إنذار عقاري – توجيهه لميت – عدم إثبات علم الدائن بالوفاة – صحة الإنذار – عدم تجزئة الرهن

إنذار عقاري – توجيهه لميت – عدم إثبات علم الدائن بالوفاة – صحة الإنذار – عدم تجزئة الرهن

بنك

الحكم التجاري عدد 358 الصادر بتاريخ 2009/01/13 في الملف رقم 2008/11/2601

القاعدة:

عدم تقييد وفاة الموروث بالرسم العقاري والذي يعتبر المصدر الذي يمكن أن يعلم من خلاله المدعى عليه بواقعة الوفاة، أو إثبات المدعين ما يفيد علمه بها حتى يمكن الاحتجاج ضده بتوجيه الإنذار ضد ميت، فإنه لا يمكن مؤاخذة المدعي بنك بتجيه الإنذار إلى الميت.

عدم أداء الدين المتخلذ بذمة المدين رغم التوصل بالإنذار يعطي الحق للدائن المرتهن أن يستمر في تحقيق رهنه ولو على جزء من الدين لأن الرهن بطبيعته لا يتجزأ.

 التأمين على القرض يغطي  الدين المترتب عنه بعد الوفاة لا قبلها.

باسم جلالة الملك

بتاريخ 13/01/2009 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.

وهي مؤلفة من السادة:

جمال السنوسي رئيسا ومقررا.

خديجة وراق عضوا.

عبد السلام خمال عضوا.

بمساعدة  هشام مبروك كاتب الضبط.

في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

بين : ورثة الدرعي جلول وهم زوجتاه جميلة قوصال والكبيرة المرايحي وأبناؤه عبد الصمد، جمال، ياسين، هشام، طارق، كوثر، يوسف، خالد وحبيبة الساكنين بقرية الأزهر شطر 1/5 عمارة 8 شقة 54 الطابق الول الدارالبيضاء.

نائبهم الأستاذ محمد غميرس المحامي بهيئة الدارالبيضاء.

من جهة.

وبين : شركة القرض العقار والسياحي ش م في شخص ممثله القانوني بمقره الكائن 187 محج الحسن الثاني الدارالبيضاء.

نائبه الأستاذتان بسمات والعراقي المحاميتان بهيئة الدارالبيضاء.

من جهة أخرى.



الوقائــع:

بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 19/3/2008 بعد ان أديت عنه الرسوم القضائية عرض فيه المدعون أنهم فوجئوا بوجود مسطرة تنفيذ على عقارهم من طرف المدعى عليه وبعد البحث تبين أن الأمر تعلق بإنذار عقاري طالبهم فيه المدعى عليه بالاطلاع على دفتر التحملات ويشعرهم ببيع عقارهم، وأن هذا الإنذار لم يبلغوا به، كما أنه لم يأخذ في الاعتبار ما تم أداؤه له ، كما أن الإنذار الموجه في إسم الدرعي جلول غير مقبول لأنه شخص متوفى، وبالتالي فإن أهليته منعدمة، كما أن القانون يوجب تبليغ الإنذار فعليا للشخص المعني تبليغا صحيحا، وأن يرفق محضر التبليغ بالإنذار وشهادة التقيد الخاصة، في حين أن الإنذار لم يبلغ لهم مما يجعله باطلا. كما أن مجموع الدين الذي تم أداؤه يفضي إلى نتيجة مفادها أن ما بقي بذمة العارضين ليس مبلغ 163.588,00 درهم المطلوبة في الإنذار، وقد أدى موروثهم جميع الأقساط إلى حين وفاته، وقد بوشرت إجراءات الإنذار العقاري في مواجهة الموروث وبعده تم إشعار الورثة بأن هناك مسطرة البيع، وقد تم توجيه الإنذار العقاري دون إدخال شركة التأمين مع العلم أنه تم أدء جميع الأقساط قيد حياة الموروث، وكان الأجدر بالمدعى عليه أن يتقدم بطلب استخلاص الدين من شركة التأمين التي تحل محل العارضين في ذلك، وبالتالي فإن الإنذار العقاري يكون غير مؤسس، ملتمسين الحكم بعدم قبول الإنذار لخلله الشكلي والحكم ببطلانه للمنازعة في الدين واحتياطيا إجراء خبرة حسابية. وأرفقوا مقالهم بنسخة من رسم الوفاة وإراثة وصورة عقد القرض ومقال توجيه الإنذار.

وبناء على جواب المدعى عليه أن المدعين لم يصرحوا بوفاة مورثهم والإدلاء بذلك للمحافظة العقارية خاصة وأن شهادة التقييد الخاصة المدلى بها رفقة المقال الرامي إلى توجيه الإنذار تفيد أن العقار لا زال في إسم الهالك، وأن العارض ملزم بتوجيه الإنذار إلى المسجل في الشهادة العقارية، كما أن الإنذار بلغ لابنة الهالك دون أن تصرح بوفاته، كما أن تبليغ الإعلان عن الإنذار العقاري تم لابن المعني بالأمر السيد هشام الدرعي دون أن يشير إلى وفاة الأخير مما يتعين معه صرف النظر عن هذا الدفع. كما أن الوفاة لا تعفي الورثة من أداء الدين خاصة وأنهم لم يدلوا بالتصريح بالوفاة للعارض ولا لشركة التأمين لمطالبتها بالحلول محل المقترض، كما أنه طبقا للفصل 9 من عقد القرض فإن العارض يبقى غير مسؤول عن عدم قبول شركة التأمين طلب الإنضمام لوثيقة التأمين أو في حالة تأمين غير كاف كيفما كانت الأسباب الداعية إلى ذلك، كما أن وجود تأمين على الحياة لا يمكن اعتباره سببا لانتهاء دين المقترض تجاه العارض. وأن العارض منذ وفاة المقترض لم يتوصل بأي قسط لا من طرف الورثة ولا من طرف  شركة التأمين بل إن المدعين لم يبادروا إلى إدخال شركة التأمين في الدعوى حتى يتسنى لهم معرفة هل ستقبل بالحلول محلهم في الأداء أم لا بل اقتصروا على مطالبة العارض باستخلاص دينه من شركة التامين، والحال أنه غير معني بذلك بل هم من عليه تسوية وضعيتهم مع شركة التأمين في حين أنه معني فقط باستخلاص دينه من طرفهم أو من طرف شركة التأمين في حالة قبولها الحلول محلهم، وفي هذه الحالة لا يسع البنك إلا التمسك بدينه وتحقيق الضمانة العينية المقدمة له لأن وفاة المقترض يعني ورثته وعليهم أن يسووا الأمر مع شركة التأمين ويرجعوا عليها. ولم يسبق لهؤلاء أن قاموا بمقاضاة شركة التأمين من أجل حلولها محلهم في الأداء ولا حتى التصريح بالوفاة، ومن جهة أخرى فإن الهالك قد توقف عن أداء الأقساط المتخلذة بذمته منذ بداية العلاقة التعاقدية كما يتجلى من كشف الحساب المدلى به من العارض، وأنه لئن أدى قسطا أو قسطين فإنه يتوقف عن أداء الباقي، ولذلك فهي تؤكد أن حلول شركة التأمين يتم بالنسبة للأقساط التي حلت بعد الوفاة فقط وليس قبلها، ما دام قد توقف عن ذلك قبل الوفاة فإن ورثته ملزمون بالأداء، أما بالنسبة للباقي فعليهم تسوية الأمر مع شركة التامين كما سبق التوضيح. كما أنه لا يمكن التعرض على الإنذار العقاري لمجرد المطالبة بإحلال شركة التأمين محل المقترض في الأداء مستشهدا بمجموعة من الأحكام والقرارات، ملتمسا الحكم برفض الطلب وصرف النظر عن طلب إجراء الخبرة الحسابية. وأرفق مذكرته بصور لشهادة عقارية وشهادتي التسليم.

وبناء على تعقيب المدعين أكدوا فيه أن مسطرة الإنذار العقاري مسطرة قضائية خاصة وتؤسس على الإنذار الذي يجب أن تتوفر فيه الشروط القانونية للتقاضي وكذا شروط الفصل 32 من ق م م، وأن اختلال الإنذار وتوجيهه لميت يجعله غير مقبول، مستشهدين بثلاث قرارات للمجلس الأعلى الأول صدر بتاريخ 9/1/2002 في الملف المدني عدد 2075/1/01 والثاني بتاريخ 16/12/1980 تحت عدد 594 في الملف المدني 79076 والثالث صدر بتاريخ 1/4/1987 تحت عدد 672 في الملف المدني عدد 2393/84، وأنها لم تجب على دفعهم بعدم التوصل بالإنذار إلى العارضين وموروثهم، كما أنه كان من الأجدر على المدعى عليه أن يبادر بمطالبة شركة التأمين ثم بعد رفضها أن يرجع على العارضين وأمام عدم إثباتها لذلك فإن احتجاجها بالعقد يكون غير مؤسس، وأنه هو الملزم بإدخال شركة التأمين في الدعوى.

وبناء على تعقب المدعى عليه أكد فيه دفوعه السابقة.

وبناء على مقال إدخال الغير المؤدى عنه بتاريخ 1/7/2008 التمس فيه المدعون الإشهاد لهم على إدخال شركة التأمين الشمال الإفريقي  في الدعوى لتحل محلهم في الأداء مؤكدين سابق دفاعهم، وأرفقوا مقالهم بصورة لاستمارة التأمين.

وبناء على جواب شركة التامين أن الوثيقة المدلى بها رفقة مقال الإدخال مؤرخة في 24/6/1998 وموقعة من طرف موروث المدعين وغير موقعة من جانب شركة التأمين وأن هذه الورقة التي يملأها المنخرط تحال على شركة التأمين التي يبقى لها الحق في قبول الانخراط في عقد التأمين وعدم قبوله، وحين القبول توقع هي على الوثيقة وتضع عليها تأشيرتها وتاريخ التوقيع، ولا يوجد بالملف ما يفيد أن موروث المدعين قد تم قبول انخراطه في العقد، وأن على المدعين إثبات ذلك لأن رقم التأمين الوارد بها هو رقم التأمين الجماعي وليس الفردي الخاص بالموروث. وبالتالي بقى إدخالها في الدعوى غير مؤسس، ملتمسة عدم قبول مقال الإدخال وحفظ حقها في حالة إثبات العقد.

وبناء على تعقيب المدعين أن شركة التأمين لم تدل بما يفيد رفضها انضمام موروثهم إلى العقد ولم يبلغ هذا الرفض للعارضينن وأن عقد التامين المبرم مع الشركة يبقى ثابتا وسكوتها يعتبر تأكيدا على وجوده فضلا عن أن العارض عند إبرام العقد أدى مصاريف التامين، وبالتالي فإن التزاماته تجاه البنك وشركة التامين قد استوفيت ملتمسين الحكم وفق مقال الإدخال.

وبناء على تعقيب المدعى عليه أنه يكفي الاطلاع على عقد التأمين المتمسك به من طرف المدعين ليتبين أنه غير موقع من طرف شركة التأمين وأن مذكرة المدخلة ليس بها أي مؤاخذة تجاه العارض مؤكدا دفوعه السابقة وأرفق مذكرته بصورة قرار استئنافي.

وبناء على تعقيب شركة التامين أن الورقة المستدل بها غير موقعة من قبلها ولا تحمل تأشيرتها وهذا لا يعني أنها توصلت بها ورفضت التوقيع عليها، وأن هذه الاستمارة تملأ أثناء عقد القرض ويتعين على المقرض أن يحيلها على العارضة من أجل قبول صاحبها في عقد التامين الجماعي، وأنها لا تتوفر إطلاقا على هذه الورقة ولم يسبق لها التوصل بها، وإذا كان عقد التأمين الرابط بين العارضة ومؤسسة القرض يبقى ثابتا فإنه ليس ثابتا أن استمارة الانخراط قد أحيلت على العارضة لاتخاذ الإجراءات بحق طالب الانخراط في عقد التأمين، وبالتالي لا ينبغي مطالبة العارضة بإثبات رفض الانضمام وأداء الموروث لواجب الانخراط في العقد لا يعني أن التأمين قائم.

وبناء على تعقيب المدعى عليه أكد فيه جوابه السابق.

وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 23/12/2008 فحضر نائب المدعى عليه فتقرر اعتبار الملف جاهزا وحجزه للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 13/1/2009.

                                            التعليـــل

بعد الاطلاع على جميع  وثائق الملف وبعد ضم ملف الإنذار العقاري رقم 854/2007 و بعد المداولة طبقا للقانـــون.

في الشكل :

حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.

في الموضوع:

حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.

وحيث أجاب المدعى عليه بالدفوع المشار إليها صدره.

وحيث إنه فيما يخص السبب الأول المستمد من كون المدعى عليه وجه الإنذار لميت، فإن المحكمة بعد اطلاعها على وثائق الملف لم يثبت لديها أن وفاة الموروث قد وقع تقييدها بالرسم العقاري الذي يعتبر المصدر الذي يمكن أن يعلم من خلاله المدعى عليه بواقعة الوفاة، أو على الأقل أثبت المدعون ما يفيد علمه بها حتى يمكن الاحتجاج ضده بتوجيه الإنذار ضد ميت، وإلا فإن مؤاخذة البنك من أجل ذلك يعتبر تحميلا له لأمر لا طاقة له به.

وحيث إن أرملة المدين نفسها لم تشر في شهادة تسلم الإنذار أن المدين توفي ليعمل البنك على تصحيح المسطرة ويقوم بالتبليغ للورثة، مما يتعين معه استبعاد هذه الوسيلة وعدم اعتبارها للطعن في صحة الإنذار.

وحيث إنه فيما يخص السبب الثاني المستمد من عدم تبليغ الإنذار مرفوقا بنسخة الإنذار مستوفيا  للبيانات المنصوص عليها في الفصل 32  من ق م م و 205 من القانون العقاري، فإن المحكمة من خلال اطلاعها على نص الإنذار العقاري المدرج بالملف رقم 854/2007 تبين لها أن الإنذار، وخلافا لما عابته الوسيلة، مستوف للشروط الشكلية التي يتطلبها الفصل 205 من القانون العقاري كما تم إرفاقه بنسخة من  شهادة التقيد الخاصة.

وحيث إنه تبعا لذلك يكون السبب خلافا للواقع ويتعين استبعاده أيضا.

وحيث إنه فيما يخص السبب المستمد من كون الدين قد تم أداؤه بتمامه إلى حين الوفاة، فقد تبين للمحكمة من خلال اطلاعها على كشف الحساب المفصل والمدرج بملف الإنذار، والذي لا يوجد بالملف ما يخالفه، أن المتوفى توقف عن أداء الأقساط منذ 31/8/1999 بعد أن قام بأداء مجموعة من المبالغ بتاريخ 26/8/1999 قدرها 9998,75 درهم، وترتب بذمته إلى غاية الوفاة التي حصلت بتاريخ 10/12/1999 ما قدره 7439,64 درهم.

وحيث إن عدم أداء الدين المتخلذ بذمة المدين رغم التوصل بالإنذار يعطي الحق للدائن المرتهن أن يستمر في تحقيق رهنه ولو على جزء من الدين لأن الرهن بطبيعته لا يتجزأ.

وحيث إن هذه العلة تغني عن مناقشة المحكمة لمدى وجود عقد للتامين أم لا لأن التأمين إنما يغطي الدين المترتب بعد الوفاة لا قبلها.

وحيث إنه تبعا لذلك تكون دعوى المدعين الرامية إلى إبطال الإنذار غير مؤسسة ويتعين رفضها.

فيما يخص إدخال شركة التأمين في الدعوى وطلب إحلالها في الأداء:

حيث أنكرت المدخلة وجود أي عقد تأمين يربطها بموروث المدعين.

وحيث إن البنك، الذي كان يفترض أن يزكي وجود العقد بصفته استخلص من قيمة القرض مبلغ 3588,00 درهم برسم مقتضيات الفصل 7 من العقد، والذي يتحدث عن الاقتطاع الذي يقوم به الأخير لأجل إبرام العقد لفائدة المقترض على الحياة والحريق، عضد موقف شركة التأمين بخصوص عدم وجود التأمين دون أن يعطي أي تفسير لمصير المبلغ المقتطع برسم التأمين.

وحيث إنه بصرف النظر عن مسؤوليته تبعا للصفة التي أعطاها له المشرع في المادة 109 من مدونة التأمينات، فإنه في غياب إدلاء المدعى عليهم بشهادة انخراط مورثهم في التأمين الجماعي يكون طلبهم الرامي إلى الحكم بما ذكر غير مؤسس.

وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.

  وتطبيقا للفصول 1-3-31-32-49 و124 من قانون المسطرة المدنية و 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية.

لهذه الأسبـــــاب

حكمت المحكمة  علنيا ـ ابتدائيا وحضوريا.

في الشكل: قبول الدعوى.

في الموضوع: برفض الطلب وتحميل رافعيه الصائر.

وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم  والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *