التوقف عن الدفع – معناه
القاعدة:
عدم وجود سيولة نقدية وقت التنفيذ لا يشكل خللا مادامت المقاولة في وضعية سليمة وليست متوقفة عن الدفع.
عدم تنفيذ قرار استئنافي بسبب عدم حضور أي متزايد لا يستفاد منه بالضرورة توقف هذه الاخيرة عن الدفع مادام بامكان الدائن استخلاص دينه عن طريق التنفيذ الجبري للاحكام.
القرار رقم 1865/99 بتاريخ 30/11/99.
باسم جلالة الملك
إن محكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء.
وهي مؤلفة من السادة:
سعاد رشد رئيسا.
فاطمة بنسي مستشارة مقررة.
نجاة مساعد مستشارة.
وبحضور السيدة ميلودة عكريط ممثلة النيابة العامة.
وبمساعدة السيـد يوسف بيش كاتب الضبط.
أصدرت بتاريخ 30/11/1999.
في جلستها العلنية القرار الأتي نصه:
بين الشركة المغربية لتسيير الفنادق سفير، شركة مساهمة، في شخص رئيس وأعضاء مجلس إدارتها الكائنين بمركزها الاجتماعي الكائن بالدار البيضاء 46 شارع الجيش الملكي.
نائبها الأستاذ عبدالكبير طبيح محام بهيئة الدار البيضاء.
بوصفها مستأنفة من جهة.
وبين1) السيدة حمودي عائشة، عمارة م.ب رقم 24 شارع مولاي عبدالله أكادير.
2) السيد رفيير موريس البير، 1 ساحـة لوفيكغ ديغيـل، الطابق 15 الدار البيضاء
نائبهما النقيب الأستاذ عبداللطيف أوعمو، محام بهيئة أكادير.
بوصفهما مستأنفا عليهما من جهة أخرى.
بناء على مقال الاستئناف والحكم المستأنف ومستنتجات الطرفين ومجموع الوثائق المدرجة بالملف.
وبناء على الأمر بالتخلي المبلغ إلى الطرفين بصفة قانونية لجلسة 23/11/1999
وتطبيقا لمقتضيات المادة 19 من قانون المحاكم التجارية والفصول 328 وما يليه و429 من قانون المسطرة المدنية.
وبعد الاطلاع على مستنتجات النيابة العامة.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
حيث إنه بتاريخ 28/6/1999 استأنفت الشركة المغربية لتسيير الفنادق ” سفير” بواسطة محاميها الأستاذ عبدالكبير طبيح الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 14/6/1999 في الملف عدد 3006/99 والقاضي بفتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهتها.
في الشكـــل:
حيث إن المقال الاستئنافي مستوف لكافة الشروط الشكلية المتطلبة قانونا صفة وأجلا وأداء فهو مقبول شكلا.
وفي الموضــوع:
حيث يستفاد من خلال وثائق الملف أن السيدة حمودي عائشة والسيد رفيير موريس، تقدما بتاريخ 20 أبريل 1999 بمقالين إلى المحكمة التجارية بالدار البيضاء يعرضان فيهما أنهما دائنان للشركة المغربية لتسيير الفنادق سفير بمبلغ 15،825.415 درهم بالنسبة للسيدة حمودي عائشة، ومبلغ 93،194.522 درهم بالنسبة للسيد رفيير، وأن دين كل واحد منهما ثابت بمقتضى قرارين صادرين عن المجلس الأعلى قضيا برفض طلب النقض المرفوع ضد قراري محكمة الاستئناف، وأن إجراءات تنفيذ قراري محكمة الاستئناف لازالت جارية بمصلحة التنفيذ بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء منذ ما يزيد عن أربع سنوات دون أن يتم أي إجراء تنفيذي بسبب اختلال الوضعية المالية للمدعى عليها، وأنه اتضح للمدعيين أن هذه الشركة تواجه صعوبات من شأنها الإخلال باستمرارية استغلالها مما يخشى معه ضياع حقوقهما ومصالحهما، وإن ما يؤكد ذلك هو مجموع الحجوز الواقعة على الأصل التجاري للمدعى عليها، وأنه استنادا إلى مقتضيات المادة 563 من مدونة التجارة، وباعتبار العارضين مدينين للمدعى عليها، فإنهما يلتمسان فتح مسطرة صعوبة المقاولة في مواجهتها وبناء على مقتضيات المادة 548 وما بعده من مدونة التجارة، استدعاء الممثل القانوني للمدعى عليها واستفساره حول حالة الشركة ووضعيتها المالية وأسباب امتناعه عن أداء ديونهما، وهل هناك ضمانات للأداء وفي حالة ما إذا تبين أن الشركة مختلة بشكل لارجعة فيه، الأمر بفتح مسطرة التصفية القضائية طبقا للفصل 619 وما بعده من مدونة التجارة وتحميل المدعى عليها الصائر.
وحيث إنه بعد ضم الملفين تم استدعاء الأطراف بما في ذلك رئيس المقاولة بغرفة المشورة والاستماع إليهما.
وبعد إحالة الملف على النيابة العامة وإدلاء هذه الأخيرة بمستنتجاتها في النازلة وحجز القضية للمداولة، صدر الحكم المستأنف استنادا إلى أنه بعد الاطلاع على وثائق الملف ومستنداته تبين أن الطرف المدعي يتوفر على سند تنفيذي يتجلى في قرارين استئنافين قضيا على المدعى عليها بأداء مبلغ 93،194.522 درهم ومبلغ 15،825.415 درهم، وأن إجراءات التنفيذ انتهت بالإعلان عن بيع منقولات المدعى عليها، وأنه يستفاد من تصريحات رئيس المقاولة بغرفة المشورة أنه لا ينازع في المديونية ويبرر عدم الأداء بعدم وجود سيولة نقدية عند التنفيذ، وأنه يستنتج من ذلك أن المدعى عليها تعاني من خلل في موازنتها المالية، وأنه بالنظر إلى كونها لازالت تمارس نشاطها وتستغل حوالي ألف وسبعمائة عامل، وتقوم بتسيير مجموعة من الفنادق، فإن المحكمة ارتأت إخضاعها لمسطرة التسوية القضائية.
وحيث استأنفت المدعى عليها الحكم المذكور مستندة في ذلك إلى أنه يتجلى من الحكم المطعون فيه أنه قضى بفتح مسطرة التسوية القضائية في حقها بدعوى أن ممثلها صرح أمام المحكمة بأن الحكم المراد تنفيذه لم ينفذ نظرا لتزامن موعد التنفيذ مع عدم توفر سيولة، في حين أن مسطرة التسوية نظمها المشرع في القسم الثاني من الكتاب الخامس من مدونة التجارة الذي خصص لصعوبات المقاولة، وأن إعمال تلك المقتضيات مرهون بوجود خلل في استمرارية المقاولة، وهذا الخلل هو الذي يبرر تدخل القضاء من أجل مساعدة المقاولة على الاستمرار في أشغالها، وإن الحكم المستأنف لم يبرر في حيثياته هذا الخلل الذي يحول دون استمرار المقاولة، مما يكون معه غير معلل بل إنه اعتبر عدم تنفيذ حكم معين في تاريخ حضور عون التنفيذ يشكل خللا في الموازنة المالية للعارضة، إلا أن الثابت سواء من خلال التصريح الشفوي للمثل القانوني للعارضة أو من خلال الرسالة الموقعة من طرف محامي العارضة، أن الوضعية المالية ليست مختلة بل متوازنة، فقد أوضحت العارضة كونها تسير عدة فنادق في المغرب وتشغل ما يزيد عن 1200 مستخدم يتوصلون بأجورهم كل شهر، وأنها تؤدي ضرائبها بانتظام وتؤدي ديون مزوديها، ولها ديون على الغير وتباشر استخلاصها بصفة منتظمة، وأنه لاتوجد بالملف أية وثيقة تثبت أن موازنتها المالية مختلة، وبذلك فإن الحكم المستأنف حينما استجاب لطلب المستأنف عليهما يكون قد أحل مساطر معالجة صعوبات المقاولة محل مساطر التنفيذ الجبري، إذ كان على المستأنف عليهم مباشرة إجراءات تنفيذ حكميهما سواء عن طريق حجز منقولاتها وبيعها، أو حجز أملاكها وبيعها، أو حجز أموالها، والمصادقة على الحجز أو بيع أصلها التجاري، وليس اللجوء إلى فتح مسطرة التسوية التي ستؤدي إلى عواقب وخيمة، لذلك تلتمس الطاعنة إلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد برفض الطلب.
وحيث أجاب المستأنف عليهما بواسطة الأستاذ أوعمو بمذكرة بجلسة 5/10/99 جاء فيها أن الاستئناف لا يرتكز على أساس وأن علاج صعوبة المقاولة يتم على عدة مستويات متتابعة وبصفة تدريجية.
1) الوقاية من الصعوبات وهي بمثابة مرحلة الصلح أو تدخل رئيس المحكمة بقصد النصح وتوفير المناخ اللازم لضخ الآليات الوقائية.
2) مسطرة المعالجة التي تسعى إلى ضمان أفق استمرار المقاولة عن طريق وضع آليات تقنية لكشف الخلل وتحديد أفق عمل يؤكد إمكانية الاستمرار أو عدم إمكانية ذلك.
3) مرحلة التسوية القضائية في أفق استمرار المقاولة.
4) مرحلة تصفية المقاولة نهائيا في حالة عدم توفر الأفق لاستمرارها.
وفي النازلة، فإن رئيس المحكمة التجارية وهي في المرحلة الأولى من مسطرة المعالجة، استمع إلى المسؤول عن المقاولة الذي صرح له بأن هذه الأخيرة لاتتوفر على سيولة تسمح بأداء المبالغ المحكوم بها والتي تنتظر الأداء منذ أكثر من أربع سنوات دون أن يقدم هذا المسؤول مقترحا مقبولا يضمن الأداء، وهذا التصريح كاف وحده لتسجيل عدم استعداد المقاولة للأداء رغم إقرارها بالدين، وبالتالي فإنه لايمكن في هذه الحالة إلا التصريح بتسوية المقاولة المعنية وإن هذه المسطرة تمكن من الكشف عن الخلل الذي أصابها وعن إمكانية معالجة هذا الخلل، ووضع برنامج لذلك بعد التعرف على ديونها وإمكانياتها حتى يكون لمسطرة المعالجة مدلول اقتصادي ونفعي لفائدة المقاولة ولكل المتعاملين معها، والحكم الابتدائي لم يقم بإبراز واجب المحكمة التجارية كأداة قضائية تتدخل إما تلقائيا أو بناء على طلب المقاولة داخل 15 يوما من ظهور الخلل أو بناء على طلب الغير الدائن، وإن المستأنفة التي صدرت في حقها عدة أحكام نهائية تنتظر التنفيذ منذ عدة سنوات، لم تبذل أي مجهود لرفع هذا العناء بل إنها غير مقيدة في السجل التجاري، مع أنها تزعم تسيير عدد من الفنادق وتشغل مئات الأشخاص، وتتعامل مع عدد من الزبناء والموردين وإن رقم السجل التجاري المضمن في وثائقها هو 921-31 في حين أن هذا الرقم لاعلاقة له بالشركة المذكورة، وإنما هو رقم تسجيل شركة ” سفير” كما هو واضح من نسخة التقييدات الموجودة رفقة هذه المذكرة، لذلك يتعين رد الاستئناف وتأييد الحكم الابتدائي.
وحيث بلغ الملف للنيابة العامة فأدلت بملتمس كتابي مؤرخ في 4/10/99 يرمي إلى تأييد الحكم المتخذ استنادا إلى أن الثابت من خلال القرارت الاستئنافية المدلى بها أن الطاعنة متوقفة عن الدفع بالرغم من إجراءات التنفيذ، وأن الحكم القاضي بالتسوية القضائية حكم في مصلحتها وليس ضدها.
وبناء على تبليغ المذكرة الجوابية لنائب الطاعنة وتكليفه بالتعقيب قبل أجل 25/10/1999 وعدم إدلائه بأية مذكرة.
وبناء على قرار التخلي المبلغ للطرفين بصفة قانونية لجلسة 23/11/1999 حجزت القضية للمداولة للنطق بالقرار في جلسة 30/11/1999.
محكمة الاستئناف:
حيث تعيب الطاعنة على الحكم المستأنف كونه قضى بفتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهتها معتبرا أن عدم تنفيذ القرارين الاستئنافيين الصادرين لفائدة المستأنف ضدهما بسبب عدم وجود سيولة نقدية يشكل خللا في الموازنة المالية للشركة، مع أن معطيات النازلة لا تبرز وجود أي خلل في موازنتها.
وحيث يتضح بالفعل من خلال البحث الذي أجرته المحكمة التجارية بغرفة المشورة والذي حضره المدير المنتدب للطاعنة أن هذه الأخيرة متخصصة في إدارة وتسيير الفنادق، وأنها تشغل حوالي 1700 عامل، وأن وضعيتها إزاء مصلحة الضرائب وصندوق الضمان الاجتماعي وضعية سليمة، وأنه ليس هناك أي توقف عن الدفع، وبخصوص عدم تنفيذ الديون موضوع القرارين الاستئنافيين، المعتمدين من قبل المستأنف عليها في الدعوى الحالية، صرح الممثل القانوني للطاعنة بأن ذلك ناتج عن عدم وجود سيولة وأنه يمكن استخلاص هذه الديون حاليا.
وحيث إنه اعتبارا للمعطيات المذكورة فإنه لا يوجد ضمن تصريحات رئيس المقاولة ما يفيد وجود خلل في الموازنة المالية لهذه الأخيرة، كما أن المستأنف عليهما لم يدليا بأية حجة من شأنها البرهنة على أن المستأنفة تعاني من صعوبات مالية وأنه ليس بمقدورها سداد ديونها الحالة وفقا لمقتضيات المادة 560 من مدونة التجارة التي تحدد شروط افتتاح مساطر معالجة صعوبات المقاولة، بل إن المستأنف عليها السيدة حمودي عائشة لم تدل بأية حجة تفيد قيامها بإجراءات التنفيذ في مواجهة الطاعنة وامتناع هذه الأخيرة، إذ أن الوثائق التي أدلت بها في هذا الشأن رفقة مقالها الافتتاحي للدعوى لاتهمها، وإنما تخص السيد رفيير موريس ألبير، ومن جهة أخرى فإن عدم تمكن هذا الأخير من تنفيذ القرار الاستئنافي الصادر لفائدته بسبب عدم حضور أي متزايد لعملية بيع منقولات الطاعنة المحجوزة، لايمكن أن يستفاد منه بالضرورة توقف هذه الأخيرة عن الدفع، أو عجزها عن الأداء، طالما أن بإمكانه استخلاص دينه عن طريق اللجوء إلى الوسائل الأخرى الخاصة بالتنفيذ الجبري للأحكام والمنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية.
وحيث إنه اعتبارا لذلك لم يكن من حق المدعيين اللجوء إلى مسطرة معالجة صعوبات المقاولة بالاستناد إلى مقتضيات الفصل 563 من مدونة التجارة لعدم توفر الشروط التي تبرر اللجوء إلى هذه المسطرة، وإن الحكم المستأنف حينما سايرهما في ادعاءاتهما وقضى بفتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهة الطاعنة على أساس وجود خلل في موازنتها المالية دون أن يبرز بتدقيق وجه هذا الخلل، يكون قد جانب الصواب، الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه، والحكم من جديد برفض الطلبين لعدم ارتكازهما على أساس.
لـهذه الأسبـــــاب
فإن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء وهي تبت انتهائيا علنيا حضوريا تصرح:
في الشـــكل : قبـــــول الاستئنـــاف.
في الـجوهــر : باعتباره، وإلغاء الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 14/6/99 في الملف رقم 3006/99 والحكم من جديد برفض الطلبين وتحميل المستأنف عليهما الصائر.
وبهذا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة أعلاه.