الأمي – لا يحسن التوقيع – لا – يجهل لغة العقد – نعم – إثبات الأمية – عدم مجادلة الخصم

الأمي – لا يحسن التوقيع – لا – يجهل لغة العقد – نعم – إثبات الأمية – عدم مجادلة الخصم

الأمي

القرار رقم 777

الصادر عن الغرفتين

بتاريخ 15 دجنبر 1976

القاعدة:

* لا يوجد أي نص قانوني يوجب على المحكمة إشعار الأطراف بضم الملفات قبل الحكم فيها .

* الصلح يشكل اتفاقا فلا يجوز إثباته بشهادة الشهود إن كان من شأنه أن ينقل أويعدل أوينهي التزاما تجاوز مبلغ 250 درهما كما هوالحال في النازلة.

* الأمي ليس هوالذي لا يحسن التوقيع ولكن الذي لا يعرف اللغة التي حرر بها العقد .

* يمكن لمن وقع على العقد بخط اليد أن يثبت أنه أمي .

* يقع الإثبات بكافة الوسائل – ويثبت بعدم مجادلة الفصل

* لما طلب الخصم فسخ العقد يكون قد طلب ضمنيا وبالضرورة إرجاع المتعاقدين إلى الحالة التي كان عليها قبل العقد.

 

باسم جلالة الملك

بناء على طلب النقض المرفوع بتاريخ 5/6/1974 من طرف الغريب محمد بواسطة نائبه الأستاذ بن لحسن ضد حكم محكمة الاستئناف بفاس الصادر بتاريخ 27/3/1974 في القضية المدنية عدد 125200.

وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 5/11/1974 تحت إمضاء الأستاذ موسى عبود النائب عن المطلوب ضده النقض المذكور حوله والرامية إلى رفض الطلب.

وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر 1974 .

وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 16/6/1974 .

وبناء على قرار 5/11/75 الأمر بالإحالة على غرفتين .

وبناء على قرار السيد الرئيس الأول الصادر بتاريخ 8/11/75 الرامي إلى تعيين الغرفة الإدارية لتنضم إلى الغرفة المدنية للبت في القضية.

وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 27/10/1976.

وبعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار المقرر السيد الحاج عبد الغني المومي في تقريره وإلى ملاحظات المحامي العام السيد عبد الكريم الوزاني.

وبعد المناداة على نائبي الطرفين وعدم حضورهما:

وبعد المداولة طبقا للقانون.

فيما يخص الوسيلة الأولى المستدل بها.

حيث يؤخذ من أوراق الملف ومن نسخة الحكم المطعون فيه (قرار محكمة الاستئناف بفاس عدد 2774 المؤرخ بثالث ربيع الأول 1394 موافق سابع وعشري مارس 1974) إلغاء الحكم المستأنف الصادر من إقليمية تازة عدد 543 المؤرخ بسادس عشر مايو1972 في خصوص ما قضى به من رد ثمن المبيع للمستأنف الغريب محمد دراهم (13000) وذلك لأن رد الثمن لم يطلبه واحد من الطرفين وفي خصوص ما قضى به أيضا على المدعى عليه المستأنف الغريب محمد من أداء التعويض لبديعة وأم كلثوم وذلك لأن ما استنتجته المحكمة الإقليمية من كون الغريب محمد كان وقت شرائه عالما بشراء المرأتين المذكورتين قبله هواستنتاج غير لازم لأن مجرد تقديم الغريب للمقال الاستعجالي نيابة عن زوجه السعدية بقصد طلب الحراسة القضائية لا يقتضي علمه بالبيع الواقع بين المنيني والمرأتين المذكورتين الأمر الذي يفيد عدم المبرر القانوني للحكم على الغريب بالتعويض.

وبتأييد الحكم المستأنف في باقي فصوله التي في مقدمتها ما هوموضوع طلب بالدرجة الأولى وهوإبطال عقد البيع المؤرخ بــ 21/1/71 المبرم بين عبد السلام المنيني وبين الغريب محمد في شأن الملك المسجل تحت عدد 99 حرف الفاء المبين بالمقال والمحتوى على مياتير 3700 وعلى المحافظ بالتشطيب عليه وبتقييد البيع المؤرخ 21 يوليوز 1970 المبرم بين عبد السلام المنيني من جهة وبين بديعة وأم كلثوم من جهة أخرى لعدم منازعة المنيني المذكور في شرائهما (بديعة مياتير 400 وأم كلثوم مياتير 516).

وبناء على أن موضوع النزاع يتعلق بعين المبيع.

وبناء على أن الغبن الناتج عن التدليس لا يكون متصفا بالواقعية إلا في حالة ما إذا كان المبيع محل اتفاق بين الطرفين غير أن الرضا فيه مشوب بالغبن وليست هاته حالة النازلة.

وبناء على أن المنيني لا ينكر بيعه للغريب محمد قطعة صغيرة رقم (10) لا تمثل إلا جزءا صغيرا (مياتير 378  في عقار النزاع وإنما يطعن فقط في عقد البيع الذي يتمسك به الغريب محمد بحجة عدم التعرف على مضمونه وقت التوقيع عليه لتحريره بالفرنسية ولأميته ولتمسكه بالفصل 427 من قانون العقود والالتزامات.

وبناء على أن المستأنف لم يجادل في أمية البائع المذكور ولم ينسب له المعرفة بأية لغة وبناء على أن الفصل المذكور 427 لا يعتبر التزامات الأميين إلا إذا تلقاها موظفون رسميون.

وبناء على أن الاجتهاد القضائي استقر على كون الأمي هوالذي لا يمكنه التعرف على مضمون العقد بنفسه إذ لا يعقل اعتبار الإنسان غير أمي لمجرد كونه يحسن التوقيع.

وحيث يعيب طالب النقض الغريب محمد على القرار المطعون فيه خرقه القواعد الجوهرية للمسطرة وعدم تعليله وعدم ارتكازه على أساس قانوني وخاصة خرق الفصل 154 من قانون المسطرة المدنية ذلك أن ضم الملفات الثلاثة 157 . 30 – 158؟ 30 – 648 . 30 كان يوجب إشعار كل الأطراف وتبليغهم المذكرات الموضوعية بكل الملفات.

لكن من جهة حيث أنه لا يوجد أي نص قانوني يوجب على المحكمة إشعار الأطراف بضم الملفات قبل أن تصدر حكمها بذلك ومن جهة أخرى أن الطالب لم يوضح ما هي المذكرات التي لم يقع تبليغها حتى يمكن المجلس الأعلى من ممارسة حق مراقبته، فإن الوسيلة غير مرتكزة على أساس في فرعها الأول وغير مقبولة في فرعها الثاني.

وفيما يرجع للوسيلة الثانية :

حيث يؤاخذ طالب النقض على محكمة الاستئناف خرق القواعد الأساسية للقانون وفقدان التعليل وانعدام الأساس القانوني ذلك أنه ركز استئنافه على أن الفصول 54 و55 من قانون العقود والالتزامات لا تطبق على المعاملة التي أجراها الحاج عبد السلام المنيني معه حيث إن هذا الأخير لم يكن لا مريضا ولا فاقدا للتمييز حين المعاملة ولا قاصرا أوناقصا للأهلية غير أن القرار المطعون فيه لم يجب على هذه النقط.

لكن حيث يستفاد من القرار المطلوب نقضه أنه أشار إلى الدفاع المذكور أعلاه أجاب عنه في حيثية من حيثياته التي ورد فيها “أن تعلق النزاع هنا بين الطرفين بعين المبيع يجعل تطبيق عيوب الرضي على نزاعهما غير متصف بالواقعية وبالتالي يجعل اعتماد المحكمة الأولى على الفصول المتعلقة بعيوب الرضي في غير مركزه مما تكون معه الوسيلة مخالفة للواقع.

وفيما يتعلق بالوسيلة الثالثة:

حيث عيب على القرار المشار إليه خرقه للقانون وفقدان التعليل وانعدام الأساس القانوني وذلك أنه دعم استئنافه بأربع شهادات كتابية جاء فيها أن الحاج عبد السلام المنيني تعويضا منه لربيبته السعدية المنيني التي ينوب عنها الغريب محمد عما تطالبه به بصفته مقدما عليها وعلى أخوتها سلم لها قطعة بونوبيير محل النزاع وقد اتفق الأطراف على أن يحرر هذا التسليم في شكلي عقد بيع للغريب محمد بثمن رمزي حتى لا تفتح أبواب لورثة آخرين ليطالبوا بحظوظ في هذه القطعة غير أن القرار المطعون فيه أبعد هذه الشهادات بناء على الفصلين 443 و444 من ظهير العقود والالتزامات في حين أنها تثبت واقعا يمكن إثباته بكل الوسائل إذ أن الشهادات لم تأت بالمعاملة نفسها وإنما شهدت بصلح وقع بين الأطراف.

لكن حيث إن الصلح يشكل اتفاقا وبالتالي لا يجوز إثباته بشهود طبقا للفصلين المشار إليهما إن كان من شأنه أن ينشئ أوينقل أويعدل أوينهي التزاما تجاوزت قيمته 250 درهم كما هوالشأن في النازلة الأمر الذي يجعل الوسيلة بدون أساس.

وفيما يخص الوسيلة الرابعة :

وحيث طعن في القرار المطلوب نقضه بكونه ركز بطلان العقد المتنازع في شأنه على الفصل 427 من قانون العقود والالتزامات في حين أن هذا العقد رفع أمام ضابط رسمي شهد بمعرفته لتوقيع الحاج عبد السلام المنيني وشخصه وفي حين أنه إذا كان هذا الأخير لا ينكر توقيعه على العقد الذي سلم بمقتضاه تجزئة بونويير إلى الغريب محمد وإنما بعقدين باللغة الفرنسية كتبا بنفس الآلة التي كتب بها العقد الآخر.

لكن من جهة حيث إن محكمة الاستئناف لم تصرح بأن الحاج عبد السلام المنيني لم يوقع على العقد بل على العكس من ذلك قالت بأن العقد يحمل توقيعه غير أنها على الرغم من ذلك قضت بإبطاله بناء على الفصل 427 المشار إليه أعلاه، ذلك أن الحاج عبد السلام المنيني الذي ادعى الأمية أي عدم معرفته اللغة المحرر بها العقد المتنازع في شأنه قد أتثبتها طبقا للمبدأ القائل بأنه من ادعى شيء يقع عليه عبأ إثباته وأن محكمة الدرجة الثانية اعتبرت بما لها من سلطة تقديرية ثبوت أمية البائع الحاج عبد السلام المنيني من عدم مجادلة الغريب محمد لهذه الواقعة التي يمكن إثباتها بأية وسيلة من وسائل الإثبات، ومن جهة أخرى حيث إن ما ورد في الفرع الثاني من الوسيلة يتعلق بمحض الواقع الذي يخرج عن حدود اختصاص المجلس الأعلى فإن الوسيلة غير مرتكزة على أساس في فرعها الأول وغير مقبولة فيما عداه.

وفيما يرجع للوسيلة الخامسة:

حيث ينعى الطاعن على قرار محكمة الاستئناف خرقه للقانون وفقدان التعليل وعدم الارتكاز على أساس قانوني ذلك أن الغريب محمد عندما صرح بأن رد الثمن الرمزي لم يطالب به أحد فإن المقال لم يكن مقبولا لأنه لا يعقل أن يطلب الحاج عبد السلام المنيني فسخ العقد واسترجاع تجزئة بونويير دون أن يعرض رد الثمن وهكذا كان على محكمة الاستئناف أن تقرر أن المقال غير مقبول ولم يكن لها أن تقرر رد الضيعة دون أن يرد البائع ثمن المبيع مما يكون تناقضا.

لكن من جهة حيث إن الحاج عبد السلام المنيني عندما طلب فسخ عقد البيع المبرم بينه وبين الغريب محمد يكون قد طلب ضمنيا وبالضرورة إرجاع المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها من قبل أي إلزام كل واحد برده للآخر ما أخذه منه، ومن جهة أخرى فإن محكمة الاستئناف كانت على صواب عندما ألغت الحكم الابتدائي فيما قضى به من رد الثمن وذلك استجابة لمقال الاستئناف الذي أكد فيه المستأنف بأنه لا يطلب رد الثمن وبأنه ينتقد الحكم الابتدائي عندما قضى برد الثمن في حين أن محمد الغريب لم يطلبه مما يجعل الوسيلة غير مرتكزة على أساس.

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وعلى صاحبه بالصائر.

وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بساحة لافيجيري بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من سيادة الرئيس الأول إبراهيم قدارة ورئيس الغرفة الإدارية السيد مكسيم أزولاي والمستشارين السادة الحاج عبد الغني المومي – مقررا – محمد الفلاح ومحمد العربي العلوي وأحمد عاصم ومحمد بنبراهيم ومحمد الجيدي وأحمد العلمي وعبد الكريم الحمياني وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكريم الوزاني وبمساعدة كاتب الضبط السيد سعيد المعروفي.

2 Replies to “الأمي – لا يحسن التوقيع – لا – يجهل لغة العقد – نعم – إثبات الأمية – عدم مجادلة الخصم”

  1. يتضمن الفصل 427 من ق ز ع مبدأ خطيرا يؤدي تطبيقه إلى المساس بمعظم العقود العرفية التي ينظم الناس من خلالها معاملاتهم ويفضلونها على العقود الرسمية نظرا لما تقتضي هذه الأخيرة من إجراءات وما تكلفه من مصاريف هم في غنى عنها.
    والعقد العرفي المعترف به والمعتبر في حكم المعترف به هومثل العقد الرسمي من حيث قوته الثبوتية في مواجهة الكافة” الفصل 424 من ق ل ع” ولا يمكن الطعن في مضمون العقد العرفي إلا عن طريق ادعاء الزور.
    ويعتبر العقد العرفي في حكم المعترف به إذا أنكر من يحتج به ضده خطه أوتوقيعه وثبت للمحكمة أن التوقيع أوالخط الذي وقع إنكاره هولصاحبه.
    غير أن الفصل 427 من القانون المذكور قرر أن هذه العقود العرفية التي أعطى لها المشرع حجية العقود الرسمية تفقد قيمتها إذا كان الطرف فيها شخص أمي.
    فمن هوالأمي في مفهوم هذا الفصل؟
    قبل أن نتعرف على ما قرره القضاء في مفهوم الفصل نسارع إلى القول بأن الأمية لا تعني انعدام الأهلية أونقصانها فالمبدأ فيما يخص الأهلية هي:
    إن كل شخص بلغ سن الرشد يعتبر أهلا للإلزام والالتزام” الفصل 3 من ق ل ع” فالأمي له أهلية كسب الحقوق وتحمل الالتزامات فإذا أبرم عقدا حمله التزاما معينا واستطاع الدائن بهذا الالتزام أن يثبته بغير الكتابة وجب عليه تنفيذ ما التزم به ولا يستطيع أن يحتج بمقتضيات الفصل 427 ولعل أهم قرار اتخذه المجلس الأعلى فيما يخص الدفع بالأمية هوالذي حاول فيه أن يضيق من مفهوم الفصل واعتبر أن الشخص الذي يحسن التوقيع لا يعتبر أميا.
    وقد سارعت المحاكم إلى الأخذ بهذا الاتجاه ورفضت الدفع بالأمية كلما تبين لها أن هناك توقيعا على العقد بخط اليد وليس بالبصمة وأن صاحبه يحسن التوقيع غير أنه سرعان ما تبين أن تعميم الفكرة على هذا النحوقد لا يحقق هدف المشرع الذي أراد أن يحمي الأمي من أن يقع ضحية تدليس أوغلط.
    فقد يكون هناك شخص تمرن على التوقيع بخط اليد في حين أنه لا يعرف القراءة والكتابة فيوقع على عقد على أساس أنه بيع بينما كتب أنه كراء.
    ونظرا إلى أن قرار المجلس المذكور لم يكن كافيا لحسم النزاع حول كافة جوانب الموضوع التي لم يتناولها ويتعلق الأمر بمعرفة الطبيعة القانونية لقرينة التوقيع التي اعتمدها هل هي قرينة قطعية لا تقبل إثبات العكس أنها قرينة بسيطة يمكن إثبات عكسها وما هومفهوم الأمي هل الذي لا يحسن القراءة والكتابة أم الذي لا يحسن التوقيع وعلى من يقع عبأ الإثبات وكيف يقع الإثبات ؟
    ونظرا لأهمية الموضوع ولما له من ارتباط باستقرار المعاملات فقد تقرر عرض القضية على غرفتين وقد تعرض المجلس في هذا القرار إلى الطبيعة القانونية لقرينة التوقيع كما عرف بالأمي وبين من يقع عبأ الإثبات وكيف يقع هذا الإثبات.
    فقرر أن الأمي هوالذي لا يعرف القراءة والكتابة” التي حرر بها العقد” وليس الذي لا يحسن التوقيع فقد يكون هناك شخص تمرن على إتقان التوقيع في حين أنه لا يعرف القراءة والكتابة كما قد يكون هناك آخر لا يتقن وضع توقيعه بينما هويعرف القراءة والكتابة.
    واعتبر أن قرينة التوقيع قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس وأن هذا الإثبات يقع على المدعى بالأمية بكافة الوسائل بما فيه شهادة الشهود كما يثبت بعدم المجادلة من طرف الخصم.

    لا يوجد أي تعارض بين ما جاء في القرار الأخير للمجلس وما كان استقر عليه من قبل فالاجتهادان متكاملان وليسا متعارضين فالأول اعتبر أن التوقيع بخط اليد قرينة ضد من يدعي الأمية بينما الثاني بين الطبيعة القانونية لهذه القرينة واعتبرها قرينة بسيطة يمكن لمن يحتج عليه بها أن يثبت عكسها.
    وقد أشار القرار إلى أن الأمي هوالذي لا يعرف اللغة التي حرر بها العقد غير أن الأخذ بهذا الاتجاه الواسع سيؤدي لا محالة إلى الخروج عن روح النص والغاية التي قصدها المشرع وهي حماية طائفة من الأشخاص الذين لم تسعدهم ظروفهم ليتلقوا المبادئ الأولية في القراءة والكتابة ليشمل العلماء والأطباء وغيرهم كما أنه سيؤدي إلى الوقوع في حلقة مفرغة لا مخرج منها.
    لنفترض عقدا عرفيا أبرم بالمغرب كان الطرف فيه أجنبي ألماني طبيب أومهندس أوأستاذ اشترى أواكترى بموجبه شيئا من مواطن مغربي ولنفترض أن هذا العقد حرر بالعربية هل يمكن القول بأن من حق هذا الأجنبي أن يتمسك بنص الفصل 427 – ويدعي أنه أمي لا يعرف اللغة التي حرر بها العقد.
    ولنفترض حالة أخرى عقدا عرفيا أبرم بالمغرب بين برتغالي وصيني فأية لغة استعملت في تحرير هذا العقد ستؤدي إلى فتح المجال ليدعي أحد المتعاقدين أوهما معا بأنه لا يعرف اللغة التي حرر بها العقد فما هي اللغة التي ينبغي أن يحرر بها العقد لينفلت من استعمال هذا السلاح ضده.
    ولهذا ينبغي القول بأن المجلس لم يقصد إعطاء هذا المفهوم الواسع لنص الفصل وأنه أراد استبعاد اللغة الأجنبية في تحرير العقود ليحث الناس على استعمال لغة البلاد فالموضوع بحاله كما يقال عقد حرر بالفرنسية.

    المعلق مجهول

  2. يتضمن الفصل 427 من ق ز ع مبدأ خطيرا يؤدي تطبيقه إلى المساس بمعظم العقود العرفية التي ينظم الناس من خلالها معاملاتهم ويفضلونها على العقود الرسمية نظرا لما تقتضي هذه الأخيرة من إجراءات وما تكلفه من مصاريف هم في غنى عنها.
    والعقد العرفي المعترف به والمعتبر في حكم المعترف به هومثل العقد الرسمي من حيث قوته الثبوتية في مواجهة الكافة” الفصل 424 من ق ل ع” ولا يمكن الطعن في مضمون العقد العرفي إلا عن طريق ادعاء الزور.
    ويعتبر العقد العرفي في حكم المعترف به إذا أنكر من يحتج به ضده خطه أوتوقيعه وثبت للمحكمة أن التوقيع أوالخط الذي وقع إنكاره هولصاحبه.
    غير أن الفصل 427 من القانون المذكور قرر أن هذه العقود العرفية التي أعطى لها المشرع حجية العقود الرسمية تفقد قيمتها إذا كان الطرف فيها شخص أمي.
    فمن هوالأمي في مفهوم هذا الفصل؟
    قبل أن نتعرف على ما قرره القضاء في مفهوم الفصل نسارع إلى القول بأن الأمية لا تعني انعدام الأهلية أونقصانها فالمبدأ فيما يخص الأهلية هي:
    إن كل شخص بلغ سن الرشد يعتبر أهلا للإلزام والالتزام” الفصل 3 من ق ل ع” فالأمي له أهلية كسب الحقوق وتحمل الالتزامات فإذا أبرم عقدا حمله التزاما معينا واستطاع الدائن بهذا الالتزام أن يثبته بغير الكتابة وجب عليه تنفيذ ما التزم به ولا يستطيع أن يحتج بمقتضيات الفصل 427 ولعل أهم قرار اتخذه المجلس الأعلى فيما يخص الدفع بالأمية هوالذي حاول فيه أن يضيق من مفهوم الفصل واعتبر أن الشخص الذي يحسن التوقيع لا يعتبر أميا.
    وقد سارعت المحاكم إلى الأخذ بهذا الاتجاه ورفضت الدفع بالأمية كلما تبين لها أن هناك توقيعا على العقد بخط اليد وليس بالبصمة وأن صاحبه يحسن التوقيع غير أنه سرعان ما تبين أن تعميم الفكرة على هذا النحوقد لا يحقق هدف المشرع الذي أراد أن يحمي الأمي من أن يقع ضحية تدليس أوغلط.
    فقد يكون هناك شخص تمرن على التوقيع بخط اليد في حين أنه لا يعرف القراءة والكتابة فيوقع على عقد على أساس أنه بيع بينما كتب أنه كراء.
    ونظرا إلى أن قرار المجلس المذكور لم يكن كافيا لحسم النزاع حول كافة جوانب الموضوع التي لم يتناولها ويتعلق الأمر بمعرفة الطبيعة القانونية لقرينة التوقيع التي اعتمدها هل هي قرينة قطعية لا تقبل إثبات العكس أنها قرينة بسيطة يمكن إثبات عكسها وما هومفهوم الأمي هل الذي لا يحسن القراءة والكتابة أم الذي لا يحسن التوقيع وعلى من يقع عبأ الإثبات وكيف يقع الإثبات ؟
    ونظرا لأهمية الموضوع ولما له من ارتباط باستقرار المعاملات فقد تقرر عرض القضية على غرفتين وقد تعرض المجلس في هذا القرار إلى الطبيعة القانونية لقرينة التوقيع كما عرف بالأمي وبين من يقع عبأ الإثبات وكيف يقع هذا الإثبات.
    فقرر أن الأمي هوالذي لا يعرف القراءة والكتابة” التي حرر بها العقد” وليس الذي لا يحسن التوقيع فقد يكون هناك شخص تمرن على إتقان التوقيع في حين أنه لا يعرف القراءة والكتابة كما قد يكون هناك آخر لا يتقن وضع توقيعه بينما هويعرف القراءة والكتابة.
    واعتبر أن قرينة التوقيع قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس وأن هذا الإثبات يقع على المدعى بالأمية بكافة الوسائل بما فيه شهادة الشهود كما يثبت بعدم المجادلة من طرف الخصم.

    لا يوجد أي تعارض بين ما جاء في القرار الأخير للمجلس وما كان استقر عليه من قبل فالاجتهادان متكاملان وليسا متعارضين فالأول اعتبر أن التوقيع بخط اليد قرينة ضد من يدعي الأمية بينما الثاني بين الطبيعة القانونية لهذه القرينة واعتبرها قرينة بسيطة يمكن لمن يحتج عليه بها أن يثبت عكسها.
    وقد أشار القرار إلى أن الأمي هوالذي لا يعرف اللغة التي حرر بها العقد غير أن الأخذ بهذا الاتجاه الواسع سيؤدي لا محالة إلى الخروج عن روح النص والغاية التي قصدها المشرع وهي حماية طائفة من الأشخاص الذين لم تسعدهم ظروفهم ليتلقوا المبادئ الأولية في القراءة والكتابة ليشمل العلماء والأطباء وغيرهم كما أنه سيؤدي إلى الوقوع في حلقة مفرغة لا مخرج منها.
    لنفترض عقدا عرفيا أبرم بالمغرب كان الطرف فيه أجنبي ألماني طبيب أومهندس أوأستاذ اشترى أواكترى بموجبه شيئا من مواطن مغربي ولنفترض أن هذا العقد حرر بالعربية هل يمكن القول بأن من حق هذا الأجنبي أن يتمسك بنص الفصل 427 – ويدعي أنه أمي لا يعرف اللغة التي حرر بها العقد.
    ولنفترض حالة أخرى عقدا عرفيا أبرم بالمغرب بين برتغالي وصيني فأية لغة استعملت في تحرير هذا العقد ستؤدي إلى فتح المجال ليدعي أحد المتعاقدين أوهما معا بأنه لا يعرف اللغة التي حرر بها العقد فما هي اللغة التي ينبغي أن يحرر بها العقد لينفلت من استعمال هذا السلاح ضده.
    ولهذا ينبغي القول بأن المجلس لم يقصد إعطاء هذا المفهوم الواسع لنص الفصل وأنه أراد استبعاد اللغة الأجنبية في تحرير العقود ليحث الناس على استعمال لغة البلاد فالموضوع بحاله كما يقال عقد حرر بالفرنسية.

    المعلق مجهول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *