استبعاد حجة – وجوب التعليل

استبعاد حجة – وجوب التعليل

محكمة النقض

القرار الشرعي رقم 45

الصادر في موافق 19 نونبر 1968

 القاعدة:

عدم جواب المحكمة عن وسيلة من وسائل الدفاع يعد بمثابة انعدام التعليل في الحكم، واكتفاء المحكمة بقولها عن الحجج المدلى بها لديها بأنها لا قيمة لها دون أن تبين في حكمها أسباب ذلك يجعل حكمها فاقد الموجبات.

 

باسم جلالة الملك

بعد الاطلاع على طلب النقض الذي قدمه لكتابة ضبط المجلس الأعلى بالرباط بتاريخ 22/8/1967 السيد بلقاسم بن علي عن نفسه و عمن معه بواسطة وكيلهم العدلي السيد الحاج عبد المالك الغربي طعنا في الحكم الاستئنافي عدد 866/173/63 و تاريخ 29/6/1967 الصادر من المحكمة الإقليمية بأكادير في شأن عقار والمبلغ في 29/6/1967 والمتضمن أبطال الحكم الابتدائي الخ.

و بعد الاطلاع على وصل أداء الوجيبة القضائية عدد 316 و تاريخ 22/8/1967.

و بعد الاطلاع على عريضة طلب النقض الموقعة من طرف الوكيل المذكور و على مذكرة الجواب الواردة من المطلوبين في النقض السيد أحمد بن أفلا و من معه بواسطة وكيلهم العدلي السيد امحمد اليعقوبي جوابا عن العريضة المذكورة.

و بعد النداء على نائبي الطرفين و عدم حضورهما.

و بعد الاطلاع على تقرير المستشار المقرر السيد رشيد المصلوات الذي تلي بالجلسة العلنية.

و على مستنتجات ممثل النيابة العامة المحامي العام مولاي عبد الواحد العلوي و الاستماع إليه بالجلسة العلنية.

و بعد المداولة طبقا للقانون.

و مـن حيث الشكـل :

حيث ثبت إعلام طالبي النقض بالحكم المطعون فيه في يوم 29/6/1967 فقدموا طلبهم بواسطة عريضة كتابية موقعة من طرف الوكيل العدلي السيد الحاج عبد المالك الغربي المقبول للترافع أمام المجلس الأعلى في يوم 22/8/1967 و أدوا عنه الوجيبة القضائية في نفس اليوم فكان الطلب مستوفيا لمقتضيات الفصلين الثامن و الثاني عشر من ظهير تأسيس المجلس الأعلى المؤرخ في ثاني ربيع النبوي 1377 موافق 27 شتنبر 1957 و لذا فهو مقبول شكـلا.

و من حيث الموضوع :

فيما يتعلق بما استدل به طالبوا النقض.

حيث يستخلص من الحكم و من أوراق الملف أن بلقاسم بن علي بن مبارك الأشقر بدوار اتبان بتزنيت طلب لنفسه و منوبيه عدد 350 أخيه محمد وابن أخيه بوجمعة بن العربي و زوجة أخيه أحمد المسماة نجمة بنت سعيد من أحمد بن أفلا و فاطمة بنت المحفوظ و ابنتيها فضمة و زينة بنتي الحسن ند بلعيد و إبراهيم ند بلعيد و محمد بن عبد الله ند بلعيد و فاطمة بنت لحسن و بنتها عائشة بنت محمد و آمنة بنت الحاج وبناتها فضمة و رقية و يجو بنات محمد كحضاض و أمنة هذه و بناتها سلمن للمدعى ما طلبه – الكل بالعنوان أعلاه و ينوب عن سبعة منهم ابن الأول و هو عبد الله ابن أحمد بن أفلا – أن يتخلوا لهم عن حقهم أربعة أسهام من 30 سهما و هي ثلاثة أيام بلياليها من ستة عشر يوما المقسوم عليها ماء بئر بحيرة إذ بلعيد بحدودها – المنجز لهم بالإرث من أمهم رقية ند بلعيد.وأجاب من عدا النسوة السبع آمنة و بناتها و فاطمة المحفوظ وابنتيها المذكورات بأن المدعي و منوبيه باعوا ارث أمهم في البئر المذكورة ولم يعمروا شيئا منها وأدلوا برسم مؤرخ بعام 1343 دال على انفصال أولاد مبارك بلعيد مع ورثة بنات عمهم من جملتهم المدعي و إخوانه في ارثهم من أمهاتهم في بئر لهم من أيام 3 في 16 سهما فصرح المدعي بأن الانفصال وقع فيما لأمه بالسعاية بين إخوانها في البئر المذكورة وهو يطلب الآن مالها بالإرث من أبيها وأدلى برسم مؤرخ بعام 1344 دال على ما نابه هو و منوبه في ماء ذلك البئر أربعة من 30 خمسا وراج في ذلك ما انتهى بحكم قاضي النازلة للمدعى ومنوبيه باستحقاقهم ما رسم بتحصيلهم – رسم فريضتهم – المؤرخ بعام 1344 و هو أربعة من 30 صهريجا في 3 أيام بلياليها لأحمد من 16 يوما المقوم عليها ماء بئر إذ بلعيد في حيرتهم باتبان و على المدعى عليهم أن يتخلوا له عن ذلك النصيب ليتصل به هو و منوبوه الخ.. و استأنفه عبد الله بن أحمد أفلا بصفته مستأنفا و مدعى عليه أولا و قررت المحكمة الإقليمية بأكادير أن المدعى سلم الإبراء الذي أدلى به المدعى عليه المتضمن إبراءه هو نفسه المدعى عليهم في 3 أيام من 16 يوما معترفا بما ورد فيه معللا دعواه بأن الأيام المبيعة من طرفه هي أيام السعاية لا الموروثة ورسم الإبراء ينص على أنها فريضتهم ولم يرد ذكر للسعاية. والفريضة إذا أطلقت إنما تنصرف إلى السهام الموروثة وان مقال المدعى متناقض مع حجته إذ صرح في المقال بأنه يطلب أربعة من 30 سهما من 3 أيام في 16 يوما في حين أن الحجة تنص على ان له و لموكليه ثلاثة ونصفا من سهما 32 و هذا عين المخالفة و التناقض و أن مقاله غامض غموضا متعمدا إذ لا يقدر على التوفيق بين قول شهود لفيفيتهم أنه يتصرف في أربعة من 30 صهريجا و بين ادعائه ثلاثة من 16 يوما فجاء مقاله مزيجا من الغموض و التناقض و الاضطراب. و أن إبراء المرء خصمه في حق له عليه قاطعة لا تسمع دعوى له عليه و أن قاضي النازلة سمح لنفسه بسماع دعوى القائم رغم تسليمه و اعترافه برسم الإبراء الذي أوقعه هو نفسه في المدعى فيه و أن تركيزه حكمه على تأخير تاريخ رسم الفريضة على تاريخ رسم الإبراء لا ينهض حجة إذ الإبراء ينص على منتهى فريضة الطرفين المتنازعين هو 16 سهما و هو عين ما تضمنته الفريضة من 3 أيام من 16 يوما.و بهذا يعلم أن تاريخ الفريضة تاريخ التحرير لا تاريخ التلقي.ثم حكمت بإبطال الحكم الابتدائي المؤرخ بـ 5 مارس 1963. و من جديد بإلغاء دعوى القائم و بإبقاء المدعى فيه بيد حائزه إلخ ..

و حيث ينعى طالبوا النقض على المحكمة ما يلي : الوجه الأول أنها لم تبين أسماء الطرفين و لا حرفتهم و لا محل سكناهم و إنما اكتفت ببيان إسم وكيل المستأنفين و وكيل المستأنف عليهم و هو لا يغني عن إيراد عدد و أسماء وحرف و محل سكنى موكليه للتعريف بهم وتحديد مركز كل منهم و إلا اعتبر يمثل أشخاصا مجهولين في نظر القانون الخ.

أن حكمها لم يتضمن وجهة نظر الطرفين و وسائل دفاعهما و إنما اقتصر على ما يأتي : بعد الاستماع إلى الملاحظات الشفاهية إلخ.لماذا لم تسجل هذه الملاحظات في الحكم و أين الحجج المدلى بها و المذكرات و من أدلى بها من الطرفين و ما موقف الطرف الآخر منها ؟  لم يتكرم الحكم ببيان شيء من ذلك فالمطالع للحكم يكون على جهل مطبق بالملاحظات الشفاهية المتبادلة و بالحجج و المذكرات المدلى بها من الطرفين إلخ.

