النسب – وسائل إثباته
الحكم الشرعـي رقم 23
الصادر في 27 رجب 1387 موافق 31 أكتوبر 1967
القاعدة:
الوسائل التي يثبت بها نسب الولد ثلاث: الفراش والإقرار والبينة.
الفراش في الزوجية إنما يثبت بالعقد بشرط إمكان الدخول.
الشبهة التي يثبت بها النسب إما شبهة الملك وإما شبهة العقد وإما شبهة الفعل.
باسم جلالـة الملـك
بعد الاطلاع على طلب النقض الذي قدمه لكتابة ضبط المحكمة الإقليمية بالبيضاء بتاريـخ25 / 5 / 1965 السيد محمد بن إدريس بن محمد الودي بواسطة وكيله العدلي السيد عبد الجليل العلمي طعنا في الحكم الاستئنافي عدد 1080/5502 وتاريخ 30 / 11 / 1964 الصادر من المحكمة الإقليمية بالبيضاء في شأن نفقة والمبلغ في 29 / 3 / 1965 والمتضمن عدم ثبوت الزوجية بين الطرفين وعدم استحقاقها ما تطلبه من نفقتها وبلحوق نسب الولد سعيد بالمدعى عليه طالب النقض الخ.
وبعد الاطلاع على وصل أداء الوجيبة القضائية عدد 821.562 وتاريخ 25 /5/ 1965.
وبعد الاطلاع على عريضة طلب النقض الموقعة من طرف الوكيل المذكور وعلى مذكرة الجواب الواردة من المطلوبة في النقض السيدة عائشة بنت فضول بواسطة وكيلها العدلي السيد محمد يس الاخصاصي جوابا عن العريضة المذكورة.
وبعد النداء على نائبي الطرفين وعدم حضورهما.
وبعد الاطلاع على تقرير المستشار المقرر السيد رشيد المصلوت الذي تلي بالجلسة العلنية.
وعلى مستنتجات ممثل النيابة العامة المحامي العام مولاي عبد الواحد العلوي والاستماع إليه بالجلسة العلنية وبعد المدأو لة طبقا للقانون.
مـن حيث الشكـل :
حيث ثبت إعلام طالب النقض بالحكم المطعون فيه في يوم 29 / 3 / 1965 فقدم طلبه بواسطة عريضة كتابية موقعة من طرف الوكيل العدلي السيد عبد الجليل العلمي المقبول للترافع أمام المجلس الأعلى في يوم 25 / 2 / 1965 وأدى عنه الوجيبة القضائية في نفس اليوم فكان الطلب مستوفيا لمقتضيات الفصلين الثامن والثاني عشر من ظهير تأسيس المجلس الأعلى المؤرخ في ثاني ربيع النبوي 1377 موافق 27 شتنبر 1957 ولذا فهو مقبول شكلا.
ومن حيث الموضوع :
فيما يتعلق بالسبب الثاني المستدل به من طرف طالب النقض.
حيث يستخلص من الحكم ومن أو راق الملف أن عائشة بنت فضول بعرصة فتحات الزنقة 3 رقم 87 المقاطعة الثانية بالبيضاء طلبت في 5 يوليوز سنة 1963 الحكم على محمد بن إدريس الساكن بالمعرض الدولي المستخدم بالأمن
الوطني:
1) بأدائه لها ولابنه منها سعيد نفقتهما من فاتح يبراير 1961- 3 دراهم يوميا.
2) أن يجعل رسم نكاح شرعي بينهما ليثبت لهما الزواج.
3) أن يحسن معاشرتها.
4) بالكسوة والغطاء والفراش بما تقدره المحكمة وحكم لها عليه غيابيا قاضي النازلة بذلك كله واستأنفه المحكوم عليه وأجاب نائبه السيد عبد الكريم الطهاري عن جميع فصول المقال بما فيها الزوجية والولد بالإنكار ذاكرا أنه سبق لها أن قيدت دعوى تحت عدد 6.352 بمنوبه وعجزت عن رسم النكاح فحكم بإلغاء دعواها زيادة عن كون المدة المطلوبة في المقال السابق مناقضة لما بالمقال الحالي وأنه لم يغب عن الدار البيضاء لأنه موظف وأدلى نائب المستأنف ضدها السيد عبد الكريم برادة بلفيف عدد 335 شاهد بثبوت الزوجية بينهما واتصالها نحو ثلاث سنين بل نحو أربع سنين سلفت عن تاريخ 26 ربيع الأول عام 1384 موافق 5 غشت 1964 بولي وصداق وأنه كان خلال المدة يحوزها بحوز الزوجات الشرعيات ولا يعلمون أن الزوجية انفصلت بينهما إلى الآن الخ.. قدح فيه نائب المستأنف بأن الولي والصداق مجهولان وباضطراب شهوده في مدة الزوجية وبتناقض شهادتهم بأن المدعية في حوز الزوج إلى تاريخه مع ما بمقالها المتضمن أنه تخلد بذمته سنتان ونصف قبل تاريخ المقال وبأن الحكم السابق بإلغاء دعواها لم يحتفظ لها بحق تقييد دعوى جديدة وقرر قسم الاستئناف أن المدعية ذكرت في مقالها أن المدعى عليه تغيب عنها ثلاث سنوات وأدلت بموجب الزوجية المصرح فيه بأنه كان يحوزها بحيازة الأزواج في المدة التي ادعت بمقالها أنه تغيب عنها فيكون ما بمقالها مكذبا للبينة التي أدلت بها ومن كذب بينته لا ينتفع بها فكانت الزوجية غير ثابتة بذلك شرعا إلا أن هذا الموجب يعتبر شبهة لثبوت نسب الولد سعيد بالمدعى عليه واستحقاقه النفقة عن المدة المطلوبة بالمقال درهما في اليوم لقول ابن عاصم، وحيث درء الحد يلحق الولد مع قوله صلى الله عليه وسلم :ادرءوا الحدود بالشبهات، ثم حكم بعدم ثبوت الزوجية بين المستأنف محمد بن إدريس وبين المستأنف ضدها عائشة بنت فضول وعدم استحقاقها ما تطلبه من النفقة لنفسها عن المدة المطلوبة بالمقال وبلحوق نسب الولد سعيد بالمدعى عليه محمد بن إدريس واستحقاقه النفقة المطلوبة له بالمقال وحده درهما في اليوم تصحيحا لحكم القاضي فيما يتعلق بالولد سعيد وإبطالا له في غيره الخ.
وحيث ينعي طالب النقض في سببه الثاني على قسم الاستئناف أنه حين أبطل اللفيفية التي استندت عليها المدعية في إثبات الزوجية لم يعد في الإمكان أن ينظر إليها بأي اعتبار لصيرورتها كالعدم فلا مبرر لاعتبارها ملغاة وقائمة الذات في آن واحد فالنتاج الذي تدعي أنه من فراش المدعى عليه يتعلق أمر انتسابه بثبوت ذلك الفراش أو عدم ثبوته فهو فرع يصح بصحته وينعدم بانعدامه فتعليل الاستئناف قضاءه بانتساب الولد سعيد إلى صاحب العريضة بأن تلك الاحتجاجية التي أكذبتها المدعية شبهة لثبوت نسب الولد سعيد بفراش لم يثبت بدعوى أن الشرع متشوف للحوق الأنساب لقول النبي صلى الله عليه وسلم ادرءوا الحدود بالشبهات غير صحيح، فالشرع إذا كان متشوفا للحوق الأنساب هو من جهة أخرى حريص كل الحرص على المحافظة على الأنساب فلا يرخص لأي إنسان أن يلحق بنسبه من ليس منه الخ.
بناء على الفصل 13 من ظهير تأسيس المجلس الأعلى المؤرخ في 2 ربيع الأول عام 1377 موافق 27 شتنبر 1957.
ونظرا للفصل التاسع والثمانين من مدونة الأحوال الشخصية الذي ينص على أن الوسائل التي يثبت بها نسب الولد ثلاث الفراش والإقرار والبينة.
ونظرا إلى أن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة ذهبوا إلى أن الفراش في الزوجية إنما يثبت بالعقد بشرط إمكان الدخول.
وحيث إن الشبهة التي يثبت بها النسب هي إما شبهة الملك وتسمى أيضا شبهة الحكم كمواقعة أب جارية ابنه ظانا إباحتها له وأما شبهة العقد كما إذا تبين أن المدخول بها أخته من الرضاع أو شبهة الفعل كمن يتبين له بعد أن دخل بمن ظنها زوجته أنها ليست له زوجة فالوطء متحقق في الصور كلها.
وحيث إن قسم الاستئناف بالبيضاء نص على أن مصدر الحق المدعى به وهو الزوجية لم تثبته المدعية بل على العكس من ذلك أكذبت بنفسها ما حاولت به إثباته، وأن المستأنف ينكر الزوجية من أصلها ولم يصدر منه إقرار بالدخول أو بالخلوة على الأقل.
وحيث إن ما استند إليه القسم في حكمه بلحوق الولد سعيد من النصين الحديثي : ادرءوا الحدود بالشبهات والفقهي : وحيث درء الحد يلحق الولد في غير محله إذ ليس في الحكم ما يفيد ترتب الحد على المستأنف المنكر للزوجة رأسا ما دام لم يثبت بينة تامة شرعا أو بإقراره وطؤه للمستأنف ضدها أو خلوته بها وتدعيه هي ولأن موضوع النص الفقهي هو النكاح الثابت إلا أنه فاسد.
وحيث إن القسم بنى حكمه باللحوق على جعل مجرد تلك اللفيفية التي أكذبها الطرفان، شبهة لثبوت نسب الولد فإنه خالف مقتضيات النصوص الفقهية الجاري بها العمل وبالتالي طبق النصين المشار إليهما تطبيقا خاطئا.
من أجله
وبصرف النظر عن الطعون الأخرى المستدل بها
قضى المجلس الأعلى بنقض الحكم المذكور وبإحالة القضية وطرفيها على نفس القسم ليبت فيها من جديد بهيئة أخرى وعلى المطلوب ضدها النقض بالصائر.
كما قرر إثبات حكمه هذا في سجلات المحكمة الإقليمية بالبيضاء إثر الحكم المطعون فيه أو بطرته.
وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالمشور وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة رئيس الغرفة الأولى سيدي حماد العراقي والمستشارين : رشيد المصلوت، الطيب الفاسي، عبد الغني المومي، محمد خليل الورزازي، وبمحضر ممثل النيابة العامة المحامي العام مولاي عبد الواحد العلوي وبمساعدة كاتب الضبط السيد أبي بكر القادري.