عقوبة إدارية – سلطة الإدارة – رقابة محكمة النقض على الملاءمة – لا

عقوبة إدارية – سلطة الإدارة – رقابة محكمة النقض على الملاءمة – لا

المحكمة الإدارية

القاعدة:

تتمتع الإدارة بسلطة تقدير ملاءمة العقوبة للمخالفة المرتكبة وهذه السلطة لا تخضع لرقابة المجلس الأعلى.

لما كان المقرر المطعون فيه يتضمن توقيع وزير التعليم الذي يعتبر قانونا هوالسلطة التي لها حق اتخاذ قرار التأديب فإن تذييله بتوقيعات أخرى لأغراض إدارية لا يشكل عيبا في المقرر المذكور.

العبرة باتخاذ المقرر الإداري بعد القيام بالإجراءات المتطلبة قانونا،وما دام أن الطاعن لم ينع على المقرر خرق الإجراءات المسطرية فإن طعنه بعدم الإشارة إلى أن وزير التعليم لم يكن قد وافق على العقوبة التي اقترحها المجلس التأديبي وأنه كان يرى اتخاذ عقوبة أشد وأنه احتكم إلى الوزير الأول في هذا الشأن لا يشكل طعنا في المقرر لأن الإدارة غير ملزمة ببيان ذلك في مقررها.

القرار  رقم 58

الصادر عن الغرفة الإدارية بتاريخ 18 مارس 1977

في الملف الإداري  رقم 49038

باسم جلالة الملك

بناء على طلب الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة المرفوع بتاريخ 6 شتنبر 1974 من طرف راشدي مصطفى بواسطة نائبه الأستاذ عبد الرحمان بنعمروالمحامي بالرباط ضد المقرر الصادر في 7 مارس 1974 عن السيد وزير التعليم الوطني.

وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 20 يوليوز 1976 تحت إمضاء السيد الكاتب العام عابد إدريس بلقاسمي النائب عن المطلوب ضده الإلغاء والرامية إلى الحكم برفض الطلب.

وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.

وبناء على قانون المسطرة المدنية.

وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 20 دجنبر 1976.

وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 11 مارس 1977.

وبعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار السيد محمد زين العابدين بنبراهيم في تقريره وإلى ملاحظات المحامي العام السيد عبد القادر المذكوري.

وبعد المداولة طبقا للقانون.

بناء على العريضة التي تقدم بها راشدي مصطفى بواسطة محاميه الأستاذ بنعمرويطلب فيها من المجلس بسبب الشطط في استعمال السلطة إلغاء المقرر الصادر بتاريخ 7 مارس 1974 عن وزير التعليم بعزله من وظيفته ابتداء من 6 مارس 1970 لمخالفة المقرر المذكور للفصول 60 و66 و71 من الظهير المنظم للوظيفة العمومية ولعدم ملاءمة العقوبة لحالته الاجتماعية وحيث أجاب السيد وزير التعليم الابتدائي والثانوي بمذكرة عرض فيها لملخص عن حياة الطاعن الإدارية والأسباب التي دعت إلى اتخاذ القرار المطعون فيه والإجراءات المسطرية التي تمت قبل اتخاذه مطالبا برفض طلب الطاعن لعدم ارتكازه على أساس.

فيما يخص الوسيلة الأولـى:

حيث ينعى الطاعن على المقرر المطعون فيه خرقه للفصل 60 ذلك أن السلطة التي تملك حق التأديب هي السلطة التي لها حق التسمية غير أن المقرر المطعون فيه نجده مذيلا بعدة توقيعات وقد صيغ بعبارة المبني للمجهول بحيث لا يعرف بالضبط الشخص الذي أصدر المقرر المطعون فيه.

لكن حيث إن المقرر المطعون فيه يتضمن توقيع وزير التعليم الذي يعتبر قانونا هوالسلطة التي لها حق اتخاذ قرار التأديب وأن تذييله بتوقيعات أخرى – لأغراض إدارية – لا يعتبر مطعنا فيه،لهذا فإن ما نعاه الطاعن على المقرر المذكور لا يعتبر خرقا لمقتضيات الفصل 65 الذي يعين السلطة التي تملك حق التأديب لا الفصل 60 المشار إليه بالوسيلة وبهذا تكون منعدمة الأساس.

فيما يخص الوسيلة الثانية:

حيث نعى الطاعن على المقرر المذكور خرقه للفصل 66 المشار إليه أعلاه وذلك بعدم بيانه لنوع العقوبة بالضبط على العزل مصحوب بتوقيف حق المعاش أوبغير توقيفه.

لكن حيث إن المقرر المطعون فيه ينص على العزل فقط من غير أن يشير إلى حرمان الطاعن من حقه في المعاش الذي يعتبر عقوبة أشد لهذا فإن المقرر لم يخرق مقتضيات الفصل 66 المشار إليه أعلاه.

وفيما يخص الوسيلة الثالثة:

حيث يعيب الطاعن على المقرر المذكور خرقه لمقتضيات الفصل 71 المشار إليه أعلاه ذلك أن المقرر أشار إلى رسالة صادرة من السيد الوزير الأول تحت رقم 3882/2 مؤرخة في 17 دجنبر 1973 الأمر الذي يفيد أن السيد وزير التعليم لم يوافق على العقوبة التي اقترحها المجلس التأديبي وأنه كان يرى اتخاذ عقوبة أشد وأنه احتكم إلى السيد الوزير الأول غير أن المقرر المطعون فيه لم يوضح ذلك الأمر الذي يعتبر خرقا لمقتضيات الفصل 71 المشار إليه.

لكن حيث إن العبرة باتخاذ المقرر الإداري بعد القيام بالإجراءات القانونية التي يحتم القانون إجراءها قبل إصداره، وما دام الطاعن لم ينع على المقرر خرق الإجراءات المسطرية فإن طعنه بعدم التنصيص عليها في المقرر لا يعتبر لأن الإدارة غير ملزمة ببيان ذلك في مقررها.

وفيما يخص الوسيلة الأخيرة:

حيث ينعى الطاعن على المقرر المذكور عدم ملاءمة العقوبة لحالته الإدارية والاجتماعية ذلك أنه كان دوما حسن السلوك ومستقيما في عمله ويعتبر من المعلمين المبرزين،وأن العقوبة الصادرة عليه من المحكمة ذات طبيعة خاصة، وأنه متزوج وله ثلاثة أطفال،كل هذا يبرر تمتعه بأقصى ما يمكن من ظروف التخفيف وإبدال العقوبة بعقوبة أخف …

لكن حيث إن الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية غير خاضعة لرقابة المجلس فيما يخص ملاءمة العقوبة للمخالفة المرتكبة من طرف الموظف،لهذا فإن هذا الطعن غير مقبول.

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى برفض الطلب.

وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالمشور وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة : الرئيس الأول إبراهيم قدارة ورئيس الغرفة الإدارية مكسيم أزولاي والمستشارين : عمر التازي ومحمد زين العابدين، بنبراهيم    ومحمد الجيدي وبمحضر السيد الوكيل العام لجلالة الملك السيد أحمد مجيد بن جلون وبمساعدة كاتب الضبط السيد عبد الغفور بوعياد.

2 Replies to “عقوبة إدارية – سلطة الإدارة – رقابة محكمة النقض على الملاءمة – لا”

  1. يشير القرار إلى أن للإدارة سلطة تقدير ملاءمة العقوبة للمخالفة المرتكبة،لكن ما مدى هذه السلطة أهي سلطة مطلقة وبلا حدود ولماذا ؟
    حقا إن المشرع لم يسلك بالنسبة للجزاء التأديبي ما سلكه بالنسبة للعقاب الجنائي فلم يحدد لكل مخالفة إدارية الجزاء المقرر لها وإنما اكتفى بتحديد العقوبات التأديبية التي يمكن أن توقعها الإدارة ضد المخالفات الإدارية تحديدا متدرجا من الجزاء الأخف إلى الخفيف ومن الشديد إلى الأشــد.
    لكن هل يعني هذا أن الإدارة حرة في أن توقع أي جزاء يروق لها ضد أية مخالفة مهما كانت بساطتها وأنه لا يوجد أي معيار لتحديد ملاءمة العقوبة إذا كان الأمر كذلك،فلماذا هذا التدرج في العقوبات التأديبية الذي حرص المشرع على إبرازه في الفصل 66 من قانون الوظيفة العمومية حيث قرر صرامة بأن هذه العقوبات ترتب حسب تزايد الخطورة، وما معنى هذه العبارة : مرتبة حسب تزايد الخطورة إذا لم يكن أن المشرع أراد أن يشعر الإدارة بأنها ليست حرة في إنزال العقوبات وأن هناك معيار موضوعي يجب التقيد به في كل حالة على حدة وهوأن تكون العقوبة مناسبة لخطورة المخالفة المقترفة وبالتالي إشعار المجلس الأعلى الذي له صلاحية مراقبة مشروعية القرار الإداري بضرورة التدخل كلما انعدمت الملاءمة بين الخطأ والجزاء بشكل بين أوبعبارة أدق كلما كان القرار الإداري مشوبا بالغلوفي استعمال السلطة.
    ونظرية التعسف أوالغلوفي إيقاع الجزاء التأديبي معروفة في القضاء الإداري وإليها تشير المحكمة الإدارية العليا المصرية في قرارها حيث قالت :
    لئن كانت للسلطات التأديبية وبينها المحاكم التأديبية بسلطة تقدير خطورة الذنب وما يناسبه من جزاء وبدون تعقيب عليها في ذلك إلا أن مناطق مشروعية هذه السلطات شأنها في ذلك شأن أية سلطة تقديرية أخرى ألا يشوب استعمالها غلو،ومن صور هذا الغلوعدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري وبين نوع الجزاء ومقداره،ففي هذه الصورة تتعارض نتائج عدم الملاءمة الظاهرة مع الهدف الذي توخاه القانون من التأديب والهدف الذي توخاه القانون من التأديب هوبوجه عام تأمين انتظام المرافق العامة ولا يتأتى هذا التأمين إذا انطوى الجزاء على مقارنة صارخة.فركوب متن الشطط في القسوة يؤدي إلى أحجام عمال المرافق العامة عن حمل المسؤولية خشية التعرض لهذه القسوة الممعنة في الشدة والإفراط المسرف في الشفقة يؤدي إلى استهانتهم بأداء واجباتهم طمعا في هذه الشفقة المفرطة في اللين، فكل من طرفي النقيض لا يؤمن انتظام سير المرافق العامة،وبالتالي يتعارض مع الهدف الذي رمى إليه القانون من التأديب،وعلى هذا الأساس يعتبر استعمال سلطة تقدير الجزاء من هذه الصورة مشوبا بالغلوفيخرج التقدير من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية،ومن ثم يخضع لرقابة هذه المحكمة ومعيار عدم المشروعية في هذه الصورة ليس معيارا شخصيا وإنما هومعيار موضوعي قوامه أن درجة خطورة الذنب الإداري لا يتناسب البتة مع نوع الجزاء ومقداره .
    تعليق المستشار أحمد عاصم

  2. يشير القرار إلى أن للإدارة سلطة تقدير ملاءمة العقوبة للمخالفة المرتكبة،لكن ما مدى هذه السلطة أهي سلطة مطلقة وبلا حدود ولماذا ؟
    حقا إن المشرع لم يسلك بالنسبة للجزاء التأديبي ما سلكه بالنسبة للعقاب الجنائي فلم يحدد لكل مخالفة إدارية الجزاء المقرر لها وإنما اكتفى بتحديد العقوبات التأديبية التي يمكن أن توقعها الإدارة ضد المخالفات الإدارية تحديدا متدرجا من الجزاء الأخف إلى الخفيف ومن الشديد إلى الأشــد.
    لكن هل يعني هذا أن الإدارة حرة في أن توقع أي جزاء يروق لها ضد أية مخالفة مهما كانت بساطتها وأنه لا يوجد أي معيار لتحديد ملاءمة العقوبة إذا كان الأمر كذلك،فلماذا هذا التدرج في العقوبات التأديبية الذي حرص المشرع على إبرازه في الفصل 66 من قانون الوظيفة العمومية حيث قرر صرامة بأن هذه العقوبات ترتب حسب تزايد الخطورة، وما معنى هذه العبارة : مرتبة حسب تزايد الخطورة إذا لم يكن أن المشرع أراد أن يشعر الإدارة بأنها ليست حرة في إنزال العقوبات وأن هناك معيار موضوعي يجب التقيد به في كل حالة على حدة وهوأن تكون العقوبة مناسبة لخطورة المخالفة المقترفة وبالتالي إشعار المجلس الأعلى الذي له صلاحية مراقبة مشروعية القرار الإداري بضرورة التدخل كلما انعدمت الملاءمة بين الخطأ والجزاء بشكل بين أوبعبارة أدق كلما كان القرار الإداري مشوبا بالغلوفي استعمال السلطة.
    ونظرية التعسف أوالغلوفي إيقاع الجزاء التأديبي معروفة في القضاء الإداري وإليها تشير المحكمة الإدارية العليا المصرية في قرارها حيث قالت :
    لئن كانت للسلطات التأديبية وبينها المحاكم التأديبية بسلطة تقدير خطورة الذنب وما يناسبه من جزاء وبدون تعقيب عليها في ذلك إلا أن مناطق مشروعية هذه السلطات شأنها في ذلك شأن أية سلطة تقديرية أخرى ألا يشوب استعمالها غلو،ومن صور هذا الغلوعدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري وبين نوع الجزاء ومقداره،ففي هذه الصورة تتعارض نتائج عدم الملاءمة الظاهرة مع الهدف الذي توخاه القانون من التأديب والهدف الذي توخاه القانون من التأديب هوبوجه عام تأمين انتظام المرافق العامة ولا يتأتى هذا التأمين إذا انطوى الجزاء على مقارنة صارخة.فركوب متن الشطط في القسوة يؤدي إلى أحجام عمال المرافق العامة عن حمل المسؤولية خشية التعرض لهذه القسوة الممعنة في الشدة والإفراط المسرف في الشفقة يؤدي إلى استهانتهم بأداء واجباتهم طمعا في هذه الشفقة المفرطة في اللين، فكل من طرفي النقيض لا يؤمن انتظام سير المرافق العامة،وبالتالي يتعارض مع الهدف الذي رمى إليه القانون من التأديب،وعلى هذا الأساس يعتبر استعمال سلطة تقدير الجزاء من هذه الصورة مشوبا بالغلوفيخرج التقدير من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية،ومن ثم يخضع لرقابة هذه المحكمة ومعيار عدم المشروعية في هذه الصورة ليس معيارا شخصيا وإنما هومعيار موضوعي قوامه أن درجة خطورة الذنب الإداري لا يتناسب البتة مع نوع الجزاء ومقداره .
    تعليق المستشار أحمد عاصم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *