المتعرض على مطلب التحفيظ – مركزه في الإثبات – حكم بعدم القبول – حجيته – تغيير الهيئة – آثاره

المتعرض على مطلب التحفيظ – مركزه في الإثبات – حكم بعدم القبول – حجيته – تغيير الهيئة – آثاره

القــرار عـدد: 192/8

المؤرخ فـي: 29/04/2014

ملف مدني

عـــــدد : 4386/1/8/2013 

القاعدة

بت المحكمة في الحق المدعى به من قبل المتعرض يجعلهذا الأخير في مركز المدعي المكلف بالإثبات أولا.

صدور حكم ابتدائي مؤيد بقرار استئنافي قضى بعدم قبول دعوى الشفعة لعدم معاينة الحوز في الصدقة يعتبر حكما باتا في منازعة موضوعية ويكتسب بالتالي قوة الأمر المقضي به.

لا يوجد مقتضى قانوني في قانون المسطرة المدنية يوجب على هيئة الحكم الجديدة إشعار الأطراف صراحة بتبنيها الإجراءات التي قامت بها الهيئة السابقة

 مرافقة المحكمة لمهندس غير طبوغرافي لا تأثير له في النازلة ما دام الطرفان فيها لا يختلفان في انطباق حججيهما على المدعى فيه،

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

بناء على المقال المرفوع بتاريخ 23/07/2013 من الطالب أعلاه بواسطة نائبه المذكور، والرامي إلـى نقض القرار عدد 17 الصادر عـن محكمـة الاستئناف بتازة بتاريـخ 04/02/2013  في الملف رقم 123/2012.

وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها من المطلوب بتاريخ 09/12/2013 بواسطة نائبته المذكورة والرامية إلى رفض الطلب.

وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.

وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 24/03/2014 وتبليغه.

و بناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 29/04/2014.

و بناء على المناداة على الطرفين و من ينوب عنهما وعدم حضورهم.

و بعد تلاوة المستشار المقرر السيد جمال السنوسي لتقريره، والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد رشيد صدوق.

   وبعد المداولة طبقا للقانون

حيث يستفاد من مستندات الملف، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بتاريخ 22/07/1996 بالمحافظة العقارية بتازة تحت رقم 3107/21 ، طلب محمد كسكوس تحفيظ الملك الفلاحي المسمى “الأمل”، الواقع بجماعة بوشفاعة دائرة وداي أمليل إقليم تازة، حددت مساحته في هكتار واحد  و 33 آرا  34 سنتيارا، لتملكه له بالشراء المحفوظ تحت عدد 1756 والمؤرخ في 27/10/1990 من البائعة له رحمة بنت محمد بن محمد الكميحي والذي كانت تتملكه بالملكية المحفوظة تحت عدد 1536 والمؤرخة في 27/10/1990، وبالشراء عدد 227 المؤرخ في 09/02/1991 من البائع له حمو بن علي الكميحي الذي كان يتملكه بالملكية المحفوظة بعدد 217 والمؤرخة في 09/02/1991، وبالشراء عدد 62 المؤرخ في 3/05/1992 من البائع له محمد بن محمد الكميحي الذي كان يتملكه بالملكية عدد 61 المؤرخة في 23/05/1992، وبالشراء عدد 58 المؤرخ في 20/07/1997 من البائع له حمو بن علي الكميحي الذي كان يتملكه بالملكية عدد 56 المؤرخة في 20/07/1997، فوردت على المطلب المذكور ثلاثة تعرضات منها التعرض المقيد بتاريخ 13/07/1998(كناش 06 عدد 113) الصادر عن ادريس الموزازي مطالبا بجزء مشاع في الملك المذكور قدره الثمن في النصف لتملكه له بالصدقة عدد 41 المؤرخة في 02/06/1974 من المتصدقة عليه فاطمة بنت عمر وكذا بالشفعة فيما تبقى من الأجزاء المشاعة.

وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بتازة، وإدلاء المتعرض برسم الصدقة وبالقرار الاستئنافي عدد 47 الصادر بتاريخ 04/03/2002 في الملف رقم 29/2001 القاضي لفائدته تجاه المسمى محمد بلقاسم الموزازي بإلغاء الحكم المستأنف والحكم تصديا باستحقاقه واجبه وقدره الثمن في النصف من القطعة الأرضية المسماة الخطارنة، وبمحضر تنفيذه عدد 2920/10 /22 المؤرخ في 12/10/2010، وبنسخة من عريضة طلب نقض القرار الاستئنافي عدد 69 الصادر بتاريخ 01/04/2002 في الملف رقم 30/2001 القاضي بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول طلبه استشفاع الحصة المبيعة من شريكه ادريس مرزوك لطالب التحفيظ، وبعد إدلاء طالب التحفيظ بقرار المجلس الأعلى عدد 2084 الصادر بتاريخ 03/05/2011 في الملف رقم 2336/1/4/2009 القاضي برفض طلب نقض القرار المذكور، وبعد إجراء المحكمة معاينة بمساعدة الخبير عبد القادر بوزيان قضت بتاريخ 08/03/2012 بعدم صحة التعرض المذكور وذلك بمقتضى حكمها الصادر في الملف رقم 19/2009 والذي أيدته محكمة الاستئناف بقرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنف بوسيلتين.

حيث يعيب الطاعن القرار في الوسيلة الأولى بعدم الارتكاز على أساس قانوني، ذلك أن تعرضه ذو شقين، الأول يكمن في المطالبة بجزء مشاع قدره الثمن في نصف عقار المطلب وهو الواجب الذي كانت تملكه قيد حياتها السيد فاطمة بنت عمر بن داوود وانتقل من يدها إلى الطاعن بالصدقة وحازها عنه والده باعتباره كان قاصرا وقتها وذلك بمعاينة عدلي الإشهاد للحيازة وخلو المتصدق به من شواغل المتصدقة وبقي الحال كذلك إلى أن بلغ الطاعن سن الرشد وتسلم المتصدق به من الده وصار يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، والشق الثاني هو تعرض جزئي أيضا يكمن في المطالبة بما دخل يد المطلوب عن طريق البيع من أحد شركاء الطاعن، علما أن تملكه للواجب المشفوع به سابق في التاريخ على شراء المطلوب وهو الذي صدر بخصوصه القرار القاضي برفض طلب الطعن بالنقض، وأنه كان قد عاب على المحكمة الابتدائية كونها خرقت مقتضيات الفصل 45 من قانون التحفيظ العقاري كما عدل بالقانون 14.07 فكان ردها بكون هذا القانون لم يكن بعد قد دخل حيز التطبيق بتاريخ الوقوف على عين المكان، إلا أن الحكم الابتدائي لم يصدر إلا بعد ذلك وبتاريخ لاحق على تاريخ نشر القانون الجديد كما أن تشكيل هيئتها قد تغير ولم يصدر عنها أي إشعار للأطراف بتبنيها إجراءات الهيئة السابقة مما يجعل ردها غير مرتكز على أساس، وأن تأسيس الطاعن تعرضه على رسم صدقة يفيد كون المتصدقة كانت تملك الواجب المتصدق به إرثا من زوجها محمد بن محمد الكميحي، وقد أدلى بإراثة هذا الأخير وبما يفيد كونه خلف متروكا إذ كان يملك القطعة موضوع النزاع مناصفة مع أخيه علي بن محمد الكميحي حسب الشراء عدد 913 الذي أرفقه الطاعن بمذكرة بيان أوجه تعرضه وكل هذه الحجج لم تناقشها المحكمة ولا طبقتها على عين المكان، كما لاحظ الطاعن أن إدلاء المطلوب بعدة رسوم أشرية مبنية على ملكية البائعين له ومن كون المبيع حصة مفرزة ومحددة في غياب أي قسمة يفند ذلك رسم الشراء 913 المذكور الذي يفيد أن محمدا وعليا ابني الكميحي الغياتي المجاصي قد اشتريا من البائع لهما عامر بن لحسن الخطروني وإخوته جميع واجبهم على قدر فريضتهم، وبما أن البائعين هم ورثة هؤلاء فإن قيامهم بإنشاء رسوم ملكية جديدة مجهولة المصدر يجعل هذه الملكيات عديمة الأثر في الإثبات ورسوم الأشرية مجردة لا يقضى بها خاصة وأن موضوع النزاع لا زال مشاعا، وأن إدلاء المطلوب بكم هائل من رسوم الملكية والأشرية لا يفيده في إثبات استمرار الملك ولا كون المالكين يملكون حصصا مفرزة وفوق ذلك فهي لا تشير إلى أصل التملك عن طريق الإرث وأن مدد الحيازة بها مختلفة رغم كونها تشير أن القطعة الأرضية واحدة وبنفس الحدود، وأن المطلوب لا صفة له في الطعن في الصدقة لكونه لم يثبت أنه اشترى موضوع النزاع من ورثة محمد وعلي الكميحي بناء على استمرار الملك بل فضل البائعون له إنجاز ملكيات قصيرة في مدة الحيازة ولا رابط يربطها من كون المدعى فيه انجر لهم عن طريق الإرث، ورسوم الملكية المذكورة تثبت أن الأمر يتعلق بقطعة واحدة مختلفة المساحة من رسم لآخر وبحدود واحدة وبمدة حيازة مختلفة مما يجعلها ساقطة عن درجة الاعتبار لكون شهودها يجهلون أصل التملك ولأن الطاعن أدلى بإراثة مؤرخة في 15/02/1971 تثبت أن محمد الكميحي توفي قبل هذا التاريخ بنحو 20 سنة وأن المتصدقة هي أرملته، وان الصدقة تمت في وقت لم يكن سلف المطلوب يملكون شيئا وأن أحد الشهود وهو المسمى عبد القادر العاتي قد شهد في الملكيات الأربع وشهادته مختلفة في مدة الحوز كما أن الشاهد محمد بن قدور الشطبي شهد شهادة مختلفة بخصوص مدة الحوز في الملكيتين 56 و 61، ثم إن حيازة الطاعن للمدعى فيه كانت قبل تاريخ ثبوت التملك للمشتري وهو ما لم تتوصل إليه المحكمة في قرارها، وأن رسوم الأشرية لا ينتزع بها من يد الطاعن على اعتبار ان البائعين للمطلوب في النقض لم يثبتوا علاقتهم الإرثية بسلف الطاعن وأنهم بقولهم يملكون المدعى فيه بالحوز والتصرف وعدم المنازع قد هدموا ملكيتهم.

ويعيبه في الوسيلة الثانية بانعدام التعليل، ذلك أن المحكمة الابتدائية اعتبرت القرار الصادر عن المجلس الأعلى في الملف رقم 2336/1/4/2009 قد حسم النزاع فيما يخص رسم الصدقة، إلا أن محكمة الاستئناف لما اعتمدت قرارا سابقا من محكمة النقض للقول بعدم صحة تعرض الطاعن دون أن تناقش هذا الرسم ومقارنته بباقي الرسوم الموجودة، خاصة وأن قرار محكمة النقض بت في طلب نقض قرار قضى بعدم القبول وكان بمناسبة مناقشة قضية أخرى ليست ذات القضية وبالتالي لا يمكن اعتماده كسبق للبت في القيمة الإثباتية لرسم الصدقة الذي شهد فيه العدلان على أن الحيازة تمت بواسطة والد الطاعن الذي كان قاصرا، وأن المتصدقة أرملة محمد من محمد الكميحي وأدلى الطاعن بشراء مبني على ملكية البائع يفيد أن المتصدق به انجر للمتصدقة عن طريق الإرث وكل هذه الحجج لم تتم مناقشتها ولا تطبيقها على عين المكان.

لكن، ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما، فإنه طبقا للفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري فإن المحكمة تبت في الحق المدعى به من قبل المتعرض ومحتواه ومداه وهو ما يعني أن الطاعن بوصفه متعرضا يعتبر في مركز المدعي الذي يتعين عليه إثبات ما يدعيه من استحقاق للملك موضوع المطلب، ولا تناقش حجة طالب التحفيظ إلا بعد أن يدلي بما يثبت تعرضه بحجة معتبرة، وأن الحجة الوحيدة التي أدلى بها لإثبات التملك، وهي الصدقة، استبعدتها المحكمة عن صواب بعلة أنه تقرر بطلانها بمقتضى قرار سابق صدر بين الطرفين، إذ يتجلى من القرار عدد 69 المشار إليه أعلاه أن محكمة الاستئناف استبعدت الرسم المذكور المستدل به من الطاعن في دعوى استحقاق عقار النزاع شفعة تجاه المطلوب بعلة أن شهوده لم يشهدوا بمعاينة الحوز، كما ردت في نفس القرار طلب الطاعن الرامي إلى استحقاق العقار شفعة بعلة أنه قدم خارج الأجل، وأن القرار المذكور وإن أيد الحكم الابتدائي في قضائه بعدم قبول دعوى الشفعة فإنه بمناقشته لتلك الحجة على هذا الوجه يكون قد فصل في منازعة موضوعية اكتسب بها قوة الأمر المقضي به تجاه الطاعن بخصوص نفس المدعى فيه، لا سيما وأنه يتجلى من قرار المجلس الأعلى عدد 2084 الصادر في الملف رقم 2336/1/4/2009 أنه زكى ما عاينته محكمة الاستئناف مصدرة القرار المحتج به من كون رسم الصدقة خال من الإشهاد بمعاينة الحوز، وأنه وبصرف النظر عن كون الطاعن لم يسبق له التمسك بكون الهيئة في المرحلة الابتدائية قد تغيرت فإنه لا يوجد مقتضى قانوني في قانون المسطرة المدنية يوجب على هيئة الحكم الجديدة إشعار الأطراف صراحة بتبنيها الإجراءات التي قامت بها الهيئة السابقة، وأن مرافقة المحكمة لمهندس غير طبوغرافي لا تأثير له في النازلة ما دام الطرفان فيها لا يختلفان في انطباق حججيهما على المدعى فيه، ولذلك ولما للمحكمة من سلطة في تقييم الأدلة واستخلاص قضائها منها فإنها حين عللت قرارها بأن “الحكم المستأنف بني على علل سليمة، ذلك أن المتعرض أسس تعرضه على رسم الصدقة الذي يحتج به والذي قضي ببطلانه بمقتضى قرار بات ولم يعد منتجا في الدعوى الحالية”. فإنه نتيجة لكل ما ذكر يكون القرار مرتكزا على أساس قانوني ومعللا وما بالوسيلتين غير جدير بالاعتبار.

 

لهـذه الأسباب

قضت محكمة النقض برفض الطلب وبتحميل الطاعن المصاريف.

وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: جمال السنوسي  ـ مقررا. وأحمد دحمان، والمعطي الحجوجي، ومصطفى زروقي ـ أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد رشيد صدوق وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة كنزة البهجة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *