مسؤولية مدنية – استعمال السيارة بدون إذ مالكها – تأمين
القرار2628
الصادر بتاريخ 18 أبريل 1985
ملف جنحي 13495/84
القاعدة:
لئن كان الأجل المحدد لإيداع مذكرة النقض لا يبتدئ في حالة تسليم شهادة بكون القرار لم يكن جاهزا داخل الأجل القانوني إلا بعد إشعار الطاعن بأن نسخة القرار توجد رهن إشارته فإنه في حالة عدم الإشعار يبقى الأجل لوضع المذكرة مفتوحا
إن التأمين مرتبط بالمسؤولية عن السيارة المؤمن عليها و المالك يكون مسؤولا بمقتضى حراسته للسيارة المؤمن عليها إلى أن تنتقل منه بدون تفويت إلى الغير ما لم يكن مسؤولا عن هذا الغير بمقتضى القانون.
الضمان لا يشمل المؤمن له إلا في حالة مسؤولية شخصيا عن السيارة أومدنيا عمن ساقها بدون إذنه ممن هم تحت رعايته أوفي خدمته
شركة التأمين لا تلزم بالضمان في حالة سياقة السيارة بدون إذن مالكها إلا إذا ارتكب المالك تفريطا في الحراسة أوكان مسؤولا مدنيا عن مرتكب الحادثة الذي ساقها بدون إذنه.
باسم جلالة الملك
بناء على طلب النقض المرفوع من شركة التأمين ((الوفاق)) بمقتضى تصريح أفضت به بواسطة الأستاذ التدلاوي عن الأستاذ محمد لحلوبتاريخ ثامن غشت 1983 لدى كاتب الضبط بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء والرامي إلى نقض القرار الصادر عن هذه المحكمة في القضية الاستئنافية ذات العدد 919/ 81 بتاريخ فاتح غشت 1983 والقاضي بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به في حادثة سير من إحلال الطالبة محل مؤمنها عروق حجاج في أداء التعويضات المدنية المحكوم بها على الظنين محمد بن عبدالقادر لضحايا الحادثة.
إن المجلس
بعد أن تلا السيد المستشار أبومسلم الحطاب التقرير المكلف به في القضية.
وبعد الإنصات إلى السيد عبد الرحمن مورينوالمحامي العام في طلباته.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
نظرا للمذكرة المدلى بها من لدن طالبة النقض.
وبعد الاطلاع على مذكرة الجواب المدلى بها من لدن صندوق مال الضمان.
في شأن الدفع الشكلي المثار من طرف الصندوق المذكور والمتخذ من عدم احترام طالبة النقض للشروط الشكلية المنصوص عليها في الفصل 579 من قانون المسطرة الجنائية لكون مذكرتها المدلى بها لم ترفق بالإشعار مما يتأتى معه للمجلس الأعلى مراقبة مدى احترام الطالبة للأجل المحدد لإيداع المذكرة.
حيث إن المذكرة المدلى بها بتاريخ 25 يناير 1984 أرفقت بشهادة من كاتب الضبط بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء سلمت بتاريخ 26 غشت 1983 لمحامي العارضة الأستاذ محمد لحلو، بعد التصريح بطلب النقض بتاريخ ثامن غشت 1983.
وحيث إنه لئن كان الأجل المحدد لإيداع المذكرة لا يبتدئ – بعد تسليم شهادة من كاتب الضبط بعدم احترام الأجل المنصوص عليه في الفقرة الأولى من الفصل 353 من قانون المسطرة الجنائية داخل العشرين يوما الموالية للتصريح بطلب النقض – إلا بعد إشعار طالب النقض بأن القرار يوجد رهن إشارته فإنه في حالة تسليم الشهادة وعدم الإشعار يبقى الأجل مفتوحا لإيداع المذكرة.
وحيث إنه لا يوجد من بين وثائق الملف ما يفيد إشعار طالبة النقض أومحاميها بأن القرار يوجد رهن إشارتهما، مما يكون معه الدفع غير جدير بالاعتبار.
وفي شأن وسيلة النقض الثالثة المتخذة من خرق الفصلين 347 و352 من قانون المسطرة الجنائية والفصل 12 من الشروط النموذجية العامة لعقود التأمين، انعدام التعليل انعدام السند القانوني وخرق القانون.ذلك أن القرار المطعون فيه صرح بإحلال العارضة في الأداء بسبب أن السيارة استعملت من طرف سائقها دون علم المؤمن له، في حين أن هذا السبب – وعلى عكس من ذلك – مبرر لإخراجها من الدعوى طبقا لمقتضيات الفصل 3 من الشروط النموذجية المذكورة، كما فعلت محكمة الاستئناف بفاس في قرارها الصادر بتاريخ 16 أبريل 1978 والذي جاء فيه على الخصوص ما يلي: ((حيث إن المسؤولية المدنية للحادثة تقع على الظنين شخصيا رعيا لمقتضيات الفصل 18 من ظهير 19/1/1953 الذي يؤخذ منه أن مالك الناقلة لئن بقي مسؤولا مدنيا حتى عند تخويله استعمالها للغير فإن المسؤولية عند عدم إذنه يتحملها السائق أوالذي كلفه بسياقة الناقلة دون إذن مالكها وحيث إنه يستخلص من الفصل 3 من قرار 25/ 1/ 65 المتعلق بالشروط النموذجية العامة لعقدة التأمين عند تعريفه للمؤمن له أن الضمان لا يشمل سائق الناقلة الذي استعملها دون إذن من المالك أوالمكتتب وأن مدعي الإذن عليه إثباته، وحيث إن الفصل 12 من القرار المذكور المحتج به من طرف صندوق مال الضمان والمعتمد عليه في الحكم الابتدائي لا يقصد بالضرورة أن صاحب الناقلة المؤمن له يبقى مسؤولا مدنيا ولوفي حالة سرقة سيارة أواستعمالها دون إذنه إلا في حالة ارتكابه خطأ أوإهمالا خطيرا له علاقة مباشرة بالحادثة أوكان السائق الجاني من الأشخاص الذين يسأل عنهم طبقا للفصل 85 من ق.ل.ع كابنه القاصر مثلا يبقى متمتعا بالضمان وأن كان السائق لا يتوفر على رخصة أوباقي الوثائق اللازمة للسياقة، وحيث إن الظنين في النازلة ليس من تابعي صاحب الشاحنة ولا من الأشخاص الذين يسأل عن خطئهم ولم يثبت من خلال البحث ارتكاب صاحب الناقلة أي خطأ أوتهاون أوإهمال له علاقة مباشرة بالحادثة وأن المتسبب فيها دون إذن صاحبها ولا علمه ولم يضبط سرعتها حسب الظروف المكانية والزمانية ولم يتخذ الحيطة الكافية التي تفرضها أنظمة السير وهكذا داس في طريقه الضحية … وتسبب في قتله، وحيث ينتج مما سبق أن الحكم الابتدائي بإقراره المسؤولية المدنية لمالك الشاحنة … وإحلال مؤمنه شركة التأمين … محله في الأداء لم يرتكز على أساس قانوني سليم للأمر الذي يستلزم إلغاؤه والأمر بإخراجها من الدعوى … )) إذ لا يعقل أن يكون مالك السيارة مسؤولا، والتأمين ساري المفعول إذا استولى شخص على سيارة دون إذن من مالكها أودون توفره على رخصة السياقة ولهذا فإن التأويل الذي أعطته المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه لمقتضيات الفصل 12 من الشروط العامة غير مصادف للصواب وفي غير محله.
حيث إنه بمقتضى الفصلين 347 في فقرته السابعة و352 في فقرته الثانية من قانون المسطرة الجنائية يجب أن يكون كل حكم معللا من الناحيتين الواقعية والقانونية وإلا كان باطلا وأن نقصان التعليل أوتناقضه ينزلان منزلة انعدام التعليل.
وبناء على الفصول 88 و85 من قانون الالتزامات والعقود و18 من ظهير 19 يناير 1953 المتعلق بالمحافظة على الطرق العمومية ومراقبة السير والجولان و3 و11 (الفقرة د) و12 من الشروط النموذجية العامة لعقدة تأمين السيارات.
وحيث يستفاد من مجموع مقتضيات هذه الفصول متكاملة أن مالك السيارة هوالمسؤول عنها بمقتضى حراسته لها إلى أن تنتقل منه، وبدون تفريط، إلى الغير الذي لم يكن مسؤولا عنه مدنيا وأن الضمان لا يشمله إلا في حالة مسئوليته شخصيا عن السيارة، أومدنيا عمن ساقها بدون إذنه ممن هم تحت رعايته أوفي خدمته.
وحيث يتجلى من القرار المطعون فيه أنه – من جهة – أدان مرتكب الحادثة محمد بن عبدالقادر بجريمة سياقة السيارة بدون إذن صاحبها بمقتضيات جنائية حازت قوة الشيء المقضي به مما يقتضي حتما أن السيارة كانت في حراسته عندما ارتكب الحادثة بها، لا في حراسة مالكها، وأنه أثبت – من جهة أخرى وفي نفس الوقت – أن الحراسة كانت بيد المالك وقضى مع ذلك بإحلال العارضة محله في الأداء دون أن يبين بدقة ووضوح – تجنبا للتناقض – أن مالك السيارة عروق حجاج ارتكب خطأ في الحراسة بتفريط منه أوأنه مسؤول مدنيا عن مرتكب الحادثة الذي ساق السيارة بدون إذنه ليتأتى عندئذ القول بسريان التأمين وبالتالي بإحلال العارضة محله في أداء التعويضات المحكوم بها لضحايا الحادثة، إذ الإحلال مناطه مسؤولية المالك وهي مرتبطة بالحراسة التي انتقلت منه إلى الغير بدون إذن أوترخيص.
وعليه فإن المحكمة عندما أصدرت قرارها على النحوالمذكور لم تعلله تعليلا كافيا ولم تجعل لما قضت به أساسا صحيحا من القانون.
وحيث إن طلب النقض مرفوع من شركة التأمين وحدها فيما يخص إحلالها محل مؤمنها في الأداء فإن أثره ينحصر فيما يرجع لنطاق نظر المجلس الأعلى في المقتضيات المدنية المتعلقة بهذا الإحلال لا غير، عملا بمقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 585 من قانون المسطرة الجنائية.
لهذه الأسباب
قضى بالنقض جزئيا فيما يخص مسألة التأمين وبالإحالة.
الرئيس المستشار المكلف المحامي العام
السيد محمد أمين الصنهاجي السيد ابن مسلم الخطاب السيد مورينو.
2 Replies to “مسؤولية مدنية – استعمال السيارة بدون إذ مالكها – تأمين”
ينص الفصل 12 من الشروط النموذجية العامة لعقدة التأمين على السيارات على أنه ((لا يطبق التأمين (1) فيما يخص التأمينات ا، و، ج، وه، وز، إذا كان سائق الناقلة المؤمن عليها لا يتوفر وقت الكارثة على الشهادات (رخصة السياقة أوغيرها من الوثائق) المطلوبة في نطاق النظام الخاص بسياقة الناقلة المؤمن عليها … وذلك باستثناء حالات السرقة أوالعنف أواستعمال الناقلة بدون علم المؤمن له)).
غير أنه نظرا لكون هذا الاستثناء جاء في حد ذاته بصيغة مطلقة، اعتبرت محكمة الموضوع في قرارها المطعون فيه، التأمين ساريا لتغطية الأضرار اللاحقة بضحايا حادثة السير التي تسبب فيها سائق الناقلة بدون إذن مالكها (المؤمن له) فقضت بإحلال مؤمنته (شركة التأمين الوفاق) محله في الأداء، رغم إدانة السائق بجريمة السياقة الناقلة بدون إذن مالكها … إلا أن المجلس الأعلى (الغرفة الجنائية) لم يساير المحكمة في هذا الرأي معتبرا أن ذلك الاستثناء ليس مطلقا، بل هومقيد بنصوص قانونية أخرى، ونتيجة لذلك قضى بنقض قرارها موضوع التعليق، بعد أن أبرز في حيثياته الأحوال التي يمكن أن يطبق عليها الاستثناء والأحوال الأخرى التي لا تخضع لتطبيقه.
ولتوضيح كل ذلك، لابد من الرجوع إلى بعض المقتضيات القانونية التي اعتمدها المجلس الأعلى، وهويعالج هذا ((المشكل)) الذي مازالت حلوله القضائية تتأرجح بين الأطراف والتقييد أوالتوسيع والتضييق.
ثأولا: مقتضيات ظهير الالتزامات والعقود
ينص الفصل 88 منه على أن ((كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته)) كما ينص الفصل 85 قبله – بعد تعديله – على أن ((الشخص لا يكون مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب، لكن يكون مسؤولا أيضا عن الضرر الذي يحدثه الأشخاص الذين هم في عهدته … ))
يتجلى من هذين النصين أن مالك الناقلة – في حوادث السير لأنها هي الموضوع – يكون مسؤولا عنها بموجب حراسته لها، وهذا هوالأصل، كما يكون مسؤولا أيضا عمن هم في عهدته متى ساقها أحدهم، ولوبدون إذنه أوعدم توفره على رخصة السياقة، وارتكب بها حادثة نتجت عنها أضرار للغير.
ثانيا: مقتضيات قانون التأمين.
ينص الفصل 3 من الشروط النموذجية (قرار وكيل الوزارة في المالية المؤرخ في 25 يناير 1965) على أن ((المؤمن له … المكتب وصاحب الناقلة المؤمن عليها وكل شخص مأذون له من المكتب أوصاحب الناقلة في حراسة الناقلة أوسياقتها باستثناء …، وينص الفصل 1 (الفقرة الأخيرة) من ظهير 20 أكتوبر 1969 بشأن التأمين الإجباري على السيارات على أنه ((يجب أن يشمل التأمين المنصوص عليه أعلاه المسؤولية المدنية للموقع على العقد ولمالك الناقلة ولكل شخص يتولى بإذن منهما حراسة أوسياقة الناقلة.كما ينص الفصل 13 من قرار 28 نونبر 1934 المتعلق بعقد التأمين البري على ((أن الضامن يتعهد بالخسائر والأضرار المسببة من طرف أشخاص يكون المضمون مسؤولا عنهم مدنيا (أي بالتعويض المـالي) وذلـك بموجـب الفصـل 85 …))
فبمقتضى هذه النصوص لا يكون مشمولا بالضمان إلا المؤمن له – وهوالمكتتب أوصاحب الناقلة أوالمأذون له بحراستها أوسياقتها – إذا ارتكب حادثة بالناقلة المؤمن عليها تسببت في أضرار للغير، أوارتكبها أحد الأشخاص الذين هم في عهدته حتى ولوساقوها بدون رخصة السياقة أوبدون إذنه.
وواضح أن هؤلاء الأشخاص تطبق في حقهم مقتضيات الفصل 12 من الشروط النموذجية التي تقول ((وذلك باستثناء حالات السرقة أوالعنف أواستعمال الناقلة بدون علم المؤمن له))
أما عندما يسوق الناقلة غيرهم ممن ليسوا في عهدة المؤمن له ويتسببون في أضرار للغير، كالسارق (الأجنبي) مثلا، فإن الضمان لا يشملهم، إذ تطبق في حقهم مقتضيات الفصل 12 الأصلية أي المستثنى منها، وذلك للأسباب الآتية.
1 – إن التأمين مرتبط بالمسؤولية المدنية، وأن مناط هذه الأخيرة هوالحراسة. وقد استقر الفقه والقضاء بصفة نهائية – في فرنسا وفي غيرها – ومنذ أن أصدرت محكمة النقض الفرنسية (بجميع غرفها) بتاريخ 2 دجنبر 1941 قرارها الشهير في قضية (فرانك) على:
إن مفهوم الحراسة أصبح يعني سلطة الاستعمال والإدارة والرقابة.
إن الحراسة تنقل إلى السارق.
وقد وقع التسليم بهذه الحقيقة القضائية التي لم تعد محلا للمناقشة منذ صدور قرار (فرانك)، بعد أن وقع التخلي والعدول عن المفهوم المادي والقانوني للحراسة، لمجافاتها لمنطق العدل والإنصاف.
2 – إن السارق ومن معه، وإن كانت الحراسة تنتقل إليهم، وهي مناط المسؤولية – كما تقدم فإنهم لا يعتبرون مؤمنا لهم حسب الفصلين 3 من الشروط النموذجية و1 من ظهير 20 أكتوبر 1969 السالفي الذكر وفي الحالة لا يغطي الضمان الخسائر والأضرار التي يتسببون فيها للغير بواسطة ناقلة المؤمن له إلا إذا كان مسؤولا عنهم مدنيا.
3 – إنه لوكان الاستثناء الوارد في الفصل 12 من قرار 65 يطبق بصفة مطلقة لما كان المشرع في حاجة إلى الاحتفاظ بالفصل 13 من قرار 34 أولا دخل تعديلا على الفصل 85 من ق.ل.ع
4 – إن اعتبار الضمان مغطيا للأضرار التي تسبب فيها السارق ومن معه ممن يستولون على ناقلة مؤمن عليها بدون إذن صاحبها، ولا يخضعون لرقابة هذا الأخير، لا يستقيم بتاتا لا مع التحليل القانوني لمفهوم الحراسة، ولا مع المقتضيات القانونية الأخرى.
ولا محل هنا للقول بأن هذا التحليل يتعارض مع مصلحة المتضرر التي قد يجد نفسه في مواجهة سارق لا قدرة له على جبر الأضرار اللاحقة به، وذلك لسببين.
1 – إن نفس الشيء يمكن أن يثار – في حالة العكسية – من طرف المؤمن الذي لا يضمن إلا مسؤولية المؤمن له المدنية أومسؤولية من رخص له بحراسة أوسياقة ناقلته، دون السارق ومن معه.
2 – إن القضاء يجنح – مراعاة لمصلحة المضرور – كلما وجد السبيل، للخرج عن هذه القواعد، عن طريق الربط بين السرقة مثلا وإهمال المالك أوتفريطه، ليجعل من هذا الأخير مسؤولا أيضا عن الضرر ومغطى بالضمان، وهذا ما أخذ به المجلس الأعلى من جهته في القرار موضوع التعليق، وإن كان هذا الاتجاه مبنيا على نظرية تعادل الأسباب ((التي وقع العدول عنها لتحل محلها)) نظرية السببية الفعالة أوالمنتجة …
وهكذا يبدوواضحا من قرار المجلس الأعلى الذي فسر به مقتضيات الفصل 12 من قرار 65 بتقريبها من المقتضيات القانونية الأخرى التي لها علاقة بالموضوع أن ((حالات السرقة والعنف أواستعمال الناقلة بدون علم المؤمن له ((لا تكون مشمولة بالضمان إلا إذا كان القائم بها ممن يسأل عنهم مدنيا المؤمن له أوكان من غيرهم شريطة أن يقع من المؤمن له تفريط في حفظ الناقلة يؤدي إلى سرقتها والسيطرة عليها، وبالتالي إلى وقوع الفعل الضار.
تعليق المستشار المكلف أبومسلم الحطاب
ينص الفصل 12 من الشروط النموذجية العامة لعقدة التأمين على السيارات على أنه ((لا يطبق التأمين (1) فيما يخص التأمينات ا، و، ج، وه، وز، إذا كان سائق الناقلة المؤمن عليها لا يتوفر وقت الكارثة على الشهادات (رخصة السياقة أوغيرها من الوثائق) المطلوبة في نطاق النظام الخاص بسياقة الناقلة المؤمن عليها … وذلك باستثناء حالات السرقة أوالعنف أواستعمال الناقلة بدون علم المؤمن له)).
غير أنه نظرا لكون هذا الاستثناء جاء في حد ذاته بصيغة مطلقة، اعتبرت محكمة الموضوع في قرارها المطعون فيه، التأمين ساريا لتغطية الأضرار اللاحقة بضحايا حادثة السير التي تسبب فيها سائق الناقلة بدون إذن مالكها (المؤمن له) فقضت بإحلال مؤمنته (شركة التأمين الوفاق) محله في الأداء، رغم إدانة السائق بجريمة السياقة الناقلة بدون إذن مالكها … إلا أن المجلس الأعلى (الغرفة الجنائية) لم يساير المحكمة في هذا الرأي معتبرا أن ذلك الاستثناء ليس مطلقا، بل هومقيد بنصوص قانونية أخرى، ونتيجة لذلك قضى بنقض قرارها موضوع التعليق، بعد أن أبرز في حيثياته الأحوال التي يمكن أن يطبق عليها الاستثناء والأحوال الأخرى التي لا تخضع لتطبيقه.
ولتوضيح كل ذلك، لابد من الرجوع إلى بعض المقتضيات القانونية التي اعتمدها المجلس الأعلى، وهويعالج هذا ((المشكل)) الذي مازالت حلوله القضائية تتأرجح بين الأطراف والتقييد أوالتوسيع والتضييق.
ثأولا: مقتضيات ظهير الالتزامات والعقود
ينص الفصل 88 منه على أن ((كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته)) كما ينص الفصل 85 قبله – بعد تعديله – على أن ((الشخص لا يكون مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب، لكن يكون مسؤولا أيضا عن الضرر الذي يحدثه الأشخاص الذين هم في عهدته … ))
يتجلى من هذين النصين أن مالك الناقلة – في حوادث السير لأنها هي الموضوع – يكون مسؤولا عنها بموجب حراسته لها، وهذا هوالأصل، كما يكون مسؤولا أيضا عمن هم في عهدته متى ساقها أحدهم، ولوبدون إذنه أوعدم توفره على رخصة السياقة، وارتكب بها حادثة نتجت عنها أضرار للغير.
ثانيا: مقتضيات قانون التأمين.
ينص الفصل 3 من الشروط النموذجية (قرار وكيل الوزارة في المالية المؤرخ في 25 يناير 1965) على أن ((المؤمن له … المكتب وصاحب الناقلة المؤمن عليها وكل شخص مأذون له من المكتب أوصاحب الناقلة في حراسة الناقلة أوسياقتها باستثناء …، وينص الفصل 1 (الفقرة الأخيرة) من ظهير 20 أكتوبر 1969 بشأن التأمين الإجباري على السيارات على أنه ((يجب أن يشمل التأمين المنصوص عليه أعلاه المسؤولية المدنية للموقع على العقد ولمالك الناقلة ولكل شخص يتولى بإذن منهما حراسة أوسياقة الناقلة.كما ينص الفصل 13 من قرار 28 نونبر 1934 المتعلق بعقد التأمين البري على ((أن الضامن يتعهد بالخسائر والأضرار المسببة من طرف أشخاص يكون المضمون مسؤولا عنهم مدنيا (أي بالتعويض المـالي) وذلـك بموجـب الفصـل 85 …))
فبمقتضى هذه النصوص لا يكون مشمولا بالضمان إلا المؤمن له – وهوالمكتتب أوصاحب الناقلة أوالمأذون له بحراستها أوسياقتها – إذا ارتكب حادثة بالناقلة المؤمن عليها تسببت في أضرار للغير، أوارتكبها أحد الأشخاص الذين هم في عهدته حتى ولوساقوها بدون رخصة السياقة أوبدون إذنه.
وواضح أن هؤلاء الأشخاص تطبق في حقهم مقتضيات الفصل 12 من الشروط النموذجية التي تقول ((وذلك باستثناء حالات السرقة أوالعنف أواستعمال الناقلة بدون علم المؤمن له))
أما عندما يسوق الناقلة غيرهم ممن ليسوا في عهدة المؤمن له ويتسببون في أضرار للغير، كالسارق (الأجنبي) مثلا، فإن الضمان لا يشملهم، إذ تطبق في حقهم مقتضيات الفصل 12 الأصلية أي المستثنى منها، وذلك للأسباب الآتية.
1 – إن التأمين مرتبط بالمسؤولية المدنية، وأن مناط هذه الأخيرة هوالحراسة. وقد استقر الفقه والقضاء بصفة نهائية – في فرنسا وفي غيرها – ومنذ أن أصدرت محكمة النقض الفرنسية (بجميع غرفها) بتاريخ 2 دجنبر 1941 قرارها الشهير في قضية (فرانك) على:
إن مفهوم الحراسة أصبح يعني سلطة الاستعمال والإدارة والرقابة.
إن الحراسة تنقل إلى السارق.
وقد وقع التسليم بهذه الحقيقة القضائية التي لم تعد محلا للمناقشة منذ صدور قرار (فرانك)، بعد أن وقع التخلي والعدول عن المفهوم المادي والقانوني للحراسة، لمجافاتها لمنطق العدل والإنصاف.
2 – إن السارق ومن معه، وإن كانت الحراسة تنتقل إليهم، وهي مناط المسؤولية – كما تقدم فإنهم لا يعتبرون مؤمنا لهم حسب الفصلين 3 من الشروط النموذجية و1 من ظهير 20 أكتوبر 1969 السالفي الذكر وفي الحالة لا يغطي الضمان الخسائر والأضرار التي يتسببون فيها للغير بواسطة ناقلة المؤمن له إلا إذا كان مسؤولا عنهم مدنيا.
3 – إنه لوكان الاستثناء الوارد في الفصل 12 من قرار 65 يطبق بصفة مطلقة لما كان المشرع في حاجة إلى الاحتفاظ بالفصل 13 من قرار 34 أولا دخل تعديلا على الفصل 85 من ق.ل.ع
4 – إن اعتبار الضمان مغطيا للأضرار التي تسبب فيها السارق ومن معه ممن يستولون على ناقلة مؤمن عليها بدون إذن صاحبها، ولا يخضعون لرقابة هذا الأخير، لا يستقيم بتاتا لا مع التحليل القانوني لمفهوم الحراسة، ولا مع المقتضيات القانونية الأخرى.
ولا محل هنا للقول بأن هذا التحليل يتعارض مع مصلحة المتضرر التي قد يجد نفسه في مواجهة سارق لا قدرة له على جبر الأضرار اللاحقة به، وذلك لسببين.
1 – إن نفس الشيء يمكن أن يثار – في حالة العكسية – من طرف المؤمن الذي لا يضمن إلا مسؤولية المؤمن له المدنية أومسؤولية من رخص له بحراسة أوسياقة ناقلته، دون السارق ومن معه.
2 – إن القضاء يجنح – مراعاة لمصلحة المضرور – كلما وجد السبيل، للخرج عن هذه القواعد، عن طريق الربط بين السرقة مثلا وإهمال المالك أوتفريطه، ليجعل من هذا الأخير مسؤولا أيضا عن الضرر ومغطى بالضمان، وهذا ما أخذ به المجلس الأعلى من جهته في القرار موضوع التعليق، وإن كان هذا الاتجاه مبنيا على نظرية تعادل الأسباب ((التي وقع العدول عنها لتحل محلها)) نظرية السببية الفعالة أوالمنتجة …
وهكذا يبدوواضحا من قرار المجلس الأعلى الذي فسر به مقتضيات الفصل 12 من قرار 65 بتقريبها من المقتضيات القانونية الأخرى التي لها علاقة بالموضوع أن ((حالات السرقة والعنف أواستعمال الناقلة بدون علم المؤمن له ((لا تكون مشمولة بالضمان إلا إذا كان القائم بها ممن يسأل عنهم مدنيا المؤمن له أوكان من غيرهم شريطة أن يقع من المؤمن له تفريط في حفظ الناقلة يؤدي إلى سرقتها والسيطرة عليها، وبالتالي إلى وقوع الفعل الضار.
تعليق المستشار المكلف أبومسلم الحطاب