السكوت قرينة على الإقرار – لا – الإثراء بلا سبب – شروطه وحالاته
المجلس الأعلى
قرار رقم 813 صادر بتاريخ 18/07/2007
ملف تجاري رقم 2005/1/3/490
القاعدة:
لا يمكن أن يستخلص الإقرار والرضى من مجرد السكوت مدة طويلة.
افتراض أخذ الصورة الفوتوغرافية أنه كان برضى المعني بالأمر لا يعتي موافقته على استغلال الصورة المذكورة في العمليات الإشهارية والتجارية.
لئن كان من شروط تحقق الإثراء بدون سبب أن يكون هناك إثراء يقابله افتقار ، وأن يكون ذلك منعدم السبب فإن مفهوم الافتقار لا يتحقق فقط بفقد المفتقر حقا بل قد يكون الافتقار سلبيا إذا فات المفتقر منفعة كان من حقه الحصول عليها
التعليل:
حيث يستفاد من وثائق الملف ، ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء بتاريخ 28/12/04 في الملف رقم 2302/03/14، أن المطلوب محمد ايهيشم تقدم بمقال إلى تجارية البيضاء ، عرض فيه أنه كان التحق لاستكمال دراسته العليا بالمطلوبة مجموعة مدارس “ايفيت” ودرس فعلا خلال موسمي 97/98 و 98/99، وأنها (المطلوبة) أثناء دراسته بها استغلت سذاجته وصغر سنه ، وعدم معرفته وسلطتها المعنوية وعمدت دون موافقته ولا اطلاعه على غرضها بتصويره في قاعة الدرس من أجل استغلال صوره في الدعاية والإشهار بعرضها في أروقة مقرها وفروعها ، ونشرها في الصحف ، كما قامت بطبعها في كتيبات ومطبوعات وأفلام فيديو وجعلت بعضها في شكل ملصقات جدارية كبيرة علقتها في مقرها وفروعها ومختلف شوارع الدار البيضاء والرباط وفاس وطنجة ومراكش وغيرها منذ سنة 97 إلى سنة 2002 مما يشكل تعديا على حقوقه الشخصية من أجل الحصول على أرباح ومداخيل وهو ما ألحق به عدة أضرار ملتمسا الحكم على المدعى عليها بأدائها له مبلغ 100.000 درهم مع الفوائد القانونية ، فأصدرت المحكمة التجارية حكما برفض الطلب استأنفه المدعي فألغته محكمة الاستئناف التجارية وقضت من جديد بالحكم على المستأنف عليها مجموعة مدارس ايفيت بأدائها لفائدة المستأنف تعويضا قدره 50.000 درهم بمقتضى قرارها المطعون فيه.
في شأن الوسيلة الأولى :
حيث تنعى الطاعنة على القرار المطعون فيه خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف بدعوى أنها أثارت في مذكرتها المدلى بها لجلسة 03/10/07 مقتضيات الفصل 38 من ق.ل.ع التي تسوغ استنتاج الرضى أو الإقرار من السكوت غير أن القرار لم يجب على ذلك لا إيجابا ولا سلبا مما يجعله خارقا لقاعدة مسطرية أضر بحقوقها عرضة للنقض.
لكن ، حيث إنه وخلافا لما ورد بالوسيلة فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه قد ردت على ما أثير بشأن استنتاج الرضى من الطالب بسكوته مدة خمس سنوات بما جاءت به من “أنه لا يوجد ضمن وثائق الملف ما يفيد أن التقاط صور للطاعن من طرف المستأنف عليها كان برضاه وموافقته ، وأن سكوته طيلة الفترة ما بين 1997 إلى حين مقاضاتها سنة 2002 لا يمكن اعتباره بمثابة موافقة على صحة التصرف المذكور ، علما بأنه خلال هذه الفترة كان الطاعن لا يزال يدرس لدى المؤسسة المستأنف عليها وهو أمر تقر به هي نفسها ضمن الصفحة الثالثة من مذكرتها الجوابية المؤرخة في 03/10/07، أي أنه كان لا يزال خاضعا لسلطتها المعنوية والأدبية وفضلا عن ذلك وعلى فرض صحة ادعاء المستأنفة بأن التقاط صور الطاعن كان بموافقته فإنها لم تستطع إقامة الحجة على أن قيامها بنشر صوره في مختلف الصحف والمجلات والمنشورات الخاصة بها واستعمال الصور المذكورة في عمليات إشهارها كان بموافقته وبإذن منه” فهي غير مقبولة.
في شأن الوسيلة الثانية :
حيث تنعى الطاعنة على القرار المطعون فيه عدم ارتكازه على أساس قانوني وانعدام التعليل بدعوى أنه اعتبر أن تصرفها ألحق ضررا معنويا بالمطلوب يستوجب التعويض من غير توضيح الأساس الواقعي الذي تم بموجبه منح التعويض مما حرم المجلس الأعلى من ممارسة رقابته القانونية.
كما أن ما استنتجته (القرار) من كون المطلوب كان لا يزال خلال الفترة من 1997إلى 2002 خاضعا لسلطة الطالبة المعنوية والأدبية وأنه لا يوجد ضمن وثائق الملف ما يفيد التقاط صور له برضاه وموافقته هو استنتاج خاطئ على اعتبار أنه (المطلوب) لم يدرس بمؤسستها إلا سنتين فقط 97/98 و 98/99 وأنه شخص راشد لا يمكن تصور إكراهه أو الضغط عليه.
كذلك الثابت أن المطلوب أسس دعواه على الفصل 66 من ق.ل.ع ، وأن تعليلات القرار تتم عن وجود تناقض واضح لا يبرر منطوقه ، إذ اعتبر في الحيثية الثانية أن الحكم الابتدائي ناقش النازلة في إطار القواعد المنظمة للإثراء بدون سبب الذي يتطلب توفر ثلاثة شروط وهي إثراء وافتقار يقابله مع انعدام السبب القانوني ، ثم جاء في الحيثية الخامسة للتصريح بأن الطالبة أثرت على حساب المطلوب بدون سبب مشروع مما يجعل القرار غير مرتكز على أساس عرضة للنقض.
لكن ، حيث إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي ثبت لها استغلال الطالبة لصور المطلوب دون إرادته وموافقته للترويج لمنتوجاتها واستقطاب زبنائها ، وأن ذلك ألحق به ضررا يتمثل في استغلال صوره وحددت في إطار سلطتها التقديرية التعويض الذي يجبر الضرر في 50.000 درهم تكون قد بينت الأساس الواقعي لمنح التعويض وهو الضرر الحاصل للطالب من جراء استغلال صوره من طرف المطلوبة في الدعاية لمنتوجاتها ، وبخصوص ما أثير بشأن مدة الدراسة فإن المحكمة لم تستنتج أن المطلوب استمر في الدراسة لدى الطالبة من 97 إلى 2002، وإنما استندت في ذلك إلى ما ورد بمذكرة الطالبة نفسها المدلى بها بجلسة 2003/10/7 والتي أكدت فيها أن الطالب كان مسجلا لديها كتلميذ من 97 إلى 2002 ، وبخصوص ما أثير بشأن تناقض حيثيات القرار ، فإنه ولئن كان من شروط تحقق الإثراء بدون سبب أن يكون هناك إثراء يقابله افتقار ، وأن يكون ذلك منعدم السبب فإن مفهوم الافتقار لا يتحقق فقط بفقد المفتقر حقا بل قد يكون الافتقار سلبيا إذا فات المفتقر منفعة كان من حقه الحصول عليها والمحكمة التي اعتبرت “أن مجرد نشر صورة الطاعن واستغلالها للدعاية للمؤسسة المستأنف ضدها بقصد جلب تلاميذ جدد يشكل في حد ذاته مساسا بشخص الطاعن وخطأ من طرف المدعى عليها يتجلى في استغلال صورة شخص دون موافقته” تكون قد سايرت المبدأ المذكور بإبرازها أن الافتقار تم باستغلال صورة الطالب في جلب الزبناء ، وهو ما يشكل فوات منفعة كان من حقه الحصول عليها فجاء قرارها مرتكزا على أساس ومعللا بما فيه الكفاية والوسيلة على غير أساس.
لهذه الأسباب:
· قضى المجلس الأعلى برفض الطلب ، وتحميل الطالبة الصائر.