استرجاع الدولة للعقارات المملوكة للأجانب – وجوب إثبات الدولة لطابعها الفلاحي وكونها خارج الدوائر الحضرية

استرجاع الدولة للعقارات المملوكة للأجانب – وجوب إثبات الدولة لطابعها الفلاحي وكونها خارج الدوائر الحضرية

حكم

القرار رقم 112

الصادر بتاريخ 23 أبريل 1992

ملف إداري رقم 10209/90

القاعدة

طبقا لظهير 2 مارس 1973 الذي يخول الدولة المغربية استرجاع ملكية العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة التي يملكها أشخاص ذاتيون أو أجانب فإن على الدولة أن تأتي بالحجة على أن الشروط المنصوص عليها في الظهير المذكور كانت متوفرة و خصوصا الطابع الفلاحي لهذه الأرض كليا أو جزئيا 

 

باسم جلالة الملك

إن المجلس الأعلى

و بعد المداولة طبقا للقانون

حيث تطلب السيدة بيرطون جوزي جان بسبب الشطط في استعمال السلطة إلغاء القرار المشترك عدد 1314/1979 عن السادة وزير الداخلية و وزير الفلاحة و الإصلاح الزراعي و وزير المالية الذي تم بموجبه نقل ملكية العقار موضوع الرسم العقاري عدد 17176 إلى الدولة المغربية موضحة في مقالها أنها كانت تملك عقارا كائنا بمدينة الخميسات موضوع الرسم العقاري المشار إليه و أن هذا العقار كان يحتوي في سنة 1973 على بقعة تبلغ مساحتها هكتاران و 49 آرا كانت خارج المنطقة المعمارية للمدينة و على بقعة ثانية تبلغ مساحتها 25 هكتارا و 12 آرا و 10 سنتيار كانت بكاملها داخل المنطقة المعمارية للمدينة و بقرار مشترك نشر بتاريخ 12/9/1973 بالجريدة الرسمية عدد 3176 فإن هذا العقار قد استرجعته الدولة المغربية بكامله تطبيقا لظهير 2/3/1973 إلا أن هذا القرار وقع إبطاله بواسطة تعديل نشر بالجريدة الرسمية عدد 3187 بتاريخ 28/11/1973 و أنه بواسطة عقد أبرم بتاريخ 26/8/1976 باعت الطاعنة لصندوق الإيداع و التدبير بقعة تبلغ مساحتها 11 هكتار و 29 آرا و 93 سنتيارا استخرج من البقعة الكائنة داخل المنطقة المعمارية حيث أقامت عليها تجزئة سكنية شعبية و قد قيد هذا البيع بالمحافظة العقارية الشيء الذي يثبت أن ظهير 2/3/1973 كان غير قابل للتطبيق بالنسبة لعقار الطاعنة إلا أن هذا العقار وقع استرجاعه من جديد من طرف الدولة المغربية بقرار وزاري مشترك مؤرخ بتاريخ 18/12/1979 و هو القرار المطعون فيه.

و حيث تعيب الطاعنة على المقرر المذكور الشطط في استعمال السلطة لتجاهله للوضع الهندسي للعقار و لطابعه الصناعي، ذلك أنه من الثابت أن بقعة واحدة تبلغ مساحتها هكتاران و 49 آرا منفصلة عن البقعة الثانية التي توجد خارج المنطقة المعمارية أما البقعة الثانية التي كانت تبلغ مساحتها في الأصل 25 هكتارا و 12 آرا و 10 سنتيار ثم أصبحت مساحتها تبلغ 13 هكتارا و 82 آرا و 12 سنتيارا بعد البيع المذكور المبرم لفائدة صندوق الإيداع و التدبير بتاريخ 28/8/1976 فقد كانت بكاملها توجد في سنة 1973 داخل المنطقة المعمارية للمدينة و هذا ما وقع تأكيده من طرف الرئيس الإقليمي للمصلحة الطوبوغرافية بالخميسات في شهادته المؤرخة في 16/2/1981. و من جهة أخرى فإن البقعة المتنازع فيها التي نقلت خطأ للدولة توجد بها مؤسسة صناعية تحت شعار زراعة صناعية لنباتات عطورية نباتات الأزهار بالمغرب و مسجلة بالسجل التجاري عدد 25180 و أن هذه المؤسسة تحتوي على تقطير و استخراج النباتات العطورية قصد الحصول على الزيوت الصناعية مع تصدير هذا الإنتاج بكامله إلى الخارج كما أنها تستخدم كيد عاملة ما بين 500 إلى 600 عامل و بشهادة عدد 2887 أكد السيد وزير التجارة و الصناعة بعد البحث الذي أجراه تبين أن نشاط مؤسسة الطاعنة له طابع صناعي تطبيقا للمرسوم المؤرخ في 21 أبريل 1965 الذي صادق على القائمة المغربية للأنشطة الاقتصادية و برسالة عدد 3316 و تاريخ 15 فبراير 1985 فقد أكد بدوره السيد الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالقضايا الاقتصادية إلى السيد وزير الداخلية الطابع الصناعي للنشاط الذي تمارسه الطاعنة في عقارها المذكور. و حيث تمسكت الإدارة في مذكرتها الجوابية بعد إثارتها لدفع شكلي بعدم القبول بأنه بالرجوع إلى مقتضيات ظهير 2 مارس 1973 الذي تنقل بموجبه إلى الدولة ملكية العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة التي يملكها أشخاص ذاتيون أجانب أو أشخاص معنويون نجده ينص في الفصل الأول على ما يلي، تنقل إلى الدولة ابتداء من تاريخ نشر ظهيرنا الشريف هذا ملكية العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة الكائنة كلا أو بعضا خارج الدوائر الحضرية و التي يملكها أشخاص ذاتيون أجانب أو أشخاص معنويون فالفصل المذكور يشترط لاسترجاع الدولة الأملاك العقارية المشار إليها توافر ثلاث شروط:

1) أن تكون الأرض فلاحية أو قابلة للفلاحة.

2) أن تقع هذه الأرض كلا أو بعضا خارج الدوائر الحضرية.

3) أن تكون في ملكية أشخاص أجانب ذاتيين أو معنويين. و استنادا إلى المقتضيات المذكورة فإن الأرض موضوع النزاع ذات الرسم العقاري 17176 تتوفر فيها الشروط الثلاثة المطلوبة في ظهير 2 مارس 1973، أما ما تمسكت به الطاعنة من أن عقارها لا يمكن استرجاعه ضمن الأراضي المسترجعة بناء على ظهير 2 مارس 1973 بحجة أنها باعت جزءا منه وقع تقييد هذا البيع بالرسم العقاري فإن الجزء الذي باعته لصندوق الإيداع و التدبير كما قد تم بتاريخ 26/8/76 أي خلال الفترة الزمنية التي كان وقع فيها التشطيب على عقارها من اللائحة الملحقة بالقرار الوزيري المشترك باعتباره كائنا كليا داخل المدار الحضري لمدينة الخميسات نتيجة بحث خاطئ وقع استدراكه بعدما تبين أن جزءا من عقارها كان و لا يزال يوجد خارج المدار الحضري مما حدا بالمحافظ إلى رفض تقييد البيع المشار إليه على الرسم العقاري و أنه بعدما تبينت حسن نية المشتري المذكور استصدرت الدولة( الملك الخاص) مرسوما إذن بتفويض البقعة المشتراة بثمن رمزي و أمر بتسجيله بكناش محتويات الأملاك المخزنية بالخميسات باسم صندوق الإيداع و التدبير و منح له رقم خاص منبثق من الرسم العقاري الكلي 17.176 و هو 2555/16.

فيما يخص الدفع الشكلي بعدم القبول المثار من طرف الإدارة.

حيث لاحظت الإدارة أن القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 18/12/79 قد تم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 2 يناير 1980 و أن الطاعنة أحيطت علما بصدور هذا القرار و أعلنت عن علمها اليقيني بصدوره بتاريخ 2 فبراير 1982 حيث احتجت و طلبت إلغاءه بواسطة دفاعها آنذاك في شخص الأساتذة كوستاف روسياي و أحمد الطاهري و لويس بانكرازي الذين وجهوا باسم موكلتهم رسالة مضمونة مع الإشعار بالاستلام إلى السيد وزير الفلاحة و الإصلاح الزراعي موضوعها طلب إلغاء نقل ملكية عقار إلى الدولة و أن وزارة الفلاحة أجابت الطاعنة عن كتابها بواسطة رسالة مؤرخة في 11 مارس 1982 برفض تسليمها شهادة بكون عقارها له صفة غير فلاحية و بتاريخ 18 ماي 1982 وجهت الطاعنة رسالة ثانية إلى السيد الوزير تخبره بتوصلها برسالة 11 مارس المذكورة موضحة له أنها تطلب إلغاء القرار المذكور و أن وزارة الفلاحة أجابتها برسالة أخرى مؤرخة في 29 غشت 1983 بأن عقارها لا يمكن اعتباره غير فلاحي الشيء الذي يعني أن الطاعنة كانت على علم يقيني تام بصدور القرار المطعون فيه من طرفها على الأقل بتاريخ 2 فبراير 1982 في حين أن طلب الإلغاء لم يرفع إلى المجلس الأعلى إلا بتاريخ 7/12/90 أي خارج الأجل القانوني.

لكن حيث إنه من الثابت و باعتراف الإدارة نفسها أنه كان تم نقل ملكها العقاري المذكور إلى الدولة في نطاق ظهير 2 مارس 1973 منذ تاريخ 11 شتنبر 1973 حسب القرار الوزاري المشترك الذي كان يحمل رقم 942 – 173 إلا أنه بتاريخ 16 أكتوبر 1973 تم التشطيب على هذا العقار من اللائحة الملحقة بالقرار المشترك المشار إليه باعتباره كائنا داخل المدار الحضري لمدينة الخميسات.

و حيث إن ادعاء الإدارة بأنه بتاريخ 3/5/1979 تبين أن جزءا من هذا العقار يوجد خارج المدار الحضري لمدينة الخميسات و أن ذلك هو الذي حدا بها إلى تعيين هذا العقار من جديد ضمن العقارات التي نقلت ملكيتها إلى الدولة في نطاق ظهير 2 مارس 73 يعني أن عنصرا جديدا لم يكن معروفا من طرف الإدارة  نفسها هو الذي أدى إلى اتخاذ القرار المطعون فيه من جديد و بالتالي إخضاع العقار موضوع النزاع إلى ظهير 2 مارس 73.

و حيث إن الطاعنة و إن كانت كاتبت الإدارة مرتين في شأن القرار الجديد موضوع الطعن الحالي إلا أنها اكتفت في حقيقة الأمر بالتعبير عن دهشتها إزاء إصرار الإدارة على اتخاذ نفس الوقف السابق و الحالة أنها تراجعت عن هذا القرار بمحض إرادتها منذ سنة 73 بعدما تبين أن الطاعنة تستغل العقار المذكور للفلاحة الصناعية و تستخدم يدا عاملة بصفة دائمة.

و حيث يستخلص مما سبق أن الطاعنة و إن علمت بالقرار المطعون فيه منذ تاريخ 2/2/82 عندما كاتبت الإدارة في شأن نقل ملكية العقار المذكور إلى الدولة إلا أن هذا العلم لم يكن علما تاما و يقينيا بكافة عناصر القرار المذكور ما دامت الإدارة لم توضح للطاعنة أن سبب إخضاع هذا العقار من جديد لظهير 2/3/73 يعود إلى العنصر الخفي و المتمثل في اكتشاف أن جزءا منه يوجد خارج المدار الحضري كما تدعى الإدارة في سبب إقدامها على اتخاذ نفس القرار بعد أن سبق لها التراجع عنه منذ سنة 1973. و حيث إن الطاعنة في رسالتها للإدارة كانت تبحث عن عنصر و أركان القرار المطعون فيه ما دامت الإدارة لم تعمل على تبليغها نسخة من هذا المقرر لتكون على علم بمحتواه.

و حيث يستنتج من كل ذلك أنه لا يمكن استخلاص العلم اليقيني للطاعنة بعناصر هذا القرار من مجرد مكاتبتها للإدارة في الموضوع و التعبير عن دهشتها من استمرار الإدارة في إخضاع عقارها لنقل ملكيته إلى الدولة رغم إقدام الإدارة نفسها على التراجع عن هذا القرار مما يجب معه القول بأن الطعن الحالي مقبول شكلا مادام لم يثبت أن الطاعنة قد علمت علما يقينيا بفحوى و كافة عناصر القرار المطعون فيه أو أن الإدارة قد أبلغتها القرار المذكور بصورة قانونية مما يجب معه رفض الدفع المثار من طرف الإدارة.

فيما يخص مشروعية المقرر المطعون فيه:

حيث إنه من الثابت من أوراق الملف أن الطاعنة بعد إبطال قرار استرجاع الدولة المغربية لعقارها موضوع الرسم العقاري عدد 17176 الكائن بالخميسات بمقتضى التعديل الذي نشر بالجريدة الرسمية عدد 3187 و تاريخ 28 نونبر1973 قامت ببيع جزء من هذا العقار لصندوق الإيداع و التدبير الذي أقام عليه تجزئة سكنية شعبية. و حيث إنه من الثابت أيضا و باعتراف الإدارة نفسها من خلال شهادة السيد وزير التجارة و الصناعة تحت عدد 2887 و رسالة السيد الوزير المنتدب لدى السيد الوزير الأول المكلف بالشؤون الاقتصادية بتاريخ 15 فبراير 1985 أن الطاعنة تتوفر بالأرض المذكورة على مؤسسة صناعية تمارس زراعة النباتات العطورية التي تصدر زيوتها إلى الخارج. و حيث إنها مسجلة في السجل التجاري تحت عدد 25180 فضلا عن كونها تؤدي الضرائب عن الأرباح المهنية و التضامن الوطني.

و حيث إنه طبقا لظهير 2 مارس 1973 الذي يخول الدولة المغربية استرجاع ملكية العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة التي يملكها أشخاص ذاتيون أو أجانب فإن على الدولة أن تأتي بالحجة على أن الشروط المنصوص عليها في الظهير المذكور كانت متوفرة و خصوصا الطابع الفلاحي لهذه الأرض كليا أو جزئيا و الحالة أن أوراق الملف تؤكد الطابع الصناعي للأرض المذكورة من خلال الأنشطة التي تمارسها الطاعنة(ضرائب الأرباح التجارية التي تؤديها بانتظام) إضافة إلى ثبوت تصرفها في جزء من عقارها لصندوق الإيداع و التدبير الذي شيد مجموعة سكنية عليه. و حيث يستخلص من كل ما سبق أن القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 18 دجنبر 1979 لا يرتكز على أساس و يتسم بالشطط في استعمال السلطة مما يجب معه إلغاؤه.

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى بإلغاء المقرر المطعون فيه.

و به صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط

وكانت الهيأة الحاكمة متركبة من:

رئيس الغرفة الإدارية السيد مكسيم أزولاي والمستشارين السادة: محمد المنتصر الداودي، وعبد الحق بن جلون، ومحمد الخطابي ومحمد بورمضان وبمحضر المحامي العام السيد عبد الحميد الحريشي وبمساعدة كاتب الضبط السيد خالد الدك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *