الشفعة – العقار المحفظ – إيداع الثمن والمصاريف داخل أجل معين – لا

الشفعة – العقار المحفظ – إيداع الثمن والمصاريف داخل أجل معين – لا

حكم

القرار رقم 2619

الصادر بتاريخ 20 دجنبر 1989

ملـف مدنــي رقم 3724/84

 

القاعدة

ليس في الفصول 25 و 31 و 32 من ظهير 2/6/1915 المطبق على العقارات المحفظة ما يفيد إلزام طالب الشفعة بضرورة إيداع ثمن البيع و المصاريف خلال أجل معين،

الفصل 974 من قانون الالتزامات و العقود في فقرته الثانية يحتم على طالب الشفعة القيام بإيداع ثمن البيع خلال أجل ثلاثة أيام في حالة واحدة و هي حالة امتناع باقي الشركاء من الأخذ بالشفعة بالنسبة لحصته.

باسم جلالة الملك

و بعد المداولة طبقا للقانون

بناء على أنه ليس في الفصول 25 و 31 و 32 من ظهير 2/6/1915 المطبق على العقارات المحفظة ما يفيد إلزام طالب الشفعة بضرورة إيداع ثمن البيع و المصاريف خلال أجل معين، كما أن الفصل 974 من قانون الالتزامات و العقود في فقرته الثانية يحتم على طالب الشفعة القيام بإيداع ثمن البيع خلال أجل ثلاثة أيام في حالة واحدة و هي حالة امتناع باقي الشركاء من الأخذ بالشفعة بالنسبة لحصته.

و حيث يستفاد من وثائق الملف و من القرار المطعون فيه، أن الطالبة السيدة مريم بنت محمد المصباحي و أمها رحمة جلول تملكان حظوظا مشاعة في العقار عدد 15071 إرثا من المرحوم السيد محمد المصباحي والد الطالبة وزوج والدتها المذكورة و أن والدة الطالبة باعت بمقتضى عقد محرر في 22/11/74 بعض نصيبها في العقار المذكور إلى المطلوبين السيدين دركول عبدالسلام بن سلام و دركول عبدالله بن سلام دون علم الطالبة أو حضورها في عقد البيع، و بتاريخ 4/1/1975 تقدم السيدان: محمد بن سلام. و القرش محمد باعتبارهما مالكين على الشياع في نفس العقار بمقال في مواجهة المشترين المذكورين يطلبان الحكم لهما باستشفاع الحصة المبيعة بعد أن قاما بتاريخ 4/1/75 بإيداع ثمن المبيع و المصاريف حسب الوصل عدد: 9/10 حساب 2/16 و الذي تم عرضه على المشترين بتاريخ 19/4/75 .وبمقال التدخل تطلب فيه الحكم لها بشفعة المبيع باعتبارها تملك حق الأفضلية على طالبي الشفعة المدعيين الأصليين عملا بما هو منصوص عليه في الفقه المالكي و خليل. و بتاريخ 12/5/76 قضت المحكمة الابتدائية بالاستجابة لطلبها بعد رفض طلب المدعيين الأصليين لتأخرهما مرتبة عن ابنة البائعة مع أمر الطالبة بإيداع ثمن الحصة المشفوعة خلال ثلاثة أيام، و بنفس التاريخ ثم إيداع ثمن المبيع من طرف الطالبة حسب الوصل عدد: 287/36 حساب 2/57 تنفيذا للحكم المذكور. غير أن المطلوبين حسب دركول عبدالسلام بن سلام و دركول عبدالله بن سلام لم يقبلا بهذا الحكم فاستأنفاه في مواجهة الطالبة وحدها لدى محكمة الاستئناف بالرباط التي قضت بعد تبادل المذكرات بين الطرفين بإلغائه و الحكم من جديد برفض دعوى الطالبة لكون الإيداع كان خارج الأجل القانوني بالمقارنة بين تاريخ التقييد الذي كان في 16/12/74 و بين تاريخ الإيداع الذي كان في 12/5/76.

و حيث تعيب الطالبة على القرار سوء التعليل و انعدام الأساس القانوني ذلك أن الفصل 25 من ظهير 2/6/15 لا يوجب لا العرض و لا الإيداع و إنما فقط يعطي الحق لكل شريك في أن يأخذ الحصة المبيعة بدلا من مشتريها بعد أدائه المبلغ المؤدى في شرائها، فالأداء هنا شرط لأخذ الحصة و ليس لمجرد طلب أخذها. و أن العمل القضائي و إن أوجب الأداء و العرض فإن ذلك ينبغي أن يقتصر على حالات استعداد المشتري لتمكين طالب الشفعة من شفعة المبيع أما في حالة الرفض فلا موجب لرد دعواه بناء على عدم قيامه بالإيداع مما جاء معه القرار المطعون فيه سيئ التعليل و معرضا للنقض.

حقا حيث إن الفصل 25 من ظهير 2/6/1915 لا يتكلم سوى عن أحقية الشريك في استشفاع المبيع من يد مشتريه بعد دفع ثمن البيع و المصاريف، و أن الفصلين 31 – 32 من نفس الظهير لا يتكلمان إلا عن المدة التي يسقط فيها حق الشفيع في طلب الشفعة، دون أن يتعرضا إلى إلزام الشفيع بالعرض أو الإيداع لثمن المبيع في حين أن الفصل 974 من. ق. ل. ع في فقرته الثانية يلزم طالب الشفعة أن يدفع ثمن المبيع خلال ثلاثة أيام. و لكن في حالة واحدة و هي الحالة التي يمتنع فيها باقي الشركاء من أخذ حصتهم في الجزء المبيع عن طريق الشفعة و هي غير الحالة المعروضة في هذه النازلة، الأمر الذي لم تكن معه محكمة الاستئناف على صواب عندما رفضت طلب الطالبة في استشفاع المبيع اعتمادا على أنها لم تقم بالإيداع لثمن المبيع و المصاريف خلال الأجل القانوني مما جاء معه قرارها غير معلل و غير مؤسس على أساس قانوني و تعرض بذلك للنقض.

و حيث إنه من مصلحة الطرفين إحالة القضية على نفس المحكمة لتبت فيها طبقا للقانون و على المطلوبين الصائر.

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى بنقض القرار المطعون فيه و إحالة القضية على نفس المحكمة لتبت فيه طبقا للقانون و على المطلوبين الصائر.

كما قرر إثبات حكمه هذا بسجلات محكمة الاستئناف بالرباط إثر الحكم المطعون فيه أو بطرته.

و به صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط

وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من:

رئيس الغرفة السيد: محمد بوزيان و المستشارين السادة: عبدالخالق البارودي مقررا، محمد أفيلال، عبدالمالك ازنيبر، عبدالحق خالص، و بحضور المحام العام السيد أحمد شواطة و بمساعدة كاتب الضبط السيد بولعجول.

One Reply to “الشفعة – العقار المحفظ – إيداع الثمن والمصاريف داخل أجل معين – لا”

  1. لقد استأثر باهتمامي تعليق على قرار المجلس الأعلى رقم 1236 الصادر بتاريخ 6/5/1992 بشأن ممارسة الشفيع حق الشفعة خصوصا القول بأن المجلس قد حسم بهذا القرار في المسائل القانونية التي كان يتردد في اتخاذ موقف واضح و حاسم بشأنها.
    و لذلك آثرت أن أوضح بنشر القرار المشار إليه و أن أعلق عليه بما يبدو أنه متفق مع النصوص الفقهية و القانونية، مما يتجلى معه أن المجلس لم يحسم في تردد القضاء في اتخاذ السبيل الواضح و المتفق مع الفقه و القانون، إذ الحسم في مثل هذه الحالة لا يتصور إلا بصدور قرار موحد من غرف المجلس كلها أو على الأقل من غرفتين و في تعليقي هذا أبرز بوضوح معنى ممارسة حق الشفعة في الفقه المالكي و القانون المغربي
    و في ذلك يجدر أن أتناول:
    – تعريف الشفعة.
    – ممارسة حق الشفعة – مدلولها – صورها – شروطها.
    – ممارسة حق الشفعة في العمل القضائي بالمغرب.
    إن الموضوع أخذ باهتمام كثير من القضاة و الباحثين و قد تناوله الفقه الإسلامي و القانون الوضعي من وجوه مختلفة، و لذلك فإنني سأبحث الموضوع بدراسة مختصرة و مقارنة لتكون النتيجة واضحة لا لبس فيها و لا غموض.
    تعريـف الشفعـة
    إن الفقه المالكي عرف الشفعة كما قال ابن عرفة ب:
    إنها استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمنه، و الشفعة في اللغة من الشفع ضد الوثر لأن الآخذ بها يضم حصة غيره إلى حصة نفسه فصارت شفعا بعد أن كانت وثرا و الشفيع أو الشافع هو الجاعل الوثر شفعا و المراد بالاستحقاق في تعريف ابن عرفة الصفة الثابتة للشريك أي كونه بحيث يجب له الأخذ أو الترك بسبب البيع1
    و الشفعة تكون في الحصة الشائعة في الشيء المشاع بين الشركاء و لا تكون في الشيء المحدود و المقسوم و لا في ملك الجار.
    و الشريك سواء كان واحد أو متعددا و سواء كان المشتري واحدا أو متعددا. و الثمن الذي يأخذ به الشفيع هو منظور فيه إلى حالة الثمن فإذا اشترى المشتري بالنقود لزم الشفيع أن يؤدي النقود، و إذا اشترى بالمثليات لزمته المثليات، و إذا عجل الثمن أو اشترى بأجل لزمه حالا أو مؤجلا إلا إذا كان معسرا فإنه يلزم بالتعجيل أو الضامن

    في الأصول شفعة مما شـرع في ذي الشياع و بحـد تمتنـع.
    والشركاء للشفيع و جبــا أن يشفعوا معه بقدر الانصباء.
    ويلزم الشفيع حال ما اشترى من جنس أو حلول أو تأخــر.
    وحيثما الشفيع ليس بالملي قيل له سق ضامنا أو عجــل.

    ومن ملحقات الثمن الواجبة على الشفيع ما يدفعه المشتري من صوائر وما ينفقه من نفقات على الشراء، و في هذه الحالة فإن الشفيع يدفعه معجلا و لو كان الثمن مؤجلا.
    وفي هذا المعنى يقول ابن عاصم:

    وما ينوب المشتري فيما اشترى يدفعه له الشفيع محضــرا.

    أي معجلا عند التنفيذ و الأخذ فعلا بالشفعة و لا يؤجل كما يؤجل الثمن إذا اتفق في البيع على تأجيل الثمن.
    و في القانون الوضعي نجد الفصل 974 من قانون الالتزامات و العقود ينص على:
    إذا باع أحد المالكين على الشياع لأجنبي حصته الشائعة جاز لباقيهم أن يشفعوا هذه الحصة لأنفسهم في مقابل أن يدفعوا للمشتري الثمن و مصروفات العقد و المصروفات الضرورية و النافعة التي أنفقها منذ البيع، و يسري نفس الحكم في حالة المعاوضة.
    و لكل من المالكين على الشياع أن يشفع بنسبة حصته فإذا امتنع غيره في الأخذ بها لزمه أن يشفع الكل و يلزمه أن يدفع ما عليه معجلا، و على الأكثر خلال ثلاثة أيام فإن انقضى هذا الأجل لم يكن لمباشرة حق الشفعة أثر.
    و هذا كان يتعلق بالشفعة في المنقول و العقار المحفظ و غير المحفظ و لكنه بعد صدور القانون العقاري سنة 1915 نص في فصله 25 على:
    الشفعة هي الحق الثابت لكل من ملك مع آخرين على الشياع عقارات أو حقوقا عينية عقارية في أن يأخذ الحصة المبيعة بدلا من مشتريها بعد أداء المبلغ المؤدى في شرائها و كذا مبلغ ما أدخل عليها من تحسينات و ما أدي عنها من مصاريف لازمة للعقد.
    و يتجلى من القواعد و المبادئ الواردة سواء في الفقه المالكي أو القانون الوضعي أن أحكام الشفعة الموضوعية فيهما معا متطابقة، و هي كما يلي:
    1 – إن الشفعة هي الحق الثابت للشفيع في أخذ حصة الشريك التي باعها للمشتري بالثمن المتفق عليه.
    2 – إن الشفيع إذا كان واحدا فله أن يأخذ الشفعة و إذا كانوا متعددين فلهم أن يأخذوا كل نسبة حصته و إذا امتنع غيره لزمه أن يأخذ الكل و يعجل الثمن داخل ثلاثة أيام و إلا فإن مباشرة الدعوى بالشفعة لا أثر لها و لا يتقرر هذا الحكم إلا بعد ثبوت الامتناع من الشركاء الآخرين عند ممارسة الدعوى أو بعد الحكم بالشفعة.
    3- إن الثمن الذي يؤديه الشفيع للمشتري هو الثمن الذي أداه المشتري أو سيؤديه إذا كان مؤجلا، و هذا الحكم إذا كان واضحا في الفقه المالكي فإن الحكم في القانون الوضعي يؤخذ باللزوم، إذ القانون نص على أداء الثمن المتفق عليه: إذا كان معجلا فمعجل و إذا كان مؤجلا فمؤجل و لا يقبل أن يلزم الشفيع الذي يسجل محل المشتري بما لم يلزم به هذا الأخير، و يستثنى من ذلك ما إذا كان الشركاء متعددين و امتنع البعض من الأخذ بالشفعة فإن الشفيع حينئذ يعجل الثمن و لو كان مؤجلا.
    4 – إن المصروفات و النفقات التي ينفقها المشتري على الشيء المشترى يتحملها الشفيع بعبارة واضحة في الفقه المالكي و القانون الوضعي، و لكن هذا التحمل لا يتم إلا بعد إنهاء سائر إجراءات الشراء و تحديدها و يمكن أن يحكم بها مع الحكم بالشفعة أو بعد ذلك
    ممارسـة حق الشفعة
    تلكم هي بعض الأحكام الموضوعية المتعلقة بالشفعة سواء في الفقه المالكي أو في القانون الوضعي أشرت إليها بإيضاح و تقريب فقط للقول بأن هذه الأحكام هي تتعلق بماهية الشفعة و مدلولها الفقهي و القانوني.
    أما بالنسبة لممارسة حق الشفعة و المطالبة بها فإنه يجدر التذكير بالنصوص الفقهية و القانونية التي تعكس هذه الممارسة وشروطها
    ففي الفقه المالكي نجد قول ابن عاصم:

    والترك للقيام فوق العـــام يسقط حقه مع المقـــام

    وقال التسولي في شرحه: أشار إلى ما يسقط الشفعة بعد وجو بها فقال و الترك للقيام بالشفعة و السكوت عن طلبها فوق العام من يوم العلم بالبيع لا من وقت عقد البيع يسقط حقه في الأخذ بها مع المقام و حضوره بالبلد و علمه بالبيع.
    و نجد قوله:
    والأب و الوصي مهما غفلا عن أخذها فحكمها قد بطـلا
    كما نجد في قانون الالتزامات و العقود، الفصل 976: يسقط حق المالك على الشياع في الأخذ بالشفعة بعد مضي سنة من علمه بالبيع الحاصل من المالك معه، ما لم يثبت أن عائقا مشروعا قد منعه منها كالإكراه.
    و يسري هذا الأجل حتى على القاصرين متى كان لهم نائب قانوني. و هذا الحكم المذكور في الفصل 976 كان يتعلق بالمنقول و العقار المحفظ و غير المحفظ. و لكنه أصبح بعد صدور القانون العقاري يتعلق فقط بالمنقول و العقار الغير المحفظ، و أصبح الحكم بالنسبة للعقار المحفظ هو ما في الفصلين 31 و32 من القانون العقاري و هو كما يلي:
    الفصل 31: إن المشتري يمكنه بعد تقييد شرائه أن يبلغه لكل من له حق الشفعة و يسقط حق هذا الأخير إن لم يمارسه داخل ثلاثة أيام من تاريخ هذا التبليغ مع إضافة آجال المسافة.
    الفصل 32: و في حالة ما إذا لم يقم المشتري بهذا التبليغ فإن حق الشفعة يتقادم بمضي شهرين ابتداء من تاريخ العقد إن حرر بمحضر الشركاء و في جميع الأحوال بمضي سنة واحدة من تاريخ تقييد المبيع إن لم يحضره الشركاء.
    و في القانون المصري(مادة 940): على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته إلى كل من البائع و المشتري خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه البائع أو المشتري و إلا سقط حقه.
    و في المادة 1942: خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ هذا الإعلان يجب أن يودع في خزانة المحكمة الكائن في دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع قبل رفع الدعوى بالشفعة فإن لم يتم الإيداع في هذا الميعاد سقط حق الأخذ بالشفعة.
    و على ضوء هذه النصوص الفقهية و القانونية المغربية و بعد أن حددنا ماهية الشفعة، يجدر بنا أن نحدد ماهي ممارسة حق الشفعة و ما هي صورها و ما هي شروطها.
    إن ممارسة حق الشفعة في الفقه الإسلامي و القانون المغربي و بعبارة جلية هي المطالبة بها في أية صورة كانت المطالبة.
    فقد تكون بالمطالبة الشخصية التي يشعر فيها الشفيع المشتري بأنه يطالبه بالشفعة و يعرض عليه الثمن و ما أنفق، فإن اتفقا اشهدا بذلك و كان ذلك التزاما بينهما و إن امتنع المشتري التجأ الشفيع إلى القضاء.
    و قد تكون بإشهاد الشفيع على نفسه أنه يأخذ بالشفعة فيما إذا كان المشتري غائبا كما في التسولي عند قول ابن عاصم: و الترك للقيام فوق العام يسقط حقه مع المقام. و قد تقرر بمقتضى الفصل 106 من قانون التحفيظ العقاري إن قواعد الفقه الإسلامي تطبق على العقارات المحفظة ما لم يرد ما يخالفها من القانون العقاري.
    و قد تكون بين هذا و ذاك بالمطالبة القضائية.
    و على أي حال فهذه الممارسة بالإضافة إلى الشروط العامة في الممارسات القضائية لها شروط خاصة.
    الأول الذي هو أساسي لقبولها: يجب أن تكون داخل الأجل المحدود و إلا سقطت أو تقادمت.
    ففي المنقولات و العقار الغير المحفظ يجب أن تكون داخل السنة من تاريخ العلم بالشراء و إلا سقطت.
    وفي العقار المحفظ تكون في حالة الفصل 31 من القانون العقاري داخل ثلاثة أيام من تاريخ التبليغ و إلا سقطت.
    وفي حالة الفصل 32 تكون داخل الشهرين أو السنة و إلا تقادمت.
    ويجب التفريق هنا بين حالة السقوط الذي لا ينقطع و حالة التقادم الذي ينقطع.
    والشرط الثاني هو أن لا تكون المطالبة مبعضة بمعنى أن تمارس الشفعة بالنسبة للحصة كلها لا بالنسبة لبعضها و ترك البعض الآخر.
    وهذا التبعيض الممنوع يتجلى في إحدى صورتين:
    أولاهما أن يمارس بعض الشركاء الشفعة بالنسبة لحصته في الملك المشاع و يترك الباقي إذا امتنع أو تنازل الشركاء الآخرون من الأخذ بالشفعة فهو غير مقبول و إنما يجب أن يمارس الشركاء كلهم الشفعة في مجموع الشيء المبيع أو يمارسها أحدهم حتى لا يلحق الضرر بالمشتري( الفصل 974 من قانون الالتزامات و العقود).
    و ثانيهما أن يكون هناك شريك واحد يرغب في الأخذ بالشفعة في بعض الشيء المبيع فعليه أن يشفع مجموع ما بيع و لا يحق له الأخذ ببعضه و ترك الباقي للمشتري( الفصلان 26 و 34 من القانون العقاري وقول ابن عاصم:

    والشقص لاثنين فاعلى مشـتري يمنع ان يأخذ منه ما يــرى
    ان كان ما اشترى صفقة و مــا في صفقات ما يشاء التزمــا

    أي بالأحرى إذا كان المشتري واحدا كما في التسولي.
    الشرط الثالث – لكن في القانون المصري لا في الفقه الإسلامي و لا في القانون المغربي – أن يودع الشفيع قبل رفع دعوى الشفعة و خلال ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان بالشراء في خزانة المحكمة الكائن بدائرتها العقار، كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع فان لم يودعه في هذا الميعاد سقط حق الشفعة.
    و الغريب في الأمران الدكتور مامون الكزبري اختلطت عليه المفاهيم بين الشريعة الإسلامية و القانون المغربي من جهة: و بين القانون المصري و العمل القضائي في سورية من جهة أخرى، فرأى أن ممارسة حق الشفعة لا يقبل إذا لم يؤد الشفيع الثمن مسبقا، وعند رفع الدعوى بالشفعة2 مع أنه كفقيه محترم يبحث عن نقطة قضائية و في بلد يدين بالفقه المالكي و بالقانون الخاص به و المستوحى من الفقه المالكي كان عليه أن يستبعد كل تشريع و عمل قضائي خارج المغرب ليتفرغ للأخذ بما هو قار في المغرب. ففي المغرب لا وجود لنص فقهي أو قانوني يفرض على الشفيع أن يودع و يؤدي مسبقا الثمن و المصروفات الأخرى و كل ما كان في المغرب هو اجتهاد فرنسي لا سند له حتى بالنسبة للقانون الفرنسي الذي لا يقر حق الشفعة الذي يمس حرية التصرف و إنما الداعي هو حماية المعمرين وضع حاجز أمام المغاربة المستضعفين حتى لا يأخذوا بالشفعة العقارات المبيعة للمعمرين. و ليس من العدل اتباع هذا الاتجاه المفروض فرضا لصالح المعمرين بعد أن استقل المغرب و أصبح المصدر الوحيد لحقوق الناس هو القانون و الشريعة الإسلامية، و الأستاذ الكزبري نفسه لم يعتمد على سند إلا اجتهادا فرنسيا صدر بتاريخ 11/3/1941 منشورا في قرارات محكمة الاستئناف بالرباط لعام 1941 ص 131.
    و قد توهم البعض أن الشفيع عليه التزام بأداء الثمن و ملحقاته أو بإيداعه الفعلي. فسار إلى الاستدلال بمقتضى الفصل 275 من قانون الالتزامات و العقود.والفصل 271 من قانون المسطرة المدنية.
    و اختلط عليه موضوع التزام بدين ثابت لا يعفى المدين من المطل به إلا بإيداعه، و موضوع المطالبة بالشفعة التي لا يلتزم الشفيع فيها بشيء إلا إذا استجاب المشتري لطلبه أو حكم القاضي بحقه في الشفعة و فرق بين هذا الموضوع و ذاك، و من جعل الموضوعين موضوعا واحدا و حكمهما واحدا فقد قاس قياسا فاسدا.
    وعليه ففي المغرب لا يشترط لممارسة حق الشفعة إلا شرطان:
    – أن لا تبعض الشفعة أي لا تطلب في بعض المبيع دون البعض.
    – أن تمارس داخل الأجل المحدد لممارستها فقها و قانونا.
    العمـل القضائـي بالمغرب.
    إن العمل القضائي بالمغرب تردد كثيرا في اتخاذ المواقف الرشيدة بسبب التأثير الذي أحدثه الاجتهاد الفرنسي منذ سنة 1941 خصوصا فيما يتعلق بالشفعة في العقار المحفظ بينما في غيره استمرت الشريعة الإسلامية هي المطبقة، و قد قضت المحاكم بعدم قبول دعوى الشفعة لعدم إيداع الثمن مع الدعوى و داخل الأجل و ذهبت أخرى إلى قبول هذه الدعوى بدون إيداع.
    و في المجلس الأعلى كذلك صدرت قرارات عملا بمقتضى الاجتهاد الفرنسي الصادر سنة 1941 و صدرت قرارات أخرى على خلاف ذلك معتبرة أنه لا دليل من القانون على إلزام الشفيع بإيداع الثمن عند رفع الدعوى وإنما الثمن يؤدى عندما تستحق الشفعة ويتم حينئذ تبادل الحصة المشفوعة والثمن بين الشفيع والمشتري.
    وأذكر من هذه القرارات القرار رقم 578 بتاريخ 31/12/1975 في الملف المدني عدد 44542 قضى بأن طالب الشفعة يكون قد مارس حقه في طلب الشفعة إذا أبدى رغبته الأكيدة في ذلك بأن وجه رسالة يخبر فيها المشتري بأنه عازم على أخذ المبيع بالشفعة.
    ومع ذلك فإن المجلس مازال يقدم رجلا و يؤخر أخرى في هذا الموضوع و لم تتح الفرصة لدراسة قانونية و موضوعية ليخرج المجلس برأي سديد يحقق العدالة في المغرب باستبعاد الاجتهاد الفرنسي الغير المدعم بأي دليل حتى في فرنسا.
    و لهذا صدر القرار موضوع هذا التعليق – و قرارات أخرى مماثلة – و يصرح بعد دراسة فقهية و قانونية و بعد استبعاد الاجتهاد الفرنسي مصدر التردد في القضاء المغربي، بأنه لا دليل على إلزام الشفيع بإيداع الثمن عند رفع الدعوى و ممارسة حق الشفعة و أن تكليفه بتعجيل الثمن هو في حالات استثنائية أو عند تنفيذ الحكم بالشفعة و أنه لا أثر لذلك على ممارسة حق الشفعة.
    و يدل لهذا:
    1) إن المجلس الأعلى في غرفة الأحوال الشخصية و العقار الغير المحفظ يصر على تطبيق الفقه المالكي و لا يقول بإيداع الثمن عند ممارسة حق الشفعة و المطالبة بها قضائيا، فكيف يقبل أن يفرض فرضا و بدون دليل المجلس في غرفته المدنية و بالنسبة للعقار المحفظ وجوب إيداع الثمن عند المطالبة القضائية بحق الشفعة تحت طائلة عدم القبول، فالقضاء يجب أن يعكس نظرة واحدة إلى العدالة و بالنسبة لجميع المتقاضين لا فرق بين من يدعي في عقار محفظ و من يدعي في عقار غير محفظ و حتى التمييز الذي كان بالأمس في أيام الحماية قد زال اليوم في عهد الاستقلال الذي تسيره دولة الحق و القانون و لا تسيره الإرادات و الرغبات من أي نوع كان.
    2) إن حق الشفعة في منظور القانون الحديث هو حق استثنائي لأنه يمس حرية تصرف المالك في ملكه مما جعل القانون الفرنسي الذي هو من المصادر التاريخية للقانون المغربي لا يقر حق الشفعة.
    و إذا كان استثناء فإن القانون الذي ينظمه يفسر تفسيرا ضيقا يقتصر فيه على المعنى الذي تدل عليه عبارة النص و لا يجوز التوسع فيه و لا تفسيره بما لا يتفق و طبيعة الاستثناء خصوصا و أن تفسيره يجب بمقتضى الفصل 106 من قانون التحفيظ أن يكون بما يتفق و الفقه المالكي لا بما أقره القانون المصري أو الاجتهاد الفرنسي بالمغرب.
    3) إذا فرضنا أن الشفيع قدم داخل الأجل القانوني المطالبة بالشفعة بدون إيداع الثمن مسبقا فإن القاضي لا يخلو قضاؤه من أحد أمرين:
    – أن يقضي بقبول هذه المطالبة اعتبارا إلى أنها ممارسة لحق الشفعة طبقا لما يفرضه القانون.
    و إذا ما أراد المشتري الطعن بالنقض في هذا الحكم طبقا للفصل 359 من قانون المسطرة المدنية فما هي الوسيلة التي يضعها أمام المجلس لنقض ما قضى به ؟
    – وسيلة خرق القانون، فأي قانون وقع خرقه ؟
    – وسيلة كونه غير مبني على أساس قانوني، فأي أساس قانوني يجب أن ينبني عليه ؟
    – خرق الاجتهاد القضائي وهل خرق الاجتهاد القضائي يقبل وسيلة للطعن بالنقض ؟
    والحكم الثاني أو القرار المحتمل صدوره في المطالبة هو القضاء بعدم قبولها لعدم إيداع الثمن مسبقا.
    وإذا ما أراد الشفيع الطعن بالنقض في الحكم أو القرار و أتى بوسيلة أو أخرى:
    إذا كانت الوسيلة ترى القرار صدر مخالفا لمقتضى الفصل 31 من القانون العقاري الذي يشترط فقط أن تكون الممارسة داخل الأجل المحدد و لا يشترط فيها شرط آخر كالإيداع المسبق.
    فكيف يجيب المجلس على هذه الوسيلة خصوصا و أن الفصل 106 من قانون التحفيظ العقاري يفرض تطبيق الشريعة الإسلامية فيما لم يرد فيه نص في القانون العقاري.
    و إذا كانت الوسيلة ترى أن القرار صدر و هو غير مبني على أساس قانوني فما هو الأساس القانوني الذي يجيب به المجلس على الوسيلة و الحال أن الثابت ما ذكرت و الحال إن الاجتهاد القضائي ليس أساس قانونيا للأحكام و إنما هو وسيلة فقط للإرشاد و التفسير إلا في حالة واحدة معينة فإن مخالفته تجعل منها خرقا للفصل من القانون الذي يوجب مراعاة الاجتهاد فيها.
    و بـعــد
    فإنني أرجو أن أكون قد وفقت في هذا الاتجاه و أرجو بالتالي من إخوتي رجال القضاء و رجال الدفاع بصفة خاصة و رجال القانون و البحث العلمي بصفة عامة أن يرشدوني و يرشدوا المهتمين بالقانون إذا ما اقتنعوا بعد الدراسة بغير ما اقتنعت به، وأن يكون هدفنا جميعا خدمة القضاء و العدالة و الإنصاف و رفع مستوى الفكر القانوني ببلادنا.
    و سأكون سعيدا إذا ما وفق الله أحد الاخوة ليرشدني عن طريق بحث ينشر أو بالاتصال الشخصي و يرشد سائر أفراد الأسرة القانونية للعمل بما يحقق العدل و الإنصاف و برفع الضيم على الشفعاء الذين يعجزون أو يصعب عليهم الإيداع المسبق من دون نتيجة محققة.
    و في ختام هذا التعليق يشرفني أن أسجل هنا الحكمة الرائدة الواردة عن سيدنا جلالة الملك الحسن الثاني الرائد أدام الله عزه و تأييده في الخطاب السامي الموجه يوم 24 أبريل 1995 إلى السادة رؤساء الغرف بالمجلس الأعلى و أعضاء المجلس الأعلى للقضاء و إلى قضاة المملكة بصفة عامة.
    و قد قال جلالته أعزه الله:
    ” المهم أن يكون الاجتهاد نزيها و منبثقا عن علم و تكوين لا عن مجرد تفكير و تخمين “.
    والله الهادي إلى سواء السبيل.

    محمـد بوزيــان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *