المعاش لفائدة أرامل ويتامى الموظفين – التعويض في إطار مسؤولية الدولة – الجمع بينهما – نعم
القاعدة:
إن المعاش الممنوح من طرف الدولة لأرامل ويتامى الموظفين بمقتضى الفصل 21 وما يليه من الباب السادس من ظهير 12 ماي 1950 ليس بتعويض جزافي من شأنه أن يحول دون منح تعويض مبني على أساس الفصل 79 من ظهير الالتزامات والعقود إن اقتضى الحال ذلك.
الحكم الإداري رقم 310
الصادر في 6 ربيع الثاني 1388 موافق 3 يوليوز 1968
باسم جلالـة الملـك
بناء على طلب النقض المرفوع بتاريخ 4 فبراير 1966 من طرف أرملة أعبود ومن معها بواسطة نائبها الأستاذ موليراس ضد حكم محكمة الاستئناف بالرباط الصادر في 15 أكتوبر 1965.
وبناء على مذكرتي الجواب المدلى بهما الأولى بتاريخ 17 ماي 1966 تحت إمضاء العون القضائي بالمغرب والثانية بتاريخ 25 أكتوبر 1966 تحت إمضاء الأستاذ عسور النائب عن المطلوبة ضدها النقض المذكورة أعلاه والرامية إلى الحكم برفض الطلب.
وبناء على الظهير المؤسس للمجلس الأعلى المؤرخ بثاني ربيع الأول عام 1377 موافق 27 شتنبر 1957.
وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 26 أبريل 1968.
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 29 مايو1968.
وبناء على القرار المؤرخ بـ 5 يونيو1968 الآمر بعرض هذه القضية على نظر غرفتين من المجلس الأعلى.
وبناء على الأمر الصادر من جناب الرئيس الأول للمجلس الأعلى الذي بمقتضاه عينت الغرفة الإدارية لتنظر مع الغرفة الأولى في هذه الدعوى.
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 3 يوليوز 1968.
بعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار السيد امحمد بن يخلف في تقريره وإلى ملاحظات وكيل الدولة العام السيد إبراهيم قدارة.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
فيما يخص الوسيلة الوحيدة المستدل بها :
بناء على الظهير المؤرخ في فاتح مارس 1930 المغير بالظهير الصادر في 12 ماي 1950 الصادر بشأن إصلاح نظام المعاشات المدنية.
بناء على الفصل 79 من ظهير الالتزامات والعقود الذي يحمل للدولة والبلديات مسؤولية الأضرار الناشئة عن سير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية المرتكبة من طرف أعوانها.
وحيث إن المعاش الممنوح من طرف الدولة لأرامل ويتامى الموظفين بمقتضى الفصل 21 وما يليه من الباب السادس من ظهير 12 ماي 1950 ليس بتعويض جزافي من شأنه أن يحول دون منح تعويض مبني على أساس الفصل 79 من ظهير الالتزامات والعقود إن اقتضى الحال ذلك.
وحيث يؤخذ من أو راق الملف ومن الحكم المطعون فيه ( محكمة الاستئناف بالرباط 15 أكتوبر 1965 ) أن الموظف المرسم محمد أعبود ولقي حتفه بتاريخ 11 فبراير 1960 في حادث سير بينما كان بمناسبة تأدية أعمال وظيفته راكبا على متن سيارة للدولة كان يقودها الموظف عبد الله الزغاري في نطاق قيامه أيضا بمهام وظيفته وقد خلف الهالك أرملة وستة يتامى صغار قررت الإدارة منحهم بأجمعهم معاشا قدره 300 درهما كل ثلاثة أشهر على أساس ظهير 12 ماي 1950، فتقدم هؤلاء بدعوى ضد الدولة على أساس الفصل 79 من ظهير العقود والالتزامات طالبين الحكم عليها بأدائها لهم تعويضا عن الضرر اللاحق بهم مباشرة من جراء ما ارتكبه من خطأ مصلحي عبد الله الزغاري المحكوم عليه جنائيا لارتكابه جنحة القتل الخطأ فيما يخص محمد أعبود وزوج الأرملة وأبو اليتامى وارتكابه مخالفتي التجاوز الغير القانوني لسيارة كانت تسبقه وفقدان السيطرة في القيادة، فحكمت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في 16 يوليوز 1964 بقبول الطلب وبكونه مرتكزا على أساس، وحكمت للأرملة طامو بتعويض قدره 20.000 درهم ولليتامى فاطمة ب 7.500 درهم وللطيفة ب 10.000 درهم ولبهيجة ب 12.500 درهم ولبديعة ب 12.500 درهم أي ما يعادل في المجموع 90.000 درهم وبعد الاستئناف من طرف المحكوم عليهما قضت محكمة الاستئناف بالرباط في 15 أكتوبر 1965 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الطلب لعلة أنه بمقتضى نظام الموظفين الذي ينتمي إليه الهالك لا يمكن لورثته أن تكون لهم حقوق قبل الدولة إلا الحقوق الناتجة لهم عن ظهير فاتح مارس 1930 المغير بظهير 12 ماي 1950 المتضمن لنظام المعاشات والذي يمنح معاش العجز للموظفين المصابين بعيوب تولدت لهم من ممارستهم لمهام وظائفهم ومعاش الأيلولة إن اقتضى الحال لمن يخلفونهم من أزواج وأولاد وأن هذين القانونين ينصان على طريقة تقدير التعويض الواجب على الدولة تقديرا جزافيا يمنع استعمال أي طريقة أخرى وبالأخص يمنع منح تعويض مبني على الفصل 79 من ظهير الالتزامات والعقود.
لكن حيث إن الظهيرين المشار لهما في الحكم المطعون فيه لا يمنعان في أي فصل من فصولهما من يعنيهم الأمر من تقديم طلب التعويض بناء على الحق العادي المنصوص عليه في الفصل 79 من ظهير الالتزامات والعقود الذي ينص على المسؤولية المباشرة للدولة من أجل الأضرار الناشئة عن الخطأ المصلحي المرتكب من طرف أعوانها.
وحيث بالإضافة إلى ذلك أن الباب السادس من ظهير 12 ماي 1950 المتعلق بمعاش الأرملة واليتامى عندما بين ـ بدون أن يتعرض لظروف وفاة الموظف ـ أن هذا المعاش لا يعتبر في تقديره إلا معاش الأقدمية أو المعاش النسبي وإن اقتضى الحال معاش العجز الذي حصل عليه الموظف أو كان من حقه أن يحصل عليه فقد أزال عن معاش الأرملة واليتامى صبغة التعويض كيف ما كان نوعه وبالأخص التعويض المبني على شبه الجريمة المنصوص عليه في الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود وذلك لأن حق الأرملة واليتامى ناشئ عن انخراط الموظف بصفة إجبارية في نظام المعاشات الذي يقوم على إعانات الدولة وعلى ما يقتطع للموظف من أجرته فصار المعاش بذلك مقابلا للمبالغ المجموعة من مساعدة الدولة ومما يقتطع من الأجرة.
وحيث يترتب على ما ذكر أن محكمة الاستئناف خرقت مقتضيات الظهير الصادر في فاتح مارس 1930 والظهير الصادر في 12 ماي 1950 وذلك بسوء تطبيقهما كما خرقت الفصل 79 من ظهير الالتزامات والعقود بامتناعها من تطبيقه فعرضت بذلك حكمها للنقض.
وحيث إن القضية جاهزة وأنه يتعين التصدي لها والبت فيها نهائيا طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 23 من الظهير الصادر بتاريخ 2 ربيع الأول 1377 ـ 27 شتنبر 1957.
فيما يخص طلب الأرملة طامو بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن أولادها حيث إن الفصل 79 من ظهير الالتزامات والعقود الذي يفرض مسؤولية الدولة عن الأضرار الناشئة مباشرة من سير مرافقها ومن الأخطاء المصلحية المرتكبة من طرف أعوانها وضع مبدأ هذه المسؤولية بالنسبة لجميع المتضررين بدون تمييز الموظفين وغيرهم نظرا لعموم لفظه.
وحيث لا يوجد لهذا المبدأ استثناء قانوني يؤخذ منه أن الموظفين أو من يقوم مقامهم بعد وفاتهم لا حق لهم في التمتع بالتعويض المنصوص عليه في الفصل 79 المشار إليه.
وحيث إن الظهيرين الصادرين الأول في فاتح مارس 1930 والثاني في 12 ماي 1950 المؤسسين لمعاش العجز لفائدة الموظف المصاب أثناء قيامه بمهام وظيفته بعطب أو مرض يمنعه من متابعة القيام بوظيفته لا ينصان صراحة على أنه ليس للموظف المصاب أن يطالب بتعويض الضرر الحاصل له على أساس الفصل 79 المذكور إن اختار ذلك.
وحيث إن أرملة وأطفال الموظف الهالك من جراء سير مرافق الدولة أو الأخطاء المصلحية المرتكبة من طرف أعوانها لهم الحق من باب الأولى والأحرى أن يقوموا بطلب تعويض الضرر في إطار الفصل 79 المشار له.
وحيث إن هذا الحق مستقل عن حق أخذ المعاش الواجب للأرملة ولأولاد الموظف وأنه لا مانع من الجمع بينهما لم يكن من حق قضاة الدرجة الأولى أن يدخلوا في حساب التعويض المحكوم به لأرملة أعبود وأولاده ما منح لهم من معاش على إثر وفاة عائلهم في الظروف الملخصة أعلاه بناء على ظهيري فاتح مارس 1930 و12 ماي 1950.
وحيث إن الحكم الذي أدخل ذلك في حساب تقدير التعويض غلطا لم يقع استئنافه من طرف أرملة أعبود فصار نهائيا واكتسب بالنسبة إليها قوة الشيء المقضي به.
لهذه الأسباب
وللأسباب غير المعارضة التي بنى عليها حكم قضاة الدرجة الأولى.
قضى المجلس الأعلى بنقض الحكم الاستئنافي المطعون فيه.
وبعد التصدي للقضية قصد الحكم فيها نهائيا، قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في 16 16 يوليوز 1964 عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، وإليها يرجع أمر تنفيذه.
كما قضى على المطلوبتين في النقض بصائر طلب الاستئناف وطلب النقض
كما قرر إثبات حكمه هذا في سجلات محكمة الاستئناف بالرباط إثر الحكم المطعون فيه أو بطرته.
وبه صدر الحكم وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالمشور وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من معالي الرئيس الأول السيد أبا حنيني ورئيس الغرفة الإدارية الأستاذ مكسيم أزولاي والمستشارين السادة محمد بن يخلف ـ إبراهيم الالغي ـ محمد اليطفتي ـ إدريس بنونة ـ امحمد عمور ـ سالمون بن سباط ـ عبد السلام الحاجي ـ الحاج عبد الغني المومى وبمحضر جناب وكيل الدولة العام السيد إبراهيم قدارة وبمساعدة كاتب الضبط السيد المعروفي سعيد.