الناقل البحري – مسؤوليته – حدودها
القرار رقم 1588
الصادر بتاريخ 25 يونيه 1986
ملف مدني رقم 93155
القاعدة
يبقى الناقل البحري مسؤولا عن هلاك الأشياء المسلمة إليه وما لحقها من عيب حتى آونة تسليمها للمرسل إليه ولا تنتهي هذه المسؤولية بإنزال البضاعة تحت الروافع ولكن بوضعها تحت تصرف المرسل إليه وتبقى حراسته لها إلى ذلك الحين .
باسم جلالة الملك
إن المجلس:
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من وثائق ومن القرار المطعون فيه أنه بتاريخ 6/6/1975 تقدمت المدعيات شركات التأمين.1) السعادة 2) عربية للتأمين 3) اريمار 4) الشركة الأمريكية للتأمين كادا بمقال لدى ابتدائية الدارالبيضاء ضد المدعى عليهما ربان باخرة س – س ناشيرا وشركة لاكريك هولاند تعرض به أنه حمل على ظهر الباخرة المذكورة حمولة تتكون من ( باليط كاربوناط الصودا) في اتجاه البيضاء حسب وثيقة الشحن عدد 22 – ووصلت في 11 أبريل 1975 وهي مضمونة من طرف المدعيات غير أنه عوين إثر الوصول نقض وخسارة في البضاعة حسب تقرير الخبير السيد بارد وقد حددت هاته الخسارة في مبلغ 952122 درهم يضاف إليها مبلغ75، 366 مبلغ مصاريف ولهذا يحق للمدعيات بمقتضى الفصل 367 من القانون التجاري البحري مطالبة الناقل المسؤول طبق الفصل 221 من نفس القانون بأداء المبلغ المذكور مع الفوائد ابتداء من تاريخ الطلب والمصاريف والتنفيذ المعجل.
وأجاب المدعى عليهما بعدم قبول المقال لعدم إرفاق الوثائق به واحتياطيا إحلال مكتب الشحن محلهما في الأداء بناء على مقال الإدخال المؤدى عنه بتاريخ 10/11/1975 نظرا إلى أن هذا الأخير اتخذ تحفظات عامة ولم يقم بوزن السائب من البضاعة بالإضافة إلى الأوساخ التي لحقت البضاعة من جراء عدم العناية من طرف مكتب الشحن ثم الخصاص الواقع بمخازنه كما أنه لا يمكن مواجهة الربان بضياع لم يتحفظ في شأنه مكتب الشحن تحفظا دقيقا.
وأجاب مكتب الشحن بأنه لم يتسلم تحت الرافعة سوى 74 حمولة بالإضافة إلى خليط في البضاعة أخبر به الربان بواسطة بيان الفروق ولم يحتج ضده الربان وبالتالي لا يمكنه المنازعة فيه كما أن الطرود التي تفرغ ممزقة تتعرض حتما للعوار عند تبعثرها على الأرض، مما لا يكون مسؤولا عنها مكتب الشحن طبق الفصل الثامن من دفتر تحملاته ملتمسا إخراجه ولم يجب العون القضائي والتمست النيابة تطبيق القانون.
فصدر الحكم ابتدائيا على ربان الباخرة وشركة الملاحة بالتضامن بأدائهما للمدعيات مبلغ (97،9887) مع الفوائد القانونية من تاريخ الطلب وعليهما بالصائر وبإخراج مكتب الشحن من الدعوى استنادا إلى أن هذا الأخير لم يتسلم سوى 74 حمولة حسب بيان الفروق المحرر في الأجل بالإضافة إلى خليط وأن ورقة التحفظات تشير إلى مجموعة من الأكياس ممزقة وبها ضياع ولم يبد الربان أي احتجاج ضد بيان الفروق مما تبقى مسؤوليته قائمة طبق الفصل 221 من القانون التجاري البحري ومكتب الشحن لا يمكن مساءلته عن الصائب من البضاعة التي سلمت له كما أنه من الثابت أن البضاعة أنزلت وبها عواريات وتمزيقات تؤدي إلى تسرب البضاعة من الأكياس.
وبتاريخ 2/7/1979 استأنف المحكوم عليهما بعد أن بلغ بتاريخ 19/6/1985 معللا استئنافهما بأنه بالرجوع إلى المستندات المدلى بها من طرف مكتب الشحن يلاحظ بأن ورقة تحفظاته لا تشير إلى أكياس ممزقة وبها ضياع بل تثير إلى خصاص 26 كيس مع وجود خليط دون وزنه لإعطاء فكرة حول أهميته لأن من شأن ذلك أن يمنح للمكتب إمكانية إحداث تفسير في وزن الخليط الذي يتوصل به، ويستخلص من بيانات تقرير الخبرة أن الأضرار ترجع لأسباب ثلاثة 1 – خصاص ناتج عن الأكياس الممزقة 6520 كلغ 2 – فقدان محتوى بعض الأكياس وزنه 550 كلغ 3- فقدان قيمة الخليط في الأرض وزنه 2000 كلغ المجموع 9070 كلغ، وهذا يعطي فكرة ناقصة عن تحفظات المكتب علاوة على أنه لم يتحفظ فيما يخص تلوت البضاعة الذي يرجع إلى عدم اتخاذ التدابير الوقائية بعد تفريغ البضاعة، وهذا الضرر حدث بصفة مؤكدة بعد عملية النقل والتفريغ خاصة وأن مخاطر الآلات الرافعة أوبقية الآلات التي تناولت الأكياس هي التي تسببت في تمزيقها ملتمسين إخراجهما من الدعوى والحكم على مكتب الشحن بجميع الأضرار.
وأجاب مكتب الشحن بأن بيان الفروق إذا كان يشير إلى عدم إفراغ 26 حملا فإنه كان ينص بالإضافة إلى ذلك على وجود خليط إضافي من الطرود المبعثرة المحتوى والفصل الخامس من دفتر الالتزامات ينص على عدم إمكانية مساءلة المكتب على الخليط الذي ليس بإمكانه مراقبة وزنه مضيفا أن المراسل إليه قام بإعادة تكوين الطرود التي أفرضت على شكل خليط وذلك ما يبرر عدم وجود طرد ناقص كما قام بتقديم 12 حملا للمعاينة من بين الأحمال التي أعاد تكوينها فلوحظ عليها الخصاص والعوار، وتجب الإشارة إلى أن الربان لم يقم بالاحتجاج ضد بيان الفروق مما يجعل هاته الوثيقة تأتي بكامل مفعولها، ومن جهة ثانية فإن المستأنف ملزم طبقا لعقد النقل بتسليم البضاعة على نفس الحالة التي حازها وإذا تمزقت بعض الأكياس على متن السفينة فإنه ملزم بإصلاحها قبل إفراغها، وفي هذه الحالة يمكن للمكتب القيام بوزن البضاعة علما بأن الفصل 12 من دفتر التزاماته ينص على أنه لا يقوم بوزن البضاعة إلا بناء على طلب المرسل إليه بعد إصلاح تغليفها، وفيما يخص التلوث فإنه لم يلاحظ سوى على الطرود التي أفرغت مبعثرة على شكل خليط خلافا للطرود التي أفرغت سالمة، وسواء كان التغليف يعود إلى عيب أصلي أم حصل بخطأ من الربان فالثابت أن الطرود موضوع النزاع أفرغت في حالة تغليف سيء وبالتالي فالحكم الأول في محله.
وأجابت شركات التأمين أنه طبقا لأحكام الفصلين 221 –262 من القانون التجاري البحري فإن الناقل البحري يعد مسؤولا عن كل عوار أوخصاص يلحق بالبضاعة المحمولة إلى يوم تسليمها إلى المرسل إليه والتمست النيابة تطبيق القانون.
وعلى إثر ذلك أصدرت محكمة الاستئناف قرارها القاضي بإلغاء الحكم المستأنف وتصديا الحكم برفض الطلب في مواجهة الناقل البحري وتحميل الصائر للمستأنف عليها شركة التأمين السعادة ومن معها استنادا إلى أن مكتب الشحن تحفظ لدى ربان سفينة ناشيرا بمقتضى ورقتي التحقيق عدد 28546 90 2854 مبينا أن الأكياس أفرغت من بينها الكثير من الأكياس الممزقة تتسرب منها البضاعة، وهذه التحفظات تكتسي صبغة عمومية وشمولية لأنها انصبت على مجمل البضاعة دون تحديد لعدد الأكياس المصابة بضرر في سبيل تحديد المسؤولية بشكل دقيق مما ينبغي عدم اعتبارها لأنها تحرم المحكمة من الوسيلة الوحيدة الممكنة لتحديد المرحلة التي حصل فيها الضرر، وأن مكتب الشحن وإن حرر من جهة ثانية بيان الفروق المؤرخ في 21/4/75 وأوضح فيه عدم توصله بما مجموعه 26 حملا بالإضافة إلى خليط فإنه فيما يخص لائحة الاختلاف المشار لها لا ترتكز على أساس صحيح لأنه لم يثبت من تقرير الخبير السيد باردووجود نقص في عدد الأكياس الأمر الذي لا يمكن معه لتلك اللائحة أن تأتي بمفعولها، ومن خلال هذه المستندات يكون الحكم الأول في غير محله عند تحميله مسؤولية الأضرار للناقل البحري والحال أن تحفظات مكتب الشحن اكتست صبغة عامة وشمولية كما أن لائحة فروقه أشارت إلى عدم توصله بستة وعشرين حملا بينما لم يلاحظ وجود أي نقص في عدد الأحمال موضوع سند الشحن عدد 22 ولكون مسؤولية الناقل تنتهي عند إفراغ البضاعة تحت الرافعة في ميناء الوصول طبق الفصل 218 من القانون التجاري البحري.
وهذا هوالقرار المطعون فيه:
فيما يخص الوسيلة الوحيدة:
حيث عابت الطاعنات على القرار خرقه مقتضيات الفصلين 221-262 من القانون التجاري البحري المغربي وعدم الأساس القانوني، وعدم التعليل، وذلك أن محكمة الاستئناف ألغت الحكم الابتدائي وصرحت بأن مقتضيات الفصل 218 من القانون التجاري البحري تنص على أن مسؤولية الناقل البحري تنتهي عند إفراغ البضاعة تحت الرافعة في ميناء الوصول وذلك رغم كون مقتضيات الفصل 221 من القانون التجاري البحري تنص على أن الناقل البحري يعد مسؤولا عن كل عوار أوخصاص يلحق البضاعة المحمولة إلى يوم تسليمها إلى المرسل إليه وكان قبل التصريح بعدم قبول الطاعنات يتعين البحث هل الناقل البحري فقد الحراسة القانونية على البضاعة وقت تسليمها إلى مكتب الشحن والتفريغ، وبما أن الناقل البحري لا يفقد هاته الحراسة ولوبعد تسليمها إلى مكتب الشحن لكونه يحتفظ بحقه في التصرف فيها إلى غاية تسليمها إلى المرسل إليه، والناقل هوالذي يسلم أمرا كتابيا إلى مكتب الشحن لتسليم البضاعة إلى المرسل إليه، كما أن مكتب الشحن لا يعد وكيلا للمرسل إليه لكي تنتقل الحراسة القانونية إليه بعد نزول البضاعة من الباخرة، وأن المرسل إليه لا يحضر عمليات نزول البضاعة من الباخرة ولا يكون على علم بوصولها إلى الميناء إلا بعد صدور أمرا كتابي من الناقل البحري إلى مؤسسة الشحن بالدارالبيضاء، ولذلك تلتمس نقض وبطلان القرار المطعون فيه والحكم على المدعى عليهم بجميع المصاريف.
حقا: لقد تبين صحة ما نعته الوسيلة على القرار المطعون فيه إذ بالرجوع إلى الفصل 78 من القانون التجاري والفصل 221 من القانون التجاري البحري يتأكد أن الناقل البحري مسؤولا عن هلاك الأشياء المسلمة إليه وما لحقها من عيب مند تسلمه إياها حتى آونة تسليمها المرسل إليه ولا تنتهي هاته المسؤولية عند إنزال البضاعة تحت الرافعة في ميناء الوصول حسبما انتهى إلى ذلك القرار المطعون فيه معتمدا على الفصل 218 من القانون التجاري البحري مع أن مقتضيات هذا الفصل تتحدث عن مسؤولية الناقل وقت تسلم البضاعة على حافة السفينة إلى أن يضعها في ميناء الوصول تحت الرافعات – تحت تصرف المرسل إليه فمادامت البضائع لم توضع تحت تصرف المرسل إليه يكون الناقل البحري مسؤولا عنها، وحراسته مستمرة إلى أن توضع تحت تصرف المرسل إليه وحتى أجرة النقل لا يستحقها إلا عندما تسلم البضائع للمرسل إليه وتوضع تحت تصرفه في ميناء الوصول مما يكون معه القرار المطعون فيه قد خرق مقتضيات الفصلين 78 من القانون التجاري و221 من القانون التجاري البحري ولم يرتكز على أساس صحيح وبالتالي تعرض للنقض.
وحيث إنه من مصلحة الأطراف إحالة القضية على نفس المحكمة.
لهذه الأسباب
قضى بالنقض والإحالة.
الرئيس: المستشار المقرر: المحامي العام:
السيد محمد بوزيان، السيد الازرق، السيد البدري،
الدفاع:
ذ.والش وبنتهلة.
ذ.محمد لحلو.
3 Replies to “الناقل البحري – مسؤوليته – حدودها”
تعليق على قرار
للأستاذ محمد بوزيان
رئيس الغرفة بالمجلس الأعلى
أصدر المجلس الأعلى ( القسم الثالث ) القرار أعلاه بتاريخ 25/6/1986 عدد 1588 بعد أن أصدر قرارا مماثلا بتاريخ 15/5/1985 عدد 1194 ومنشورا في العدد 37-38 من قضاء المجلس الأعلى حول مدى مسؤولية الناقل البحري ومتى تنتهي:
وقد دعاني إلى التعليق عليه ما سبق أن نشر في العدد السابق من تعليق لمحرر ( بدون توقيع) على القرار الصادر بتاريخ 15/5/1985 عدد 1194، وإجراء عملية مقارنة بينه وبين قرارين آخرين صادرين من المجلس ( القسم الأول من الغرفة المدنية ) الأول بتاريخ 13/3/1985 عدد 601، والثاني بتاريخ 9/4/1986 عدد 978 توصل على ضوئها إلى أن القرار عدد 1194 الصادر من القسم الثالث تضمن اجتهادا من الستينات عدل عنه المجلس إلى ما ذهب إليه في القرارين عدد 601 وعدد 978 الصادرين من القسم الأول.
والمتتبع لتعليق السيد المحرر يجد أنه اعتمد لأجل تأييد الاتجاه الذي قال إن المجلس عدل إليه على ما يلي:
1)أن في الأمر تعارضا بين نصين
– عام وهوالفصل 78 من القانون التجاري المتعلق بالنقل البحري والنهري والبري ويتضمن أن مسؤولية الناقل البحري لا تنتهي إلا إذا سلمت البضاعة للمرسل إليه.
– وخاص وهوالفصل 221 من قانون الملاحة البحرية المتعلق بالنقل البحري، ويتضمن أن الناقل البحري مسؤول عن البضاعة المنقولة مادامت في حراسته، وهذا يعني أنه إذا خرجت من حراسته وسلمت إلى مكتب الشحن والإفراغ انتهت من مسؤوليته وحلت محلها مسؤولية مكتب الشحن والإفراغ.
والقاعدة أنه إذا تعارض النص الخاص قدم الخاص على العام، وبذلك يكون النص الواجب التطبيق هوالفصل 221 من قانون الملاحة التجارية الصادر سنة 1919، وبالتالي يكون الناقل البحري مسؤولا مادامت البضاعة في حراسته وإذا ما خرجت من حراسته وسلمت إلى المكتب تنتهي مسؤوليته خلافا لمقتضى الفصل 78 من القانون التجاري الذي يقضي بأن حراسة الناقل البحري لا تنتهي إلا بتسليم البضاعة إلى المرسل إليه.
2)- جلب لتأييد هذا الرأي عدة مراجع منها:
– الوجيز في القانون البحري لوزارة العدل.
– اجتهاد مع تعليق في قضاء المجلس الأعلى عدد 2 صفحة 162 ولا وجود في هذا العدد لهذا الاجتهاد وهذا التعليق وحتى صفحاته لم تصل إلى رقم 162.
– اجتهاد مع تعليق في مجلة القضاء والقانون عدد 132 وهواجتهاد من محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء والتعليق للسيد احمد عاصم.
– اجتهاد منشور بمجلة رابطة القضاة العدد 14-19
ولأجل توضيح الرأي الذي ذهب إليه المجلس (القسم الثالث) والقائل بالتكامل بين الفصلين 78 من القانون التجاري و221 من قانون الملاحة التجارية ينبغي أن أذكر بالمقتضيات التالية:
أولا – أنه لا تعارض أبدا بين الفصلين 78 و221 إلا في الذكر فالقاعدة التي قررها الفصل 78 لم يرد في الفصل 221 ما ينافيه، بل القاعدة واحدة في هذا الفصل وفي ذلك، فكل منهما يقرر أن مسؤولية الناقل البحري عن البضاعة المنقولة مستمرة إلى أن تسلم للمرسل إليه كما هومقتضى الفصل 78، أومادامت في حراسته – أي الناقل البحري – مع العلم بأن حراسته لا تنتهي إلا بتسليم البضاعة إلى المرسل إليه ولا تنتهي بإفراغها على يد مكتب الشحن والإفراغ قبل أن توضع تحت تصرف المرسل إليه، وتوهم انتهاء الحراسة بالإفراغ هوالذي أوقع السيد المحرر في الخطأ واعتقد أنا الحراسة حراسة مادية لا اعتبارية تجعل مكتب الشحن والإفراغ منذ تسلم البضاعة مسؤولا أمامه وتابعا له كسائر التابعين من ربان وبحارة ووكلاء البر.
ثانيا – وبما أن السيد المحرر اعتمد – فيما اعتمد عليه – الوجيز في القانون البحري فإنني أنقل هنا للقارئ والباحث عبارات من الوجيز في القانون البحري يذهب فيها إلى اعتبار التكامل بين الفصلين لا التعارض.
جاء في الصفحة 35 عند الكلام على التابعين للناقل البحري:
إن المجهز مسؤول أيضا عن أفعال المرشد وكل شخص آخر يوجد في خدمة السفينة.
أولا أعوان الرص والتفريغ
إن اتساع الملاحة البحرية وبالخصوص سرعة الرحلات دعت إلى إنشاء هيآت مختصة تقوم في كل مرفأ بشحن وتفريغ السفن ورص البضائع.
فمقاول الشحن والإفراغ وعماله هم بمثابة أعضاء مؤقتين ومساعدين في طاقم السفينة يعملون ثلة في خدمتها ولكن دون أن يصح القول بكل معنى الكلمة بأنهم تابعون للمجهز.
ثانيا : ……………………
وجاء في الصفحة 57 عند الكلام على مسؤولية الناقل البحري في القانون المغربي ما يلي: ……………………..
مدى عقد النقل البحري
ينتج عقد النقل البحري أثاره منذ تسليم البضاعة إلى المجهز قصد نقلها ويبقى ساري المفعول بعد التفريغ حتى تسليمها للمرسل إليه.
وعليه توجد مرحلتان إضافيتان بالنسبة للنقل البحري ذاته: إحداهما سابقة للشحن الأخرى لاحقة للتفريغ يبدأ أويستمر خلالهما عقد النقل، ويجب بالتالي أن يطبق عليهما القانون البحري والشروط الصحية المدرجة في عقد الشحن.
وقد أتيح مرارا عديدة للمحاكم المغربية أن تعين مدة النقل لا سيما من أجل تطبيق الفصل 206 من قانون التجارة البحرية المتعلق بالشروط المحددة للمسؤولية، وذلك أن الفصل 78 من القانون التجاري ينص على أن المكري مسؤول عن هلاك وتعيب الأشياء المسلمة إليه منذ ساعة تسليمها إليه حتى الآونة التي يسلمها فيها إلى المرسل إليه.وكل شرط يرمي إلى إعفائه من هذه المسؤولية عديم الأثر (النظام العام).
ومن المعلوم أنه في نطاق القانون البحري يرجع إلى القواعد العامة للقانون التجاري حين لا توجد في قانون التجارة البحرية أية قاعدة مخالفة لها، فشروط الإعفاء من المسؤولية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من الفصل 264 من قانون التجارة البحرية يمكن التمسك بها ليس فقط أثناء السفر البحري فحسب بل أيضا في ميناء الإقلاع وميناء الوصول أثناء الوقت الذي تكون فيه البضائع تحت حراسة مؤجر السفينة باعتبار أن الأخطاء المرتكبة من طرف الربان أوالمرشد أوالملاحين في تنفيذ مهامهم التي تتعلق بالسفينة تشمل الأخطاء المرتكبة في المرحلتين الإضافيتين السالفتي الذكر.
ثالثا إن ظهير 1919 بشأن التجارة البحرية لم يلغ الفصل 78 من القانون التجاري وإن صدر بعده، وعلى العكس من ذلك فقد أيده إذ ورد في فصله 391 أنه يلغي جميع المقتضيات السابقة التي تتنافى ومقتضياته، وقد فتح بهذا الطريق لكي تطبق في القانون التجاري البحري مقتضيات القوانين التأسيسية أي قوانين سنة 1913 الصادرة بشأن الالتزامات والعقود والقانون التجاري حين لا تتنافى صراحة مع أن نص قانون التجارة البحرية ونتج عن ذلك أن تطبق مقتضيات القانون التجاري وقانون الالتزامات والعقود التي لا تتنافى مع مقتضيات الظهير والتي منها مقتضيات الفصول 77-78-79-82 من القانون التجاري.
رابعا لنترك جانبا الخوض فيما أتي به الوجيز في القانون البحري ولنعد إلى مقتضيات قانون التجارة البحرية فسندرك أن قاعدة استمرار مسؤولية الناقل البحري إلى وقت تسليم البضاعة إلى المرسل إليه ليست مأخوذة فقط من الفصل 78 من القانون التجاري وإنما هي مأخوذة أيضا من مقتضيات ظهير 1919 بشأن التجارة البحرية.
فالفصل 221 الذي قيل أنه خاص ويعمل به قبل العام وقيل أنه ألغى الفصل 78- قرر أن مسؤولية الناقل تستمر مادامت البضائع في حراسته.
فما هي هذه الحراسة وما مداها وهل تعني أنها الحراسة المادية أثناء وجود البضائع في السفينة وإذا ما أفرغت تحلل الناقل من مسؤوليته.
اعتقد أننا لوأخذنا بهذا المفهوم للحراسة لرجعنا إلى نقطة الصفر في حياة الإنسان لنتصور أن الحراسة لا تتجلى إلا كما في حال راع يحرس غنمه ولرجعنا إلى المدلول اللغوي في الحراسة متخلين عن المدلولات القانونية والاعتبارية للحراسة في مختلف نواحي حياة الإنسان الحديث.
وفي موضوعنا هذا وإذا ما تأملنا جليا نص هذا الفصل أوذاك في قانون 1919 ندرك معنى الحراسة التي تنتهي مسؤولية الناقل البحري بانتهائها.
فالفصل 218 مثلا من القانون يوجب على ربان السفينة التابع للناقل البحري أن يضع البضائع التي تسلمها في ميناء الوصول تحت الرافعات تحت تصرف المرسل إليه.
والفصل 228 يحرم الناقل البحري من استحقاق أجرة النقل ما لم تسلم البضائع للمرسل إليه أوتوضع تحت تصرفه في ميناء الوصول.
والفصل 225 يعطي الحق للربان التابع للناقل البحري إذا لم يتقدم أحد ليتسلم البضاعة أوإذا رفض المرسل إليه تسلمها أن يستأذن المحكمة لبيعها في حدود قيمة أجرة النقل وإيداع الفائض منها وإذا كانت غير كافية لأداء أجرة النقل كان له الحق في الرجوع بالفرق على الشاحن المرسل.
والفصل 262 الذي ينظم إجراءات الدعوى التي تقام لأجل التعويض عما أصاب البضائع من عوار خصوصي أوهلاك جزئي ضد الربان أوالناقل البحري أوأصحاب البضائع – يحتم أنه لإقامة الدعوى لا بد من تنظيم احتجاج وتبليغه داخل أجل لا يزيد على ثمانية أيام من تاريخ اليوم الذي وضعت فيه البضائع فعليا تحت – تصرف المرسل إليه ثم لا بد من رفع الدعوى فعلا داخل أجل تسعين يوما.
هذه النصوص من ظهير 1919 لا من ظهير 1913 توضح بجلاء أن مسؤولية الناقل البحري تستمر مادامت البضائع في حراسته وأن حراسته لا تنتهي إلا إذا سلمت البضائع للمرسل إليه أووضعت تحت تصرفه بالميناء ولا توضع تحت تصرفه إلا بإشعاره كتابة أن بضائعه توجد بالميناء تحت تصرفه، وإلا فكيف يعقل أن توضع تحت تصرفه وهوجاهل بوصولها إلى الميناء، وكيف يعقل أن تنتهي حراسة الناقل البحري قبل أن توضع البضائع في حراسة متلقيها.
والدعاوى التي تقام بمقتضى الفصل 262 هي دعاوى يقيمها المرسل إليه أوالمالك الحقيقي للبضائع فقط ضد الناقل البحري أوالربان التابع له أوأصحاب البضائع الذين أرسلوها إلى المرسل إليه بواسطة الناقل البحري، ويلزم لكي يكون له الحق في رفع الدعوى أن يقدم قبلها ضد من يريد أن يرفع الدعوى ضده احتجاجا تتوفر فيه الشروط التي يتضمنها الفصل 262 أي بمجرد ما تنتهي حراسة الناقل البحري، وأن يرفعها داخل تسعين يوما، ولم يعط هذا الفصل أي حق في رفع الدعوى ضد مقاولة الشحن والإفراغ التي حل محلها مكتب الشحن والإفراغ، والذي تبقى مسؤوليته في حدود قرار وزير الأشغال العمومية الصادر سنة 1971 في مواجهة المتعاقد معه – ولوجبرا وعلى سبيل الاحتكار وهوالناقل البحري، ولم يكن أبدا مقاول الشحن والإفراغ أومكتب الشحن والإفراغ طرفا ثالثا في النزاع طبقا للفصل 262، وأما علاقة المكتب بأطراف العقد الخاص به فله شأن آخر ينظمه قرار 1971 خصوصا الفصول الخامس والتاسع والسابع عشر.
والمشرع عندما نظم بهذا القرار الدور الاحتكاري لمكتب الشحن والإفراغ لم يعتبر أية علاقة له بالمرسل إليه أوالشاحن المالك الحقيقي للبضائع إلا علاقة تسليم البضاعة التي وكل على تسليمها إليه من طرف الناقل البحري.
وعلى مكتب الشحن والإفراغ لكي يتحمل المسؤولية فيما قد يحصل من ضرر وهلاك في البضاعة أن يتخذ الاحتياط ومسؤوليته تبتدئ أوتنتهي بحضور عون شركة الملاحة تواجهيا مع وثيقة الإذن بالشحن فيما يخص البضائع المصدرة ومع تذكرة الشحن فيما يخص البضائع المستوردة.
وبمجرد إيداع البضائع كلها تجري مقارنة نتائج التنقيط مع البيانات الواردة في وثيقة الشحن، والفروق التي أظهرتها هذه المقارنة يشعر بها عون الباخرة التي حملت البضاعة ويتمتع مكتب الشحن للقيام بهذا التحقيق بأجل يساوي ستة أيام ابتداء من نهاية عملية التفريغ شريطة أن يتوفر على وثيقة الشحن تامة تسمح بالتنقيط.
ومن جهة أخرى يتمتع عون الباخرة بأجل قدره ثلاثة أيام ابتداء من توصله بالإشعار للمطالبة بتصحيح الأخطاء المرتكبة على حسابه والتي يجب عليه في كل حال أن يقيم الحجة عليها، ولا تقبل أية مطالبة فيما بعد بسبب الفروق التي يمكن أن توجد بين وثيقة الشحن المعبر بها من طرف المرسل وتذكرة الشحن المعبر بها من طرف الناقل البحري.
وكيفما كان الأمر فإن مسؤولية المكتب لا يمكن أن تتجاوز مسؤولية الناقل البحري وأن الدعاوى يجب أنه ترفع ضد المكتب للحكم بمسؤوليته في تسعين يوما ابتداء من حيازته البضاعة أوشحنها وإلا كانت غير مقبولة.
وإذا كان القرار الصادر سنة 1971 الذي نظم الدور الاحتكاري لمكتب الشحن والإفراغ ليكون وكيلا عن الناقل البحري وبالتالي عن التجار أصحاب البضائع الذين يبيعونها ويرسلونها إلى المشترين في شحنها أوفي إفراغها أوفيهما معا فنظم بذلك العلاقة التعاقدية الاحتكارية بين المكتب وبين الناقل البحري وأصحاب البضائع المرسلة.
وإذا كان القرار نظم العلاقة فقط بين المرسل والناقل البحري من جهة والمكتب من جهة أخرى، ولم ينظم أبدا العلاقة بين المرسل إليه والمكتب إلا بعد انتهاء حراسة الناقل البحري وجعل ابتداء تكليف المكتب وانتهاء تكليفه يتم تواجهيا بين المكتب وبين الربان التابع للناقل البحري لا مع المرسل إليه.
وإذا كان القرار نظم التداعي فيما يتعلق بالفروق ونظم إجراءاتها بين المكتب والناقل البحري فقط ولم ينظمه بين المكتب والمرسل إليه إلا بالنسبة للعلاقة الجديدة التي تنشأ بينه وبين المرسل إليه بعد انتهاء حراسة الناقل البحري وهذا لا يتعلق بالنقل البحري.
وإذا كان كذلك فإن السند القانوني للتداعي بالنسبة للمرسل إليه يبقى هوالفصل 262 من قانون التجارة البحرية.
ولذلك فإنه لا وجود – فيما اعلم – لأي نص يعطي للمرسل إليه – عكس ما جاء في الفصل 262- الحق في التداعي بالنسبة للنقل البحري مع المكتب مباشرة فلا وجه بحال من الأحوال لأن يسمح القضاء للمرسل إليه برفع الدعوى ضد المكتب أوضده والناقل البحري بالنسبة للنزاعات الناشئة عن النقل البحري، وبالتالي لا وجه للقول بأنه لا مصلحة للناقل البحري في إدخال مكتب الشحن والإفراغ مع أن هذا الأخير مسؤول أمامه في بعض الأحوال.
وبمقتضى الفصل 333 من قانون الالتزامات والعقود ومثله الفصل 82 من قانون التجارة البحرية – فإن الناقل البحري مسؤول عن فعله أوخطاه وعن فعل أوخطأ الأشخاص الذين يستخدمهم – وأن احتكارا – في تنفيذ التزامه في نفس الحدود التي يسأل فيها عن خطأ نفسه وذلك مع حفظ حقه في الرجوع على الأشخاص الذين يتحمل المسؤولية عنهم وفقا لما يقضي به القانون.
ويعني هذا أنه إذا كان له حق الرجوع على مكتب الشحن والإفراغ فإن له الحق وله المصلحة في إدخاله في الدعوى، وبإدراكي المتواضع لا أعرف كيف يمكن للقضاء أن يقول بعدم قبول إدخاله في الدعوى وللناقل البحري مصلحة في الرجوع على من يتحمل المسؤولية عنه كمكتب الشحن والإفراغ للحكم عليه محله بما يجب تحمله.
وقد ثار جدال في تونس – وقانونها شقيق لقانون المغرب – حول ما إذا كان المرسل إليه صاحب البضاعة يرفع دعوى ضد الناقل البحري أومقاول الشحن والإفراغ وحول مدى مسؤولية الناقل البحري ومقاول الشحن عما حصل من ضرر وعيب في البضائع، فصدر قرار من محكمة التعقيب بتاريخ 19-6-1980 استقر فيه الرأي على أن الناقل البحري يبقى مسؤولا عن كل تلف يلحق البضائع المنقولة إلى أن يتسلمها المرسل إليه، وهذا الضمان مستمر ولوفي صورة تسليم البضاعة إلى مقاول الشحن والإفراغ، باعتبار أن هذا الأخير يعمل لحساب الناقل البحري الملزم وحده بتسليم البضاعة، إلا إذا تضمنت وثيقة الشحن أن المقاول المذكور يعمل بصفته وكيلا عن المرسل إليه، هذا المقاول لا يكون مسؤولا إلا في صورة خطئه الشخصي طبقا للفصول 144-214-169161 من محلة التجارة البحرية.
وقد علق عليه الدكتور صلاح الدين الملولي تعليقا رائعا فقها وعملا، وانتقد فيه اتجاه محكمة التعقيب إلى إبراز بعض الاستثناءات من المبدأ الواضح الذي أقره القرار (المجلة العربية للفقه والقضاء العدد 2 صحيفة 563)
وخلاصة القول فإن التجارة البحرية نظمت على أساس علاقتين:
علاقة بين المرسل إليه مالك البضائع والمرسل بائع البضائع الذي يربط علاقة اختيارية مع الناقل البحري لنقل البضائع على السفينة.
– وعلاقة إجبارية بموجب احتكار خدمات الشحن والإفراغ يربطها الناقل البحري مع مكتب الشحن والإفراغ ليتسلم البضائع منه ويسلمها إلى المرسل إليه.
– والعلاقة الأصلية مع العلاقة الاختيارية تنظمها القوانين التأسيسية سنة 1913 وقانون 1919 بشأن الملاحة التجارية وتطبق بشأنها مقتضيات هذه القوانين العامة بالنسبة للأحكام العامة والخاصة بالنسبة للأحكام الخاصة.
أما العلاقة الإجبارية بين المرسل والناقل البحري من جهة ومكتب الشحن والإفراغ من جهة أخرى فهي واقعة أيضا تحت طائلة القواعد العامة التي تنظم علاقة التابع بالمتبوع وواقعة بصفة خاصة تحت طائلة القواعد الخاصة المقررة بقرار 1971 والتي ربطت بصفة احتكارية بين التجار المرسلين ومكتب الشحن والإفراغ ونظمت النزاعات التي تنشأ بينهما عما يحدث للبضائع أثناء وجودها لدى هذا المكتب.
وإذا كان للمرسل إليهم مالوا البضائع أن يرفعوا دعوى بشأن بضائعهم فعلى أية علاقة يكون لهم الحق في رفعها ؟
فإذا كان الفصل 262 من قانون التجارة البحرية منح لهم الحق في رفع الدعوى بالنسبة للنقل البحري ضد المرسل أوالناقل البحري أوالربان فليس في الأمر سند قانوني يمنح لهم الحق في رفع الدعوى ضد مكتب الشحن والإفراغ سواء كانت مسؤولية هذا المكتب تعاقدية أم تقصيرية مادام المسؤول أمام المرسل إليه بنصوص عديدة هوالمرسل أوالناقل البحري ومادامت إجراءات الدعوى بداء من الاحتجاج وتحرير الفروق تتم بين المكتب وبين ربان الباخرة التابع للناقل البحري.
على أن المسؤولية التعاقدية طبقا لقانون التجارة البحرية 1919 يعمل بها بالنسبة لمكتب الشحن والإفراغ دون المسؤولية التقصيرية طبقا لقانون الالتزامات والعقود لأن الأولى أصلح له وأسهل بالنسبة لآثار الدعوى وأحكام القانون البحري هي الواجبة التطبيق خصوصا والفصل الخامس من قرار 1971 بشأن دفتر التحملات ينص على أن مسؤولية المكتب لا يمكن أن تتجاوز مسؤولية الناقل البحري وإلا في حدودها، وإذا ما أمكن الادعاء على المكتب بمقتضى المسؤولية التقصيرية أمكن الحكم عليه بما يتجاوز مسؤولية الناقل البحري.
الأستاذ محمد بوزيان
موضوع مهم شكرا.
لعلمكم لازال هناك قرار يخالف الاتجاه الذي سار عليه القرار موضوع التعليق ، إلا أنني لا زلت بصدد البحث عنه ، وسيتم نشره على هذا الموقع في أقرب الآجال مع تعليق الأستاذ عاصم عليه عليه.