جماعة حضرية – تفويض تنظيم حق الوقوف للسيارات – لا – إجبار السائق على أداء الغرامة يشكل ضررا موجبا للتعويض – نعم

جماعة حضرية – تفويض تنظيم حق الوقوف للسيارات – لا – إجبار السائق على أداء الغرامة يشكل ضررا موجبا للتعويض – نعم

المحكمة الإدارية بالدارالبيضاء

ملف عدد : 128/11/6
حكم       : 2063
بتاريــخ : 03/11/2011         

القاعدة

قيام الجماعة الحضرية بالدار البيضاء بتفويض صلاحيات شرطة تنظيم الوقوف على الطريق العام لفائدة شخص من أشخاص القانون الخاص والتي هي بطبيعتها صلاحيات لا يمكن أن تكون محل تفويض هو عمل غير مستند على أساس قانوني سليم وبالتالي تكون الأعمال التي قامت بها الشركة المدعى عليها في هذا الإطار والمتعلقة بضبط المخالفات وتحرير المحاضر وما شابهها وعقل السيارات بكماشات (les sabots) غير مشروعة لعدم إمكانية تفويضها أصلا

  يشكل ضررا موجبا للتعويض  إجبار السائق على اداء مبالغ مالية غير مستحقة الأداء لفرضه استنادا إلى مساطر وممارسات تبث عدم شرعيتها. 

 

بناء على المقال المسجل والمؤدى عنه الرسوم القضائية بصندوق هذه المحكمة بتاريخ 22/03/2011 عرض فيه المدعي بواسطة نائبه أن أعوان الشركة المدعى عليها قاموا بتاريخ 23/02/2011 بعقل سيارته من نوع رونو 19 مسجلة تحت عدد 39-A-1 بواسطة الفخ وتركوا على واجهتها الزجاجية تنبيها تحت عدد 162246 ولم يتم سحب الفخ المذكور إلا بعد أن أدى مبلغ 30,00 درهما كغرامة ، وبما أن استعمال الفخ من قبل الشركة المدعى عليها واستخلاصها لمبلغ الغرامة ليس له ما يبرره قانونا بالإضافة إلى عدم وجود أي نص قانوني يفوض لها القيام بمهام الشرطة الإدارية في إثبات المخالفات المتعلقة بوقوف السيارات ووضع الفخ واستخلاص الجزاءات المالية مما يجعل كل التصرفات التي أقدمت عليها الشركة المذكورة غير مشروعة تخول له التعويض عن الأضرار اللاحقة به من جراء تعطيل عمله كمحام بسبب عدم استعمال السيارة بالإضافة إلى الإهانة التي تعرض لها. ولأجل ذلك التمس الحكم لفائدته بمبلغ 10.030,00 درهم شاملة للتعويض والرد مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وغرامة تهديدية قدرها 500,00 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ وتحميل المدعى عليها الصائر.
وبناء على المذكرة الجوابية التي تقدمت بها الشركة المدعى عليها بواسطة نائبها بتاريخ 02/08/2011 والرامية إلى التصريح بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة الإدارية للبت في الطلب ، مع حفظ الحق في تقديم المستنتجات النهائية بعد البت في الدفع المذكور.
وبناء على مذكرة تعقيب المدعي المقدمة بواسطة نائبه بتاريخ 08/08/2011 ، أكد فيها أن الدفع المثار غير ذي أساس وينبغي رده والحكم له وفق ما ورد في مقال دعواه.
وبناء على مقتضيات الحكم المستقل المتعلق بالاختصاص النوعي الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ 25/08/2011 تحت عدد 1642 القاضي بانعقاد اختصاصها النوعي للبت في الطلب مع إحالة الملف على مكتب القاضي المقرر لمواصلة باقي الإجراءات.
وبناء على إدراج القضية وإعلام الأطراف للإدلاء بما بقي لديهم من ردود في ضوء صدور الحكم البات في الاختصاص أعلاه.
وبناء على المستنتجات النهائية المدلى بها من الطرفين.
وبناء على الأوراق الأخرى المدرجة بالملف.
وبناء على مقتضيات القانون رقم 41.90 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية.
وبناء على قانون المسطرة المدنية.
وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ للأطراف الصادر بتاريخ 14/10/2011.
وبناء على الإعلام بإدراج القضية بالجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 27/10/2011.
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وحضور نائب المدعي ، قررت المحكمة اعتبار القضية جاهزة ، وبعد تلاوة المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق لتقريره الكتابي الرامي إلى الاستجابة إلى الطلب والحكم لفائدة المدعي بتعويض عن الضرر اللاحق به جراء عقل سيارته وذلك في إطار السلطة التقديرية للمحكمة ، تم حجز القضية للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة 03/11/2011.
وبعد المداولة طبقا للقانون :
في الشكل :
حيث قدم الطلب من ذي صفة ومصلحة للتقاضي ومستجمعا لكافة شروطه المتطلبة ، فهو بذلك مقبول شكلا.
في الموضوع :
حيث إن الطلب يروم الحكم على الشركة المدعى عليها في شخص ممثلها القانوني بأدائها لفائدة المدعي تعويضا إجماليا عن الضرر اللاحق به جراء عقل سيارته وتعطيل نشاطه قدره 10.030,00 درهم تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميلها الصائر.
حيث إن مناط النزاع ليس فقط أحقية الشركة المدعى عليها في استخلاص مبلغ الغرامة المفروضة على المدعي مقابل فك العقل عن سيارته ، وإنما أيضا مناقشة مدى مشروعية ما تقوم به الشركة المذكورة من تثبيت السيارة بفخ وعدم فك عقلها إلا بعد أداء هذه الغرامة ، وهو الأمر الذي لا يمكن تناوله دون تحليل مفهوم عقد الامتياز الذي تستمد منه المدعى عليها صلاحياتها وتحديد طبيعته القانونية وأثاره بالنسبة للإدارة مانحة الامتياز وبالنسبة للملتزم ومدى إمكانية طعن هذا الأخير في عقد الامتياز.
وحيث إن عقد الامتياز أو الإلتزام هو اتفاق بمقتضاه تعهد الدولة أو الجماعات المحلية إلى أحد الأفراد أو الشركات باستغلال مرفق عام لمدة محدودة ، وحسب شروط يحددها دفتر التحملات ، وذلك عن طريق عمال وأعوان يقدمهم الملتزم وتحت مسؤوليته ، ويتقاضى مقابل ذلك رسوما من المنتفعين بهذا المرفق.
وحيث إنه بالرجوع إلى وثائق الملف ومستنداته ، تبين أن عقد الامتياز موضوع النزاع يتعلق بمنح امتياز استغلال الملك العمومي إلى الشركة المدعى عليها قصد إقامة عدادات لوقوف السيارات ببعض المقاطعات التابعة للجماعة الحضرية للدار البيضاء وفرض رسوم على العموم مقابل وقوف سياراتهم وغرامات مالية على كل شخص تخلف عن الأداء أو تجاوز المدة المؤدى عنها تحدد في مبلغ ثلاثون درهما عن كل فترة وقوف أو جزء منها.
وحيث إن الفصل الرابع عشر من العقد المذكور يرخص للشركة المدعى عليها في استعمال الكماشات لكل سيارة مخالفة للمقتضيات المذكورة.
وحيث وإن كانت صلاحية استعمال الكماشات (les sabots) غير مدرجة في الفصل المتعلق بالرسوم المفروضة مقابل وقوف السيارات ولا في الفصل المتعلق بالغرامات والعقوبات ، فإن الثابت أن إدراج هذه الصلاحية تمس بحق دستوري مقدس وأصيل هو حق التنقل ، في الباب الثاني المتعلق بالمقتضيات التقنية والبشرية هو تفويت ومنح صريح لآلية من آليات الشرطة الإدارية التي لا يمكن منحها لشخص من أشخاص القانون الخاص طالما أن عمال الشركة المدعى عليها يستعملون الكماشات (les sabots) ويحررون محاضر المخالفات في ظل غياب الصفة الضبطية عنهم وبدون اللجوء إلى السلطة المحلية.
وحيث إن الشرطة الإدارية هي مجموع التدخلات الإدارية الرامية إلى وضع حدود لحرية نشاط الأفراد وفرض النظام الذي تتطلبه الحياة الاجتماعية، وهي تمارس من طرف السلطات الإدارية تجاه كل نشاط للأفراد كيفما كان نوعه وذلك لضمان الأمن العام والهدوء العام والصحة العامة، وذلك من خلال تدابير تتخذ إما عن طريق القرارات التنظيمية أي إصدار قواعد عامة لحماية النظام العام أو عن طريق القرارات الفردية أي إصدار تدبير بالترخيص أو المنع، أو كذلك عن طريق اللجوء إلى الإكراه باستعمال القوة المادية لتفادي أو لإيقاف الإخلال بالنظام العام، الشيء الذي نخلص معه إلى أن صلاحيات الشرطة الإدارية هي سلط مخولة للمرفق العام وهي غير قابلة لا للتفويت ولا للمنح لأشخاص القانون الخاص.
وحيث إن كان المشرع قد أسند اختصاص الشرطة الإدارية المحلية بما في ذلك تنظيم ومراقبة جميع محطات وقوف العربات لرئيس المجلس الجماعي الذي يمارس اختصاصات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور وذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية وبواسطة تدابير شرطة فيدية هي الإذن أو الأمر أو المنع ( المادة 50 من القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي ) ، فإنه لم ينظم أحكام تفويض هذه المهمة إلى نوابه أو للموظفين الجماعيين أو لغيرهم كما هو الشأن بالنسبة لباقي الاختصاصات ، فتكون النتيجة المنطقية لهذا البناء التشريعي هو عدم الجواز وبالتالـي فإنه لا يمكن تفويض أو منح امتياز ممارسة هذه الصلاحية من طرف أشخاص القانون الخاص.
وحيث إن عقـل السيـارات المملوكة للمنتفعيــن من المرفـق باستعمال الكماشــــات (les sabots) وفرض مبلغ مالي على أصحابها مقابل فك هذا العقل ، هو عمل يدخل في سيـاق ضبط الأمن العــــام ، وهو اختصاص أصيل موكول إلى أشخاص القانون العام التي لا يجوز تفويضها أو الاتفاق على تدبير شؤونها مع أشخاص القانون الخاص لما لها من اتصال بحقوق وحريات الأشخاص.
وحيث إن ما ورد في عقد الامتياز الذي تستفيد منه الشركة المدعى عليها من السماح لها باستعمال الكماشات (les sabots) لضبط وتوقيف السيارات كجزاء وعقوبة على كل شخص تخلف عن الأداء أو تجاوز المدة المؤدى عنها ، والسماح لها باستخلاص مبلغ مالي لفك هذا العقل ، يعتبر مقتضى مخالفا للضوابط والقوانين وللنظام العام لأنه تفويض لفائدة شخص من أشخاص القانون الخاص للقيام بمهام الشرطة الإدارية التي لا يجوز تقويضها أو التنازل عنها للغير.

وحيث إن قيام الشركة المدعى عليها باستعمال الكماشة (sabot) على عجلة سيارة المدعي وعدم فك عقلها إلا بعد أداء مبلغ 30 درهما يعتبر عملا غير مشروع ولو استندت في ذلك إلى عقد الامتياز الذي يسمح لها بذلك ، مادام هذا المقتضى مخالفا للقواعد القانونية وللنظام العام ، وبالتالي فإنها تتحمل بصفتها شخصا خاصا عهد إليه بتسيير مرفق عام مسؤولية الضرر اللاحق بالمدعي جراء عقل سيارته وشل نشاطه لمدة معينة واستخلاص مبلغ غرامة مالية منه مقابل إزالة الكماشة (sabot) عن عجلة سيارته.
وحيث إن التعويض هو الوسيلة القانونية لجبر الضرر الحاصل للمدعي جراء قيام الشركة المدعى عليها بممارسة صلاحيات الشرطة الإدارية الغير قابلة للتفويض بطبيعتها ، وهي ممارسة غير مستندة على أساس قانوني سليم ويتعين بالتالي تحميلها المسؤولية عن الأضرار اللاحقة بالمدعي.
وحيث إن المحكمة ، واعتبارا لثبوت الضرر المعنوي والمادي للمدعي وتعطيل نشاطه لمدة معينة ،  ترى تحديد التعويض المناسب لجبر الضرر في مبلغ 3.000,00 درهما شاملة لمبلغ الذعيرة المؤداة من طرف المدعي.
وحيث إن طلب النفاذ المعجل ليس بوثائق الملف ما يبرره مما يناسب عدم الاستجابة له.
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل صائرها.

المـنـطوق

وتطبيقا لمقتضيات الفصول 1-3-4-5-7 و8 من القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية.

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء علنيا ابتدائيا وحضوريا:

في الشكل : بقبول الطلب.
في الموضوع : الحكم على الشركة المدعى عليها بأدائها لفائدة المدعي تعويضا عن الضرر اللاحق به جراء عقل سيارته قدره (3.000,00) ثلاثة آلاف درهم مع تحميلها الصائر وبرفض طلب النفاذ المعجل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *