دعاوى التركة – وجوب إثبات الموت وعدة الورثة وتناسخ الإراثات إن مات أحد الورثة
القرار عدد: 1116
المؤرخ في: 15/03/2011
ملف مدني عدد : 3378/1/4/2008
القاعدة:
المقرر فقها أن الادعاء بحق على ميت أو له، لا تسمع الدعوى به إلا بعد إثبات موته وعدة ورثته وتناسخ الوراثات إن مات.
باسم جلالة الملك
حيث يستفاد من وثائق الملف والقرار المطعون فيه عدد 308 الصادر عن محكمة الاستئناف بالحسيمة بتاريخ 29/04/2008 في الملف عدد 368/8/7 أن المدعين ورثة عمر بوطاهر بن سيدي محمد الكموني ادعوا في مقالهم أمام المحكمة الابتدائية بنفس المدينة أنهم يملكون قطعة الأرض المسماة “لقليع العربي” الواقعة بالمكان المسمى “مالو” بحوز دوار توفلت قيادة أربعاء تاوريرت حدودها المذكورة بالمقال، وأن المدعى عليه محمد أفقير بوطاهر، اعتدى على جزء منها بالترامي عليه الواقع جهة الواد، فاستولى على مساحة قدرها 200 متر طولا و80 مترا عرضا، وعمد كذلك إلى قطع أشجار الدالية منه، وذلك دون وجه حق ولا سند من القانون، طالبين الحكم باستحقاقهم الجزء المستولى عليه وإلزامه بالتخلي عنه، تحت طائلة غرامة تهديدية، وأجاب المدعى عليه أن الإراثة المدلى بها من المدعين لا تنطبق عليهم، وان كلا من رسم الشراء ورسم الملكية اللذين أدلوا بهما قديمان وغير معرف بهما كما يجب، ويفتقران لما يدل على استمرار الملك، وأن أرضه التي بيده مفصولة عن أرض المدعين الواردة بالمقال بجرف، طالبا رفض الدعوى، وعقب المدعون أن الإراثة المدلى بها هي لوالدة البعض منهم الهالكة فاطمة محمد أزريوح، وهي تشهد بوفاتها وعدة ورثتها، وان المدعى فيه هو جزء من ملكهم تم غصبه من المدعى عليه، وأن من شان خبرة فيه أن تبين أن رسم شراء موروثهم وملكية البائع له يتطابقان عليه، وأرفقوا التعقيب بصورة من إراثة الهالك عمر بوطاهر الكموني، وبعد الأمر بخبرة وإنجازها وتعقيب الطرفين عليها، قضت المحكمة وفق الطلب، فاستأنفه المحكوم عليه مثيرا أن المحكمة الابتدائية أخذت في الدعوى بإراثة الهالكة فاطمة أزريوح، وهي لا تتعلق بالهالك عمر بوطاهر الكموني المدعى له بحق ملك المدعى فيه، وأن ما بيده هو حوزه وملكه مفصول عن ملك المدعين بجرف بينهما، وان حجج المستأنف عليهم ناقصة عن درجة الاعتبار طالبا إلغاء الحكم المستأنف، والحكم من جديد برفض الدعوى وأجاب المستأنف عليهم بأنهم أثبتوا الدعوى برسم ملكية البائع لموروثهم ورسم شرائه، وأن المدعى عليه زعم أنه هو المالك للمدعى فيه ولم يدل إلا برسم تصرف الذي يثبت الملك له، وعقب المستأنف على ذلك أن الدعوى المقامة من المستأنف عليهم ادعوا فيها حق الملك لموروثهم عمر بوطاهر الكموني، وهو من يجب إدلاؤهم بإراثته المثبتة لموته وعدة ورثته عملا بما للزقاق وصاحب العمل، وأن الإراثة التي أقاموها للهالكة فاطمة محمد أزريوح باطلة شرعا – لأن شهودها لم يشهدوا بحصر عدد الورثة على العلم، وإنما على القطع، وهذا يبطلها لأن العمل جرى بخلاف ما لابن سهل – وان رسم الشراء الذي أدلوا به شهد بالشراء في مجهول حسب الصيغة المعتمدة فيه، لأنه أشهد فيه على أن «المشتري اشترى النصف شائعا من جميع ما بقي لهم (أي البائعين) عن البيع الواقع بينهم وبين المشترى سالف تاريخه» علاوة على أن رسم الملكية للبائعين له شهد فيه أنهم المالكون إلى تاريخ التلقي عن الشهود، بينما رسم الشراء لموروث المستأنف عليهم سابق عن إقامة رسم الملكية في التاريخ حسب الثابت من الرسمين إذ رسم الشراء أقيم في 6 صفر عام 1364 ورسم الملكية أقيم بعد ذلك في خامس صفر عام 1365. وبعد إدلاء المستأنف عليهم بصورتين طبق الأصل من رسمي الشراء والملكية المشار إليهما، وتمام الإجراءات، قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، وهذا هو القرار المطلوب نقضه.
في شأن الفرع الأول من الوسيلة الأولى المستدل به
حيث يعيب الطالب على القرار خرق القانون، ذلك أن المطلوبين بصفتهم مدعين ادعوا أنهم تلقوا حق الملك للمدعى فيه عن موروثهم – وهو والدهم عمر بوطاهر، وأقاموا الدعوى بصفتهم تلك، وعززوها برسم شراء موروثهم للمدعى فيه- وهو ما يقتضي أن يكون الإثبات للموت وللورثة في حق موروثهم عمر بن بوطاهر بحجة معتبرة، عملا بقول الزقاق في لاميته:
ومن يدعي حقا لميت ليثبتن له الموت والوراث بعد لتفصلا
وذلك تحت طائلة عدم سماع الدعوى حسب المقرر فقها، ولم يكن للمحكمة أن تستخلص ثبوت صفة المطلوبين في الدعوى من إدلائهم بإراثة الهالكة فاطمة محمد أزريوح، وهي زوجة الهالك عمر بن بوطاهر المدعى له حق الملك، ووالدة بعض المطلوبين، فخرقت بالتالي قاعدة فقهية وذلك خرق للقانون الداخلي يستوجب نقض القرار المطعون فيه.
حيث صح ما عابه الطالب على القرار، ذلك أن الادعاء بحق على ميت أو له لا تسمع الدعوى به حسب المقرر فقها وقضاء إلا بعد إثبات موته وعدة ورثته وتناسخ الوراثات إن مات شخص، ولم تقسم تركته إلى أن مات وارث له، والثابت من وقائع الدعوى، والأدلة المدلى بها لقضاة الموضوع أن المطلوبين ادعوا أن الملك المدعى فيه هو لموروثهم عمر بن بوطاهر بن محمد الكموني انجر إليهم منه بالإرث عنه، وعن الهالكة بعده زوجته فاطمة محمد أزريوح بالنسبة لبعضهم، وأدلوا لذلك بصورة طبق الأصل من رسم ملكية البائعين له ورسم شرائه – وبذلك ادعوا حق الملك له، وأنهم ورثوه عنه، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه – لما ردت الدفع المثار أمامها من طرف الطالب بعدم إثبات المطلوبين للموت وعدة الورثة لمن ادعي له حق الملك، وهو متوفى بان الحجة في الدعوى لهذا الادعاء هي الإراثة المدلى بها للهالكة فاطمة محمد أزريوح، وهي ليست الموروثة الوحيدة المدعى لها حق الملك للمدعى فيه، وإنما ادعي لموروثها هي كذلك مع ورثته الآخرين، وورثتها هي، وهو ما يستوجب على المطلوبين بصفتهم مدعين لتسمع دعواهم طبقا للقاعدة الفقهية المقررة في الادعاء لحق لميت أو عليه إثبات موت وعدة ورثة من توفي وادعي له بالحق المتنازع عليه وتناسخ الوراثات بين تركته وتركة من توفي من ورثته بعده لعدم قسمة تركته قبل وفاة هذا الوارث، كما في نازلة الحال – فإنها بذلك عللت قرارها تعليلا فاسدا ينزل منزلة انعدامه وعرضته للنقض.
لـهـذه الأسـبـاب
قضى المجلس الأعلى بنقض القرار المطعون فيه.
السيد أحمد اليوسفي العلوي رئيس الغرفة – محمد بن يعيش مـقـررا السيدة آسية ولعلو محامية عامة.