حجج – تطبيقها – قيمتها في الإثبات
القرار عدد 5 الصادر بتاريخ 2014/01/07
في الملف رقم 2013/8/1/2177
القاعدة
لا يكفي انطباق الحجج على محل النزاع وإنما يتعين أن تستوفي هذه الحجج شروط التملك المعتبرة شرعا.
تطبيق الحجج هو من صلاحيات المحكمة والقاضي المقرر وليس من صلاحيات الخبير.
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 03/04/2013 من الطالبة أعلاه بواسطة نائبيها المذكورين، والرامي إلى نقض القرارعدد02 الصادر عن محكمة الاستئناف بفاس بتاريخ 02/01/2013 في الملف عدد 233/2011/8؛
وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 31/10/2013 من المطلوب في النقض بواسطة نائبه المذكور، والرامية إلى رفض الطلب؛
وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 02/12/2013 وتبليغه؛
و بناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 07/01/2014؛
و بناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
و بعد تلاوة المستشار المقرر السيد محمد أمولود لتقريره والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد رشيد صدوق؛
وبعد المداولة طبقا للقانون.
حيث يستفاد من مستندات الملف أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية بفاس بتاريخ 27/11/2002 تحت عدد22287/07، طلب ناظر اوقاف القرويين، تحفيظ الملك المسمى ”ظهر المرس” الكائن بالمحل المدعو غابة ظهر المرس، مقاطعة اللويزات، الدائرة الحضرية الثالثة، بمدينة فاس، المحددة مساحته في 69 آرا و17 سنتيارا، بصفتها مالكة له بالحيازة الطويلة والهادئة وبدون منازع.
وبتاريخ 22/1/2008 قيد المحافظ بالكناش 19تحت عدد 189 التعرض الصادر من ابن سودة المري محمد ناصر مطالبا بكافة الملك المذكور، لتملكه له بالارث حسب الاراثة عدد 328 وتاريخ 24/4/1994، وعقود الشراء العدلية الثلاثة المضمنة على التوالى تحت عدد 288 في 24/8/2007 وعدد 141 وعدد 144 بتاريخ 31/8/2007 من البائعين له فيها: المهدي وعائشة ومحمد أولاد ابن سودة المري عبد السلام بن عبد القادر، الذين كانوا يتملكون المبيع بالارث من والدهم حسب اراثته عدد 167ص 277 وعقد الصدقة على موروثهم عدد 89 المؤرخة في 04 شعبان 1354 هجرية، وعقد الشراء العرفي المؤرخ في أكتوبر 1980.
وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بفاس، وإدلاء المتعرض بمخارجة منجزة سنة 1295 هجرية، وإدلاء طالبة التحفيظ كذلك بالرسم عدد 4 المتعلق بنسخة من كناش إحصاء ممتلكاتها سنة 1964، وبالرسم عدد 723 المتعلق باستخراج بلاد بظهر المرس لمسجد الشوك من كناش تحديد الأملاك والغابات المعينة للقرويين والأندلس وما أضيف للقرويين من المساجد الصغرى رقم 95، أصدرت المحكمة حكمها عدد 148 بتاريخ 17/3 /2011 في الملف رقم 17/2008 بصحة التعرض المذكور، فاستأنفته طالبة التحفيظ وبعد إجراء خبرة بواسطة الخبير وديع برادة الخبير في الزراعة، لتطبيق رسوم الطرفين وللتحقق من الحائز منهما، ثم قضت بتأييد الحكم المستأنف، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنفة في الوسيلتين الأولى والثانية مندمجتين بخرق الفصلين 34 (الصحيح 43 أمام محكمة الاستئناف) و37 من ظهير التحفيظ العقاري والقواعد الفقهية، ونقصان التعليل الموازي لانعدامه، ذلك أنه اعتمد في قضائه بداية على عدم انطباق حججها، وعلى انطباق حجج المطلوب في النقض استنادا إلى تقرير الخبرة التي أنجزها الخبير الفلاحي وديع برادة، مع أن هذا الأخير ليس مهندسا طبوغرافيا حتى يعتمد تقريره (طبقا للفصل 34) من ظهير التحفيظ العقاري الذي يقتضي ذلك، ومع أن حججها لا تناقش إلا بعد ثبوت استحقاق المتعرض للمدعى فيه بحجة معتبرة شرعا، إلا أن القرار خرق هذه المقتضيات، وأسس قضاءه على وثائق المطلوب في النقض التي هي ناقصة عن درجة الاعتبار، لان عقد الصدقة الذي أدلى به لا يعتبر سندا للتملك لخلوه من عناصر الملك المعروفة شرعا وهي: اليد والنسبة وطول المدة وعدم المنازع وعدم التفويت،وبالتالي فان عقود شرائه المبنية عليه تبقى مجردة من أصل التملك، ولا ينتزع بها من يد الحائز، وقد دفعت الطاعنة بحيازتها الطويلة للمدعى فيه والتي ليست محل إنكار من المطلوب في النقض في مراحل التقاضي ولا أثناء الخبرة، إلا أن القرار المطعون فيه خرق القاعدة الفقهية التي تقضي بأن الاشرية المجردة لا ينتزع بها من يد الحائز، ولم يجب عن دفعها والمتعلق بحيازتها المذكورة لمحل النزاع، مع أنها عامل مرجح في دعوى الاستحقاق.
حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار، ذلك انه اقتصر في تعليل قضائه على ”أن الخبرة المأمور بها من طرف المحكمة أثبتت أن الوثيقتين المدلى بهما من طرف المستأنفة أجنبيتين على المدعى فيه لعدم انطباقهما عليه، عكس حجج المستأنف عليه التي تنطبق عليه انطباقا كليا، والتي هي عبارة عن عقد الصدقة عدد 89 وعقود الشراء عدد 144 وعدد 288 وعدد 141، وأنه أمام ثبوت ان رسوم المتعرض هي التي تنطبق على العقار المطلوب تحفيظه دون رسمي طالبة التحفيظ حسب الخبرة المأمور بها من طرف هذه المحكمة والتي تمت بمحضر ممثل المستأنفة، وخلت من أي انتقاد يحول دون اعتمادها، فان ما قضى به الحكم المستأنف كان في محله”، في حين أنه يتجلى من وثائق الملف أن الطاعنة تمسكت في مقالها الاستئنافي بالحيازة وبإجراء معاينة، وأنه طبقا لمقتضبات الفصلين 34 و43 من ظهير التحفيظ فان تطبيق الحجج هو من صلاحيات المحكمة والقاضي المقرر وليس من صلاحيات الخبير، وأن مجرد انطباق شرائي المطلوب ضده وعقد الصدقة المبنيين عليه لا يكفي لإثبات استحقاقه المدعى فيه، إذ لم يبرز القرار مدى استيفاء هذه العقود لشروط التملك المعتبرة شرعا الواردة في قول الشيخ خليل ” وصحة الملك بالتصرف وعدم منازع وحوز طال كعشرة أشهر وأنها لم تخرج عن ملكه في علمهم”، ولم تبحث المحكمة المصدرة له في حيازة الطاعنة الطويلة لمحل النزاع، بالحرث والاستغلال والكراء للغير، باعتباره ملكا حبسيا، والتي تمسكت بها في مقالها الاستئنافي، والتمست التحقق منها بواسطة المحكمة بالوقوف على محل النزاع، بالرغم مما لذلك كله من تأثير على الفصل في النزاع، الأمر الذي يكون معه قرارها ناقص التعليل نقصانا يوازي انعدامه، مما عرضه بالتالي للنقض والإبطال.
وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الدعوى عن نفس المحكمة .
لهذه الأسباب
وبصرف النظر عن الوسائل الأخرى المستدل بها على النقض؛
قضت محكمة النقض بنقض وإبطال القرار المطعون فيه المشار إليه أعلاه وإحالة الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون وتحميل المطلوبين في النقض الصائر.
كما قررت إثبات قرارها هذا بسجلات المحكمة مصدرة الحكم اثر القرار المطعون فيه أو بطرته.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: محمد أمولود ـ مقررا. ومحمد دغبر وأحمد دحمان وجمال السنوسي أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد رشيد صدوق وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة كنزة البهجة.