دعوى الاستحقاق – إثبات – تكليف المدعى عليه الحائز بإثبات وجه المدخل – لا
القرار عدد 36 الصادر بتاريخ 2013/02/12
في الملف رقم 2012/9/1/2555
القاعدة
لما كان الاستحقاق رفع ملك شيئ بثبوت ملك قبله، فإن الملك لا يثبت لمدعيه على المقوم عليه الحائز المجيب بالحوز والملك إلا بعد الإدلاء بالبينة الشرعية المستجمعة لشروط الملك كما هي منصوص عليها في كتب الفقه المالكي والتي ذكرها الشيخ خليل في المختصر عند قوله ” وصحة الملك بالتصرف، وعدم المنازع، وحوز طال كعشرة أشهر وأنها لم تخرج عن ملكه في علمهم…”
المحكمة غير ملزمة بإيقاف الطالبين على ما بالعقد المذكور من نقص مادام الالتزام بالإدلاء بالبينة التامة المثبتة للملك يقع على عاتقهم .
المحكمة لا تكلف المدعى عليهم ببيان وجه مدخلهم للمدعى فيه ولا مناقشة ما ادلوا به من وثائق ما دام يكفيهم التمسك بالحوز والملك في حالة عجز المدعين عن الإدلاء بالبينة الشرعية لما نص عليه صاحب التحفة عند قوله
المدعي استحقاق شيء يلزم ***** بينة مثبتة ما يزعم
من غير تكليف لمن تملكه ***** من قبل ذا بأي وجه ملكه
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
بناء على عريضة النقض المرفوعة بتاريخ 7/5/2012 من طرف الطالبين المذكورين أعلاه بواسطة نائبهم الأستاذ ديديي طوبالي، الذي يطعن بمقتضاها في القرار عدد 36/12 الصادر عن محكمة الاستئناف بفاس بتاريخ 8/2/2012 في الملف عدد 133/2011/8.
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها بتاريخ 19/7/2012 من طرف المطلوب في النقض بواسطة نائبه الأستاذ عبد الله المرنيسي والرامية لعدم قبول الطلب شكلا ورفضه موضوعا.
وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على قانون المسطرة المدنية.
وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 8/1/2013.
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 12/2/2013.
وبناء على المناداة على الأطراف ومن ينوب عنهم وعدم حضورهم.
وبعد تلاوة المستشار المقرر السيد احمد ملجاوي لتقريره في هذه الجلسة والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد الحسن البوعزاوي.
وبعد المداولة طبقا للقانون :
حيث يستفاد من وثائق الملف ومن محتوى القرار المطعون فيه بالنقض عدد 36/2012 الصادر عن محكمة الاستئناف بفاس بتاريخ 8/2/2012 في الملف عدد 133/2011/8 أن الطالبين ورثة بولمان محمد وورثة عائشة بنت محمد تقدموا بتاريخ 24 يناير 2005 بمقال إلى مركز القاضي المقيم ببولمان عرضوا فيه أنهم يملكون إرثا من جدهم المرحوم محمد وبولمان وكذلك مولود وقسو القطع الأرضية الفلاحية السقوية بمزرعة ايت فريكو جماعة كيكو، إقليم بولمان، المسماة تمجراجت :
الأولى : تسمى ايجو يحدها شرقا ورثة الشاوي بن حليمة مائة وثمانية أمتار (108) غربا اوبقي ميمون مائة وثمانية أمتار (108) يمينا الساقية ستة عشر مترا (16) شمالا المحروم أربعون مترا .
الثانية : تسمى أكيل يحدها شرقا الساقية خمسة وثلاثون مترا (35) غربا يطو تحمات ثلاثون مترا (30) يمينا الحاج عبد الله المقين بالله مع ورثة بن سعيد مائة وثلاثة وستون مترا شمالا ورثة الحاج اوقسو مائة وثمانية وستون (168) مترا.
الثالثة : مسماة تسامرت يحدها شرقا الساقية مائة وسبعة وأربعون (147) مترا غربا فاطمة بن الحاج بوتكرا مائة وسبعة وعشرون (127) مترا يمينا بن حدو احيونمع ورثة زيان باحمو ستة وخمسون (56) مترا، شمالا الساقية الكبيرة ثلاثون (30) مترا.
الرابعة : تسمى تسامرت يحدها شرقا الساقية سبعون (70) مترا، غربا الساقية مائة وستة وعشرون (126) مترا يمينا الساقية مائة وستة عشر (116) مترا شمالا الساقية سبعة وتسعون (97) مترا.
الخامسة : تسمى تسامرت يحدها شرقا الساقية سبعون (70) مترا، غربا ورثة الراضي بن محمد سبعون (70) مترا يمينا الطريق ثلاثة وخمسون (53) مترا وشمالا الساقية ثلاثة وخمسون (53) مترا وان المدعى عليهم عمدوا في سنة 2001 إلى الترامي على القطع المذكورة بدون حق ولا سند، ملتمسين الحكم باستحقاق المدعى فيه وعلى المدعى عليهم بالتخلي عنه تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 100 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ مع النفاذ المعجل والإجبار في الأقصى وتحميلهم الصائر. واحتياطيا تعيين خبير لمطابقة رسوم المدعين على المدعى فيه وحفظ حقهم بعد إجراء الخبرة. وبعد جواب المدعى عليهم وتبادل المذكرات وانتهاء الإجراءات أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها باستحقاق المدعين للقطع الأرضية الخمسة الموجودة بمزرعة ايت فريكو كيكو المسماة تمجراجت، وتخلي المدعى عليهما عنها تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها خمسون درهما (50) عن كل يوم تأخير وتحميلهما الصائر ورفض باقي الطلبات، فاستأنفه المدعى عليهما وأيدته محكمة الاستئناف بموجب قرارها الصادر بتاريخ 19/9/2007 والذي قضى المجلس الأعلى بنقضه بموجب قراره عدد 57 الصادر بتاريخ 4/1/2011 في الملف عدد 172/1/4/2008 بعلة “أن الدعوى ترمي الى استحقاق المطلوبين للمدعى فيه الشيء الذي يستلزم الإدلاء بحجة كافية مستوفية لشروط الملك المعتبرة شرعا والمحكمة اعتمدت لقبول دعوى الاستحقاق على كون المطلوبين أدلوا برسم ملكية ورسم تصرف، وان الملكية لم تكن محل أي طعن ممن يعنيه أمرها ، والحال أن الطالبين نازعا في صحتها وكان على المحكمة أن تتأكد من ذلك وتبرز ما إذا كانت تتوفر على الشروط اللازمة لقبولها شرعا…”
وبعد إحالة الملف على محكمة الاستيناف أدلى الطرفان بمستنتجاتهما على ضوء قرار المجلس الأعلى، وبعد تمام الاجراءات أصدرت المحكمة قرارها بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من استحقاق المدعين للقطع الأرضية الخمسة الموصوفة في المقال وتخلي المدعى عليهم عنها والحكم من جديد برفض الطلب، وهو القرار المطعون فيه بالنقض.
في شان الفرع الأول من الوسيلة الفريدة:
حيث يعيب الطاعنون القرار بخرق قاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف وعدم الارتكاز على أساس قانوني وانعدام التعليل بدعوى أن المطلوبين يعلمون بان بعض الطاعنين قد انتقلوا إلى عفو الله ، ورغم ذلك فإنهم لم يعملوا على إصلاح المسطرة عند عرض القضية أمام محكمة الاستئناف بعد النقض والإحالة مما يجعل استئنافهم غير مقبول في مواجهة الأطراف المتوفين، ويعرض القرار للنقض.
لكن حيث لم يبين الفرع من الوسيلة من توفى من الطاعنين بعد النقض والإحالة والذين لم يتم إصلاح المسطرة في شأنهم ويبقى بذلك الفرع غامضا وغير مقبول.
في شأن باقي فروع الوسيلة :
حيث يعيب الطاعنون القرار بخرق قاعدة مسطرية اضر بأحد الأطراف، عدم الارتكاز على أساس قانوني وانعدام التعليل بدعوى أن المحكمة مصدرته قضت بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من استحقاق الطاعنين للقطع الأرضية الخمسة وتخلي المطلوبين في النقض عنها والحكم برفض الطلب بعلة أن الملكية عدد 47 المدلى بها من لدن الطاعنين هي عبارة عن وثيقة خالية من شروط الملك، سيما وأن الطرف المدعى عليه ادعى الحوز والملك منذ أزيد من خمسين سنة وأثبته بمقتضى الموجب عدد 104 صحيفة 128، كما أدلى بعقد كراء مؤرخ في 12/11/91 مشهود على صحة إمضاء طرفيه بنفس التاريخ بمقتضاه اكترى شعبوب ميمون من المسمى رحالي محمد –المدعى عليه- القطع المدعى فيها لمدة اربع سنوات وأن هذا التعليل الذي أتت به محكمة الاستئناف مصدرة القرار المطعون فيه جاء بناء على قرار المجلس الأعلى عدد 57 الصادر بتاريخ 4/1/2011 في الملف المدني عدد 172/1/4/2008 الذي قضى بنقض وإبطال القرار الاستئنافي السابق استنادا إلى التعليل المذكور أعلاه، وأن محكمة الاستئناف لم تبت في النقطة التي أثارها المجلس الأعلى، لأنه رغم كون الدعوى استحقاقية فإن المطلوبين لا يتوفرون على عقود ملكية صحيحة التي تعطي لهم صفة المالكين، والقرار المطعون فيه لم يحدد الشكليات والشروط الواجب توفرها في الملكية بل جاء تعليله عاما ومجردا وهو شيء مبهم يجعله متسما بنقصان التعليل، فالطاعنون أدلوا بعقد ملكية يرجع تاريخه إلى 8/3/1948 وهي تتوفر على جميع الشروط القانونية الواجب توفرها في الملكية كما ادلوا بعقد تصرف مستفسر لإثبات تصرفهم أبا عن جد في القطع المذكورة وانه لم يتم الطعن في الملكية علما بأنها صادرة تحت مراقبة سلطة مختصة بعد الاستقلال ولم يطعن احد في هذه الملكية ولا في التصرف في القطع الأرضية من لدن الطاعنين وذلك بعد عدة سنوات إلى حد إنجاز الوثائق المزورة من لدن المطلوبين. وأن الدليل على تصرف الطاعنين في القطع الأرضية هو صدور قرار الغرفة الجنحية في الملف عدد 22/2008/ بعدم متابعتهم من أجل إنجاز لفيف مزور وذلك بناء على شكاية تقدم المطلوبون في مواجهتهم.
كما أن القرار المطعون فيه لم يذكر ملكية المطلوبين ولم يصححها وهو يناقش ملكية الطاعنين متجاوزا اختصاصه لأنه كان عليه أن يبت فقط في النقطة التي حددها المجلس الأعلى والمتعلقة بالشروط القانونية الواجب توفرها من اجل إنجاز عقد الملكية فسقطت في نفس الخطأ الوارد في قرار المجلس الأعلى السابق لأنها لم تبين شروط الملكية كما لم تنذر الطاعنين بتصحيح عقد الملكية مما يجعل قرارها غير مرتكز على أساس قانوني وعديم التعليل.
كذلك فإن القرار المطعون فيه لم يناقش موجب التصرف المدلى به من لدن المطلوبين خاصة وأن شهادة شهوده مؤسسة على السماع فقط في حين ان القانون يوجب في شهادة التصرف توفر عدة عناصر منها المجاورة والمخالطة وشدة الاطلاع على الأحوال وأن جميع هذه العناصر غير متوفرة في لفيف التصرف المستدل به من لدن المطلوبين، وانه بالاطلاع على هذا اللفيف يتبين أن القطع الأرضية موضوع الإشهاد توجد بكيكو بينما الشهود يقطنون بمدينة صفرو، هذا فضلا عن أن شهادتهم مبنية على السماع فقط مما يجعلها شهادة زور وتصريحات كاذبة.
وأن الطاعنين وحفاظا على حقوقهم من الضياع تقدموا بشكاية من أجل الطعن بالزور في الموجب المنجز من لدن المطلوبين أمام السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بصفرو، ما دام لا يبين وجه مدخلهما إلى العقار، فضلا عن أن الوثائق المدلى بها من لدن الطالبين راجحة عن الوثائق المدلى بها من لدن المطلوبين ومادامت قواعد الترجيح تقدم الملك على التصرف.
لكن حيث إنه لما كان الاستحقاق رفع ملك شيئ بثبوت ملك قبله، فإن الملك لا يثبت لمدعيه على المقوم عليه الحائز المجيب بالحوز والملك إلا بعد الإدلاء بالبينة الشرعية المستجمعة لشروط الملك كما هي منصوص عليها في كتب الفقه المالكي والتي ذكرها الشيخ خليل في المختصر عند قوله ” وصحة الملك بالتصرف، وعدم المنازع، وحوز طال كعشرة أشهر وأنها لم تخرج عن ملكه في علمهم…” والمحكمة التي أدلى الطالبون أمامها وباعتبارهم طالبي استحقاق المدعى فيه، بعقد الملكية المنجز من لدن المحاكم العرفية بتاريخ 8/3/1948 وبموجب التصرف المضمن بعدد 212 صحيفة 160 وعللت قرارها بما جاءت به من “أن الدعوى موضوع الاستئناف الحالي هي دعوى استحقاقية وتبعا لذلك وجب على رافعيها الإدلاء بحجة تتوفر على اسانيد الملك المعتبرة شرعا لقول الزقاق :
يد نسبة طول كعشرة اشهر ***** وفعل بلا خصم بها الملك يجتلا
وان ما عبر عنه الطرف المدعي بالملكية عدد 47 هو عبارة عن وثيقة خالية من شروط الملك المشار إليها أعلاه سيما وأن الطرف المدعى عليه ادعى الملك والحوز منذ أزيد من خمسين سنة وأثبت حيازته بمقتضى الموجب عدد 164 ص 128…” تكون قد راعت مجمل ماذكر معتبرة عن صواب ان عقد الملكية المدلى به من لدن الطالبين لا يدل على الملك لعدم توفره على شروطه كما هي مبينة أعلاه ولم تكن ملزمة بإيقاف الطالبين على ما بالعقد المذكور من نقص مادام الالتزام بالإدلاء بالبينة التامة المثبتة للملك يقع على عاتقهم كما أن المحكمة كانت في حل من تكليف المدعى عليهم ببيان وجه مدخلهم للمدعى فيه ولا مناقشة ما ادلوا به من وثائق ما دام المدعى عليه يكفيه التمسك بالحوز والملك في حالة عجز المدعين عن الإدلاء بالبينة الشرعية لما نص عليه صاحب التحفة عند قوله
المدعي استحقاق شيء يلزم ***** بينة مثبتة ما يزعم
من غير تكليف لمن تملكه ***** من قبل ذا بأي وجه ملكه
ومتقيدة في كل ذلك بقرار المجلس الأعلى، فجاء في قرارها معللا بما فيه الكفاية ومرتكزا على أساس ولم يخرق أي مقتضى مما هو مدعى خرقه وما أثير غير جدير بالاعتبار.
لهـذه الأسبـاب
قضت محكمة النقض برفض الطلب وإبقاء الصائر على رافعه.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية محكمة النقض بالــربـاط وكـانـت الـهـيـئــة الحـاكـمــة مـتـركـبــة مـن رئـيسة الـغـرفــة السيدة زبيدة التكلانتي رئيسا والمستشارين السادة : أحمد ملجاوي مقررا، أحمد الحضري، الحسن بومريم، لطيفة أيدي أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد الحسن البوعزاوي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة عتيقة سودو.