شهادة اللفيف – حجتها في الإثبات القانوني

شهادة اللفيف – حجتها في الإثبات القانوني

اللفيف

القاعدة:

 ـ يمكن اعتبار اللفيف دليلا لإثبات الوقائع المادية.

 ـ على من يدعي مخالفة شهادة شهود اللفيف للقواعد المسطرية المتعلقة بسماع الشهود وأداء اليمين أن يتمسك بذلك أمام قضاة الموضوع، فإثارته لأول مرة أمام المجلس الأعلى يكون غير مقبول.

القرار عدد 717

الصادر عن الغرفة المدنية بتاريخ 8 دجنبر 1976

باسـم جلالـة المـلك

بناء على طلب النقض المرفوع بتاريخ 24/9/1970 من طرف شركة التأمين ومن معها بواسطة نائبها الأستاذ كاينولي ضد حكم محكمة الاستئناف بالرباط الصادر بتاريخ 16/1/1970 في القضية المدنية عدد 15.098.

وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 10/3/1972 تحت إمضاء الأستاذ بيكاسيس النائب عن المطلوب ضده النقض المذكور حوله والرامية إلى رفض الطلب.

وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ ب 28 شتنبر 1974.

وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 5/7/1976.

وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 17/11/1976.

وبعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار المقرر السيد أحمد العلمي في تقريره وإلى ملاحظات المحامي العام السيد عبد الكريم الوزاني.

وبعد المناداة على نائبي الطرفين وعدم حضورهما.

وبعد المداولة طبقا للقانون.

فيما يتعلق بالوسيلة الأولى:

حيث يستخلص من الإطلاع على محتويات الملف والحكم المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 16 يناير 1970 أن عائشة بنت العربي بن بوعزة تعرضت لحادثة شغل عندما كانت راكبة على دراجة نارية متجهة من مقر عملها إلى منزلها وذلك عندما أصابتها شاحنة في ملك علال بن محمد وتسبب لها في جروح أدت إلى وفاتها وقد تقدم والدها العربي بن بوعزة وأمها الزهرة بنت بوعزة بطلب إيرادات حادثة الشغل وأدليا بالحجة على إنفاق ابنتهما عليهما وذلك بعد تحرير محضر بعدم الصلح بين المشغل ووالدي الضحية وقد أجابت الشركة المشغلة والشركة المؤمنة لها بأن الحجة المدلى بها لإثبات إنفاق الضحية على والديها غير كافية.فقضت المحكمة الإقليمية بالدار البيضاء  على المدعى عليهما بأدائهما إيرادا سنويا وعمريا قدره 40،206 درهما لكل واحد من أبوي الضحية لثبوت كفالة الضحية لأبويها بالمستندات الصحيحة التي لم يطعن فيها بما هومقبول وأيدتها محكمة الاستئناف بالرباط بحكمها المطعون فيه.

وحيث يعيب الطالبان على الحكم خرقه للفصلين 404 و454 من ظهير العقود والالتزامات وانعدام الأسباب وانعدام السن القانوني وذلك لأن محكمة الاستئناف أسست حكمها على وثيقة عدلية مؤرخة في 13 يوليوز 1963 بينما طريقة الإثبات هذه غير منصوص عليها في الفصل 404 من ظهير العقود والالتزامات الذي حدد بصفة حصرية وسائل الإثبات المقبولة أمام المحاكم المدنية الهيئة وبينما حتى في حال اعتبار اللفيفة كقرينة عادية فإنه لا يترتب عنها مفعول إلا إذا توفرت على الشروط المنصوص عليها في الفصل 454 من قانون الالتزامات والعقود الهيئة وهي خلوالقرائن من اللبس      وحصول التوافق بينها الهيئة وأن الشهادة اللفيفية لا يمكن أن تعتبر كشهادة إذ لا تكتسي قوة هذه الأخيرة في الإثبات لأنها لا تقام بمحضر الأطراف وبعد أداء اليمين القانونية.

لكن حيث إن اللفيفة يمكن الاستئناس بها لإثبات وقائع مادية وعلى من يتمسك بعدم صحتها لمخالفتها للإجراءات المسطرية اللازمة لسماع شهادة الشهود أن يثير ذلك لدى قضاة الموضوع ويطلب منهم سماع الشهود بمحضر الأطراف ويتمسك بأدائهم لليمين القانونية لذلك فإن المحكمة عندما اعتبرت اللفيفية كوسيلة لإثبات كفالة الهالكة لوالديها بعد أن لم يطعن في شهادة شهودها بأي خرق مسطري تكون قد قدرت الحجة المعروضة عليها في نطاق سلطتها التقديرية التي لا تخضع فيها لرقابة المجلس الأعلى.كما أن الدفع بخرق القواعد المسطرية المتبعة لسماع شهادة الشهود يكون قد أثير لأول مرة أمام المجلس الأعلى وهولذلك غير مقبول.

فيما يتعلق بالوسيلة الثانية:

يعيب الطالب على الحكم خرقه للفصل 189 من ظهير المسطرة المدنية والفصل 113 من ظهير 6 يبراير 1963 وظهير 25 يونيو1927 وذلك لأن القرار المطعون فيه اعتبر أنه لا حاجة لإجراء البحث من أجل معرفة ما إذا كان أصول الضحية يتوفرون على الشروط المنصوص عليها في الفصل 113 بينما يتعين على أصول الضحية أن يثبتوا أنهم لا يتوفرون على موارد شخصية وأن الضحية كانت تتوفر على موارد كافية من أجل الإنفاق على والديها وأن المحكمة قد قبلت عبء الإثبات عندما بنت حكمها على كون المشغل والشركة المؤمنة لم يثبتا أن الأصول يتوفرون على موارد شخصية وأكثر من هذا رفضت إجراء بحث لإثبات ذلك كما أنها لم تأخذ بعين الاعتبار عدم كفاية موارد الضحية.

لكن حيث إن الفصل 113 من ظهير 6 يبراير 1963 لا يشترط لمنح الإيراد سوى إثبات كفالة المصاب للأصول وقت الحادثة وأن المحكمة في نطاق ما تملكه من سلطة لتقدير الحجج المعروضة عليها اعتبرت الحجة التي أدلى بها الأصول كافية لإثبات كفالة الهالكة لوالديها وقت وقوع الحادثة وفي ذلك لم تكن ملزمة بإجراء بحث في إمكانيات الأصول والهالكة كما أنها لن تقلب عبء الإثبات.

لذلك فالوسيلة في جميع وجودها غير مرتكزة على أساس.

من أجله

قضى المجلس الأعلى برفض طلب النقض وعلى الطالب بالصائر.

وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى،وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة السيد عبد الله المالقي والمستشارين السادة : أحمد العلمي – مقررا – محمد العربي العلوي – محمد زين العابدين بنبراهيم – أحمد عاصم وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكريم الوزاني وبمساعدة كاتب الضبط سعيد المعروفي.

 

2 Replies to “شهادة اللفيف – حجتها في الإثبات القانوني”

  1. يكاد يكون اللفيف الحجة الوحيدة في ميدان الأحوال الشخصية والعقار الغير المحفظ وستظل له مكانته هذه إلى أن يتدخل الشرع.
    أما في الميدان المدني بصفة عامة فإنه من الصعب اعتباره من أدلة الإثبات فقانون الالتزامات والعقود عرف أدلة الإثبات وليس منها اللفيف إلا من حيث الشكل باعتباره وثيقة رسمية بمصادقة القاضي عليها وإذا كان قد أشار إلى شهادة الشهود كدليل من أدلة الإثبات في حالات معينة فإن قانون المسطرة المدنية الذي ينظم كيفية تلقي شهادة الشهود لا تسمح قواعده باعتبار اللفيف شهادة.
    فالفصل 71 ومما بعده من القانون المذكور يشترط :
    أن يتم سماع الشهود على انفراد من طرف القاضي وبعد سؤال الشاهد عن سنه وصلته بالطرفين للتحقيق مما إذا كان الشاهد أهلا للشهادة ويجب أن تؤدي الشهادة شفاهيا أمام القاضي مباشرة وجها لوجه مع الخصم ويجب أن يعتمد الشاهد على ذاكرته فلا يجوز له أن يعتمد على مكتوب ويجب في الأخير أن يؤدي اليمين القانونية على قول الحقيقة.
    وبما أن شهود اللفيف لا يؤدون شهادة أمام القاضي على الكيفية المذكورة وبعد أداء اليمين فإن اللفيف يكاد يكون دليلا غريبا في الميدان المدني.
    ومع ذلك فقد قبلته المحاكم في عدة منازعات وظلت أجوبة المجلس الأعلى تحوم حول الموضوع دون أن تنفذ إليه مباشرة،فالموضوع ذوحساسية شديدة فاللفيف دليل من أدلة الإثبات تنظم إجراءاته قواعد التوثيق المعروفة في الفقه الإسلامي وتقبله المحاكم في أخطر المنازعات كالنسب، والعقار الغير المحفظ وتقبله غرفة المجلس الشرعية كدليل من أدلة الإثبات في هذه الميادين ولهذا فقد تردد المجلس ولم يتخذ موقفا واضحا باستبعاد اللفيف في الميدان المدني فاختار أن يترك للأطراف الحرية في أن يتنازعوا في صحته أمام قضاة الموضوع واعتبر أن الدفع بعدم احترام الإجراءات المتعلقة يتلقى شهادة الشهود والمنصوص عليها في الفصول 71 وما بعده من ق.م.م الهيئة دفع يختلط فيه الواقع بالقانون فيجب التمسك به أمام قضاة الموضوع الذين لهم سلطة البحث والتحري ولم يسمح بإثارته لأول مرة أمام المجلس.
    لكن ألا يمكن القول بأن الدفع يتضمن خرقا صريحا لأحكام القانون وليس فيه اختلاط بالواقع.
    فطبقا لقواعد التوثيق التي تنظم إجراءات اللفيف فإن الشاهد يؤدي شهادته أمام العدلين وليس أمام القاضي لا ويحلف اليمين،واليمين حجر الزاوية في صحة الشهادة فالفصل 76 من ق.م.م يشترطها تحت طائلة البطلان.
    فشهادة اللفيف معروفة مسبقا بأنها لن يقع تلقيها طبقا لقانون المسطرة المدنية،إذا فالدفع القائل بأن المحكمة اعتبرت شهادة لم يقع تلقيها طبقا لقانون المسطرة المدنية هي شهادة اللفيف هودفع قانوني صرف ينطلق الجواب عليه من القانون ومنه وحده يكفي التأكد من صحته الإطلاع على الحكم المطعون فيه ولا يتوقف على أي بحث لوقائع القضية.
    فلا يوجد في الدفع أي خلط بين الواقع والقانون.
    إذا فلماذا رفض المجلس قبول هذا الدفع الذي أثير بين يديه لأول مرة …؟
    ألا يمكن القول بأن المجلس لم يقصد أن الدفع يختلط فيه الواقع بالقانون وإلا لأشار إلى ذلك صراحة وأنه قصد شيئا آخر وهوأن عدم التمسك بالدفع ببطلان الشهادة أمام قضاة الموضوع يتضمن إجازة لها.
    لكن هذا القول يقتضي أن القواعد الإجرائية المتعلقة بأدلة الإثبات ليس من النظام العام،وأن للأطراف الحق في أن يتفقوا على ما يخالفها.
    في حين أن الفقه يعتبر أن الإجراءات المتعلقة بتقديم أدلة الإثبات أمام القضاء تعتبر من النظام العام وأنها بخلاف الحال بالنسبة للقواعد الموضوعية الأخرى المتعلقة بالإثبات فليست من النظام العام.
    ولذلك يبقى الأمر معلقا على إيضاح أكثر!
    تعليق المستشار أحمد عاصم

  2. يكاد يكون اللفيف الحجة الوحيدة في ميدان الأحوال الشخصية والعقار الغير المحفظ وستظل له مكانته هذه إلى أن يتدخل الشرع.
    أما في الميدان المدني بصفة عامة فإنه من الصعب اعتباره من أدلة الإثبات فقانون الالتزامات والعقود عرف أدلة الإثبات وليس منها اللفيف إلا من حيث الشكل باعتباره وثيقة رسمية بمصادقة القاضي عليها وإذا كان قد أشار إلى شهادة الشهود كدليل من أدلة الإثبات في حالات معينة فإن قانون المسطرة المدنية الذي ينظم كيفية تلقي شهادة الشهود لا تسمح قواعده باعتبار اللفيف شهادة.
    فالفصل 71 ومما بعده من القانون المذكور يشترط :
    أن يتم سماع الشهود على انفراد من طرف القاضي وبعد سؤال الشاهد عن سنه وصلته بالطرفين للتحقيق مما إذا كان الشاهد أهلا للشهادة ويجب أن تؤدي الشهادة شفاهيا أمام القاضي مباشرة وجها لوجه مع الخصم ويجب أن يعتمد الشاهد على ذاكرته فلا يجوز له أن يعتمد على مكتوب ويجب في الأخير أن يؤدي اليمين القانونية على قول الحقيقة.
    وبما أن شهود اللفيف لا يؤدون شهادة أمام القاضي على الكيفية المذكورة وبعد أداء اليمين فإن اللفيف يكاد يكون دليلا غريبا في الميدان المدني.
    ومع ذلك فقد قبلته المحاكم في عدة منازعات وظلت أجوبة المجلس الأعلى تحوم حول الموضوع دون أن تنفذ إليه مباشرة،فالموضوع ذوحساسية شديدة فاللفيف دليل من أدلة الإثبات تنظم إجراءاته قواعد التوثيق المعروفة في الفقه الإسلامي وتقبله المحاكم في أخطر المنازعات كالنسب، والعقار الغير المحفظ وتقبله غرفة المجلس الشرعية كدليل من أدلة الإثبات في هذه الميادين ولهذا فقد تردد المجلس ولم يتخذ موقفا واضحا باستبعاد اللفيف في الميدان المدني فاختار أن يترك للأطراف الحرية في أن يتنازعوا في صحته أمام قضاة الموضوع واعتبر أن الدفع بعدم احترام الإجراءات المتعلقة يتلقى شهادة الشهود والمنصوص عليها في الفصول 71 وما بعده من ق.م.م الهيئة دفع يختلط فيه الواقع بالقانون فيجب التمسك به أمام قضاة الموضوع الذين لهم سلطة البحث والتحري ولم يسمح بإثارته لأول مرة أمام المجلس.
    لكن ألا يمكن القول بأن الدفع يتضمن خرقا صريحا لأحكام القانون وليس فيه اختلاط بالواقع.
    فطبقا لقواعد التوثيق التي تنظم إجراءات اللفيف فإن الشاهد يؤدي شهادته أمام العدلين وليس أمام القاضي لا ويحلف اليمين،واليمين حجر الزاوية في صحة الشهادة فالفصل 76 من ق.م.م يشترطها تحت طائلة البطلان.
    فشهادة اللفيف معروفة مسبقا بأنها لن يقع تلقيها طبقا لقانون المسطرة المدنية،إذا فالدفع القائل بأن المحكمة اعتبرت شهادة لم يقع تلقيها طبقا لقانون المسطرة المدنية هي شهادة اللفيف هودفع قانوني صرف ينطلق الجواب عليه من القانون ومنه وحده يكفي التأكد من صحته الإطلاع على الحكم المطعون فيه ولا يتوقف على أي بحث لوقائع القضية.
    فلا يوجد في الدفع أي خلط بين الواقع والقانون.
    إذا فلماذا رفض المجلس قبول هذا الدفع الذي أثير بين يديه لأول مرة …؟
    ألا يمكن القول بأن المجلس لم يقصد أن الدفع يختلط فيه الواقع بالقانون وإلا لأشار إلى ذلك صراحة وأنه قصد شيئا آخر وهوأن عدم التمسك بالدفع ببطلان الشهادة أمام قضاة الموضوع يتضمن إجازة لها.
    لكن هذا القول يقتضي أن القواعد الإجرائية المتعلقة بأدلة الإثبات ليس من النظام العام،وأن للأطراف الحق في أن يتفقوا على ما يخالفها.
    في حين أن الفقه يعتبر أن الإجراءات المتعلقة بتقديم أدلة الإثبات أمام القضاء تعتبر من النظام العام وأنها بخلاف الحال بالنسبة للقواعد الموضوعية الأخرى المتعلقة بالإثبات فليست من النظام العام.
    ولذلك يبقى الأمر معلقا على إيضاح أكثر!
    تعليق المستشار أحمد عاصم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *