قرار استرجاع الأراضي من الأجانب – طبيعته – دعوى الإلغاء – أطرافها –
الحكم الإداري رقم 4
الصادر في 10 رمضان 1389-21 نونبر 1969
ب
القاعدة
1- أن لكل من وزراء الداخلية و الفلاحة و المالية الصلاحية للبت في التظلم التمهيدي المرفوع ضد المقرر المشترك الصادر عنهم.
2- إن الغلط المادي الواقع في عريضة الطعن بالنسبة لرقم الجريدة الرسمية التي نشر فيها المقرر المطعون فيه لا تأثير له على قبول الطعن.
3- إن المقرر الذي بمقتضاه عينت أرض الطالبة من جملة الأملاك المسترجعة من طرف الدولة طبقا لظهير 26 شتنبر 1963 يعتبر عملا إداريا لا يدخل ضمن طائفة أعمال السيادة.
4- ليست دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة دعوى بين خصوم و لكنها دعوى ضد مقرر إداري بقصد التوصل إلى إلغائه بأثر قبل الكافة.
5- ينص الفصل الأول من ظهير 26 شتنبر 1963 على أنه تنقل إلى الدولة ملكية أراضي الاستعمار الفلاحية أو المعدة للفلاحة الواقعة خارج الدوائر الحضرية و لهذا يتعرض للبطلان المقرر المطعون فيه الذي عين الأرض المتنازع في شأنها من جملة الأراضي المسترجعة من طرف الدولة في حين أنها ليست فلاحية و لا معدة للفلاحة.
باسم جلالة الملك
بناء على طلب الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة المرفوع بتاريخ 17 أكتوبر 1968 من طرف الشركة الفلاحية الميكجا بواسطة نائبها الأستاذ جان بول رازون ضد المقرر الصادر في 8 يبراير 1968 عن وزراء الداخلية و الفلاحة و المالية .
و بناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 31 دجنبر 1968 تحت إمضاء الأستاذ إدريس المراكشي النائب عن المطلوب ضدهم الإلغاء و الرامية إلى الحكم برفض الطلب .
و بناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف .
و بناء على الظهير المؤسس للمجلس الأعلى المؤرخ بثاني ربيع الأول عام 1377 موافق 27 شتنبر 1957 .
و بناء على الأمر بالتخلي و الإبلاغ الصادر في 24 شتنبر 1969 .
و بناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العمومية المنعقدة في 31 أكتوبر 1969 ، و بعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار السيد محمد بن يخلف في تقريره و إلى ملاحظات المحامي العام مولاي عبد الواحد العلوي .
و بعد المداولة طبقا للقانون .
حيث طلبت الشركة الفلاحية الميكجا بسبب الشطط في استعمال السلطة إبطال القرار المشترك الصادر بتاريخ 8 فبراير 1968 عن وزير الفلاحة و الإصلاح الزراعي ووزير المالية و وزير الداخلية بتعيين الملك موضوع الرسمين العقاريين رقم 10750 و 11988 حرف م من جملة الأملاك المسترجعة من طرف الدولة إعمالا للظهير الشريف المؤرخ في 26 شتنبر 1963 المحدد للشروط التي بموجبها تسترجع الدولة أراضي الاستعمار و قد استندت الطالبة إلى أن القرار المطعون فيه مشوب بالانحراف في استعمال السلطة و بخرق مقتضيات الفصل الأول من الظهير الشريف المذكور الذي لا يخول للدولة إلا حق استرداد الأراضي الفلاحية أو المعدة للفلاحة و أنه يستنتج من تقرير الخبير المحلف” هوسار ” الذي وقف على عين المكان أن أرض النزاع مستعملة كمقام للنزهة لا للاستغلال الفلاحي وأنها خاضعة لضريبة المباني.
و حيث إن الإدارة في مذكرتها الجوابية طلبت رفض الطعن لكونه غير مقبول شكلا لعدة أسباب، ومن حيث الجوهر لكونه غير مرتكز على أساس لأن الملك المتنازع في شأنه أرض فلاحية صرفة خلافا لما ادعته الشركة الفلاحية الميكجا.
ففيما يخص الدفع الأول المتخذ من أن التظلم وجه إلى وزراء الداخلية و الفلاحة و المالية كل على حدة في حين أن القرار المطعون فيه صادر عن اللجنة المكونة من الوزراء الثلاثة و أنه كان ينبغي توجيه التظلم ضد قرار اللجنة الثلاثية لا ضد الوزراء منفردين:
حيث يستفاد من أوراق الملف أن التظلم التمهيدي رفع ضد القرار المشترك المؤرخ بثامن يبراير 1968 ووجه إلى كل من الوزراء الثلاثة الذين كانت لهم الصلاحية للبت فيه ، فإن الدفع الأول غير جدير بالاعتبار.
و فيما يتعلق بالدفع الثاني من أن دعوى الإلغاء اعتمدت على مقرر وزير الداخلية الذي أجاب عن التظلم التمهيدي بأنه لا يدخل في نطاق اختصاصه مع أن جواب وزير الداخلية لا يشكل رفضا لقرار اللجنة الثلاثية مما يجعل عريضة الطعن اعتمدت على قرار رفض لا وجود له:
حيث إن الوزيرين الأخيرين لم يجيبا صراحة عن التظلم التمهيدي المرفوع إليهما بتاريخ 30 مايو 1968 فإن سكوتهما عليه مدة ثلاثة أشهر ترتب عنه قانونا أنهما رفضاه ضمنيا طبقا لمقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل 14 من الظهير المؤسس للمجلس الأعلى ، فإن الدفع الثاني غير مرتكز على أساس .
و فيما يرجع للدفع الثالث من أن القرار المطعون فيه لم يصدر بالجريدة الرسمية عدد 3896 بتاريخ فاتح مايو 1968 بل قبل هذا التاريخ مما يجعل التظلم التمهيدي قد رفع خارج الأجل :
حيث تبين من تصفح الجريدة الرسمية عدد 2896 المؤرخة بفاتح مايو 1968 أن القرار المطلوب إبطاله قد وقع نشره بها و حيث إن الغلط المادي الواقع بالعريضة بالنسبة لرقم الجريدة الرسمية لا تأثير له على قبول الطلب فإن الدفع الثالث بدوره غير مرتكز على أساس.
و فيما يخص الدفع الرابع من أن قرار استرجاع الأراضي لفائدة الدولة يعد عملا من أعمال السيادة و أنه كان يجب تقديم طلب الإلغاء ضد الدولة المغربية الممثلة في شخص الوزير الأول لا في شخص الوزراء الثلاثة إذ لا يوجد أي نص يعطي للوزراء حق تمثيل الدولة و أن هذا الحق مخول للوزير الأول وحده :
حيث من جهة أن المقرر المطلوب إلغاؤه – الذي عين الوزراء الثلاثة بمقتضاه أرض الشركة الطاعنة من جملة الأملاك المسترجعة من طرف الدولة طبقا لظهير26 شتنبر 1963 -يعتبر عملا إداريا عاديا لا يدخل ضمن طائفة أعمال السيادة.
ومن جهة أخرى ، حيث إن دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة ليست دعوى بين خصوم و لكنها دعوى ضد مقرر إداري بقصد التوصل إلى إلغائه باثر قبل الكافة ، و بالتالي يكون الدفع الرابع غير مرتكز على أساس.
و فيما يتعلق بمشروعية المقرر المطعون فيه:
بناء على الفصل الأول من ظهير 26 شتنبر 1963 المحدد للشروط التي بموجبها تسترجع الدولة أراضي الاستعمار
والذي ينص على أنه تنقل إلى الدولة ملكية أراضي الاستعمار الفلاحية أو المعدة للفلاحة، الواقعة خارج الدوائرالحضرية.
و حيث إنه يؤخذ من تقرير الخبير هوسار المؤرخ في 12 دجنبر و الذي أودع بالملف قانونيا و لم تطعن فيه الإدارة بأي مطعن وجيه ، أن أرض النزاع التي تبلغ مساحتها 3 هكتارات و 29 آرا و 33 سنتيارا ليست فلاحية و لا معدة للفلاحة أي أنها لم تستغل كأرض فلاحية و أن تخصيصها الطبيعي غير فلاحي و أنها معدة للنزهة و السكنى و أنها تشتمل على دارين فاخرتين و بستان للترفيه و منتزه به أشجار من الزيتون و بستان فاكهة ، و مسبح و ميدان لسباق الخيل و ملحقات مختلفة مكونة من محل للحراسة و إسطبل لخيل السباق و محطة لجدب الماء و مجموعة مولدة للكهرباء .
و حيث إن الإدارة اقتصرت على الادعاء بأن الأرض تشتمل على عشرات الهكتارات – خلافا لما تشهد به قائمة الإحصاء المحررة من طرفها – و بأنها فلاحية صرفة دون أن تدلي بما يثبت صحة ادعائها و يبرر مشروعية تصرفها رغم ما طلب منها في هذا الشأن أثناء جريان مسطرة التحقيق ، مما يستتبع أن المقرر المطعون فيه مخالف للفصل الأول المشار إليه أعلاه.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى بإبطال المقرر الوزاري المشترك الصادر في 8 فبراير 1968 و ذلك فيما يخص الأرض المتنازع في شأنها.
و به صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالمشور و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من معالي الرئيس الأول السيد احمد أبا حنيني و رئيس الغرفة الأستاذ مكسيم أزولاي و المستشارين السادة محمد بن يخلف – مقرر – وإدريس بنونة و سالمون بنسباط، وبمحضر المحامي العام مولاي عبد الواحد العلوي و بمساعدة كاتب الضبط مولاي احمد العلوي.