مسؤولية تقصيرية – خطأ الصبي غير المميز – مساهمته في حدوث الضرر – لا
القرار رقم 17
الصادر بتاريخ 12 يناير 77
في الملف المدني رقم 35211
القاعدة:
إن مناط مسؤولية الضحية هوالخطأ ومادام الضحية طفلا غير مميز لا يتصور صدور أي خطأ منه وحتى على فرض قيام الضحية بأعمال ساهمت في وقوع الاصطدام فإنها لا توصف بكونها خطأ بالمعنى القانوني يقتضي تحميله مسؤولية الحادثة .
باسم جلالة الملك
بناء على طلب النقض المرفوع بتاريخ 12/1/1971 من طرف شركة التأمين وشركة النقل بواسطة نائبهما الأستاذ امحمد بوستة ضد حكم محكمة الاستئناف بفاس الصادر بتاريخ 2/7/1970 في القضية المدنية عدد 22238
وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 6/7/1976 تحت إمضاء الأستاذ التوزاني محمد النائب عن المطلوب ضده النقض المذكور حوله والرامية إلى رفض الطلب
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر 1974
وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 23/10/1976
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 5/1/1977
وبعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار المقرر السيد محمد بنبراهيم في تقريره وإلى ملاحظات المحامي العام السيد عبد الكريم الوزاني
وبعد المناداة على نائبي الطرفين وعدم حضورهما
وبعد المداولة طبقا للقانون
فيما يخص الوسيلة الأولى والثانية:
حيث يؤخذ من أوراق الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بفاس تحت عدد 4802 بتاريخ 2 يونيه 1970 أنه بتاريخ 9 فبراير 1963 وقعت حادثة بالطريق رقم 1 الرابطة بين الدار البيضاء ووجدة ذلك أن سيارة النقل العمومي التي على ملك شركة النقل التازية يسوقها المالطي عبد السلام بن علال المؤمنة لدى شركة التأمين لوربان أولاسين صدمت الطفل محمد بن عبد القادر البالغ سنه حينذاك سبع سنوات وتوفي على إثر الحادثة وأن السائق توبع جنائيا فحكمت المحكمة الإقليمية ببراءته وأيدته محكمة الاستئناف بناء على أن أسباب الحادثة ظلت غامضة ولم تستطع المحكمة أن تجعل على عاتق المتهم أية مخالفة فتقدم أب الضحية وأمه فاطمة بنت محمد بمقال أمام المحكمة الإقليمية بتازة طالبين بناء على الفصل 88 من قانون العقود والالتزامات الحكم على الشركة حارسة السيارة وشركة التأمين لوربان أولاسين بأداء الأولى تعويضا مبلغه 15.000 درهم لكل واحد منهما وإحلال الثانية محلها في الأداء وذلك عن الأضرار التي لحقتهما بوفاة ولدهما وبعد المسطرة أصدرت المحكمة الإقليمية حكما قضى على شركة النقل التازية أوطوكار بأدائها للمدعيين 7500 درهم منها 5000 درهم للوالد والباقي للوالدة وبحلول شركة التامين محل شركة أوطوكار في الأداء.
بناء على أن المسؤولية يتحملها الضحية والسائق فاستأنفت شركة النقل التازية وشركة التامين الحكم الصادر عليهما وناقش الأطراف في المذكرات المتبادلة بينهما مسألة تحديد مسؤولية الحادث أصدرت المحكمة بعد ذلك قرارها المطعون فيه القاضي بتأييد الحكم المستأنف بناء على أن الضحية كان وقت الحادث لم يبلغ سن التمييز لهذا لا يمكن إلقاء المسؤولية على عاتقه وفي هاته الحالة تبقى المسؤولية على عاتق المسؤول المدني ولا تنزع منه بإثبات غلط الضحية.
وحيث تعيب الطاعنتان شركة النقل أوطوكار وشركة التأمين لوربان ولاسين على القرار المطعون فيه خرقه الفصول 189 – 266 – 237 من قانون المسطرة المدنية والفصل 88 من قانون العقود والالتزامات وانعدام التعليل الأساس القانوني ذلك أن المحكمة المصدرة له جعلت كامل مسؤولية الحادثة على عاتقهما معللة ذلك بكون الضحية لم تبلغ سن التمييز ولا يمكن بذلك أن تكون مسؤولية مع أن عدم بلوغ سن التمييز لم يمنعها من ارتكاب خطأ تسبب في وقوع الاصطدام وهذا ما يوضح أن المحكمة لم تميز بين المسؤولية والخطأ إذ أن عدم مسؤولية الضحية نظرا لسنها لا يمنع من كونها قامت بخطأ باجتيازها الطريق دون احتياط كما يعيبان عليه خرقه لمقتضيات الفصل 88 المشار إليه أعلاه ذلك أنه رغم إثباتهما أن الحادث يرجع لخطأ الضحية وأن السائق قام بكل ما يلزم لتلافي الاصطدام فإن المحكمة حملتهما كامل مسؤولية الحادث ولم تجب عن دفوعهما المتعلقة بهاته النقطة الأمر الذي يستوجب نقض القرار المطعون فيه.
لكن من جهة حيث إن مناط مسؤولية الضحية هنا هوالخطأ ومادام الضحية غير مميز لا يتصور صدور أي خطأ وهذا ما اعتمدته المحكمة – وعن صواب – حين قررت تحميل كامل المسؤولية على عاتق حارس السيارة وإبعادها عن الضحية لكونه لم يبلغ سن التمييز وأن الخلط الذي تحدثت عنه الوسيلة بين المسؤولية والخطأ ليس له ما يبرره إذ أن الضحية على فرض قيامها بأعمال ساهمت في وقوع الاصطدام فإنها لا توصف بكونها خطأ بالمعنى القانوني يقضي تحملها مسؤوليته.
ومن جهة ثانية حيث إن المحكمة لم تكن بحاجة إلى البحث في توفر شروط إعفاء الطاعنتين من مسؤوليتهما المفترضة التي يقررها الفصل 88 المشار إليه أعلاه ذلك أنه هاته الشروط ولوتوفرت بأنها لا تعفيها من المسؤولية طالما أن الأعمال التي قد يكون الضحية ساهم بها في الحادث لا تعتبر خطأ في مفهوم الفصل 76 من قانون العقود والالتزامات كما سبق القول وبالتالي تبقى كامل المسؤولية على عاتقهما لهذا فإن المحكمة لم تكن مجبرة على مناقشة ما أثير حول هاته النقطة أوالإجابة عنها وبهذا تكون الوسيلتان منعدمتي الأساس.
لأجل ما ذكر
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وعلى صاحبه بالصائر.
وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى ساحة لافيجيري بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من سيادة الرئيس الأول إبراهيم قدارة والمستشارين السادة : محمد زين العابدين بنبراهيم – مقررا – محمد العربي العلوي – أحمد عاصم – أحمد العلمي وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكريم الوزاني وبمساعدة كاتب الضبط سعيد المعروفي.