وسائل النقض – بيانات الحكم – شكليات الدفوع وأوجه الدفاع

وسائل النقض – بيانات الحكم – شكليات الدفوع وأوجه الدفاع

محاكمة

الحكم الجنائي رقم 292 (س13)

الصادر في 29 يناير سنة 1970

القاعدة

1-عندما صرحت المحكمة ” أن الظنين صدم الضحية و أصابها بجروح بليغة ماتت بها في نفس اليوم بمستشفى القرطبي إثر عملية جراحية أجريت لها بدون جدوى و أن الضحية ماتت من جراء الصدمة بسبب عدم تبصر المتهم أو عدم احتياطه و مخالفته للنظم و القوانين و أن هذا الفعل الثابت في حقه يكون جريمة القتل بغير عمد ” لم يكن عليها مع اقتناعها الصميم لأن السبب المباشر لوفاة الضحية هو الصدمة التي أصيبت بها من طرف العارض أن تأمر بتعيين خبير لتحديد السبب المباشر للوفاة.

2-تكون غير مقبولة الوسيلة التي تتعلق بالغير و التي لا صفة لطالب النقض أن يتمسك بها .

3-يجب أن تصاغ وسائل النقض في قالب و بألفاظ يمكن معها معرفة العيوب الموجهة ضد الحكم المطعون فيه و لهذا تكون غير مقبولة الوسيلة الغامضة التي لا تسمح للمجلس بمعرفة ما تعيبه بتدقيق على الحكم حتى يتسنى بحثه و رؤية مدى تأثيره على سلامة الحكم.

4-إن بيان تاريخ الاستدعاء في الحكم غير مقرر تحت طائلة البطلان بمقتضى الفصل 352 من قانون المسطرة الجنائية و لهذا تكون غير مرتكزة على أساس الوسيلة المتخذة اعتمادا على انعدام تاريخ استدعاء الأطراف.

5-إن المحاكم لا تكون ملزمة بالجواب على ما يثيره الأطراف من وسائل إلا إذا قدمت إليها بواسطة مستنتجات صحيحة أو في شكل مستنتجات شفوية التمس الإشهاد بها.

 

باسم جلالة الملك

بناء على طلب النقض المرفوع من لدن الطالب السالف الذكر  بمقتضى تصريح أفضى به بتاريخ 5 دجنبر 1964 لدى كتاب الضبط بمحكمة الإستئناف بطنجة  بواسطة الأستاذ عزالدين أكومي نيابة عن محاميه الأستاذ برنادة و الرامي إلى نقض الحكم الصادر بتاريخ ثاني دجنبر 1964 عن المحكمة المذكورة و القاضي في الدعوى العمومية بإدانته من أجل التسبب في القتل بغير عمد و بمعاقبته من أجل ذلك بثمانية أشهر حبسا موقف التنفيذ و بغرامة قدرها ألف درهم.

و في الدعوى المدنية بأدائه تضامنا مع المسؤول المدني و شركة التأمين تعويضات مختلفة للمطالبين بها.

إن المجلس:

بعد أن تلا السيد المستشار عبد السلام الدبي التقرير المكلف به في القضية.

و بعد الإنصات إلى السيد محمد عزيز الكردودي المحامي العام في مستنتجاته.

و بعد المداولة طبقا للقانون.

نظرا للمذكرة المدلى بها من لدن طالب النقض.

و بعد الإطلاع على مذكرة الدفاع المدلى بها من طرف المطلوبين في النقض.

في شأن الفرع الأول من وسيلة النقض الأولى المتخذ اعتمادا على انعدام الحيثيات و ذلك من  حيث إن الحكم المطعون فيه صرح بأكبر بساطة ممكنة ” أن العارض يعتبر مسؤولا عن الأفعال المنسوبة إليه دون أدنى إشارة إلى شهادة وفاة الضحية أو إلى محتواها و على الأخص إلى سبب الوفاة مع أن الشهادة الطبية تكون بصفة عامة الحجة القاطعة على وجود أحد العناصر التكوينية لجنحة القتل بغير عمد كما هي محددة في الفصل 432 من القانون الجنائي ، هذا العنصر هو العلاقة السببية المباشرة بين الأفعال المنسوبة إلى المتهم و بين وفاة الضحية خصوصا و أن الضحية في هذه الحالة قد توفيت بعد أن أجريت لها عملية جراحية .

و بما أن المحكمة لم تبين ما إذا كانت المجنى عليها قد توفيت نتيجة جروحها أو نتيجة العملية الجراحية فإنها لم تثبت العلاقة السببية بين الأفعال المنسوبة إلى العارض و بين وفاة الضحية .

و بما أنه كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تأمر قبل البت في القضية بتعيين خبير لتحديد السبب المباشر لوفاة الضحية و لتحديد مسؤولية أو عدم مسؤولية الظنين المترتبة عن ذلك .

و بما أن المحكمة بإغفالها ذلك و بتصريحها بإدانة العارض بارتكاب جنحة القتل بغير عمد طبقا لمقتضيات الفصل 432 المشار إليه دون أن تثبت العلاقة السببية بين الأفعال المنسوبة إلى هذا الأخير و بين وفاة الضحية فإنها لم تعلل حكمها فيما يخص الدعوى العمومية.

حيث جاء في الحكم المطعون فيه :

” أن الظنين صدم الضحية و أصابها بجروح بليغة ماتت بها في نفس اليوم بمستشفى القرطبي إثر عملية جراحية أجريت لها بدون جدوى .

و أن الضحية ماتت من جراء الصدمة بسبب عدم تبصر المتهم أو عدم احتياطه و مخالفته للنظم و القوانين و أن هذا الفعل الثابت في حقه يكون جريمة القتل بغير عمد المنصوص عليها و على عقوبتها في الفصل 432 من القانون الجنائي، فلم يكن على محكمة الاستئناف مع اقتناعها الصميم بأن السبب المباشر لوفاة الضحية هو الصدمة التي أصيبت بها من طرف العارض أن تأمر بتعيين خبير لتحديد السبب للوفاة على أن ما صرح به الحكم المطعون فيه لا يصح أن يكون محل جدل أمام المجلس الأعلى اعتمادا على ما هو خارج عنه من عناصر، مما يكون معه الفرع الأول من الوسيلة على غير أساس .

و في شأن ما أثاره طالب النقض فيما يخص مسؤولية حسن بريك المدنية و ذلك من  حيث أن الحكم المطعون فيه بدون أن يشير بتاتا لا في حيثياته و لا في منطوقه إلى مسؤولية حسن بن بريك المدنية حكم على هذا الأخير بأدائه تضامنا مع المتهم و شركة التأمين تعويضا إلى الأطراف المدنية و غفل كذلك أن يحدد ما إذا كان السيد حسن بن بريك يعتبر مسؤولا مدنيا بوصفه مالكا للسيارة يسأل عن أفعال الشخص الذي كان يسوقها طبقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 1357 من مدونة الالتزامات و العقود الطنجية ، أوباعتباره مسؤولا عن فعل ولده القاصر طبقا للفقرة الثالثة من نفس الفصل المشار إليه.

و أن هذا الإغفال من طرف المحكمة يعتبر خطيرا إذ أنه يكون سببا من الأسباب التي استندت عليها محكمة الاستئناف لإلغاء الحكم الابتدائي و استعمال حقها في التصدي للقضية من جديد طبقا للفصل 415 من قانون المسطرة الجنائية .

 حيث إنه لا صفة للعارض في أن يتمسك بهذه الوسيلة التي تتعلق بالغير فإن هذه الوسيلة غير مقبولة .

و في شأن الفرع الثاني المتخذ اعتمادا على انعدام الأساس القانوني و ذلك من  حيث إن الحكم المطعون فيه لم يستند بوضوح لا على المبادئ الأساسية للمسؤولية المدنية و لا على الفصول المحددة في مدونة الالتزامات و العقود الشيء الذي يترتب عنه انعدام الأساس القانوني، و بالتالي يعتبر سببا من أسباب الطعن (الفصل 586 الفقرة الخامسة من قانون المسطرة الجنائية ).

و مما يزيد في خطورة ذلك أن محكمة الاستئناف بطنجة ما زالت تعيش تحت ظل نظام تعدد القوانين التي تختلف محتويات بعضها عن محتويات البعض الآخر و أحيانا تتناقض فيما بينها.

و بما أن الرجوع إلى نصوص القانون المحدد ليس لازما و ضروريا فحسب بل أنه أمر لا يستغنى عنه بالنسبة لمحكمة كمحكمة الاستئناف بطنجة التي تطبق قوانين مختلفة و أحيانا متعارضة .

و أن سكوت محكمة الاستئناف في هذا المجال المتعلق بالنظام العام يعوق المجلس الأعلى عن الممارسة العادية للمراقبة التي يملكها على أحكام المحاكم الأدنى درجة من الناحية القانونية الصرفة .

 حيث إن وسائل النقض يجب أن تصاغ في قالب و بألفاظ يمكن معهما معرفة العيوب الموجهة ضد الحكم المطعون فيه.

و  حيث إن هذا الفرع من الوسيلة جاء غامضا إذ لم يسمح للمجلس بمعرفة ما يعيبه بتدقيق على الحكم حتى يتسنى بحثه و رؤية مدى تأثيره على سلامته مما يكون معه و الحالة هذه غير مقبول .

و في شأن وسيلة النقض الثانية  المتخذة  اعتمادا على  الخرق الجوهري ( الفصل 586 الفقرة الرابعة من قانون المسطرة الجنائية / خرق الفصل الثاني من ظهير 8 يوليوز 1937 – ذلك أن الفصل المذكور كما غير و تمم بظهائر أخرى ينص على أنه : إذا كان هناك تأمين فإن المؤمن يحل بحكم القانون محل المؤمن له في حدود الضمانة المنصوص عليها في العقد فيما يخص أداء التعويضات .

و بما أن المحكمة اكتفت فقط بالحكم على المتهم متضامنا مع المسؤول المدني و شركة التأمين بأداء التعويض و المصاريف القضائية بينما كان عليها طبقا للقانون أن تحكم على المسؤول المدني بأداء التعويض و تصرح بأن شركة التأمين تحل بحكم القانون محل المؤمن له في أداء التعويض المذكور و ذلك عملا بمقتضيات الفصل الثاني من ظهير 8 يوليوز 1937 فإنها تكون قد خرقت القانون خرقا جوهريا .

حيث إنه لا صفة للعارض في أن يتذرع بهذه الوسيلة الخاصة بالغير مما تكون معه و الحالة هذه غير مقبولة .

و في شأن وسيلة النقض الثالثة المتخذة في فرعها الأول اعتمادا على انعدام تاريخ استدعاء الأطراف و الحال أن الفصل 347 في فقرته الرابعة ينص على أنه يجب أن يحتوي كل حكم أو قرار على كيفية الاستدعاء الموجه للمترافعين و تاريخه و لئن كان الحكم المطعون فيه ذكر بأن الأطراف قد استدعوا بواسطة النيابة العامة فإنه لم يذكر تاريخ ذلك الاستدعاء مما يترتب عنه بطلان الحكم المطعون فيه تلقائيا .

 حيث إن بيان تاريخ الاستدعاء غير مقرر تحت طائلة البطلان بمقتضى الفصل 352 من قانون المسطرة الجنائية فإن هذا الفرع لا يرتكز على أساس .

و في شأن الفرع الثاني المتخذ اعتمادا على إغفال البت في الدفع ذلك أن الحكم المطعون فيه أغفل البت في الدفع المتعلق بإيقاف تنفيذ التسبيق المحكوم به من طرف المحكمة الابتدائية و الذي أثير في جلسة 13 غشت 1964 .

 حيث إن المحاكم لا تكون ملزمة بالجواب على ما يثيره الأطراف من وسائل إلا إذا قدمت إليها تلك الوسائل بواسطة مستنتجات صحيحة أو في شكل مستنتجات شفوية التمس الإشهاد بها.

و  حيث إنه لا ينتج لا من الحكم المطعون فيه و لا من سائر أوراق الملف أن العارض قدم مستنتجات في موضوع إيقاف تنفيذ المحكوم به مما لا يسوغ معه قبول هذا الفرع .

و في شأن الفرع الثالث المتخذ اعتمادا على خرق الفقرة الأولى من الفصل 348 من قانون المسطرة الجنائية التي توجب أن يبين في منطوق كل حكم أو قرار ما إذا صدر في جلسة علنية و هل هو حكم ابتدائي أو نهائي حضوري أم غيابي .

و بما أن الفصل 352 في فقرته الثالثة ينص من جهة على ما يلي : تكون الأحكام أو القرارات باطلة إذا أغفل عن منطوق الحكم أو إذا لم يكن يحتوي على البيانات المنصوص عليها في الفصل 348 الفقرة الأولى كما أن المحكمة بعد أن استعملت حق التصدي كان يجب أن تحكم كمحكمة أول و آخر درجة مما يتعين معه إبطال الحكم المطعون فيه .

 حيث إن كل حكم يكون وحده لا تتجزأ .

و حيث جاء بصريح العبارة في الحكم المطعون فيه : فلهذه الأسباب أن محكمة الاستئناف بطنجة بجلستها المنعقدة علنا حضوريا و نهائيا .

و حيث من جهة أخرى أن المحكمة قد حكمت في الواقع كمحكمة أول و آخر درجة، فإن هذا الفرع بشقيه غير حري بالاعتبار.

من أجلــه

قضى برفض الطلب المرفوع من طرف محمد بن لحسن بن بريك و بأن القدر المودع أصبح ملكا لخزينة الدولة.

و به صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالمشور و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من نفس الأعضاء الذين كانت متركبة منهم خلال المرافعات بالجلسة العمومية بتاريخ 22 يناير 1970 و هم السادة رئيس الغرفة الحسن الكتاني و المستشارون محمد اليطفتي و عبد السلام الدبي – مقرر –          ومحمد الأخصاصي و محمد الفلاح بمحضر المحامي العام السيد محمد عزيز الكردودي الذي كان يمثل النيابة العامة         وبمساعدة كاتب الضبط السيد محمد المريني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *