تدليس البائع – تعليل – تصريح العدلين بمعرفة المشتري للعقار – معناه

تدليس البائع – تعليل – تصريح العدلين بمعرفة المشتري للعقار – معناه

images (27)

الحكم التجاري عدد 2963 بتاريخ 2010/03/30 في الملف رقم 2009/6/4619

القاعدة:

تقدير التعويض منوط بفطنة المحكمة التي عليها أن تقدر التعويض بكيفية مختلفة حسب خطأ المدين أو تدليسه.

علم البائع بكون العقار الذي سبق أن اشتراه كان مشغولا من الغير، ومع ذلك صرح للمدعين أنه خال من أي مانع يمنع من الانتفاع به  يعتبر تدليسا من جانبه،لا يشفع له كون المدعيين صرحا بمعرفتهما بالعقار بعد طوافهما به.

المعرفة التي تدرج بالعقود لا تنصرف إلى التحملات الخفية وإنما تقتصر على المظاهر الخارجية للمبيع ودرجة الصيانة به وموقعه ومشتملاته التي يمكن معاينتها، وبالتالي فإن الاحتجاج بالإشهاد العدلي غير مفيد في النازلة.

باسم جلالة الملك

بتاريخ 30/03/2010 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.

وهي مؤلفة من السادة:

جمال السنوسي رئيسا ومقررا.

نادية زهيري عضوا.

عبد السلام خمال عضوا.

بمساعدة  هشام مبروك كاتب الضبط.

في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

بين: 1- عبد الحق مكريم 2- بوشعيب مكريم متقاضيين من أجل مصلحة مشتركة وبصفتهما مسيرين لشركة بحر الغزال 77 زنقة باراتون لاجيروند الدارالبيضاء.

نائبهما الأستاذ أحمد الأمين المحامي بهيئة الدارالبيضاء.

من جهة.

وبين : أحمد زنداد الساكن ببلوك E رقم 72 حي المسيرة خريبكة.

نائبه الأستاذ عبد المجيد الناجح المحامي بهيئة الدارالبيضاء.

والمدخلين في الدعوى:بولترونيري كارلا – بونسيشي ميشيلا – بونسيشي ستيفانو – الكائنين ب روما لاركودرول جياتا الرقم 15 إيطاليا.

من جهة أخرى.



الوقائــع:

بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 21/5/2009 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيـه المدعيان بواسطة نائبهما أنهما بتاريخ 1/8/2007 اشتريا العقارين موضوع الرسمين العقاريين رقم 59492/ س و 22648/ س من المدعى عليه الذي التزم في العقد أمام الموثق بأن العقار الحامل للرسم العقاري 9295/ س خال من جميع التحملات الكرائية، إلا أنهما لما تسلماه فوجئا بشخص يدعي أنه يكتري مرآبا مستخرجا منه ويرفض إفراغه، كما أن البائع رفض احترام التزاماته باعتبار أن العارضين منعشين عقاريين اشتريا العقار بغرض هدمه وإعادة تشييده وبناء عمارة مكانه شاملة للرسمين العقاريين معا، إلا أنهما لم يتمكنا من تنفيذ مشروعهما لهذا السبب، وقد أنذراه بدون جدوى وحملاه تعويضا يوميا لا يقل عن 20.000 درهم  من تاريخ الحصول على التصميم والترخيص بالبناء، وأن الأضرار التي لحقت بهما جسيمة لأن الطرف البائع لو احترم التزاماته لكان العارضان أكملا تشييد العمارة المكونة من عدة طوابق ومتاجر والتي لا يمكن أن تقل قيمتها ثلاثة ملايير سنتيم على أقل تقدير، لأجله فهما يلتمسان الحكم على المدعى عليه بأدائه لهما تعويضا إجماليا لا يقل عن 2.000.000 درهم مع الصائر والنفاذ وتحديد مدة الإكراه البدني في الأقصى، واحتياطيا إجراء خبرة حسابية وعقارية لتحديد موقعهما الاقتصادي والتجاري لتحديد التعويض المستحق للعارضين من جراء التأخير في إنجاز المشروع مع الحكم لهما بتعويض مسبق قدره 50.000 درهم لتغطية مصاريف الدعوى وحفظ حقهما في تقديم مطالبهما النهائية، وأرفقا مقالهما بصور لعقد الشراء وشهادة الملكية والتصميم والترخيص بالبناء وإنذار.

وبناء على جواب المدعى عليه أن المدعيان يعترفان في دعوى أخرى رائجة ضدهما بكون العقارين المذكورين فارغين وليسا موضوع أي عقد كرائي وذلك بإقامة بينة عدلية بطلبهما، وأن الاعتراف سيد الأدلة، كما أنه بالرجوع إلى المذكرة الجوابية المدلى بها في الملف التجاري عدد 8171/9/2008 بجلسة 1/12/2008 فإنه تم الإقرار بأن السيد زنداد لما اشترى العقار بواسطة المزاد اشتراه فارغا، كما أنه بالرجوع إلى بند الشروط والتحملات فإن المدعيين رضيا أخذ مجموع الأملاك المبيعة على الحالة التي عليها دون التمكن من المطالبة بخفض الثمن أو رفع الشكوى، كما أنهما لا بد عاينا العقار وطافا به، ملتمسا الحكم برفض الطلب، وأرفق مذكرته بصورة شهادة إدارية ورسم عدلي.

وبناء على تعقيب المدعيين مع مقال إصلاحي مؤدى عنه بتاريخ 3/11/2009 أنه تسرب خطأ مطبعي إلى رقم الرسم العقاري، إذ الرسم الصحيح هو 22648/ س و 49295/ س وليس 59492/ س، وبخصوص التعقيب فإن الإشهاد المدلى به يتعلق  بدعوى رائجة حول الرسم العقاري 22648/ س وليس على الرسم العقاري 49295/ س، ومن ثم فالدفع لا محل له، كما أن الأمر في نازلة الحال يتعلق بالمتجر الذي ظهر في بناية الرسم العقاري المذكور، والمدعى عليه التزم صراحة في العقد بأنه فارغ من أي التزامات كرائية، ووجود المكتري يعتبر تدليسا وهي واقعة أخفاها عنهما وإلا ما قبلا الشراء، وأنهما بحسن نية لما أنجزا اللفيف المشار إليه في الجواب كان العقار فارغا وقت الشراء، وهما يشاركان المدعى عليه في الدفاع عن هذه الواقعة لأن العقار قد يكون فارغا ساعة الاطلاع عليه، أما الوقائع المخفية فإن البائع هو المسؤول عنها والمكتري الذي ظهر ادعى العلاقة الكرائية عن مدة سابقة عن عقد الشراء، وبالتالي فإن آثارها مع التزامه في عقد الشراء يتحملها وحده وكل رد يعاكس ما تمسك به العارضان تأكيد لسوء نية المدعى عليه، ملتمسين الإشهاد لهما على تصحيح رقم الرسم العقاري والحكم وفق مقالهما.

وبناء على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 24/11/2009 تحت رقم 1621 والقاضي بإجراء بحث بحضور الطرفين لتحديد هوية المكتري وتاريخ كرائه للعقار ومصدر الكراء وتاريخ هدم البناية المشار إليه في الرسم العدلي ونقط أخرى، غلا انه تعذر إجراؤه لعدم حضور المدعى عليه رغم التوصل.

وبناء على مقال إدخال الغير المقدم من طرف المدعى عليه والمؤدى عنه بتاريخ 8/1/2010 التمس فيه إدخال السيد بلترونيري كارلا و بونسيشي ميشيلا وبونسيشي بتريزيا وستيفانو باعتبارهم من باعوا له العقار فارغا، وأرفق مقاله بصورة من عقد الشراء.

وبناء على مذكرة المدعيين بعد البحث أكدا فيه مجمل ما جاء في مقالهما مضيفين أنهما أجريا خبرة حرة حددت لهما قدر الضرر في مبلغ 2.656.796,58 درهم، ملتمسين الحكم لهما وفق ما جاء في مقالهما، وأرفقا مذكرتهما بتقرير خبرة.

وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 9/3/2010 فحضر نائب المدعي وتخلف نائب المدعى عليه رغم إعلامه فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 30/3/2010.

                                               التعليـــل

بعد الاطلاع على جميع  وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.

في الشكل:

حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.

في الموضوع:

حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.

وحيث أجاب المدعى عليه بالدفوع المشار إليها صدره.

وحيث تبين لمحكمة من خلال اطلاعها على وثائق الملف خاصة عقد البيع المتعلق بالعقارين موضوع الدعوى أن المدعي صرح في العقد أن الأملاك المبيعة خالية من أي دين وليست موضوع أي تقييد رهني أو حجز أو حراسة أو أي مانع كيفما كان، كما التزم برفع الموانع المصرح بها داخل أجل الشهر من تاريخ التبليغ بالإنذار برفعها.

وحيث إن المدعيين انذرا المدعي برفع المانع فتوصل بالإنذار بتاريخ 3/4/2009 ولم يحرك ساكنا ولم يقم بتسوية وضعية المكتري الذي لا ينازع في وجوده بالعقار.

وحيث إن هذا الأمر يعتبر إخلالا بالتزامه المسطر في العقد نجم عنه ضرر تسبب في غل يدهما عن القيام بإجراءات البناء التي شرعا في استخراج الوثائق والرخص اللازمة لذلك واديا مجموعة من المصاريف عن ذلك كما هي مشار إليها سواء في الترخيص بشغل الملك العمومي أو رخصة البناء.

وحيث إنه فضلا عن هذا الضرر فقد حرما من إنجاز المشروع وجمدت الأموال التي دفعاها في الشراء منذ تاريخ الحصول على الرخصة بتاريخ 7/12/2007.

وحيث إن تقدير التعويض منوط بفطنة المحكمة التي عليها أن تقدر التعويض بكيفية مختلفة حسب خطأ المدين أو تدليسه.

وحيث تبين للمحكمة من خلال اطلاعها على عقد شراء المدعى عليه المرفق بطلب إدخال الغير أنه كان عالما بكون العقار الذي اشتراه كان مشغولا من الغير، ومع ذلك صرح للمدعين أنه خال من أي مانع يمنع من الانتفاع به وهو الأمر الذي يعتبر تدليسا من جانبه، ولا يشفع في رفع الخطأ عنه كون المدعيين صرحا بمعرفتهما بالعقار بعد طوافهما به لأن المعرفة التي تدرج بالعقود لا تنصرف إلى التحملات الخفية وإنما تقتصر على المظاهر الخارجية للمبيع ودرجة الصيانة به وموقعه ومشتملاته التي يمكن معاينتها، وبالتالي فإن الاحتجاج بالإشهاد العدلي غير مفيد في النازلة.

وحيث إن المحكمة وانطلاقا من هذا المعطى وعملا بأهمية مبلغ الشراء الذي تم دفعه وتجميد مردوديته طوال هذه المدة وما قد يتحمله المدعيان من مصاريف مالية من أجل إقناع المكتري بالمغادرة أو إجباره عليها قضاء وما يستلزم ذلك من تعويض، وما فاتهما من ربح من جراء عدم إمكانية إتمام المشروع  ترى تحديد مبلغ التعويض المستحق للمدعين عن كل هذه الأضرار في مبلغ 700.000 درهم.

وحيث إن الفوائد القانونية تحسب من تاريخ الحكم الذي يعتبر منشئا للتعويض.

وحيث إن باقي الطلب ليس له ما يبرره.

وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.

فيما يخص مقال الإدخال:

حيث إن المحكمة لم تر داعيا للسير في إجراءات استدعاء المدخلين في الدعوى على اعتبار أن المسؤولية شخصية ولا يمكن نقلها للغير من جهة، ومن جهة ثانية فإن العقد المستدل به يفيد أن العقار الذي اشتراه كان مشغولا من طرف الغير، وبالتالي كان عالما بوضعيته التي تم نقلها للمدعيين، مما يتعين معه الحكم برفض طلب الإدخال مع تحميله صائره.

وتطبيقا للفصول 1-3-31-32-49-124 من قانون المسطرة المدنية و 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية.

لهذه الأسبـــــاب

حكمت المحكمة علنيا ابتدائيا وحضوريا.

في الشكل : بقبـول الدعوى..

في الموضوع: بأداء المدعى عليه للمدعيين تعويضا عن الضرر قدره (700.000 درهم) سبعمائة ألف درهم مع الفوائد القانونية من تاريخ الحكم مع الصائر وتحديد مدة الإكراه البدني في الأدنى.

برفض طلب إدخال الغير وتحميل المدعى عليه صائره.

وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *