عقد الكفالة – شروط قيامها

عقد الكفالة – شروط قيامها

images (38)

القاعدة:

التنصيص في العقد أن من ضماناته الكفالة التضامنية لشخص ما دو أن ينضم هذا الأخير للعقد أو يوقعه أو على الكفالة في محرر مستقل يوجب القول بإخراجه من الدعوى.

التقابل الذي يقصده الفصل 235 من ق ل ع، هو ما تعلق بالتزام الطرف الآخر الذي بدونه لا يمكنه مطالبة خصمه بأداء ما التزم به وهو في نازلة الحال تسليم العين المكتراة وليس تسليم نظير العقد أو إشهاره وتسجيله.

لا محل للتمسك بمقتضيات الفصلين 65 و 67 من القانون العقاري لأن الأول بعد أن أوجب إشهار الأكرية التي تزيد مدتها عن ثلاث سنوات عن طريق قيدها بالسجل العقاري، حدد الفصل 68 نطاق جزاء عدم التسجيل، وحصره في عدم جواز الإحتجاج به إزاء الغير. أما الفصل 67 فلا يتعلق بعقد الكراء الذي هو من العقود التي تترتب عنها حقوق شخصية وإنما يتعلق بالعقود العينية وبالتالي فلا مجال لتطبيقه في النازلة.

الحكم عدد 3516 الصادر بتاريخ 2008/03/25 في الملف رقم 2006/6/6329

باسم جلالة الملك

بتاريخ 25/03/2008 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.

وهي مؤلفة من السادة:

جمال السنوسي رئيسا ومقررا.

خديجة وراق عضوا.

عبد السلام خمال عضوا.

بمساعدة  هشام مبروك كاتب الضبط.

في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

بين : الشركة المغربية لكراء التجهيزات ش م في شخص ممثلها القانوني بمقرها الكائن بشارع عبد المومن إقامة المنار الدارالبيضاء.

نائبها الأستاذ عزالدين الكتاني المحامي بهيئة الدارالبيضاء.

من جهة.

وبين :1-  شركة ميكاماط ش ذ م م في شخص ممثلها القانوني بمقرها الكائن بزنقة الكابيتان بوميي الرقم 2 – 4 الدارالبيضاء.

2 – محمد ملوكي 40 زنقة الفجر الطابق 5 بوركون الدارالبيضاء.

نائبهما الأستاذان محمد الحلوي وعبد اللطيف العباسي المحاميان بهيئة الدارالبيضاء.

من جهة أخرى.



الوقائــع:

بناء على المقال  المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ  19/6/2006  بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية تعرض فيـه المدعية  بواسطـة نائبها أنها دائنة للمدعى عليها الأولى بمبلغ 4.745.894،14 درهم المترتب بذمتها من قبل عقد الإئتمان الإيجاري على عقار تحت رقم 21002605 موضوع الرسم العقاري عدد 24348/س .وأن المدعى عليه الثاني كفل المدعى عليها الأولى بمقتضى كفالة تضامنية تم التنصص عليها بالفصل 47 من العقد. وأنهما رفضا الأداء رغم الإنذار. ملتمسة الحكم عليهما تضامنا بأداء أصل الدين المذكور مع الفوائد القانونية وتعويض لا يقل عن 100.000 درهم مع النفاذ والصائر والإكراه البدني للكفيل في الأقصى. وأرفقت مقالها بنسخة من الإنذار وعقد الإئتمان وكشف حساب.

وبناء على جواب المدعى عليها الأولى أن الدعوى غير مقبولة لكون المدعية لم تسلم العارضة بعد نظيرا أصليا من عقد الإيجار الإئتماني . وقد عبرت في رسالتها بتاريخ 22/12/2005 عن امتناعها عن تسليم هذا النظير قبل أن توقع العارضة الأمر البنكي بتحويل الأقساط إليها وسندات الدفع الممثلة لها مع أن الأمر بالتحويل وسندات الدفع لا تكون العارضة ملزمة بتوقيعها إلا إذا كانت مطابقة لمقتضيات العقد. وقد اعتبرت المدعية أنها دائنة إلى حدود متم 2005 بمبلغ 290.000 درهم، وبناء على أن أقساط السنة الأولى تبلغ شهريا 30.000 درهم فإنها بمطالبتها بأداء ذلك المبلغ تكون قد اعتبرت أنها من حقها أن تتقاضى الكراء انطلاقا من أبريل 2005 في حين أن تسليم العقار تم خلال شهر أكتوبر 2005 ولا ينطلق أجل الأداء إلا من تاريخ التسليم. وكان من حق العارضة أن ترفض توقيع سندات الدفع والأمر بالتحويل طالما أن لا شيء يثبت أنها مطابقة للعقد. وبالتالي من حق العارضة أن تكف عن تنفيذ التزامها طالما أن الطرف الآخر لم ينفذ التزامه المقابل من تسليم لنظير عقد الإيجار ونظير محضر التسليم العقاري. ومن جهة ثانية فإن عقود الأكرية العقارية التي تفوق مدتها ثلاث سنوات يجب أن تشهر بواسطة تسجيل في السجل العقاري طبقا للفصل 65 من ظهير التحفيظ العقاري وأن الإتفاقات الرامية إلى تأسيس  حق عيني أو نقله إلى الغير لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ التسجيل عملا بالفصل 67 من نفس الظهير ولا يحق بالتالي للمدعية أن تطلب تنفيذ مقتضياته في مواجهة العارضة إلا بعد التسجيل. ومن جهة ثالثة فإن ضمان الحقوق العينية أو التكاليف العقارية ولو بين الأطراف لا يحصل إلا بإعلانها عن طريق تقييدها في السجلات العقارية وفي الحساب الخاص المفتوح لكل عقار عملا بالفصل 2 من ظهير 2/6/1915 المتعلق بالتشريع المطبق على العقارات المحفظة. فلا يمكن للمدعية مطالبة العارضة بتنفيذ التزامها وهي لم تضمن حقوق العارضة بتقييد العقد في السجل العقاري عملا بالفصل 235 من ق ل ع والفصل 2 من ظهير 2/6/1915. ومن جهة رابعة فإن المدعية هي التي تتحمل التزام إشهار عقد الإيجار ولم تقم بذلك خلافا لما يقتضيه الفصل 436 من مدونة التجارة وأن ذلك التقييد لا يبتدئ مفعوله إلا انطلاقا من تاريخه كما ينص على ذلك الفصل 438 من نفس المدونة. ملتمسة الحكم بعدم قبول الطلب واحتياطا رفضه. وأرفقت مذكرتها بصورة لمراسلة.

وبناء على جواب المدعى عليه الثاني أن المدعية لم تدل بما يثبت الكفالة التضامنية المدعى بها وأن العقد الذي استندت إليه لم يعرض على العارض ولا يحمل توقيعه ولا يلزمه.

وبناء على تعقيب المدعية أن المدعى عليها تقر بتوقفها عن تنفيذ التزامها أما ادعاؤها عدم تسلم نظير العقد فهو مخالف للواقع والمنطق لأنها تسلمت نسخة من العقد وصادقت عليه لدى السلطات الإدارية المختصة فيكون من العبث ألا تحتفظ بنسخة منه ومهما يكن من أمر فإن نسخة العقد مدلى بها أمام المحكمة ولها أن تأخذ منها ما شاءت من النسخ علاوة على أن هذا السبب لا يمكن أن يؤدي إلى تحللها من تنفيذ الإلتزام. أما تسجيل العقد فلا أثر له على حقوق الأطراف بعضهم ببعض لأن المدعى عليها توقفت عند الفقرة الأولى من الفصل 67 في حين أن الفقرة الموالية تنص على عدم الإضرار بحقوق الأطراف بعضهم ببعض وكذا إمكانية إقامة دعاوى فيما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم. كما أن الفصل 68 يرتب على عدم التسجيل عدم التمسك بالعقد في مواجهة الغير فقط. ملتمسة الحكم وفق الطلب. ثم أدلت بمذكرة أخرى أكدت فيها أنها عرضت على المدعى عليها نسخة من العقد ووضعتها رهن إشارتها إلا أنها لم تعمل على سحبه. أما فيما يخص دفع الكفيل فهو يدخل في باب الإلتزامات التي التزمت بها الشركة في الفصول 16 و 30 و 43 و47 من العقد والتي بالرجوع إليها التزمت المدعى عليها فيها بأن تسلم للعارضة الأوامر بالخصم والكمبيالات وحوالة التأمين وعقد الكفالة إلا أنها لم تف بالتزامها. ومهما يكن من أمر فإن كفالة المدعى عليه الثاني منصوص عليها بالعقد و لا يمكنه التحلل من التزامه. وأرفقت مذكرتها بصورة لمراسلة.

وبناء على تعقيب المدعى عليها أن رسالة المدعية المؤرخة في 22/12/2005 تثبت أنها رفضت تسليم العارضة نظيرا من العقد فضلا عن أن العارضة صححت وحدها إمضاءها ولم تسلمها نظيرا موقعا منها أيضا كما أن صورة العقد التي يمكن أخذها من المحكمة لا تقوم مقام النظير وليست صالحة للتمسك بها أمام المحاكم وتجاه الغير. مؤكدة تمسكها بالفصل 67 المشار إليه في مذكرتها السابقة وبالدفوع السابقة مضيفة أن المدعية تريد استخلاص أكرية 75 قسطا انطلاقا من أبريل 2005 مع ألا شيء يبرر سقوط أجل أداء جميع الأقساط التي تؤدى حسب العقد إلى حدود سنة 2012 مع أنه لا يحل أجل أداء أول قسط كرائي إلا انطلاقا من تاريخ تسليم العقار والحال أن المدعية لم تدل بما يفيد هذا التسليم.

وبناء على تعقيب المدعية أن المدعى عليها قد تسلمت العقار منذ مدة وبعد عدم التزامها بأداء أقساط الإيجار اضطرت إلى تقديم دعوى استعجالية من أجل فسخ العقد واسترجاع العقار فصدر أمر تحت عدد 655 في الملف الإستعجالي 2389/1/2006 قضى وفق الطلب فحاولت العارضة تنفيذه لكنها ووجهت بتعنت المدعى عليها فحرر مأمور الإجراء محضرا بالإمتناع، مؤكدة سابق ما ورد بمذكراتها وملتمسة الحكم وفق الطلب. وأرفقت تعقيبها بصورة من محضر امتناع وأمر استعجالي.

وبناء على تعقيب المدعى عليه الثاني أن نسخة الرسالة المؤرخة في 26/6/2006 لم تصل لمكتب دفاعه وأن المدعى عليها لو أرادت فعلا تسليم أصل عقد الإيجار لسلمته للمكترية أو لكفيلها مباشرة أو أودعته بمكتب الدفاع مقابل وصل استلام وأن مطالبة المدعية بتنفيذ التزام الشركة بتوقيع عقد كفالة العارض لها دليل على أن ذلك العقد لا وجود له. ملتمسا الحكم بإخراجه من الدعوى.

وبناء على تعقيب المدعى عليها الأولى أكدت فيه دفوعها السابقة وأنها لا تمانع في تسليم الأوامر بالخصم والكمبيالات وحوالات التأمين وعقد الكفالة وأداء أقساط الكراء من تاريخ استحقاقها إذا نفذت المدعية التزامها المقابل بتسجيل العقد  وإشهاره.

وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 19/2/2008 فحضر نواب الأطراف فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 25/3/2008.

                                               التعليـــل

بعد الاطلاع على جميع  وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.

في الشكل:

حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.

في الموضوع:

حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.

وحيث أجاب المدعى عليهما بالدفوع المشار إليها صدره.

وحيث إنه بالنسبة للدعوى الموجهة صد المدعى عليه محمد ملوكي فإن المحكمة لم تعثر ضمن وثائق الملف ما يفيد أن هذا الأخير انتصب فعلا كفيلا في أداء الدين إلى جانب المدينة الأصلية، وكل ما ورد في العقد المستدل به في الفصل 47 منه، أن من ضمانات هذا العقد، الكفالة التضامنية للسيد ملوكي محمد.

وحيث إن هذا الأخير لم ينضم للعقد ولم يوقع عليه أو على كفالة الدين في محرر مستقل مما يتعين إخراجه من الدعوى.

وحيث إنه بالنسبة للمدعى عليها الأولى، فإن ما استدلت به من نصوص قانونية لدفع الدعوى لا يجدي لرد مطالب المدعية المتعلقة بالكراء، فالتقابل الذي يقصده الفصل 235 من ق ل ع، وليس 234 الذي يحدد فقط شروط المطالبة بتنفيذ الإلتزام، هو ما تعلق بالتزام الطرف الآخر الذي بدونه لا يمكنه مطالبة خصمه بأداء ما التزم به، وهو في نازلة الحال تسليم العين المكتراة وليس تسليم نظير العقد أو إشهاره وتسجيله.

وحيث إن المدعى عليها تقر باستلام العقار وبالتالي فإن التزامها بأداء بدل الكراء يبقى قائما.

وحيث إن ما دفعت به بخصوص تاريخ بدء احتساب الكراء يبقى دفعا سليما لأن الكراء إنما يؤدى في مقابل الإنتفاع وهذا لا يتحقق إلا بالتسليم، وهي قاعدة مقررة في القانون وأعاد الطرفان التأكيد عليها في الفصل 39 من العقد.

وحيث إنه في غياب محضر للتسليم يفيد أن العقار حازته المدعى عليها منذ أبريل 2005 لا يسع المحكمة إلا إعمال إقرارها واعتبار أن بداية الإنتفاع كانت في أكتوبر2005 .

وحيث إنه لا محل للتمسك بمقتضيات الفصلين 65 و 67 من القانون العقاري لأن الأول بعد أن أوجب إشهار الأكرية التي تزيد مدتها عن ثلاث سنوات عن طريق قيدها بالسجل العقاري، حدد الفصل 68 نطاق جزاء عدم التسجيل، وحصره في عدم جواز الإحتجاج به إزاء الغير. أما الفصل 67 فلا يتعلق بعقد الكراء الذي هو من العقود التي تترتب عنها حقوق شخصية وإنما يتعلق بالعقود العينية وبالتالي فلا مجال لتطبيقه في النازلة.

وحيث يبقى ثابتا بالملف أن طرفي الدعوى مرتبطين بعقد ائتمان إيجاري على عقار وأن المدعى عليها استلمته دون أن تدلي بما يفيد أداء الأكرية المترتبة بذمتها منذ أكتوبر 2005، وأن المدعى عليها استصدرت أمرا استعجاليا بمعاينة الفسخ واسترجاع العقار لم يقع تنفيذه إلى الآن.

وحيث أضحى من حق المدعية الحصول على الأكرية غير المؤداة إضافة إلى تعويض عن ضرر فسخ العقد.

وحيث إنه عملا بمقتضيات الفصل 36 من العقد فقد ترتب بذمة المدعى عليها عن المدة من أكتوبر 2005 إلى نهاية يونيو 2006، والتي لم تتجاوز السنة، ما قدره: 9 أشهر X 32.000 درهم = 288.000 درهم.

وحيث إن ما زاد على هذه المبالغ لا يمكن اعتباره كراء كما فعلت المدعية بل يندرج ضمن الجزاء المتفق عليه في حال الفسخ.

وحيث إن الفسخ العقد يترتب عنه تعويض الطرف المتضرر منه.

وحيث إن ما تفق عليه الطرفان في الفصل 52 والذي أحال على الفصل 4 من العقد يعتبر جزاء اتفاقيا عن عدم تنفيذ بنود العقد وبالتالي يبقى خاضعا لسلطة المحكمة المنصوص عليها في الفصل 264 من ق ل ع والتي يبقى من حقها إعادة تقدير التعويض الإتفاقي برفعه إن كان زهيدا أو خفضه إن كان مبالغا فيه.

وحيث إن المحكمة بعد مراعاة عناصر الضرر المتمثلة في حرمان المدعية من الحصول على أقساط الكراء إلى نهاية الأجل المتفق عليه، وما كانت ستكسبه من أرباح جراء ذلك من جهة، وما استثمرته من مبالغ مالية في اقتناء العقار لفائدة المدعى عليها من جهة أخرى، وبعد تقدير المردودية التي ستحصل عليها جراء استرجاع العقار بعد تنفيذ الأمر الإستعجالي من جهة ثالثة ترى تحديد التعويض المستحق لها في مبلغ 300.000 درهم.

وحيث إن طلب شمول الحكم بالنفاذ المعجل له ما يبرره في حدود المبالغ الكرائية.

وحيث إن باقي الطلب ليس له ما يبرره.

وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل الصائر.

وتطبيقا للفصول 1-3-31-32-49-124-147 من قانون المسطرة المدنية و 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية.

لهذه الأسبـــــاب

حكمت المحكمة  علنيا ـ ابتدائيا وحضوريا.

في الشكل :

بقبـول الدعــــوى.

في الموضوع:                               

بأداء المدعى عليها شركة ميكاماط للمدعية مبلغ ( 288.000 درهم) مائتان وثمانية وثمانون ألفا واجب  الكراء عن المدة من اكتوبر 2005 إلى متم يونيو 2006 وتعويض عن ضرر الفسخ  قدره ( 300.000 درهم) ثلاثمائة ألف درهم مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل في حدود 288.000 درهم مع تحميلها الصائر.

بإخراج المدعى عليه محمد ملوكي من الدعوى.

وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم  والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *