مسؤولية الدولة عن تسيير الإدارة والأخطاء المصلحية لمستخدميها – أساسها القانوني
القاعدة:
طبقا للفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود فإن مسؤولية الدولة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها، لا تفترض، بل لا بد من إثبات الخطأ المصلحي المنسوب إلى موظفيها، لأنها من المسؤولية التقصيرية.
القرار المطعون فيه عندما قضى بمسؤولية الدولة بدون إثبات الخطأ من المضرور غير مبني على أساس ومعرضا للنقض.
القرار رقم 2391
الصادر بتاريخ 26 ماي 1994
ملف مدني رقم 3804 90
الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود
– طبقا للفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود فإن مسؤولية الدولة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها، لا تفترض، بل لا بد من إثبات الخطأ المصلحي المنسوب إلى موظفيها، لأنها من المسؤولية التقصيرية.
– القرار المطعون فيه عندما قضى بمسؤولية الدولة بدون إثبات الخطأ من المضرور غير مبني على أساس ومعرضا للنقض.
باسم جلالة الملك
إن المجلس الأعلى…
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يؤخذ من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه أن السيد أحمد بن عمر بن بوجمعة تقدم بتاريخ 25/12/85 بمقال إلى المحكمة الابتدائية بمراكش يعرض فيه أنه بتاريخ 15/8/72 التحق بمستشفى ابن زهير من أجل علاج أصبعه الذي تكسر نتيجة سقوطه من فوق جدار منزله وبقي رهن العلاج مدة شهر كامل إلى غاية 15/9/72 تحت رقم 9415/82 وكان الطبيب المتمرن آنذاك الدكتور المنصوري عبدالإله هوالذي أشرف على علاجه وأنه بعدما شفي أصبعه أخذ رغم عدم موافقته من طرف الدكتور المذكور وأجرى له عملية بتر يده اليمنى بأكملها وبعد مراجعته للسيد رئيس المستشفى أشار عليه هذا الأخير برفع القضية إلى القضاء لأجله يلتمس جعل المسؤولية عما حدث له على الدولة المغربية والحكم له عليها بتعويض قدره مائتا ألف درهم وفي مقال لاحق طلب إدخال شركة التأمين الملكي المغربي والحكم بإحلالها محل الدولة المغربية بحضور الوكيل القضائي للمملكة وأجاب الوكيل القضائي للمحكمة بأن الدعوى لم تبين الجهة التي تنوب عن الدولة مما يجعلها غير مقبولة وفي الموضوع فإن عملية بتر اليد اليمنى للمدعي لم تكن بسبب خطأ الطبيب وإنما بسبب تفسخ عريض لجلد اليد اليمنى وتعفن الجرح والتهاب العظام الأمر الذي استدعى إلى إجراء عملية بتر اليد وبخصوص التعويض المطلوب أضاف الوكيل القضائي فإنه لا محل له ما لم يثبت وجود الخطأ طالبا رفض الدعوى وأجابت شركة التأمين الملكي المغربي بأنها لا تؤمن الدولة وعلى من يدعي خلاف ذلك إثباته طالبة إخراجها من الدعوى فأمرت المحكمة بإجراء خبرة طبية يجريها الدكتور العالم الإدريسي ثم استبدل بالدكتور مولاي الذي أفاد أن المدعى أصيب عجز دائم 80 % وعجز مؤقت بلغ 60 يوما وتقدم المدعي بمستنتجاته بعد الخبرة حدد فيها مبلغ التعويض الكلي في 846.000.00 درهم يطلب الحكم به على الدولة المغربية مع الفوائد القانونية ابتداء من تاريخ الحكم التمهيدي فأصدرت المحكمة أعلاه حكمها بتحميل الدولة المغربية كامل المسؤولية والحكم عليها بأدائها للمدعى تعويضا قدره 120.000.00 درهم عن العجز الدائم ومبلغ 2.000.00 درهم عن العجز المؤقت مع الفوائد القانونية من تاريخ الحكم والنفاذ المعجل في حدود واحد على خمسة من المبلغ المذكور بعلة ثبوت خطأ الدولة حينما سمحت للطبيب المتمرن بإجراء عملية بتر اليد اليمنى الذي هومن أعضاء الجسم الأساسية استأنف الحكم المذكور مع الحكم التمهيدي من طرف الدولة المغربية بواسطة الوكيل القضائي بصفة أصلية معيدة فيه نفس الدفع السابق المتعلق بعدم بيان المقال للجهة التي تمثل الدولة المغربية كما أعادت أيضا نفس الجواب المتعلق بمسؤولية الدولة واعتبرت أنها غير مسؤولة عما وقع للمدعي كما عابت عريضة الاستئناف على الحكم كونه قضى بالتعويض دون تعليل مخالفا بذلك مقتضيات ظهير 15/5/44 الذي يلزم المدعى بالإدلاء بشهادة من مصلحة الضرائب ليعرف مدخوله على ضوئها بحسب التعويض كما أنه قضى بالفوائد القانونية رغم أنها غير مطلوبة طالبة إلغاءه والحكم بناء على ذلك بعدم قبول الدعوى واستأنف المدعي الحكم المذكور مع الحكم بصفة فرعية طالبا تعديله بخصوص التعويض برفعه إلى القدر المطلوب.
وبتاريخ 11/12/89 أمرت محكمة الاستئناف بمراكش بإجراء خبرة طبية تكميلية على المدعي يقوم بها نفس الخبير السابق الدكتور مولاي تنحصر في اطلاعه على الملف الطبي للمدعى عدد 82/138 بمستشفى ابن زهير بمراكش وأمر الدولة المغربية بالسماح للخبير المذكور بالاطلاع عليه مع تحملها في حالة المنع مسؤولية ذلك على أن يبين الخبير المذكور الظروف التي تم فيها علاج المستأنف عليه قبل إجراء العملية وهل وقعت في ظروف حسنة وهل كانت تستوجب بتر اليد وأن البتر كان من طرف الطبيب.وبعد إجراءات وانتهاء الطرفين من تبادل المذكرات أصدرت محكمة الاستئناف بمراكش قرارها بتأييد الحكم المستأنف بعلة أنه تبين للمحكمة من خلال إطلاعها على وثائق الملف عدم وجود ما يفيد موافقة المستأنف عليه على العملية الخطيرة التي أجريت له ونتج عنها بتر يده وأن المستأنف لم يدل بما يثبت أن العملية كانت ضرورية وتستوجبها حالة الرفض وأن موقفا بعدم السماح للخبير المعين من طرف المحكمة الابتدائية ولا من طرف المحكمة بالاطلاع على الملف الطبي للمستأنف عليه ليسمح بالقول أن هذا الملف يتوفر على معطيات في غير صالح المستأنفة وذلك رغم مطالبة الخبير الطبيب الرئيسي بذلك عدة مرات حسب رسالة ورغم إشعار المستشار المقرر العون القضائي بهذه الواقعة وثبت من الرسالة الصادرة عن المستشفى أن العملية رغم أهميتها وخطورتها أسندت إلى طبيب متمرن مما يظهر معه وجود تقصير في حق الضحية تتحمل الدولة عواقبه وأن المبالغ الممنوحة للمستأنف عليه معتدلة نظرا لخطورة الأضرار اللاحقة به والمتمثلة في عجز مؤقت ستون يوما وفي عجز مستمر نسبته 80 % والتشويه الكبير والآلام المهمة.
فيما يتعلق بالوسيلة الثانية:
حيث يعيب الطالب على القرار عدم الارتكاز على أساس وخرق القانون ذلك أن الطالب أثار في مقاله الاستئنافي أن الدولة المغربية غير مسؤولة عن الحادثة مرفقا مقاله بتقرير طبي صادر عن الطبيب الرئيسي للعمالة الطبية بمراكش المؤرخ في 29/10/76 يوضح أن سبب البتر يعود إلى تفسخ عريض لجلد اليد اليمنى وتعفن الجرح والتهاب العظام والمطلوب عجز عن إثبات أي خطأ من جانب الأطباء المشرفين عن العملية مما كان يستلزم التصريح بعدم مسؤولية الدولة إلا أن المحكمة أهملت الرد على ذلك واكتفت بتأسيس قرارها على عللها المشار إليها أعلاه مع العلم أن المريض عندما يلج المستشفى وتتطلب حالته الصحية إجراء عملية فموافقته من عدمها أمر غير مستساغ وليس هناك قانون يفرض ضرورة الحصول على موافقة مسبقة من المريض كما أن تصريح المحكمة بكون العارض لم يدل بما يفيد أن العملية كانت ضرورية يدل على عدم إطلاع المحكمة على الملف الطبي المشار إليه أعلاه وبخصوص القول بأن العارض لم يسمح للخبير بالاطلاع على الملف الطبي للمطلوب فيرجع إلى أن القرار التمهيدي صدر بتاريخ 11/12/89 بينما العملية أجريت بتاريخ 9/9/72 وبالتالي فإن محاولة ترتيب أثار قانونية على مجرد عدم إمداد الخبير بالملف المذكور وغير مصادف للصواب الفاصل الزمني الطويل كما أن المحكمة لم تعمل على مطابقة وقائع النازلة بالنص القانوني الذي أسست عليه الدعوى وهوالفصل 79 من ق ل ع الذي يرتب مسؤولية الدولة بتحقق الأضرار الناتجة عن تسيير إدارتها وعن أخطاء موظفيها والمطلوب لم يثبت أي خطأ يعزي إلى الهيأة الطبية وتقرير الخبير الذي اعتمدت المحكمة شقا منه تطرق إلى استحالة تحديد المسؤول عن الضرر مما كان القرار المطعون فيه مؤسسا على مجرد احتمالات وافتراضات وتعين لذلك نقضه.
حقا تبين صحة ما نعته الوسيلة على القرار ذلك أنه طبقا للفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود فإن مسؤولية الدولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها أومن الأخطاء المصلحية لمستخدميها لا تفترض وإنما لا بد من إثبات الخطأ المصلحي المنسوب إلى موظفيها والملف خال مما يفيد نسبة الخطأ المصلحي إلى الهيأة الطبية لمستشفى بن زهير بمراكش التابع للدولة لهذا فإن اعتماد المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه في تحميل الدولة مسؤولية ما حدث للمطلوب من ضرر على مجرد أن إدارة المستشفى المذكور امتنعت من تمكين الخبير المعين من طرف المحكمة من الاطلاع على الملف الطبي للمتضرر المطلوب وأن ذلك يشكل قرينة على ثبوت الخطأ المصلحي لأطباء المستشفى المذكور غير كاف وكان على المحكمة في هذه الحالة أن تجبر إدارة المستشفى بشتى الوسائل حتى ولواقتضى الأمر انتقالها شخصيا رفقة الخبير المعين من طرفها إلى المستشفى المذكور قصد الاطلاع على الملف الطبي المذكور لتقف على الحقيقة وبالتالي التأكد من ثبوت الخطأ المصلحي للدولة أوعدم ثبوته ودون ذلك يبقى قرارها ناقص التعليل يوازي عدمه ويعرضه بالتالي للنقض.
وحيث أنه من مصلحة الطرفين إحالة القضية على نفس المحكمة لتبت فيها طبقا للقانون.
لهذه الأسباب
قضى بنقض القرار وإحالة الملف على نفس المحكمة لتبت فيها طبقا للقانون وعلى المطلوب الصائر.
وكما قرر إثبات حكمه هذا في سجلات محكمة الاستئناف بمراكش إثر الحكم المطعون فيه أوبطرته.
وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة تتركب من السادة:
* رئيس الغرفة – محمد بوزيان رئيسا
* والمستشارين: – عبد الخالق البارودي مقررا
– عبد الحق خالص عضوا
– محمد واعزيز “
– محمد الخيامي “
* وبمحضر المحامي العام أحمد شواطة ممثل النيابة العامة.
* وبمساعدة كاتب الضبط محمد بولعجول.