الملكية المشتركة في العمارات السكنية

الملكية المشتركة في العمارات السكنية

                   

                            الملكية المشتركة في العمارات السكنية

من المعلوم أن الملكية المشتركة في العمارات المجزأة إلى شقق وطبقات تمثل حالة خاصة للملكية،ذلك أنها تجسد ازدواجية بين الملكية الخاصة والملكية المشاعة. إلا أن هذا لا يمنع كل مالك في الملكية المشتركة من أن يمارس جميع حقوقه التي تمنحه إياها ملكيته الخاصة للطابق أو الشقة التي يملكها، أو التي يستند إليه نصيبه الشائع في الأجزاء المشتركة (المحور الأول)، وفي نفس الوقت تترتب في ذمته التزامات اتجاه اتحاد الملاك (المحور الثاني).

المحور الأول: حقوق الملاك في الملكية المشتركة: يختلف حق المالك في الانتفاع والتصرف بنصيبه في العمارة بين أن يكون هذا الحق واردا على جزئه الخاص (أولا)، أو أن يكون واردا على الأجزاء المشتركة (ثانيا).

أولا : حق المالك على جزئه الخاص: لم يُحدد المشرع المغربي طبيعة ونوعية الحقوق التي تثبت لكل شريك في ملكية الطبقات والشقق؛ لذا، لا أرى أي مانع من الرجوع إلى القواعد العامة المنضمة لسلطة المالك على ملكه.وهذه الحقوق منها ما هو عام (I) وما هو خاص (I I).

I: حقوق المالك بشكل عام: يتمتع المالك في ظل قانون 18.00 بحق ممارسة جميع الحقوق التي يمارسها المالك على ملكه، فهو حر في الانتفاع بطبقته أو بشقته كيفما شاء، فله أن يسكنها كما له أن يجعل منها محل عمله، وهو أيضا حر في أن يدخل عليها من التحسينات والتعديلات ما يريد، وله أيضا أن يستغلها بتأجيرها. وللمالك أيضا بطبيعة الحال حق التصرف في طبقته بكافة أنواع التصرفات، فله أن يبيعها أو يهبها أو يوصي بها أو يرهنها. كما يجوز له أيضا أن يقسم طبقته أو شقته وأن يتصرف في أجزائها لأشخاص متعددين بالبيع أو غيره من سائر التصرفات، وهذا ما نص عليه المادة 31  بأن جعلت: « لكل مالك مشترك الحق في أن يتصرف دون قيد أو شرط  في الجزء المفروز له من العقار، وكذا في الأجزاء المشتركة المرتبطة  به بحسب الغرض المعد له ، كالبيع أو الهبة وما إلى ذلك».

II: الحقوق الخاصة: أهم ما يبرز في الملكية المشتركة حق الشريك في تفويت ملكه للغير، إما عن طريق البيع (أ) أو الرهن (ب) أو قسمته أو ضمه لجزء آخر (ج) كما له أن يقوم باستغلاله عن طريق الكراء (د).

أ. بيع الجزء المفروز وما يترتب عنه من آثار: إذا كان يحق لكل شريك في بيع حصته (1) فإن هذا الحق يصطدم بحق باقي شركائه في ممارسة حق الأفضلية كقيد وارد على سلطات المالك (2).

1. بيع الجزء المفروز: سبق ذكر أن المادة 31 تنص على أن لكل مالك في بناية الطبقات والشقق أن يتصرف في جزئه الخاص، بأي نوع من أنواع التصرف، كالبيع مثلا؛وبيع الجزء الخاص من بناية الطبقات والشقق لا يختلف من حيث القواعد القانونية المطبقة عليه عن القواعد المنظمة للبيوع العقارية بصفة عامة،إلا أنه لابد من اعتماد نظام الملكية المشتركة كقاعدة أساسية مع الرجوع إلى القواعد العامة المنظمة للبيع. وهكذا، فقد نصت المادة 7 على أنه:”…لا يجوز لأي مالك أن يتصرف في نصيبه المفروز أو تأجيره أو رهنه بمعزل عن الجزء الشائع العائد له”. إذ من غير المعقول في حالة بيع حصة غير مشاعة أن تعرف الأجزاء الغير المشاعة والأجزاء المشاعة مآلا مختلفا نظرا للروابط الوثيقة التي تربطهما، فمشتري حصة في ملكية مشتركة يشتري حقوق المالك الشريك بصفته عضوا في النقابة ابتداء من الوقت الذي يفرض فيه العقد على النقابة. فالمشتري لجزء خاص من شريك عضو  في نقابة الملاك  إنما يحل بقوة القانون عضوا هو كذلك، محل الشريك البائع، إلا أنه لا يكتسب صفة المالك إلا بعد أن يتسلم الجزء الذي اشتراه وبعد أن يستوفي جميع الإجراءات الإدارية، المنصوص عليها في المادتين 11و12. فإذا وقع بيع أو صفقة لفائدة شخص ليس هو من أعضاء نقابة الملاك، فالمشتري ملزم بأن يبلغ نقابة الاتحاد رسم البيع بواسطة كتاب مضمون بالبريد مع الإعلام بالتوصل. وسواء كان العقار محفظا أو غير محفظ،فلا بد من أن يتم تحرير عقد البيع في عقد رسمي،إما من طرف السادة العدول الموثقون  أو المحامون أو الموثقون العصريون الخاضعين لظهير 1925([4]). وإذا كان البيع واقعا على عقار محفظ فإنه لا يعتد برسم البيع أو التفويت إلا إذا كان مسجلا في الرسم العقاري، وفق ما نص عليه الفصلان 66 و67 من ظهير 13 غشت 1913،الذي أكد المجلس الأعلى على ضرورة الأخذ بهما،  في أحد قراراته، الذي جاء فيه : «وحيث إن الدعوى في عقار محفظ وأن الفصل الواجب التطبيق هو الفصل 66 من القانون العقاري ظهير 9 رمضان 1331 الموافق ل: 12-8-913 الذي ينص في فقرته الثانية على أنه لا يمكن التمسك بإبطال هذا التسجيل في مواجهة الغير ذي النية الحسنة»([5]). وأن كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتسجيله،  وابتداء من يوم التسجيل في الرسم العقاري([6]). أما إن كان غير محفظ فإنه يجب وضع نسخة من عقد البيع بكتابة الضبط بالمحكمة الإبتدائية التي يقع في دائرة نفوذها العقار المبيع،حسب ما نصت عليه الفقرة 3 من المادة 11([7]).

