الهبة – شرط الحيازة – الاشهاد بالحيازة معاينة
القرار رقم 4831
المؤرخ في 99/10/20
الملف المدني رقم 99/4/1/347
القاعدة
لا يكفي لصحة الهبة بالنسبة لشرط الحيازة مجرد اعتراف الموهوب له بتسلم الدار فارغة من شواغل الواهب وأمتعته، بل لا بد من معاينة الإفراغ والحيازة من طرف العدلين، طالما أن من شروط الهبة حيازتها في حياة الواهب.
باسم جلالة الملك
إن المجلس الأعلى
وبعد المداولة طبقا للقانون
– في شأن وسيلة النقض الاولى
حيث يستفاد من مستندات الملف، ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستيناف بآسفي بتاريخ 98/11/25 تحت رقم 2501 في الملف رقم 98/88 أن العربي علواش بن محمد محمد بن ابراهيم تقدم أمام المحكمة الابتدائيةبآسفي بمقال مؤرخ في 97/5/20 في مواجهة المنيصري نور الدين يعرض فيه أن شقيقته الهالكة علواش اعبوش بنت محمد بن ابراهيم كانت ورثت من زوجها دارا فوقية كائنة بعنوان المدعى عليه تقع بزنقة الشاون رقم 61 بحي الكورس بآسفي مشتملة على ثلاثة بيوت ومطبخ ومرحاض وبيتين بالسطح، حسب رسم المقاسمة رقم74 صحيفة 3 بتاريخ 1984/8/25، وأن الهالكة المذكورة بقيت تتصرف في حظها إلى أن توفيت حسب رسم الإراثة رقم 244 صحيفة 350 بتاريخ 97/4/13 وأنه الوارث الوحيد لها باعتباره أخا شقيقا لها حسب الإراثة المذكورة. وأن المدعى عليه احتل الدار المذكورة ومنعه من واجبه فيها، ملتمسا الحكم باستحقاقه لجميع متروك شقيقته الهالكة وبإفراغ المدعى عليه من الدار المذكورة دون قيد أو شرط تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 درهم في اليوم ابتداء من يوم امتناعه عن التنفيذ وبحفظ حقه في طلب التعويض عن الحرمان من الاستغلال ومرفقا مقاله بأصل الإراثة رقم 244 وبأصل المقاسمة رقم 74.
وبعد جواب المدعى عليه بأنه يوجد في الدار بمقتضى رسم الهبة الصادر عن مالكتها ثم عن طريق شراء هوائها فهو إذن الموهوب له الحائز للدار منذ تاريخ الهبة إلى الآن وأنه اشترى هواءها حسما للنزاع كما تؤكد ذلك الحجج المرفقة، ملتمسا رفض الطلب ومرفقا جوابه بصورة من رسم الهبة وبصورة من رسم شراء هواء المنزل.
وبعد تبادل التعقيب والرد بين الطرفين أصدرت المحكمة بتاريخ 1998/2/17 حكما قضت فيه باستحقاق المدعى للدار الفوقية الكائنة بزنقة الشاون رقم 61 حي الكورس والمشتملة على ثلاثة بيوت ومطبخ ومرحاض وسطحها الذي به بيتين للتصبين حسبما هو ثابت من رسم المقاسمة المضمن تحت رقم 74 صحيفة 3 رقم 3 بتاريخ 1984/8/25 باستثناء هوائها ملكيته للمدعى عليه برفض باقي الطلبات فاستأنفه المدعى عليه بانيا استينافه على أن الحكم غير مبني على أساس وساير مزاعم المدعي دون الاهتمام بدفوعه، ذلك أنه يوجدبالدار بمقتضى رسم الهبة الصادر عن مالكتها ثم عن طريق الشراء أنه حائز للدار منذ تاريخ الهبة وأنه حسما للنزاع اشترى هواءها من الواهبة وأن رسمي الهبة والشراء ينصان على أنه حاز الملك في حياة الواهبة وأن عدم تسجيل ذلك في مطلب التحفيظ لا تأثير له على صحة ونفاذ الهبة، وأن ما عللت به المحكمة من عدم معاينة العدول للمنزل فارغا من شواغل الواهبة لا تأثير له لأن الواهبة والموهوب له أكدا معا تسلم المنزل الموهوب ملتمسا في الأخير إلغاء الحكم المستأنف والحكم برفض الطلب.
وبعد إدراج القضية في جلسة 1998/11/4 تخلف عنها المستأنف عليه رغم توصله قانونيا بالاستدعاء وحضر دفاع المستأنف وأكد المقال، أصدرت المحكمة قرارا قضت فيه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به بعلة أن رسم الهبة الذي يؤسس عليه المستأنف طلباته قد اختلت فيه أهم الشروط الأساسية وهي معاينة العدول لإخلاء الواهبة للدار المتبرع بها من كافة المنقولات والشواغل ولا يكفي في ذلك مجرد الاعتراف الأمر لذي يجعل الهبة باطلة وهو المطلوب نقضه.
وحيث يعيب الطاعن القرار المذكور بعدم التأكد من الوقائع وبعدم الجواب عن دفوع. ذلك أنه بالرجوع إلى معطيات ملف النازلة يتبين أن موضوع الدعوى مؤسس على طلب استحقاق واجب إرثي وأنه سبق أن أجاب بأن الهالكة اعبوش علواش وهبت له الدار موضوع الدعوى وباعت له هواءها وأدلى بالإثبات وأن المدعى لم يطعن في رسم الهبة ولم يبد أي دفع من الدفوع المعتمد عليها في الحكم الابتدائي لأنه يعلم علم اليقين أن موروثته سبق لها أن وهبت له الدار بعد إفراغها من شواغلها. وأنه أثبت حوزه وتصرفه فيها عن طريق اكرائها للغير حسب العقود والتواصل المرفقة، وأنه ادخل رسم الهبة ورسم الشراء إلى المحافظة العقارية وفتح له مطلب رقم 25814 ج وأن العدلين شهدا بإفراغ الدار من شواغل الواهبة وأمتعتها بذكرها، وأن عدم التأكد من واقعة إفراغ الدار من طرف المحكمة رغم وجود هذه العبارة برسم الهبة تكون قد أغفلت نقطة مهمة ووقعت في خطإ يجعل قرارها معرضا للنقض.
لكن حيث يتجلى من وثائق الملف أن المدعي أدلى لتأييد دعواه بإراثة شقيقته وبرسم قسمتها مع ورثة زوجها وحيازتها لواجبها في الدار محل النزاع، وأن المدعى عليه أدلى لرد دعوى المدعى برسم الهبة الذي بمتقضاه وهبت له موروثة المدعى فوقي الدار، كما أدلى برسم شراء من الواهبة المذكورة هواء فوقي الدار. وأن المحكمة بعد اطلاعها على رسم الهبة تبين لها أنه مختل وباطل لعدم التنصيص فيه على معاينة العدلين إخلاء الدار من شواغل الواهبة ولا يكفي في ذلك مجرد اعتراف الموهوب له بتسلم الدار فارغة من شواغل الواهبة وأمتعتها بل لا بد من معاينة الإفراغ والحيازة من طرف العدلين، لأن من شرو ط الهبة حيازتها في حياة الواهب، خاصة وأن الطاعن أشار في الوسيلة إلى أن الواهبة بقيت تعيش معه في داره ومع أولاده مما يؤكد عدم اخلائها وافراغها للدار الموهوبة. فيكون القرار قد تأكد من وقائع النازلة وأجاب عن دفوع الطاعن بما فيه الكفاية والوسيلة على غير أساس.
– وفي شأن الوسيلة الثانية المتخذة من الخطإ في الوقائع المؤدي إلى الخطإ في الحكم الذي يعد بمثابة انعدام التعليل، ذلك أن المحكمة لم تجب عن دفوعه بتسلمه الدار فارغة من شواغل الواهبة وعللت قرارها بأن ما طعن به المستأنف لا جدوى فيه. وهو تعليل يدل على عدم الجواب عن دفوعه، وهو عنصر جوهري موجب لنقض القرار المطعون فيه.
لكن حيث يتجلى من القرار المطعون فيه أنه أجاب عن الدفع إذ جاء فيه :
»ذلك أن رسم الهبة الذي يؤسس عليه المستأنف طلباته قد اختلت فيه أهم الشروط الأساسية ألا وهي معاينة العدول لإخلاء الواهبة للدار المتبرع بها من كافة المنقولات والشواغل، ولا يكفي في ذلك مجرد الاعتراف الأمر الذي يجعل الهبة باطلة« مما يكون معه القرار المطعون فيه معللا تعليلا كافيا والوسيلة على غير أساس.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وبتحميل صاحبه الصائر.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه، بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة السيد محمد القري رئيسا والمستشارين السادة : محمد النوينو مقررا، محمد اعمرشا وحمادي اعلام، عبد السلام البركي أعضاءا وبمحضر المحامي العام السيد العربي مريد وبمساعدة كاتب الضبط السيد عبيدي حمان.