ديون المسير تجاه الشركة – طبيعتها – مدة تقادم الدعوى

ديون المسير تجاه الشركة – طبيعتها – مدة تقادم الدعوى

حكم

قرار عدد: 993، بتاريخ: 17/6/2009، ملف تجاري عدد: 1029/3/1/2008

القاعدة

الدين المترتب بذمة  المسير أو ورثته من بعده  والناتج عن استيلائه على مبالغ مالية كان من المفروض أن تودع بحساب الشركة، لا يعد عملا تجاريا، ولا تطبق عليه مقتضيات المادة الخامسة من مدونة التجارة،

 

 

 

وبعد المداولة طبقا للقانون.
حيث يستفاد من الرجوع لوثائق الملف ومن القرار المطعون فيه عدد 4863/2007 الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 25/10/2007 في الملف عدد 3295/07/12، أنه بتاريخ 02/12/2005 تقدمت شركة الإنعاش العقاري بمقال إلى المحكمة التجارية بالدار البيضاء تعرض فيه أنها شركة ذات مسؤولية محدودة برأسمال قدره ثلاثة ملايين درهم، وتختص بالإنعاش العقاري وأنه كان يسهر على تسييرها متصرفان هما السيدان أحمد الزروالي وجمال الدين القباج الذي توفي سنة 1993 في الوقت الذي كان فيه مدينا للشركة بمبالغ هامة، وأن المتصرف الثاني السيد الزروالي استمر في دعم الشركة وذلك بأداء مصاريف التسيير من ماله الخاص نظرا لتوقف مداخيلها بعد وفاة السيد القباج، وأن الخبرة التي أنجزها الخبير السيد امحزون بناء على أمر السيد رئيس المحكمة التجارية بالرباط وبطلب من العارضة (المدعية) أكدت أن المرحوم القباج بقي مدينا للشركة بمبلغ 1.688.932.16 درهم وقد امتنع ورثته عن الأداء طالبة الحكم بأدائهم لها على وجه التضامن المبلغ المذكور مع فوائده القانونية من تاريخ الاستحقاق وتحميلهم الصائر، وبعد جواب المدعى عليهم وإدلاء المدعية بمقال من أجل إدخال السيدة فاطمة القباج في الدعوى باعتبارها من الورثة وأغفلت توجيه الدعوى ضدها، أصدرت المحكمة التجارية حكمها بسقوط الدعوى للتقادم أيدته محكمة الاستئناف التجارية بمقتضى القرار المطعون فيه.
في شأن الوسيلة الفريدة،
حيث تنعى الطاعنة على القرار سوء التعليل الموازي لانعدامه المؤدي إلى سوء تطبيق القانون ذلك أن محكمة الاستئناف اعتبرت أن التقادم المنصوص عليه في المادة 5 من مدونة التجارة هو الواجب التطبيق على النازلة معللة ذلك بقولها:”أنه لما كانت الطاعنة (الطالبة) شركة محدودة المسؤولية فهي تعتبر شركة تجارية حسب شكلها بقوة القانون بغض النظر عن غرضها سواء أكان مدنيا أو تجاريا… وأن الدين الذي يكون قد ترتب بذمة موروث المستأنف عليهم كان بمناسبة الأعمال المنوطة به داخل الشركة والتي تدخل في نشاطها التجاري، فإن النزاع الذي نشأ بشأنه يعد نزاعا تجاريا تطبق عليه القواعد المنصوص عليها في مدونة التجارة… وأن التقادم المثار ابتدائيا تنظمه فعلا المادة الخامسة الناصة على أنه تتقادم الالتزامات الناشئة بمناسبة عمل تجاري بين التجار أو بينهم وبين غير التجار بمضي خمس سنوات وبالتالي لا مجال للطاعنة للتمسك بالفصل 392 من ق.ل.ع، مما يكون معه الحكم المستأنف قد صادف الصواب فيما ذهب إليه”.
إلا أن هذا التعليل غير مصادف للصواب، لأن محكمة الاستئناف لم تلتفت لدفوع الطالبة التي أفادت من خلالها أن الأمر يتعلق باستخلاصها مبالغ مالية توصل بها موروث المطلوبين كان بمناسبة الأعمال المنوطة به داخل الشركة، دون تحديد نوع هذه الأعمال هل هي تجارية خاضعة لقواعد مدونة التجارة، أم أعمال مدنية تخضع لقواعد القانون المدني، وهو إغفال أثر على معرفة مدى صحة الاستنتاجات التي أوردتها في معرض تعليل قرارها. لكن المستفاد من التعليل المذكور أنها اعتبرت أن الأمر يتعلق بعمل تجاري، في حين أن الثابت فقها وقضاء أن المسير ليس بتاجر، وأعماله بمناسبة تسييره للشركة لا تعتبر حتما أعمالا تجارية، ومن تم فإن تطبيق محكمة الدرجة الثانية لمقتضيات المادة الخامسة من مدونة التجارة للقول بالتقادم في غير محله، إذ مقتضيات الفصل 392 من ق.ل.ع هي الواجبة التطبيق لتعلق الأمر بعمل مدني صرف نتجت عنه مبالغ مالية بذمة موروث المطلوبين الذين أقروا بهذه المديونية، علما بأن موروثهم المذكور استولى على مبالغ مالية دون وجه حق وحولها لحسابه الشخصي عوض إيداعها بحساب الشركة، وبذلك فدين الطالبة لم يكن منبعه معاملة تجارية بينها وبين المرحوم القباج، مما يجعل المادة الخامسة من مدونة التجارة غير قابلة للتطبيق لأنها لا تطال إلا الالتزامات التي يكون مصدرها عملا تجاريا، والقرار المطعون فيه لم يجب على دفوع الطالبة بهذا الخصوص.
حيث أثارت الطالبة ضمن مقالها الاستئنافي أن تصرفات المرحوم القباج جمال الدين المتمثلة في استيلائه على مبالغ مالية كان يتعين عليه إيداعها بالحساب البنكي للطالبة واستفاد منها هو شخصيا دون أن تكون هذه الاستفادة ناتجة عن معاملة تجارية ربطته بالطالبة، مما يفيد أن تطبيق مقتضيات المادة الخامسة من مدونة التجارة على النزاع المعروض منتفية، باعتبار أن الأمر يتعلق بالمطالبة بدين تخلد بذمة الهالك لم يكن مصدره معاملة تجارية، فردت المحكمة الدفع المذكور بأنه “لما كانت الطاعنة (الطالبة) شركة محدودة المسؤولية فهي تعتبر شركة تجارية بغض النظر عن غرضها سواء أكان غرضا مدنيا أو تجاريا… وان الدين الذي يكون قد ترتب بذمة موروث المستأنف عليهم (المطلوبين) كان بمناسبة الأعمال المنوطة به داخل الشركة والتي تدخل في نشاطها التجاري، فإن النزاع الذي نشأ بشأنه يعد نزاعا تجاريا تطبق عليه القواعد المنصوص عليها في مدونة التجارة، وإن التقادم المثار ابتدائيا تنظمه فعلا المادة الخامسة الناصة على أنه تتقادم الالتزامات الناشئة بمناسبة عمل تجاري بين التجار أو بينهم وبين غير التجار بمضي خمس سنوات وبالتالي لا مجال للطاعنة للتمسك بالفصل 392 من ق.ل.ع…” في حين أنه إذا كان مما لا جدال فيه أن الطالبة شركة تجارية شكلية بحكم كونها محدودة المسؤولية، فإن الدين المترتب بذمة المطلوبين والناتج عن استيلاء موروثهم على مبالغ مالية كان من المفروض أن تودع بحساب الشركة، لا يعد عملا تجاريا، ولا تطبق عليه مقتضيات المادة الخامسة من مدونة التجارة، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي نحت خلاف ذلك تكون قد عللت قرارها تعليلا فاسدا وبنته على غير أساس، ويتعين نقضه.
وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الملف على نفس المحكمة.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى بنقض القرار المطعون فيه وإحالة الملف على نفس المحكمة المصدرة له للبت فيه من جديد طبقا للقانون وهي متركبة من هيئة أخرى، وتحميل المطلوبين في النقض الصائر.
كما قرر إثبات حكمه هذا بسجلات المحكمة المذكورة إثر الحكم المطعون فيه أو بطرته.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيدة الباتول الناصري رئيسا والمستشارين السادة فاطمة بنسي مقررا عبد الرحمن المصباحي ونزهة جعكيك والسعيد شوكيب أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد السعيد سعداوي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فتيحة موجب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *