالتعويض عن عدم تسليمها بسبب الهلاك الكلي أوالتعويض عن التأخير في التسليم أودعاوى الناقل البحري ضد المرسل إليه أوغير ذلك.
    وإذا كان مجال الفصل 263 عاما وفي جميع الدعاوى الناشئة عن عقد النقل البحري سلمت البضاعة أولم تسلم إلى المرسل إليه فإن مجال تطبيق الفصل 262 هوالدعاوى الناشئة عن تسليم البضاعة ناقصة أومعيبة والتي يتم الاحتجاج فيها وممارسة الدعوى فيها طبقا للمسطرة المحددة والتي لا تقبل الدعوى بدونها إذا أقيمت بعد التسعين يوما من وضع البضاعة فعليها رهن إشارة المرسل إليه، ولا يؤثر على ذلك إجراء المفاوضات ولا الإعفاء من احترام الأجل إذ الأجل هنا من النظام العام يؤدي عدم احترامه إلى عدم القبول، نعم على ذي المصلحة في الدفع بعدم القبول أن يدفع به قبل كل دفع أودفاع في الموضوع طبقا للفصل 49 من قانون المسطرة المدنية وإلا حرم نفسه من التمسك به.
    وفعلا فإن المجهز وربان الباخرة دفعا بعدم قبول الدعوى المقامة يوم 6/6/1974 لانصرام أجل التسعين يوما من تاريخ رسالة وكيل الباخرة المؤرخة في 30/11/73 وكان على الشركة الطاعنة أن ترفع دعواها قبل 12/5/1974 وهذا هومعتمد قرار محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى المؤيد من طرف المجلس.
    وقد اعتبر المجلس أن هناك فرقا بين أجل السقوط وأجل التقادم إذ الأول من النظام العام فلا تقبل معه الدعوى سواء تحققت شروط التقادم أم لا ولذلك اعتبر أنه لا حاجة إلى تطبيق الفصل 263 المتعلق بالتقادم.
    وقد أثار انتباهي ما أضافه السيد المحرر ( أ ع ) إلى هامشه من أن قواعد أخرى تعرضت لسقوط الدعوى وتقادمها ضد الناقل بصفة عامة ونظمت أحكامها تنظيما مختلفا عن أحكام قانون التجارة البحرية، وضرب مثلا لذلك بالفصلين 92 و96 من القانون التجاري والفصل 389 من قانون الالتزامات والعقود الفقرة الرابعة التي تنص على أن الدعوى ضد الناقل تتقادم بمضي سنة.
    ولأجل أن أضع القارئ الباحث وجها لوجه مع ما أثاره انتباهي يجدر بي أن أنقل أمامه الفصلين 92 و96 من القانون التجاري.

    الفصل: 92
    من حق المرسل إليه أن يقوم عند التسليم بإجراء كشف بحضور المكتري ( الناقل ) بإثبات حالة الأشياء المنقولة وصفتها ولولم تظهر أية علامة خارجية تدل على إصابتها بعوار كما يحق له أن يطلب إجراء ذلك الكشف بواسطة خبراء أوضباط عموميين منتدبين لهذا الغرض أوبواسطة السلطة القضائية ويخول هذا الحق نفسه للمكاري ويتحمل مصاريف الكشف الطرف الذي يطلبه لكنه يحق للمرسل له الرجوع على المكاري لاستيفاء هذه المصاريف فيما إذا تبين وجود ضرر أوهلاك يتحمل مسؤوليته.

    الفصل: 96
    وفاء ثمن النقل، وتسلم الأشياء المنقولة بدون تحفظ متى كان ثمن النقل قد دفع مقدما يسقطا كل دعوى ضد الناقل.
    لكنه متى كان الضياع الجزئي والعوار مما يتعذر معرفتهما عند التسليم بقيت الدعوى ضد المكاري قائمة حتى بعد تلقي الشيء أووفاء ثمن النقل على شرط:
    أولا: أن يثبت أن الضياع أوالعوار قد حصل أثناء الوقت الممتد بين تسليم الشيء للمكاري وتسليم هذا الأخير إياه للمرسل إليه.
    ثانيا: وأن يقدم طلب التثبت في حالة الشيء وعلى يد خبراء حالما يكشف الضرر وداخل سبعة أيام الموالية لتسلمه.
    ولا يجوز للمكري أن يتمسك بالتحفظات الواردة في هذا الفصل متى كان الضرر ناتجا عن تدليسه أوخطإه الجسيم.
    وبقراءة هذين النصين من القانون التجاري والمتعلقين بعقود النقل في البر والمياه النهرية والبحرية ومقارنتهما بالفصلين 262 و263 من قانون التجارة البحرية المتعلقين بالنقل البحري فقط ندرك أنه لا تعارض في الأحكام بين الفصلين 92 و96 من جهة وبين الفصلين 262 و263 من جهة ثانية وأحكامها متكاملة. فالفصل 92 ينظم كيفية التحفظ على البضائع المسلمة وإثبات حالتها.
    والفصل 96 يميز الحالات التي تسقط فيها كل دعوى ضد الناقل وهي:
    – حالة وفاء ثمن النقل.
    – حالة تسلم الأشياء المنقولة بدون تحفظ متى كان ثمن النقل وقد دفع مقدما.
    – الحالات التي تبقى فيها الدعوى ضده قائمة ولوتسلم المرسل إليه الأشياء بدون تحفظ أوأدى الثمن للناقل وهي الحالات التي فيها يكون الضياع الجزئي أوالعوار مما يتعذر معرفتها عند التسليم وذلك بشرطين.
    والفصل 262 ينظم مسطرة الاحتجاج ورفع الدعوى في الحالات التي تبقى فيها الدعوى قائمة أوفي حالات التحفظ.
    والفصل 263 ينظم التقادم في دعاوى النقل البحري ويقع بناءه على هذا الفصل في حالتين:
    – حالة وصول البضاعة إلى الميناء فبدايته تاريخ الوصول.
    – حالة عدم الوصول فبدايته من اليوم الذي كان عليها أن تصل فيه بصفة عادية.
    وإذا لم يكن هناك تعارض بين هذه الفصول الأربعة فهي متكاملة يعمل بها كلها خصوصا وأن القانون التجاري يتعلق بالنقل البري والنهري والبحري فأحكامه معمول بها ما لم تتعارض مع أحكام القانون البحري الخاص.
    أما الفصل 389 من قانون الالتزامات والعقود في فقرته الرابعة فهويطبق أيضا في النقل المدني والتجاري البري والنهري والبحري فالتقادم يتم بمقتضاه بسنة كما هومقتضى الفصل 263 من القانون البحري، وكل ما يلاحظ في الموضوع أن الفصل 263 نص على أن التقادم يتم في حالتين وصول البضاعة فعلا إلى الميناء وحالة الوصول الاعتباري، أما قانون الالتزامات والعقود فقد نص على حالتين أيضا للتقادم وهما الهلاك الكلي فإن التقادم يبتدئ من يوم الوصول الاعتباري أي اليوم الذي كان يجب فيه تسليم البضاعة والأحوال الأخرى يبتدئ فيها التقادم من يوم تسليم البضاعة للمرسل إليه أوعرضها عليه.
    وبمقاربة أحكام الفصل 389 قانون العقود والالتزامات والفصل 263 من القانون التجاري البحري ندرك أنهما متفقان في بداية التقادم بالوصول الاعتباري أوالتسليم. وينفرد الفصل 389 بحالة التسليم الفعلي وينفرد الفصل 263 بحالة الوصول الفعلي دون التسليم.
    ولذلك فإن الفصل 389 لا يتعارض مع الفصل 263 ويطبق على دعاوى النقل البري والبحري والنهري وتنطبق حالة الوصول إلى الميناء في النقل البحري فقط فالتقادم في جميع الأحوال سنة يبتدئ بالنسبة للنقل البري والبحري من تاريخ الوصول أوالتسليم الاعتباري ومن تاريخ التسليم الفعلي وفي النقل البحري يبتدئ أيضا من تاريخ الوصول إلى الميناء ولولم يحصل التسليم فلا الوصول أوالتسليم الاعتباري ومن تاريخ التسليم الفعلي وفي النقل البحري يبتدئ أيضا من تاريخ الوصول إلى الميناء ولولم يحصل التسليم فلا تعارض وتبقى مدة التقادم سنة بالنسبة لدعاوى التجارة البحرية ابتداء من تاريخ التسليم الفعلي كما هومقتضى الفصل 389 من قانون العقود والالتزامات أوتاريخ الوصول إلى الميناء أومن تاريخ الوصول الاعتباري فيما إذا لم تصل البضاعة في الوقت الذي تصل فيه بصفة عادية.

    محمد بوزيان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *