معاناة المقاولة من صعوبات مالية طارئة – فتح مسطرة التصفية – لا
القاعدة:
اذا كانت المقاولة تجتاز صعوبات مالية يمكن التغلب عليها يمكن فتح مسطرة التسوية القضائية في حقها من جديد بدل التصفية القضائية.
القرار رقم 48/2000 بتاريخ 6/1/2000.
باسم جلالة الملك
إن محكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء.
وهي مؤلفة من السادة:
الأستــــاذ أحمد الحراث رئيسا.
الأستــــاذة الطاهرة سليم مستشارة مقررة.
الأستــــاذة عائشة طهوري مستشارة.
وبحضور السيد محمد قرطوم ممثل النيابة العامة.
وبمساعدة السيـد حميد بونهير كاتب الضبط.
أصدرت بتاريخ 6/1/2000.
في جلستها العلنية القرار الأتي نصه:
بين شركة ستيل مغرب للجلد شركة مساهمة يقع مقرها الاجتماعي بزنقة ابن المعلم رقم 28 بوركون الدارالبيضاء ممثلة من طرف أعضاء مجلسها الإداري الكائنين بنفس المقر.
نائبها الأستاذ محمد أمدي.
المحامي بهيئة الدار البيضاء.
بوصفها مستأنفة من جهة.
وبين من له الحق.
خالد أبو الهدى سنديك شركة ستيل مغرب للجلد في إطار التصفية القضائية المنتدب القضائي بالمحكمة التجارية بالدار البيضاء
بوصفه مستأنفا عليه من جهة أخرى.
بناء على مقال الاستئناف والحكم المستأنف ومستنتجات الطرفين ومجموع الوثائق المدرجة بالملف.
وبناء على تقرير السيد المستشار المقرر الذي لم تقع تلاوته بإعفاء من طرف الرئيس وعدم معارضة الطرفين.
وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 17/12/1999
واستدعاء الطرفين لجلسة 30/12/1999.
وتطبيقا لمقتضيات المادة 19 من قانون المحاكم التجارية والفصول 328 وما يليه و429 من قانون المسطرة المدنية.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
في الشكل سبق البت فيه بالقبول بمقتضى القرار التمهيدي الصادر بتاريخ 27/5/1999 الذي جاء فيه:
حيث استأنفت شركة ستيل مغرب للجلد بواسطة محاميها ذ/ أمدي بمقتضى مقال استئنافي مسجل ومؤدى عنه بتاريخ 23/3/99 الحكم الصادر من طرف المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 9/2/99 في الملف عدد 5007/98 والقاضي بفتح مسطرة التصفية القضائية في مواجهة شركة ستيل مغرب للجلد مع تعيين السيد عمر بشار منتدب في المسطرة وتعين خالد أبو الهدى بصفته سنديكا وتحديد تاريخ التوقف عن الدفع في مدة ثمانية عشر شهرا السابقة لفتح المسطرة وبقيام كتابة الضبط بالإجراءات المنصوص عليها في الفصل 569 من مدونة التجارة بشمول الحكم بالنفاذ المعجل بقوة القانون بحفظ البت في الصائر.
حيث تقدمت بمقال إصلاحي بواسطة محاميها ذ/ أمدي مؤدى عنه بتاريخ 13 ماي 99.
حيث إن الاستئناف متوفر على كافة الشروط الشكلية من صفة وأجل وأداء مما يتعين التصريح بقبوله وكذا قبول المقال الإصلاحي.
وفي الموضــوع:
حيث تتلخص الوقائع في أن شركة ستيل مغرب للجلد تقدمت بواسطة محاميها ذ/ أمدي بمقال يتضمن أنها شركة متخصصة في صنع الأحذية والنعال منذ سنة 1988 وأنها حاليا بسبب اعتقال مسيرها منذ 25/11/92 إلى حدود 20/5/94 بسبب تزوير شيك مسحوب من طرفه وبسبب حريق شب بمقرها بتاريخ 22/12/89 أتر كل ذلك على معاملاتها وأصبحت تعيش في صعوبات مالية جعلتها في وضعية التوقف عن الدفع، وأن إدارة الشركة وقبل اللجوء إلى هذه المسطرة حاولت معالجة هذه الوضعية لكن دون نجاح الأمر الذي تلتمس معه التصريح بفتح مسطرة المعالجة والتسوية القضائية مع كل ما يترتب عنها قانونا من الإجراءات القانونية المنصوص عليها في مدونة التجارة.
فصدر الحكم المستأنف بعلة أنه بالنظر إلى لائحة الديون المتخلذة بذمة الشركة والتي تصل إلى 60،1.196.813 درهم وبالنظر إلى تصريحات رئيس المقاولة بغرفة المشورة والتي ذكر فيها على أن مخزون المقاولة من المواد غير مهم، وأن ديونها على الغير لا يمكن استرجاعها لتواجدهم بالخارج، فإنه تبين للمحكمة من خلال ذلك أن وضعية المقاولة مختلة لا رجعة فيها، الأمر الذي يتعين معه فتح مسطرة التصفية القضائية في مواجهتها.
فاستأنفته شركة ستيل مغرب للجلد بواسطة محاميها ذ/ أمدي مستندة في استئنافها بأن وضعيتها ليست مختلة بصفة لا رجعة فيها ذلك أنها وفي ظرف وجيز أدت جزء مهم من ديونها التي تراكمت عليها فجأة وفي ظروف جد استثنائية، كما تمكنت من الحصول على بعض الطلبات من زبنائها وبدأت تعمل على تلبيتها الشيء الذي سيمكنها لا محالة من مداخيل مهمة كافية لتغطية ديونها وخلق توازن في ميزانيتها خلال مدة قد لا تتجاوز في الأقصى سنة من تاريخه، ملتمسة تعيين خبير لإعداد تقرير عن وضعيتها الاقتصادية والاجتماعية والمالية مع إخضاعها للتسوية الودية وتعيين مصالح طبقا لمقتضيات الفصل 553 من مدونة التجارة.
وحيث أدلى المنتدب القضائي السيد خالد أبو الهدى بصفته سنديكا بمذكرة جوابية تضمنت بأنه فيما يخص الدائنين فإنه لم يتم التصريح لحد الآن سوى بدينين اثنين وهما دين لمصلحة الضرائب ودين للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأنه إذا تأكدت المحكمة من إمكانية تجاوز الشركة المدينة لأزمتها المالية بفتح مسطرة التسوية القضائية لفائدتها فإنه لا يمانع في ذلك ملتمسا إسناد النظر للمحكمة.
فصدر قرار تمهيدي بعلة:
حيث تتمسك الطاعنة بكون وضعيتها المالية ليست مختلة بصفة لا رجعة فيها.
وحيث إن المحكمة قصد التأكد من الوضعية الحقيقية للطاعنة تستعين بإجراء خبرة ينتدب للقيام لها الخبير المحلف السيد عبدالحق سيف الدين من أجل إعطائها صورة صحيحة عن الوضعية الاقتصادية والمالية للمدين الذي وضع تقريره بتاريخ 18/10/1999 ذكر فيه أن رقم المبيعات تطور بصفة مستمرة حيث مر رقم المعاملات من مبلغ 98800 درهم سنة 1996 إلى 429977 درهم سنة 1998 دون الضريبة على القيمة المضافة، وأن هذه الزيادة ليست كافية لتحقيق التوازنات المالية للشركة واقترح أن تقوم الشركة موضوع الدراسة بإعادة هيكلتها من الناحية القانونية والمالية والاقتصادية وتوفير التمويلات الضرورية حتى يمكن لها ضمان استمراريتها.
وحيث أدلت المستأنفة بواسطة محاميها ذ/ أمدي بمذكرة في أعقاب الخبرة تضمنت أن الخبير عاين أنها حققت تطورا ملموسا على حجم مبيعاتها خلال سنتي 96-98 وأن هذا المعطى كاف لإبراز إمكانية تجاوزها لكافة صعوباتها، وأن الغاية التي توخاها المشرع من تقنين مسطرة معالجة صعوبة المقاولة هي بالأساس مساعدة المقاولة على تجاوز الصعوبات التي قد تعترضها حتى تتمكن من الاستمرار في مزاولة نشاطها والمساهمة إيجابا في التنمية الاقتصادية للبلاد ملتمسة الحكم وفق مقالها الاستئنافي وذلك بتمتيعها بالتسوية القضائية.
وحيث أدلى السيد خالد أبو الهدى المنتدب القضائي بصفته سنديكا للمستأنفة بمذكرة تضمنت أنه لايرى مانعا من تمتيع المستأنفة بالتسوية القضائية، وأن المادة 572 من مدونة التجارة تعطي كامل الصلاحية للمحكمة بأن تضع يدها تلقائيا على مسطرة التسوية القضائية وتحويلها إلى تصفية قضائية إذا ما تبين لها وجود صعوبات ملتمسا إسناد النظر للمحكمة في اتخاذ القرار الملائم.
وحيث أدلت النيابة العامة بملتمسها المؤرخ في 18/5/1999 أسندت فيه النظر للمحكمة.
وحيث حجزت القضية في المداولة بعد أن أصبحت جاهزة قصد النطق بالقرار بجلسة 6/1/2000.
المحكمــــة:
حيث تتمسك الطاعنة بكونها تعاني من صعوبات مالية ملتمسة إخضاعها إلى مسطرة المعالجة والتسوية القضائية مع كل ما يترتب عنها قانونا من الإجراءات القانونية المنصوص عليها في مدونة التجارة.
وحيث من الثابت بالرجوع إلى تقرير الخبرة المنجزة من طرف الخبير السيد سيف الدين عبدالحق بتاريخ 15/10/1999 أنه عاين أن الشركة يشتغل بها 16 شخصا كلهم متخصصين في صنع الأحذية وأن حجم الأجور المسجل في الميزانية التركيبية لسنة 1998 هو 80076 درهم سنويا، كما لاحظ أن رقم المبيعات تطور بصفة مستمرة لمرور رقم المعاملات من مبلغ 98800 درهم سنة 1996 إلى مبلغ 18،429.977 درهم سنة 1998 دون الضريبة على القيمة المضافة، وبذلك فوضعية الشركة ليست مختلة بشكل لا رجعة فيه حسب ما تضمنه الحكم الابتدائي المستأنف وإنما تجتاز صعوبات مالية يمكنها التغلب عليها بالاستناد إلى ما تضمنه تقرير الخبير المنجز في الموضوع وذلك حتى تتمكن من مزاولة نشاطها والمساهمة بشكل إيجابي في التنمية الاقتصادية وكذا المحافظة على مناصب الشغل لمستخدميها وذلك وفق مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 568 من مدونة التجارة.
وحيث إنه يتبين من خلال هذه المعطيات أن الطاعنة متوقفة عن سداد ديونها لاجتياز أزمة مالية يمكنها التغلب عليها مما يتعين معه واستنادا لمقتضيات المادة 680 من مدونة التجارية التي تنص على أنه عند فتح المسطرة يتعين تحديد تاريخ التوقف عن الدفع الذي يجب أن لا يتجاوز في جميع الأحوال ثمانية عشر شهرا قبل فتح المسطرة، لذا فإنه في النازلة يتعين تحديد تاريخ توقف الطاعنة عن دفع ديونها في 18 شهرا قبل فتح هذه المسطرة.
وحيث إنه يتعين تبعا لذلك إلغاء الحكم المتخذ والحكم من جديد بفتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهة الطاعنة.
لـهذه الأسبـــــاب
فإن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء
وهي تبث انتهائيا علنيا حضوريا.
في الشـــكل : سبق البت فيه بالقبول.
في الـجوهــر : باعتباره وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من جعل الطاعنة في حالة تصفية قضائية والحكم من جديد بجعلها في حالة تسوية قضائية في مواجهتها مع تعيين السيد عمر بشار كقاضي منتدب في المسطرة وتعين السيد محمد الزرهوني بصفته سنديكا وبتحديد تاريخ التوقف عن الدفع في مدة 18 شهرا السابقة لفتح المسطرة وعلى الطاعنة أن تضع مبلغ 5000 درهم كمصاريف مسبقة وبإرجاع الملف إلى المحكمة التجارية للقيام بالإجراءات وبحفظ البت في الصائر.
وبهذا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة أعلاه.