جريمة قتل بطلق ناري واحد – إدانة متهمين اثنين!!!
القاعدة:
ثبوت أن القرار نص في طليعته عن الهيئة التي أصدرته في نفس اليوم الذي نوقشت فيه القضية فتكون الهيئة المنصوص عليها فيه هي التي أصدرته وناقشت القضية في آن واحد.
لما اقتنعت المحكمة بأن الموت تسبب فيه المتهمان معا وأنهما كانا عالمين بالنتيجة التي أفضى إليها فعلهما وأن نية القتل العمد كانت متوفرة لديهما وأبرزت بما فيه الكفاية قناعتها هذه فلا ضير في عدم تبيان الفعل الذي قام به كل واحد من المتهمين إذا ما تعذر ذلك.
القرار رقم 1061
الصادر بتاريخ 23 يونيو77
في الملفين الجنائيين رقم 85 – 47784
باسم جلالة الملك
بناء على طلبي النقض المرفوعين من الشريف أحمد حمادي الطاهر ومرزوق عماروش عمر بمقتضى تصريحين أدليا بهما بتاريخ تاسع مايو 1974 أمام رئيس مؤسسة السجن المدني بالناظور والراميين إلى نقض الحكم الصادر عليهما حضوريا في سادس مايو1974 من محكمة الجنايات سابقا بالمدينة المذكورة بسبع عشرة سنة وذلك عن جناية القتل العمد وبأدائهما على وجه التضامن بينهما مبالغ مالية مختلفة للمطالبين بالحق المدني.
إن المجلس:
بعد أن تلا السيد المستشار محمد أمين الصنهاجي التقرير المكلف به في القضية.
وبعد الإنصات إلى السيد حسن العوفير المحامي العام في طلباته.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
وبعد ضم الملفين لارتباطهما .
حيث إن طالبي النقض كانا يوجدان رهن الاعتقال خلال الأجل المضروب لطلب النقض فهما معفيان بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 581 من قانون المسطرة الجنائية من الإيداع المقرر بالفقرة الأولى من نفس الفصل .
وحيث أنهما أدليا بمذكرتين بإمضاء الأستاذ إدريس المراكشي المحامي بالرباط والمقبول للترافع أمام المجلس الأعلى ضمناهما أوجه الطعن.
وحيث كان الطلبان علاوة على ذلك موافقين لما يقتضيه القانون.
فإنهما مقبولان شكلا.
في الموضوع:
نظرا للمذكرتين المدلى بهما من لدن طالبي النقض .
وبعد الاطلاع على مذكرة الجواب المدلى بها من لدن المطلوبين فيه.
في شأن وسيلة النقض الأولى المثارة في كلتا المذكرتين والمتخذة من خرق الإجراءات الأساسية، خرق مقتضيات الفصلين 298 و352 من قانون المسطرة الجنائية، ذلك أن الحكم المطعون فيه ليس به ما يفيد أن الهيئة التي ناقشت القضية هي التي أصدرت الحكم.
حيث إن الحكم المطعون فيه الصادر عن محكمة الجنايات نص في طليعته عن الهيئة التي أصدرته بكاملها وقد صدر في نفس اليوم الذي نوقشت فيه القضية فتكون الهيئة المنصوص عليها فيه هي التي أصدرته وناقشت القضية في آن واحد، مما تكون معه الوسيلة غير مجدية.
وفي شأن وسيلة النقض الثانية كذلك المتخذة من خرق حقوق الدفاع، خرق مقتضيات الفصل 459 من قانون المسطرة الجنائية ذلك أن دفاع المتهمين والمطالبين بالحق المدني وممثل النيابة العامة طالبوا بتأجيل القضية لاستدعاء بقية الشهود الذين لم يحضروا للجلسة وذلك في بدء المناقشة، والمحكمة رفضت طلب التأخير وعللت ذلك بأنه بعد مراجعة تصريحات الشهود الذين لم يحضروا اتضح أنها سوف لا تضيف أي شيء لقناعة المحكمة فكيف أمكن للمحكمة أن تقول بأنها مقتنعة قبل الاستماع إلى المتهمين والشهود وعرض وسائل الإثبات والاستماع إلى مراجعة الاتهام والدفاع.
حيث إن أمر استدعاء الشهود الذين لم يحضروا وتأجيل القضية لدورة مقبلة أوالاستغناء عن ذلك موكول للسلطة التقديرية التي لمحكمة الموضوع في هذا المجال ، والمحكمة عندما صرحت في حكمها بأنه بعد مراجعة تصريحات الشهود الذين لم يحضروا اتضح أن تلك التصريحات سوف لا تضيف أي شيء لقناعة المحكمة إنما صرحت بذلك بعد الاستماع لجميع الأطراف وختم باب المناقشة وبعد التداول في القضية ودراسة وثائق الملف ومحتوياته ومن حقها أن تلتجئ إلى تأجيل الجواب على المطالب الأولية وضمها إلى الجوهر ولا يعتبر ذلك في شيء ماسا بحقوق الدفاع مما تكون معه الوسيلة على غير أساس.
في شأن وسيلة النقض الثالثة أيضا المتخذة من خرق الإجراءات الأساسية للمسطرة خرق مقتضيات الفصل 324 من قانون المسطرة الجنائية والفصل 465 و470 من نفس القانون ذلك أن المحكمة استمعت إلى إفادة زوجة الضحية وابنه بدون أن تشملهما قائمة الشهود المبلغة للمتهمين وبدون أن يؤديا اليمين القانونية وبدون أن يستدعيا أوتستقدمهما المحكمة.
حيث يستفاد من تنصيصات الحكم المطعون فيه أن أرملة الضحية وولده أحمد استمعت إليهما المحكمة على سبيل الاستئناس ودون أدائهما اليمين القانونية لمكان قرابتهما الأكيدة من الضحية ولكونهما من ضمن المطالبين بالحق المدني، ومادام الأمر كذلك وأن المحكمة استمعت إليهما على سبيل استئناس وبوصفهما مطالبين بالحق المدني فلا يؤثر عدم إدراج اسمهما في قائمة الشهود المبلغة وعدم أدائهما القسم القانوني على الحكم في شيء، مما تكون معه الوسيلة غير حرية بالاعتبار.
وفي شأن وسيلة النقض الرابعة بالنسبة للمذكرتين كذلك المتخذة من خرق المبادئ الجوهرية للقانون ذلك أن المحكمة بنت قناعتها بأن الضحية مات مقتولا على ما ورد في التقرير الطبي الذي يفيد أنه وجد برأس الضحية جرح نتيجة اختراق ثاقبة اخترقت رأسه من اليمين إلى اليسار وجادلا في ذلك أن الضحية أصيب بطلقة نارية اخترقت رأسه وذلك يعني أن الرصاصة أطلقها أحد المتهمين وليسا معا، فتكون المحكمة حين أدانت المتهمين معا بارتكابهما عملا واحدا لا يمكن أن يصدر إلا عن واحد منهما تكون قد اعتبرتهما متضامنين في المسؤولية الجنائية وهوأمر غير جائز قانونا.
حيث ورد في الحكم المطعون فيه، بعد ذكر الحيثيات التي أبرزت فيها المحكمة موجبات اقتناعها بارتكاب المتهمين معا جريمة القتل عمدا ما يلي : “وحيث إن المحكمة الجنائية لتجد فيما ذكر أعلاه ما يشكل دلائل كافية لإدانة المتهمين وبالتالي ما يوفر لها القناعة التامة بارتكابهما الأفعال المنسوبة إليهما، وحيث استعمل المتهمان في اقتراف جرمهما سلاحا هوعبارة عن قذيفة ثاقبة إلى جانب العنف ومن شأن ذلك تسبب الموت ومن تم ترى المحكمة أن المتهمين كانا عالمين بالنتيجة التي أفضى إليها فعلهما وبالتالي أن نية القتل العمد كانت متوفرة لديهما، وحيث أنه بهذا الاعتبار تكون المحكمة مقتنعة بأن الأفعال المنسوبة للمتهمين ثابتة في حقهما وتكيف بجناية القتل العمد طبقا للفصل 392 من مجموعة القانون الجنائي”.
وحيث يستفاد من ذلك أن المحكمة أبرزت بما فيه الكفاية اقتناعها بكون القتل ارتكب من طرف المتهمين ولا يضر عدم تبيان الفعل الذي قام به كل واحد منهما لتعذر ذلك ما دامت قد اقتنعت بأن الموت تسبب فيه المتهمان معا وأنهما كانا عالمين بالنتيجة التي أفضى إليها فعلهما وأن نية القتل العمد كانت متوفرة لديهما مما تكون معه الوسيلة على غير أساس.
وفي شأن وسيلة النقض الخامسة كذلك المتخذة من ضعف التعليل الموازي لانعدامه ذلك أن المحكمة بنت قناعتها على وجود تصريحات متناقضة صادرة عن المتهمين خلال استنطاقهما في الجلسة دون أن توضح ما هي هذه التناقضات، وأن إفادة الشهود الذين استمعت إليهم كانت كلها قرائن تدل على براءة العارضين مما نسب إليهما، كما أن المحكمة وجدت في إبلاغ المتهمين للسلطة المحلية بالحادث، والبحث عن الضحية قبل ذلك بمنزله واصطحاب ابنه معهما للبحث قرائن للإدانة في حين أنها قرائن تبعد عنهما كل شبهة .
حيث إن ما ورد في الوسيلة يشكل خليطا من الواقع والقانون ومجادلة في قيمة حجج الإثبات التي حظيت بالقبول من لدن قضاة الزجر في حدود سلطتهم التقديرية التي لا تخضع لرقابة المجلس الأعلى عملا بمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 568 من قانون المسطرة الجنائية مما تكون معه غير مقبولة.
وفي شأن وسيلة النقض السادسة كذلك المتخذة من القصور في البيانات الأساسية خرق الفصل 473 من قانون المسطرة الجنائية إذ أن الحكم المطعون فيه لا يفيد أن الرئيس أمر الشهود الحاضرين بالانسحاب إلى القاعة المعدة لهم ولا يخرجون منها
حيث إنه لئن كان الحكم المطعون فيه لم يشر فيه إلى إخراج الشهود الحاضرين من الجلسة إلى القاعة المعدة لهم فإن المحضر الصحيح شكلا والمحرر طبقا لمقتضيات الفصل 498 من قانون المسطرة الجنائية نص على ذلك بصراحة في صفحته الرابعة ، بالإضافة إلى أن الفقرة الثانية من الفصل الآنف الذكر نصت على أن الإجراءات المقررة قانونيا لسير جلسات المحاكم الجنائية تعتبر قد استكملت اللهم إلا إذا أشير بكيفية صريحة إلى عدم تطبيقها في المحضر أوفي الحكم أوفي طلب تسجيل ذلك، الأمر الذي لا يتوفر في النازلة الحالية، مما تكون معه الوسيلة غير ذات اعتبار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه سالم من كل عيب شكلي وإن الأحداث التي صرحت المحكمة بثبوتها بما لها من سلطان ينطبق عليها الوصف القانوني المأخوذ به كما أنها تبرر العقوبة المحكوم بها.
من أجله
قضى برفض الطلبين المرفوعين من الشريف أحمد ومحمادى الطاهر ومرزوق اعماروش عمر وحكم على كل واحد منهما بأداء الصائر ومبلغه مائتا درهم يستخلص طبق الإجراءات المقررة في قبض صوائر الدعاوى الجنائية مع تحديد الإجبار في أدنى أمده القانوني.
وبه صدر الحكم وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى الكائن بساحة الجولان بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من نفس الأعضاء الذين كانت متركبة منهم خلال المرافعات بالجلسة العمومية بتاريخ 16 يونيو1977 وهم السادة رئيس الجلسة عبد السلام الحاجي والمستشارون محمد الصبار الاخصاصي وعلي أيوبي ومحمد أمين الصنهاجي ومحمد الجاي بمحضر المحامي العام السيد حسن العوفير الذي كان يمثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط السيد محمد المريني .
2 Replies to “جريمة قتل بطلق ناري واحد – إدانة متهمين اثنين!!!”
تعليق
في غالب الأحوال، وعندما يتعلق الأمر بارتكاب عدة أفعال من أكثر من شخص واحد تهدف إلى غاية واحدة مثل جريمة القتل وإزهاق روح إنسان فإن المحكمة المعروضة على أنظارها تلك الأفعال تستطيع من خلال البحث الذي قامت به ومن الأدلة التي توفرت لديها أن تتعرف على الدور الذي قام به كل فاعل، وأن تميز بين المتهم الذي قام بتنفيذ الأعمال المادية التي أودت بحياة ذلك الإنسان وبين المتهم الذي لم يكن له دور بالمرة أوكان له دور المساعدة والمشاركة فقط، وحينئذ فيجب عليها أن تحدد في قرارها الفعل الذي قام به كل واحد من المتهمين وتكيفه التكييف القانوني المناسب.
ولكن يحدث أحيانا أن تجد المحكمة نفسها أمام فعل واحد منسوب إلى أكثر من متهم ولا يتأتى لها رغم التحقيقات التي أجريت والإجراءات التي اتخذت أن تتوصل إلى معرفة الشخص بالذات الذي قام بتنفيذ الجريمة مع اقتناعها بواسطة ما توفر لديها من الحجج بأن المتهمين كان بينهم سابق اتفاق على تنفيذ الجريمة وأنها نفذت فعلا بواسطتهم ولكن في ظروف غامضة ظل فيها الفاعل الأصلي مجهولا، فقد يسمع أحد المارة نداء استغاثة ويتوجه إلى مصدره فيلاحظ شخصا يتخبط في دمائه ورجلين يفران بأنفسهما ويشير إليه المعتدى عليه، وهويلفظ أنفاسه الأخيرة، بأن القاتل هما الشخصان الفاران، ويتشبث المتهمان بالإنكار في سائر المراحل أويحاول كل واحد منهما أن ينسب الفعل لصاحبه، وتتأكد المحكمة من أنهما كانا متفقين على جعل حد لحياة ذلك المقتول، ولكن أي منهما باشر الفعل المادي المؤدى إلى إزهاق الروح؟ وما هودور الآخر؟، هذا ما يعجز البحث عن الجواب عنه حينئذ يعتبر كل واحد منهما مرتكبا للجريمة بالتساوي ويعاقبان معا بنفس الصفة.
وهكذا الشأن بالنسبة للنازلة التي هي موضوع الحكم المطعون فيه بطريق النقض:
فقد وجد شخص ميتا وزعم المتهمان أنه سقط في هوة سحيقة إثر مطاردته وتوصلت المحكمة إلى النتيجة وهي أن الشخص لم يمت من جراء سقوطه في الهوة ولكن بسبب رميه برصاصة من أحد المتهمين بعد سابق اتفاق بينهما على جعل حد لحياته لغاية في نفسهما، وتم تنفيذ الجريمة بواسطتها، ولكن ظل الشخص الذي أطلق الرصاصة بالفعل من بينهما مجهولا، فاعتبرتهما المحكمة لذلك مرتكبين معا وعاقبتهما على حد سواء.
الأستاذ محمد الصنهاجي
تعليق
في غالب الأحوال، وعندما يتعلق الأمر بارتكاب عدة أفعال من أكثر من شخص واحد تهدف إلى غاية واحدة مثل جريمة القتل وإزهاق روح إنسان فإن المحكمة المعروضة على أنظارها تلك الأفعال تستطيع من خلال البحث الذي قامت به ومن الأدلة التي توفرت لديها أن تتعرف على الدور الذي قام به كل فاعل، وأن تميز بين المتهم الذي قام بتنفيذ الأعمال المادية التي أودت بحياة ذلك الإنسان وبين المتهم الذي لم يكن له دور بالمرة أوكان له دور المساعدة والمشاركة فقط، وحينئذ فيجب عليها أن تحدد في قرارها الفعل الذي قام به كل واحد من المتهمين وتكيفه التكييف القانوني المناسب.
ولكن يحدث أحيانا أن تجد المحكمة نفسها أمام فعل واحد منسوب إلى أكثر من متهم ولا يتأتى لها رغم التحقيقات التي أجريت والإجراءات التي اتخذت أن تتوصل إلى معرفة الشخص بالذات الذي قام بتنفيذ الجريمة مع اقتناعها بواسطة ما توفر لديها من الحجج بأن المتهمين كان بينهم سابق اتفاق على تنفيذ الجريمة وأنها نفذت فعلا بواسطتهم ولكن في ظروف غامضة ظل فيها الفاعل الأصلي مجهولا، فقد يسمع أحد المارة نداء استغاثة ويتوجه إلى مصدره فيلاحظ شخصا يتخبط في دمائه ورجلين يفران بأنفسهما ويشير إليه المعتدى عليه، وهويلفظ أنفاسه الأخيرة، بأن القاتل هما الشخصان الفاران، ويتشبث المتهمان بالإنكار في سائر المراحل أويحاول كل واحد منهما أن ينسب الفعل لصاحبه، وتتأكد المحكمة من أنهما كانا متفقين على جعل حد لحياة ذلك المقتول، ولكن أي منهما باشر الفعل المادي المؤدى إلى إزهاق الروح؟ وما هودور الآخر؟، هذا ما يعجز البحث عن الجواب عنه حينئذ يعتبر كل واحد منهما مرتكبا للجريمة بالتساوي ويعاقبان معا بنفس الصفة.
وهكذا الشأن بالنسبة للنازلة التي هي موضوع الحكم المطعون فيه بطريق النقض:
فقد وجد شخص ميتا وزعم المتهمان أنه سقط في هوة سحيقة إثر مطاردته وتوصلت المحكمة إلى النتيجة وهي أن الشخص لم يمت من جراء سقوطه في الهوة ولكن بسبب رميه برصاصة من أحد المتهمين بعد سابق اتفاق بينهما على جعل حد لحياته لغاية في نفسهما، وتم تنفيذ الجريمة بواسطتها، ولكن ظل الشخص الذي أطلق الرصاصة بالفعل من بينهما مجهولا، فاعتبرتهما المحكمة لذلك مرتكبين معا وعاقبتهما على حد سواء.
الأستاذ محمد الصنهاجي