الحوادث المدرسية – التعويض عنها – أساسها القانوني
القاعدة:
الحوادث التي تقع بالمدرسة للتلاميذ يحكمها ظهير 26 – 10 – 1942.
لا يمنع المضرور من الالتجاء لدعوى المسؤولية المدنية لتطبيق مقتضيات الفصل 85 المكرر من قانون الالتزامات والعقود وعلى المدعى إثبات الخطأ الواقع في المؤسسة.
القرار رقم 1881
الصادر بتاريخ 26 ماي 1994
ملف مدني رقم 10066 89
باسم جلالة الملك
إن المجلس الأعلى …
وبعد المداولة طبقا للقانون
فيما يتعلق بالوسيلة الوحيدة:
حيث يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه أن المدعي الطالب السيد محمد الجمالي نيابة عن ابنه القاصر السيد شهاب الجمالي تقدم بمقال بتاريخ 20/4/1984 إلى المحكمة الابتدائية بالرباط عرض فيه أن الابن تعرض لحادثة مدرسية بتاريخ 7/4/1982 أصيب خلالها بجروح وكسر في يده اليمنى ونقل على إثرها إلى المستشفى. وأفاد المدعي أن مدير ثانوية التقدم حرر شهادة تفيد أن الحادثة مدرسية، وارتكاز على الفصل 85 من قانون العقود والالتزامات طالب المدعى استدعاء المدعى عليهم المطلوبون الدولة المغربية في شخص السيد الوزير الأول السيد وزير التربية الوطنية والسيد العون القضائي طالبا الأمر بعرض ابنه على طبيب قصد تحديد مدة العجز المؤقت والعجز الدائم مع منحه تعويضا مسبقا قدره 3000 درهم تؤديه الدولة المغربية.
وأجاب السيد العون القضائي بكون المدعي لم يدل بما يعزز الطلب الذي جاء والحالة هذه خارقا للفصل 32 من قانون المسطرة المدنية.
وأشار إلى أن المدعى لم يسلك المسطرة المنصوص عليها في ظهير 26/10/1942 المتعلق بالحوادث المدرسية قبل مقاضاة الدولة إذ أن هذا الظهير يهدف إلى منح ضحايا الحوادث المدرسية تعويضا دون أن تحقق مسؤولية الدولة تحدده لجنة طبية ويكون قرارها غير قابل لأي طعن إلا أن الظهير ينص في فصله 8 على أنه للمضرور أن يطالب بتعويض تكميلي أمام المحاكم طبقا للفصل 85 من قانون العقود والالتزامات على أساس خصم المبلغ الذي حددته اللجنة الطبية مع العلم أن مسطرة ظهير 26/10/1942 الزامية ومن تم وجب رفض الطلب.
وبصفة احتياطية أكثر أشار السيد العون القضائي إلى أن المسؤولية المنصوص عليها في الفصل 85 هي مسؤولية بخطأ وعلى المدعي الإثبات أي إثبات وإهمال المشرفين على الثانوية.
وأدلى المدعي بصورة شهادة طبية من السيد المدير بتاريخ 7/4/1982 كما تفيد تنصيصات الحكم التمهيدي طالبا الحكم وفق مقاله ملاحظا أن السيد العون القضائي لم يشر إلى النص يوجب اتباع مسطرة 26/10/42 والمشرع لم يرتب أي جزاء عند عدم اتباع مسطرة 26/10/42 التي تبقى اختيارية.
فأصدرت المحكمة الابتدائية بتاريخ 2/7/1985 حكما تمهيديا قضى بمسؤولية الدولة كاملة مع الأمر بإجراء خبرة عهد بها إلى الدكتور المختار السوسي ورفض طلب التعويض المسبق بعلة أن المحكمة ترى أن اللجوء إلى مسطرة ظهير 26/10/42 هي اختيارية ولا يوجد أي فصل منه يوجب عدم قبول الدعوى المقدمة في نطاق القانون العام إلا بعد سلوك مسطرة الظهير أعلاه على العكس فالفصل 2 من الظهير ينص صراحة على أن مقتضياته لا تمنع من رفع الدعوى في نطاق الفصل 85 من قانون العقود والالتزامات وبعلة أن الشهادة المؤرخة في 7/4/1982 تفيد تعرض المضرور للحادثة وبعلة أن هذا الأخير أصيب وهوبساحة المدرسة مما يفيد أن المسؤولين عن المدرسة لم يأخذوا الاحتياط اللازم لتفادي الحادثة مما يجعل المسؤولية على الدولة وبعلة أنه لا مبرر للتعويض المسبق.
وأدلى الدكتور السوسي بتقرير يتضمن أن مدة العجز المؤقت كانت 30 يوما ونسبة العجز الدائم 12% والأضرار الأليمة متوسطة ولا وجود للأضرار الجمالية.
ولاحظ المدعي أن مدة العجز المؤقت فاقت أربعين يوما حرم أثناءها الابن من متابعة دراسته طالبا منحه ذلك تعويضا بمبلغ 5000 درهم.
وبخصوص العجز الدائم، لاحظ المدعي أن نسبة 12% تدل على خطورة الأضرار طالبا منحه تعويضا عن ذلك بمبلغ 000 60 درهم أي أن مجموع ما يطالب به هو65000 درهم.
وتفيد تنصيصات الحكم الابتدائي القطعي أن المدعي عليهم لم يدلوا بأي جواب فأصدرت المحكمة الابتدائية حكما بتاريخ 10/2/1986 قضى بالمصادقة على تقرير الخبرة مع الحكم على الدولة المغربية بأدائها للمضرور تعويضا إجماليا نهائيا قدره 21400 درهم بعلة أن المحكمة بما لها من سلطة تقديرية بخصوص تحديد التعويض وتمشيا مع اجتهادها في مثل نفس الظروف وبعد الأخذ بعين الاعتبار لحالة المضرور الاجتماعية ولعامل سنه ومراعاة مكان الإصابة وما ترتب عنها من عجز تحدد التعويض في المبلغ أعلاه مع العلم أن موضوع الضمان والحلول بت فيه بمقتضى الحكم التمهيدي وبعلة أن الضرر ثابت بمقتضى ما أسفرت عنه الخبرة ومسؤولية العجز عن هذا الضرر قائمة
استأنف السيد الوكيل القضائي الحكم التمهيدي والبات مبرزا بخصوص الأول أن المحكمة الابتدائية اعتبرت مجرد كون الحادثة وقعت بساحة الثانوية كدليل على كون المسؤولين لم يأخذوا الاحتياطات اللازمة لتفادي الحادثة بمعنى أنها اعتبرت المسؤولية مفترضة في حين أن الفصل 85 من قانون العقود والالتزامات يستوجب إثبات خطأ المسؤولين عن الثانوية حتى تقوم مسؤولية الدولة وإعادة ما تقدم به ابتدائيا بخصوص ظهير 26/10/42 معتبرا أن المحكمة أخطأت في اعتبار سلوكه اختياري إذ مجرد وضع نص قانوني يجعل تطبيقه ضروريا مستدلا على ذلك بعدة اجتهادات صادرة عن المجلس، ولاحظ أنه لا بد من إعادة الخبرة للتثبت من الضرر
وأجاب المستأنف عليه أن المسؤولية ثابتة بناء على شهادة مدير المؤسسة مضيفا ما سبق أن تقدم به ابتدائيا بخصوص تطبيق ظهير 26/10/42، وطالب الحكم بتأييد الحكم المستأنف.
وبعد إجراءات أصدرت محكمة الاستئناف قرار بإلغاء الحكمين المستأنفين والتصدي والحكم برفض الطلب بعلة أن المضرور لم يثبت الخطأ أوعدم الحيطة أوالإهمال في حق المسؤولين عن الثانوية رغم أن الفصل85 من قانون العقود والالتزامات الزمه بإثبات ذلك وبعلة أن شهادة السيد مدير المؤسسة تفيد أن التلميذ أصيب بحادثة داخل المدرسة دون إثبات الخطأ أوالإهمال في حق المشرفين عليها ولا يعتبر وقوع الحادثة داخل المؤسسة قرينة لتحميل المسؤولية للدولة وبذلك بقي الطلب بدون إثبات.
وهذا هوالقرار المطعون فيه.
وحيث يعيب الطالب على القرار عدم الارتكاز على أساس قانوني ونقصان التعليل الموازي لانعدامه وخرق القانون وخرق حقوق الدفاع ذلك أن محكمة الاستئناف قضت برفض الطلب بناء على كون المضرور لم يثبت الخطأ والإهمال في حق المسؤولين عن المدرسة رغم أن التلميذ أصيب بجروح وكسر بسبب إهمال المسؤولين الشيء الذي تؤكده الشهادة الصادرة عن السيد مدير المؤسسة التي أكدت وقوع الحادثة وبواسطتها طالب السيد المدير من ولي المضرور إحضار الشواهد الطبية والفاتورات حتى تقوم الدوائر المختصة بأدائها وهذه الشهادة هي التي تكون الإثبات وإلا لما قام السيد المدير بما قام به مع العلم أن السادة المديرين لا يسمحون بدخول الشرطة داخل المؤسسات لإقامة المحاضر أن ما سار عليه القرار يعد خرقا لظهير 26/10/42 والفصل 85 مكرر من قانون العقود والالتزامات الذي وأن اشترط الإثبات وفق القواعد العامة فإنه لم يشترط وسيلة دون أخرى مع العلم أن القرار لم يجب على شهادة السيد المدير ولم يجب على دفوع الطالب.
لكن خلافا لما يراه الطالب فالقرار تناول مناقشة شهادة السيد المدير حسب التعليل أعلاه.
ثم إن محكمة الاستئناف قضت وعن صواب بكون الفصل 85 مكرر من قانون العقود والالتزامات يشترط للقول بمسؤولية الدولة إثبات الخطأ وهوأمر لم يثبته المضرور مع العلم أن الاستفادة من ظهير 26/10/42 هي استفادة تلقائية طبق الفصل 6 منه ولا تتوقف على إثبات الخطأ بل يكفي أن تقع الحادثة داخل المؤسسة إلا وأنه إذا لم تتم الاستفادة طبقا لمقتضى هذا الفصل فإنه لا يمنع المضرور من الالتجاء لدعوى المسؤولية المدنية وحينئذ تطبق مقتضيات الفصل 85 المذكور طبقا للفصل 8 من ظهير 1942 ومع العلم أن المحكمة أجابت على دفعي الطالب الواردين في مذكرتيه المؤرختين في 28/11/1986 و3/7/1987 واللذين يهدفان إلى اعتبار الشهادة المدرسية كوسيلة إثبات وإلى اعتبار المؤسسة وبالتالي الدولة مسؤولة بمجرد الإدلاء بشهادة تثبت وقوع الحادثة مع أن الفصل 85 يشترط إثبات الخطأ والإهمال فالوسيلة في جزء منها خلاف الواقع فهي غير مقبولة وفي الجزء الآخر غير مرتكزة على أساس.
لهذه الأسباب
قضى برفض الطلب وجعل الصائر على الطالب.
وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة تتركب من السادة:
* رئيس الغرفة: – محمد بوزيان رئيسا
* والمستشارين: – عبد الحق خالص مقررا
– عبد الخالق البارودي عضوا
– محمد واعزيز “
– محمد الخيامي “
* وبمحضر المحامي العام أحمد شواطة ممثل النيابة العامة.
* وبمساعدة كاتب الضبط محمد بولعجول.