الوجه الثاني  : أنها اعتمدت في إبطال الحكم الابتدائي على سببين كون المدعى فيه هو موضوع رسم الإبراء المؤرخ بـ 1343 و التناقض بين مقال المدعين و رسم فريضتهم و لا صحة لما ذهب إليه في السبب الأول من أن الإبراء منصب على الفريضة لا على السعاية إذ يرفض مسايرته في هذا الاتجاه وقوع القسمة في 1344 بعد الإبراء و إلا فماذا كان موضوع القسمة إذا كان الإبراء منصبا على الفريضة و بماذا يعلل تصرف المدعين في المدعى فيه من 1344 إلى وقت ترامي الخصوم عليه ذلك التصرف المباشر و غير المباشر ثم إن المدعين أدلوا برسم مؤرخ بـ 1340 يفيد أن للبنات الثلاث من جملتهن موروثة المدعين المشار إليهن في رسم الانفصال – الإبراء سعاية في بئر اد بلعيد و أنهن يخدمن فيها إلى جانب اخوتهن قبل أن يتزوجن برسم افتداء المدعى فيه المرهون و بلفيف مؤرخ بـ 23 شتنبر 1962 – مثبت أن المدعين أدوا واجباتهم من ثمن المحرك – متور – المخصص لسحب الماء من البئر. وبحكم على محمد نايت اعزاو الحاج سليمان و ولده أحمد بالتخلي للمدعى عن المدعى فيه. و برسم مؤرخ بأكتوبر 1959 يثبت للمدعين التصرف في المدعى فيه منذ سنة 33 وأنه أنجر إليهم بالإرث من أمهم.

فلماذا لم تحز كل هذه الرسوم رضى المحكمة.و لماذا لم تكلف نفسها عناء تفنيدها إن اعتبرتها غير ذات قيمة.

أما السبب الثاني فهو خلاف الواقع لأن الرسم المؤرخ بـ 1344 ينص صراحة على أن المدعيين أربعة من 30 سهما و لا يعلم من أين عثر الحكم على ما سماه بالتناقض و عين المخالفة.

الوجه الثالث أن النسوة آمنة بنت الحاج و بناتها فضمة و رقية و بجو بنات محمد من جملة المدعى عليهم – اعترفن بمطالب المدعين و تخلين لهم عما ينوبهن من المدعى فيه و المحكمة لم تنتبه لهذه النقطة بل حكمت بإبقاء المدعى فيه بيد حائزيه عوضا عن إبقاء بعضه بعد إسقاط ما ينوب المتخليات بمحض إرادتهن – فخرق القواعد الجوهرية للمرافعات.

فيما يخص الفقرة الثانية من الوجه الثاني :

من أن المدعين المستأنف ضدهم أدلوا بحكم و رسوم مذكرة فيها وكلها لم تحز رضى المحكمة و لم تكلف نفسها عناء تفنيدها إن اعتبرتها غير ذات قيمة إلخ.

و بناء على البند الخامس : عدم وجود الموجبات – من الفصل 13 من ظهير تأسيس المجلس الأعلى المؤرخ بـ 2 ربيع الأول عام 1377 موافق 27 شتنبر 1957.

و نظرا إلى أن عدم الجواب عن وسيلة من وسائل الدفاع يعد بمثابة انعدام التعليل.

حيث يوجد ضمن أوراق الملف الحكم و الحجج المشار إليها في السبب و عليها طابع قسم الاستئناف. الأمر الذي يدل على صحة مانعاه طالبوا النقض في هذا السبب.

و حيث إن القسم عندما أدلى لديه المستأنف عليهم بمذكراتهم و حججهم المومأ إليها – لم يبد فيها رأيه  لا بأعمال ولا بإهمال ولم يجب عنها مكتفيا بقوله و بناء على الحجج المدلى بها و مذكرات الطرفين من غير بيان مضمنها و من دون عرض ما لكل طرف على الآخر ليبدي نظره فيه.

و حيث إنه بصنيعه هذا أخل بحقوق الدفاع و بالتالي أصبح حكمه منعدم التعليل و فاقد الموجبات و معرضا للنقض.

من أجله

وبصرف النظر عن الطعون الأخرى

قضى المجلس الأعلى بنقض الحكم المذكور و بإحالة القضية و طرفيها على إقليمية مراكش لتبث فيها من جديد و على المطلوب ضدهم النقض بالصائر .

كما قرر إثبات حكمه هذا في سجلات المحكمة الإقليمية بأكادير إثر الحكم المطعون فيه أو بطرته.

و به صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالمشور و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة رئيس الغرفة الأولى سيدي حماد العراقي والمستشارين رشيد المصلوات ، الطيب الفاسي، محمد بن الطيب العلوي، محمد بنسودة ، و بمحضر ممثل النيابة العامة المحامي العام السيد مولاي عبد الواحد العلوي و بمساعدة كاتب الضبط السيد أبي بكر القادري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *