القاعدة:
البنك الذى يعهد إليه العميل الذى يتعامل معه بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة في مستندات أو أوراق ، فإن عليه أن يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد حسبما تنص المادة 704/2 من القانون المدنى .استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية العقدية من مسائل الواقع التى يقدرها قاضى الموضوع ولا رقابة عليه لمحكمة النقض فيه إلا بالقدر الذى يكون استخلاصه غير سائغ.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص بما له من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى ومما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب الذى اطمأن إليه ومن كشوف الحساب المقدمة إلى أن البنك الطاعن لم يقم بتحصيل بعض الشيكات التى تسلمها من المطعون ضدها رغم كفاية رصيد الساحب لديه ، وأن عدم قيامه بالتزامه لا يوجد ما يبرره ، ذلك أنه كان قد قام بتحصيل شيكات أخرى للمطعون ضدها وشيكات لعملاء آخرين في وقت معاصر لاستحقاق الشيكات محل النزاع ورتب على ذلك توافر الخطأ الموجب لمسئولية الطاعن ، وهو من الحكم استخلاص سائغ تتوافر به أركان المسئولية له أصله الثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدى إلى ما انتهى إليه ويكفى لحمل قضائه وفيه الرد الكافى المسقط لما يخالفه ، ومن ثم فإن النعى عليه بأسباب الطعن ينحل إلى مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للدليل بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التى انتهى إليها الحكم تنحسر عنها رقابة محكمة النقض ويضحى بالتالى الطعن أقيم على غير أساس .
سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر وفاءً كالوفاء بالنقود سواء بسواء وتكون قيمة الشيك من حق المسحوب له فلا يجوز للساحب أن يستردها من البنك أو يعمل على تأخير الوفاء بها لصاحبها ، وكذلك لا يجوز للبنك المسحوب عليه الامتناع عن الوفاء للحامل بقيمة الشيك ولو قدم له بعد ميعاد الاستحقاق ، ذلك أن الحامل يتملك مقابل الوفاء بمجرد تسلمه الشيك .
ذ كان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه برفض إلزام البنك المطعون ضده بقيمة الشيكات المرتدة التى في حيازته على سند من أنه أخطر الطاعنة لتسلمها ، حال أن قيامه بالإخطار لا يعفيه من المسئولية عن الامتناع عن صرف قيمتها رغم توافر مقابل الوفاء في تاريخ استحقاق الشيكات ، فإنه يكون قد خالف القانون
باسم الشعب
محكمـة النقـض
الدائرة المدنية والتجارية
ـــــ
برئاسة السيد القـاضى / صـلاح سـعداوى سـعد ” نائب رئيس المحكمــة “
وعضوية السادة القضاة / عبد العزيز إبراهيم الطنطاوى ، شـريف حـشمت جــادو
عمر السعيـــد غانــم و أحمد كمــال حمـــدى
” نواب رئيس المحكمـة ”
بحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض / أشرف الجزار .
وأمين السر السيـد / عاطف أحمد القطامى .
فى الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمحافظة القاهرة .
فى يوم الأربعاء 21 من صفر سنة 1434 هـ الموافق 2 من يناير سنة 2013 م .
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعنين المقيدين فى جدول المحكمة برقمى 16403 ، 16777 لسنة 79 ق .
المرفوع أولهما مـن :
السادة / بنك الشركة المصرفية العربية الدولية .
ويعلن بمقره الرئيسى فى 56 شارع جامعة الدول العربية ، المهندسين ، الدقى ، محافظة الجيزة .
لم يحضر عنه أحد بالجلسة .
ضــــد
السيد / الممثل القانونى لشركة البدوى ، ويمثلها السيد / محمد فتحى محمود عبد الواحد .
ويعلن فى 14 شارع الشيخ أحمد الدرديرى ، أرض الجولف ، مدينة نصر ، محافظة القاهرة .
حضر عنه بالجلسة الأستاذ / فايز حبيب لوندى المحامى عن الأستاذ / إيمان حسين مصطفى المحامى .
المرفوع ثانيهما مـن :
السادة / شركة البدوى ، ويمثلها السيد / محمد فتحى محمود عبد الواحد .
ويعلن فى 14 شارع الشيخ أحمد الدرديرى ، أرض الجولف ، مدينة نصر ، محافظة القاهرة .
تابع الطعنين رقمى 16403 ، 16777 لسنة 79 ق
ــــــــــــــــــــــــــــ
( 2 )
حضر عنه بالجلسة الأستاذ / فايز حبيب لوندى المحامى عن الأستاذ / إيمان حسين مصطفى المحامى .
ضــــد
1ـ السيد / الممثل القانونى لبنك الشركة المصرفية العربية الدولية .
ويعلن فى 56 شارع جامعة الدول العربية ، المهندسين ، الدقى ، محافظة الجيزة .
2ـ السيد / محافظ البنك المركزى المصرى .
لم يحضر عنهما أحد بالجلسة .
الوقائع فى الطعن رقم 16403 لسنة 79 ق
فى يوم 8/11/2009 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة ” مأمورية شمال الجيزة ” الصادر بتاريخ 29/9/2009 فى الاستئناف رقم 2674 لسنة 124 ق ـ وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً , وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه . وفى اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة وحافظة بمستنداته . وفى يوم 12/12/2009 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن . وفى 14/1/2010 أودع المطعون ضده مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن . ثم أودعت النيابـة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً .
الوقائع فى الطعن رقم 16777 لسنة 79 ق
فى يوم 18/11/2009 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة ” مأمورية شمال الجيزة ” الصادر بتاريخ 29/9/2009 فى الاستئناف رقم 2674 لسنة 124 ق ـ وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً , وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه . وفى اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة وحافظة بمستنداته . وفى يوم 1/12/2009 أعلن المطعون ضده الثانى بصحيفة الطعن . وفى يوم 8/12/2009 أعلن المطعون ضده الأول بصحيفة الطعن . وفى 16/12/2009 أعلن المطعون ضده الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن . ثم أودعت النيابـة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه جزئياً . وبجلسة 3/10/2012 عرض الطعنان على المحكمة فى غرفة المشورة فرأت أنهما جديران بالنظـر
تابع الطعنين رقمى 16403 ، 16777 لسنة 79 ق
ــــــــــــــــــــــــــــ
( 3 )
وحددت لنظرهما جلسة 19/12/2012 سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم الحاضر عن الطاعن فى الطعن الثانى والمطعون ضده فى الطعن الأول والنيابة كل على ما جاء بمذكرته ـ والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم .
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق , وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر / شريف حشمت جادو ” نائب رئيس المحكمة ” , والمرافعة , وبعد المداولة .
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية .
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1093 لسنة 2006 تجارى الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام البنك الطاعن بأن يدفع لها مبلغ مليون وثلاثمائة وتسعة عشر ألفًا وسبعمائة اثنين وعشرين جنيهاً وأربعة وخمسين قرشاً وكذا مبلغ خمسمائة ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار التى لحقت بها من جراء مسلك الطاعن ، وقالت بياناً لذلك إنها سلمت البنك عدد 26 شيكاً بقيمة المبلغ الأول لتحصيلها وإيداع المبلغ فى حسابها طرفه ، إلا أنه تقاعس عن اتخاذ إجراءات التحصيل رغم توافر الرصيد بحساب الساحب لديه وقيام البنك بصرف وتحصيل شيكات لعملاء آخرين من هذا الحساب ، وإذ لحقها ضرر من جراء تصرف الطاعن فقد أقامت الدعوى . بتاريخ 31 مارس 2007 حكمت المحكمة برفض الدعوى بحالتها. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2674 لسنة 124 ق أمام محكمة استئناف القاهرة . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 29 سبتمبر 2009 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يؤدى للمطعون ضدها ثلاثمائة ألف جنيه تعويضاً عما لحقها من أضرار ورفض ما عدا ذلك من طلبات . طعن البنك على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 16403 لسنة 79 ق كما طعنت الشركة المطعون ضدها فى ذات الحكم بالطعن رقم 16777 لسنة 79 ق ، وأودعت النيابة مذكرة فى كل طعن أبدت فيها الرأى برفض الطعن الأول وفى الطعن الثانى بنقض الحكم المطعون فيه جزئياً ، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة فى غرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر وبالجلسـة المحددة لنظرهما قررت ضم الطعن الأخير إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
تابع الطعنين رقمى 16403 ، 16777 لسنة 79 ق
ــــــــــــــــــــــــــــ
( 4 )
أولاً : الطعن رقم 16403 لسنة 79 ق .
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها البنك الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب ، وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بانتفاء الخطأ الموجب لمسئوليته على سند من أن سبب عدم قيامه بصرف وتحصيل الشيكات المسلمة إليه من الشركة المطعون ضدها يرجع إلى أن الحساب المسحوبة عليه الشيكات هو حساب ائتمان ممنوح للشركة الساحبة لا يُسمح بالصرف منه إلا فى حدود الغرض من منح التسهيل ، وأنه أعاد الشيكات إلى المطعون ضدها فور عدم تحصيلها ، إلا أن الحكم المطعون فيه أعرض عن هذا الدفاع الجوهرى وقضى بإلزامه بالتعويض ، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن البنك الذى يعهد إليه العميل الذى يتعامل معه بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة فى مستندات أو أوراق ، فإن عليه أن يبذل فى ذلك عناية الرجل المعتاد حسبما تنص المادة 704/2 من القانون المدنى ، وأن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية العقدية من مسائل الواقع التى يقدرها قاضى الموضوع ولا رقابة عليه لمحكمة النقض فيه إلا بالقدر الذى يكون استخلاصه غير سائغ . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص بما له من سلطة تحصيل وفهم الواقع فى الدعوى ومما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب الذى اطمأن إليه ومن كشوف الحساب المقدمة إلى أن البنك الطاعن لم يقم بتحصيل بعض الشيكات التى تسلمها من المطعون ضدها رغم كفاية رصيد الساحب لديه ، وأن عدم قيامه بالتزامه لا يوجد ما يبرره ، ذلك أنه كان قد قام بتحصيل شيكات أخرى للمطعون ضدها وشيكات لعملاء آخرين فى وقت معاصر لاستحقاق الشيكات محل النزاع ورتب على ذلك توافر الخطأ الموجب لمسئولية الطاعن ، وهو من الحكم استخلاص سائغ تتوافر به أركان المسئولية له أصله الثابت فى الأوراق ومن شأنه أن يؤدى إلى ما انتهى إليه ويكفى لحمل قضائه وفيه الرد الكافى المسقط لما يخالفه ، ومن ثم فإن النعى عليه بأسباب الطعن ينحل إلى مجادلة موضوعية فى تقدير محكمة الموضوع للدليل بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التى انتهى إليها الحكم تنحسر عنها رقابة محكمة النقض ويضحى بالتالى الطعن أقيم على غير أساس .
ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
تابع الطعنين رقمى 16403 ، 16777 لسنة 79 ق
ــــــــــــــــــــــــــــ
( 5 )
ثانياً : الطعن رقم 16777 لسنة 79 ق .
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ، إذ رفض طلبه إلزام البنك المطعون ضده بقيمة الشيكات المرتدة على سند من أنها تقاعست عن استردادها منه رغم إخطاره لها لتسلمها حال أن هذا الإخطار لا يسقط مسئوليته الناشئة عن امتناعه عن صرف الشيكات رغم وجود رصيد كاف بحساب الساحب ، والتفت عن طلب الطاعنة ندب خبير حسابى للوقوف على ذلك ، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى محله ، ذلك أن المقرر أن سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر وفاءً كالوفاء بالنقود سواء بسواء وتكون قيمة الشيك من حق المسحوب له فلا يجوز للساحب أن يستردها من البنك أو يعمل على تأخير الوفاء بها لصاحبها ، وكذلك لا يجوز للبنك المسحوب عليه الامتناع عن الوفاء للحامل بقيمة الشيك ولو قدم له بعد ميعاد الاستحقاق ، ذلك أن الحامل يتملك مقابل الوفاء بمجرد تسلمه الشيك . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه برفض إلزام البنك المطعون ضده بقيمة الشيكات المرتدة التى فى حيازته على سند من أنه أخطر الطاعنة لتسلمها ، حال أن قيامه بالإخطار لا يعفيه من المسئولية عن الامتناع عن صرف قيمتها رغم توافر مقابل الوفاء فى تاريخ استحقاق الشيكات ، فإنه يكون قد خالف القانون وقد حجبه ذلك عن بحث تعيين الشيكات المرتدة التى كان يتوافر بحساب الساحب رصيد كاف لها عند تقديمها للصرف ، إذ بها تتحدد مسئولية المطعون ضده والتفت عن طلب ندب خبير مصرفى لتحقيق ذلك ، الأمر الذى يعيبه ويوجب نقضه جزئياً فى هذا الخصوص .
لــذلـك
أولاً : رفضت المحكمة الطعن رقم 16403 لسنة 79 ق ، وألزمت البنك الطاعن المصروفات ، مع مصادرة الكفالة .
ثانياً : نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه جزئياً فى الطعن رقم 16777 لسنة 79 ق فى خصوص ما قضى به بشأن الشيكات المرتدة الموجودة تحت يد البنك المطعون ضده ، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى ، وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات ، ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أميـن الســر نائب رئيس المحكمة