الكفيل – هبة أمواله بعد الكفالة – مساس بالضمان العام – إبطال التصرف – لا – عدم نفاذه تجاه الدائن – نعم

الكفيل – هبة أمواله بعد الكفالة – مساس بالضمان العام – إبطال التصرف – لا – عدم نفاذه تجاه الدائن – نعم

كتب قانونية

المجلس الأعلى
قرار رقم 940 صادر بتاريخ 12/03/2008
ملف مدني رقم 2006/1/1/3493

القاعدة:

كفيل المدين الأصلي مدين بالتبعية للدائن وأمواله ضمان له كذلك، ولذلك يبقى الحق للمستفيد من الضمان في التصدي لمنع كل ما من شأنه أن يخل بهذا الضمان أو ينقص منه.

إقدامه الكفيل على هبة حقوقه المشاعة إلى زوجته من شأنه الإضرار بحقوق الدائن لأن انتقال حقوق الكفيل إلى الغير يؤدي إلى الإنقاص من الضمان العام أو إلى انعدامه .

البطلان لا يكون إلا فيما بين المتعاقدين و ليس للغير إلا طلب عدم نفاذ العقد في حقه.

 

التعليل:
حيث يستفاد من مستندات الملف، أنه بتاريخ 2003/04/29 قدم الصندوق المغربي للمقاولات إلى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء مقالا عرض فيه أنه أبرم مع شركة دونطابيل 38 عقود صفقات وعقدي كراء وتأجير قصد كراء سيارات وقد أصبح في هذا الإطار دائنا للشركة المذكورة بمبلغ إجمالي أصلي يرتفع إلى 23.080.461,71 درهم وأنه بمقتضى عقد الكفالة المصادق على توقيعه في 2002/07/15 من قبل لمعاشي جواد منحه كفالة شخصية بالتضامن مع التنازل الصريح عن الدفع بالتجزئة أو التجريد لضمان أداء جميع المبالغ التي ستصبح بذمة شركة دونطابيل في حدود مبلغ 25.000.000,00 درهم، وأن بلمعاشي مراد كان يملك حقوقا مشاعة في العقارات موضوع الرسوم العقارية عدد 1/40291 و1/40292 و 1/40293 و1/40294 و40295/1 و40296/1 و1/40297  1/40298  1/10299 وأنه لإبعاد هذا الملك من المتابعات القضائية وقصد تنظيم إعساره فإنه أبرم مع زوجته العراقي أمينة عقد هبة صوري مصادق على توقيعه بتاريخ 2002/12/11 أي بعد أن قبل منح العارض كفالة تلزمه بأداء جميع المبالغ التي ستصبح بذمة شركة دونفيل في حدود مبلغ 25.000.000,00 درهم، ومباشرة بعد توقف هذه الأخيرة عن أداء ما بذمتها، وإن الحقيقة أن هذه الهبة هي مجرد هبة صورية. وأنه من المستقر عليه فقها واجتهادا أنه لما يعمد المدين على تفويت أمواله بصفة صورية لإبعادها عن متابعة الدائن يحق لهذا الأخير الذي لا يواجه بهذه الصورية أن يطلب إبطال هذه العقود طالبا لذلك الحكم بإبطال عقد الهبة المشار إليه أعلاه والمودع بسجلات المحافظة العقارية بسيدي بليوط مولاي يوسف على العقاريت موضوع الرسوم العقارية المشار إليها اعلاه والحكم نتيجة لذلك على المحافظ على الأملاك العقارية بالمحافظة المذكورة أن يعمل على التشطيب على عقد الهبة الآنف الذكر من الرسوم العقارية المذكورة مع تقييد بلمعاشي مراد من جديد بصفته مالكا على الشياع في هذه العقارات.
وبعد تخلف المحافظ رغم التوصل وكذا المدعى عليهما بلمعاشي مراد والعراقي أمينة أصدرت المحكمة الابتدائية المذكورة حكمها عدد 335 بتاريخ  2004/04/29 في الملف عدد 2003/21/595  بعدم قبول الطلب، فاستأنفه المدعي المذكور وقضت محكمة الاستئناف المذكورة بإلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد بعدم نفاذ عقد الهبة المبرم بين بلمعاشي مراد وزوجته المصادق على توقيعه بتاريخ 2002/11/27 في حق الصندوق المغربي للمقاولات مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية، وبعدم قبول باقي الطلبات وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض من طرف المستأنف عليهما بخمس وسائل.
وحيث يعيب الطاعنان القرار في الوسيلة الأولى بانعدام التعليل ذلك أن التراع ينحصر في ادعاء الصورية ويتأكد هذا في بناء الطلب على الفصلين 22 و 1241 من قانون الالتزامات والعقود، وإن محكمة الاستئناف قضت بانتفاء الصورية استنادا إلى عدم وجود ما يثبتها إلا أن القرار قضى ببطلان العقد استنادا للفصل 1241 المذكور. وأن القرار الاستئنافي يكون قد وقع في تناقض عندما قضى بانتفاء الصورية واستجاب لطلب الإبطال.
ويعيبانه في الوسيلة الثانية بعدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني وانعدام التعليل ذلك أنهما أثارا دفعا شكليا انصب على أن الوثائق المدلى بها مجرد صور شمسية وخاصة عقد الكفالة مؤكدين أنه لا يعتد بالصور الشمسية، والقرار المطعون فيه لم يشر إلى هذا الدفع بتاتا ولم يعره أي اهتمام سلبا أو إيجابا.
ويعيبانه في الوسيلة الثالثة بخرق قواعد مسطرية وحقوق الدفاع ذلك أنهما بسطا المفهوم القانوني لمقتضيات الفصل 1241 من قانون الالتزامات والعقود مؤكدين على أن هذا الفصل يتحدث عن قاعدة عامة تتعلق بالضمان العام، وهي لا ترد على أي حق من الحقوق الشخصية وعلى شيء بالذات يملكه المدين دون غيره، وهذه القاعدة العامة تؤكد على عنصرين أنها لا تغل يد المدين في التصرف في أمواله، لأن حقوق الدائن لا ترد على جميع الممتلكات، ومن تم ليس من حق الدائن تتبع ممتلكات المدين التي خرجت عن ملكيته، وأن عدم التعرض لهذه الدفوع وعدم مناقشتها يشكل خرقا لحقوق الدفاع ويعرض القرار للنقض.
ويعيبانه في الوسيلة الرابعة بخرق القانون خرق الفصل 1241 من قانون الالتزامات والعقود ذلك أن القرار اعتمد الفصل المذكور رغم أنه لا يقر آثارا على الإخلال بالقاعدة العامة التي جاء بها، ولا يعطي للدائن الحق في أن يتبع عينا أو ملكا خرج ملكية مدينه. وأن طالبي النقض ليسا بمدينين الأصليين وإنما مجرد ضامن وكفيل لا يمكن أن يصبح الدين حالا في مواجهته إلا بعد إثبات إعسار المدين الأصلي زيادة على ذلك أن الدين لم يدخل بعد فترة الحلول.
ويعيبانه في الوسيلة الخامسة بخرق القواعد الجوهرية للمرافعات ذلك أنه أخل بقاعدة البت في حدود الطلبات والحكم بأكثر مما طلب أو فيما لم يطلب فالمطلوب في النقض أسس طلبه على الصورية في طلب إبطال عقد البيع إلا أن القرار انتهى إلى انتقاء الصورية، وقضى بإبطال عقد الهبة استنادا إلى مقتضيات الفصل 1241 من قانون الالتزامات، وهو أمر لم تتم المطالبة به من طرف المطلوب في النقض.
لكن، ردا على الوسائل أعلاه مجتمعة لتداخلها فإن الطاعنين لم ينفيا أمام محكمة الاستئناف للهبة المطلوب إبطالها حتى تكون المحكمة ملزمة بتكليف المدعي بالإدلاء بأصل العقد لإثبات وجودها وإن الطلب الرامي إلى إبطال الهبة لم يقتصر على كونها صورية فحسب، وإنما أيضا على معارضة المدعي لوقوعها لكونها تمس بالضمان العام التي تكونه أموال الكفيل له وذلك يتجلى في تأسيس المدعي مقاله على الفصل 1241 المذكور، وأن الطاعن بلمعاشي مراد وإن كان كفيل للمدين الأصلي فإنه مدين بالتبعية للدائن وأمواله ضمان له كذلك، ولذلك يبقى الحق للمستفيد من الضمان في التصدي لمنع كل ما من شأنه أن يخل بهذا الضمان أو ينقص  منه وأن القرار لم يقض ببطلان الهبة وإنما قضى بعدم تفادها تجاه المطلوب في النقض وليس في ذلك تناقض، وأن المحكمة غير ملزمة بتتبع الأطراف في جميع مناحي أقوالهم التي لا تأثير لها على قضائها ولذلك فإن القرار حين علل بأن “دعوى المستأنف ترمي إلى بطلان عقد الهبة المبرم بين المستأنف عليهما المشار إليه أعلاه استنادا كذلك إلى مقتضيات الفصل 1241 من قانون الالتزامات والعقود وأن الثابت من أوراق الملف أن المستأنف عليه بلمعاشي جواد قد التزم لفائدة الصندوق المستأنف بضمان أداء الديون المترتبة أو التي تستوجب على شركة دونطابيل في حدود مبلغ 25.000.000,00 درهم وبذلك فإن أمواله أصبحت تشكل ضمانا عاما لفائدة الدائن عملا بالفصل 1241 المذكور الذي ينص على أن أموال المدين ضمان عام لدائنه وتبعا لذلك فإن إقدامه على هبة حقوقه المشاعة إلى زوجته. وذلك بتحريره لعقد الهبة من شأنه الإضرار بحقوق الدائن لأن انتقال حقوق الكفيل إلى الغير يؤدي إلى الإنقاص من الضمان العام أو إلى انعدامه في ذلك قرار المجلس الأعلى عدد 1401الصادر بتاريخ 20/11/2002 في الملف التجاري عدد 1237/3/1/01 وأنه بناء على ذلك وبالنظر إلى أن البطلان لا يكون إلا فيما بين المتعاقدين وأنه ليس للغير إلا طلب عدم نفاذ العقد في حقه “أنظر في ذلك كتاب الوسيط في شرح القانون المدين الدكتور عبد الرزاق السنهوري الجزء الثاني ص 977 ” فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد بعدم تفاد عقد الهبة المبرم بين المستأنف عليهما المصادق على توقيعه بتاريخ 2002/11/27 في حق الصندوق المستأنف مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية لفائدة هذا الأخير بشأن العقارات موضوع عقد الهبة وكأنها لم تخرج يوما من الضمان العام وعدم قبول باقي الطلبات”. فإنه نتيجة لما ذكر كله يكون القرار مرتكزا على أساس قانوني ومعللا تعليلا كافيا وغير خارق للفصول المدعى خرقها والوسائل جميعا بالتالي غير جدير بالاعتبار.
لهذه الأسباب:
· قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وبتحميل أصحابه الصائر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *