ضرر بيئي مستمر – مسؤولية الدولة – التعويض – التقادم – لا

ضرر بيئي مستمر – مسؤولية الدولة – التعويض – التقادم – لا

تلوث

محكمة النقض بصفتها مرجعا استئنافيا

الغرفة الإدارية، القرار عدد: 779، المؤرخ في: 12/09/2007

القاعدة:

لا محل للتمسك بالتقادم باعتبار أن الدخان الذي تنفثه معامل المستأنف عليه والنفايات الكيماوية الملقاة من طرفه تعتبر واقعة مستمرة في النازلة ولم تتوقف.

 

باسم جلالة الملك
بتاريخ 12/09/2007 إن الغرفة الإدارية القسم الثاني من المجلس الأعلى في جلستها العلنية أصدرت القرار الآتي نصه:
بين السيدة حبيبة بنجار، الساكنة بـ 100 بلوك 9 تجزئة المطار آسفي، النائب عنها الأستاذة أسرا جميلة المحامية بهيئة آسفي.
المستأنفة من جهة
وبين: المكتب الشريف للفوسفاط في شخص مديره العام وأعضاء مجلسه الإداري الكائن مقره الاجتماعي في طريق الجديدة الحزام الكبير الدار البيضاء، النائب عنه الأستاذ مولي إدريس الكتاني المحامي بهيئة آسفي والمقبول للترافع أمام المجلس الأعلى.
المستأنف عليه من جهة أخرى
[…]
بعد المداولة طبقا لقانون
في الشكل
حيث إن الاستئناف المقدم من طرف السيدة حبيبة بنجار بتاريخ 05/06/2006 ضد الحكمين التمهيدي القاضي بإجراء خبرة الصادر بتاريخ 04/10/2005 والبات في الموضوع عدد 730 الصادر بتاريخ 04/04/2006 عن المحكمة الإدارية بمكراش في الملف رقم 227/12/2005 جاء مستوفيا للشروط المتطلبة قانونا لقبوله، كما أن الاستئناف الفرعي المقدم من طرف المكتب الشريف للفوسفاط مقبول كذلك بالتبعية.
في الموضوع
حيث يستفاد من أوراق الملف ومن الحكم المستأنف أن المستأنفة السيدة حبيبة بنجار تقدمت بمقال افتتاحي أمام المحكمة الإدارية بمراكش بتاريخ 03/06/2005 تعرض فيه أنها تملك بقعا أرضية كائنة بدوار آيت باعمران بآسفي وأنها تضررت من النفايات التي تلقيها معامل المكتب الشريف للفوسفاط والدخان المتساقط من المداخن والذي تسبب في قتل جميع أنواع الزرع وكذا العديد من المواشي حيث أصبح استغلالها مستحيلا لذلك تلتمس الحكم لها بتعويض مسبق قدره 2000 درهم والأمر تمهيديا بإجراء خبرة على  أرضها لتحديد نوعية الأضرار اللاحقة بها، وبعد جواب المكتب الشريف لفوسفاط قضت المحكمة تمهيديا بإجراء خبرة عهد بها للخبيرين عبد الكبير بن عبد الفتاح معياد الذين أنجزا تقريا في الملف خلصا فيه إلى أن العمليات الصناعية داخل معامل مغرب فوسفور بآسفي تخلف نفايات تتشكل في نفايات صلبة من المواد الكبريتية، من غازات وجزئيات الفليور ومن المواد الدقيقة المعلقة التي تعيق عميلات التماثل الضوئي ونسبب بالتالي في اصفرار الأوراق ثم تساقطها كما تتسبب في جفاف الأغصان مما ينعكس سلبا على مردودية أشجار التين بالدرجة الأولى تليها أشجار الأركان ثم أشجار الزيتون… وأن عقارات المدعية قد تعرضت للنفايات المنبعثة من المعمل المذكور منذ سنة 1981 وحددت قيمة الأضرار اللاحقة بها سنويا في مبلغ 306 درهم وبعد تقديم المدعية لمذكرة الطلبات بعد الخبرة والتي التمست فيها الحكم لها بالتعويضات التي تستحقها عن 24 سنة مبلغها 7.650.00 درهم، وتقديم المكتب الشريف للفوسفاط لمذكرة المستنتجات بعد الخبرة وتمام الإجراءات قضت المحكمة باختصاصها نوعيا للبت في الدعوى، والحكم على المكتب الشريف للفوسفاط بأدائه للمدعية تعويضا قدره 1.377,،00 درهم وبرفض باقي الطلبات وتحميل المحكوم عليه الصائر، وهو  الحكم المستأنف بمقال أجاب عنه المستأنف عليه المكتب الشريف للفوسفاط بمذكرة جواب مع استئناف فرعي بلغت نسخة منها لدفاع المستأنف الأصلي الذي أدلى بمذكرة تعقيب مؤشر عليها بكتابة الضبط بتاريخ 25/09/2006.
في أسباب الاستئنافين الأصلي والفرعي
في السبب الأول الاستئناف الفرعي لأسبقيته
حيث يعيب المستأنف المكتب الشريف للفوسفاط الحكم المستأنف بخرق الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود لعدم ثبوت العلاقة السببية المباشرة بين الضرر المزعوم والفعل المنسوب إلى المكتب الشريف للفوسفاط.
لكن حيث إنه من الثابت أن المعامل التابعة له تنفث دخانا وتلقي بنفايات كيماوية وهو الشيء الذي أكدته الخبرة المأمور بها تمهيديا، وإن النفايات التي تلقي بها الرياح على المزروعات المجاورة تحجب عنها أشعة الشمس وبذلك تسبب لها في أضرار كما جاءت مفصلة بتقرير الخبرة مما يؤكد وجود الضرر وعلاقة السببية بين نشاط المكتب وتلك الأضرار، وبالتالي فإن مسؤولية هذا الأخير عن تلك الأضرار قائمة على أساس المخاطر الشيء الذي يكون معه المستأنف عليه محقا للتعويض من حيث المبدأ عمل بأن الملحق المرفق بالخبرة يوضح موقع المعامل والنشاطات الصناعية التي تقوم بها وكذا نوعية النفايات ومصادرها ومآلها وآثارها على الأراضي المجاورة، الشيء الذي بقي مع ما أثير بهذا الخصوص بدون أساس.
في الأسباب الثلاثة الأولى الاستئناف الأصلي مجتمعة.
حيث يعيب المستأنف الأصلي (حبيبة بنجار) الحكم المستأنف بمخالفته للقانون عندما قضى بتقادم الدعوى عن المدة ما قبل خمس سنوات السابقة عن تاريخ تقديم الدعوى كان في 03/06/2005 ذلك أن التقادم من جهة لا يثار تلقائيا بل لابد من التمسك به وأن الدفع بالتقادم المثار من طرف المستأنف عليه جاء متأخرا ولم يتقدم به المكتب الشريف للفوسفاط إلا بعد سريان الدعوى بواسطة المذكرة بعد الخبرة مع أنه دفع شكلي يتعين إثارته قبل أي دفع أو دفاع ومن جهة أخرى فإن علم المستأنف بالمتسبب في الضرر لم يتحقق إلا من خلالا هذه الدعوى ومن جهة ثالثة فإن الحكم المستأنف وقع في تناقض ذلك أن نفس المحكمة قضت في عدة ملفات مماثلة بالتعويض ابتداء من سنة 1981.
وحيث إنه بصرف النظر عن كون التقادم هو دفع موضوعي يمكن التمسك به في أية مرحلة من مراحل الدعوى ابتدائيا واستئنافيا فإنه لا محل لتطبيقه في النازلة اعتبار أن الدخان الذي تنفثه معامل المستأنف عليه والنفايات الكيماوية الملقاة من طرفه تعتبر واقعة مستمرة لا تخضع للتقادم، وبالتالي فإن الحكم عندما قضى بخلاف ذلك فإنه يكون قد جانب الصواب وواجب التعديل الشق منه بالتصريح باستحقاق المستأنفة للتعويض عن الأضرار اللاحقة بمزروعاتها عن مدة ثلاث عسرة سنة من 1991 إلى 2004 بالنظر لتاريخ تملك المستأنفة للقطع الأرضية محل النزاع بمقتضى عقد الملكية المدلى به منها.
في السبب الرابع للاستئناف الأصلي
حيث ركزت المستأنفة استئنافها على أن التعويض المحكوم به لا يتناسب مع الضرر الحاصل لها من النفايات الكيماوية المنبعثة من معامل المستأنف عليه وأن الخبرة أكدت أن الخسارة التي تتكبدها كل سنة هي 306 درهم، وأن المحكمة قررت خصم نسبة 10% من مبلغ التعويض باعتبار أن المبلغ المقترح لا يمكن إعماله بالنسبة لجميع السنوات.
لكن حيث إنه بالنظر لظروف المناخية والاقتصادية المتقلبة خلال مدة ثلاث عشر سنة فإن مبلغ التعويض السنوي المعتمد من طرف المحكمة استنادا إلى خصم 10% من المبلغ المقترح من طرف الخبير له يبرره وأن الحكم المستأنف كان لذلك صائبا وواجب التأييد في هذا الجانب.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى بتأييد الحكم المستأنف مع تعديله برفع التعويض المحكوم به إلى مبلغ 3.580,00 درهم.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة السيد بوشعيب البوعمري رئيسا والمستشارين السادة: سعد غزبول برادة مقررا ومحمد منقار بنيس والحسن بومريم ومحمد دغبر أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد سابق الشرقاوي وبمساعدة كاتب الضبط السيدة الزوهرة الحفاري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *