تعرض الغير الخارج عن الخصومة – شروط قبول التعرض
الحكم التجاري عدد 3870 الصادر بتاريخ 2009/03/31
في الملف رقم 2008/6/10041
القاعدة:
لا يكفي في المتعرض تعرض الغير الخارج عن الخصومة أن يكون قد احترم الشكليات المنصوص عليها في الفصل 304 من قانون المسطرة المدنية وأدى المبلغ المنصوص عليه في الفصل المذكور، ولكن يتعين ان تتوفر فيه باقي الشروط الشكلية الأخرى المنصوص عليها في الفصل 303 من نفس القانون، وهي أن تجتمع لديه صفة الغير ومساس الحكم المتعرض عليه بحقوقه، وعدم استدعائه أو من ينوب عنه في الدعوى التي صدر فيها الحكم.
لا يكفي المتهرض لأن يكون بيده تنازل من المتعرض ضدها على المحل المذكور، ما دام هذا التنازل لم يتم تفعيل أثره من الناحية القانونية ولم ينقل له بعد ملكية المحل المذكور لعدم تسجيله بالرسم العقاري.
لما كان ثابتا أن المتعرض لا يتوفر على سند لملكية المحل موضع الحكم بالإفراغ والمتعرض عليه من قبله فإنه لا يملك الصفة ولا المصلحة للتعرض على الحكم المذكور لأنه غير مالك له من جهة، ومن جهة ثانية لا يمس بأي حق محتمل له في العقار المذكور لأن إفراغ مكتر متماطل غاية يصبو لها كل مالك أو من سيخلفه في ملكه، سواء أكان خلفا عاما أو خاصا.
باسم جلالة الملك
بتاريخ 31/03/2009 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.
وهي مؤلفة من السادة:
جمال السنوسي رئيسا ومقررا.
نادية زهيري عضوا.
عبد السلام خمال عضوا.
بمساعدة عبد الله زويتر كاتب الضبط.
في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:
بين: كودية علي الساكن بالولاء عمارة 3 لرقم 11 الشطر 6 سيدي مومن الدارالبيضاء.
نائبه الأستاذ وفي عبد المجيد المحامي بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة.
وبين:1- ليلى عماري الساكنة بعمارة 3 رقم 332 حي الولاء سيدي مومن شطر 6 الدارالبيضاء.
2- كودية محمد الكائن بحي البركة 2 محج أ رقم 60 تجزئة 197 سيدي مومن الدرابيضاء.
ينوب عن الأولى الأستاذ نجيب بوبكر وعن الثاني الأستاذة مليكة خالص المحاميان بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة أخرى
الوقائــع:
بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 28/10/2008 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيه المدعي أنه يتعرض تعرض الغير الخارج عن الخصومة ضد الحكم التجاري الصادر عن المحكمة التجارية تحت رقم 398/08 الصادر بتاريخ 9/1/2008 في الملف رقم 11412/05/2008 والقاضي بالمصادقة على الإشعار بالإفراغ وإفراغ المدعى عليه كودية محمد هو ومن يقوم مقامه من المحل الكائن بحي البركة 2 شارع أ الرقم 60 سيدي مومن الدارلبيضاء مع الصائر، بعد أن وجهت المتعرض ضدها الأولى له إشعارا بالإفراغ ولم يسلك مسطرة الصلح لحاجة في نفس يعقوب، فاستصدرت المذكورة أعلاه الحكم المتعرض عليه بمنتهى السهولة في حق ابنها كودية محمد والذي بلغ بالحكم ولم يطعن فيه مما أباح لها سلوك مسطرة التنفيذ، فمن حيث الشكل فقد أودع الحد الأقصى للغرامة مما يكون معه طلبه مقبول شكلا، وموضوعا فإن الحكم قد مس بحقوقه ولم يستدع للدفاع عنها أو من ينوب عنه، والعارض كانت تربطه بالمدعية علاقة زواج فأنجب منها ابنا إسمه محمد إلا أن هذه العلاقة انتهت بالطلاق فاضطرا إلى قسمة الأموال المشتركة فيما بينهما وتنازلا لبعضهما البعض عن بعض الممتلكات ، وقد تنازل لها هو عن الشقة التي كانت مشتركة والتي فاستأثرت بالعقار ككل وتنازلت بدورها عن محلها التجاري الذي تملكه والكائن بشارع أ رقم 60 حي البركة 2 سيدي مومن بمقتضى التنازل المؤرخ في 19/5/2006 والذي كان يشغله ابنها كدية محمد، وقد فوجئ بالحكم الصادر ضد ولده الذي يتناقض مع عقد التنازل، وقد رفع العارض دعوى في مواجهة المتعرض ضدها التمس فها إتمام إجراءات التنازل عن ملكية المحل التجاري ولا زالت رائجة بالمحكمة التجارية بالدارالبيضاء في الملف رقم 6826/08، وبالتالي فإنها تتقاضى بسوء نية والهدف من دعوى الإفراغ هو التنكيل بحقه، ملتمسا الحكم بإلغاء الحكم المتعرض عليه وإقرار أن العقار ملك للعارض مع تحميل المتعرض ضدها الصائر. وأرفق مقاله بنسخة من الحكم المتعرض عليه وصورة مطابقة من عقد تنازل ونسخة مقال وصورة وصل إيداع.
وبناء على جواب المتعرض ضدها الأولى مع طلب مضاد مؤدى عنه الرسم القضائي بتاريخ 12/1/2009 أن تعرض المدعي مبني على زعمه تملك العقار بناء على اتفاق بينهما، ولكون العقار مكرى للغير الذي أسس عليه أصلا تجاريا لممارسة أعماله التجارية فإن المدعي يطلب بتملك هذا الأصل التجاري أيضا، والحال أنه لا حق له في ذلك لأنه منعدم الصفة والمصلحة وليس صاحب حق، فطبقا للفصلين 66 و67 من قانون العقارات المحفظة صاحب الحق العقاري هو المسجل بالسجل العقاري، ولتاريخ يومه فشهادة ملكية العقار تقطع بكون العارضة هي المالكة الوحيدة، وبالتالي تنعدم الصفة لدى المدعي، ومن جهة أخرى فإن الأصل التجاري ملك للغير الذي هو المدعى عليه الثاني، ومن جهة ثانية فإنه طبقا للفصل 303 م ق م م يجب أن يكون المتعرض غيرا بالمعنى القانوني الصحيح، وهو الشخص الذي لم يكن مدعيا أو مدعى عليه ولا مدخلا أو متدخلا أو ممثلا بأحد الخصوم، وانطلاقا من زعمه أن العارضة تنازلت له عن العقار وسيرا مع هذا الادعاء فإنه كان ممثلا في الدعوى السابقة من طرفها، ومن جهة أخرى فالعقد المزعوم لا علاقة له بالأصل التجاري موضوع الحكم المتعرض عليه والذي تعود ملكيته للغير، كما أن الحكم هو بين العارضة والمكتري المالك للأصل التجاري، وأن إفراغ هذا الأخير لا يمس بأي حق من حقوق المتعرض لكون العكس هو الصحيح، مستشهدة باجتهادات للمجلس الأعلى. وأضافت أن المتعرض منعدم المصلحة أيضا لأنه يمتنع عليه الادعاء بأن المصلحة القانونية هي أن يستمر المدعى عليه الثاني في استغلال المحل دون أداء الواجبات الكرائية، كما أنه يمتنع عليه الإدلاء بما يثبت أنه حصل على حكم قضائي ونهائي بتملك العقار وسجل هذا العقار باسمه في المحافظة العقارية، كما أن الحكم المتعرض عليه لا علاقة له لا بالاتفاق الذي يزعمه ولا بنقل الملكية من عدمه، وبالتالي ينعدم لدى المتعرض أي حق للمطالبة بإلغاء الحكم، كما أن هذا الطلب يخرج عما قضى به الحكم وأيضا عن مسطرة التعرض وناتجها وحتى عن اختصاص المحكمة التجارية باعتباره نزاعا مدنيا صرفا. ومن جهة أخرى فإن المتعرض كان عليه قبل مطالبة العارضة بإعادة إبرام عقد التنازل أن يثبت تنفيذه للاتفاقات المقابلة التي التزم بها في إطار تصفية الأموال المشتركة وهو الشيء الذي لم يفعله لأنه تماطل من جهة في إتمام إجراءات الطلاق وفي عرض المنزل الكائن بسيدي سليمان للبيع كما هو ثابت من خلال دعاوى التطليق والقسمة وفي امتناعه عن تسليمها نصيبه في المنزل الكائن بحي الولاء، وبالتالي لا يعقل أن يبادر إلى المطالبة بما هو مسطر في مقاله في الوقت الذي يمتنع فيه عن تنفيذ التزاماته سواء المضمنة بعقد اتفاق البيع أو بالتنازل المؤرخ في 20/3/2006. وبخصوص الطلب المضاد فإن المدعي امتنع عن تنفيذ الحكم الصادر في مواجهته بأداء نفقة ابنته القاصر واستمر في اعتراض سبيلها والإساءة لها رغم الحكم بالطلاق بينهما، كما استغل حكم الإفراغ الصادر لفائدتها للاستيلاء فعليا على العقار وأيضا على الأصل التجاري وهو ما تؤكده محاضر التنفيذ المؤرخة في 2/7/2007 و 22/10/2008 مما يؤكد هدفه الرامي إلى حرمانها من إعادة كراء محلها لتواجه مصاريف وظروف طفلتها التي رفض المدعي أداء نفقتها، فبالإضافة إلى ضياعها في الواجبات الكرائية غير المؤداة فإن احتلال المدعي للمحل أضاع كامل حقوقها فيه بالكامل دون وجه حق، وأن مقتضيات الفصول 77 و 78 و 98 من ق ل ع يعطي الحق للعارضة في التعويض عن كل الخسائر اللاحقة بها والمصاريف الضرورية التي تم إنفاقها وما حرمت من نفع، لأجله فهي تلتمس الحكم بعدم قبول طلب التعرض أو رفضه، وفي الطلب المضاد الحكم على المدعى عليه أن يؤدي لها تعويضا يوميا قدره 2000 درهم من تاريخ احتلاله للعقار وهو 2/7/2007 كما هو ثابت من محضر محاولة الإفراغ واستمرار التعويض إلى تاريخ تمكينها من المحل. وأرفقت مذكرتها بصور أحكام ومحاضر محاولة التنفيذ وشكايات واتفاق وشهادة السجل التجاري واجتهاد قضائي.
وبناء على جواب المتعرض ضده الثاني أكد فيه كراءه للمحل وتوقفه عن أداء الواجبات الكرائية لكون أصله التجاري انتزع منه من طرف المتعرض، وأنه تعففا من طرفه بالنظر للعلاقة العائلية يؤكد أن المتعرض ضدها من حقها التوصل بالواجبات الكرائية عن ملكيتها للعقار ولعدم استخلاصها كان من حقها المطالبة بإفراغه. وأرفق مذكرته بصور لمحضر إخباري ومحضر إشعار بالإفراغ.
وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 3/3/2009 فحضر نائب المدعى عليه الثاني فتقرر حجز القضية للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 31/3/2009.
التعليـــل
بعد الاطلاع على جميع وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.
في الطلب الأصلي بالتعرض:
حيث إنه إذا كان المتعرض قد احترم الشكليات المنصوص عليها في الفصل 304 من قانون المسطرة المدنية وأدى المبلغ المنصوص عليه في الفصل المذكور، فإن مناط قبول تعرضه يستلزم توفر باقي الشروط الشكلية الأخرى المنصوص عليها في الفصل 303 من نفس القانون، وهي أن تجتمع لدى المتعرض صفة الغير ومساس الحكم المتعرض عليه بحقوقه، وعدم استدعائه أو من ينوب عنه في الدعوى التي صدر فيها الحكم.
وحيث إن المتعرض ضدها الأولى أسهبت في بيان عدم مساس الحكم المتعرض عليه بحقوق المتعرض وركزت على انعدام مصلحته في التعرض على الحكم المذكور.
وحيث إن المحكمة بعد دراستها لوضعية المتعرض القانونية إزاء المحل موضوع الدعوى تبين لها أنه، وإن كان بيده تنازل من المتعرض ضدها على المحل المذكور، فإن هذا التنازل لم يتم تفعيل أثره من الناحية القانونية ولم ينقل له بعد ملكية المحل المذكور لعدم تسجيله بالرسم العقاري.
وحيث إن تمسك المتعرض ضدها بمقتضيات الفصل 67 من القانون العقاري كان مؤسسا لجهة أن النص المذكور لا يرتب أي أثر للعقود أو الاتفاقات المنصبة على العقارات المحفظة ولو بين أطرافها إلا من تاريخ التسجيل بالرسم العقاري.
وحيث إنه لما كان ثابتا أن المتعرض لا يتوفر على سند لملكية المحل موضع الحكم بالإفراغ والمتعرض عليه من قبله فإنه لا يملك الصفة ولا المصلحة للتعرض على الحكم المذكور لأنه غير مالك له من جهة ومن جهة ثانية لا يمس بأي حق محتمل له في العقار المذكور لأن إفراغ مكتر متماطل غاية يصبو لها كل مالك أو من سيخلفه في ملكه، سواء أكان خلفا عاما أو خاصا.
وحيث إنه تأسيسا على ما تقدم يكون التعرض غير مستوف لشرائطه القانونية لجهة الصفة والمصلحة مما يتعين الحكم بعدم قبوله.
وحيث تعين الحكم بمصادرة المبلغ المودع لفائدة الخزينة العامة.
في الطلب المضاد:
حيث إن الدعوى المعروضة على المحكمة قدمت لها في شكل تعرض على حكم قضائي وهو طريق غير عادي للطعن في الأحكام.
وحيث إن مهمة المحكمة هي النظر في صحة التعرض من عدمه وليس من ولاية محكمة الطعن أن تنظر في طلبات مقابلة تقدم من المتعرض ضده الذي يبقى المجال مفتوحا أمامه للجوء إلى المحكمة وفق الإجراءات العادية للمطالبة بحقوقه.
وحيث تعين تبعا لذلك عدم قبول الطلب المقابل أيضا.
وتطبيقا للقانون.
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة علنيا ابتدائيا وحضوريا.
بعدم قبول التعرض ومصادرة المبلغ المودع لفائدة الخزينة العامة.
بعدم قبول الطلب المقابل وتحميل رافعته الصائر.
وبهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه.