حجج – صور شمسية – دفع – سبب للنقض يختلط فيه الواقع بالقانون
القــرار عـدد: 173/8
الـمـؤرخ فـي: 22/04/2014
مـلـف مدني
عــدد : 2329/1/8/2013
القاعدة
عدم التمسك أمام محكمة الموضوع بكون الوثائق مجرد صور شمسية وأن ذلك يشكل خرقا لمقتضيات الفصل 440 من قانون الالتزامات والعقود، وإثارة ذلك ولأول مرة أمام محكمة النقض، يكون غير مقبول، لاختلاط الواقع فيه بالقانون.
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 28/12/2012 من الطالبة أعلاه بواسطة نائبها المذكور والرامي إلى نقض القرار عدد 4086 الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 17/09/2012 في الملف عدد 2833/1/2010؛
وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها من المطلوبة في النقض بواسطة نائبها المذكور والرامية إلى رفض الطلب؛
وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف؛
وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 17/03/2014 وتبليغه؛
و بناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 22/4/2014؛
و بناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم؛
و بعد تلاوة المستشار المقرر السيد محمد أمولود لتقريره والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد رشيد صدوق؛
وبعد المداولة طبقا للقانون .
حيث يستفاد من مستندات الملف أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية بالدار البيضاء سيدي عثمان بتاريخ 3/3/2006 تحت عدد 43399/12 طلبت عائشة مديان بنت بوعزة (بن المحفوظ)، تحفيظ الملك المسمى ”ارض السانية” الواقع بإقليم مديونة، دائرة طيط مليل، جماعة المجاطية أولاد الطالب، المحددة مساحته في هكتار واحد و10 آرات و67 سنتيارا، بصفتها مالكة له حسب الشهادة الإدارية بالملك المسلمة لها من قيادة مديونة، وعقد القسمة العرفي المصحح التوقيع بتاريخ 29/8/2000، واراثة والدها عدد 153 ص 248 المؤرخة في 18/7/1940.
وبتاريخ 19/2/2007 قيد المحافظ بالكناش 56 تحت عدد32 التعرض الصادر من محلاق مليكة بنت محمد (بن بوعزة)، مطالبة بحقوق مشاعة لها في الملك آلت إليها بالإرث حسب اراثة جدتها للأب فاطنة بنت احميدة عدد 504 وتاريخ 14/9/2005، وعقدي المخارجة عدد 492 ص 288 المؤرخ في فبراير 1958 و عدد 496 ص 290 المؤرخ في 14/5/1958، ونسخة لموجب إحصاء مخلف أمها عدد 48 صحيفة 54 سنة 1998 وبتقرير خبرة.
وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، وإجرائها بحثا، أصدرت حكمها عدد39 بتاريخ 25/10/2010 في الملف رقم 36/26/09 بصحة التعرض المذكور في حدود ما ناب المتعرضة في ميراث جدتها فاطنة بنت حميدة، فاستأنفته طالبة التحفيظ وألغته محكمة الاستئناف المذكورة وقضت بعدم صحة التعرض، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنف عليها في الوسيلة الفريدة بفساد التعليل وعدم الارتكاز على أساس، ذلك أنه علل قضاءه ”بأن الثابت من عقد الاتفاق والتراضي على إجراء القسمة والمخارجة المدرج بالملف أن ورثة سهيل فاطنة ومن بينهم المستأنفة التزموا بتمكين ورثة محلاق محمد ومن بينهم المستأنف عليها من واجبهم في ارض المطلب ”أرض السانية” المنجر إليهم إرثا من جدتهم فاطنة بنت حميدة، شريطة أدائهم دينا في ذمتهم قدره أربعون ألف درهم ، وذلك داخل اجل 15/7/1998، واشترط أنه في حالة عدم أداء هذا الدين يسقط حقهم أي حق الورثة محلاق محمد الذين من بينهم المستأنف عليها في ارض المطلب، وأن الثابت من هذا الاتفاق انه تم تصحيح توقيع المستأنف عليها محلاق مليكة عليه”، إلا انه من جهة، فان الوثيقة التي استند عليها القرار هي مجرد صورة للاتفاق على إجراء القسمة المحرر في 1/4/1997 وهي لا حجية لها تجاه الطاعنة التي نازعت فيها لمخالفتها للفصل 440 من قانون الالتزامات والعقود لأنها مجرد صورة، ولان الطاعنة لا تعتبر طرفا فيها، وكان على المحكمة أن تلزم الطرف المدلي بها بان يدلي بأصلها أو بنسخة منها، إلا أنها لم تفعل ولم تقم بأي بحث أو تحقيق في النازلة، فلم تبن بذلك قرارها على اليقين. ومن جهة أخرى فان الاتفاق الوحيد الذي كانت الطاعنة طرفا فيه ووقعت عليه هو المصحح التوقيع بتاريخ 14/9/2004 المبرم بينها ومن معها من ورثة محمد محلاق وبين المطلوبة في النقض والمتفق فيه على إجراء القسمة والمخارجة بمهندس لتحديد نصيب كل واحد منهم في أرض السانية محل النزاع الحالي .
لكن ردا على الوسيلة، فانه طبقا لمقتضيات الفصل 424 من قانون الالتزامات والعقود فان الورقة العرفية المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها وذلك في الحدود المقررة في الفصلين 419و 420 عدا ما يتعلق بالتاريخ ..”. وأنه يتجلى من وثائق الملف أن العقد العرفي الذي اعتمده القرار المطعون فيه مصحح التوقيع من طرف الطاعنة ، ولا يستفاد من هذه الوثائق أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بخرق مقتضيات الفصل 440 من قانون الالتزامات والعقود، وإنما أثارت ذلك ولأول مرة أمام محكمة النقض، وهو أمر غير مقبول، لاختلاط الواقع فيه بالقانون، ولذلك ولما للمحكمة من سلطة في تقدير الأدلة واستخلاص قضائها منها فانه حين علل بالتعليل المنتقد أعلاه وكذلك بأن ”الاتفاق المذكور تم تصحيح التوقيع عليه، وذلك خلافا لما تمسكت به المستأنف عليها، وأن عدم أدائها لما بذمتها داخل الأجل المحدد له يسقط حقها في نصيبها من الإرث من جدتها والمحدد في السدس عملا بمقتضيات الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على ”أن الالتزامات التعاقدية المنشاة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون”، وهو القانون الواجب التطبيق في النازلة لان النزاع يتمحور حول عقد اتفاق عرفي، ولذلك فان التعرض يكون غير صحيح، مما يقتضي إلغاء الحكم المستأنف ، والحكم من جديد بعدم صحة التعرض ”يجب على من لا يريد الاعتراف بالورقة العرفية التي يحتج بها عليه أن ينكر صراحة خطه او توقيعه، ” فانه نتيجة لذلك يكون القرار معللا بما فيه الكفاية، وما بالوسيلة بالتالي غير جدير بالاعتبار .
لهذه الأسباب؛
قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطاعنة المصاريف.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: محمد أمولود ـ مقررا. ومحمد دغبر وأحمد دحمان وجمال السنوسي أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد رشيد صدوق وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة كنزة البهجة.
One Reply to “حجج – صور شمسية – دفع – سبب للنقض يختلط فيه الواقع بالقانون”
يثير موضوع الصور الشمسية المدلى بها من أطراف الخصومة إشكالات في التطبيق لدى محاكم الموضوع، وأهمها مدى إمكانية إثارة المحكمة تلقائيا لموضوع الوثيقة المخالفة لمقتضيات الفصل 440 من قانون الالتزامات والعقود أم يجب على من يهمه الأمر أن يتمسك بذلك، وهذه النقطة بالذات هي التي دفعتني إلى التعليق على القرار من زاوية أن محكمة النقض اعتبرت إثارة المتمسك ضده بالصورة الشمسية هذه المخالفة لأول مرة أمامها دفعا يختلط فيه الواقعوبالقانون واعتبرت هكذا دفع غير مقبول أمامها.
من المعلوم أن الأسباب المعتمدة للطعن في قرارات محكمة الموضوع يجب أن تنصب على مخالفة هذه المحاكم للقانون وألا تعتبر من صميم الواقع الذي تستقل بتقديره هذه المحاكم، وإن كان لدينا ملاحظات حول هذه القاعدة إذ نجد في كيثر من الأحيان أن محكمة النقض تدخل مع محكمة الموضوع حتى في سلطتها التقديرية للحجج والوقائع المعروضة عليها ، وهذا المنفذ تجده في سبب النقض المنصوص عليه في الفصل 359 من قانون المسطرة المدنية والمتعلق بانعدام التعليل الذي أصبح متفرعا حسب الاجتهاد القضائي لهذه المحكمة إلى نقصان التعليل أو فساد التعليل.
وعودة إلى النقطة المتعلقة بالتعليق وهي، هل التمسك بكون المحكمة اعتمدت في حكمها صورا شمسية غير مشهود بمطابقتها للأصل يعتبر دفعا قانونيا محضا أم فيه جانب واقعي.
ظاهر الأمر أن الدفع هو قانوني صرف لأنه يشكل مخالفة لمقتضى قانوني صريح هو الفصل 440 المذكور، إذن أين هو الواقع في كل ذلك.
هنا مربط الفرس، إذ يستشف من تعليل القرار أعلاه أن سكوت المدعى عليه المحتج عليه بالصورة الشمسية وعدم إثار ذلك أمام المحكمة المدلى لها بالوثيقة المذكورة لربما يعتبر تسليما أو إقرارا بمضمون الورقة، وهو ما ادى بالمحكمة إلى اعتمادها ولو لم تعلل موقفها ذاك صراحة. وإثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض يدخل فيه هذا الاعتبار.
ومن هذا المنطلق يمكن أن نخلص إلى نتيجة أن مخالفة الوثيقة للفصل 440 من ق ل ع يعتبر خرقا قانونيا إلا أن عدم التمسك يعتبر إقرارا بمضمونها وبالتالي فإن التقدير الواقعي للمحكمة لهذا الإقرار هو الذي يمنع من بسط محكمة النقض لرقابتها على هذا التقدير في غياب الإثارة الصريحة للفصل 440 وبالتالي نخرج بقاعدة مفادها أن الصور الشمسية للوثائق لها حجيتها في الإثبات في غياب المجادلة فيها أو إثارة خرقها للمقتضى القانوني الذي ينظم حجيتها