جلسات الدعوى – مفهومها – الأمر بالاستدعاء – إثارة الدفع

جلسات الدعوى – مفهومها – الأمر بالاستدعاء – إثارة الدفع

محاكمة

القرار رقم  1/1141

المؤرخ في 98/6/9

الملف الجنائي رقم 97/1/3/2773

القاعدة

– المقصود بجلسات الدعوى في الفصل 298 من ق. م. ج. هي الجلسات التي تناقش فيها القضية لا التي يكتفي فيها بالمناداة على الأطراف ثم تؤخر القضية لسبب ما إلى جلسة أخرى.

– الدفوع التي تتعلق بصحة الاستدعاء للجلسة تعتبر من الدفوع الأولية التي يجب إثارتها أمام قضاة الموضوع لفحصها والجواب عنها، ولا يسوغ إثارتها لأول مرة أمام المجلس الأعلى.

– الفصل 430 من ق.م.ج. بشأن تلاوة التقرير حول وقائع القضية لا يطبق على القضايا المعروضة أمام غرف الجنايات.

– الوسيلة التي لا توضح بصورة دقيقة ما تعيبه على القرار تعتبر مشوبة بالإبهام والغموض.

 

باسم جلالة الملك

إن المجلس الأعلى

وبعد المداولة طبقا للقانون

حيث إن طالب النقض كان يوجد في سراح خلال الأجل المضروب لطلب النقض وقد قام بإيداع الوجيبة القضائية المقررة بالفصل 581 من قانون المسطرة الجنائية داخل الأجل القانوني، وأنه أدلى بمذكرة لبيان أوجه النقض بإمضاء الأستاذ امحمد لوغوي المحامي بهيئة الجديدة والمقبول للترافع لدى المجلس الأعلى.

وحيث كان الطلب علاوة على ذلك موافقا لما يقتضيه القانون فإنه مقبول شكلا،

وفي الموضوع :

نظرا لمذكرة النقض المدلى بها من لدن الطالب.

في شأن وسيلة النقض الأولى المتخذة من خرق مقتضيات الفصلين 298 و352 من قانون المسطرة الجنائية، ذلك أنه يتبين من تنصيصات الحكم المطعون فيه أنه جاء خاليا مما يفيد أن الهيئة التي ناقشت القضية في جميع الجلسات هي التي أصدرت الحكم المطعون فيه وأنه بالرجوع إلى محاضر الجلسات يتبين أن القضية راجت في عدة جلسات وأن القرار المطعون فيه لم يشر في تنصيصاته إلى أن الهيئات المتعاقبة التي ناقشت القضية هي نفسها التي أصدرت القرار المطعون فيه تمشيا مع الفقرة الثانية من الفصل 298 من ق.م.ج. وأن الحكم الصادر بتاريخ 96/6/18 لم يبين هل القضاة الذين تكونت منهم الهيئة في الجلسات الأخرى المنصوص عليها في محاضر الجلسات هي نفس الهيئة التي ناقشت القضية وأصدرت الحكم المطعون فيه، وأن هذا الإغفال لا يسمح للمجلس الأعلى بالمراقبة والتحقيق من مراعاة أوجه القانون تحت طائلة البطلان أخذا بمقتضيات الفصلين 298 و352 من ق.م.ج.

وأنه استنادا لما ذكر أعلاه يكون القرار المطعون فيه قد خرق قاعدة مسطرية جوهرية من النظام العام يترتب عنها البطلان تمشيا مع العمل القضائي.

حيث إنه لئن كان القانون ينص على أنه يجب أن تصدر الأحكام عن قضاة شاركوا في جميع جلسات الدعوى وإلا كانت باطلة، فالمقصود بها الجلسات التي نوقشت فيها القضية لا الجلسات التي نودي فيها على الأطراف ثم تأخرت القضية لسبب من الأسباب.

وحيث إنه بالرجوع إلى ما نص عليه القرار المطعون فيه فإن القضية عرضت أمام غرفة الجنايات في جلسة المناقشة المنعقدة بتاريخ 18 يونيه 1996 وبعد ما حضر كافة المتهمين والشهود والدفاع واستنطق المتهمون حول المنسوب إليهم واستمع إلى الشهود وأبدى الأطراف دفوعاتهم وقدموا ملتمساتهم إلى أن كانت الكلمة الأخيرة للمتهمين بمن فيهم العارض، اختلت الهيئة للمداولة وإثرها وقع النطق بالقرار في نفس اليوم وهذا ما وقع التنصيص عليه صراحة في القرار مما يثبت حتما أن التشكيل كان صحيحا طبق ما يتطلبه القانون، وأن أسماء الهيئة القضائية المشار إليها في القرار هم نفس الأعضاء الذين ناقشوا القضية.

وحيث من جهة أخرى فإن العارض لم يدل بما يثبت أن القرار المطلوب نقضه قد صدر عن غير الهيئة التي تولت مناقشة النازلة، مما تكون معه الوسيلة – والحالة هذه – غير جديرة بالاعتبار.

وفي شأن وسيلة النقض الثانية المتخذة من خرق مقتضيات الفصل 347 من قانون المسطرة الجنائية، ذلك  أنه يتبين من تنصيصات الحكم المطعون فيه ومن محاضر الجلسات أن القضية مرت بعدة جلسات وأن العارضة كانت في سراح وكانت القضية تؤخر لاستدعاء المتخلفين الموجودين في حالة سراح، وأنه بالرجوع إلى تنصيصات الحكم المطعون فيه يلاحظ أنه لم يبين كيفية الاستدعاء الموجه للعارض والمترافعين وتاريخ التبليغ به، وأن عدم الإشارة إلى ما ذكر يجعل الحكم المطعون فيه معرضا للإلغاء عملا بالفصل 347 من ق.م.ج. الذي جاء فيه (يجب أن يحتوي الحكم على كيفية الاستدعاء الموجه إلى المترافعين وتاريخه)، وأن القرار المطعون فيه بخرقه لمقتضيات هذا الفصل يتعرض للإلغاء.

حيث إن ما ينتقده العارض على القرار  المطعون فيه في هذه الوسيلة يتعلق بالدفع بعدم صحة الاستدعاء للجلسة وهو يعتبر من الدفوع الأولية التي يجب إثارتها أمام قضاة الموضوع لفحصها ومناقشتها ثم الجواب عليها إما بالإيجاب أو السلب، وطالما أن وثائق الملف لا تثبت أن طالب النقض أثار ما يعيبه على القرار المطعون فيه في إبانه المناسب فإنه لا يسوغ له إثارة ذلك لأول مرة أمام المجلس الأعلى الذي لا يكون درجة عادية في التقاضي مما يجعل الوسيلة – والحالة هذه – غير مقبولة.

وفي شأن وسيلة النقض الثالثة المتخذة من عدم تلاوة المستشار المقرر لتقريره خرقا لمقتضيات الفصل 430 من قانون المسطرة الجنائية.

ذلك أنه يتبين من خلال الإطلاع على أوراق الملف ومستنداته من محاضر الجلسات أو نسخة الحكم أنه لا يوجد أي دليل على أن المستشار المقرر هيأ تقريره حول النازلة كتابة أو شفويا أو تلاه أو أعفي منه من طرف رئيس غرفة الجنايات، وأن هذا الإخلال يشكل ضررا على العارض من جهة لفسح مجال التأويل وتحريف الوقائع حسب الثابت من القرار المطعون فيه وخرقا للفصل 430 من ق.م.ج الذي ينص على “بمجرد الانتهاء من استنطاق المتهم حول هويته يتلو الرئيس أو أحد القضاة المستشارين تقريره حول الوقائع …”، وأن القرار المطعون فيه قد خرق قاعدة مسطرية جوهرية من النظام  العام يترتب عنها البطلان تمشيا مع العمل القضائي مما يجعله معرضا للإلغاء.

حيث إن الفصل 430 من ق.م.ج المحتج به في هذه الوسيلة، لئن كان ينص على تلاوة التقرير بشأن الوقائع قبل البدء في المناقشات فإن ذلك ينحصر في المناقشة أمام محكمة الاستئناف التي تطبق هذا المقتضى في القضايا المعروضة على أنظارها بموجب الطعن بالاستئناف، ولا يمكن تمديد مقتضيات الفصل المذكور وتطبيقها في القضايا الجنائية التي تتم مناقشتها أمام غرف الجنايات، لاسيما وأن المشرع قد أورد الفصل 430 من ق.م.ج في الفرع الرابع من الباب الثالث المتعلق بالإجراءات أمام المحاكم المختصة في الجرائم الجنحية، ولا شيء يفيد سريان تلك المقتضيات على القضايا الجنائية سواء في باقي القواعد الإجرائية الخاصة بانعقاد الجلسات أمام المحاكم الجنائية أو في ظهير 1974/9/28 المتعلق بالإجراءات الانتقالية في قانون المسطرة الجنائية (ف 14 منه)، مما تكون معه الوسيلة – والحالة هذه – عديمة الأساس.

وفي شأن وسيلة النقض الرابعة المتخذة من نقصان التعليل الموازي لانعدامه خرقا لمقتضيات الفصل 352 من ق.م.ج.

ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة العارض من أجل المنسوب إليه من السرقة الموصوفة والفساد اعتمادا على شكاية المشتكين، والحال أن العارض سواء شخصيا أو بواسطة دفاعه نفى بصفة قطعية أنه قام بالسرقة الموصوفة، وبالرغم من ذلك فإن المحكمة أدانت العارضة (بتهمة المشاركة في السرقة الموصوفة) عملا بالفصل 509 من ق.ج، وأنه استخلاصا مما ذكر أعلاه يتبين انعدام التعليل ونقصانه الذي لا يبرر الإدانة، وأن كل قرار يجب أن يكون معللا وإلا كان باطلا كما تدل على ذلك الفقرة الثانية من الفصل 352 من ق.م.ج. التي تنص على “تكون الأحكام والقرارات باطلة  إذا لم تكن معللة بأسباب”، لهذا ولكل سبب آخر يثيره المجلس تلقائيا لتعلقه بالنظام العام فإن العارض يلتمس نقض القرار المطعون فيه طبقا للأصول المسطرية والقانونية.

حيث إن هذه الوسيلة فضلا عن أنها جاءت مشوبة بالإبهام والغموض، لكونها لم توضح بصورة دقيقة فيما تعيبه إلى القرار بخصوص انعدام تعليل القرار المطعون فيه، وتشير من جهة أخرى إلى عارضة – بالتأنيث – وإلى تهمة المشاركة في السرقة الموصوفة وهي غير الجريمة التي من أجلها تمت إدانة العارض في هذه النازلة، فإنه بالرجوع إلى تنصيصات القرار المطعون فيه يتبين أنه معلل بما فيه الكفاية سواء من الناحية الواقعية أو القانونية كما أنه بين مستنده فيما قضى به في حق العارض تبيانا كافيا إذ أنه بعدما بين وقائع النازلة انتهى إلى التعليل التالي والذي هو تعليل قانوني وكاف :

” … حيث أنكر المتهمون الصواف عبد الرحيم وصبحي غانم والصافي عبد الفتاح السرقة المقترنة بالضرب والجرح ليلا كما أنكرت المتهمة بوعيشي السعدية المشاركة في السرقة الموصوفة”.

وحيث صرح المتهم نجاح امبارك بأنه كان ضحية ضرب وجرح وسرقة ليلا من طرف المتهمين المذكورين حيث دخل عليه صبحي غانم ليلا ولما شعر به ضربه بحديدة وتدخل باقي المتهمين المذكورين وقاموا بتكبيله وبدأوا في تفتيش منزله بعدما طلبوا منه أن يدلهم على المكان الذي توجد به النقود وأنهم لما خرجوا سمع صوت امرأة تحرضهم على ضربه، وأنهم قبل تفتيشه قاموا بسرقة مبلغ 6000 درهم من جيبه.

وحيث استمعت المحكمة للشاهد نجاح محمد الذي صرح، بعد أدائه اليمين القانونية، بأنه كان ينام مع ابن عمه نجاح امبارك بكوخه فإذا بمجموعة من الأشخاص يدخلون عليهما وقاموا بالاعتداء على ابن عمه نجاح امبارك وقد أشعل الضوء فجاء أحدهم وقام بتكبيله وضربوه فخرج وذهب عند المسمى إسماعيل وأخبره بذلك مصرحا أنه سمع صوت امرأة بالخارج.

وحيث استمعت المحكمة إلى الشاهد البكري إسماعيل بعد أدائه اليمين القانونية فأكد تصريحات الشاهد الأول.

وحيث إن تصريحات الشاهدين أعلاه جاءت متناسقة ومتطابقة مع تصريحات المتهم نجاح امبارك بل وتؤكدها.

وحيث إن تصريحات المتهم نجاح امبارك كذلك جاءت معززة بالشهادة الطبية المدلى بها من طرفه وبالصورة الفوتوغرافية الموجودة بالملف.

وحيث إن المصرحة صبحي الزوهرة المستمع إليها من طرف الضابطة القضائية – محضر الدرك الملكي رقم 1306 بتاريخ 95/4/29 – صرحت بأن امبارك نجاح أخذها لتقضي معه الليلة بكوخه فقدمت المسماة بوعيشي السعدية ليلا فقام بضرب الزوهرة وأرسلها مع أحد أصدقائه وذهبت السعدية معه وقد سمعتها تقول له “والله لا بقات فيك”.

 وحيث يستفاد من كل ما ذكر أعلاه أن المتهمين الصواف عبد الرحيم وصبحي غانم والصافي عبد الفتاح قد ارتكبوا فعلا السرقة في حق المتهم نجاح امبارك ليلا وجماعة بعد ضربه وفق ما ذكر أعلاه وبذلك تكون جناية السرقة الموصوفة طبقا للفصل 509 من ق.ج ثابتة في حقهم …”

مما يجعل الوسيلة الرابعة – والحالة هذه – غير مرتكزة على أساس.

وحيث إن القرار المطعون فيه سالم من كل عيب شكلي وأن الوقائع التي عللت غرفة الجنايات ثبوتها بما لها من سلطة تقديرية ينطبق عليها الوصف القانوني المأخوذ به فكانت العقوبة المحكوم بها مبررة قانونا.

لهذه الأسباب

قضى برفض الطلب المرفوع من المسمى عبد الرحيم الصواف بن الطيبي ضد القرار الصادر عن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالجديدة بتاريخ 18 يونيه 96 في القضية رقم 95/340.

وبأن المبلغ المودع صار ملكا لخزينة الدولة.

وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى الكائن بشارع النخيل حي الرياض بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة : علي أيوبي رئيسا والمستشارين، ملاكي محمد، محمدي إدريس، الغيبة عبد القادر وأزناي عمر مقررا وبحضور المحامية العامة جميلة الزعري التي كانت تمثل النيابة العامة وبمساعدة أوبلا حفيظة كاتبة الضبط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *