تسهيلات الحساب الجاري – عقد القرض – الفرق بينهما – التوقف البين عن الدفع – مؤشراته – التزامات البنك بعد خصم الأوراق التجارية

تسهيلات الحساب الجاري – عقد القرض – الفرق بينهما – التوقف البين عن الدفع – مؤشراته – التزامات البنك بعد خصم الأوراق التجارية

المحكمة التجارية

القرار عدد 947 بتاريخ 2004/03/23

الصادر في الملف رقم 9/2003/1057

القاعدة:

عقد فتح اعتماد بمنح تسهيلات في الحساب الجاري ليس عقد قرض أي ان المبلغ المتفق عليه بمقتضى عقد فتح الاعتماد لا يعتبر قرضا يلتزم البنك بادائه لفائدة الزبون بقدر ما هو تمويل دوري لحساب الزبون يراعى فيه عنصر الائتمان والثقة، اي ان البنك غير ملزم بالاستمرار في منح هذه التسهيلات ايا كانت ظروف الزبون بل يمكنه وضع حد لهذا الاعتماد طبقا لمقتضيات الفصل 63 من القانون البنكي والفقرة الرابعة من المادة 525 من م ت والتي تنص على انه سواء كان الاعتماد مفتوحا لمدة معينة او غير معينة فانه يمكن للمؤسسة البنكية قفل الاعتماد دون اجل في حالة توقف بين للمستفيد عن الدفع او في حالة ارتكابه لخطا جسيم.

واقعة التوقف البين للمستفيد عن الدفع والتي يمكن للبنك ان يضع في حالة توفرها حدا للاعتماد فان الفصل 63 من القانون المنظم لمؤسسات الائتمان ساق  لها بعض الامثلة منها تراكم ديون الزبون غير المؤداة والتدهور الحيسوبي في مركزه المالي. ومن ثم يمكن للبنك أن يضع حدا للاعتماد في حالة التوقف البين للزبون ايا كان سقف مبلغ التسهيلات المتفق عليه.

لئن كان البنك يعتبر المالك الشرعي للاوراق التجارية التي أداها في إطار الخصم وان من حقه الرجوع على جميع الملتزمين بادائها فانه كان يتعين عليه عندما قدم هذه الاوراق التجارية للاستخلاص ورجعت دون اداء ان يشعر بذلك من ظهرها له او الساحب، وأن احتفاظه بهذه الاوراق لمدة تتراوح بين سنة وسنتين حسب تواريخ الاوراق التجارية يكون قد حرم المستأنف عليها من ممارسة حق الرجوع في وقته والحق بها ضررا يتمثل في احتساب فوائد غير مستحقة، طيلة فترة احتفاظه بها.

باسم جلالة الملك

إن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء.

وهي مؤلفة من السادة:

فاطمة بنسي رئيسا.

نجاة مساعد مستشارة مقررة.

حسن الحضري مستشارا.

وبحضور السيدة ليلى بنبراهيم ممثلة النيابة العامة.

وبمساعدة السيـد حميد بونهير كاتب الضبط.

أصدرت بتاريخ 23/03/2004.

في جلستها العلنية القرار الآتي نصه:

بين الاتحاد المغربي للابناك UMB شركة مساهمة في شخص ممثلها القانوني.

عنوانها : زنقة طاهر السبتي الدار البيضاء.

نائبها الأستاذ محمد العربي حنين.

المحامي بهيئة الدار البيضاء.

بوصفها مستأنفة من جهة.

وبين شركة بولافير شركة مساهمة في شخص ممثلها القانوني.

عنوانها : طريق مديونة كلم 10,5 بالدار البيضاء.

نائبها الأستاذ رفقي عيسى.

المحامي بهيئة الدار البيضاء.

بوصفها مستأنفا عليها من جهة أخرى.

بناء على مقال الاستئناف والحكم المستأنف ومستنتجات الطرفين ومجموع الوثائق المدرجة بالملف.

وبناء على تقرير المستشار المقرر الذي لم تقع تلاوته بإعفاء من الرئيس وعدم معارضة الأطراف.

واستدعاء الطرفين لجلسة 09/03/2004.

وتطبيقا لمقتضيات المادة 19 من قانون المحاكم التجارية والفصول 328 وما يليه و429 من قانون المسطرة المدنية.

وبعد المداولة طبقا للقانون.

بناء على مقال الاستئناف الذي تقدمت به شركة الاتحاد المغربي للابناك بواسطة نائبها الاستاذ محمد العربي حنين المؤدى عنه بتاريخ 26/03/2003 والذي تستأنف بموجبه الحكم رقم 1398/2000/1 الصادر بتاريخ 28/11/2001 في الملف عدد 11104/2000/7 عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء والقاضي بتقرير مسؤولية المدعى عليه عن الاضرار اللاحقة بالمدعية. وباجراء خبرة قصد تحديد الاضرار.

كما تستأنف الحكم القطعي عدد 659/2003 الصادر بتاريخ 14/01/2003 في نفس الملف عن نفس المحكمة والقاضي بتحديد التعويض في مبلغ 70.000,00 درهم مع الفوائد القانونية من الطلب والصائر.

في الشكـــل:

حيث ان المقال الاستئنافي جاء مستوفيا الشروط القانونية المتطلبة صفة واجلا واداء ويتعين تبعا لذلك التصريح بقبوله.

وفي الموضــوع:

حيث يستفاد من وثائق الملف والحكمين المستأنفين ان شركة بولافير تقدمت بواسطة نائبها بمقال مؤدى عنه بتاريخ 24/11/2000 تعرض فيه انها فتحت خلال سنة 1995 حسابا جاريا لدى الاتحاد المغربي للابناك وكالة الطاهر السبتي تحت عدد 780002100916710 وان مدير العارضة السيد ايت المهدي بوجمعة قدم كفالته الشخصية في حدود 2.000.000,00 درهم واستمر التعامل بالحساب الجاري الى ان رفض المدعى عليه الوفاء بقيمة شيك مسحوب عليه وقام باجراء عملية القيد العكسي لاوراق سبق ان خصمها، حيث سبق للعارضة ان سحبت شيكا بمبلغ 402.647,99 درهم لفائدة موردها جاكوب دولافون المغرب، رفض المدعى عليه اداءه لعدم توفر المؤونة، واضعا حدا للاعتماد غير المحدد المدة الذي سبق ان منحه للعارضة بالسماح لها بالسحب على المكشوف، وان حركة حساب العارضة موضحة في الكشوف الحسابية لسنتي 96-97 وان المدعى عليه كان يجب عليه وفاء الشيك لكون رصيد العارضة المدين خلال يونيو ويوليوز 97 كان اقل من المعتاد ونظرا لوجود ضمانة شخصية سقفها 2.000.000,00 درهم وان اعتياد البنك على اداء قيمة الشيكات على المكشوف قرينة على وجود فتح اعتماد وكذلك عند وجود كفالة وان مديونية العارضة عند رفض المدعى عليه بالوفاء لم تصل الى الحد الاقصى المبين في الاعتماد وان عدم وفاء الشيك عرض العارضة لشكاية من اجل اصدار شيك بدون مؤونة في مسطرة جنحية وان العارضة فقدت مصداقيتها في السوق وثقة مزوديها، وان البنك في تعسف اووقف وفسخ الاعتماد وان الفصل 525 من مدونة التجارة ينص على طرق فسخ الاعتماد.

وان حساب العارضة كان يعرف عمليات خصم اوراق تجارية تفوق 25 عملية شهريا. وفي هذا الاطار قام البنك بخصم الكمبيالات والشيكات المفصلة في المقال وقدمها البنك الى المسحوب عليه قصد استخلاص قيمتها ورجعت للبنك بدون اداء. الا ان البنك لم يوجه أي اعلام للعارضة واحتفظ بالشيكات الى غاية 06/08/1998 حيث ارتاى ان يقوم بعملية القيد العكسي ويطالب العارضة بفوائدها دون احترام اجراءات المطالبة التي يفرضها القانون الصرفي         (ف 285 من م ت). وان البنك لم يقم باي اجراء في مواجهة الساحبين والحال انه في منزلة الوكيل الذي عليه حماية مصالح موكله وان عدم اعلام العارضة برجوع الشيكات دون اداء لم يمكنها من الحفاظ على حقها في الرجوع على الساحبين، وان الضرر اللاحق بالعارضين لا يمكن تحديده الا باجراء خبرة حسابية ملتمسة الحكم بتحميل المسؤولية للمدعى عليه بسبب عدم وفائه بالشيك المسحوب عليه ومن جراء احتفاظه وعدم اشعاره للمدعية برجوع الاوراق المخصومة دون اداء مع الامر تمهيديا باجراء خبرة للاطلاع على حساب المدعية وبيان كيفية التعامل بينها وبين المدعية وتحديد مبلغ الدين الاصلي وتحديد الاضرار اللاحقة بالعارضة والتعويض المناسب لجبرها وحفظ حقها في تقديم طلباتها مع الصائر.

وبجلسة 23/04/2001 اجاب المدعى عليه بمذكرة مفادها ان المقال لم يرفق بالوثائق المثبتة لصفة المدعية. وان الخبرة اجراء من اجراءات التحقيق ولا يمكن تقديم طلب اصلي بشأنها الى محكمة الموضوع.

والتمس عدم قبول الدعوى وبنفس الجلسة ادلت المدعية بالوثائق التالية :

1-نسخة شيك بمبلغ 402.647,99 درهم.

وشهادة رفض الاداء. وانذار وشكاية من اجل اصدار شيكات دون رصيد. وكشوف حساب لسنوات 96-1997، ونسخة كفالة شخصية وصورة شمسية لا جتهادات قضائية ونسخ لوثائق دفع الشيكات والكمبيالات ونسخة من الاشعار بعملية القيد العكسي مؤرخة                    ب 06/08/1998.

وبجلسة 08/05/2001 ادلى المدعى عليه بمذكرة مفادها ان الوثائق المدلى بها هي مجرد صور شمسية غير مصدقة والتمس عدم قبول الاصل.

وبجلسة 15/05/2001 ادلت المدعية بصور من الكشوفات الحسابية الخاصة بها.

وبجلسة 18/06/2001 ادلى المدعى عليه بمذكرة مفادها ان المدعية لم تستجب لقرار المحكمة بالادلاء باصول الوثائق واكد ما سبق.

وبجلسة 11/09/2001 عقبت المدعية بمذكرة مفادها ان الوثائق التي ادلت بها العارضة خاصة الشيك الذي رفض المدعي اداءه لا يمكنها الادلاء باصولها لانها توجد بحوزة المستفيد الذي ادلى بها في المسطرة الجنحية وبالنسبة لعملية القيد العكسي ادلت المدعية باصول الوثائق.

وبجلسة 16/10/2001 ادلى المدعى عليه بمذكرة مفادها انه دائن للمدعية وانه انذرها بأداء ما بذمتها وان المدعية اجابت على انذار العارض برسالة تعترف فيها بالمديونية وتلتمس جدولة الدين، وان القيم التي تسلمها في اطار الجدولة رجعت دون اداء. ويحق له حسب القانون البنكي تقييدها كخصوم في القيد العكسي، وان هذا جار به العمل البنكي وان دعوى اداء رائجة امام المحكمة رفعها العارض وانه على المدعية ان تقدم دفوعها في اطار الدعوى الجارية، واكد ما سبق وادلى بصورة رسالتي انذار وجواب مؤرخ 23/12/1996 وجدول بالقيم غير المؤداة.

وبجلسة 30/10/2001 ادلت المدعية بمذكرة مفادها ان المدعى عليه لم يجب على موضوع الشيك الذي رفض وفاءه وان عملية القيد العكسي يجب ان تتم داخل آجال محددة في ف 502 م ت وان الجدول المرفق برسالة العارضة يبين انها تطالب بمتابعة بعض ساحبي الاوراق المسلمة من اجل الخصم, وان بعض القيم غير مدرج في الجدول، وان البنك توصل بالرسالة بتاريخ 23/12/1996 في حين انه لم يقم بعملية القيد العكسي ولم يتابع ساحبي القيم بعد رجوعها دون اداء واحتفظ بها الى غاية 06/08/1998 واكدت ما سبق واسند نائب المدعى عليه النظر واعتبرت المحكمة القضية جاهزة.

وبعد المداولة طبقا للقانون صدر الحكم بعلة :

حيث يهدف الطلب الى التصريح بمسؤولية البنك المدعى عليه عن الاضرار اللاحقة بالمدعية.

أولا : بسبب امتناع البنك عن وفاء الشيك قامت بسحبه رغم توفرها على اعتماد السحب المكشوف.

ثانيا : بسبب عدم اشعار البنك للعارضة برجوع اوراق تجارية قدمتها له في اطار الخصم دون الاداء. كما يهدف الطلب الى اجراء الخبرة لتحديد التعويض المستحق للمدعية عن الاضرار المذكورة.

وحيث ان دفع المدعى عليه بعدم قبول الطلب لكونه يرمي الى اجراء خبرة دفع مردود ذلك ان طلب المدعية يهدف الى تقرير مسؤولية البنك المدعى عليه عن الضرر اللاحق بها من جراء عدم وفائه بالشيك المسحوب عليه من جراء احتفاظه بالاوراق المخصومة بعد رجوعها بدون اداء.

وحيث من الثابت من وثائق الملف ان المدعية سبق ان بادرت بتسليم البنك المدعى عليه اوراق تجارية من اجل استخلاص وتم تقييد قيمتها في الجانب الدائن للمدعية ولم يتم استخلاص قيمتها ولم يتم تسجيلها في الجانب المدين للمدعية الا في 06/08/1998 في حين ان المدعية سبق ان اعلمت واخبرت المدعى عليه بواسطة رسالة تحمل خاتمه بتوصله بها في               23/12/1996.

وحيث انه والحالة هذه فان عدم قيام البنك باخبار المدعية داخل الاجال القانونية المنصوص عليها في الفصل 228 من مدونة التجارة بعدم استخلاص قيمة الاوراق التجارية كما ان عدم قيامه بوفائه بالشيك الحامل لمبلغ 402.647,99 درهم لفائدة جاكوب دو يلافون المغرب بالرغم من الكفالة الشخصية بمبلغ 2.000.000,00 درهم الممنوحة من قبل كفيل المدعية وبالرغم من اعتماد البنك على اداء الشيكات على المكشوف مما يشكل انهاءا تعسفيا من قبله للاعتماد غير المحدد الممنوح للمدعية وبالتالي يكون البنك المدعى عليه مسؤولا عن الاضرار اللاحقة بالمدعية من جراء تصرفاته تجاهها.

وحيث ان المحكمة لا تتوفر على العناصر الضرورية لتقدير مبلغ التعويض عن الاضرار اللاحقة بالمدعية من جراء تصرفات البنك المدعى عليه المذكورة اعلاه مما يتعين معه اجراء خبرة حسابية.

وبعد ان وضعت الخبيرة فتحي السعدية التقرير وعقب الاطراف اصدرت المحكمة التجارية الحكم رقم 659/03 القاضي بتحديد التعويض الذي تستحقه المدعية في مبلغ سبعين مليون درهم.

وحيث جاء في موجبات الاستئناف : ان الحكم المستأنف لم يصادف الصواب للاسباب التالية.

1-حول الخروق المسطرية :

ذلك أن الثابت من خلال الوثائق ان المقال الذي تقدمت به شركة بولافير فتح له الملف التجاري عدد : 11104/2000/7 والثابت ايضا ان الاتحاد المغربي للابناك تقدم بدوره بمقال رام الى اداء مبلغ 1.618.895,67 درهم من قبل كشف الحساب الجاري، مع الفوائد القانونية والتعويض المدني، وفتح له الملف التجاري عدد : 3937/2001 ونظرا لوحدة الاطراف والموضوع فان المحكمة التجارية اصدرت بتاريخ 14/02/2002 امرا قاضيا بضم الملفين المذكورين لاصدار حكم واحد منهما. الا انه وبكل اسف، اقتصر الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 28/11/2001 على البت في الطلب المقدم من طرف شركة بولافير، دون البت في المقال المقدم من طرف الاتحاد المغربي للابناك (انظروا الحكم التمهيدي).

وان العارض قد اعتقد بان المحكمة التجارية ستبت في المقال المتعلق به والموجه ضد شركة بولافير نظرا لثبوت الدين وعدم المنازعة فيه، لكن المحكمة تغاضت عن البت في هذا الطلب بالرغم بان الملفين معا وقع ضمهما بمقتضى امر قضائي.

وسواء كان الامر ناتجا عن اغفال او سهو أوتغاض فان ذلك يستوجب الغاء الحكم المتخذ وارجاع الملفين معا الى المحكمة التجارية للبت في الطلب المتعلق بالاتحاد المغربي للابناك حفاظا على درجتي التقاضي.

حول الحكم التمهيدي :

حيث ان الحكم التمهيدي قضى بتقدير مسؤولية الاتحاد المغربي للابناك عن الاضرار اللاحقة بشركة بولافير، من جراء عدم وفائه بالشيك الحامل لمبلغ 402.647,99 درهم وعدم اشعارها بذلك داخل الاجل القانوني، وكذا من جراء احتفاظه بالاوراق التجارية المخصومة بعد رجوعها بدون اداء وعدم اشعارها بذلك من جهة وباجراء خبرة حسابية لتحديد مبلغ الاضرار اللاحقة بها من جراء الاخطار المذكورة وان ما ذهبت اليه المحكمة التجارية غير مرتكز على اساس سليم ويتعين رده للاسباب التالية :

-ان شركة بولافير، شركة مساهمة مؤسسة في غضون شهر ماي 1995 برأسمال اجمالي قدره مليون درهم وانها قد فتحت حسابا جاريا تجاريا لدى الاتحاد المغربي للابناك بتاريخ                 11/07/1995.

-وقد كان الحساب المذكور يسجل ارصدة مدينة باستمرار لفائدة البنك من تاريخ فتحه الى تاريخ تجميده.

فخلال الفترة الفاصلة بين 31/07/1995 وبين 31/12/1995 كان الرصيد متأرجحا بين المدنية والدائنة.

ومنذ شهر يناير 1996 اصبح يسجل رصيدا مدينا باستمرار، حيث بلغ الى حدود 958.327,05 درهم ليصل بتاريخ 30/09/1996 الى مبلغ 1.173.050,62 درهم نظرا لعدم كفاية عمليات الدفع من طرف شركة بولافير، والتي لم تمكنها من تسوية وضعية الحساب والرصيد السلبي المسجل به، بالمقارنة مع التسهيلات التي استفادت فيها ومن بينها التسهيلات في الصندوق او كما يصطلح عليها في العرف البنكي  بالتسهيلات الظرفية والمؤقتة لمواجهة الخصاص في سيولة الشركة.

وفي هذا الاطار لا بد من الاشارة الى التسهيلات في الصندوق La facilité de caisse عبارة عن تسديدات من طرف المؤسسة البنكية بشكل عرضي لمدة قصيرة لا تتجاوز شهرا على الاكثر.

اما مكشوف الحساب le découvert de caisse فهي تسهيلات لاداءات خلال مدة زمنية اطول ولعدة شهور وينجم عنها تراكم الارصدة السلبية للزبون.

وانطلاقا من هذا التضيق، فان نشاط شركة بولافير يظل نشاطا تجاريا محضا ومرتبطا ببيع مواد البناء، وليس نشاط اشغال الشيء الذي يدل على ان التسهيلات التي كانت تستفيد منها لا تعدو ان تكون تسهيلات في الصندوق لجأ الى الاتحاد المغربي للابناك لمساعدة المستأنف عليها في بداية نشاطها التجاري في بداية مسيرتها التجارية مما جعل البنك المذكور يتعامل معها على شكل تجاوزات في الحساب الى حين تقديم ملف قروض التسيير.

الا انه حينما ارتفع الرصيد السلبي للحساب الجاري الى مبلغ 1.697.658,55 درهم بتاريخ 31/03/1996 طالب الاتحاد المغربي للابناك السيد ايت المهدي بوجمعة بصفته متصرفا في الشركة بتقديم كفالة شخصية ومتضامنة مع شركة بولافير في حدود مبلغ 2.000.000,00 درهم بتاريخ 04/04/1996 وهي الكفالة التي لم تشر اطلاقا الى فتح أي اعتماد لفائدة شركة بولافير، وانما جاءت من اجل احتواء التسهيلات في الصندوق في حدود مبلغ 2.000.000,00 درهم وبالتالي احتواءالمخاطر المحتملة مع الشركة، خصوصا وان الرصيد السلبي المسجل بالحساب الجاري بتاريخ 30/04/1996 قد بلغ 2.317.252,64 درهم متجاوزا بذلك مبلغ الكفالة.

ونظار لسوء تدبير شؤون شركة بولافير وسوء نية مسيرها فانه قد تابع استعمال التسهيلات البنكية بطريقة مكثفة ومتوحشة رغم انها كانت عرضية ومؤقتة في انتظار ايداع وانجاز ملف القرض.

ونظرا لتفاقم وضعية مديونية شركة بولافير اتجاه البنك فان هذا الاخير قد وجه اليها عدة انذارات لتسوية وضعيتها المالية.

وبتاريخ 23/12/1996 اعربت شركة بولافير، كتابة عن استعدادها لتسوية وضعية الرصيد المدين عن طريق دفوعات دائمة في الحساب الجاري وتمكينه من اقتطاع 30 ./. من هذه الدفوعلات في جداول ترقية محددة الا انها لم تف بما وعدت به وذلك الى ان قامت بتجميد حساباتها بصفة نهائية انطلاقا من 31/01/1998.

فنظرا لهذه الوضعية الشادة لشركة بولافير المثمثلة في تجميد الحساب الجاري وعدم تسوية القيم المخصومة وغير المؤداة رغم التزامها بذلك كان البنك ملزما بتدوين جميع القيم المخصومة والتي تم ارجاعها بدون اداء بمدينية الحساب الجاري الى ان ارتفع الرصيد السلبي بتاريخ 31/08/1998 الى ما قدره 1.618.893,47 درهم.

وهكذا يتضح من خلال هذه المعطيات ان شركة بولافير لم تستفد سوى من تسهيلات بنكية ظرفية مؤقتة على شكل اداء شيكات وخصم اوراق تجارية ولم تستفد من اعتماد تجاري  او مكشوف الحساب، لعدم وجود عقد كتابي.

وفي هذها الصدد بان المادة 524 من مدونة التجارة تنص في فقرتها الثانية على انه لا يعد الرصيد المدين العرضي فتحا للاعتماد.

كما يؤكدها العارض بان الكفالة المقدمة من طرف السيد ايت المهدي بوجمعة، ليست سوى ضمانة لتسديد الرصيد السلبي للحساب الجاري الذي يمكن ان يفرزه الحساب وليست ضمانة لاي قرض بنفس المبلغ لعدم وجود عقود موقعة بين الطرفين تحدد سقف التسهيلات المرخص بها من طرف البنك.

كما يؤكد العارض بانه كان محقا في ايقاف النزيف الناتج عن سوء تدبير شركة بولافير، واخلالها بالتزاماتها وايقاع حجوز مختلفة على الحساب البنكي من طرف الغير.

وان الاتحاد المغربي للابناك لا يتحمل اية مسؤولية في الوضعية المالية التي وصلت اليها شركة بولافير.

2-حول عدم اداء قيمة الشيك الحامل لمبلغ 402.647,99 درهم.

حيث ان الشركة بولافير قد زعمت بان الاتحاد المغربي للابناك يتحمل مسؤولية عدم الوفاء بالشيك المشار الى مبلغه اعلاه لفائدة شركة جاكوب  دولافون المغرب.

وان المحكمة التجارية قد سايرت في هذا الشأن.

الا ان العارض يؤكد في هذا الصدد بان تجميد الحساب البنكي من طرف الشركة وتفاقم الرصيد المدين وانقطاع الدفعات ورجوع عدة شيكات واوراق تجارية بدون اداء ارغمه على انذار شركة بولافير، وحتها على ايقاف النزيف المترتب عن اصدار شيكات بصفة عشوائية لكن مسيرها قد تمادوا في ذلك، الامر الذي جعله عن حق يعمل على تطبيق مقتضيات الفصل 63 من ظهير 06/07/1993 المتعلق بمزاولة نشاط مؤسسات الائتمان ومراقبة، وكذا الفقرة الرابعة من الفصل 525 من م ت سيما وان شركة بولافير لا تتوفر على أي اعتماد بنكي او مكشوف حساب، ولم توقع على أي عقد قرض.

ولذا يتعين الاشهاد بان العاض كان محقا فيما قام به.

3-حول الاوراق التجارية المقدمة للخصم.

من المعلوم ان خصم الكمبيالة او الورقة التجارية L’ESCOMPTE هو العملية التي بمقتضاه يدفع البنك الى المستفيد من كمبيالة، لم يحل اجل استحقاقها بعد، المبلغ الوارد فيها، مقابل تنازل هذا المستفيد عن الحق الثابت له في الكمبيالة موضوع العملية مقابل سعر او عمولة للخصم تعادل الفائدة التي يمكن ان ينتجها المبلغ المدفوع للمستفيد، طيلة المدة المتراوحة بين تاريخ اجراء عملية الخصم وتاريخ استحقاق الكمبيالة المخصومة.

ولعل البنك يقوم بهذه العملية لانه يضع الثقة في زبنونه وفي جميع الاشخاص الموقعين على الكمبيالة او الورقة التجارية التي يتقدم بها هذا الزبون في اجل خصمها، وذلك كما جاء في المادة 526 من م ت.

واذا كان من الثابت ان شركة بولافير قد سلمت الاتحاد المغربي للابناك مجموعة من القيم على شكل كمبيالات وشيكات في اطار الخصم او الاستيفاء التي تم تسجيلها بضلع دائنية الحساب الجاري الا انها قد ارجعت بدون اداء من طرف المسحوب عليهم اثناء تقديمها للاداء في تواريخ استحقاقها.

وحينئذ بادر الى انذار شركة بولافير بضرورة اداء القيم التي سبق خصمها فالتزمت كتابة بذلك.

لكنها لم تف بهذا الالتزام الشيء الذي جعل العارض يقوم بتسجيلها في حساب داخلي قصد الحفاظ على حقه في الرجوع الصرفي ضد المسحوب عليهم واحتساب الفوائد المستحقة عن ذلك.

وبالرغم من ان الاتحاد المغربي للابناك اصبح هو المالك الشرعي للكمبيالات والشيكات المقدمة للخصم والتي استفادت شركة بولافير من قيمتها الا ان هذه الاخيرة التي احتفظت بصور شمسية من هذه القيم، عمدت الاتصال بالمسحوب عليهم، واستخلصتها بسوء نية، وسلمت مقابل ذلك اشهادات بالاداء او رفع اليد للادلاء وهو امر غريب.

وهكذا تكون شركة بولافير قد استخصلت مبالغ هذه القيم مرتين اثنين بدون حق. أي مرة عن طريق الخصم التجاري واخرى عن طريق الاستيفاء المباشر من المسحوب عليهم بعد رجوع هذه القيمة بدون اداء.

ورغم ذلك يتجرأ مسيروها على مؤاخذة الاتحاد المغربي للابناك عن الاحتفاظ بها والحال انه هو المتضرر من تصرفاتها المخلة بالمعاملات التجارية.

حول الاضرار :

حيث ان شركة بولافير قد زعمت بانها قد تضررت من جراء عدم الوفاء بالشيك المسحوب عليه، واحتفاظه بالاوراق المخصومة وعدم اشعارها بذلك.

وحيث ان السيدة فتحي السعدية قد تطرقت في خلاصة تقريرها الى الخسارات والاضرار التي لحقت بشركة بولافير من جراء موقف الاتحاد المغربي للابناك.

وان المحكمة التجارية قد صادقت على تقرير السيدة الخبيرة وقضت بما يلي :

وبالنظر الى ثبوت واقرار مسؤولية البنك المدعى عليه عما آلت اليه وضعية الشركة المدعية من تدهور وتدني رقم معاملاتها وفقدانها لزبنائها.

الا ان ما ذهبت اليه المحكمة التجارية غير مرتكز على اساس سليم.

ذلك ان الاضرار المزعومة اضرار وهمية ولا تمت باية صلة لسلوك البنك فيما يخص تعامله معها.

ولا توجد اية علاقة سببية بين تعامل البنك والخسارات التي تكبدتها الشركة.

وان السبب فيما لحقها ناتج عن اسباب ذاتية مرتبطة بتدبيرها اليومي وبعلاقتها مع مورديها وان مدة ارجاع الشيك لا يمكن ان يكون مؤثرا الى درجة فسخ اتفاقية التعامل.

ذلك انه اذا كان قدر المعاملات الذي حققته الشركة حسب تقرير السيدة فتحي السعدية قد بلغ 24.652.916,68 درهم خلال سنة 1997 فان مبلغ الشيك المقدر ب 402.647,99 درهم لا يشكل الا نسبة 1,63 ./. من هذا الرقم المذكور.

لا شك ان تردي الوضعية المالية نتيجة تصرفات مسير الشركة واخلالها بالتزاماتها ازاء مورديهان كان ايضا السبب في النزاع التي كان يربطها بشركة سوجيليز لاستيفاء ديون ترجع الى ما قبل التعامل مع الاتحاد المغربي للابناك.

ولا شك كذلك، ان اسباب فسخ العقد المبرم بين شركة بولافير وشركة لافارج اسمنت لا يمكن ربطه مباشرة بارجاع الشيكين الحاملين لمبلغ 80.000,00 درهم و48.126,00 درهم والحال ان شركة لافارج كانت تتوفر نسبته 20 ./. من ارباح شركة بولافير حسب تقرير السيدة الخبيرة كيف يعقل ان تظل شركة بولافير عاجزة عن تسديد قيمة شيكين لا تتعدى قيمتهما 128.126,00 درهم وذلك لفائدة شركة لافارج اسمنت التي توفر لها 20 ./. من الارباح.

لاشك ان شركة بولافير كانت غير قادرة بتاتا على الاداء بل في حالة توقف عن الاداء والوفاء بالتزاماتها التجارية وانها قد حاولت القاء اللوم على الاتحاد المغربي للابناك.

فمن خلال هذه المعطيات يتضح ان شركة بولافير لم يصبها أي ضرر ناتج عن فعل الغير وانها تظل مسؤولية عن سوء تدبير شؤونها المالية، ولكنها تحاول التمسك (بشعرة معاوية) وتجعل الاتحاد المغربي للابناك مسؤولا عن ذلك.

والحال انه لا يتحمل أي قسط من هذه المسؤولية.

وبناء على ذلك يتضح ايضا ان ما ذهبت اليه السيدة الخبيرة بشكل سطحي وبعيد كل البعد عن عمل تقوم به شركة للخبرة الحسابية والتدقيق المتمركز لا يمت الى العمل الحيسوبي بصلة، بقدر ما جاء تدوينا لما املته او اسقطته او فرضته عليها شركة بولافير ضدا عن العدل والانصاف والتنوير الفني والعلمي للقضاء.

ولهذا يتعين التصريح باستبعاد التقرير المذكور والتصريح بعدم وجود أي ضرر فعلي ناتج عن تصرفات الاتحاد المغربي لابناك.

حول مقدار التعويض :

حيث ان الحكم الابتدائي قد اشار في الصفحة الخامسة الى ما يلي :

وبناء على مذكرة تعقيب المدعية بواسطة نائبها المؤدى عنها والتي جاء فيها ان الخبرة المنجزة، وان لم تشمل كل الاضرار التي لحقت بها، فان المدعية ورغبة منها في عدم اطالة المسطرة تلتمس المدعية المصادقة على تقرير الخبرة والحكم لها بمبلغ 300.586.450,00 درهم مع الفوائد القانونية من تاريخ الطلب والصائر.

وحيث ان الفصل الثالث من ق م م ينص على ما يلي :

يتعين على القاضي ان يبت في حدود طلبات الاطراف ولا يسوغ له ان يغير تلقائيا موضوع او سبب هذه الطلبات ويبت دائما طبقا للقوانين المطبقة ولو لم يطلب الاطراف ذلك بصفة صريحة.

لكن المحكمة التجارية قد قضت بما يلي :

بالحكم على الاتحاد المغربي للابناك بعد تقرير مسؤولية عن الاضرار اللاحقة بالمدعية بادائه لها مبلغ سبعون مليون درهم(70.000.000,00 درهم) مع الفوائد القانونية من تاريخ الطلب وتحميل المدعى عليه الصائر.

وهكذا ضاعفت المحكمة التجارية المبلغ المطلوب (25 مرة) كما يدل ذلك على مقدار الصوائر القضائية المؤداة ابتدائيا وما تضمنه الطلب المقدم بعد الخبرة.

وهكذا تجاوزت الحكم الابتدائي جميع المقاييس والقوانين والحال ان الضرر الذي قد يمس شركة بولافير لا علاقة له بالموقف القانوني لللاتحاد المغربي للابناك.

ولهذا يتعين التصريح بالغاء الحكم التمهيدي والقطعي والحكم برفض جميع الطلبات مع ارجاع الملف الى المحكمة التجارية للبت في الملف عدد 3937/2001 المضموم للملف الحالي طبقا للقانون.

وارفق المقال بنسخة من الحكمين المستأنفين وغلاف التبليغ.

وخلال جلسة 03/06/2003 ادلى الاستاذ رفقي عيسى عن المستأنف عليها بمذكرة جوابية مفادها ان الاسباب الواردة في مقال المستأنف غير جديرة بالاعتبار لمخالفة بعضها للقانون والبعض الاخر للواقع، كما سيتضح ذلك من خلال المناقشة التالية :

من حيث ما سماه المستأنف خروقا مسطرية :

حيث ان الاتحاد المغربي للابناك يعيب على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ             28/11/2001 عدم بته في طلبه الرامي الى الحكم على العارضة بالاداء، رغم صدور امر بتاريخ 14/02/2002 بضم الملف موضوع طلبه للملف المتعلق بطلب العارضة.

لكن حيث انه يكفي مقارنة تاريخ صدور الحكم التمهيدي بتاريخ صدور امر الضم ليتأكد عدم ارتكاز ما يعيبه المستأنف على الحكم التمهيدي على أي اساس قانوني او واقعي سليم.

بالاضافة الى ذلك، فان الحكم المستأنف لا يتضمن ما يفيد ضم الملفين او تقديم طلب يرمي الى ذلك.

فالمستأنف كان قد تقدم بطلب بعد صدور الحكم التمهيدي بجلسة 24/01/2002 في اطار الملف عدد 3937/2001 يرمي الى ضم هذا الاخير للملف موضوع الحكم المستأنف.

وحيث ان المستأنف لم يدل بما يثبت ان المحكمة المعروض عليها الملف عدد              3937/2001 قد استجابت لطلبه وان الملف قد تم ضمه فعلا للملف عدد 11104/2000 ليتسنى له النعي على المحكمة التي اصدرت الحكم المستأنف ما تضمنه مقاله من انها اغفلت او سهت او تغاضت عن البت في طلبه لذلك فان الحكم المطعون فيه لم يتضمن أي اخلال مسطري يستوجب ارجاع الملف الى المحكمة التي اصدرته.

من حيث ثبوت مسؤولية البنك :

حيث ان الاتحاد المغربي للابناك يدعي بان التسهيلات التي كانت تستفيد منها العارضة ليست الا تسهيلات في الصندوق وانها كانت ظرفية ومؤقتة، وانه كان يتعامل معها على شكل تجاوزات في الحساب الى حين تقديم ملف قروض التسيير، وانه حينما ارتفع رصيد الحساب الى مبلغ 1.697.658,55 درهما طلب السيد ايت المهيد بوجمعة بتقديم كفالة شخصية والمتضامنة مع الشركة وذلك من اجل احتواء التسهيلات في الصندوق في حدود مبلغ 2 مليون درهم.

ويضيف المستأنف بانه نظرا للوضعية الشاذة للعارضة المتمثلة في تجميد الحساب الجاري وعدم تسوية القيم المخصومة وغير المؤداة كان البنك ملزما بتدوين القيم المخصومة والتي تم ارجاعها بدون اداء بمدينية الحساب الجاري.

واستنتج المستأنف من خلال ما ذكر بان العارضة لم تستفد سوى من تسهيلات بنكية ظرفية مؤقتة على شكل اداء شيكات وخصم اوراق تجارية ولم تستفد من اعتماد تجاري او مكشوف الحساب، لعدم وجود عقد كتابي، واشار الى الفقرة الثانية من المادة 524 من مدونة التجارة.

لكن حيث ان ما اثاره المستأنف في مقاله لا يعدو ان يكون سوى محاولة يائسة للتملص من المسؤولية، محاولة لم يتمكن هو نفسه من مناقشتها دون تناقض، فتارة يقول بان حساب العارضة كان يسجل ارصدة مدينة باستمرار لفائدة البنك من تاريخ فتحه الى تاريخ تجميده (الصفحة 7 من المقال) وتارة يقول بان التسهيلات التي كانت تستفيد منه العارضة ليست الا تسهيلات في الصندوق عبارة عن تسديدات من طرف المؤسسة البنكية بشكل عرضي لمدة قصيرة لا تتجاوز شهرا على الاكثر (الصفحة 8 من المقال).

كما انه لم يفلح في اثبات ان التسهيلات في الصندوق او السحب على المكشوف كان عرضيا، لان حركة حساب العارضة الجاري تؤكد بوضوح بان التسهيلات لم تكن عرضية وبأنها امتازت بالديمومة والانتظام (تفضلوا بالاطلاع على كشف الحساب وعلى الجدول المذكور بالمقال الافتتاحي للدعوى وبالصفحة 5 من تقرير الخبرة).

وحيث ان الثابت في الاجتهاد القضائي والفقهي انه من غير الواجب كتابة عقد الاعتماد وانه يمكن لمحاكم الموضوع استنتاج وجود العقد من خلال المعلومات والبيانات الموجودة في الحساب الجاري :

اذا كان تسامح البنك وسكوته عن السحب على المكشوف مطبوعا بالديمومة والانتظام او التكرار، أي اذا سمح بان يظل حساب زبونه مدينا فترة طويلة ورضي كذلك ان يتطور ويتقلب مركز مديونية حسابه هذا الزبون، فان المسألة تتجاوز مجرد التسامح ليصبح اتفاقا ضمنيا على فتح الاعتمادن وفي هذه الحالة يكون البنك ملزما بالوفاء بالشيك الذي يسحبه عليه الزبون (الصفحة 298 من كتاب “العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي للدكتور محمد لفروجي).

انه يكفي بالنسبة للزبون ان يثبت حصوله على تسهيلات من البنك لكي تكيف على انها فتحا لاعتماد غير محدد المدة اذا ما لم يفلح البنك المدعى عليه في اثبات ان هذه التسهيلات قد تم تقديمها بصفة عرضية، ويتعين تبعا لذلك على البنك الذي يهمه الامر الالتزام بعدم وضع حد لهذا الاعتماد بارادته المنفردة الا باتباع الاجراءات المنصوص عليها في القانون بهذا الشأن” (قرار محكمة النقض الفرنسية، قرار تجاري بتاريخ 29/06/1993، مشار اليه بالصفحة 298 من المرجع السابق).

اذا بقي الحساب الجاري مدينا خلال مدة معينة ولم يقم البنك بأي اعتراض واذا حصل تغيير في قيود الجانب المدين يعتبر ذلك قرينة على وجود فتح اعتماد لفائدة صاحب الحساب خاصة اذا ظهر مبلغ الاعتماد بصفة واضحة” (قرار محكمة الاستئناف الفرنسية بارليان بتاريخ 22/01/1974 مشار اليه بالصفحتان 203 و204 من كتاب “العمليات البنكية” للدكتور محمد جنكل).

كما ان العارضة تذكر المستأنف بان “تسهيلات الصندوق او السحب على المكشوف هي التسهيلات الائتمانية التي يمنحها البنك لزبونه دون ان يكون هناك التزام عقدي يفرض على البنك منحها، كأن يقوم البنك باداء قيمة شيك سحبه الزبون دون ان يكون لهذا الاخير مؤونة لهذا الشيك” (المرجع المذكور هامش الصفحة 204).

هذا بالاضافة الى وجود قرينة قوية على ان الامر لا يتعلق نهائيا بتسهيلات عرضية وانما باعتماد غير محدد المدة، وهي الكفالة الممنوحة من طرف السيد ايت المهدي بوجمعة في حدود مبلغ 2 مليون درهم والتي سلمها من اجل.

…pour garantir le remboursement de toutes les sommes qui sont dues ou seront dues à ladite banque par société BOULAFER pour quelque cause et à quelque titre que ce soit…

وحيث ان المجلس الاعلى قد اعتبر اعتياد البنك اداء الشيكات على المكشوف بمقابل بانها قرينة على وجود فتح اعتماد وكذلك الامر عند وجود كفالة لصالح البنك من طرف الزبون، فلا معنى لوجود هذه الكفالة سوى لضمان فتح الاعتماد (قرار المجلس الاعلى بتاريخ 21/05/1959 مشار اليه بالصفحة 602 من كتاب “عمل المجلس الاعلى والتحولات الاقتصادية والاجتماعية).

وحيث انه ما دام البنك لم يعط أي معنى لوجود كفالة بمبلغ 2 مليون درهم، فان رفضه اداء شيك بمبلغ 402.647,99 درهما في الوقت الذي لم يكن فيه رصيد الحساب المدين يتعدى مبلغ 865.731,71 درهما يبقى بدون معنى ويجر مسؤوليته.

وحيث ان المستأنف يزعم بان تجميد الحساب من طرف الشركة وتفاقم الرصيد المدين وانقطاع الدفعات كان هو السبب في انهائه للاعتماد تطبيقا لمقتضيات الفصل 63 من ظهير        06/07/1993 والفقرة الرابعة من الفصل 525 من المدونة.

لكن حيث ان البنك لم يدل بما يثبت توقف العارضة عن الدفع او انها ارتكبت خطإ في حقه، لا سيما وان رصيد الحساب المدين كان يتراوح بين 1 مليون و2 مليون و3 مليون درهم خلال سنة 1996 في حين لم يتعد مليون درهم خلال سنة 1997 بل وصل بتاريخ              31/12/1997 الى مبلغ 583.998,32 درهما، الامر الذي يؤكد بان هناك دفعات وليس هناك أي تفاقم للرصيد المدين.

بالاضافة الى ذلك، فان السبب الذي اورده البنك كان من الممكن اعتباره مبررا للفسخ ان كان الرصيد قد تجاوز مبلغ الكفالة.

وحيث انه كان من الواجب على المستأنف على الاقل اخطار العارضة التي كانت مطمئنة للامان المالي الذي احاطها به، برغبته في وضع حد لتسامحه لتتمكن من ايجاد مصادر تمويل اخرى وتتجنب الاضرار التي لحقت بهاز

وحيث ان حق البنك في انهاء الاعتماد غير محدد المدة، وان كان في حد ذاته عملا مشروعا، فان اعماله قد يصبح خطأ من جانب البنك اذا لم يكن له سبب جدي يبرره او كان مفاجئا للزبون بكيفية تسببت له في الضررن مما يلزم البنك بالتعويض عن هذا الضرر الناتج عن اساءة استخدامه لحقه في الانهاء” (قرار محكمة النقض الفرنسية، مشار اليه بالصفحة 377 من كتاب “العقود البنكية” للدكتور محمد لفروجي).

وحيث ان نفس المبدأ اقره المشرع المغربي في المادة 63 من القانون البنكي التي تنص على ان “كل مساعدة لاجل غير محدد تمنحها احدى مؤسسات الائتمان لا يمكن تخفيضها او وقف صرفها الا بمقتضى تبليغ مكتوب وبعد انصرام مدة الاشعار المحددة عند منح المساعدة.

وكذا بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 525 من مدونة التجارة التي تنص على انه “لا يمكن فسخ الاعتماد لمدة غير معينة بصورة صريحة او ضمنية ولا تخفيض مدته، الا بعد اشعار كتابي وانتهاء اجل يحدد عند فتح الاعتمادن دون ان يقل هذا الاجل عن ستين يوما”.

لذلك فان مسؤولية الاتحاد المغربي للابناك عن الضرر اللاحق بالعارضة من جراء رفض الوفاء بشيك مسحوب عليه تبقى ثابتة، ويبقى الحكم المستأنف جديرا بالتأييد.

من حيث الاحتفاظ باوراق مخصومة لمدة طويلة وعدم اشعاره للعارضة برجوعها بدون استخلاص.

حيث ان المستأنف اسهب في تعريف عملية الخصم ليستنتج بانه بالرغم من انه اصبح هو المالك الشرعي للكمبيالات والشيكات المقدمة للخصم والتي استفادت العارضة من قيمتها، فان هذه الاخيرة قد احتفظت بصور شمسية من هذه القيم وعمدت الى الاتصال بالمسحوب عليهم واستخلصت قيمتها بسوء نية وسلمت مقابل ذلك اشهادات بالاداء او رفع اليد للاداء.

لكن حيث انه بصرف النظر عن كون المؤسسة البنكية المستأنفة لم تدل بادنى حجة على ما تدعيه فان العموميات التي اسست عليها ادعاءها لا تبرر احتفاظها بالقيم المخصومة لمدة سنتين تقريبا.

ذلك ان الثابت من وثائق الملف ان الاوراق المخصومة سلمت للمستأنف بين                20/05/1996 و19/09/1997، وثابت ان هذا الاخير قد قدم الاوراق المخصومة للمسحوب عليه قصد استخلاص قيمتها وانها رجعت اليه بدون اداء، وثابت ايضا انه لم يوجه أي اعلام للعارضة بذلك وانه احتفظ بالشيكات الى غاية 06/08/1998 حيث ارتأى ان يقوم بعملية القيد العكسي ويطالب العارضة بفوائدها دون احترام اجراءات المطالبة التي يفرضها عليه القانون الصرفي، خلافا لمقتضيات المادة 285 من مدونة التجارة التي توجب على الحامل ان يوجه الى من ظهر له الشيك وكذا الى الساحب اعلاما بعدم الوفاء داخل ثمانية ايام العمل الموالية ليوم اقامة الاحتجاج، وفي حالة اشتراط الرجوع بلا مصاريف، يوم التقديم.

وحيث ان المستأنف لم يثبت بانه وجه الى العارضة اعلام داخل الاجل المشار اليه اعلاه، او انه قام باي اجراء في مواجهة الساحبين والحال ان البنك والعمل البنكي يعتبر كما اجمع على ذلك الفقه والقضاء بمثابة الوكيل الذي عليه ان يبذل في اداء المهمة التي كلف بها عناية ائتمانية وتوجيهية خاصة وبالتالي يعتبر مسؤولا عن الضرر الذي يلحق الزبون نتيجة انتفاء هاته العناية (المادتان 1 و65) من ظهير 6 يوليوز 1993.

لذلك فان المستأنف يبقى مسؤولا على احتفاظه بالاوراق المخصومةن دون اجراء عملية القيد العكسي عند رجوعها بدون اداء، ولمدة تتراوح ما بين سنة وسنتين، ودون اشعار للعارضة التي اعتبرت الاوراق المذكورة قد تم الوفاء بها مادامت لم تسجل بالجانب الدائن لحسابها، الامر الذي يبقى معه الحكم الابتدائي على صواب.

من حيث الضرر وعلاقته بالاخطاء المرتكبة من طرف البنك :

حيث ان المستأنف يزعم بانه لا توجد اية علاقة سببية بين تعامل البنك والخسارات التي تكبدتها العارضة وذلك بمقارنة رقم معاملات العارضة خلال سنة 1997 بمبلغ الشيك الذي رفض اداءه، ليستنتج بان وضعية العارضة المالية كانت متردية.

لكن يبدو ان المستأنف رغم انه مؤسسة بنكية يجهل بان رقم المعاملات لا يدل نهائيا على توفر محققه على سيولة طيلة السنة، ولعل العارضة لهذا السبب لجأت الى تسهيلات الصندوق.

كما أن شكه بخصوص علاقة العارضة بشركة سوجيليز ليس في محله، لكون العقود المبرمة مع هذه الاخيرة تمت خلال سنتي 1995 و1996 وليس قبل بدء تعامل العارضة مع المستأنف كذلك بخصوص علاقة العارضة وشركة لافارج فان هذه الاخيرة ان كانت توفر ما نسبته 20 ./. من ارباح الاولى، فان ذلك نابع من ثقتها فيها ودأب العارضة على الوفاء بديونها في وقتها وهي الثقة التي فقدت برجوع شيك لا يحمل مبلغا كبيرا بدون اداء، اذ كيف يمكن لشركة لافارج ان تستمر في التعامل مع العارضة في الوقت الذي رفض فيه بنكها اداء شيك لا يتجاوز مبلغه 48.126,00 درهما.

حيث ان المستأنف يعيب على الحكم الابتدائي خرقه لمقتضيات الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية بقضائه عليه باداء مبلغ 70 مليون درهم مضاعفة بذلك المبلغ المطلوب ب 25 مرة.

لكن حيث انه بالرجوع الى طلب العارضة المقدم بعد الخبرة يتضح بانها التمس الحكم لها بمبلغ 300.586.450,00 درهما، الامر الذي يبقى معه دفع المستأنف غير جدير بالاعتبار لمجانبته للواقع.

وخلال اجل 17/07/2003 عقب نائب الطاعن بمذكرة تمسك من خلالها بانه قد تم ضم الملفين الابتدائيين بناء على حكم تمهيدي صادر في هذا الشأن. واكد ما سبق بخصوص الطبيعة القانونية لمنح التسهيلات في الصندوق وان الكفالة الشخصية لا تشير الى فتح أي اعتماد بل انها منحت لضمان الرصيد المدين الذي قد يفرزه الحساب الجاري وان هذا الاخير قد تجاوز في  30/04/1996 مبلغ 2.317.252,64 درهم وبالتالي فقد تجاوز مبلغ الكفالة الذي لا يتعدى 20.000,00 درهم وان العارض رفض اداء الشيك لان حساب الطاعنة كان مدينا باستمرار وانه وجه لها عدة انذارات وانه حتى على فرض قيام فتح اعتماد فان العارض محق في فسخه دون سابق انذار في حالة تعرض الثقة القائمة بين الطرفين ، وعن احتفاظه بالقيم المنقولة واكد ما سبق.

وخلال اجل 18/09/2003 ادلى نائب المستأنف عليها بمذكرة اكد من خلالها ان المستأنف لم يدل باي حكم تمهيدي يفيد ضم الملفين في المرحلة الابتدائية، وان التسهيلات لم تكن عرضية وانها امتازت بالديمومة والانتظام كما هو ثابت من خلال الجدول الواضح لذلك والذي يفيد ان حساب العارضة ظل مدينا لمدة طويلة ولم يكن عرضيا. وكمثال على طريقة التعامل فقد سبق للمستأنف ان ادىة بتاريخ 17/04/1996 شيكا بمبلغ 467.031,60 درهما في الوقتت الذي كان فيه رصيد الحساب مدينا لمبلغ يزيد على 2 مليون درهم بل ادى في نفس اليوم ثلاث شيكات اخرى مختلفة حيث بلغ مجموع ما اداه في نفس اليوم 933.866,84 درهم. وانه بالنسبة للتاريخ الذي رفض فيه الطاعن اداء قيمة بمبلغ 402.647,99 درهما كان رصيد والحساب المدين لا يتجاوز 1.920.702,15 درهم قيمة الكفالة وبخصوص الانذارات التي بعث بها الطاعن فانها لا تتطابق مع التواريخ المذكورة المؤرخة في 19/09/1997 فانها جاءت لاحقة لتاريخ رفضه اداء الشيك بالاضافة الا انها ليست الا دعوة تسوية وضعية الحساب. وان ما ادعاه الطاعن من تراكم الديون وسوء نيته وتجميد الحساب لم يتبين ولم يثبت التوقف عن الدفع. وانه على فرض توقيع الحجز على اموال الكفيل فان ذلك لا علاقة له لحساب العارضة ولا يعفي البنك من احترام مقتضيات الفصل 63 من القانون البنكي والمادة 525 من مدونة التجارة. واكد ما سبق بخصوص القيم المخصومة. وكذا باقي الدفوعات التي تمسك بها الطاعن واجابت عنها المستأنف عليها وارفقت المذكرة بصورة شمسية لكشف حساب.

وخلال اجل 23/10/2003 اسند نائب الطاعن النظر ملتمسات اعتبار القضية جاهزة.

وبناء على قرار احالة الملف على جلسة 09/03/2003 حضر نائب المستأنف عليه وتوصل نائب الطاعن فتقرر حجز القضية للمداولة قصد النطق بالقرار بجلسة                 23/03/2004.

محكمة الاستئناف

حيث تمسك الطاعن بان المحكمة التجارية اغفلت او تغاضت عن البت في الطلب الذي تقدم به من اجل اداء دينه تجاه المستأنف عليها والذي فتح له الملف عدد  3937/2001 بالرغم من صدور قرار بتاريخ 14/02/2002 بضمه للملف الحالي قصد اصدار حكم واحد وان الحكمين المستأنفين لم يبتا فيه ملتمسا ارجاع هذا الملف الى المحكمة التجارية قصد البت فيه طبقا للقانون. كما تمسك بان ما ذهبت اليه المحكمة التجارية بخصوص اقرار مسؤوليته عن عدم اداء الشيك واشعار المستأنف عليها وكذا من جراء احتفاظه بالاوراق التجارية المخصومة بعد رجوعها دون اداء لم يصادف الصواب على اعتبار ان رصيد المستأنف عليها كان مدينا باستمرار وانه انذرها مرارا من اجل تسوية وضعيتها المالية دون جدوى وان من حقه وضع حد لمنح هذه التسهيلات تطبيقا لمقتضيات الفصل 63 من ظهير 06/07/1993 والفقرة الرابعة من الفصل 525 من مدونة التجارة خاصة وان المستأنف عليها لا تتوفر على أي اعتماد بنكي ولم توقع على أي قرض، وعن الاوراق التجارية المخصومة، فانها رجعت دون اداء وان العارض اصبح هو المالك الشرعي لها وان المستأنف عليها استفادت من قيمتها وان من حقه الرجوع عليها، مؤكدا على ان الاضرار التي اصابتها لا تعود اليه ملتمسا الغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد برفض الطلب.

وحيث يتلخص جواب المستأنف عليها في ان الطاعن لم يدل بما يفيد ضم الملف عدد 3937/2002/1 للملف الحالي وان مسؤولية الطاعن عن الاضرار التي لحقتها من جراء عدم اداء الشيك والاحتفاظ بالاوراق التجارية المخصومة لديه ثابتة ذلك ان التسهيلات التي كانت تتوصل بها تمتاز بالديمومة والانتظام وبالتالي فهي اعتماد غير محدد المدة وان الطاعن في الوقت الذي رفض اداء الشيك لم يكن الرصيد مدينا بمبلغ يفوق مبلغ الكفالة وانه كان عليه ان يقوم باخطار العارضة لتجنب الاضرار التي قد تلحقها كما ان الطاعن احتفظ بالاوراق المخصومة لديه مدة سنتين تقريبا دون اشعارها بأنها رجعت دون اداء مخالفا بذلك المادة 285 من م ت ملتمسة تأييد الحكم المستأنف ورد الاستئناف.

وحيث انه بخصوص الدفع الاول الذي تقدم به الطاعن فالثابت من خلال الوثائق انه تقدم بمقال بواسطة نائبه الاستاذ محمد الغربي مؤدى عنه بتاريخ 15 ماي 2001 يطالب من خلاله المستأنف عليها وكفيلها السيد بوجمعة آيت المهدي باداء مبلغ 1.618.896,47 درهم مع الفوائد القانونية وتعويض من قبل الرصيد المدين وان هذا المقال فتح له الملف رقم 3937/2001/5. وان المستأنف عليها اجابت بمذكرة بواسطة نائبها الاستاذ عيسى رفقي وانه بتاريخ 13/09/2001 قررت الهيئة التي بتت في النازلة ضم الملف المذكور للملف                     عدد 11104/2000/7 الا انها بعد حجز الملفين المضمومين للمداولة لم تبت في مقال الطاعن المتعلق بالاداء لذلك وحفاظا على حقوق الدفاع والاطراف وتفاديا لحرمانهم من درجة من درجات التقاضي ارتأت محكمة الاستئناف فصل الوثائق المتعلقة بالملف رقم 3997/2000/5. وارجاع هذا الاخير الى المحكمة التجارية للبت فيه طبقا للقانون .

وحيث انه بخصوص باقي الدفوع التي تمسك بها الطاعن فانه يتعين بداية تحديد الطبيعة القانونية للعلاقة التي تربط الطرفين، دون الاخذ في الجدل الفقهي الذي تمسك به كل فريق بمعنى هل الامر يرقى الى درجة فتح اعتماد من اجل الحصول على تسهيلات بنكية ام لا، يمكن القول ان المستأنف عليها استفادت من هذه التسهيلات من تاريخ فتح الحساب الى تاريخ تجميده الشيء الذي يفيد ان هذه التسهيلات اتسمت بطابع الديمومة والاستمرار خلافا لما يدعي الطاعن من انها  كانت بصفة عرضية. وبخصوص تحديد سقف هذه التسهيلات يمكن القول استئناسا من خلال عقد الكفالة التي قدمها الكفيل ايت بوجمعة المهدي لفائدة البنك انها محددة مبدئيا في مبلغ مليوني درهم.

وحيث ان الثابت ان عقد فتح اعتماد بمنح تسهيلات في الحساب الجاري ليس عقد قرض أي ان المبلغ المتفق عليه بمقتضى عقد فتح الاعتماد لا يعتبر قرضا يلتزم البنك بادائه لفائدة الزبون بقدر ما هو تمويل دوري لحساب الزبون يراعى فيه عنصر الائتمان والثقة، اي ان البنك غير ملزم بالاستمرار في منح هذه التسهيلات ايا كانت ظروف الزبون بل يمكنه وضع حد لهذا الاعتماد طبقا لمقتضيات الفصل 63 من القانون البنكي والفقرة الرابعة من المادة 525 من م ت والتي تنص على انه سواء كان الاعتماد مفتوحا لمدة معينة او غير معينة فانه يمكن للمؤسسة البنكية قفل الاعتماد دون اجل في حالة توقف بين للمستفيد عن الدفع او في حالة ارتكابه لخطا جسيم.

وحيث انه في النازلة فالثابت من خلال اقرار المستأنف عليها وكذا من خلال الكشوفات الحسابية المدلى بها ان حسابها كان دوما مدينا وبالتحديد منذ يناير 1996 الى تاريخ تجميده من طرف البنك وان هذا الاخير بعد ان لاحظ عجزها في الحساب بعث لها انذارات بتاريخ           01/01/1996 و12/12/1996 وحثها على تسوية وضعيتها المالية ورصيدها المدين. وان المستأنف عليها تقر من خلال رسالة 23/12/1996 بالدين وبوضعها المالي مقترحة تسوية ديونها وفق برنامج محدد.

وحيث ان الثابت ايضا ان المستأنف عليها لم تنفذ ما التزمت به وذلك من خلال الكشوف الحسابية التي توضح ان رصيدها ظل مدينا فضلا عن ان الضمانات التي كان يتوفر عليها البنك تقلصت بسبب ايقاع حجز على اموال الكفيل السيد بوجمعة ايت المهدي وهذه واقعة لا تنازع فيها المستأنف عليها بل تصرح في هذا الخصوص بان ذلك لا تأثير له على حسابها.

وحيث انه بالنسبة لواقعة التوقف البين للمستفيد عن الدفع والتي يمكن للبنك ان يضع في حالة توفرها حدا للاعتماد فان الفصل 63 من القانون المنظم لمؤسسات الائتمان ساق بعض الامثلة منها تراكم ديون الزبون غير المؤداة والتدهور الحيسوبي في مركزه المالي وهي ظروف ووقائع تنطبق على حساب المستأنف عليها وانه اعتبار لما ذكر اعلاه، فان رفض الطاعن اداء شيك بمبلغ 402.647,99 درهم بتاريخ 31/07/1997 في وقت كان الرصيد الحسابي للمستأنف عليها مدينا، عمل لا يتسم بطابع التعسف من طرف البنك ولا يعد فسخا للاعتماد دون سابق اشعار وبالتالي لا يتحمل البنك تبعات عدم اداء الشيك المذكور. ويبقى ما تمسكت به المستأنف عليها من ان اعتياد البنك على تمويل مبالغ تفوق مبلغ الضمانة يفيد تجديد العقد بمبلغ أعلى دفع يفتقر للاثبات فضلا عن كون البنك وكما تم شرحه اعلاه يمكن ان يضع حدا للاعتماد في حالة التوقف البين للزبون ايا كان سقف مبلغ التسهيلات المتفق عليه. لذلك يكون ما ذهب اليه الحكم المستأنف بخصوص تقرير مسؤولية الطاعن عن عدم اداء الشيك الحامل لمبلغ 402.647,96 درهم في غير محله ويتعين الغاؤه في هذا الشق.

وحيث انه بخصوص ما تمسك به الطاعن من انه غير مسؤول عن الضرر الذي تدعيه المستأنف عليها بخصوص خصم الاوراق التجارية المقدمة اليه فالثابت من خلال اقراره وتقرير الخبرة ان البنك الطاعن توصل من المستأنف عليها في اطار عملية الخصم بشيكات وكمبيالات سجلت في الكشف الحسابي دائنية خلال سنتي 1996 و1997. وانه بتاريخ 06/08/1998 سجل مبالغ هذه الاوراق التجارية في الحساب المدين مضافا اليها الفوائد والتي حددها الخبير مع اضافة الضريبة على القيمة المضافة في مبلغ 195.409,73 درهم.

وحيث لئن كان الطاعن قد اصبح بالفعل المالك الشرعي لهذه الاوراق التجارية وان من حقه الرجوع على جميع الملتزمين بادائها فانه كان يتعين عليه عندما قدم هذه الاوراق التجارية للاستخلاص ورجعت دون اداء ان يشعر بذلك من ظهرها له او الساحب وان احتفاظ البنك بهذه الاوراق لمدة تتراوح بين سنة وسنتين حسب تواريخ الاوراق التجارية يكون قد حرم المستأنف عليها من ممارسة حق الرجوع في وقته والحق بها ضررا يتمثل في احتساب فوائد غير مستحقة، طيلة فترة احتفاظه بها، وانه على خلاف ما يدعي الطاعن فإنه لم يثبت ان المستأنف عليها استخلصت قيمة الاوراق التجارية المذكورة كما ادعى انه لم يثبت للمحكمة من خلال شواهد رفع اليد التي ادلى بها انها تتعلق بالشيكات مناط النزاع.

وحيث ان المحكمة ارتأت ان تحدد التعويض الذي تستحقه المستأنف عليها بسبب هذا الاخلال في مبلغ 350.000,00 درهم روعي في تقديره مبلغ الفوائد التي احتسبها البنك والضرر الذي لحق المستأنف عليها من جراء عدم اشعارها في الوقت المناسب برجوع الاوراق التجارية المخصومة بدون اداء.

لـهذه الأسبـــــاب

فإن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء وهي تبت انتهائيا علنيا حضوريا.

 

في الشـــكل : قبول الاستئناف.

في الـجوهــر : باعتباره جزئيا والغاء الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 28/11/2001 والقطعي الصادر بتاريخ 14/01/2003 في الملف عدد 11104/2000/7 فيما قضى به من مسؤولية الطاعن عن عدم صرف الشيك الحامل لمبلغ 402.247,99 درهم والحكم من جديد برفض الطلب في هذا الخصوص، وبتأييدهما في الباقي مع تعديل الحكم القطعي بحصر مبلغ التعويض في 350.000,00 درهم وبفصل وثائق الملف الابتدائي عدد 3937/2001/5 عن الملف الحالي وبارجاعها الى المحكمة التجارية بالدار البيضاء للبت في الملف المذكور طبقا للقانون وبجعل الصائر بالنسبة.

وبهذا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة أعلاه بنفس الهيئة التي شاركت في المناقشة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *