الإثبات في العقار غير المحفظ
الإثبات في العقار غير المحفظ
المقدمة:
يغطي العقار غير المحفظ نسبة كبيرة من الأراضي الخاضعة لنظام الملكية الخاصة بالبلاد وهو يخضع على خلاف العقار المحفظ لنظام الشهر الشخصي الذي يقوم على أساس شخص مالك العقار أو أشخاص الحقوق العينية عليه، حيث لا بد لذي المصلحة لكي يحيط بالوضع المادي والحقوقي لعقار ما، ويطمئن لسلامة التصرف المزمع إبرامه عليه من الرجوع إلى سائر السندات التي نظمت باسم المالكين أو أصحاب الحقوق العينية المتعاقبة، والتأكد من أن المتصرف قد قام هو نفسه أو بواسطة سلفه بحيازة العقار طيلة مدة التقادم المكسب[1].
ويطلق على العقار غير المحفظ تسميات مختلفة منها العقار العادي والعقار الأصيل، وتسمية العقار الملك وهي اصطلاحات وإن كانت مختلفة من حيث المبنى إلا أنها متحدة من حيث المعنى، ويراد بها أساسا ذلك العقار الذي لم يسبق أن خضع لنظام التحفيظ العقاري المنظم بظهير12غشت1913 والذي عدل وتمم بقانون رقم14.07، وإنما هذا العقار- العقار غير المحفظ- بقي كما هو منذ فجر التاريخ يخضع قبل الإسلام للأعراف المحلية وبعد الفتح الإسلامي للفقه المالكي وأحيانا لبعض الأعراف كما أن بعض الفقه كان لا يرى مانعا من إخضاع العقار غير المحفظ لأحكام قانون الالتزامات والعقود، هذا وقد نص القانون رقم39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية على إزالة الاختلاف الذي كان بين الفقه والقضاء حول الأسبقية في التطبيق بين أحكام الفقه الإسلامي ونصوص الالتزامات والعقود بالنسبة للعقارات غير المحفظة وهكذا نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم39.08 على ما يلي: (تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في9 رمضان1331(12غشت1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود في ما لم يرد به نص في هذا القانون، فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي).
فقبل فترة الحماية وقبل إقرار نظام التحفيظ العقاري في 12 غشت1913 كان المغرب لا يعرف إلا تنظيما واحدا وهو العقار المدني بأشكاله التقليدية ولم يكن تعبير عقار غير محفظ متداولا ولا معروفا، ومع إقرار نظام التحفيظ العقاري بمقتضى ظهير9 رمضان1331(12 غشت1913) وظهير 19 رجب1333(2يونيو1915 الملغى) المتضمن للقواعد التي تطبق على العقارات المحفظة أصبح المغرب يتوفر على ازدواجية لنظامه العقاري، عقارات محفظة وأخرى غير محفظة، ويعتبر العقار غير المحفظ هو الأساس لأن العقار المحفظ كان أصلا عقارا غير محفظ فتحول وضعه القانوني والمادي بعد اتباع مسطرة التحفيظ التي هي مجموعة من الإجراءات الرامية إلى إخضاع العقار غير المحفظ للنظام المحدث بمقتضى ظهير12 غشت1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتتميمه[2].
وتجدر الإشارة إلى أن انتقال الملكية في العقار غير المحفظ يتم بالتصرفات القانونية كالبيع والهبة والصدقة والإرث والوصية وغيرها…، وأما الأساس القانوني الذي يقوم عليه نظام العقار غير المحفظ فهو الحيازة وبتعبير مغاير نقول بأن ملكية العقارات غير المحفظة تبدأ أساسها القانوني في واقعة الحيازة الفعلية بوضع اليد والتصرف فيها ولا يتحقق الاستحقاق إلا إذا كانت الحيازة للعقار حيازة قانونية مستجمعة لكافة شروطها في وضع اليد على العقار والتصرف فيه بشكل عادي وعلني مع استمرار الحيازة والخلو من الالتباس.
هذا وترتبط بنظام العقارات غير المحفظة إشكالية أساسية وجوهرية تتعلق بالإثبات. فمسألة الإثبات قد تطرح أثناء قيام نزاع معين بين طرفي أحدهما يدعي ملكية العقار أو أحد الحقوق العينية الواردة عليه وآخر يدعي خلاف ذلك ومنكر لما يدعيه خصمه، كما قد تطرح أيضا- يعني إشكالية الإثبات- حتى ولو لم يكن هناك نزاع، بمعنى آخر أن إشكالية الإثبات في العقار غير المحفظ لا ترتبط بالضرورة بفكرة النزاع وإنما هناك حالات لا يكون فيها النزاع قائما لكنها تستوجب الإثبات، مثالها اللامع يمكن أساسا في إشكالية إثبات واقعة الحيازة أثناء مبادرة الحائز بتقديم مطلب لتحفيظ العقار المحوز حيازة قانونية استنادا إلى هذه الأخيرة، ففي هذه الحالة مثلا نجد أن الحائز يحوز عقاره حيازة قانونية تتوفر فيها كافة الشروط المقررة فقها وقانونا لكن يعوزه الدليل ويفتقر إلى الوثيقة المثبتة لحيازته، الشيء الذي تتضح معه بجلاء أهمية الحجة أو الدليل الذي يستند عليه الحائز لدعم حيازته وإثباتها بشروطها كاملة غير منقوصة.
ولعل أهم ما يطبع النزاعات المثارة حول العقارات المحفظة ارتباطها بدعويين هما دعوى الاستحقاق التي تهدف إلى حماية أصل حق الملكية وبشكل أعم أصل الحق العقاري ودعوى الحيازة هدفها الأساسي هو حماية حيازة الحق العقاري من خلال إقامة دعوى الحيازة في حالة توافر شروطها القانونية الشكلية والموضوعية.
فالنسبة لدعوى الاستحقاق لعقار غير محفظ يقول الستاذ سعيد كوكبي أنه لا سبيل للمدعي لإثبات واقعة الترامي، والاستحواذ على العقار الذي يملكه إلا بالاعتماد على ملكية مستوفية لشروط الملك الخمسة المعمول يها فقها، وتكون هذه الملكية عبارة عن لفيف عدلي[3].
ورسم الملكية، وال يسمى أيضا »الاستمرار « الذي يثبت به ملكية العقار غير المحفظ هو عبارة عن شهادة اثني عشر شاهدا شهدوا أمام عدلين منتصبين للشهادة بأن هذا العقد: أرضا أو بناء، ويذكرون اسمه، إن كان له إسم يعرف به، وحدوده ومواصفاته، وما عليه من أبنية وأغراس وأشجار وما حفر فيه من آبار إن حفرت، ومساحته بالتقريب، ملكا للمشهود له- طالب الشهادة- الذي يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه بدون منازع ولا معارض ينسبه لنفسه والناس ينسبونه له كذلك، ولم يخرج من يده بأي سبب ناقل للملكية، أو بيع عليه بعد الحكم بذلك، إلى يوم أداء الشهادة منذ مدة، يذكرونها كذا سنوات سلفت عن تاريخه، ومدة الحيازة المكسبة للملكية لا تقل عن عشرات سنوات بدون انقطاع وخالية من النزاع ويذكرون مستند علمهم بهذه الحقائق، وهي المخالطة والمجاورة وشدة الاطلاع على الأحوال، وهو ما يعرف في علم التوثيق ب »المستند الخاص [4]« .
وتحتل شهادة اللفيف- حسب الدكتورة أمينة ناعمي- مركز الصدارة في ميدان العقار الغير غير المحفظ والأحوال الشخصية والميراث كما أنها تشكل الوسيلة الوحيدة لإثبات الحقوق فيها حسب الدكتورة ناعمي[5]. فإشكالية الإثبات تطرح نفسها في مجال ملكية العقار غير المحفظ التي يمكن إثباتها بطرق متعددة خاصة عند تعارض الحجج مما يلجأ معه القضاء إلى ترجيح وسيلة على أخرى[6] إلا أن الوسيلة الأكثر استعمالا في هذا المجال هي الوثائق العدلية وهي الرسوم المحررة من طرف العدول على اعتبار أن اختصاص التوثيق في مجال العقار غير المحفظ اختصاص أصلي بالنسبة للعدول.
ولمعالجة الموضوع بشيء من التفصيل ارتأينا تقسيمه إلى مبحثين نخصص( المبحث الأول) للتطرق للإثبات بالاستناد إلى الحيازة، ونبحث إشكالية الإثبات في مجال العقار غير المحفظ بالاستناد إلى الشهادة والكتابة والإقرار في( المبحث الثاني) على الشكل التالي:
- المبحث الأول: الإثبات في العقار غير المحفظ بالإستاد إلى الحيازة والشهادة .
- المبحث الثاني: الإثبات في العقار غير المحفظ بالاستناد إلى الكتابة والإقرار.
المبحث الأول: الإثبات في العقار غير المحفظ بالإستاد إلى الحيازة والشهادة .
الإثبات كما عرفه الأستاذ عبد المنعم البهي هو من أوضح الحق و أظهره، ومن ثمة فهو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق الني حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتب آثارها[7]، فإشكالية الإثبات تطرح نفسها بقوة في مجال ملكية العقارات غير المحفظة التي يمكن إثباتها بطرق مختلفة ومتعددة ولا سيما عند تصادم الحجج وتعارضها الشيء الذي يلجأ معه القضاء إلى استعمال قواعد الترجيح، وتبقى الوثائق العدلية هي الوسائل الأكثر استعمالا في هذا المجال ويراد بها تلك الرسوم المحررة من طرف العدول وفقا لأحكام القانون رقم16.03 المنظم لمهنة التوثيق العدلي والمرسوم التطبيقي له، وكذا مختلف المناشير والدوريات والقوانين ذات الصلة بالمهنة. وعليه سنحاول التطرق لمسألة الإثبات في مجال العقار غير المحفظ بالإستناد إلى الحيازة (المطلب الأول)، ونخصص(المطلب الثاني) لدراسة الشهادة كوسيلة إثباتية حاضرة بقوة في مجال العقار الغير المحفظ .
المطلب الأول: : إثبات ملكية العقار غير المحفظ بالاستناد إلى الحيازة
إن الحيازة في حقل العقار غير المحفظ تعتبر من أهم وسائل الإثبات العملية، والتي غالبا ما يتم الإعتماد عليها لإثبات الملكية، ونظرا لهذه الأهمية التي تحظى بها، فإننا سنحاول التطرق لوسائل وكيفية إثبات ملكية العقار غير المحفظ استنادا إلى الحيازة ( الفقرة الأولى) ونخصص( الفقرة الثانية) لدراسة النموذج لوثيقة الملكية والعمل على تحليلها وبيان أحكامها الفقهية والقانونية.
الفقرة الأولى : وسائل وكيفية إثبات الملكية بالاستناد إلى الحيازة
يمكن للحائز أن يثبت حيازته بمختلف الوسائل، غير أن الوسيلة الأكثر استعمالا هي الوثائق العدلية، وهي الرسوم التي يحررها العدول وتتضمن الشهادة بأن المشهود له هو المالك للعقار المطلوب إقامة الملكية بشأنه بالشروط المقررة فقها وقانونا، وعليه سنحاول إلقاء نظرة موجزة حول أصناف الوثائق العدلية الخاصة بالمبكية( الفقرة الأولى) ونبين في( الفقرة الثانية) مسطرة تأسيس الملكية وكيفية ذلك.
أولا: أنواع الوثائق العدلية الخاصة بالملكية
يمكن تصنيف الوثائق العدلية الخاصة بالملكية إلى ثلاثة أنواع هي:
النوع الأول: ملكية علمية يشهد فيها عدلان بناء على معرفتهما الخاصة، وتسمى بالشهادة الأصلية، بحيث يشهدان فيها لطالب الشهادة بملكيته للأرض موضوع الشهادة.
النوع الثاني: شهادة مختلطة يشهد فيها عدل واحد مع ستة من اللفيف وتسمى بالشهادة المثلية مع الأخذ بعين الاعتبار التنصيص في وثيقتها على أن عدلها شهد بمثل ما شهد به الشهود الستة فيها. ولكن يلاحظ على هذه الطريقة من الناحية العملية أنها نادرة الاستعمال، وإن كانت موجودة، فمن الوجهة النظرية ليس هناك ما يمنع من إقامة الملكية المثلية بعدل واحد مع ستة من اللفيف لكن على مستوى الممارسة والعمل فهي نادرة.
النوع الثالث: ملكية لفيفية يضمنها عدلان شهادة اثني عشر نفرا بأن الأرض المشهود بها ملك لطالب الشهادة بالشروط المقررة فقها وقانونا. ويجب التنبيه إلى أن الملكية العلمية ترجح على الملكية اللفيفية عند التساوي، فالأولى هي الأقوى في الحجية من الثانية، والملكية بهذا المقصود هي الشهادة المستعجلة الآن في إثبات ملكية العقار غير المحفظ مهما بلغت قيمته[8].
وفي هذا الإطار يتعين التمييز بين رسوم الملكية التي ينجزها العدول وبين الشهادة بالملك التي تنجزها السلطة المحلية لفائدة بعض الملك في بعض المناطق التي تشملها عمليات تحفيظ جماعي،وفق ما تضمنته دورية وزارة الداخلية عددDA/CO828 المؤرخة في15/03/1958، الموجهة إلى عمال الأقاليم التي أوصت بتقديم تسهيلات للراغبين في تقديم مطالب للتحفيظ في المناطق التي تهمها تلك الدورية، وتضمنت في فقرتها الثالثة، الاكتفاء بمطالبة المعنيين بالأمر بوثيقة ملكية يسلمها القائد دون مطالبتهم بحجة عدلية، وهذه التسهيلات قررها المشرع أيضا بموجب قوانين الاستثمار الفلاحي التي جعلت التحفيظ إجباريا ومجانيا وتلقائيا في المناطق التي يتم فيها ضم الأراضي، وتقام وثيقة الملكية المذكورة في دورية وزارة الداخلية السالف ذكرها من قبل قائد المنطقة تحت عنوان ”شهادة الملك” وهي عبارة عن وثيقة تتضمن سماع القائد المعني تصريحات 12 شخصا بأنهم حضروا أمامه وصرحوا بأن المشهود له المذكور اسمه في الوثيقة المذكورة “له وبيده وعلى ملكه وفي حوزه وتصرفه قطعة أرض غير مغروسة تسمى…تبلغ مساحتها…تقريبا، ويحدها…وقطعة مغروسة تسمى…وتبلغ مساحتها…تقريبا…ويحدها…وقد صرح الشهود المذكورون أن الشخص المذكور يتصرف في القطعة أو القطع المبينة أعلاه منذ ما يزيد عن عشر سنوات، بدون علم منازع أو معارض. وبمضمون ذلك حررت هذه الشهادة وسلكت ليعمل ويحتج بها في دائرة ما يسمح به القانون”. ويعلق الأستاذ محمد القدوري على هذه الشهادة بما يلي( ولم أقف على حكم قضائي بشأن موقف القضاء من مثل هذه الشهادة، التي لا شك أنها لا تعدل الشهادة العدلية أو اللفيفية أو المثلية المخاطب عليها من قبل القاضي، ولا تعدل الملك الثابت بالأشرية المثالية والمتباعدة المؤيدة بحيازة صاحبها التي جرى القضاء على اعتبارها بمثابة الملكية الصحيحة)[9].
ثانيا: مسطرة وكيفية تأسيس الملكية
إن الضوابط الإدارية الجاري بها العمل تفرض على كل من يرغب في إقامة ملكية لعقار غير محفظ أن يحصل على شهادة إدارية من السلطة المحلية تفيد بأن العقار موضوع تأسيس الملكية ليس ملكا جماعيا أو حبسيا وليس من أملاك الدولة وغيرها.
ولعل من المفيد أن نسير إلى أن آخر دورية صدرت بشأن تنظيم هذه الشهادة الإدارية هي »دورية مشتركة « تحت عدد239/2012 بتاريخ20/12/2012 وهي دورية تدخلت فيها الجهات الآتية: وزير الداخلية- وزير العدل والحريات- وزير التجهيز والنقل- وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة- المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر. وتنص المادة18 من المرسوم رقم2.08.378 الصادر في28 أكتوبر2008 بتطبيق أحكام القانون رقم16.03 المتعلق بخطة العدالة في فقرتها الثانية على أنه( إذا تعلق الأمر بعقار غير محفظ وجب على العدل التأكد بواسطة شهادة صادرة عن السلطة المحلية من كونه ليس ملكا جماعيا أو حبسيا وليس من أملاك الدولة وغيرها).
إلا أن التطبيق العملي لمقتضيات هذه المادة أدى إلى اختلاف الرؤى وتباين المواقف بين الإدارات المعنية مما أدى ببعضها إلى حرمان العديد من المواطنين من الحصول على هذه الشهادة الإدارية وبالتالي حرمانهم من تأسيس الوثائق والحجج لعقاراتهم مما أدى في نهاية المطاف إلى تجميد وضعيات هذه العقارات وإبعادها من مسلسل التنمية بشكل عام. وعليه ومن أجل توحيد إجراءات تسليم هذه الشهادة الإدارية وتطبيق مقتضيات المادة18 المشار إليها على وجه سليم، تأتي هذه الدورية المشتركة لترسم لترسم طريقا خاصا للراغب في الحصول على الشهادة الإدارية بسلوكه الإجراءات التالية:[10]
1- تقديم الراغب في الشهادة الإدارية طلبه إلى السلطة المحلية التي يوجد بدائرة نفوذها الترابي العقار غير المحفظ مرفقا ببطاقة معلومات حول العقار وفق نموذج محدد، وبرسم بياني يبين فيه حدود ومجاوري العقار موضوع الطلب وبنسخة من بطاقته الوطنية للتعريف وبتصريح بالشرف مصادق عليه وفق نموذج محدد، مع ست نسخ من كل وثيقة.
2- تقوم السلطة المحلية- داخل أجل سبعة أيام من تاريخ توصلها بالطلب- بتوجيه نسخ منه ومرفقاته إلى الجهات الإدارية المعنية لموافاتها كتابة بما إذا كان بالعقار مدرجا أو غير مدرج ضمن الأملاك التابعة لها.
3- إجابة الجهات الإدارية المعنية السلطة المحلية داخل أجل ستين يوما من تاريخ التوصل. ونميز هنا بين حالتين:
* الحالة الأولى: إذا أجابت إحدى الجهات بأن العقار موضوع الطلب مدرج ضمن الأملاك التابعة لها فإن السلطة المحلية تجيب صاحب الطلب بذلك وترسل نسخا من الجواب إلى كل الجهات الإدارية الأخرى ويحفظ الملف.
* الحالة الثانية: إذا لم تجب إحدى الجهات داخل أجل ستين يوما فإن السلطة المحلية تعقد معها اجتماعا داخل خمسة عشر يوما من مرور الأجل المذكور، وذلك للقيام ببحث في عين المكان أو مطالبة الراغب في الشهادة الإدارية- عند الاقتضاء- بالإدلاء بتصميم طوبوغرافي للعقار موضوع الطلب المنجز من طرف مهندس مساح طوبوغرافي، وفي هذه الحالة يتعين على الجهة الإدارية المعنية أن تجيب السلطة المحلية خلال ثلاثين يوما من تاريخ إجراء البحث الميداني أو تاريخ توصلها بالتصميم الطوبوغرافي من السلطة المحلية.
4- تقوم السلطة المحلية بتضمين الشهادة الإدارية بأن العقار موضوع الطلب غير مدرج ضمن الأملاك المنصوص عليها في المادة18 من المرسوم التطبيقي لقانون16.03 المتعلق بالتوثيق العدلي.
5- تسلم السلطة المحلية الشهادة الإدارية لصاحبها، وترسل نسخا منها إلى كل الجهات المعنية.
وبعد الحصول على هذه الشهادة الإدارية يطلب المعني بالأمر من العدلين توثيق الملكية وفقا للطرق والكيفيات المشار إليها سلفا( إما علمية أو مثلية أو لفيفية). وإن كانت هذه الأخيرة- الملكية اللفيفية- هي الغالبة والشائعة في المجال العملي ثم بعد ذلك يقوم العدل المتلقي للشهادة بإجراء تسجيل الوثيقة المحررة لدى إدارة التسجيل والتنبر واستخلاص الواجبات الضريبية المفروضة عليها، ثم بعد ذلك تقديم الوثيقة إلى القاضي المكلف بالتوثيق من أجل الاطلاع عليها ثم تضمينها من طرف النساخ بسجل التضمين المخصص لذلك وهو عادة سجل الأملاك لكي يخاطب عليها القاضي كآخر إجراء تتضمنه الوثيقة العدلية لتصير بعد هذا كله ورقة رسمية ذات حجية قوية في مسألة إثبات ملكية العقار غير المحفظ موضوع تأسيس الملكية.
الفقرة الثانية : نموذج لوثيقة إثبات الملكية وبيان أحكامها الفقهية والقانونية
يعتبر رسم ثبوت الملكية من أهم الرسوم العدلية المحررة في إطار إثبات ملكية العقار غير المحفظ وأكثرها شيوعا بحيث يقدم أكبر حجية وأقواها لتملك العقار في شعبة العقار غير المحفظ وفي النزاعات العقارية المرتبطة به، ونظرا لأهمية هذا الرسم العدلي ومكانته داخل منظومة الإثبات في مجال العقارات غير المحفظة ارتأينا أن نقدمه نموذجا للدرس والتحليل للوقوف على الشروط الدقيقة التي وضعها فقهاؤنا الأقدمون لإثبات ملكية عقار معين لشخص معين، وعليه سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين: نخصص( الفقرة الأولى) لعرض صيغة لوثيقة عدلية تتعلق بإثبات الملكية، ونعمل على تحليل الوثيقة في( الفقرة الثانية) على الشكل التالي:
أولا: نموذج لوثيقة إثبات الملكية
بعد إحضار طالب الشهادة للشهادة الإدارية والشهود( 12شاهدا أمام العدلين)، وبعد استفسار العدلان للشهود عن موضوع الشهادة، وتأكيد هؤلاء لشهادتهم المشهود عليه والمشهود فيه وكذا قيام العدلين بالتحريات اللازمة والتأكد من هويات الشهود وأهليتهم المتطلبة للإدلاء بشهادتهم وكذا أتميتهم يشرع العدلان في تلقي الشهادة بمذكرة الحفظ بحيث يتم تثبيت توقيعات الشهود بهذه المذكرة.
وبعد الانتهاء مما سبق يكتب العدل المتلقي رسم إثبات الملكية الذي سيسلم للمعني بالأمر- طالب الشهادة- بعد استكمال الإجراءات اللاحقة على نحو من الآتي:
المملكة المغربية وزارة العدل والحريات محكمة الاسنئناف ب … المحكمة الابتدائية ب … قسم قضاء الأسرة … |
بسم الله الرحمن الرحيم
رسم إثبات الملكية |
ضمن بكناش الأملاك: رقم: …. عدد: …. صفحة: …. بتاريخ: ../../…. موافق: ../../…. |
الحمد لله وحده نحن العدلين فلان الفلاني وفلان الفلاني المنتصبين للإشهاد بدائرة محكمة الاستئناف ب … قسم قضاء الأسرة شعبة التوثيق بالمحكمة الابتدائية ب … تلقينا بمكتبنا الشهادة المدرجة بمذكرة الحفظ للعدل الأول رقم … عدد … صفحة … في الساعة … مساء يوم الثلاثاء … شهر… عام …(…ﻫ) الموافق لـ …شهر… سنة …ميلادية(../../….هـ، فق../../….) وبطلب من السيد فلان الفلاني ولد ب… في../../…. جنسيته… حالته…. مهنته…. سكناه…. بطاقته الوطنية للتعريف رقم…. صالحة إلى غاية../../… وبعد إدلائه لنا بالشهادة الإدارية رقم…/.. بتاريخ ../../…. من السيد…. قائد المقاطعة الحضرية الثانية بمدينة… تثبت أن العقار موضوع الملكية ليس جماعيا ولا حبسيا وليس من أملاك الدولة ولا يكتسي هذه الصبغة شهوده المسطرة أسماؤهم أسفله يصرحون بمعرفة طالب الشهادة المذكور أعلاه المعرفة التامة الكافية شرعا بها ومعها يشهدون بأن( كان) له وبيده وعلى ملكه وفي حوزه وتصرفه ملا من ماله وملكا صحيحا خالصا له من جملة أملاكه جميع القطعة الأرضية المسماة ب …الكائنة ب… حرشاء التربة مساحتها… تقريبا، حدودها شمالا ب… وجنوبا ب… وغربا ب… وشرقا ب… المعروفة لديهم كذلك مثل المعرفة الأولى يتصرف فيها تصرف المالك في ملكه وذي المال الصحيح في ماله ينسبها لنفسه والناس ينسبونها إليه هذه مدة تزيد عن عشرة أعوام سلفت عن تاريخه من غير علم منازع ولا معارض طول المدة المذكورة ولا يعلمونه باعها ولا وهبها ولا فوتها ولا فوتت عليه ولا خرجت عن ملكه بناقل شرعي إلى الآن وحتى الآن…( أو إلى أن استولى عليها فلان الفلاني المعروف عندهم مثل المعرفة المذكورة هذه مدة من ثلاثة أشهر تقريبا) كل ذلك في علمهم وصحة يقينهم سندهم في ذلك المعاينة للتصرف والمخالطة والمجاورة والاطلاع التام على الأحوال وبمضمنه قيدت شهادتهم مسؤولة منهم لسائلها المذكور أعلاه قيمتها للتسجيل… وحرر بتاريخه، شهد بذلك السادةjفلان( هويته الكاملة)kفلان(…)lفلان(…) و……….(12 شاهدا) عارفون قدره وهم بأتمه وعرفا بهم بما ذكر أعلاه خطاب القاضي وشكل العدلين |
ثانيا : تحليل الوثيقة وبيان أحكامها الفقهية والقانونية
قبل استخراج الأحكام الفقهية والقانونية لهذه الوثيقة العدلية لا بد من تسجيل الملاحظات الآتية:
1- أن هذه الوثيقة رسمية بعد تسجيلها وخطاب المكلف بالتوثيق عليها.
2- أنها حجة قاطعة لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور
3- أنها مستوفية لكل شروط تمليك العقار غير المحفظ إلى صاحبه وضمان حقه في الضياع.
4- ما دام العقار غير المحفظ في الوقت الراهن يشكل غالبية عقارات المملكة وأن التحفيظ العقاري لم يعمم بعد، فإن رسم إثبات الملكية العدلي يشكل الوثيقة الرسمية الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها إطلاقا، وستظل تؤدي دورها في هذا المجال، ولا سيما أن المحافظة العقارية تعتبر هذه الوثيقة العدلية من المرتكزات الأساسية والوثائق اللازمة لمطلب التحفيظ.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية نجد أن هذه الوثيقة تشتمل على مجموعة من البيانات والأركان نجملها في الآتي:
1- بيان الحمدلة “الحمد لله وحده”: وهو بيان اعتاد العدول على استهلال وثائقهم بهذه العبارة، بحيث من النادر جدا العثور على وثيقة عدلية خالية من هذا البيان.
2- إسمي العدلين والدائرة القضائية المنتصبين لتلقي الإشهاد بها مع تاريخ ومكان التلقي بالساعة واليوم والشهر والعام الهجري مع بيان ما يوافقه بالميلادي بالحروف والأرقام ومراجع الشهادة في مذكرة الحفظ والعدل الماسك لها طبقا للقانون رقم16.03 القاضي بتنظيم خطة العدالة وتلقي الشهادات وتحريرها وكذا المرسوم التطبيقي له.
3- الشهادة الإدارية المسلمة من السلطة المحلية( قائد المقاطعة الحضرية الثانية بمدينة) والتي تثبت أن العقار موضوع الملكية ليس ملكا جماعيا ولا حبسيا وليس من أملاك الدولة ولا يكتسي هذه الصبغة، تفعيلا للدورية المشتركة عدد239/2012 الصادرة بتاريخ20/12/2012 عن الوزارات السابق الإشارة إليها.
4- ذكر إسم طالب الشهادة في طليعة الوثيقة، تطبيقا للمنشور الوزاري عدد14.714( الفصل السابع) والمؤرخ في03/11/1959، الصادر عن وزارة العدل في بيان كيفية تأسيس الوثيقة وتحريرها.
5- معرفة المشهود له والمشهود باستيلائه، معرفة عين ونسب، معرفة المشهود فيه وموقعه وحدوده ومساحته وقيمته من أجل التسجيل.
6- ذكر شروط صحة إثبات الملك، وهي اليد والنسبة وطول مدة الحيازة والتصرف وعدم العلم بالمنازع، وعدم العلم بأن الملك خرج من يد المشهود له بأي ةجه من وجوه التفويت إلى تاريخ الشهادة، وهذه الشروط هي التي أشار الزقاق في لاميته:
– يد نسبة طول كعشرة أشهر = وفعل بلا خصم بها الملك يجتلا
– وهل عدم التفويت في علمهم كما = ل أم لصحة للحي للميت ذا اجعلا
فهذين البيتين الشعريين يجسدان ما يعرف في الفقه الإسلامي بشروط الملك الخمسة وهي:
أ- اليد: ويراد بها وضع اليد على العقار المراد إثباته، بمعنى أن يكون طالب الشهادة حائزا للعقار موضوع الرسم ويتصرف فيه بنية التملك بصفة شرعية.
وبتعبير آخر يراد بشرط اليد أن يضع الحائز يده بوجه شرعي على العقار المحوز، فاليد والحوز مترادفان، وإنما جعل الفقهاء الحوز شرطا في الملك لكون المفروض في كل مالك أن يكون ماله بيده، لا بيد غيره، إلا أن يكون هذا الغير نائبا عنه في ذلك، كالخادم يحوز مال مخدومه، والنائب يحوز مال منوبه، أو أن يكون الحائز مرتبطا بمالك المال المحوز برباط تعاقدي أو قانوني، كالمكتري يحوز أرض المكري، والشريك يحوز أرض شريكه[11]، كما أن وضع اليد يجب أن يكون بصفة شرعية وليس بالغضب والترامي، فإذا وضع شخص يده على عقار عن طريق الترامي فإن وضع اليد هذا لا ينفعه ولو طالت حيازته.
ب- النسبة: والمقصود بها أن المالك يتواجد في العقار على سبيل التملك وليس بمدخل آخر، كما يقصد بها أن تواجده فيه وتملكه له هو على مرآى ومسمع الجميع، ومن تمام الحيازة أن يكون الحائز ينسب الملك المحوز إلى نفسه، وأن ينسبه الناس إليه أيضا،بحيث يقول هو:“ملكي حوزي”، ولو لم يبين السبب، ويقول الغير في حقه:“جوز فلان وملكه”،ولهذا قرر المجلس الأعلى أن“من عناصر الحيازة أن ينسب الحائز الشيء لنفسه وأن سنسبه الناس له”[12]، وقرر أن الملكية التي ينقصها شرط النسبة لا يعتد بها[13].
ج- الطول: ويقصد بها مدة الحيازة والتصرف، وهي المدة التي يعتبرها الشرع والقانون كافية لاكتساب الملكية، وهذه المدة تختلف باختلاف قرابة الأشخاص مع بعضهم أو عدم قرابتهم بحيث تبدأ بأقل مدة وهي عشر سنوات وقد تصل إلى أربعين سنة.
تذهب المادة250 من قانون رقم39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية إلى أنه: (إذا حاز شخص أجنبي غير شريك ملكا حيازة مستوفية لشروطها واستمرت دون انقطاع عشر سنوات كاملة والقائم حاضر عالم ساكت بلا مانع، ولا عذر فإنه يكتسب بحيازة ملكية العقار). وتضيف المادة251 من نفس القانون ما يلي: (تكون مدة الحيازة بين الأقارب غير الشركاء الذين ليس بينهم عداوة أربعين سنة، وعشر سنوات إذا كان فيما بينهم عداوة).
د- عدم المنازع: أي أن المالك لا يعارضه ولا ينازعه أو يخاصمه أي شخص في الملكية طيلة مدة الحوز، فهي إذن حيازة هادئة ومستقرة.
فمن شدة احتياط الفقهاء لحفظ حقوق الغير، أوجبوا في الحائز أن تكون حيازته إضافة إلى الشروط المتقدمة، هادئة وخالية من النزاع، وأن يستمر هذا الهدوء والخلو من النزاع طيلة مدة الحيازة المقررة، سواء بشأن واقعة الحوز في حد ذاتها أو بشأن تصرف الحائز، أو بشأن نسبته المال المتصرف فيه إلى نفسه، بحيث يسود عدم النزاع سائر شروط الحيازة، وفي هذا قضت محكمة الاستئناف بطنجة بأن“شروط عدم المنازع ينبغي أن يعم المدة”[14]. كما قضى المجلس الأعلى( محكمة النقض) بأن“من شروط الحيازة أن تطول عشر سنين مع حضور وسكوته دون مانع طيلة المدة المذكورة”[15].
هـ – عدم العلم بالناقل: وذلك بأن يشهد شهود الوثيقة بعدم علمهم بنقل ملكية المشهود له، ويجب ألا تكون الشهادة في هذا الصدد بالقطع كأن يقول الشهود( لم يفوتهما ببيع أو غيره قطعا) وإلا كانت باطلة، ومثله في البطلان إذا شهد الشهود بعدم التفويت وسكتوا دون أن يسندوا ذلك إلى علمهم.
وعليه فالشهادة على عدم التفويت يجب أن تكون على نفي العلم، وليس على البت و القطع، لأن الحائز( أو المالك) قد يفوت ملكه سرا من غير أن يعلم بذلك أحد، ولهذا وجب أن تكون الشهادة بالنسبة لشرط“عدم الفوت والتفويت” على نفي العلم لا على القطع، فإن شهد الشهود على هذا الشرط بالقطع بطلت شهادتهم[16]، لاستحالتهم توفرهم على العلم القطعي بهذا الأمر، ولذا نص عليه خليل بقوله، عاطفا على شروط الملك: “وأنها لم تخرج عن ملكه في علمهم” فقيد خصوص عدم التفويت بأن تكون الشهادة فيه على نفي العلم، دون بقية شروط الملك، التي تجب أن تتم الشهادة بها على القطع[17].
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الشرط- عدم الفوت والتفويت- شروط كمال في حق الحائز الحي على أشهر قولين في الفقه، وشرط صحة في حق الميت[18]. وقد استقر قضاء المحاكم والمجلس الأعلى( محكمة النقض) على وجوب توفر هذا الشرط في الشهادة بالملكية للميت تحت طائلة عدم الاعتداد بها[19].
7- ذكر مستند علم الشهود، وهو هنا المعاينة للتصرف والمخالطة والمجاورة والاطلاع على الأحوال.
8- ذكر الأتمية ومعرفة قدر ما وقعت به الشهادة، مع أسماء الشهود وهوياتهم وتوقيعاتهم.
9- شهادة العدلين على الشهود بما شهدوا به في الوثيقة بعبارة:“وبمضمنه قيدت شهادتهم…”.
10- شهادة العدلين على القاضي بثبوت ذلك الرسم عنده الثبوت التام.
11- توقيع العدلين بشكليهما الكامل وخطاب القاضي على هذه الوثيقة.
المطلب الثاني : الشهادة
الشهادة تقرير حقيقة أمر توصل الشاهد إلى معرفته بعينه أو بأدنه، أو هي كما يعرفها بعض الفقهاء إخبار الإنسان في مجلس القضاء بواقعة صدرت من غيره يترتب عليها حق لغيره، ويجب أن يكون الشاهد قد أدرك شخصيا بحواسه الواقعة التي يشهد بها بحيث يكون قد رآها أو سمعها بنفسه.
فالشهادة إذن، تقرير للواقع ودحض للافتراء، وإنارة لسبيل العدالة فهي بذلك ذات أثر بالغ في تحسين الحياة، وتقرير الصلات القويمة بين الأفراد[20] .
وقد حصر الحق سبحانه في آية المداينة وسائل الإثبات ومنها الشهادة، وإذا كان الله عز وجل يستعمل في محكم تنزيله لفظة الشهادة كقوله : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية }[21]، فإنه في مواطن عدة يكتفي باستعمال كلمة إشهاد كما هو الحال في قوله عز وجل : { اشهدوا ذوي عدل منكم }، { اشهدوا إذا تبايعتم … }.
هذه المفارقة بين المصطلحين اعتمدها الموثقون للتمييز بين الوثائق العدلية : فالوثيقة أصل واسترعاء، فوثيقة الأصل هي ما يعبر عنها بالإشهاد وهو ما كان من مجال الإرادة المنفردة أو الإرادتين وهي ما يمليه المشهود عليه (العاقد) على الشاهد (العدل). ووثيقة الإسترعاء هي ما يعبر عنها بالشهادة[22] .
وتأسيسا على ما سبق فإن الشهادات العدلية ليست على شكل واحد وإنما تنقسم باعتبارات متعددة، فتنقسم باعتبار موضوعها إلى شهادة أصلية وأخرى استرعائية، وتنقسم هذه الأخيرة إلى شهادة العدول العلمية وشهادة لفيفية، وتنقسم باعتبار طبيعتها إلى شهادة لفيفية وأخرى عدلية، وتنقسم هذه الأخيرة إلى شهادة أصلية وشهادة العدول العلمية .
وهكذا فشهادة اللفيف كوسيلة من وسائل الإثبات في الفقه الإسلامي، هي شهادة عدلية ليست من إملاء المشهود عليه ولا من إملاء العدل الكاتب، وإنما من إملاء مجموعة من الأشخاص العاديين بما لهم من علم حول واقعة معينة، إما بمستند عام كالمخالطة والمجاورة والإطلاع التام على الأحول والمصاهرة والقرابة، وإما بمقتضى سند خاص كالمشاهدة والمعاينة، ويبلغ عدد هؤلاء الشهود إثنا عشر شاهدا، ما لم يتعلق الأمر بالرشد أو السفه حيث يلزم رفع العدد إلى ثمانية عشر شاهدا، لأن الأمر يتطلب الإستفاضة للتأكد من الحالتين[23]،
ولدراسة شهادة اللفيف كوسيلة من وسائل الإثبات في مجال العقار الغير المحفظ، فإننا سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين نتناول في الأولى أحكام شهادة اللفيف في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، في حين سنخصص الفقرة الثانية لحجية اللفيف في الإثبات وكذا التطبيقات القضائية لإعماله في مجال العقار الغير المحفظ .
الفقرة الأولى : تنظيم شهادة اللفيف في القانون المغربي
لقد بدأ جريان العمل بشهادة اللفيف في النصف الثاني من القرن العاشر الهجري، حيث قام الفقهاء بتأسيس واستنباط الأحكام الفقهية النظرية والعملية لشهادة اللفيف، فبحثوا مشروعيتها وسندها الشرعي والأسباب التي دعت إلى إجراء العمل بها، رغم أن شهودها لا يتوفرون على العدالة الشرعية، كما أنشأوا صيغ تلقي العدول لها وأسلوب أدائها وخطاب القاضي عليها وكذلك صاغوا طريقة استفسارها [24].
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم ينظم شهادة اللفيف لا في قانون الإلتزامات والعقود، ولا في قانون المسطرة المدنية .
كما أن القانون 16.03 المنظم لخطة العدالة لم يتحدث عن شهادة اللفيف، وكذا المرسوم التطبيقي 16.03 لم ينص على شهادة اللفيف وإنما نص على الشهادة بصفة عامة .
ولا نجد ذكراً لشهادة اللفيف إلا في المناشير الصادرة عن وزارة العدل ومنها المنشور المشهور رقم 14714[25]،الصادر في 2 جمادى الأولى 1379 موافق 3 نونبر 1959، الذي يعتبر المرجع الأساسي في تنظيم شهادة اللفيف.
وهذا الفراغ التشريعي نتج عنه العديد من المشاكل العملية منها :
– الرجوع في الشهادة .
– إنكار الشهادة .
– اتهام العدلين بتغيير مضمون الشهادة .
– سوء تعامل المؤسسة القضائية مع العدول متلقي اللفيف إلى حد اعتبارها وسيلة لإدانة السادة العدول .
– غياب النصوص الواضحة لتنظيم اللفيف الشيء الذي فتح الباب امام الاجتهادات المختلفة للقضاء إلى حد التضارب.
وهذا كله استدعى إعادة النظر من طرف المشرع في تقنين هذه الشهادة بما يتلاءم مع أهميتها والمشاكل التي تترتب عنها. وهو ما تم بداية العمل عليه، بحيث خرج إلى الوجود مشروع قانون ينظم شهادة اللفيف[26]، والذي من شأنه أن يساهم بشكل كبير في حل العديد من المشاكل التي تعرفها هذه الشهادة .
أ- الضوابط القانونية لشهادة اللفيف
لقد وضع المنشور عدد 14714 في فصله السابع عدة ضوابط يجب على العدول التقيد بها أثناء تلقي اللفيفاتلقبول شهادة اللفيف أهمها :
- يجب أن تكون شهادة اللفيف مفسرة لا إجمال فيها ولا لبس .
- يجب أن تكون التوجيهات والتلقيات واضحة مستوفية الشروط .
- يجب على العدول أن يذكروا في طليعة اللفيفية اسم صاحبها الذي يريد إقامتها واسم والده وجده وذكر عنوانه الكامل بكل ضبط .
- لا يتلقى من اللفيف إلا حذاق العدول العارفين لأن السماع من اللفيف موكول إلى أهل التبرير في العدالة العارفين بما تصح به شهادة اللفيف .
- يجب على القضاء ألا يأذنوا في تلقي أي شهادة لفيفية إلا بعد التثبت والبحث واستفسار صاحبها عن جميع المعلومات والمقاصد والوجوه المحتفة بالقضية .
- لا يسوغ للعدول بتاتا أن يشرعوا في تلقي أية شهادة لفيفية إلا بعد صدور إذن من القاضي بذلك .
غير أنه يلاحظ أنه وقع تساهل في تلقي اللفيفيات عند كافة العدول ودون إذن من القاضي، وبذلك اختل أمره وفسدت بعض وثائقه وأصبح الكثير من اللفيفيات محل نزاع معروض أمام المحاكم بصفة عامة و أمام قضاة التحقيق بصفة خاصة، لذلك يجب الرجوع إلى الأخذ بنظام الإذن في إقامة اللفيفيات حيث لا يؤدن في إقامتها إلا بعد قيام إذن من القاضي المكلف بالتوثيق وقيامه بالتحريات المفيدة، فلا تنجز إلا اللفيفيات المبنية على أساس سليم.
ويضيف المنشور بأنه يتعين بالخصوص سؤال اللفيف عن كيفية علمهم بما شهدوا به إن أبهموا ذلك، والنص على ما صرحوا به في الوثيقة، ويؤخد على المنشور أعلاه ذكر للقرابة كمستند للعلم وذلك لما استقر عليه الفقه من أنه موجب لرد الشهادة [27].
ب- طريقة إعداد شهادة اللفيف .
طبقا لما هو معمول به في مجال شكلية إعداد الوثيقة اللفيفية فإنها تتم كالآتي :
- يتلقاها عدلان في آن واحد أو في أوقات متفاوتة من الشهود ولو بالإشارة المفهومة عند العجز عن الكلام.
- تدرج الشهادة في مذكرة حفظ أحدهما فقط، إلا إذا تلقياها فرادى في أوقات متفاوتة فتندرج بمذكر كل واحد منهما .
- يثبت العدلان الفصول الجوهرية للشهادة بشكل لا يدع مجالا للغموض أو الإبهام، مع التنصيص على المعلومات والمستندات التي يتعين استيفاؤها .
- يعطى لكل شهادة رقم تسلسلي بمذكرة الحفظ ويؤرخ وقت التلقي بالساعة واليوم والشهر والسنة بالحروف والأرقام .
- يجب أن يعتذر على كل بياض أو إصلاح أو إلحاق أو إقحام أو تشطيب وقع سعة التلقي بالمذكرة، ولا يقبل الاعتذار عن البتر .
- تتضمن الشهادة الهوية الكاملة للمشهود له والمشهود عليه وعلى الأهلية القانونية للتصرف المراد إثباته.
- يستعين العدل بترجمان محلف أو أي شخص يراه العدل أهلا للقيام بهذه المهمة بعد قبول المشهود عليه له، وذلك عند وجود صعوبة في التلقي باللغة العربية من المشهود عليهم .
- يوقع شهود اللفيف على التوالي عقب هويتهم المثبتة بالمذكرة .
- يوقع العدلان أسفل مضمون الشهادة بالمذكرة ويوقع معهما الترجمان إن وجد .
- تحرر الشهادة تحت عهدة العدلين في وثيقة واحدة دون انقطاع أو بياض وتذييل بتوقيع عدليها بعد التنصيص على تاريخ تحريرها.
- يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادة التي يرى أنها استوفت إجراءاتها اللازمة، ومنها رسوم التسجيل إن كانت خاضعة له فتصبح تامة رسمية [28].
“ويمكن تبسيط تلقي هذه الشهادة في الخطوات التالية :
- يأتي المشهود له باثني عشر شاهدا كيف اتفق من اجتماع أو افتراق إلى عدل منتصب للشهادة فيؤدون عنده شهادتهم[29].
- يكتب الشاهد رسما على حسب ما تلقى، ويكتب تاريخ التلقي ثم يضع أسماء الشهود الإثني عشر كما يشير إلى ذلك في أول الرسم.
- يكتب العدل رسما أخر، فيه شهادة القاضي على نفسه، بثبوت الرسم الأول عنده، ويضع علامة على ذلك.
- يضع عدلان علامتهما في هذا الرسم الثاني، شهادة على شهادة القاضي بصحة الرسم.”[30]
الفقرة الثانية : الحجة الثبوتية لشهادة اللفيف و تطبيقاتها القضائية
نتناول في هذه الفقرة مدى الحجية الإثباتية التي تتمتع بها الشهادة اللفيفية، ورأي الفقه والقضاء والقانون فيها (أولا)، مع رصد أهم التطبيقات القضائية لإعمال هذه الشهادة في الميدان العقاري خاصة منه الغير المحفظ (ثانيا).
أولا : حجية الشهادة اللفيفية في الإثبات
مبدئيا يصح القول بأن الشهادة هي وسيلة مطلقة لإثبات الوقائع المادية، فقد يصعب ردها أو استبعادها إلا بموجب قانوني وذلك بعلة أن الشاهد مستند علمه هو المعاينة مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
” إذا رأيت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع “[31].
وإذا كانت القوة الثبوتية تبدوا مسألة جلية واضحة في الحالات العادية فهل يسري نفس الحكم في الاسترعائيات اللفيفية ؟
فقد اعتبرت شهادة اللفيف في بداية نشأة العمل بها بمنزلة الشاهد الواحد مع اليمين، لذلك لم تكن تقبل إلا في القضايا المالية وما يلحق بها.
ولقد ظل الوضع على هذا الحال، واستمر المخاض عسيرا والنقاش حادا حول اعتماد شهادة اللفيف كحجة للإثبات بين من يوسع من نطاق العمل بها ومن يضيق الخناق على هذه الشهادة نظرا لطابعها الاستثنائي، إلى غاية النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي، أي حتى بعد صدور قانون التوحيد والمغربة سنة 1965 وكذا قانون المسطرة المدنية سنة 1974، وهكذا تم التساؤل عن الحجة التي تتوافر عليها الشهادة اللفيفية في التشريع المغربي الوضعي ؟
وبتفحص مقتضيات المادة 404 من ظهير الالتزامات والعقود التي تحدد وسائل الإثبات والتي تنص :
” وسائل الإثبات التي يقررها القانون هي : إقرار الخصم، الحجة الكتابية، شهادة الشهود، القرينة، اليمين والنكول عنا “.
يتبين إذن أن شهادة اللفيف لا تدخل ضمن الوسائل المحددة قانونا، لكن التساؤل المطروح هل هذه الوسائل محددة على سبيل الحصر أم على سبيل المثال ؟
فمن المعلوم فقها وقانونا أن نظم الإثبات تختلف وتتباين، فهناك نظام الإثبات الحر الذي يسمح للخصوم بتقديم ما يريدون من الأدلة والقرائن لإثبات حقوقهم، وهناك مذهب الإثبات المقيد، والي لا يجيز إثبات الوقائع والتصرفات القانونية إلا بالوسائل التي يحددها القانون حصرا ، ثم هناك نظام الإثبات المختلط، الذي يحدد وسائل إثبات التصرفات والحقوق، ويترك للخصوم حرية إثبات ما لم يتناوله النص بكل ما لديهم من وسائل،
والملاحظ بالرجوع إلى المقتضيات القانونية، أن المشرع المغربي يأخد بنظام الإثبات المختلط، فهو إلى جانب تحديده لطرق إثبات التصرفات القانونية، أجاز للخصوم صراحة إثبات الإلتزامات والتصرفات التي لم يرد في القانون نص خاص على شكل اثباتها، بجميع ما لديهم من وسائل، كما يذكر صراحة أن التصرفات الواجب إثباتها بطرق معينة يمكن أن يقع إثباتها بغير الوسائل المقررة في قانون الإلتزامات والعقود.
كما تقضي المادة 401 من ظهير الإلتزامات والعقود بأنه : لا يلزم لإثبات الالتزامات أي شكل خاص إلا في الأحوال التي يقرر القانون شكلا معينا.
إذا قرر القانون شكلا معينا، لم يسغ إجراء إثبات الإلتزام أو التصرف بشكل أخر يخالف إلا في الأحوال التي يستثنيها القانون ” .
وهكذا استنادا إلى ما تم بيانه، يصح اعتماد شهادة اللفيف وسيلة للإثبات في كل ما لم يوجب القانون إثباته بوسيلة معينة، واعتبارها أداة إثبات شرعية إلى جانب وسائل الإثبات المقررة في قانون الإلتزامات والعقود .
كما أن الفصل 418 من قانون الإلتزامات والعقود نص على أن : “الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك على الشكل الذي يحدده القانون، وتكون رسمية أيضا :
- الأوراق المخاطب عليها من القضاء في محاكمهم .
- الأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها”.
فهذا الفصل يصبغ على شهادة اللفيف المخاطب عليه من طرف القاضي صبغة الورقة الرسمية .
إن ما سبق ذكره حول حجية الشهادة اللفيفة في الإثبات هو كلام جميل من الناحية النظرية، إلا أنه باستنطاق واستقراء موقف القضاء المغربي من اللفيف كوسيلة للإثبات، نجده قد اختلف حول القيمة القانونية للفيف، وقد انعكس هذا الاختلاف حتى على مستوى الهرم القضائي المغربي وهكذا نحى المجلس الأعلى في الإجابات على هذا السؤال عدة اتجاهات مختلفة تعبر عن وجهة رئساء الغرف التي صدرت عنهم في فترة معينة :
وتبعا لذلك نجد بداية قرار للمجلس الأعلى اعتبر أن اللفيف قرينة فعلية وهي قرينة قضائية وليست شهادة شهود، فقد جاء في قرار له بتاريخ : 11 يونيو 1974 : ” إن شهادة اللفيف تعتبر قرينة فعلية وتخضع في قيمتها كوسيلة إثبات لقضاء الموضوع وذلك في نطاق سلطتهم التقدريرية “[32] .
وفي قرار آخر نقرأ للمجلس في قراره الصادر بتاريخ : 1980/12/25 : ” يعتبر الرسم العدلي الذي يشهد فيه العدلان بأتمية المشهود عليه حجة رسمية على أنه لم يكن وقت الإشهاد مريضا مرض الموت لا يمكن إثبات عكسها بشهادة اللفيف، الذي وإن كان يعتبر من حيث الشكل من الأوراق الرسمية فإن محتواها مجرد شهادة”[33].
وذهب في اتجاه ثالث إلى أن : ” شهادة اللفيف التي يتلقاها العدول نيابة عن القاضي وتسجل عليه هي بمثابة شهادة العدول في إثبات الحقوق وليس مجرد لائحة شهود ولا يلزم شهودها بأداءاليمين “[34].
ثانيا: التطبيقات القضائية لإعمال شهادة اللفيف في إثبات المعاملات العقارية
نظرا لكون المغرب لم يقم لحد اليوم بتعميم نظام التحفيظ العقاري وتطبيقه على كافة تراب المملكة، فإن كثيرا من الحقوق ما تزال تخضع في حمايتها وإثباتها إلى شهادة اللفيف، وذلك بحكم أن العقار غير المحفظ يخضع في أغلب أحكامه للفقه الإسلامي وخاصة منه المالكي.
وهكذا فأغلب الدعاوى العقارية المعروضة على المحاكم هي دعاوى الاستحقاق أو دعاوى استرداد الحيازة وغيرها.
فبالنسبة لدعوى الاستحقاق لعقار غير محفظ يمكن القول أنه لا سبيل للمدعي لإثبات واقعة الترامي، والاستحواذ على العقار الذي يمتلكه إلا بالاعتماد على ملكية مستوفية لشروط الملك الخمسة المعمول بها فقها، وتكون هذه الملكية عبارة عن لفيف عدلي.
والجدير بالذكر أن الشهادة اللفيفية بثبوت ملكية الحائز لا قيمة لها ولا اعتبار لمضمونها إذا لم تكن مشتملة على خمسة شروط هي :
- وضع اليد على العقار وحيازته أي مباشرة السيطرة الواقعية عليه .
- التصرف فيه تصرف المالك في ملكه أي مباشرة السلطة الفعلية .
- من غير منازع ينازع ولا معارض يعارض أي اتصاف ذلك الصرف بالهدوء .
- ونسبة الملك إلى نفسه والناس ينسبونه إليه كذلك .
- طول مدة الحيازة لذلك العقار حتى يكون لتلك السيطرة الواقعية والفعلية مدلولها .
وهو الأمر الذي استقر القضاء عليه منذ القديم بحيث نجد حكم صادر عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى بتاريخ 12 ربيع النبوي 1345 ه [35]، والذي جاء في حيثياته ما يلي :
” وبعد إمعان النظر في الحجج المشار إليها والحكم المبنى تبين لسعادة رئيس المجلس المذكور أن ما حكم به قاضي النازلة وصححه القاضي المستأنف عنده من استحقاق المدعي لثلاثة أرباع البلد المذكور لثبوتها له باللفيف المحتج به السالم من أبحاث الباحث بالتناقض والتكذيب إلخ لعدم ورود ذلك عليه بناء على كلام الزرقاني المستدل به، صواب يتعين تنفيذه.
وبذلك حكم سعادة الرئيس رعاه الله حكما تاما أنفذه وأمضاه وألزم العمل بمقتضاه … “ [36].
كما يمكن الاستدلال بقرار أخر صادر عن محكمة النقض[37] جاء في حيثياته بأن “دعوى الاستحقاق تتطلب فقط إقامة الحجة على التملك … والدفع بأن لفيف الملكية لا تقوم به حجة على الملك لا أساس له من الفقه إذ شهادة اللفيف التامة تقوم مقام شهادة العدلين في الإثبات، كما أنه لا دليل من الفقه على أن الملكية إذا أثبتت الملك للبائع فهي لا تثبته للمشتري لما هو معلوم فقها من أن المشتري يتنزل منزلة بائعه ومن ثم فلا يضير المشتري عدم إثبات اقتران شرائه بالتصرف المباشر “[38]
وإلى جانب دعوى الاستحقاق فإن دعوى الحيازة واسترداد الحيازة التي تخضع في تنظيمها القانوني لمقتضيات المادتين 166 و 167 من قانون المسطرة المدنية، يمكن بدورها أن تعتمد على اللفيف العدلي، ذلك أنه ما دام أن إثبات الحيازة، يمكن أن يتم بمختلف وسائل الإثبات، فإن شهادة اللفيف تعتبر أفضل حجة يعتمدها المدعي لإثبات حيازته لمدة سنة عقارا معينا، ثم لإثبات فقدان تلك الحيازة وترامي المدعي عليه على ذلك العقار محل النزاع[39] .
وتدليلا عن أنه يمكن الاستعانة باللفيف لإثبات الحيازة، نعرض القرار المؤرخ في 26 يوليو 1983 الصادر عن محكمة النقض والذي جاء فيه : ” كان على المحكمة أن تناقش حجج الطاعن وخاصة منها اللفيف الذي لم تناقشه وفق قواعد الفقه وان قولها بأن اللفيف غير كاف لإثبات الشراء هكذا على إطلاقه غير صحيح لأن اللفيف يثبت الحيازة للمدعي أكثر من عشر سنوات تلك الحيازة التي لا ينكرها الخصم وعلى فرض أن الحيازة لم تثبت أو عارضها عارض فاليمين لازمة لرد الدعوى “[40].
وغالبا ما يتم قبول شهادة اللفيف في إثبات البيوع وفي هذا نقرأ للمجلس الأعلى في القرار[41] المؤرخ في 27/09/1978 جاء فيه ” حيث إنه طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية، فإن بيع العقار غير المحفظ يمكن إثباته بصفة استثنائية بشهادة الشهود، أن المحكمة لما استبعدت اللفيف المدلى به لإثبات هذا البيع بعلة أنه لا يثبت بشهادة الشهود، ولابد من الدليل الكتابي الثابت تكون قد طبقت الفصل 489 من ق،ل،ع المتعلق ببيع العقار المحفظ والذي لا مجال لتطبيقه في النازلة واستبعدت الفقه الإسلامي الواجب التطبيق والذي يجيز في الأحوال الخاصة إثبات البيع بشهادة الشهود ومنها اللفيف مما جعل قرارها غير مؤسس ومعرضا للنقض”[42].
كما أنه يمكن اعتماد شهادة اللفيف لإثبات القسمة الرضائية إذا تعلقت بعقار غير محفظ، وهو ما تؤكده مجموعة من القرارات الصادرة عن محكمة النقض، بحيث جاء في قرار[43] مؤرخ في 21 يونيو 2011 بأنه “ما دامت دعوى استحقاق واجب إرثي تتعلق بعقار غير محفظ فإنه يمكن للوارث إثبات حصول قسمة رضائية فيه بشهادة اللفيف عملا بقول الإمام الزرقاني ” وكثرن بغير عدول”[44].
كما جاء قرار[45] مؤرخ في 31 يناير 2012 ما يلي : ” يمكن إثبات القسمة الرضائية بين الشركاء في المال المشاع عن طريق اللفيف بشرط توفر شهوده على مستند العلم الخاص، وعند المنازعة على المحكمة أن تجري الأبحاث اللازمة للتحقق من حضور الشهود وسماعهم رضا المتقاسمين”[46]،
وقد لعبت شهادة للفيف دورا كبيرا في توفير الحماية القانونية لحقوق الأوقاف من الضياع، فلقد كان إلى عهد قريب مجرد نسبة عقار ما إلى الأوقاف كاف لردع أي تعد عليه استنادا إلى القيمة المعنوية التي كان يحظى بها الحبس، غير أن تغير منظومة القيم وضعف الوازع الديني أديا إلى جعل الرصيد ألحبسي مهددا باستمرار للترامي والاعتداء.
ولمواجهة هذه الوضعية من الناحية المدنية، يمكن اللجوء باستمرار إلى القضاء في إطار دعاوى الحيازة والتي سبق الحديث عنها، أو في إطار دعوى تثبيت الوقف التي توازي ما يسمى بدعوى الاستحقاق المارة بنا، والأوقاف في إطار هذه الدعاوى إذا لم تتحصن بوسائل إثباتيه تؤكد وجودها القانوني، فإن وجودها الفعلي لن ينفي عنها كونها هي والعدم سواء.
وتبعا لذلك فقد نصت المادة 48 من مدونة الأوقاف الجديدة على أنه ” يمكن إثبات الوقف بجميع وسائل الإثبات،.. ” وبالتالي فإن جميع وسائل الإثبات الموجود في التشريع المغربي والفقه الإسلامي، يمكن اعتمادها، وهذا ما يجعل شهادة اللفيف حاضرة في مجال إثبات العقارات الوقفية غير المحفظة،
وهو الرأي الذي سار عليه القضاء المغربي منذ القديم بحيث نجد قرار[47] مؤرخ في 29 يوليوز 1986 جاء في حيثياته ما يلي : “حيث بالرجوع إلى وثائق الجهة المدعية (السيد ناظر الأوقاف)، فإنه وإن كان من أركان الوقف عند المالكية الواقف والموقوف عليه والصيغة، بحيث يتعين التحقق منها جميعا، إلا أنه من جهة لا يوجد عند الفقهاء ما يستوجب الكتابة أو التوثيق لإنشاء الوقف، وبالتالي يبقى جائزا إثبات الوقف بجميع وسائل الإثبات أو الأدلة المقبولة شرعا ومنها شهادة اللفيف …”
وفي قرار [48] آخر مؤرخ في 22/11/2011 صادر عن محكمة النقض نجده على قاعدة مفادها ما يلي :
” حبس إثباته – شهادة لفيفية بالحيازة والتصرف ” وورد في حيثياته ” إذا ثبتت الحيازة للمتعرض فإن طالبة التحفيظ تكون ملزمة بإثبات الصبغة الجماعية للأرض التي تطالب بتحفيظها، ولذلك ولما للمحكمة من سلطة تقييم الأدلة و استخلاص قضائها منها فإنها حين عللت قرارها ” بأن الملكية التي يشهد شهودها بملكية المسجدين بوخلوف وتاجرسيف للقطعة الأرضية المشهود بها وتصرفهما تصرف المالك في ملكه وذي المال في ماله مدة تزيد عن عشر سنين ولا يعلمون فيها معارضا ولا منازعا ولا بيعا ولا صدقة ولا خرجت من ملكها بوجه من وجوه التفويت إلى أن ترامى عليها المعمر سنة 1944 تعتبر حجة لإثبات الحبس، ويكون التعرض المرتكز عليها على أساس تكون قد عللت قرارها تعليلا كافيا “[49] .
بالإضافة إلى ما سبق فإن اللفيف يلعب دورا كبير كوسيلة من وسائل الإثبات في مجال الأكرية العقارية، فالأكيد أن المكري الذي يرفع الدعوى للمطالبة بإفراغ المكتري من محل الكراء، بعلة احتياجه للسكن بالمحل، يكون ملزما بإثبات احتياجه واضطراره للسكن بذلك المحل وفقا لما تقضي به المادتان 13 و 14 من القانون رقم 6/79 الخاص بكراء المحلات السكنية والمهنية .
وإثبات عنصر الاحتياج للسكن غالبا ما يتم عن طريق شهادة اللفيف العدلي، ما دام أن الأمر يتعلق بواقعة مادية، وهذا ما أكده المجلس الأعلى في القرار عدد 710 الصادر بتاريخ 13 مارس 1989 وجاء فيه : ” إن شهادة اللفيف التي تتضمن معرفة الشهود له بأنه يسكن مع والده وأنه مضطر إلى السكنى بداره ولا يملك غيرها حسب علمهم وصحة يقينهم، هي شهادة تتعلق بإثبات واقعة مادية محضة، وبالتالي فهي كافية لإثبات السكنى بمنزله طبق ما يتطلبه الفصل 14 من ظهير 25 دجنبر 1980″ [50].
المبحث الأول: الإثبات في العقار غير المحفظ بالإستاد إلى الإقرار والكتابة .
لا تخفى أهمية وسائل الإثبات في مجال الحقوق وأمام القضاء، إذ تعد هي الفيصل في النزاع، وحماية مصالح الخصوم، وهي العمدة والحجة التي يعتمد عليها القاضي حين تتشابك طرق الدعوى وتتلاطم أمواجها، وإذا كنا قد قمنا بدراسة الحيازة و الشهادة في المبحث الأول فإن ذلك فرضته الأهمية العملية التي تجعل منهما يتربعان على عرش وسائل الإثبات في العقار غير المحفظ، وتبعا لذلك فإننا سنتطرق هذا المبحث إلى الإقرار الذي يعتبر أعلى بينة في مجال الإثبات (الفقرة الأولى)، وسننتقل بعد ذلك لدراسة الكتابة كوعاء يجمع مختلف الوسائل التي سبق ذكرها من شهادة أو إقرار أو غيرها ( الفقرة الثانية ) .
المطلب الأول : الإقرار
سنتطرق إلى الإقرار من خلال فقرتين اثنتين، نتناول في الفقرة الأولى تعريف الإقرار وبيان أركانه، في حين سنخصص الفقرة الثانية، لدراسة أنواع الإقرار ومدى الحجية التي يتمتع بها .
الفقرة الأولى: تعريف الإقرار وأركانه
الإقرار[51] هو اعتراف شخص بحق عليه لآخر قصد ترتيب حق في ذمته وإعفاء الآخر من إثباته.
والإقرار نوع من الشهادة لأن الشخص يقر بواقعة منتجة لأثر قانوني على عاتقه، أي أنه يشهد على نفسه بأن ما يدعيه صاحب الحق هو صحيح، وهكذا يتضح أن الإقرار يكون من شخص بقصد أن يجعل حقا ثابتا في ذمته لآخر، سواء كان هذا الحق محل منازعة بينهما أم لم يكن[52] .
والإقرار حجة بنص القرآن الكريم، قال تعالى ) قال أقررتم وأخذتم على ذلك إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين( [53] وقوله صلى الله عليه وسلم ) أحق ما يؤخذ به المرء إقراره على نفسه ( .
والإقرار نوع من الشهادة وهو شهادة المقر على نفسه وهو أعلى بينة في مجال الإثبات حتى قالوا فيه وفي الاعتراف الجنائي أنهما سيدا الأدلة.
والإقرار حجة على الإنسان المقر فقط، بخلاف الشهادة في حجة متعددة حيث يحكم بها القضاء فتسري بذلك على جميع الناس.
ونظرا لأهمية وسائل الإثبات خصصت له كتب الفقه باب مستقلا كما فعل الشيخ خليل في مختصره ، وابن عاصم في تحفة الحكام حيث قال:
ومالك لأمره أقر في صحته لأجنبي اقتفي
ويعمل بالإقرار في مجال إثبات العقار غير المحفظ وفي سائر المجالات الأخرى المدنية [54]
ويمكن القول بأن الإقرار يقوم بإنشاء الشخص حقا في ذمته بتصرف قانوني أو بواقعة قانونية، لأن إنشاء الحق يختلف عن الاعتراف به.
فلما كان إنشاء الحق بتصرف قانوني، يحتاج في إثباته إلى ورقة مكتوبة، إذا كانت قيمة هذا الحق تزيد على النصاب القانوني للشهادة، فهذه الورقة تكون دليل إثبات لا إقرارا. لأنها أعدت لإثبات تصرف قانوني، وتكون في الغالب معاصرة لنشوئه. أما إذا كتب المدين إقرارا على نفسه بذات الحق، فإنه لا ينشئ بذلك حقا في ذمته وإنما يقر بوجود هذا الحق بعد أن نشأ.
ونظرا لأن الإقرار هو اعتراف مقصود بواقعة منتجة لأثر قانوني على عاتق من يصدر عنه، فإنه يجعل الواقعة المراد إثباتها في غير حاجة إلى الإثبات وبذلك يحسم النزاع في شأنها حتى قبل الفصل في الدعوى.[55]
وللإقرار أربعة أركان.
الصيغة: فهي اللفظ أو ما يقوم مقامه مما يدل على وجوب حق على المقر لشخص آخر،
وهي تكون بالقول وغيره مما يثبت حقا على المقر .
كما تكون بالكتابة إما بخط المقر يشهد به على نفسه بثبوت حق لآخر.
أن يكون الإقرار بواسطة شهادة عدلين بالكتابة [56].
ويجب أن يعبر المقر عن إرادته تعبيرا صريحا أو ضمنيا، فبالنسبة للتعبير الصريح الذي يدل على إرادة المقر بطريق مباشر ومن غير حاجة لإعمال الفكر في الاستنتاج المنطقي ويشترط فيه لفظ معين أو صيغة معينة ، والتعبير كما يكون صريحا يكون ضمنيا كالإقرار بعدم ملكية الشيء يستفاد ضمنا استئجاره أو استعارته، وقد يستفاد التعبير الضمني من مجرد السكوت كما لو ادعي على شخص بواقعتين فأنكر أحدهما صراحة وسكت عن الأخرى .
و التعبير الصريح إما أن يكون شفويا وهذه هي الصورة العادية للإقرار القضائي، وإما أن يكون مكتوبا كما لو تضمنته مذكرة مقدمة من الخصم إلى المحكمة، أو ورقة يسلمها المقر على المقر له [57] .
المقر : لكي يقوم الإقرار صحيحا ومنتجا لأثاره لابد أن يكون صادرا عن شخص مكلف أي بالغ وعاقل ، وهكذا اتفق الفقهاء المسلمون على انه إذا كان الشخص مكلفا وأقر بحق عليه ، كان إقراره لازما معمولا به وذلك طبقا للقاعدة الفقهية القائلة : المرء مؤاخذ بإقراره [58] .
ويشترط فيه ما يشترط في صحة الالتزام من أهلية وإرادة غير مشوبة بغلط أو تدليس أو إكراه وإلا كان الإقرار باطلا ويمكن الرجوع فيه وهو ما أكده المشرع في الفصل 409 من قانون الالتزامات والعقود بقوله : ” يلزم في الإقرار أن يصدر عن اختيار وإدارك هذا وأن الأسباب التي تعيب الرضا تعد عيبا في الإقرار.
ومادام الإقرار عمل من أعمال التصرف القانونية فإنه يصدر من الخصم كما يجوز صدوره من وكيله شريطة أن تكون صادرة بحقه وكالة خاصة [59]، وهذا ما أكده الفصل 405 من قانون الالتزامات والعقود .
المقر له : هو من كان أصلا للاستحقاق فلا يصح الإقرار للجماد أو الحيوان ومع ذلك يجوز الإقرار لمصلحة شرعية كالوقف أو ما معناه المساجد [60] .
والملاحظ أن المشرع المغربي انفرد على غيره من التشريعات العربية باشتراط أهلية الاستحقاق في المقر له سواء كان فردا أو طائفة معينة أو شخصا معنويا المادة 408 من قانون الالتزامات والعقود، وهذا الشرط لم تأخذ به البلاد العربية فقد نصت المادة 436 من التقنين المدني العراقي على انه يشترط أن يكون المقر له عاقلا، فلو أقر أحد بمال للصغير الغير المميز صح إقراره[61] .
المقر به : هو كل ما له قيمة مالية ويدخل في ذلك العقار بصفة عامة سواء كان محفظا أو غير محفظ كأن يقر المقر أن الأرض الفلانية هي لشخص معين [62] .
ويشترط أن يكون المقر به معينا أو قابلا للتعيين وإلا فلا يصح الإقرار ولا يرتب في ذمة المقر التزاما، وهذا ما أكدت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 408 من قانون الالتزامات والعقود ” ويلزم أن يكون محل الإقرار معينا أو قابلا للتعيين “[63].
الفقرة الثانية: أنواع الإقرار وحجيته
الإقرار نوعان : إقرار قضائي، وإقرار غير قضائي .
الإقرار القضائي كما عرفته المادة 405 من قانون الالتزامات والعقود : ” الاعتراف الذي يقوم به أمام المحكمة الخصم أو نائبه المؤذون له في ذلك إذنا خاصا “.
ومن هذا يتضح أن وصف الإقرار بأنه قضائي يستلزم أن يتم أمام القضاء وأن يكون أثناء نظر دعوى تتعلق بالواقعة محل الإقرار .
فلابد إذن أن يصدر الإقرار من الخصم أمام القضاء ولا يعني هذا أن القاضي يجب أن يسمع الإقرار بنفسه مباشرة، انما المقصود ان الإقرار يجب أن يقع بطريقة يصبح بها جزء من الدعوى المنظورة ، وذلك بأن يكون داخلا في إجراءات الدعوى .
ويتحقق ذلك غالبا إذا صدر الإقرار للقاضي إما شفويا في الجلسة أو أثناء التحقيق أو الاستجواب أو كتابة في مذكرات مقدمة إليه او طلبات معلنة للخصم ، كم يتحقق أيضا إذا صدر الإقرار أمام الخبير المنتدب في الدعوى المنظورة ، ويعتبر الإقرار الصادر أما هيئة محكمين إقرارا صادرا أمام القضاء، لأن المحكم يحل محل القاضي في نظر القضية .
أما الإقرار الذي يرد ضمن إجراء من إجراءات الدعوى، وبالتالي لا يكون جزءا في الدعوى المنظورة ، فلا يعتبر صادرا أمام القضاء حتى لو كان قد وقع أثناء نظر الدعوى وبناء على ذلك لا يعتبر قضائيا الإقرار الذي يقع أمام جهات إدارية كمجلس التأديب أو أمام النيابة العامة أو الشرطة القضائية، وكما يقع الإقرار من الخصم نفسه يجوز أن يقع لنائبه المؤذون له في ذلك إذنا خاصا .
كما أن الإقرار يعتبر قضائيا حتى لو حصل أما قاض غير مختص [64].
أما الإقرار الغير القضائي وقد عرفه المشرع المغربي في الفصل 407 من قانون الالتزامات والعقود : ” هو الذي لا يقوم به الخصم أمام القاضي ، ويمكن أن ينتج من كل فعل يحصل منه وهو مناف لما يدعيه”.
ويشترك الإقرار الغير القضائي مع الإقرار القضائي في طبيعته من حيث انه عمل قانوني إخباري من جانب واحد وانه يعتبر بمثابة عمل من أعمال التصرف وانه حجة قاصرة، ويختلف عنه بأنه لا يصدر في مجلس في القضية المتعلقة بالمقر به ذاتها ، غير أنه لما كان الفرق بين نوعي الإقرار لا يمس طبيعتهما في شيء وإنما يتعلق بظروف صدور الإقرار في مجلس القضاء أو في غيره ، ولما كان ظرف صدور الإقرار في مجلس القضاء ليس من شأنه سوى توفير الثقة في جدية الإقرار، كما من الصعب التسليم باختلاف آثار الإقرار الغير القضائي متى ثبتت جديته عن آثار الإقرار القضائي، وتعينت المساواة بينهما في أحكامهما [65] .
يكاد الإقرار يكون حجة قطعية على ثبوت الحق على المقر لأن العادة بأن العاقد لا يقر إلا بما في ذمته ، أو بما قام به من أعمال ، ولذلك يستبعد في الغالب أن يكذب الإنسان في نفسه، كما أنه لا يتهم الشخص في أقر به خاصة إذا كان هو الذي يتحمل نتيجة إقراره [66] .
جاء في الفصل 410 من قانون الالتزامات والعقود بأن : ” الإقرار القضائي حجة قاطعة على صاحبه وعلى ورثته وخلفائه ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا في الأحوال التي يصرح بها القانون “.
وما يستخلص من هذا الفصل ان للإقرار حجة قاطعة على المقر وورثته باعتبار خلف عام له ولا يتعدى إلى غير ذلك، فالواقعة التي أقر بها المدعى عليه تصبح في غير حاجة للإثبات مادام المقر قد كشفها ومع ذلك فإنه يتعين على القاضي ألا ينظر في الاعتراف على أنه حجة مطلقة وبينة تامة إنما يجب تقصي الظروف والملابسات التي صاحبت هذا الاعتراف ، ولا يجوز إثبات العكس أو الرجوع في الإقرار ما لم يكن صوريا كأن يتواطأ المقر مع المقر له إضراراً بحقوق الدائنين فإذا ثبتت صوريته بطل الإقرار ، كما يمكن للمقر الرجوع في الإقرار ويطلب عدم الأخد بإقراره لما وقع فيه من غلط في الواقع لا في القانون [67].
المطلب الثاني : الكتابة
الكتابة وعاء توثيق لإثبات جميع التصرفات والوسائل الأخرى من إقرار وشهادة وغير ذلك. ويتولى الكتابة في مجال العقار غير المحفظ طائفة العدول المنتصبين للإشهاد والخاضعين في تنظيمهم للقانون 16.03. وكذا الموثيقن العصريين الخاضعين في تنظيمهم للقانون 32.09 .
وتعتبر الأوراق التي تصدر سواء عن العدول أو الموثقين أوراقا رسمية، مما يوفر حماية مدنية خصها القانون للعقار غير المحفظ، كيف لا والورقة الرسمية تتمتع بحجة قوية في مجال الإثبات (الفقرة الثانية) ، ولكي نقول بأن الورقة التي يصدرها العدل أو الموثق بأنها ورقة رسمية، فإنه لابد أن تتوافر مجموعة من الشروط القانونية في هذه الورقة حتى تكتسب صفة الرسمية (الفقرة الأولى) .
الفقرة الأولى: ماهية المحررات الرسمية وشروطها
تنص المادة 218 من قانون الالتزامات والعقود على: “الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون وتكون رسمية أيضاً، الأوراق المخاطب عليها من القضاة في المحاكم المغربية والأجنبية…” بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها[68]، ويتضح من نص هذه المادة أن وصف الورقة بالرسمية هو نتيجة لتحريرها بمعرفة شخص له صفة رسمية وليس من الضروري أن تكون مكتوبة بخط يده، بل يكفي أن يكون تحريرها صادراً باسمه بشرط أن يوقعها بإمضائه[69].
أما في المغرب فيختص كل من العدل والموثق في تحرير العقود الرسمية مع تقييد اختصاص الموثق عندما يتعلق الأمر بمسألة الأحوال الشخصية بالنسبة للمغاربة، ولهذا فالمحررات الموثقة هي المستندات التي يقوم الموثقون المختصون بتحريرها بعد التأكد من صحة التصرفات الواقعة بين الأطراف[70].
وهكذا نصت المادة 2 من قانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتاريخ 22 نونبر 2011 على أنه يجب أن تحرر ـ تحت طائلة البطلان ـ جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص قانون خاص على خلاف ذلك[71].
فنص المادة 4 جاء أيضاً جواباً صريحاً وحاسماً للنقاش الذي كان سائداً حول شكلية الكتابة في البيوعات العقارية في الفصل 489 من قانون الإلتزامات والعقود، فالمشرع استعمل عبارة “يجب” وكذلك عبارة “تحت طائلة البطلان” وكما هو معلوم فإن مدونة الحقوق العينية جاء لتوحد جميع الأحكام المتعلقة بالعقار سواء كان هذا العقار محفظا أو في طور التحفيظ أو غير محفظ[72]،
وهكذا يشترط لكي تكسب الورقة صفة الرسمية طبقاً للفصل 418 من قانون الإلتزامات والعقود ثلاثة شروط هي:
v أن تكون صادرة عن موظف عمومي له صلاحية التوثيق كالعدول والموثقين العصريين بالنسبة للتوثيق، وكاتب الضبط بالنسبة لمحاضر الجلسات، وضابط الشرطة القضائية بالنسبة لمحاضر البحث التمهيدي، والقيام بإجراءات التبليغ والتنفيذ بالنسبة للمفوضين القضائيين، فالأوراق الصادرة عن هؤلاء في حدود اختصاصتهم تعتبر أوراقا رسمية .
v أن يكون المحرر محررا وفق الأوضاع التي يشترطها القانون، من ذلك أن تكون الورقة العدلية مخاطبا عليها من طرف قاضي التوثيق، وأن تكون محررة باللغة العربية .
v أن يتم تحرير الورقة في إطار الاختصاص المخول للموثق، والمقصود بالإختصاص :
– الاختصاص الموضوعي: أي أن يحرر الموثق العقود التي يكون موضوعها داخلا في اختصاصه، من ذلك مثلا أنه يمنع على الموثقين العصريين إبرام عقود الزواج والطلاق، كما يمنع على العدول تلقي عقود إبرام الشركات.
– الاختصاص المكاني : أي أن يتم إبرام التصرف من طرف الموثق في حدود اختصاصه المكاني، الذي قد يكون إما في حدود دائرة المحكمة الإبتدائية أو في حدود محكمة الإستئناف .
– الإختصاص الزماني : أي أن يتم تحرير العقد من طرف الموثق المختص زمانيا، بأن يكون مسموحا له بتلقي الشهادات، فالعدل الذي يوثق التصرفات قبل تعيينه أو بعد عزله، يعتبر غير مختص زمانيا وبالتالي تعتبر الورقة التي حررها ورقة غير رسمية .
وعلى هذا فإن الورقة التي يتم تحريرها في ظل غياب أحد هذه الشروط التي ذكرناها سابقا تعتبر ورقة باطلة باعتبارها ورقة رسمية، ويعني هذا أحد الأمرين إما عدم اتصالها بالرسمية ويصح اعتبارها محررا عرفيا إذا كان موقعا عليها من طرف أصحاب الشأن، وإنا عدم الإعتداد بها أصلا كما في الأحوال التي تحتم فيها القانون الرسمية كعقود الزواج والطلاق، أو إذا لم يكن موقعا عليها من طرف المتعاقدين.
الفقرة الثانية: حجية المحررات الرسمية:
تحدد هذه الحجية مقتضيات المادتين 419 و 420 من ظهير الإلتزامات والعقود، حيث تنص المادة 419 على: “الورقة الرسمية حجة قاطعة حتى على الغير في الوقائع والإتفاقات التي شهدها الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور.
إلا أنه إذا وقع الطعن في الورقة بسبب إكراه أو احتيال أو تدليس أو صورية أو خطأ مادي، فإنه يمكن إثبات ذلك بواسطة الشهود، وحتى بواسطة القرائن القوية المنضبطة المتلائمة دون احتياج إلى القيام بدعوى الزور…”.
وتقضي المادة 420: “الورقة الرسمية حجة على الإتفاقات والشروط الواقعة بين المتعاقدين وفي الأسباب المذكورة فيها وفي غير ذلك من الوقائع التي لها اتصال مباشر بجوهر العقد، وهي أيضاً حجة في الأمور التي يثبت الموظف العمومي وقوعها إذا ذكر كيفية وصولها لمعرفتها…”.
وهكذا جاء في قرار للمجلس الأعلى (محكمة النقض) صادر بتاريخ 28 مايو 1996 أن عقد البيع المحرر من طرف الموثق يعتبر حجة رسمية لا يطعن فيها طبقاً لمقتضيات الفصلين 418 و 419 من ق.ل.ع إلا بالزور[73].
كما جاء في قرار للمجلس الأعلى صادر بتاريخ 1 أبريل 1987: “إن تصحيح التوقيع من لدن السلطات المختصة لا يضفي على الورقة الحاملة لذلك التوقيع الصبغة الرسمية، فالمصادقة على التوقيع لا تضيف إلى السند الموقع أية قوة على مديونية المدين.”[74].
على أساس ما سبق يتبين أن المحررات الرسمية التي استوفت جميع شرائط صحتها هي حجة على الطرفين، وهي حجة على الكافة، في كل ما تضمنته بالكيفية التي حددها المشرع من خلال النصين[75].
وتصبح حجية قوية في الإثبات، أي أنها تكون حجة بذاتها دونما حاجة إلى الإقرار بها، فهي بهذا تنقل عبء الإثبات، فإذا نازع الخصم في صحتها، فلا يكون على من يتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها، وإنما يقع عبء نقضها على الخصم الذي ينكرها، ولا يتيسر له ذلك إلا بطريق الإدعاء بالتزوير[76].
وتنصب الحجية التي تتوفر عليها الورقة الرسمية على طائفتين من البيانات: فهناك البيانات عن الأمور التي قام بها الموثق في حدود مهمته، ثم البيانات عن الأمور التي وقعت من ذوي الشأن في حضوره.
فمن بين الأمور التي يقوم بها الموثق في حدود مهمته، كالتأكد من شخصية المتعاقدين والتثبت من أهليتهم ورضائهم، ثم البيانات العامة المتعلقة بتاريخ المحرر واسم الموثق، ومكان التوثيق وحضور الشهود وأسمائهم وتلاوة الورقة على ذوي الشأن والتوقيعات التي يحملها المحرر.
أما البيانات التي وقعت من أصحاب الشأن بحضوره وتتعلق بموضوع أو مضمون المحرر، بمعنى أن الأمر يتعلق بالبيانات الخاصة بهذه الورقة ذاتها، حيث يثبت الموثق في الورقة أن البائع قرر البيع، والمشتري قبل الشراء ثم تسليم وتسلم الثمن بحضور الموثق وكذا الشروط المدونة في الوثيقة[77].
فهذه البيانات ذات حجية قاطعة في الإثبات حتى يطعن فيها بالزور، شريطة أن تكون في حدود مهمة الموثق، فإذا خرجت عن هذه الحدود، لا تكون لتلك البيانات أية حجية[78].
أما ما أثبته الموثق في الورقة الرسمية باعتباره وارداً على لسان ذوي الشأن من بيانات، فلا تصل الحجية منه إلى حد الطعن بالتزوير، بل يعتبر ما ورد من ذلك صحيحاً في ذاته إلى أن يثبت صاحب المصلحة عكسه بالطرق المقررة في قواعد الإثبات، فهذه البيانات يمكن الطعن فيها بجميع وسائل الطعن وإثباتها بجميع وسائل الإثبات ويتعلق الأمر بما صرح به الأطراف، دون أن يتم بحضور الموثق، خاصة ما يتعلق بموضوع العقد، كحدود العقار المبيع، ونوعه ومساحته، وهل تم دفع الثمن أم لا، إذا لم يكن قد تم بحضوره، على اعتبار أن الموثق لم يطلع على صحة هذه الأمور من عدمها، واكتفى بتحرير ما صرح به الأطراف[79]، وأيضاً لا يجوز إثبات عكس ما ورد بالورقة المكتوبة إلا بالكتابة أو بمبدأ ثبوت الكتابة مستكملاً بالبينة أو بالقرائن، فلا يجوز إذن إثبات عكس ما ورد في الورقة الرسمية على لسان ذوي الشأن، إلا إذا كانت هناك كتابة تثبت هذا العكس[80].
هذا بالنسبة لحجية الورقة الرسمية بالنسبة لطرفي الوثيقة، والقاعدة العامة تقضي بأن الورقة الرسمية حجة على الناس كافة سواء كانوا أصحاب الشأن أو غيرهم إلى ان يطعن فيها بالزور[81]، وقد نص على هذا المقتضى الفصل 419 في مستهله بالقول إن الورقة الرسمية حجة قاطعة حتى على الغير، وعليه لا يستطيع هذا الغير أن يكذب ما تضمنه المحرر دون أن يتبع نفس الطريق الذي يلزم الأطراف اتباعه للوصول إلى هذا التكذيب، وهو مسطرة الزور الفرعي.
وما يميز أيضاً المحرر الرسمي بأنه يعتبر سنداً تنفيذياً، يخول لذوي الشأن اللجوء مباشرة إلى مصلحة التنفيذ لاستيفاء حقوقهم دون حاجة لاستصدار حكم قضائي بذلك[82].
خاتمة :
على امتداد خطوات هذا العرض وتوقفاته، كانت المحاولة منصبة قدر المستطاع على ذكر أهم وسائل الإثبات العملية التي يتم اعتمادها لإثبات التصرفات الواردة على العقار الغير المحفظ، مع تطعيم هذه الوسائل بأهم الإجتهاهدات القضائية التي تمكنها من الحصول عليها والتي تبين التطبيقات القضائية لإعمال تلكم الوسائل.
وهكذا فإن من شأن هذه الوسائل والمستمدة من الفقه الإسلامي أو الموجودة في التشريع المغربي، أن يقيد حرية الأشخاص وأن يكبح جماح الطمع وحب التملك الذي يعمي البصيرة،
وهذا من شأنه أن يخلق الطمأنينة في نفوس المواطنين وكذا من شأنه أن يساهم في استقرار المعاملات بين الناس، حى يتم تفادي وقوع ونشوب الخلافات و النزاعات حول الأموال ، خاصة إن كانت تلك الأموال عقاراُ، مع ما يعرفه هذا الأخير من أهمية بالغة، بحيث أنه كان ولا يزال قاطرة التنمية التي يعول عليها كثيرا في شتى الميادين والمجالات وفي كافة بقاع المعمور.
لائحة المراجع :
المؤلفات :
- الأحكام الصادرة عن مجلس الإستئناف الشرعي الأعلى، المجلد الأول ، (1920 – 1927)، مطبعة فضالة، المحمدية، 1999 م.
- إدريس ملين، مجموعة قرارات المجلس الأعلى، مادة الأحوال الشخصية 1965 –89 19.مطبعة ومكتبة الأمنية، منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية 1990.
- إدريس الفاخوري- الحقوق العينية وفق القانون رقم39.08- يليلة المعارف القانونية والقضائية- منشورات مجلة الحقوق، طبعة2013.
- إدريس العلوي العبدلاوي، وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي، الطبعة الأولى 1977 م ،
- عبد العزيز توفيق: التشريع العقاري والضمانات، الطبعة الأولى 2012.
- سعيد كوكبي، الإثبات وسلطة القاضي في الميدان المدني، (دراسة بين الفقه الإسلامي والقانون المغربي)، طبعت 2005، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع.
- كبوري محمد: “النظام القانوني الجديد للحقوق العينية بالمغرب في ضوء القانون رقم 39.08 سلسلة الأنظمة والمنازعات العقارية” 2012.
- محمد بن أحمد بونبات: العقار غير المحفظ والمعاملات- دراسة في ضوء الفقه والقضاء- سلسلة آفاق القانون رقم20، الطبعة الأولى 2010.
- محمد الحبيب التجكاني ، النظرية العامة للقضاء والإثبات في الشريعة السلامية، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1985م.
- محمد القدوري: حيازة العقار كدليل على الملك وسبب فيه، في ضوء الفقه المالكي والقضاء المغربي مع دراسة لأهم أحكام حيازة المنافع- حيازة الضرر- وفقه المياه ونبذة عن فقه الوثيقة العدلية ودراسة دعاوى حماية الحيازة،وأثر ذلك على فقه حضارة العمران في البلاد الإسلامية، الطبعة الثانية2009.
- المعطي الجبوجي، القواعد الموضوعية والشكلية للإثبات وأسباب الترجيح بين الحجج، طبعة 2002، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء.
- محمد الكشبور: “بيع العقار بين الرضائية والشكلية” الطبعة الثانية سنة 2001.
- محمد الربيعي: “الأحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم” الطبعة الأولى لسنة 2008.
الأعمال الأكاديمية :
- محمد زعاج، “أثر تعدد التنظيمات العقارية والتوثيقية على الوضعية العقارية بالمغرب”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في قانون العقود والعقار سنة 2007/2008 وجدة.
المقالات :
- أمينة ناعمي، توثيق التصرفات العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية واجتهادات محكمة النقض-مقال منشورة بمجلة الحقوق :النظام القانوني الجديد للحقوق العينية بالمغرب في ضوء القانون رقم39.08.
- حسن الربيعي ، الشهادة كوسيلة لتوثيق المعاملات المدنية، مقال منشور بمجلة الإشعاع، العدد 22، دجنبر 2000، انجاز للطباعة والنشر، الرباط.
- الطيب البواب، وسائل الإثبات في مجال التصرفات العقارية، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد : 87، سنة : 2001.
- لحسن اكدرو، حجية المحررات الصادرة عن العدول في التشريع المغربي، مقال منشور بمجلة الفقه والقانون الإلكترونية، تاريخ النشر 21 أكتوبر 2010.
- محمد الإدريسي، أحكام شهادة اللفيف وإمكانية الإستغناء عنها، شهادة اللفيف العدلي، مجلة ندوات محاكم فاس، العدد الأول، أكتوبر 2003،دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع الرباط.
- نور الدين لعرج: “حجية التوثيق الرسمي في الإثبات وفي التنفيذ”، مقال منشور في الموقع الرسمي لوزارة العدل.
المجلات :
- مجلة القضاء المدني، النظام القانون للأملاك الوقفية، الجزء الأول، سلسلة دراسات وأبحاث، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 201.
- مجلة ملفات عقارية، العدد 2، طبعة أكتوبر 2012، مطبعة الأمنية – 8، الرباط.
- مجلة القضاء والقانون، العدد 92.
الندوات :
- سعيد كوكبي: شهادة اللفيف العدلي بين حجيتها والحاجة إليها في الإثبات أمام القضاء- مداخلة في ندوة شهادة اللفيف العدلي المنظمة من طرف محاكم فاس- العدد الأول، أكتوبر2003- مجلة تصدرها اللجنة الثقافية لقضاء محاكم فاس.
- العقار والاستثمار- أشغال اليوم الدراسي المنظم من طرف عمالة إقليم الحوز والمكتب الجهوي للإستثمار الفلاحي للحوز بتعاون مع مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش- 19/06/2003.
- محمد رياض ، وسائل الإثبات في العقار غير المحفظ ، أشغال الندوة العلمية الوطنية التي نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية وكلية الحقوق بمراكش يومي 11 و 12 فبراير 2005 ، الطبعة الثانية.
[1] – الغقار والاستثمار- أشغال اليوم الدراسي المنظم من طرف عمالة إقليم الحوز والمكتب الجهوي للإستثمار الفلاحي للحوز بتعاون مع مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش- 19/06/2003، ص: 21.
[2] – يراجع في هذا الشأن أستاذنا الدكتور إدريس الفاخوري- الحقوق العينية وفق القانون رقم39.08- يليلة المعارف القانونية والقضائية- منشورات مجلة الحقوق، طبعة2013، ص: 24-25.
[3] – سعيد كوكبي: شهادة اللفيف العدلي بين حجيتها والحاجة إليها في الإثبات أمام القضاء- مداخلة في ندوة شهادة اللفيف العدلي المنظمة من طرف محاكم فاس- العدد الأول، أكتوبر2003- مجلة تصدرها اللجنة الثقافية لقضاء محاكم فاس، ص: 94.
[4] – عبد العزيز توفيق: التشريع العقاري والضمانات، الطبعة الأولى 2012، ص: 15.
[5] – أمينة ناعمي: توثيق التصرفات العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية واجتهادات محكمة النقض- دراسة منشورة في مجلة الحقوق- سلسلة الأنظمة والمنازعات العقارية- النظام القانوني الجديد للحقوق العينية بالمغرب في ضوء القانون رقم39.08، ص: 57.
[6] – محمد بن أحمد بونبات: العقار غير المحفظ والمعاملات- دراسة في ضوء الفقه والقضاء- سلسلة آفاق القانون رقم20، الطبعة الأولى 2010، ص: 32.
[7] – محمد بن احمد بونبات: العقار غير المحفظ والمعاملات، دراسة في ضوء الفقه والقضاء، سلسلةآفاق القانون رقم20/2010، ص: 32.
[8] – عبد الرزاق توفيق: مرجع سابق، ص: 16.
[9] – محمد القدوري: حيازة العقار كدليل على الملك وسبب فيه، في ضوء الفقه المالكي والقضاء المغربي مع دراسة لأهم أحكام حيازة المنافع- حيازة الضرر- وفقه المياه ونبذة عن فقه الوثيقة العدلية ودراسة دعاوى حماية الحيازة،وأثر ذلك على فقه حضارة العمران في البلاد الإسلامية، الطبعة الثانية2009، ص: 77-78.
[10] – للإطلاع على موضوع هذه الدورية تجدون نسخة منها في الملحق.
[11] – محمد القدوري: نفس المرجع السابق، ص: 30-31.
[12] – قرار 1930بتاريخ 17/05/01 ملف مدني عدد 985/3/2/99( غير منشور)، أورده محمد القدوري في نفس المرجع، ص: 44.
[13] – قرار عدد921 صادر يوم22/03/06 في الملف الكدني2884/1/4/03 (غير منشور)، أورده محمد القدوري، نفس المرجع السابق.
[14] – محكمة الاستيناف بطنجة، قرار35/05 بتاريخ13/01/05 ملفان01.1490/8 و01.4218/8(غير منشور) أورده محمد القدوري، نفس المرجع، ص: 46.
[15] – قرار217- بتاريخ08/05/68 كجلة القضاء والقانون عدد92، ص: 38.
[16] – قرار عدد2096 بتاريخ28/11/1- ملف شرعي عدد5464/91 (غير منشور) أورده محمد القدوري، نفس المرجع، ص: 65.
[17] – محمد القدوري: مرجع سابق، ص: 65.
[18] – محمد القدوري: مرجع سابق، ص: 63.
[19] – قرار عدد1463 بتاريخ11/03/98 منشور بالتقرير السنوي للمجلس الأعلى لسنة98، ص: 121. وقراره عدد1326 بتاريخ23/09/99 وملف 161/6/99 منشور بالتقرير السنوي لسنة99، ص: 111.
[20] إدريس العلوي العبدلاوي، وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي، الطبعة الأولى 1977 م ، ص : 96 .
[21] سورة المائدة الآية 105 .
[22] حسن الربيعي ، الشهادة كوسيلة لتوثيق المعاملات المدنية، مقال منشور بمجلة الإشعاع، العدد 22، دجنبر 2000، انجاز للطباعة والنشر، الرباط، ص : 99 .
[23] لحسن اكدرو، حجية المحررات الصادرة عن العدول في التشريع المغربي، مجلة الفقه والقانون، تاريخ النشر 21 أكتوبر 2010، ص : 17.
[24] سعيد كوكبي، الإثبات وسلطة القاضي في الميدان المدني، (دراسة بين الفقه الإسلامي والقانون المغربي)، طبعت 2005، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، ص : 109 .
[25] تجدون نسخة منه في الملحق.
[26] تجدون نسخة منه في الملحق .
[27] لحسن أكدروا، المرجع السابق، ص :18 .
[28] محمد بن الهادي لحلو، شهادة اللفيف ضرورة لا غنى عنها، شهادة اللفيف العدلي، المرجع السابق، ص : 144 .
[29] هذا مع العلم أن القانون 16.03 المتعلق بتنظيم خطة العدالة يقتضي التلقي الثنائي بالنسبة لجميع الشهادات .
([30]) محمد الحبيب التجكاني ، النظرية العامة للقضاء والإثبات في الشريعة السلامية، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1985م، ص 265 .
[31] حسن الربيعي، المرجع السابق، ص : 109 .
[32] محمد الإدريسي، أحكام شهادة اللفيف وإمكانية الإستغناء عنها، شهادة اللفيف العدلي، المرجع السابق، ص : 121.
[33] نفس المرجع السابق، ص : 122.
[34] نفس المرجع السابق، ص : 123.
[35] الحكم عدد 173 بتاريخ 12 ربيع النبوي 1345 ه ، في القضية رقم : 483 ، الحاكم فيها قاضي سطات .
[36] الأحكام الصادرة عن مجلس الإستئناف الشرعي الأعلى، المجلد الأول ، (1920 – 1927)، مطبعة فضالة، المحمدية، 1999 م ، ص : 685 .
[37] القرار 785 الصادر بتاريخ 28 مايو 1985 ملف عقاري 4016/84 .
[38] إدريس ملين، مجموعة قرارات المجلس الأعلى، مادة الأحوال الشخصية 1965 – 1989، مطبعة ومكتبة الأمنية، منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية 1990، ص : 421 .
[39] سعيد كوكبي، المرجع السابق، ص : 130 ، 131 .
[40] إدريس ملين، المرجع السابق، ص : 391 .
[41] القرار عدد 666، صادر بتاريخ 27/06/1978 ملف مدني 60876 غير منشور.
[42] محمد الإدريسي،المرجع السابق، ص: 120.
[43] القرار عدد 355 الصادر بتاريخ 21 يونيو 2011 في الملف الشرعي عدد 314/2/1/ 2009 .
[44] ملفات عقارية، مجلة تصدرها محكمة النقض، العدد 2، طبعة أكتوبر 2012، مطبعة الأمنية – 8، الرباط، ، ص : 200 .
[45] القرار عدد 578، الصادر بتاريخ 31 يناير 2012، في الملف المدني عدد 847 /1/4/2010 .
[46] ملفات عقارية، المرجع السابق ص : 252 .
[47] قرار محكمة الاستئناف بالناظور رقم 279 بتاريخ 29 يوليوز 1986، ملف رقم 062.86
[48] القرار عدد 5094، المؤرخ في 22/11/2011، ملف مدني عدد 556/1/1/2009 .
[49] النظام القانون للأملاك الوقفية، الجزء الأول، مجلة القضاء المدني، سلسلة دراسات وأبحاث، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2012، ص 165 .
[50] سعيد كوكبي، المرجع السابق، ص : 124 .
ينص الفصل 404 قانون الإلتزامات والعقود، وسائل الإثبات التي يقررها القانون هي:[51]
إقرار الخصم. الحجة الكتابية. شهادة الشهود. القرينة. اليمينة والنكول عنها .
إدريس العلوي العبدلاوي، ص : 161 .[52]
[54] محمد رياض ، وسائل الإثبات في العقار غير المحفظ ، أشغال الندوة العلمية الوطنية التي نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية وكلية الحقوق بمراكش يومي 11 و 12 فبراير 2005 ، الطبعة الثانية ، ص : 394 .
سعيد كوكبي، المرجع السابق، ص : 12 .[55]
[56] محمد رياض، المرجع السابق، ص : 394 .
[57] إدريس العلوي العبدلاوي، المرجع السابق، ص : 163 – 164 .
سعيد كوكبي، المرجع السابق، ص : 19 .[58]
[59] المعطي الجبوجي، القواعد الموضوعية والشكلية للإثبات وأسباب الترجيح بين الحجج، طبعة 2002، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، ص. 36 .
[60] محمد رياض، المرجع السابق، ص 395 .
[61] المعطي الجبوجي، المرجع السابق، ص : 37 .
[62] محمد رياض، المرجع السابق، ص: 395 .
[63] إدريس العلوي العبدلاوي، المرجع السابق، ص : 164 .
[64] سعيد الكوكبي، المرجع السابق، ص : 16 و 17 .
[65] إدريس العلوي العبدلاوي، مرجع سابق، ص : 172 .
[66] سعيد كوكبي، المرجع السابق، ص : 24
[67] المعطي الجبوجي، المرجع السابق، ص : 41 .
([68]) قابل هذه المادة في القانون المصري المادة 10 من قانون الإثبات المصري الذي ينص: “أن المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصاته”، الأستاذ محمد جميل بن مبارك: “التوثيق والإثبات بالكتابة في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي” الطبعة الأولى لسنة 2000، ص: 300.
([69]) نور الدين لعرج: “حجية التوثيق الرسمي في الإثبات وفي التنفيذ”، مقال منشور في الموقع الرسمي لوزارة العدل، ص: 01.
([70])محمد خيري: نفس المرجع، ص: 83.
([71]) قانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر تنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 بتاريخ 22 نونبر 2011 الذي عمل على توحيد الأحكام المطبقة بشأن العقار المحفظ وغير المحفظ.
([72]) كبوري محمد: “النظام القانوني الجديد للحقوق العينية بالمغرب في ضوء القانون رقم 39.08 سلسلة الأنظمة والمنازعات العقارية” 2012، ص: 76.
([73]) قرار عدد 3434، الملف المدني عدد 2409ـ92، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 52، ص: 60.
([74]) قرار عدد 697، ملف مدني عدد 386ـ92، مجلة المحاكم المغربية عدد 51، ص: 90.
([75]) محمد الكشبور: “بيع العقار بين الرضائية والشكلية” الطبعة الثانية سنة 2001، ص: 75.
([76])سعيد كوكبي: “الإثبات وسلطة القاضي في الميدان المدني” طبعة 2005، ص: 49.
([77]) محمد زعاج، “أثر تعدد التنظيمات العقارية والتوثيقية على الوضعية العقارية بالمغرب”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في قانون العقود والعقار سنة 2007/2008 وجدة، ص: 50.
([78]) سعيد كوكبي، المرجع السابق، ص: 50.
([79]) محمد الربيعي: “الأحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم” الطبعة الأولى لسنة 2008، ص: 76/77.
([80]) سعيد كوكبي: المرجع السابق، ص: 50.
([81]) عبد المجيد بوكير: المرجع السابق، ص: 78.
([82]) نور الدين لعرج: المرجع السابق، ص: 13
ملحوظة: لم نستطع التعرف على صاحب هذا العرض القيم وفي حال التعرف عليه أو التعريف بنفسه ستتم إضافة اسمه حفاظا على حقوق المؤلف