التوليج – المحاباة – الأتمية – الإثبات
القرار رقم 2567
الصادر بتاريخ 20 يوليوز 1994
ملف مدني رقم 987 88
القاعدة
– التنصيص في العقد على أتمية المريض البائع، يجعل البيع منعقدا.
– الأصل في العقود الصحـة، وعدم إثبـات التوليـج المدعـى بـه، يبقى العقد بيعا؛
إمكانية التمسك بالمحاباة إنما تكون في حالة عدم حيازة المشتري للمبيع المدعي وقوع المحاباة في بيعه كما هومنصوص عليه في الفقه المالكي
باسم جلالة الملك
إن المجلس الأعلى…
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يتبين من محتويات الملف ويؤخذ من القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بتازة في تاريخ 19/8/1987 تحت عدد 587 ملف 19 – 87 أنه:
بتاريخ 16/3/1986 سجل الطاعنون (ورثة الركيك إدريس بن سعيد الذي هوزوجته حداش عائشة بنت عقة أصالة عن نفسها ونيابة عن أبنائها منه القاصرين محمد والحسن وزهرة وسعيدة وإسماعيل وأبناؤه الرشداء فاطمة وحمووخديجة مقالا التمسوا فيه إبطال البيع الذي صدر عن موروثهم المذكور بموجب الرسم العدلي عدد 317 وتاريخ 22/11/1985 لفائدة المطعون ضدها (زوجته حليمة بنت محمد) والذي يتعلق بقطعة أرض معدة للبناء مساحتها 60 مترا مربعا بداخلها بيتان غير تامي البناء بثمن 500 درهم ذاكرين أن ذلك وقع أثناء مرضه المزمن الذي توفي منه في تاريخ 22/12/1985 وفي وقت كانت فيه وضعيته الصحية غير ملائمة وإرادته معيبة بضعف الإدراك والتمييز مما جعله يخضع لإرادة زوجته التي أمضى لها عقد البيع لها عن باقي الورثة وأدلى المدعون بنسخة من رسم البيع المطلوب إبطاله وبإراثة الهالك وبرسم تقديم المدعية حداش عائشة عن أبنائها القاصرين وبشهادة طبية مؤرخة ب 9/1/1986 في حين أن المدعى عليها لم تحضر ولم تجب عن المقال الافتتاحي رغم توصلها بالاستدعاء الشيء الذي جعل محكمة مركز تاهلة تصدر في تاريخ 11/11/1986 حكما وفق الطلب. بعلة أنه تبين من الشهادة الطبية المشار إليها أن الهالك أحيل بتاريخ 25/11/1985 على مستشفى ابن رشد بتازة بسبب نزيف دموي وبذلك يكون وقت إبرامه البيع في حالة مرض الموت المؤثر في سلامة الإرادة والإدراك وأنه يتضح من خلال الإطلاع على العقد أن عملية البيع يطبعها طابع المحاباة بالنظر إلى قيمة البيع والثمن لا يساوي في الحقيقة سوى العشر وأن محاباة الوارث يترتب عنه على إجازة الورثة، وبعد استئنافه من طرف المدعي عليها صدر القرار المطلوب نقضه القاضي بإلغاء الحكم المستأنف والحكم تصديا برفض الطلب بعلة أنه مادام عقد البيع يتضمن شهادة عدلية على البائع بالاتمية فإن واقعة مرض الموت تبقى منتفية.
فيما يخص الوسيلة الأولى:
حيث يلاحظ الطاعنون كون القرار المطعون فيه لا يتضمن الإشارة إلى تلاوة تقرير المقرر وإن نص على أنه صدر بناء عليه ويعتبرون لذلك أنه صدر خرقا للفصل 345 من قانون المسطرة المدنية.
لكن فمن جهة أن الفصل المدعي خرقه ينص على أن الإشارة إلى تلاوة التقرير أوعدم تلاوته بإعفاء من الرئيس وعدم معارضة الطرفين إنما تكون عند الاقتضاء ومن جهة أخرى فإن أمر إعداد التقرير من الأساس يعتبر من الإجراءات المسطرية التي لا يشكل الإخلال بها سببا للنقض إلا إذا أضر بالأطراف أومس بحقوقهم وهوما لا يدعيه الطاعنون ومن جهة ثالثة فإن القانون لم يرتب أي جزاء على عدم الإشارة إلى تلاوة التقرير الشيء الذي تعتبر معه الوسيلة غير مجدية.
وفيما يخص الوسيلة الثانية:
حيث يعيب الطاعنون على المحكمة العلة التي قالت فيها: أنه مادام عقد البيع يتضمن شهادة عدلية بأتمية البائع فإن واقعة مرض الموت تبقى منتفية وأن ما أدلوا به تفنده تلك الشهادة، حجج المستأنف الأخرى “ذاكرين أن عنصر الاتمية الواردة بعقد البيع لا يمكن أخذها على إطلاقها إذ أن عدم إمكانية الطعن فيما يوثقه العدلان إنما يكون فيما يرجع لإمكانيتهما المعرفية أما الوقائع التي يتطلب إثباتها شهادة أهل الخبرة فإن الاستناد إلى شهادة غيرهم في إثباته أوعدم إثباته أوعدمه لا يرتكز على أساس. وأن المرض الذي كان يعاني منه موروثهم وهومرض الرئتين ليس من الأمراض التي يمكن للشخص العادي أن يلاحظها وأن الشهادة الطبية التي أدلوا بها والمؤرخة ب 25/11/1985 وبعد تاريخ البيع بثلاثة أيام فقط تثبت واقعة المرض كما أن اللفيف الذي أدلوا به تحت عدد 721 يشهد شهوده بأنه توفي أثناء مرضه الذي ألزمه الفراش وأنه مادام أن المريض مرض الموت تكون إرادته معيبة فتنطبق عليه مقتضيات الفصل 419 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أنه في حالة الطعن في الورقة الرسمية بسبب إكراه أواحتيال أوتدليس فإنه يمكن إثبات ذلك بواسطة الشهود والقرائن القوية مما يعتبر معه اللفيف حجة على حصول البيع أثناء مرض الموت وأن هزالة الثمن تثبت المحاباة لفائدة المشترية التي هي زوجة للبائع.
لكن فمن جهة أن الأتمة تعني – فقها – الطوع والرشد وصحة العقل والبدن، ومن جهةأخرى فإن الشهادة الطبية التي لوحظ فيها لأول مرة مرض البائع أنها حررت بعد تاريخ البيع بثلاثة أيام وهوما جعل المحكمة تصرح بعدم ثبوت أنه كان مريضا وقت إبرامه للبيع ومن جهة ثالثة فإن الأمر يتعلق بالواقع الذي اعتمدت المحكمة بشأنه ما يثبت لديها من خلال ما نص عليه العدلان في رسم البيع من أنه كان بأتمه، أما التمسك بالفصل 419 من قانون العقود والالتزامات فإن ما ورد في العريضة من عناصر الإكراه والاحتيال والتدليس فلم تسبق إثارته أثناء الإجراءات المسطرية التي بنيت فيها الدعوى على مجرد الادعاء بوقوع البيع أثناء مرض البائع مرض موته مما لا محل معه للالتفات إليه.
وفيما يخص الوسيلة الثانية:
حيث ورد فيها أن التعليل الذي أتت به المحكمة لنفي واقعة المرض غير كاف لوجود شهادة طبية تثبته ولكونه لم يتعرض للجواب عما أثاروه من وجود محاباة نظرا للثمن الهزيل.
لكن فإن إمكانية التمسك بالمحاباة إنما تكون في حالة عدم حيازة المشتري للمبيع المدعي وقوع المحاباة في بيعه كما هومنصوص عليه في الفقه المالكي الواجب التطبيق على النزاع المعروض المتعلق بعقار غير محفظ وبالخصوص عند الشيخ التسولي في شرحه لقول ابن عاصم في باب مسائل من أحكام البيع:
“وما اشترى المريض أوما باعا إن هو مات يأبى الامتناعا”
” فإن يكن حابى … إلخ
وفي قوله في باب الإقرار؛ “وبيع من حابى من المردود”
ولذلك فمادام أن الطاعنين لا ينازعون ولا يدعون بعدم حيازة المطعون ضدها لمشتراها من موروثهم فلا فائدة في مناقشة ثبوت المحاباة أوعدم ثبوتها لأن ذلك غير منتج، الشيء الذي تصبح معه الوسائل المثارة جميعها عديمة الأساس.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وبتحميل الطالبين الصائر.
وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة تتركب من السادة:
* رئيس الغرفة: – محمد عمور رئيسا
* والمستشارين: – محمد بوهراس مقررا
– مولاي جعفر سليطن عضوا
– أحمد بنكيران “
– توفيق عبدالعزيز “
* وبمحضر المحامي العام محمد سهيل ممثل النيابة العامة.
* وبمساعدة كاتبة الضبط مليكة بنشقرون.