التحكيم الدولي – اتفاقية نيويورك –
الحكم عدد 10303 بتاريخ 2010/10/26 في الملف رقم 2009/6/10574
القاعدة:
ما دام الأمر يتعلق بتحكيم دولي فإنه لا مندوحة من استحضار مقتضيات اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وإنفاذها، المسماة “اتفاقية نيويورك لسنة 1958″، والتي صادق عليها المغرب بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 19/2/1960 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 2473 بتاريخ 20 رمضان 1379 الموافق 18/3/1960، وأيضا مقتضيات القانون رقم 08.05 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 6/12/2007 الذي تضمن مقتضيات تطبق على مادة التحكيم الدولي ورد عليها النص في الفصل 327.39 وما يليه.
استحضار مقتضيات اتفاقية نيويورك هو لجهة التذكير بمقتضيات المادة الثانية فقرة 3، والتي نصت على أن المحكمة، في أي دولة متعاقدة، عندما يعرض عليها نزاع في مسألة أبرم الطرفان بشأنها اتفاقا يتعهدان فيه بالإحالة على التحكيم لجميع خلافاتهما، أو أي خلافات نشأت أو قد تنشأ بينهما بالنسبة لعلاقة قانونية محددة تعاقدية أو غير تعاقدية تتصل بموضوع يمكن تسويته عن طريق التحكيم، يجب على هذه المحكمة أن تحيل الطرفين إلى التحكيم بناء على طلب أي منهما، ما لم يتبين لها أن اتفاق التحكيم لاغ وباطل أو غير منفذ أو غير قابل للتنفيذ.
طبقا للمادة الثانية من اتفاقية نيويورك لا مجال للإذن للمدعية برفع الدعوى أمام المحكمة المختصة لوجود بند تحكيمي في العقد الذي يربطها بالمتدخلة في الدعوى، لأن تأكيد الاتفاقية، التي انضم المغرب إليها، على إحالة المتنازعين على التحكيم المتفق عليه، معناه عدم قبول الدعوى المقدمة ابتداء أمام القضاء في ظل وجود شرط أو اتفاق تحكيم بعد تمسك من له المصلحة بذلك، ومعناه أيضا رفض الإذن بالتقاضي أما القضاء النظامي في ظل وجود الشرط أو الاتفاق التحكيمي المذكور.
لا يوجد نص في القانون يعطي الحق لأحد طرفي اتفاق التحكيم على إرغام خصمه باللجوء إلى التحكيم أو العودة إليه بعد رفض الاستمرار فيه.
مسطرة التحكيم تبدأ عادة بمبادرة من الشخص المتضرر من إخلال الطرف الآخر بالعقد المتضمن للشرط أو الاتفاق التحكيمي، ولا يتدخل القانون إلا في الحالة التي يرفض فيها الخصم تعيين محكمه، إذ في هذه الحالة يتدخل القضاء من أجل تعيين المحكم، أما في الحالة التي يكون فيها التحكيم مؤسساتيا فيرجع ّإلى النظام الداخلي للمؤسسة الموكول لها إجراء التحكيم وتطبق في هذا الشأن مقتضيات الفصل 327.41 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أنه يمكن بصفة مباشرة أو استنادا إلى نظام التحكيم أن يعين اتفاق التحكيم المحكم أو المحكمين أو ينص على إجراءات تعيينهم وكذا إجراءات تعويضهم، وإذا اعترضت صعوبة تشكيل الهيئة التحكيمية يجوز للطرف الأكثر استعجالا، ما لم ينص على شرط مخالف، أن يرفع الأمر إلى رئيس المحكمة التجارية الذي سيتولى فيما بعد تخويل الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي إذا كان التحكيم جاريا بالمملكة.
باسم جلالة الملك
بتاريخ 26/10/2010 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.
وهي مؤلفة من السادة:
جمال السنوسي رئيسا ومقررا.
نادية زهيري عضوا.
عبد السلام خمال عضوا.
بمساعدة هشام مبروك كاتب الضبط.
في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:
بين: شركة راموس أرطيس شركة إسبانية محدودة المسؤولية في شخص ممثلها القانوني بمقره الكائن بكالا سانطا ليونارد الرقم 5B-EX22 مدريد اسبانيا.
الجاعلة محل المخابرة معها بمكتب الأستاذ عصام مكوار المحامي بهيئة الدار البيضاء.
من جهة.
وبين: 1 _ الغرفة الدولية المغربية الإسبانية للتحكيم ( المجلس المختلط) في شخص رئيسه بمقره بهيئة المحامين بالدارالبيضاء 68 شارع المقاومة.
2 _ رئيس هيئة التحكيم الأستاذ عبد المالك الورديغي بمقره الكائن 33 شارع باريس الدارالبيضاء.
والمتدخلة في الدعوى:
شركة جيت سكن في شخص ممثلها القانوني بمقرها الكائن بعمارة جيت بيزنيس تجزئة التوفيق سيدي معروف الدارالبيضاء.
ينوب عن الأولى الأستاذ عبد اللطيف بوالعلف وعن الثاني الأستاذ جلال الطاهر وعن المتدخلة الأستاذ عبد اللطيف عماري المحامون بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة أخرى.
الوقائــع:
بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 14/12/2009 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية تعرض فيـه المدعية بواسطـة نائبها أنها أبرمت بتاريخ 11/10/2007 مع شركة جيت سكن عقدا تعهدت بمقتضاه هذه الأخيرة للعارضة بمهمة تدبير وتسيير ومتابعة أشغال بناء 1014 شقة بمشروع”PREMIUM” بريميوم الكائن بمدينة مراكش، واتفق الطرفان في البند 18 من العقد على تسوية أي نزاع أو خلاف قد ينشأ عن تنفيذ أو تأويل العقد باللجوء إلى مسطرة التحكيم مع قبولهما بالمسطرة المعمول بها بنظام غرفة التحكيم الإسبانية المغربية. وعلى إثر النزاع الذي حصل بين الطرفين بشأن عدم أداء مبلغ 3.141.474,20 درهم عن الفواتير غير المؤداة والنسبة المتبقية عن العمولة، فإن العارضة تقدمت بتاريخ 26/11/2008 بطلب إجراء مسطرة التحكيم لدى السيد رئيس المجلس المختلط الإسباني المغربي، وهو اليوم الذي تم فيه إيداع المقال مرفقا بأصول الوثائق مع النسخ الكافية المرفقة بدورها بصور الوثائق وعددها أربعة نسخ بين يدي رئيس هيئة التحكيم الأستاذ عبد المالك الورديغي بمقر دار المحامي بالدارالبيضاء، وبتاريخ 27/3/2009 توصل دفاع العارضة من طرف الكتابة العامة لغرفة التحكيم الدولية الإسبانية المغربية برسالة تطلب فيها إيداع مبلغ 3000 درهم عن مصاريف غرفة التحكيم وكذا مبلغ 180.000 درهم عن أتعاب المحكمين، وبتاريخ 6/4/2009 وجه دفاع العارضة لرئيس غرفة التحكيم شيكا بمبلغ 3000 درهم مسحوبا على البنك المغربي للتجارة الخارجية في انتظار معرفة الموقف الذي ستتخذه شركة “جيت سكن” بخصوص أداء أو عدم أداء نصيبها الذي يمثل أتعاب المحكمين وفق ما يقتضيه الفصل 19 من نظام الغرفة، وبتاريخ 5/5/2009 وبعد تشكيل هيئة التحكيم تم عقد اجتماع بالمقر المؤقت للغرفة الكائن بشارع باريس بالدارالبيضاء، وهو الاجتماع الذي صرحت فيه شركة “جيت سكن” بأنها تعتزم تقديم طلب مضاد، وقبل ذلك فإنها تلتمس من رئيس الهيئة مطالبة العارضة بإحضار نسخة من سجلها التجاري، ولم تمانع العارضة في ذلك تفاديا لعرقلة السير العادي لمسطرة التحكيم، وأن الاجتماع الأول أعقبته اجتماعات أخرى انعقدت بتاريخ 12/5 و 19/5 و 2/6/2009 دون توقيع الأطراف على وثيقة التحكيم التي كانت موقوفة في انتظار الحصول على نسخة السجل التجاري للعارضة، مع العلم أنها كانت تأمل في الإسراع بالمسطرة، إذ التزمت خلال آخر اجتماع بإحضار النسخة من السجل التجاري داخل الثلاثة أيام الموالية، مدلية بالطلب الذي تقدمت به لدى مصلحة السجل التجاري بمدريد، وأن كل شيء كان يسير على ما يرام وبكيفية طبيعية إلى أن حصلت عدة مفاجآت لم تكن في الحسبان، ذلك أنه بعد يومين فقط من تاريخ آخر اجتماع، وفي الوقت الذي كانت فيه العارضة بصدد الحصول على نسخة السجل التجاري للإدلاء بها يوم 5/6/2009، فوجئ دفاع العارضة حين توصل يوم 4/6/2009 بالبيان الجديد موضوع أتعاب المحكمين ومصاريف الغرفة من طرف رئيس هيئة التحكيم، والذي حدد من خلال الأتعاب والمصاريف بالنسبة للعارضة بصفتها طالبة التحكيم في مبلغ 286.504,00 درهم، وكذا المبلغ الذي يمثل أتعاب المحكمين ومصاريف الغرفة بالنسبة للطلب المضاد الذي تقدمت به شركة “جيت سكن”، ليتم حصر المجموع العام في مبلغ 530.308,00 درهم يؤدى مناصفة بين الطرفين عند انطلاق عملية التحكيم، وقد وجه دفاع العارضة بتاريخ 11/6/2009 كتابا توصل به رئيس هيئة التحكيم أخبره فيه أنه في الوقت الذي صرحت فيه شركة “جيت سكن” بأنها تعتزم فقط تقديم طلب مضاد في انتظار إدلاء العارضة بنسخة من السجل التجاري، فإنه ورد في كتاب رئيس هيئة التحكيم الأخير أن الشركة المذكورة قد تقدمت بالطلب المذكور ليتم على ضوء ذلك إعادة احتساب وجدولة مصاريف الغرفة وأتعاب المحكمين، وبأنه لا يستساغ منطقا ولا قانونا أن تتقدم الشركة بالطلب المضاد قبل انطلاق عملية التحكيم، بل وحتى قبل التوقيع على وثيقة التحكيم، وأن الشركة بتقديمها للطلب المضاد تكون قد حددت مطالبها من خلاله، إذ لولا ذلك لما تمت إعادة احتساب مصاريف الغرفة وأتعاب المحكمين، وأن ذلك يعني أن الطلب المضاد جاء ردا على الطلب الأصلي، مما يعني انه تم إطلاع شركة “جيت سكن” مسبقا على مضمونه قبل التوقيع على وثيقة التحكيم وقبل الشروع في إجراءات المسطرة، الشيء الذي يعني بداهة أن الغرفة شرعت في مسطرة التحكيم في غيبة الطالبة صاحبة الحق ودون علمها، وأنه وعلى خلاف ما هو معمول به عادة أمام المحاكم الرسمية، فإنه لا يجوز للمحكمين سماع الطلبات المضادة وكذا الطلبات الإضافية إلا في الحالة التي تكون فيها الطلبات موضوع اتفاق صريح بين الأطراف وتسجيل عدم معارضتهم على تقديمها، ليحيل رئيس هيئة التحكيم في هذا الصدد بالاطلاع على كتاب التحكيم التجاري الداخلي والدولي للأستاذ عبد الله بوضهرين، مذكرا إياه بأن المحكين ملزمون باحترام حضورية المسطرة التي ترسخ لمبدأ احترام حق الدفاع الذي يستلزم تبليغ كل ما يقدمه أحد الطرفين للطرف الآخر، مؤكدا له أن قبول الطلب المضاد من طرف الغرفة قبل الشروع في مسطرة التحكيم وقبل التوقيع على وثيقة التحكيم كان فيه إخلال فادح بقواعد التحكيم وكذا للضوابط المسطرة بنظام غرفة التحكيم، مذكرا إياه بالفصل 19 من نظامها والمتعلق بمصاريف التحكيم التي تشمل كذلك أتعاب المحكمين استنادا للملحق الأول من نظام الغرفة والذي ورد فيه أنه في حالة تقديم طلب مضاد من المدعى عليه فإن الغرفة المختلطة تحدد رصيدا خاصا عن المصاريف بشأن الطلب المضاد وتقوم بإطلاع الطرف الذي تقدم بالطلب المضاد على المبلغ الواجب أداؤه مانحا إياه أجل سبعة أيام تحت طائلة عدم الاستجابة للطلب، وأنه بعد الحصول على مؤونة المصاريف فإن كتابة الغرفة تقوم بتوجيه الطلب المضاد للطرف الآخر لإبداء موقفه داخل أجل 15 يوما من أجل أداء الرصيد الجديد العائد له من قبل المصاريف، وفي حالة عدم الأداء فإن الطرف الذي تقدم بالطلب المضاد يؤدي رصيد الطرف المدين طبقا لما هو معمول به بهذا النظام، وقد أوضح دفاع العارضة أن الإجراءات المتخذة جاءت سابقة لأوانها ولا تنسجم مع المنطق أو القانون ولا مع ضوابط المسطرة مما يحتم على العارضة عدم الأداء خاصة وأن عملية الاحتساب جاءت مخالفة للقواعد المعمول بها عادة في مسطرة التحكيم ومخالفة لبنود نظام الغرفة، وبعد مضي شهر ونصف من تاريخ التوصل وجه رئيس هيئة التحكيم لدفاع للعارضة رسالة مؤرخة في 14/7/2009 أورد فيها أن رسالة 4/6/2009 التي حددت فيها مصاريف وأتعاب التحكيم هي فقط رسالة توضيحية لما ستكون عليه المصاريف والأتعاب عند الشروع في عملية التحكيم وتقديم الطلب المضاد من طرف المطلوبة في التحكيم شركة “جيت سكن” وبأن هيئة التحكيم لا يمكنها قبول أي طلب مضاد ما دامت المطلوبة في التحكيم لم تبلغ بعد بالطلب الأصلي، فأجابه دفاع العارضة برسالة مؤرخة في 29/7/2009 أنه إذا كانت أتعاب ومصاريف التحكيم ستكون محددة في مبلغ 530.308 درهم فإن ذلك يعني أن شركة “جيت سكن” حددت مطالبها، إذ لولا ذلك لما تم تحديد المصاريف والأتعاب، مما يعني أنه تمت إجازة سماع الطلب المضاد حين تحديد مصاريف وأتعاب التحكيم، وهو أمر مخالف للفصل 19 من نظام الغرفة، كما أن الادعاء بأن المطلوبة في التحكيم لم تبلغ بالطلب الأصلي حتى يمكنها أن تتقدم بطلب مضاد أمر يدعو للاستغراب والعجب، خاصة وأن دفاع العارضة حضر إلى مقر الغرفة من أجل استبدال الصفحة الأولى من المقال وباقي النسخ بسبب تغيير المقر الاجتماعي فسلمه رئيس الهيئة المقال الأصلي مع نسختين فقط دون باقي النسخ، مما يتبين بكيفية لا تدع أي مجال للشك أنه تم تسليم شركة “جيت سكن” نسخة من المقال قبل الشروع في عملية التحكيم وقبل التوقيع على وثيقة التحكيم، وأنه في محاولة لتدارك الخطأ ذكرتم أن تعبير “تقدمت” قصد به الإشارة إلى الرسالة التي تقدمت بها شركة “جيت سكن” والتي عبرت فيها عن عزمها تقديم الطلب المضاد، أي أن هذا الطلب لم يقدم بعد، ومن هذا المنطلق وجب مساءلة الغرفة عن المصدر الذي اعتمدته في احتساب مبلغ المصاريف والأتعاب بالنسبة للطلب المضاد، مما يعني أن مسطرة التحكيم أصبحت غير جدية وغير ممكنة وتم شلها بسبب التجاوزات الخطيرة المفصلة أعلاه، كما أن دفاع العارضة وجه لرئيس هيئة التحكيم رسالة مؤرخة في 29/9/2009 طالبه فيها بإرجاع المقال مع أصول الوثائق وكذا الشيك الذي توصل به بتاريخ 26/11/2008 بقيت بدون جواب، كما وجه له رسالة أخرى بتاريخ 8/10/2009 طالبه فيه مجددا بإرجاع الوثائق توصل بها بتاريخ 7/10/2009 ظل بدون جواب أيضا، مما اضطر العارضة إلى مخاطبة السيد نائب رئيس الغرفة بمقتضى الكتاب المؤرخ في 12/10/2009 ملتمسة منه التدخل من أجل إرجاع الوثائق، توصل به بتاريخ 16/10/2009 وأجاب عنه برسالة مؤرخة في 13/11/2009 أن الكتاب لم يوضح الصعوبات التي اعترضت سير عملية التحكيم، ليضيف أنه يتعين توضيح ذلك وسلوك المسطرة المنصوص عليها في قواعد الغرفة ونظام المحكمة، مما يعني أن السيد نائب رئيس الغرفة اكتفى بالاطلاع على الكتاب الموجه إليه دون اطلاعه على مضمون الوثائق التي كانت مرفقة به والتي كانت غنية عن كل شرح أو تأويل، ولأنه يتبين مما سبق أن السيد رئيس هيئة التحكيم قام بإطلاع شركة “جيت سكن” على الطلب الأصلي قبل التوقيع على وثيقة التحكيم وحتى قبل الشروع في إجراءات مسطرة التحكيم، كما قام تتويجا لكل الخروقات المبينة أعلاه بحجز الوثائق التي تسلمها من العارضة بتاريخ 26/11/2008، ولأن الطرفين اتفقا من خلال الشرط التحكيمي المضمن بالعقد بالبند 18 على اللجوء إلى التحكيم في حالة نشوب نزاع مع قبولهما للمسطرة المعمول بها بنظام غرفة التحكيم الدولية الإسبانية المغربية دون غيرها، ولأن العارضة لجأت إلى مسطرة التحكيم وفق الشرط التحكيمي، لكن تبين في المراحل التمهيدية للمسطرة أنها تخللتها تجاوزات ثابتة بكيفية لا تدع مجالا للشك أو الاحتمال منها على الخصوص عدم التقيد بنظام الغرفة، خاصة الفصل 19، وعدم تنظيم التحكيم وضمان حسن سيره مع احترام القواعد المتعلقة بحقوق الدفاع، خارقة بذلك الفصل 319 من مشروع القانون رقم 05ـ08، لأن عملية التحكيم أصبحت غير مجدية ليس فقط بسبب الخرق السافر للقانون وضوابط المسطرة بنظام غرفة التحكيم نفسها بل بسبب عدم حياد رئيس هيئة التحكيم وعدم احترامه لمعايير الشفافية في اتباع المسطرة وهو ما فطنت له العارضة، ولأن الإخلال اللامسؤول الذي أبان عنه السيد رئيس هيئة التحكيم والذي يشكل إخلالا جسيما بالمهمة المنوطة به حال دون إجراء التحكيم في إبانه وشل المسطرة مما تسبب للعارضة في ضرر محقق وثابت حرمها لحد الآن من الحصول على حقوقها الثابتة والمشروعة، لأجله فهي تلتمس الحكم بإلغاء وإبطال إجراءات التحكيم بشأن الملف عدد 1/2008 موضوع النزاع القائم بين العارضة وشركة جيت سكن مع الإذن للعارضة برفع دعواها إلى المحكمة المختصة أصلا للنظر في النزاع والحكم على السيد رئيس هيئة التحكيم الأستاذ عبد المالك الورديغي بإرجاعه للعارضة جميع الوثائق التي تسلمها وكذا الشيك تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 5000 درهم عن كل يوم تأخير وأداء الغرفة الدولية المغربية الإسبانية للتحكيم ( المجلس المختلط) وعلى السيد رئيس هيئة التحكيم متضامنين أو الواحد عوض الآخر للعارضة تعويضا يتناسب وأهمية الأضرار الحالة وقدره 500.000 درهم مع النفاذ المعجل والصائر. وأرفقت مقالها بنسخ من العقد ونظام الغرفة التحكيمية ومجموعة من المراسلات.
وبناء على جواب المدعى عليه الثاني أنه بعد تقديم المدعية لطلب التحكيم وتعيين طرفي النزاع لمحكميهما، إذ عينت المدعية الأستاذ مصطفى ابريو محكما وعينت شركة “جيت سكن” السيد محمد توكاني، وتم تعيين العارض محكما ثالثا ورئيسا لهيئة التحكيم إيذانا بانطلاق عملية التحكيم، فقد بدأت اجتماعات تمهيدية لهيئة التحكيم بحضور الطرفين ودفاعهما من أجل مناقشة بنود وثيقة التحكيم، والتي سيكون توقيعها من الأطراف إيذانا بانطلاق عملية التحكيم، وقد اعترضت انطلاق العملية مسألتان، الأولى أن طالبة التحكيم لم تدل بما يفيد أن من سيوقع على وثيقة التحكيم له الصلاحية للقيام بذلك، فالتزمت بالإدلاء بنسخة من السجل التجاري، والثانية أنه خلال الاجتماع التمهيدي ليوم 19/5/2009 أدلت المطلوبة في التحكيم برسالة تعبر فيها عن كونها ستتقدم بطلب مضاد، مدلية برسالة في الموضوع اطلعت عليها المدعية ودفاعها الذي طلب ضمها إلى وثيقة التحكيم، وبعد هذا التاريخ طلب دفاع المدعية من العارض حساب الأتعاب والمصاريف لعملية التحكيم قصد عرضها على موكلته، فوجه له رسالة مؤرخة في 4/6/2009 تتضمن الأتعاب والمصاريف، وقد احتسب العارض، لتكون طالبة التحكيم على بينة من أمرها فيما يخص الالتزامات، المصاريف والأتعاب المترتبة عن الطلب المضاد، لأن شركة جيت سكن عبرت عن عزمها التقدم به في الرسالة التي طلبت المدعية ودفاعها ضمها إلى وثيقة التحكيم، ومن البديهي أن الهيئة لم تكن لتحتسب في البداية إلا أتعاب الطلب الأول الأصلي إلى حين تقديم طلب مضاد نظامي، إلا أن طالبة التحكيم ولأسباب مجهولة بدأت في توجيه رسائل تفتقد للياقة وتعبر عن حالة من التشنج استغرب لها الجميع في الوقت الذي كان بإمكانها أن تطلب الاقتصار على أتعاب الطلب الأصلي على أن تتم معالجة ما يتعلق بالطلب المضاد إلى حينه، لكنها ارتأت أن تبلغ هيئة التحكيم رفضها أداء أية أتعاب ورفض عملية التحكيم برمتها لكون العملية أصبحت في نظرها غير مجدية وغير ممكنة، ولأن طلبها الرامي إلى تسليمها ملفها ووثائقها لا سند له قانونيا باعتبار أن الملف ليس ملكا لرئيس الهيئة حتى يمكنه التصرف فيه وتسليمه برغبة أو بقرار منه، ذلك أن الملف سلم لغرفة التحكيم، وهي الوحيدة التي لها صلاحية تسلم وتسليم الوثائق، كما أن الملف موضوعة عليه يد هيئة تحكيمية لا يحق لرئيسها التصرف فيه دون رجوعه إليها، وهذا ما تم فعلا، إذ اجتمعت هيئة التحكيم بتاريخ 16/3/2010 وأعلنت أن مسطرة التحكيم لم تنطلق بسبب تراجع طالبة التحكيم وأعلنت إقفال المسطرة وإرجاع الوثائق إلى كتابة الغرفة قصد تسليمها لمن له الحق فيها، وبالتالي فإن ما ورد في الطلب غير مستند على أساس ملتمسا الحكم برفضه. وأرفق مذكرته بنسخ من محضري اجتماع ورسالة.
وبناء على جواب شركة جيت سكن مع طلب مضاد مؤدى عنه بتاريخ 22/3/2010 أنه بناء على مقتضيات الفصل 18 من العقد المؤرخ في 11/10/2007 الرابط بين الطرفين والفصل 13 من عقد الخدمات والفصول 1 و 32 و 49 و 306 وما يليه من قانون المسطرة المدنية و 230 و 231 من ق ل ع، فإن الثابت من مقال الدعوى إقرار المدعية بأن العلاقة التعاقدية الرابطة بين الطرفين منظمة في إطار العقدين أعلاه واللذين ينص فصلهما 18 على إخضاع الخلافات الناشئة عن تنفيذهما أو تأويلهما لزوما لمسطرة التحكيم والخضوع لنظام غرفة التحكيم الإسبانية المغربية، كما تم تحديد هوية وجنسية المحكمين وأيضا لغة التحكيم، كما أن الثابت من المقال أن المدعية لجأت إلى التحكيم، إلا أنه وبعلل ومزاعم جانحة في حق هاته الغرفة ورئيس هيئة التحكيم اعتقدت أن لها الحق في التراجع عن إتمام إجراءات التحكيم لرفع الدعوى الحالية والمطالبة بإبطال عملية التحكيم ومسطرتها والإذن لها برفع الدعوى أمام المحكمة، والحال أنه طبقا للفصل 230 من ق ل ع فإن العقد شريعة المتعاقدين، وجزاء تجاوز هذا العقد هو عدم قبول الدعوى عملا بالاجتهاد القضائي القار، مستشهدة بقرار لمحكمة الاستئناف التجارية بمراكش وقرار للمجلس الأعلى وحكم عن المحكمة التجارية بالدارالبيضاء، مضيفة أن موضوع الدعوى الهدف منه إلغاء وإبطال العقدين الرابطين بين الطرفين لجهة مسطرة التحكيم والقانون الواجب التطبيق، وطبقا للفصلين المذكورين و الفصلين 13 و 18 فإن المحكمة المختصة هي الغرفة الدولية المغربية الإسبانية للتحكيم، وبالتالي يمتنع على المدعية المطالبة بعرض النزاع على جهة أخرى إضرارا بالعارضة وبما تم الاتفاق عليه، ومن جهة أخرى فإن جميع مزاعم المدعية تكذبها محاضر الجلسات وتصريحات الطرفين المضمنة فيها، كما أنه طبقا للمادة 1 وما يليه و 8 من الملحق الثاني للقانون الضابط للمحكمة الدولية المغربية الإسبانية للتحكيم، فقد تم النص على المسطرة والإجراءات الواجب اتباعها في حالة طعن أي طرف من الطرفين في إجراءات التحكيم، وأن الغرفة المختلطة للتحكيم هي الوحيدة التي لها الحق في النظر في جميع المخالفات أو الادعاءات الموجهة ضد المحكمين وأيضا العقوبات التي لها الحق في اتخاذها في مواجهتهم، وذلك ما ورد في كتاب السيد رئيس الغرفة بتاريخ 2/11/2009 ردا على كتاب المدعية والذي تم فيه مطالبتها بسلوك المسطرة المنصوص عليها في قواعد الغرفة وفي النظام الأساسي للمحكمة الدولية للتحكيم، وبالتالي فإن لجوء المدعية رأسا إلى المحكمة فيه مخالفة صريحة لما سبق بيانه يوجب التصريح بعدم قبول طلبها شكلا. وفي الطلب المضاد، ولأن الهدف من الدعوى الأصلية الوصول إلى إلغاء بنود العقدين الرابطين بين الطرفين، ولأن الثابت أن مطالبة المدعية بذلك لتأكدها من صحة وقانونية موقف العارضة ومطالبها العادلة في الحصول على كل التعويضات المستحقة لها عن خطورة إخلالها بالتزاماتها التعاقدية والأضرار الكبيرة الناتجة عن ذلك، ولكون الثابت أن المدعية وأثناء جلسات التحكيم استحال عليها الإدلاء بما يثبت استمرار وجودها القانوني بشهادة صادرة عن السجل التجاري الإسباني لكون كل الإنذارات والمطالب الموجهة لها من العارضة رجعت لانعدام وجودها بالعنوان المضمن بالعقود المبرمة معها، وبالتالي فإنها هي التي استمرت في المطالبة بالآجال لإحضار ذلك، كما أن الثابت أن العارضة أحاطت المدعية برسالة ضمنتها المطالب والحقوق التي تعتزم التقدم بها بمقتضى طلب مضاد، فطالبت بضمها لوثيقة التحكيم، وبالتالي فإن هدفها الأساسي هو التخلص من مسؤوليتها العقدية والأضرار الحاصلة للعارضة نتيجة تصرفاتها المضرة، وهي الأضرار والمطالب التي تضمنتها رسالتها بخصوص ما سيتقدم به في إطار طلبها المضاد الرامي لاسترجاعها للمبالغ المتوصل بها من المدعية دون وجه حق لإخلالها وعدم تنفيذها لالتزاماتها التعاقدية والمتعلقة بالمبالغ التي استخلصتها كأتعاب عن خدمات لم تنجزها في إطار عقد التسيير والتدبير بمبلغ 4.779.323,78 درهم، والمبلغ المستخلص من طرفها عن أتعاب الوساطة غير المستحقة، والتي هي موضوع مطالب مكتب الصرف المغربي لعدم أحقية المدعية في استخلاصها والمحدد في مبلغ 122.437 اورو المعادل لمبلغ 1.395.781,80 درهم، والمبلغ المستحق للعارضة كتعويض عن التأخير في تنفيذ المدعية لالتزاماتها المضمنة بعقد التسيير والتدبير والمحددة في مبلغ 19.000.000 درهم، والمبلغ المستحق للعارضة كتعويضات عقدية وفوائد الأضرار الحاصلة لها عن إخلال المدعية بما التزمت به في إطار عقدي التسيير والخدمات والخسائر الناجمة عن ذلك والمحددة في مبلغ 21.000.000 درهم، وبالتالي يكون مجموع المبالغ التي تضمنتها رسالة العارضة لجهة غرفة التحكيم والتي على أساسها كانت ستتقدم بطلبها المضاد لاستخلاص ما مجموعه 46.175.105,58 درهم، وبالتالي يكون من حق العارض المطالبة بإلزام المدعية وأمرها بمتابعة إجراءات التحكيم وفق التزاماتها التعاقدية، لأجله فهي تلتمس الحكم بأمر المدعية بالرجوع لمتابعة إجراءات لتحكيم من المرحلة التي توقفت عندها تحت غرامة تهديدية قدرها 500.000 درهم يوميا تحتسب من تاريخ التوقف ورفعها للدعوى الحالية ولتاريخ رجوعها الفعلي لمسطرة التحكيم مع النفاذ والصائر. وأرفقت مذكرتها بنسخ من عقدي الخدمات والتسيير والملحق الثاني للقانون الضابط لمحكمة التحكيم ومراسلات ومحضر جلسة واجتهادات.
وبناء على جواب المدعى عليها الأولى أنه بإقرار المدعية فإن التحكيم لم ينطلق، وأن الإجراءات التي اتخذت هي تمهيدية وأولية وإدارية ومحاولة من الهيئة إلى وصول الطرفين إلى وضع وثيقة التحكيم، الأمر الذي أخفقت فيه الهيئة بعدم قبول المدعية أداء أتعاب هيئة التحكيم، ولا علاقة لذلك بحياد المحكم واستقلاله، وأن الذي عطل انطلاق العملية هي المدعية صاحبة المبادرة التي نازعت في الأتعاب ورفضت الانخراط في التحكيم باعترافها أن العملية لم تعد مجدية ويتعين إنهاؤها، أما الكتاب الموجه لرئيس الغرفة فهو مجرد إخبار بالمراسلات التي تم تبادلها خلال المرحلة التمهيدية السابقة عن انطلاق التحكيم، وأن الفقرة الأخيرة من الكتاب جاءت على شكل رجاء لأن يتدخل نائب رئيس الغرفة لدى رئيس هيئة التحكيم لإرجاع الوثائق للمدعية، فكان الجواب أن الكتاب لا يوضح الصعوبات التي اعترضت الإجراءات الأولية لانطلاق التحكيم، كما أن الكتاب لا يشير إلى هذه الصعوبات، فقام نائب الرئيس بإسداء النصح للمدعية بضرورة توضيح الصعوبات وسلوك المسطرة المنصوص عليها في قواعد الغرفة وفي النظام الأساسي لمحكمة التحكيم، إلا أنه فوجئ بعرض النزاع على القضاء، وقد كان على المدعية أن تسلك الإجراءات المنصوص عليها في الفصل 22 من قواعد محكمة التحكيم والنظام الأساسي الذي يحدد مسطرة تجريح المحكم المعين من الغرفة، وهي المسطرة التي تفرض على الراغب في التجريح أن يرفع للغرفة مذكرة التجريح في غضون سبعة أيام بعد العلم بالأسباب المؤدية إليه، إلا أنها لم ترفع شيئا بذلك وطلبت فقط إرجاع الوثائق التي ليست من صلاحيات نائب رئيس الغرفة لأنها أصبحت ملكا لملف هيئة التحكيم التي لا يمكنها إرجاع الوثائق إلا بعد البت من طرف الهيئة بعد أن تعلق حق الأغيار بها، ولأن الغرفة لم تتوصل بأي طلب بشكل نظامي وتراخت عن البت فيه، وأن الطلب الصريح الذي وجه إليها هو التدخل لإرجاع الوثائق، وهو ما يخرج عن صلاحياتها، ولأنه بعد عرض النزاع على القضاء واطلاع هيئة التحكيم على تفاصيل الوقائع والملتمسات فقد اجتمعت الهيئة بكامل أعضائها بمن فيهم المحكم المختار من المدعية وتداولوا في المسألة مستحضرين أدبيات وأخلاقيات التحكيم وقررا عدم انطلاق عملية التحكيم بسبب تراجع الطالبة، وأقفلوا مسطرة التحكيم مع إرجاع الوثائق والمقال إلى كتابة الغرفة، وبالتالي فإن الدعوى أصبحت غير ذات موضوع، ملتمسة الحكم بعدم قبول الدعوى، وأرفقت مذكرتها بنسخة من محضر اجتماع هيئة التحكيم.
وبناء على تعقيب المدعية أن جواب شركة “جيت سكن” وطلبها المضاد عديم الأساس القانوني لأن الدعوى وجهتها ضد الغرفة الدولية للتحكيم والسيد رئيس هيئة التحكيم، أما شركت “جيت سكن” فقد التمست فقط حضورها أثناء سير الدعوى باعتبارها مطلوبة في التحكيم، كما أن الموضوع ينصب أساسا على النزاع القائم بين العارضة والغرفة الدولية للتحكيم ورئيسها دون غيرهما، أما شركت “جيت سكن” فليست طرفا في الخصومة، وبالتالي يتعين استبعاد كل من جوابها وطلبها المضاد، أما بخصوص جواب الغرفة ورئيس هيئة التحكيم، فإنه على خلاف بعض التشريعات التي ميزت بين تاريخ بداية إجراءات التحكيم وتاريخ بداية الدعوى التحكيمية كالمشرع المصري مثلا، فإن المشرع المغربي حسم الأمر في الفقرة الأخيرة من الفصل 327/10 حينما نص على أن إجراءات التحكيم تبدأ من اليوم الذي يكتمل فيه تشكيل هيئة التحكيم ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك، وبخصوص نازلة الحال، فإنه يكفي الاطلاع على الرسالة المؤرخة في 27/3/2009 الموجهة لدفاع العارضة من طرف الغرفة والتي جاء فيها: “.. وبعد استكمال تشكيل هيئة التحكيم وذلك بتعيين الغرفة للأستاذ عبد المالك الورديغي محكما ثالثا ورئيسا لهيئة التحكيم..” فإن انطلاق عملية التحكيم تم ابتداء من اليوم الذي تم فيه تشكيل هيئة التحكيم، وبخصوص ادعاء رفض العارضة أداء أتعاب التحكيم، فإن على الغرفة مراجعة نظامها وعلى الخصوص مقتضيات الفصل 19 قبل إثارة هذا الدفع، إذ لا يعقل أن تقبل العارضة الدفع بالنسبة للطلب المضاد قبل التوقيع على وثيقة التحكيم، ومن هذا المنطلق فإن الغرفة هي التي عطلت عملية التحكيم حين مطالبتها للعارضة بأداء مصاريف وأتعاب المحكمين دون التقيد بأحكام الفصل 19 من نظامها، كما أن التحكيم ليس حرا حتى تسمح الهيئة لنفسها أن تضع إجراءاته بنفسها ضدا على القانون وضدا على نظامها، أما بخصوص ادعاء المفاجأة بعرض النزاع على القضاء في الوقت الذي كان ينتظر فيه التوصل بتفاصيل الصعوبات، فإن الكتاب الموجه للرئيس لا يشير إلى الصعوبات وإنما إلى الخروقات والأسباب الخطيرة التي ميزت المراحل التمهيدية لعملية التحكيم وكذا حجز الوثائق من طرف رئيس الهيئة، كما أن المراسلة كانت مرفقة بالوثائق، وقد ارتأت الغرفة أن تفتي على العارضة سلوك الإجراءات المنصوص عليها في الفصل 22 من قواعد محكمة التحكيم لتعيب على العارضة عدم رفعها لأي طلب بشكل نظامي تطلب فيه تجريح المحكم، والحال أن الموضوع ليس موضوع تجريح بل هو أبعد من ذلك، وهو الخرق السافر للضوابط والقواعد المعمول بها بنظام التحكيم وخرق المادة 19 من نظام الغرفة، وهو الخرق الذي تتحمل نتائجه وعواقبه القانونية والذي يخضع لرقابة القضاء، أما الوثائق فهي وثائقها ولم يتعلق بها أي حق للغير، ولم توضح السند القانوني لحجزها، أما الادعاء بعدم التوصل بأي طلب نظامي فيتعين التوضيح بأن الغرفة لا تتوفر على أي مقر رسمي ولا على أي جهاز إداري خاص بها، وأن مقرها الوحيد يوجد بمكتب الأستاذ عبد المالك الورديغي رئيس هيئة التحكيم، وللتثبت من ذلك يكفي الاطلاع على الرسالة المؤرخة في 14/7/2009، وقد توصلت الغرفة بمقرها بطلب إرجاع الوثائق، كما توصل نائب الرئيس بطلب حول نفس الموضوع بمكتبه ورغم ذلك تدعي الغرفة عدم توصلها بأي طلب بشكل نظامي، كما أنه ينبغي التوضيح أن الغرفة لا زالت في بدايتها ولم تنضج بعد لتتولى البت في مسطرة التحكيم التي تخضع لضوابط وقواعد قانونية صرفة، وبحكم أن ملف العارضة هو أول ملف تم عرضه عليها، فكان من البديهي أن تشوبه الخروق المفصلة أعلاه والتي انعكست سلبا على حقوق العارضة، وبعد اقتناع الغرفة بأخطائها قررت إقفال مسطرة التحكيم، أما الأمر بإرجاع الوثائق إلى كتابة الغرفة، فللتوضيح، فإن كتابة الغرفة هي الكتابة الخاصة برئيس هيئة التحكيم كما تم توضيحه سلفا، وهو الذي تسلم الوثائق من طرف دفاع العارضة، مما يكون معه ملزما قانونا بإرجاعها لصاحبة الحق، وبخصوص عدم الإدلاء بالسجل التجاري للعارضة فإن تصرف رئيس هيئة التحكيم هو من حال دون إدلاء العارضة به والاستمرار في العملية، كما أنه لا يوجد أي طلب من دفاع العارضة لتحديد الأتعاب، وأن ما عابه عليها رئيس الهيئة من أنه كان بإمكانها المطالبة بالاقتصار على تحديد أتعاب التحكيم عن الطلب الأصلي فهذا شأن الغرفة التي عليها ضبط أمورها لا أن تتسرع في مطالبة العارضة بأتعاب الطلب المضاد ضدا على نظام الغرفة نفسها، فضلا عن أن العارضة غير معنية بمعالجة هذا الخلل المسطري، ومن حق العارضة رفض الأداء كما من حقها رفض الانخراط في إجراءات التحكيم التي أصبحت باطلة من أساسها، ولأن الرقابة القضائية على العملية التحكيمية تتوزع إلى رقابة سابقة ورقابة مصاحبة وأخرى لاحقة للعملية التحكيمية، ولأن الإجراءات السابقة باطلة مما يستدعي تدخل القضاء للتصريح بإبطالها والإذن للعارضة برفع الدعوى أمام المحكمة المختصة للفصل في النزاع، ملتمسة الحكم وفق مقالها.
وبناء على مقال شركة “جيت سكن” الرامي إلى التدخل في الدعوى مؤدى عنه الرسم القضائي بتاريخ 19/4/2010 أكدت فيه مجمل ما جاء في مذكرتها ومقالها المضاد معتبرة المذكرة الحالية من أجل التدخل في المسطرة وإصلاحها للدفاع عن مصالحها مؤكدة فيه ملتمساتها الواردة بالمقال المضاد.
وبناء على تعقيب المدعية أن ادعاء عدم انطلاق عملية التحكيم وعدم إمكانية تطبيق المادة 10-327 من القانون 05-08 وان قانون المسطرة المدنية هو الواجب التطبيق فغن الغرفة كان عليها قبل إثارة هذا الدفع ان تطلع على الفصل 14 فقرة 3 من نظامها والذي ينص على أن تاريخ قبول المحكم لمهمته يعتبر بمثابة تاريخ انطلاق التحكيم عدا إذا كان هناك اتفاق صريح للأطراف. والمحكمون في النازلة قبلوا المهمة وشرعوا فيها من خلال عقد اجتماعات مع الأطراف وصياغة محاضر بشأنها، إضافة إلى أن الغرفة عندما قررت إقفال مسطرة التحكيم فإن ذلك يعني بأن العملية التحكيمية كانت سارية ومستمرة، وبخصوص الادعاء بأن تصريح العارضة في مقالها أن شركة جيت سكن تقدمت بالطلب المضاد قبل انطلاق عملية التحكيم وقبل التوقيع على وثيقة التحكيم إقرار قضائي تؤاخذ به العارضة ن فإن ما جاء في المقال معناه أن العملية التحكيمية كانت في مراحلها التمهيدية وهو الدفع الذي جاء منسجما مع مقتضيات الفصل 14 فقرة 21 من نظام الغرفة لذي ينص على أن طلب التحكيم وجميع الإجراءات الواردة بالنظام إلى غاية تعيين الهيئة التحكيمية تشكل جميعها المرحلة التمهيدية للتحكيم بمعنى أن العملية التحكيمية انطلت من تاريخ قبول المحكمين لمهمتهم إلا أن العملية كانت متوقفة على التوقيع على وثيقة التحكيم للانتقال إلى المرحلة الموالية التي سيتم خلالها تحريك الدعوى وتقديم المستنتدات ووسائل الدفاع وتبادل المذكرات وضبط الإجراءات التحكيمية من طرف الغرفة، وهو المر الذي لم يتم بسبب الخروق المشار غليها في المقال ، كما أن الغرفة أجازت سماع الطلب المضاد بعد أن أطلعت الخصم على الطلب الأصلي قبل تحريك الدعوى وطالبت العارضة بأداء مصاريف وأتعاب الطلب المضاد قبل الشروع في المرحلة الموالية وقبل التوقيع على وثيقة التحكيم ضدا على القانون وعلى نظام الغرفة نفسها، أما ادعاء عدم إثبات الضرر فغن الثابت ان التجاوزات الخطيرة المتمثلة في شل العملية التحكيمية من طرف الغرفة أدت بالنتيجة إلى حرمان العارضة من الحصول على دينها في الإبان وكلفتها دفع صوائر وأتعاب غير قابلة للاسترداد مما يكون معه الضرر ثابتا ومحققا يتوجب جبره بالاستجابة للمقال الافتتاحي جملة وتفصيلا. ثم أدلت بمذكرة أخرى أرفقتها بترجمة للفصلين 14 و 18 من نظام غرفة التحكيم.
وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 21/9/2010 فحضر نواب الأطراف فتقرر اعتبار القضية جاهزة وتم حجزها للمداولة في جلسة يومه 12/10/2010 مددت لجلسة 26/10/2010.
التعليـــل
بعد الاطلاع على جميع وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.
في الطلب الأصلي:
في الشكل:
حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.
في الموضوع:
حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.
وحيث أجاب المدعى عليهما والمطلوب حضورها، التي أصبحت متدخلة في الدعوى، بالدفوع المشار إليها صدره.
وحيث يجدر التذكير أولا بالإطار القانوني الذي يتعين وضع النزاع فيه والمقتضيات القانونية المطبقة عليه.
حيث إن الأمر يتعلق بطلب تقدمت به شركة أجنبية خاضعة للقانون الإسباني يهدف إلى تحميل غرفة التحكيم المدعى عليها مسؤولية إجهاض العملية التحكيمية والحكم عليها وعلى رئيس الغرفة بالتعويض وإرجاع الوثائق مع الإذن برفع الدعوى أمام المحكمة المختصة.
وحيث إنه ما دام الأمر يتعلق بتحكيم دولي فإنه لا مندوحة من استحضار مقتضيات اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وإنفاذها، المسماة “اتفاقية نيويورك لسنة 1958″، والتي صادق عليها المغرب بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 19/2/1960 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 2473 بتاريخ 20 رمضان 1379 الموافق 18/3/1960، وأيضا مقتضيات القانون رقم 08.05 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 6/12/2007 الذي تضمن مقتضيات تطبق على مادة التحكيم الدولي ورد عليها النص في الفصل 327.39 وما يليه.
وحيث إن استحضار المحكمة لمقتضيات اتفاقية نيويورك هو لجهة التذكير بمقتضيات المادة الثانية فقرة 3، والتي نصت على أن المحكمة، في أي دولة متعاقدة، عندما يعرض عليها نزاع في مسألة أبرم الطرفان بشأنها اتفاقا يتعهدان فيه بالإحالة على التحكيم لجميع خلافاتهما، أو أي خلافات نشأت أو قد تنشأ بينهما بالنسبة لعلاقة قانونية محددة تعاقدية أو غير تعاقدية تتصل بموضوع يمكن تسويته عن طريق التحكيم، يجب على هذه المحكمة أن تحيل الطرفين إلى التحكيم بناء على طلب أي منهما، ما لم يتبين لها أن اتفاق التحكيم لاغ وباطل أو غير منفذ أو غير قابل للتنفيذ.
وحيث إن استحضار المحكمة لمقتضيات القانون المشار إليه أعلاه، فلجهة التذكير أيضا بأن مقتضياته، وخلافا لما ذهبت إليه المدعى عليها الأولى، تسري على النزاع القائم بين الطرفين تطبيقا للمادة الثانية من القانون المذكور الذي استثناه من التطبيق فيما يخص اتفاقات التحكيم المبرمة قبل دخوله حيز التطبيق، وأيضا فيما يخص الدعاوى التحكيمية الجارية أمام الهيئات التحكيمية أو المعلقة أمام المحاكم في التاريخ المذكور إلى حين تسويتها النهائية واستنفاذ جميع طرق الطعن.
وحيث إن تمسك المدعى عليها الأولى بالفقرة الأولى من المادة المذكورة غير مؤسس لأن استثناء المشرع لاتفاقات التحكيم قد تم حصره فيما يتعلق بالاتفاقات المذكورة وبنودها، أي ما هو مرتبط بالنزاعات الخاصة بمضمون هذه الاتفاقات، وإلا لما حصر في الفقرة الموالية الاستثناء في الدعاوى التحكيمية الجارية في تاريخ دخول القانون حيز التطبيق وأخرج منها ضمنيا الدعاوى التي ترفع بعد دخوله حيز التطبيق والتي لن يكون مصدرها في عدد غير قليل من الحالات، بطبيعة الحال، إلا اتفاقات أبرمت في ظل القانون القديم كما هو الشأن في النازلة موضوع هذا الملف.
وحيث إنه تأسيسا على ما تقدم فإن القانون المذكور صالح للتطبيق على النزاع إضافة إلى اتفاقية نيويوك المشار إليها أعلاه.
وحيث إنه بالرجوع إلى المادة الثانية من اتفاقية نيويورك فلا مجال معها للإذن للمدعية برفع الدعوى أمام المحكمة المختصة لوجود بند تحكيمي في العقد الذي يربطها بالمتدخلة في الدعوى، لأن تأكيد الاتفاقية، التي انضم المغرب إليها، على إحالة المتنازعين على التحكيم المتفق عليه، معناه عدم قبول الدعوى المقدمة ابتداء أمام القضاء في ظل وجود شرط أو اتفاق تحكيم بعد تمسك من له المصلحة بذلك، ومعناه أيضا رفض الإذن بالتقاضي أما القضاء النظامي في ظل وجود الشرط أو الاتفاق التحكيمي المذكور.
وحيث إنه إذا كان الفصل 327.42 من قانون المسطرة المدنية، الوارد في باب التحكيم الدولي، ينص على أن اتفاق التحكيم يمكنه أن يحدد مباشرة أو استنادا إلى نظام التحكيم، المسطرة الواجب اتباعها خلال سير التحكيم، فإنه بالرجوع إلى الفصل 18 من العقد الرابط بين المدعية والمتدخلة، بصفتهما طرفي الشرط التحكيمي، والمؤرخ في 11/10/2007، يتبين أنهما ارتضيا الخضوع أولا للتحكيم القانوني وثانيا للمسطرة المنصوص عليها في نظام غرفة التحكيم الإسبانية المغربية المنشأة في إطار الجمعية الأوروبية للتحكيم.
وحيث إنه ما دام الأمر كذلك، فلا بد من الرجوع إلى القانون التنظيمي للغرفة لحل أي إشكال أو عارض يعترض العملية التحكيمية، ومن ذلك ما تشتكي منه المدعية من عدم حياد المحكم رئيس الهيئة التحكيمية، والذي عبرت عنه صراحة في رسالتها الموجهة للمحكم المذكور والمؤرخة في 7/10/2009 من كونها فطنت إلى عدم حياده الذي اكتشفته قبل انطلاق عملية التحكيم بل وحتى قبل التوقيع على وثيقة التحكيم.
حيث إنه وبالفعل، فقد نص الفصل 22 من القانون المذكور في فقرته الثانية على حالات تجريح المحكم المعين من طرف الغرفة، وبينت الفقرة الرابعة وما يليها مسطرة التجريح وكيفية استبدال المحكم بمحكم آخر، ومن ثم كان لزاما على المدعية اللجوء إلى المسطرة المذكورة وطرح العارض الذي تشتكي منه عوض اللجوء إلى المحكمة التي يمتنع عليها التدخل في العملية التحكيمية إلا وفق ما هو مسموح به قانونا في الفرع الثاني من القانون 08.05.
وحيث إنه وبصرف النظر عن هذا العيب المسطري الذي ارتكبته المدعية بلجوئها للمحكمة من أجل إبطال إجراءات التحكيم، فإنه بالرجوع إلى الرسالة المعتمد عليها والموجهة للمدعية لتذكيرها بمصاريف وأتعاب التحكيم، فقد تبين أنها لا تتضمن أي دعوة صريحة لها بأداء ما هو مسطر بها من مبالغ مالية، إذ استهلت الرسالة المذكورة بأنها تفصيل لأتعاب ومصاريف الغرفة التحكيمية بناء على الطلب الأصلي والطلب المضاد، وحددت إزاء كل طلب المبالغ المستحقة، منتهية إلى أن هذه المبالغ تؤدى مناصفة بين الطرفين عند انطلاق عملية التحكيم.
وحيث إن ما استخلصته المدعية من كون الرسالة المذكورة جاءت تبعا لإطلاع الهيئة التحكيمية المدعى عليها على الطلب، يعتبر استنتاجا غير دقيق، لأن الثابت من وثائق الملف، خاصة ما ضمن بمحضر اجتماع الجلسة التحكيمية ليوم الثلاثاء 19/5/2009 في فقرته الأخيرة، والمتعلق بما عرضه رئيس هيئة التحكيم من أن المدعى عليها في التحكيم ستتقدم بطلب الحصول على تعويضات عن الإخلالات العقدية حددت بصفة إجمالية في مبلغ 46.175.105,58 درهم، فإن رئيس الهيئة كان يتوفر في ذات الاجتماع على المعطيات التي تمكنه من حساب مصاريف وأتعاب التحكيم، وبالتالي ليس مؤكدا أن يكون ما تنسبه له المدعية قد قام به فعلا، خاصة وأن المدعى عليها في التحكيم قد أخذت علما بما جاء في طلب المدعية خلال الجلسة المذكورة.
وحيث إنه في ظل المعطيات السابقة لم يثبت للمحكمة أن غرفة التحكيم قد ارتكبت خطأ من شأنه الإضرار بالمدعية ويعطيها الحق في الحصول على تعويض، مما يكون معه هذا الشق غير مؤسس ويتعين رفضه كذلك.
وحيث إنه فيما يخص شق الطلب المتعلق بإلغاء وإبطال إجراءات التحكيم بشأن الملف عدد 1/2008، فإن الثابت من وثائق الملف أن ما تم في الملف التحكيمي مجرد إجراءات تمهيدية انصبت على تعيين المحكمين واللغة التي سيتم بها وتحديد مصاريف وأتعاب التحكيم، وكلها إجراءات تمت إما بمشاركة من المدعية وموافقة منها أو وفق ما هو منصوص عليه في النظام الداخلي للغرفة.
وحيث إن الفصل 19 الذي ثار النقاش حوله بين الطرفين يتعلق فعلا بالطلب المضادDemande reconventionnelle، ولكن في الحالة التي يتأخر فيها هذا الطلب إلى ما بعد شروع الهيئة التحكيمية في عملها لأجل البت في الطلب الأصلي، بدليل أن عدم أداء مقدم الطلب المضاد للمصاريف يؤدي إلى عدم سماع الطلب المضاد فقط، بينما تبقى المسطرة جارية بالنسبة للطلب الأصلي المؤدى عنه، ففي هذه الحالة يكون هناك محل لتطبيق المسطرة الواردة في الفصل المذكور، بينما في نازلة الحال فإن المدعى عليها خلال الجلسة التحكيمية التمهيدية عبرت صراحة عن نيتها في تقديم هذا الطلب المقابل، وحددت المبالغ التي ترغب في المطالبة بها، وبالتالي فإن ما قام به السيد رئيس الهيئة التحكيمية من بيان للمصاريف الإجمالية والأتعاب عن كل من الطلب الأصلي والمضاد المعتزم تقديمه ليس فيه أي خرق للفصل 19، لأن الفصل المذكور لم يتطرق لمثل هذه الحالة.
وحيث إن الغرفة، بعدما استنكفت المدعية عن السير في إجراءات التحكيم، قد أصدرت مقررها بتاريخ 16/3/2010، فبعد أن أشهدت على عدم انطلاق عملية التحكيم بسبب تراجع المدعية عنه قررت إقفال مسطرة التحكيم مع إرجاع الوثائق والمقال لكتابة الغرفة لتسليمها لمن له الحق فيها.
وحيث إن من له الحق في الوثائق والمقال هو المدعية باعتبارها من قدم ذلك، وبالتالي فإن الطلب المتعلق بإبطال الإجراءات وإرجاع الوثائق لم يعد له محل مما يتعين الحكم برده.
وحيث إنه برد جميع طلبات المدعية تكون هذه الأخيرة قد خسرت دعواها مما يتعين الحكم بتحميلها الصائر.
فيما يخص الطلب المضاد وطلب التدخل:
في الشكل:
حيث إن المدعية بإصلاحها للمسطرة وتقديمها مقالا لأجل التدخل في الدعوى إلى جانب المدعى عليهما أدت عنه الرسم القضائي ثم تبنيها لكل ورد في المقال المضاد يجعل كلا من طلب التدخل والمقال المقابل مستوفين للشروط المتطلبة قانونا مما يناسب الحكم بقبولهما شكلا.
في الموضوع:
حيث إن طلب المتدخلة في الدعوى يهدف إلى الحكم على المدعى عليها فرعيا بالرجوع لمتابعة إجراءات التحكيم من المرحلة التي توقفت عندها تحت غرامة تهديدية قدرها 500.000 درهم يوميا تحتسب من تاريخ التوقف ورفعها للدعوى الحالية ولتاريخ رجوعها الفعلي لمسطرة التحكيم مع النفاذ والصائر.
وحيث إنه لا يوجد نص في القانون يعطي الحق لأحد طرفي اتفاق التحكيم على إرغام خصمه باللجوء إلى التحكيم أو العودة إليه بعد رفض الاستمرار فيه.
وحيث إن مسطرة التحكيم تبدأ عادة بمبادرة من الشخص المتضرر من إخلال الطرف الآخر بالعقد المتضمن للشرط أو الاتفاق التحكيمي، ولا يتدخل القانون إلا في الحالة التي يرفض فيها الخصم تعيين محكمه، إذ في هذه الحالة يتدخل القضاء من أجل تعيين المحكم، أما في الحالة التي يكون فيها التحكيم مؤسساتيا فيرجع ّإلى النظام الداخلي للمؤسسة الموكول لها إجراء التحكيم وتطبق في هذا الشأن مقتضيات الفصل 327.41 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أنه يمكن بصفة مباشرة أو استنادا إلى نظام التحكيم أن يعين اتفاق التحكيم المحكم أو المحكمين أو ينص على إجراءات تعيينهم وكذا إجراءات تعويضهم، وإذا اعترضت صعوبة تشكيل الهيئة التحكيمية يجوز للطرف الأكثر استعجالا، ما لم ينص على شرط مخالف، أن يرفع الأمر إلى رئيس المحكمة التجارية الذي سيتولى فيما بعد تخويل الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي إذا كان التحكيم جاريا بالمملكة.
وحيث إن استناد لما تقدم وما دام بإمكان المدعية فرعيا افتتاح مسطرة التحكيم في مواجهة المدعية الأصلية ودعوتها إلى الخضوع لمقتضيات الفصل 18 من العقد الرابط بينهما، فإن طلبها الرامي إلى الحكم بما ذكر أعلاه لا يجد أساسا له من القانون مما يتعين الحكم برفضه أيضا.
وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.
وتطبيقا للقانون.
لهذه الأسبـــــاب
حكمت المحكمة علنيا ابتدائيا وحضوريا بقبول الطلبين الأصلي والمضاد ومقال التدخل شكلا ورفضها موضوعا مع تحميل كل طرف صائر طلبه.
ذلك.
وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.