2. حق الأفضلية كقيد وارد على حق المالك: إذا قام المالك المشارك بتفويت شقته عن طريق البيع للغير الأجنبي عن الشركاء، فإن هذا الحق مقيد بالحق المخول لباقي الشركاء في الحلول محل المشتري للأخذ بالشفعة طبق شروط معينة ورد النص عليها في المادة 39 أنه يمكن للملاك بأغلبية ثلاثة أرباع أصوات الملاك المشتركين الحاضرين أو الممثلين أن ينشئوا حق الأفضلية فيما بينهم في جميع التصرفات الناقلة للملكية بعوض والتنصيص على كيفية ممارسة هذا الحق وآجاله في نظام الملكية المشتركة”. وبناء على هذه المادة بإمكان جميع الشركاء أو البعض منهم، أو واحد فقط أن يحل محل المشتري،بعد أن يكون البائع قد أعلم وكيل الإتحاد بالبيع عن طريق كتاب مضمون،هذا إذا نظام الملكية يعطي الأولوية للشركاء في استعمال حقهم في شفعة الجزء المبيع؛فإن لم ينص نظام الملكية المشتركة على آجال محددة فإن حق الأفضلية لا يتقادم في جميع الأحوال إلا بانتهاء أجل سنة كاملة تبتدئ من تاريخ تقييد البيع في الرسم العقاري. وإذا وقع البيع على يد القضاء فإن حق الأفضلية المعترف به آنفا للشركاء في الملكية لا يعارض به إحدى شركات القرض العقاري، أو إحدى منظمات القرض المسيرة تحت مراقبة الدولة، وذلك إذا رسا المزاد على  هذه الشركة أو هذه المنظمة، وكان ثمن المزاد لا يبلغ قدرا يعادل قدر الدين الذي للشركة أو  المنظمة بما فيه من القدر المذكور والفوائد وقدر الصوائر وما أضيف إليها([8]).

هذا بالنسبة لممارسة حق الأفضلية،أما بالنسبة للهدف من إقراره في ظل قانون 18.00 ليس له من مبرر  من أجل الإبقاء عليه،ذلك أن القول بأن حق الأفضلية –كما هو الأمر بالنسبة لحق الشفعة-يرمي إلى الحفاظ على التفاهم وظروف الانسجام بين الملاك المشاركين لا يكون مبررا في العمارات المشتركة ذات الطوابق المتعددة والتي تضم عشرات الشقق والمحلات العائدة لملاك مشاركين يجهل بعضهم البعض،بل قد لا  يلتقون في غالب الأحيان. بل إنه بالنسبة للعقارات المشتركة الصغرى،التي تضم بعض المحلات العائدة لملاك مشاركين قليلي العدد،فإن وضع نظام للملكية المشتركة،من شأنه تنظيم علاقات جوار هؤلاء الملاك تنظيما يظم حسن الانتفاع والتدبير المشترك للعقار؛حتى في حالة شراء أحد المحلات من طرف شخص أجنبي عنهم. ثم إن القول بأن حق الأفضلية-كما هو الأمر بالنسبة للشفعة-يؤدي إلى تقليص عدد الملاك المشاركين؛حيث تمكن ممارسة هذا الحق كل مالك مشارك من تملك عدة محلات في العقار المشترك؛الشيء الذي  قد يؤدي في نهاية الأمر إلى إزالة الملكية المشتركة وما يصاحبها من  تضارب مصالح ملاك المحلات وإحلال الملكية الفردية محلها لا ينسجم مع سياسة التخفيف من الحد من أزمة السكن.التي تقتضي تقرير حرية تداول المحلات في العقار المشترك،وإفساح المجال أمام الأشخاص ذوي الدخل المحدود في الحصول على مسكن في صورة ملكية خاصة([9]). وهذا ما ذهب إليه الإجتهاد الفرنسي في ظل قانون 10 يوليوز 1965،فقد قضت محكمة النقض الفرنسية في حكم صادر عنها بتاريخ 17 يوليوز 1972 باعتبار شرط الشفعة الوارد في الملكية المشتركة غير متفق مع مقتضيات تخصيص العقار المشترك([10]).

ب. حق الشريك في رهن جزئه الخاص به :

يتمتع المالك الشريك لحصة غير مشاعة في عقار مقسم إلى شقق وطبقات بحق عيني عقاري للملكية، فبإضافة إلى امكانيه بيعه يحق له كذلك رهنه([11]). لكن رهن الجزء المفرز في نظام الملكية المشتلركة يثير أكثر من صعوبة،منها كون خطر كل سلف رهني قد يعتريها تدهور أو نقص في قيمة العقار،لارتباط قيمة العقار المجزأ إلى ملكية  مشتركة بحالة صيانة هذا العقار،فصيانة الأجزاء المشتركة تكون عاملا مهما في تقدير قيمة الشقة أو الحصة المرهونة؛لما  يُلاحظ وللأسف،في الغالب، أن مشكل الصيانة مهمل في البنايات الخاضعة لنظام الملكية المشتركة،مما يسبب نقصا ملموسا في قيمة الشقة لهذا العقار. ومن جهة أخرى قد يكون ضابط الملكية المشتركة سببا في هذا النقص ويكون الشأن كذلك في الحالة التي يكون فيها تخصيص العقار مخصص للسكنى فقط، أي يستثني إحداث أية مهنة فيه، في حين أنه عند إقامة الرهن فإن بعض المشترين كالأطباء والمحامين مثلا يحبذون ويرغبون في شراء الشقة المرهونة لمزاولة مهنتهم.

وأشير في الأخير إلى أن إقامة رهن على جزء غير مشاع للملكية المشتركة ليس من الضروري أن ينتقل إلى علم من قبل الأطراف المعنية، ذلك أنه ليس لصاحب حق عيني للرهن أن يحضر اجتماعات  الجمعية العامة لنقابة الملاك الشركاء([12]).

كما أشير إلى مسألة أخرى أثارها الفقه المصري،وهي إذا كان للمالك أن يرهن طبقته رهنا رسميا، فهل يجوز رهن الطبقة في عقار مزمع إقامته ؟ وصورة هذه المسألة أن يتفق عدة أشخاص على إقامة منزل يكون لكل منهم فيه طبقة أو شقة، ويكون أحدهم مضطرا إلى دفع نصيبه في التكاليف، فيلجأ إلى إنشاء رهن على الشقة أو الطبقة التي ستكون له في العمارة المزمع إقامتها. والملاحظ أن المشرع المغربي لم ينص على حكم هذه المسألة، خلافا للمشرع المصري والفرنسي([13])،استثناء من رهن المستقبليات ([14]). إلا أنني،وفي ظل الفصل 618 من ق.ل.ع.الذي أجاز بيع العقار في طور البناء،لا أرى مانعا من أن يرهن أحد الشركاء شقته في العمارة المزمع إقامتها في ظل تقنيات الهندسة المعمارية المتاحة حاليا، وكذا اعتمادا على تقديرات الخبراء بخصوص  تكلفة بناء وتشييد العمارات. فبعد إتمام إنجاز التصميم النهائي للعمارة من قبل المهندس المعماري يتم تقدير التكاليف التي يتطلبها البناء والتي عادة ما تكون قريبة إلى التقديرات الحقيقية. كذلك أقول أنه لا بأس من رهن الشقة المستقبلية إذا ما تم ذكر مساحتها ورقم رسمها العقاري، وكل ما تشتمل عليه من مواصفات تساعد على تعيينه تعيينا دقيقا؛فمن حيث الموقع يتطلب تعيين ذكر حدوده من الشمال والجنوب والشرق والغرب، وما يجاوره من عقارات أو بقع الأرضية أو غير ذلك،.

ج. الحق في قسمة  الجزء الخاص أو ضمه لغيره: إن المبدأ المنصوص عليه في الفصل 978 من ق.ل.ع من أنه لا يجبر أحد على البقاء في الشيوع، فإن هذا المبدأ لا ينطبق على الملكية المشتركة، إلا بقيود.ذلك أن المادة 58 من قانون 18.00نصت على انه:”لا يجوز تقسيم أي جزء مفرز إلا بموافقة اتحاد الملاك و،بأغلبية ثلاثة أرباع اصوات الملاك”. ولعل السبب الذي دفع بالمشرع المغربي إلى منع قسمة الشقة الخاصة، هو ما ينتج عنها من مخاطر تؤدي إلى نقص قيمة العقار ككل، كما ينتج عن القسمة مصاريف جديدة للصيانة والإصلاح بما في ذلك التوزيع الجديد للتحملات. لكن يمكن أن ينص الملاك في ضابط الملكية المشتركة على قواعد مخالفة لذلك تعطي للمالك الحق في التجزئة([15]). وإذا كان يمتنع على المالك لشقة من  قسمتها، فإنه على العكس من ذلك، قد يحدث أن يقوم شخص بضم شقتين غير مشاعتين متجاورتين في طابق أفقي،بغية إنشاء جُزء واحد. فلا مانع من ذلك شريطة احترام تخصيص العمارة بصفة عامة والأجزاء الخاصة المعنية بصفة خاصة، وفي هذه الحالة كذلك يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار إعادة توزيع التحملات من جديد([16]).

د: كراء شقة في عمارة  توجد في حالة ملكية مشتركة : إن أهم ما يثار في هذه المسألة هو هل يجوز  لأحد الشركاء أن يكري شقته  للغير أم لا؟ وإذا كان يجوز له ذلك، فما هي علاقة المكتري بنقابة اتحاد الملاك ؟

بخصوص الجواب عن التساؤل الأول: يمكن القول أن حق المالك الشريك في التصرف في شقته بإكرائها هو حق شرعي ولا يمكن مناقشته فيه،كما تدل على ذلك الفقرة 1 من المادة 31 السابق ذكرها. وفيما يتعلق بقواعد الكراء، تطبق  القواعد العامة لعقد الكراء والتشريع الخاص بالأكرية([17]). وبما أن الأماكن المكراة تكون جزء من العمارة الموجودة في حالة ملكية مشتركة، فإن ضابط الملكية المشتركة يطبق هو ا لآخر عند الاقتضاء نظرا لكون المكتري سوف يستعمل لا محالة الأجزاء العامة ويتحتم عليه من أجل ذلك احترام ضابط الملكية المشتركة فيما يتعلق بالانتفاع بهذه الأماكن([18]).

أما فيما يخص علاقة المكتري بنقابة الملاك، فالواقع أنه لا توجد هناك أية علاقة قانونية بين المكتري ونقابة الملاك الشركاء فالمالك الشريك هو المسؤول إزاء النقابة عن تصرفات مكتريه إذا لم يحترم هذا الأخير ضابط الملكية المشتركة. كما لا يحق للمكتري أن يطلب بطلان القرارات المتخذة من طرف الجمعية العامة لكونه لا ينتمي إليها. وعلى العكس من ذلك فإن ضابط الملكية المشتركة يُفْرض على المكتري،حيث تنص  الفقرة الأخيرة من المادة 31 على ما يلي:”على المكري الذي أجر الجزء المفرز له أن يسلم للمكتري نسخة من نظام الملكية المشتركة.ويلتزم المكتري باحترام النظام الذي اطلع عليه،وعلى القرارات التي اتخذت من طرف اتحاد الملاك المستركين”. فالمكتري هو الذي يخلف المالك بصفة خاصة، لذلك فهو يواجه بضابط الملكية المشتركة شريطة أن يكون تم وضع الضابط المذكور بصفة قانونية بالمحافظة العقارية أو بكتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية([19]). وهكذا فإنه يحق للوكيل بمقتضى السلطات التي خولها إياه ضابط الملكية المشتركة أن يطلب من المكتري –وكما هو الشأن بالنسبة للمالك الشريك احترام الضابط المذكور. ويواجه المكتري بكل القواعد المتعلقة باستعمال الأجزاء المشتركة أو بالانتفاع بالأجزاء الخاصة وعلى الأخص : النظام القويم، المهادنة والسكون والأخلاق الحميدة، وتكون للوكيل صفة إلزامه باحترامها. وعلى العكس من ذلك فإنه يحق للمكتري أن يطلب من رب الملك أن يتدخل لدى النقابة لكي يتم احترام هذا الضابط إذا لم يطبق على الوجه الأكمل فتنشأ لا محالة بين المكتري ونقابة الملاك الشركاء علاقات قد تتولد عنها مواقف قانونية. وقد تنشأ كذلك علاقات قانونية بين المكترين ونقابة الملاك الشركاء عند وقوع حادثة بمناسبة استعمال الأجزاء المشتركة.

إن مخاطر وقوع الحوادث بالأجزاء المشتركة تكمن في الاستعمال السيء لبعض التجهيزات المشتركة أو في عيب الصيانة وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمصعد([20]). فمسؤولية النقابة التي يكون عليها عبء الحراسة القانونية للآليات تبقى قائمة إلا إذا دفعت بالحادث الفجائي أو القوة القاهرة أو أثبتت خطأ المتضرر.  فالمادة 26 توجب على الوكيل السهر شخصيا على السير الحسن وصيانة المصاعد إذ من الممكن أن يعرض لعقوبة جنائية إذا لم يأخذ الترتيبات اللازمة لتلافي الحوادث حتى ولو كان في خلاف مع الجمعية العامة للملاك الشركاء التي ترفض أداء الاعتمادات الضرورية للقيام بالإصلاحات،فالحل الوحيد الذي يكون لديه في هذه الحالة هو التوقيف الفوري للمصاعد. وفي حالة ما إذا نُوزع  المكتري في انتفاعه بالمحل الذي اكتراه بسبب سوء صيانته لجزء مشترك أو كان ضحية حادثة تسبب فيها مالك جزء مشترك أن يطلب بالتعويض من اتحاد الملاك،من دون أن يكون مرغما بالتوجه إلى المالك الشريك المكري([21]).

أما بخصوص الجواب عن التساؤل الثاني المتعلق بالعلاقة بين المالك الشريك المكري وبين المكتري،فإن هذا الأخير ونظرا لكونه يحتل جزء غير مشاع في عمارة توجد على ملكية مشتركة فقد يتعهد لرب الملك بأداء التحملات التي تخصه،وإن كان المألوف في المغرب أنه غالبا ما تكون السومة الكرائية شاملة لهذه التحملات.

وأشير في الأخير إلى التحملات التي يمكن استرجاعها مبدئيا من المكتري إلا إذا نص العقد على ما يخالف ذلك،مثل نفقات الكهرباء  والاستغلال والصيانة والإصلاح،ونفقات الماء البارد والماء الساخن والتسخين الجماعي للأجزاء المشتركة عندما توجد مثل هذه التجهيزات،وتكون ضرورية لصيانة الأجزاء المشتركة([22]). إضافة إلى نفقات الأجزاء المشتركة الداخلية للبناية أو مجموعة البنايات السكنية،ونفقات الإصلاحات وأجور المستخدمين ونفقات صيانة المساحات الخارجية عن البناية أو الخارجة عن مجموعة البنايات السكنية. كذلك نفقات النظافة المتعلقة بحاويات  الأزبال ومواد التطهير والقضاء على الفئران والحشرات  و تطهير قنوات الأزبال؛وكذا نفقات صيانة قنوات التهوية، أو استعمال جهاز الاتصال الداخلي للعمارة،وأداء الضرائب المتعلقة بالأزبال المنزلية وضريبة النظافة أو الضريبة الحضرية،إن لم ينص العقد على أن المالك هو الذي يؤديها([23]).

ثانيا : حقوق المالك على الأجزاء المشاعة: إن حق الشريك في الانتفاع بالأجزاء المشتركة يتقيد بوجود قيود تفرضها القواعد العامة (I) أو تلك التي يتضمنها نظام الملكية المشتركة (I I).

I: القيود التي تفرضها القواعد العامة: تقتضي القواعد العامة في إطار الملكية المشتركة أن يتقيد المالك المشارك بما يلي :

أ- استعمال الجزء المشترك فيما أعد له :فقد نصت المادة 31 على أن :”لكل مالك مشترك الحق في أن يترف دون قيد أو شرط في الجزء المفرز له من العقار وكذا في الأجزاء المشتركة المرتبطة به بحسب الغرض المعد له”.

 فالملفت للنظر في ملكية الشقق والطبقات أن ممارسة الشريك حقه على الأجزاء المفرزة يرد في وقت واحد على الأجزاء المشتركة، وبالتالي فكل مالك لشقة له الحق في استعمال الباب الرئيسي للدخول إلى مسكنه، واستعمال السلم أو المصعد للوصول إلى شقته، وله استغلال المرآب المشترك المخصص لوقوف السيارات بترك سيارته فيه إن كانت له سيارة، أو استغلال الحديقة المشتركة إن كانت هي الأخرى مخصصة للعب أطفال الملاك. فلكل مالك الحق في استعمال الأجزاء المشتركة والانتفاع بها كما لو كان ملكه الخاص بشرط لا يستعملها في غير ما أعدت له؛وألا يكون في عمله ضرر بشركائه أو تأثير على متانة البناء.فإذا قام نزاع بشأن عمل قام به  أحد الملاك وأريد معرفة ما إذا كان هذا العمل مباحا أو محظورا، وجب البحث أولا عما إذا كان يدخل فيما أعدت له الأجزاء المشتركة،أم لا. وفي هذه الحالة يكون للشركاء أن يطلبوا منع هذا العمل المخالف لوظيفة الشيء ولما خصص له. أما إذا كان العمل يدخل فيما أعد له الشيء فهو مباح بشرط  أن لا  يكون فيه ضرر بالشركاء أو بالبناء وإلا فهو ممنوع.فمثلا لا يمكن استعمال السلم أو المصعد لعصر الملابس المغسولة أو لعرض منتجات أو بضائع أحد الملاك، ولو كان مصرحا له؛وثانيا: بما يستلزمه الانتفاع بالطبقات، فليس لأحد الملاك أن يستعمل جزءا من الأجزاء المشتركة من الدار لمنفعة عقار آخر مملوكا له. كفتح باب في الحائط المشترك ليصل به أحد الملاك شقته بمنزل  آخر يملكه بجوار العمارة([24]). وهذا القيد المنصوص عليه في المادة 31 من قانون 18.00 يجد دعمه ومستنده كذلك في النصوص المتعلقة بنظرية التعسف في استعمال الحق المنصوص عليها في الفصول:91 و92 و94 من ظهير قانون الالتزامات والعقود([25]). وما يمكن استنتاجه من هذا القيد أنه لا يفترق كثيرا عن الشياع الذي يكون محله الأجزاء الشائعة، عن نظرية الارتفاق، وذلك من ناحيتين:

الأولى: أن يوجد لمصلحة العقارات لا الأشخاص.

الثانية: أنه يفيد العقارات التي وضع لخدمتها.

ب- عدم إعاقة الشركاء من استعمال حقوقهم : لقد نصت الفقرة2 من المادة 31 على أن:”لكل مالك مشترك أو من يحل محله من مكتر أو غيره أن يستعمل ويتصرف في الأجزاء المشتركة بحسب الغرض الذي المعدة له شريطة ألا يلحق أي ضرر بباقي الملاك أو بتخصيص العقار”([26]). فقد منعت  هذه المادة المالك أن يأتي عملا يعوق حقوق باقي الملاك الشركاء، فلا يجوز أن يستأثر باستعمال جزء من الأجزاء المشتركة إلا إذا كان هذا الاستئثار يعد مألوفا، مثل وضع صندوق للخطابات أو وضع يافطة بالنسبة للمهن([27]). ويجب عليه كذلك أن يعمل على تفادي الاصطدام مع  بقية الملاك،أي تفادي الأضرار غير المألوفة التي تترتب على الاستئثار  بالملك،مثل الضوء غير المألوف أو الضوضاء وغير ذلك..([28]).

ج- عدم إحداث تعديلات خاصة في الأجزاء المشتركة: فقد نصت المادة 22 على أنه لا يجوز لأحد من الملاكين إحداث أي تعديل في الأجزاء المشتركة إلا بإجماع كافة الملاكين. جاء في المادة المذكورة ما يلي:

“يشترط إجماع الملاك في اتخاذ القرارات الآتية:

ـ تشييد مبنى جديد أو تعلية مبنى موجود أو إحداث أجزاء مفرزة للاستعمال الخاص،

ـ القيام بأشغال تؤدي إلى تغيير في الأجزاء المشتركة”.

لقد نص المشرع المغربي على هذا القيد في الفقرة الأخيرة من المادة 8 حيث جاء فيها ما يلي:

“يمكن للملاك المشتركين التنصيص على شروط خاصة أو التزامات معينة في نظام الملكية المشتركة”.والمشرع بهذا الإجراء اقتفى أثر  المشرع الفرنسي في قانون 10 يوليوز 1965، الذي ذكر في المادة 8-فقرة1- منه  على أنه : «يحدد نظام اتفاقي للملكية المشتركة، يتضمن أولا الحالة الوصفية للتقسيم، تخصيص الأجزاء سواء أكانت خاصة أو مشتركة، وكذا شروط الانتفاع بها، كما يبين كذلك، تحت طائلة مقتضيات هذا القانون القواعد المتعلقة بإدارة الأجزاء المشتركة»([29]).

كما أضافت الفقرة الثانية من نفس القانون أنه : «لا يستطيع نظام الملكية المشتركة  أن يفرض أي قيد على حقوق الملاك المشاركين خارج عن تلك التي تكون مبررة بتخصيص العقار كما هو معروف بالعقود بخصوصياته أو موقعه»([30]).

وبعد هذا يتضح أنه لا مانع في ظل التشريع المغربي الحالي من إدراج شروط في نظام الملكية المشتركة إذ يمكن  للملاك الاتفاق على تخصيص جزء معين للأجزاء المشتركة أو التعديل في ذلك التخصيص، والاتفاق على شروط خاصة لاستعمال هذه الأجزاء كتخصيص غرض المصعد لنقل الأشخاص لا الأشياء، وتخصيص جزء من الأرض لاستعماله الحديقة مثلا.

فيكون من الجائز إذن أن ترد في ضابط الملكية المشتركة بعض القيود أو الحدود على سلطات المالك والذي يجوز له هو فقط تقييد هذه السلطات دون إلغائها ولو لفترة مؤقتة، فلا يجوز النص في ضابط الملكية على عدم جواز التصرف في الملك الشائع، كما أنه لا يجوز فرض قيود مخالفة للنظام العام،وإنما يجوز أن يقيد ضابط الملكية التJصرف المهني بتحديد مهن معينة([31]).

وقد اشترطت المادة 21 أن تتوافر أغلبية ثلاثة أرباع أصوات الملاك المشتركين ليبت الجمع العام في…وضع شروط الإنتفاع بالأجزاء المشتركة واستعمالها. والشروط التي قد يتضمنها في الغالب نظام الملكية المشتركة لا تخرج عن كونها  شروطا أو قيودا عادية، وإما أن تكون استثنائية:

فمثل القيود العادية : عدم السماح بسكن الشقة إلا من طرف أشخاص ذوي أخلاق حسنة أو لا يباح  لعائلات الملاك المشتركين  أو مكتريهم أو زوارهم أو مستخدميهم بفعل ما من شأنه الأضرار بحسن هيئة العمارة أو هدوء وراحة السكان.

ومن الشروط أيضا أن لا يسمح لكل ملاك الشقق أو ساكنيها بممارسة كل التجارات أو المهن الحرة باستثناء تلك التي من شأنها الإضرار بجمال العقار،أو إزعاج ملاك الشقق أو ساكنيها، والزيادة في خطر الحريق أو الانفجارات وغير ذلك بسبب الضجيج  وعرض وتخزين البضائع بالعمارة([32]). والحقيقة أن مثل هذه القيود الواردة في نظم الملكية المشتركة تضع مجموعة من القيود العادية يفرضها القانون نفسه، وترسم الإطار العادي لممارسة حق الملكية العقارية دون الأضرار بالجيران أضرار غير مألوف([33]).

وبالرجوع إلى أحكام الفصل 92 من ق.ل.ع. فإنه  يستفاد منه بمفهوم المخالفة أنه يجوز للجار أن يلزم جاره بإزالة وتجنب كل ما بضر بجاره، أضرارا تتجاوز الحدود المألوفة. وهكذا تتقيد سلطات مالك كل محل في الملكية المشتركة ولو في غياب مثل تلك الشروط، بقيد عام يرد على حقوق كل شخص يملك عقار ملكية خاصة، يتعلق بعدم الإضرار بجيرانه أضرارا غير مألوفة، فكل مالك يحل له أن يسكن في محله، ويتحرك فيه، ويسمع المذياع والتلفاز، وأن يتحرك أطفاله كيف شاءوا، وأن يستقبل زواره إلى غير ذلك من التصرفات المألوفة والتي لا يمكن التحرز منها، لأنها قوام حياة الإنسان؛بشرط أن يلتزم  مسلك الشخص المسؤول والمعتاد الذي لا يضر بغيره أضرارا غير مألوفة. ومن ثم لا يطرح مشكل حماية سلطات ملاك المحلات في الملكية المشتركة، في مواجهة هذه القيود الاتفاقية العادية التي تفرضها علاقات الجوار الموجودة فيما بينهم([34]).

ب- القيود الاستثنائية : كالنص مثلا في ضابط الملكية المشتركة على تخصيص الشقق فقط للسكن،وأنه لا يمكن أن تستعمل كمكان لاجتماع منظمة أو جمعية باستثناء أجهزة إدارة الملكية المشتركة؛وأن المحلات المتواجدة في الطابق الأرضي فتستعمل لممارسة المهن الصناعية أو التجارية الحرة.

من القيود كذلك أن يتم تحديد شروط الانتفاع بالأجزاء الشائعة في البناء، كالنص على أن الساحة المشتركة تكون مخصصة لوقوف السيارات العائدة لمختلف الملاك المشاركين فقط، أو كاشتراط أنه لا يمكن وضع أو إسناد أي مظلة أو صفيحة معدنية للإعلان على الواجهة الأمامية للعمارة.أو أن يمنع مد الغسيل على النوافذ أو الشرفات، باستثناء كؤوس الورود التي تكون مثبتة بها([35]). وهكذا فإذا كانت مزاولة مهنة أو تجارة مرخص بها في العمارة،فإنه لا يمنع وضع شعار تجاري على الواجهة أو لوحة الأخبار المهنية على باب هذه العمارة.لأن ذلك سيكون قيدا غير مبرر وسيتعارض مع تخصيص  الحصص ومع حقوق الملاك الشركاء المعنيين بالأمر.فبطبيعة الحال يجب أن يكون الشعار التجاري أو لوحة الإخبار المهنية في الحجم المعقول ،وأن لا يلحق ضررا بالملاك الشركاء الآخرين.فالشعار التجاري على الخصوص لا ينبغي أن يلحق ضررا بالطبيعة الهندسية للعمارة،أو يزعج الجيران بضخامة حجمه أو بأشعته الضوئية.

وإذا كان المشرع المغربي قد ترك للشركاء الحرية في تنظيم الكيفية التي يمكن لكل واحد منهم أن يمارس سلطاته على الأجزاء المشاعة بالنص في نظام الملكية المشتركة على بعض الشروط التي يراها الملاك أو أغلبهم كفيلة بتنظيم علاقاتهم الشخصية،فإن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن،هو كيف يمكن حماية حقوق ملاك المحلات من تلك الشروط أو القيود؟

للجواب على هذا السؤال، يكفي الرجوع الفقرة الأخيرة من المادة 9،وكذا القواعد العامة  في نظرية الالتزامات:

فالفقرة الأخيرة من المادة 9 تنص على أنه:”يعتبر باطلا كل شرط في نظام الملكية المشتركة يفرض قيودا على حقوق الملاك المشتركين في الأجزاء المفرزة لكل واحد منهم،باستثناء ما يتعلق بتخصيص العقار المشترك،وبخصوصياته وموقعه”. كما يمكن تطبيق القواعد العامة في نظرية الالتزامات من أجل حماية سلطات ملاك المحلات في العقار المشتركة في مواجهة هذه الشروط الاتفاقية،سواء عن طريق الالتزام الباطل المبني على محل أو سبب غير مشروع  أو الالتزام القابل للإبطال لعيب من عيوب الرضاء([36]). فلو تضمن نظام الملكية المشتركة شرطا يقضي بأن محلا  في العمارة المشتركة، يكون مخصصا لممارسة تجارة غير مشروعة في العمارة، فهذا الشرط يعتبر باطلا بقوة القانون وذلك لعدم مشروعية محله بمخالفته للنظام العام وحسن الآداب([37]).

وإن كان يتضمن شرطا يلزم أحد الملاك المشاركين، بعدم ممارسة مهنة معينة منافسة لتلك التي يمارسها آخر يملك محلا في نفس العقار المشترك، فهذا الشرط يعتبر باطلا بقوة القانون، إذا كان لا يوجد له سبب، أي إذا كان لا يهدف إلى تنظيم ممارسة المهن أو فعاليات في إطار العقار المشترك، أولا يثبت له التزام مقابل من جانب الملاك المشاركين الآخرين([38]). كما أنه من المتصور أن يكون شرط نظام الملكية المشتركة قابلا  للإبطال وذلك لتوفر عيب من عيوب الرضى، وذلك كالشرط المتعلق بتوزيع تكاليف الملكية المشتركة بشكل يتضمن غبنا بالنسب لأحد الملاك المشاركين أو بعضهم.ولكن المشكل المطروح هو أن المشرع المغربي لا يأخذ بالنظرية الحديثة للغبن الاستغلالي، التي تجعل العقد قابلا للإبطال إذا وجد تفاوت كبير بين التزام متعاقدين ونتج عن هذا التفاوت استغلال أحد المتعاقدين، ولكنه يأخذ بالنظرية التقليدية للغبن التي تقضي بأنه لا يمكن إبطال العقد للغبن إلا لمصلحة القاصر أو ناقص  الأهلية([39])، أما بالنسبة للشخص الكامل الأهلية فيشترط أن يكون هذا الغبن مصحوبا بالتدليس([40]). وتبعا لذلك تعتبر غير صحيحة في ظل قانون، كل الشروط الواردة في نظام الملكية المشتركة التي تقيد من حقوق الملاك المشاركين في الانتفاع بمحلاتهم والتصرف فيها، تقييدا لا تبرره مقتضيات تخصيص العقار المشترك.

فما المقصود بنظرية تخصيص العقار؟

هذه النظرية أخذها المشرع المغربي عن نظيره الفرنسي المنصزص غليها في قانون 10 يوليوز 1965،وقد قصد بها:

«مجموعة الظروف التي تملك على أساسها أحد الملاك المشاركين قسمة مع الأخذ بعين الاعتبار عناصر مختلفة، بالخصوص مجموعة الشروط،والوثائق التعاقدية،والخصائص البنيوية وموقع العقار وكذا الحالة الاجتماعية للمقيمين به»([41]).

فهي نظرية وإن كانت سهلة الفهم والإدراك، فهي واسعة وصعبة التعريف([42])، حيث أن قاضي الموضوع هو الذي يبحث عن تخصيص كل عقار مشترك على حدة، فيصنفه ضمن نوع فاخر أو متوسط أو متواضع، وذلك بالنسبة لكل قضية معروضة عليه. ويأخذ قاضي الموضوع في تحديده لتخصيص العقار المشترك بعين الاعتبار عدة عوامل داخلية، تتعلق بالخصوص بنظام الملكية المشتركة والتخصيص الذي يعطيه لمختلف الأجزاء الخاصة للسكن مثلا أو لممارسة المهن التجارية الصناعية أو الحرة، كما يأخذ بعين الاعتبار أيضا عدة عوامل أخرى خارجية، تتعلق بموقع العقار وخصوصيات البناء وسعة الشقق وعددها والخدمات المشتركة التي يتوفر عليها والوضعية الاجتماعية لساكنيه([43]).

وقد استعمل القضاء الفرنسي بعد صدور قانون 10 يوليوز 1965على نطاق واسع هذه النظرية التي تعتبر أحد مفاتيح هذا القانون، لحماية حقوق الملاك المشاركين في الانتفاع بمحلاتهم والتصرف فيها بحيث أبطل كل الشروط الواردة في نظام الملكية المشتركة المقيدة لهذه الحقوق والتي لا تبررها مقتضيات تخصيص العقار المشترك. فقد ذهبت محكمة باريس في حكم صادر عنها بتاريخ 31 يناير 1976 إلى عدم اعتبار الشرط الوارد في نظام الملكية المشتركة والذي يفرض على المالك المشارك التزامات إضافية في حالة كرائه غرفة للخدم لأشخاص أجانب، غير مكتوب ولا يتفق مع مقتضيات تخصيص العقار المشترك([44]). ويرى الدكتور عبد الحق صافي بأن هذين الحكمين قد صادفا الصواب،ذلك أن من مقتضيات تملك المحل  في العمارة المشتركة، حق المالك في القيام بكل التصرفات المادية والقانونية على محله، مادام لا يمس في ذلك بحقوق باقي الملاك المشاركين، وبقواعد تخصيص العقار. ويدخل بطبيعة الحال فمن هذه التصرفات حقه في استعمال محله بنفسه أو استغلاله عن طريق كرائه للغير.

أما فيما يخص الشروط الواردة في نظام الملكية المشتركة التي تقيد من حقوق المالك المشارك في التصرف القانوني بمحله للغير، وذلك كاشتراط أنه لا يمكن تفويت بعض الأجزاء الخاصة التبعية كالقبو أو المرآب أو غرفة الخدم لمصلحة الغير الأجنبي عن الملاك المشاركين في العقار المشترك، أو كاشتراط قبول المشتري الجديد من طرف الاتحاد ، فقد ذهب الاجتهاد القضائي المستقر في ظل تطبيق قانون 28 يونيو 1938 إلى قبولها باعتبار أنها تهدف إلى تأمين نوع من التساكن الاجتماعي  بين المقيمين في العقار المشترك([45]).

أما في ظل قانون 10 يوليوز 1965، فقد أصدرت محكمة  النقض الفرنسي، حرصا منها على تقرير عدم صحة كل الشروط التي تقيد من سلطات مالك تقييدا لا يتفق مع مقتضيات تخصيص العقار المشترك – قرار بين مبدئيين بتاريخ 17 يوليوز 1972 و6 مارس 1973 فيما يخص حقوق الملاك المشاركين في التصرف في محلاتهم، حيث ذكرت في البداية أنه لا يمكن  لنظام الملكية المشتركة أن يفرض أية قيود تتعلق بحقوق الملاك المشاركين على محلاتهم لا تبررها مقتضيات تخصيص العقار، ثم أضافت بأن نظرية تخصيص العقار لا تهم سوى الاستعمال والاستغلال، لذلك فإن للملاك المشاركين الحق في التصرف القانوني بحرية في الأقسام العائدة لهم، وقد علل” كلود جيفور” هذا الحكم بأن محكمة النقض الفرنسية عملت على التطبيق الحرفي لمقتضيات المادة 9  من قانون 10 يوليوز1965، التي تنص على أن لكل مالك مشارك أن يتصرف في الأجزاء الخاصة من القسم العائد له؛ وأن ينتفع ويستعمل هذه الأجزاء الخاصة وكذا  المشتركة بكل حرية، ولكن بشرط عدم المساس بحقوق باقي الملاك المشاركين على أقسامهم واحترام مقتضيات تخصيص العقار. وتبعا لذلك فإن احترام تخصيص العقار كان يبيح فرض بعض الشروط المقيدة لحقوق الملاك المشاركين في الإستعمال إذا كان يبيح فرض بعض الشروط المقيدة لحقوق الملاك المشاركين في استعمال الانتفاع بأقسامهم، فإنه لا يبرر فرض قيود على حقوق هؤلاء في التصرف القانوني([46]).

وقد يتضمن نظام الملكية المشتركة بعض الشروط التي تمنع على الملاك المشاركين ممارسة مهنة  أو تجارة معينة يمارسها أحدهم بصورة سابقة في نفس العقار المشترك، فمثل هذه الشروط تحمي هذا الأخير من منافسة الملاك المشاركين الآخرين. فهل تعتبر مثل هذه الشروط صحيحة ومتفقة مع مقتضيات تخصيص العقار المشترك؟

 يمكن التمييز في هذا الصدد بصفة عامة بين مرحلتين  في ظل الاجتهاد القضائي الفرنسي.

فإبان تطبيق قانون 28 يونيو 1938 ذهب الاجتهاد القضائي المقرر في فرنسا إلى تقرير صحة شرط عدم المنافسة الوارد في نظام الملكية المشتركة فقد قضت المحكمة الابتدائية للآسين في حكم صادر عنها بتاريخ 29 يونيو 1962 بإلزام خبير محاسب بالتوقف عن ممارسة مهنته، بحجة أن أحد الملاك المشاركين يمارس سابقا نفس المهنة في نفس العقار، وذلك تطبيقا للشرط الوارد في نظام الملكية المشتركة والذي ينص على أنه لا يمكن ممارسة مهنتين متشابهتين دون موافقة المالك المشارك الذي يهمه الأمر([47]). وفي نفس الاتجاه فقد ذهبت محكمة باريس في حكم صادر عنها بتاريخ 8 يوليوز 1965 إلى أن من حق المالك المشارك الذي يستغل أصلا تجاريا في العقار المشترك، أن يلزم مالكا مشاركا آخر أكرى محله للغير باحترام الشرط الوارد في نظام الملكية المشتركة الذي يحظر استغلال تجارة منافسة في نفس العقار([48]).

أما بعد صدور قانون 10 يوليوز 1965 فإن القضاء الفرنسي وإن كان يبيح بصفة عامة الشروط الواردة في نظام الملكية المشتركة التي تنظم ممارسة فعاليات متنوعة في مختلف محلات مركز تجاري، كالنص مثلا على أن محلا معينا يكون مخصصا لاستغلال مخبزة، وأن محلا آخر يكون مخصصا لاستغلال مجزرة.

وهكذا فمثل هذه الشروط تهدف إلى تمكين السكان من الحصول على مصادر تموين عادية ومتنوعة خصوصا في الأحياء المنعزلة، وتكون بالتالي متفقة مع تخصيص العقار المشترك بمفهومه الواسع الذي يشمل أيضا إشباع الحاجات الضرورية للحياة، وهذا ما أكده جواب وزير العدل الفرنسي في الموضوع([49])، وذهبت إليه محكمة النقص الفرنسية في قرار حديث صادر عنها بتاريخ 14 دجنبر 1976 قضى بأن الالتزام بالمحافظة على تخصيص المحلات لممارسة فعاليات تجارية محددة يمكن أن يكون مبررا بتخصيص العقار عندما يكون هذا الأخير مركزا مشتملا على تجارات متنوعة، تؤمن الحاجات الأساسية للسكان وتحافظ على نوع من الاستقرار في هذا المجال خصوصا في حي منعزل بعيد عن مصادر التموين العادية([50]).

ولكن إذا كانت الشروط الواردة في نظام الملكية المشتركة المتعلقة بتوزيع التجارات حسب طبيعتها في مركز تجاري تعتبر صحيحة، فلا يجب أن تكون مقرونة بشرط عدم المنافسة، وهذا ما أكد عليه المحامي العام بوكو « Paucot » بمناسبة صدور قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 16 يونيه 1971 حيث ذكر: «يعتبر توزيع التجارات بحسب طبيعتها في مركز تجاري شرطا مشروعا لأن يحدد التخصيص الخاص بكل قسم عن طريق الأخذ بعين الاعتبار التخصيص الذي يمنع بعض التجار من بيع بعض الجرائد التي تدخل ضمن … ممارسة مهنتهم التجارية العادية…». وفي نفس السياق أصدرت محكمة النقض الفرنسية قرارين مبدئيين([51]) بتاريخ 11 مارس 19711 ذهبا إلى إلغاء قرارين استئنافيين يمنعان بيع مواد بضائع مشابهة بصورة رئيسية أو تبعية لتلك التي يبيعها تاجر آخر في محل آخر من هذا العقار، وذلك تطبيقا للشرط الوارد في نظام الملكية المشتركة الذي يلزم بعض الملاك المشاركين بالامتناع عن منافسة أحدهم الذي يمارس مهنة أو تجارة معينة([52]).

وخلاصة القول أن القضاء الفرنسي الحديث قد استعمل نظرية تخصيص العقار التي جاء بها قانون 10 يوليوز 1965 على نطاق واسع وذلك من أجل حماية حقوق الملاك المشاركين في الانتفاع والتصرف بمحلاتهم، حيث قرر عدم صحة كل الشروط الواردة على نظام الملكية المشتركة والتي تقيد من تلك الحقوق تقييدا لا يتفق مع تخصيص العقار المشترك، وتبعا لذلك وبالنظر لعدم كفاية التقنية المستمدة في التشريع المغربي من الفصل 8 من ظهير 16 نوفمبر 1946 والتقنيات الأخرى الناتجة عن تطبيق القواعد العامة في نظرية الالتزامات في هذا المجال كما رأينا فيما سبق،يقترح الدكتور عبد الحق صافي على المشرع المغربي-وهو محق في ذلك-بالنسبة للمستقبل التشريعي في هذه المادة، أن يأخذ بنظرية تخصيص العقار المشترك ويقرر عدم صحة كل الشروط الواردة في نظام الملكية المشتركة والتي تقيد سلطات مالك المحل تقييدا لا يتفق مع هذا التخصيص([53]).

المحور الثاني: الالتزام بالمساهمة في التكاليف المشتركة .

من المعلوم أن كل مالك لشقة أو طبقة أو محل ملزم بأن يتقيد بالشروط التي تضمنها نظام الملكية المشتركة،فهو يصير بذلك ملزما بالمساهمة في التكاليف المشتركة (أولا) وكذلك تلك الخاصة والمتعلقة بالخدمات الجماعية وبعناصر التجهيز المشتركة (ثانيا). لكن السؤال الذي يطرح هنا إنما يتعلق بامكانية طلب إعادة النظر في توزيع النفقات،أم لا؟(ثالثا)وكذلك السبل الكفيلة لاستخلاص تلك النفقات في حالة تقاعس أحد الملاك عن أدائها (رابعا).

 أولا: المساهمة في التكاليف المشتركة :

بما أن ملكية الأجزاء الشائعة في البناء تعود للملاكين المشاركين مجتمعين فإن كل واحد منهم يتحمل نصيبا من التكاليف المترتبة عن إدارة وتسيير هذه الأجزاء، وهذا، ما نصت عليه المادة 36 التي جاء فيها أنه :”يجب على كل مالك المساهمة في التكاليف التي يستلزمها الحفاظ على الأجزاء المشتركة وصيانتها وتسييرها”.

وقد نصت الفقرة الأخيرة من نفس المادة على كيفية توزيع تلك النفقات،حيث يتم توزيعها على أساس نصيب كل مالك في الجزء المفرز من العقار،الذي يُحدَّد هو الآخر على أساس مساحة الجزء المفرز العائد له بالنسبة إلى مجموع مساحة الأجزاء المفرزة في العقار حين إقامة الملكية المشتركة،ما لم ينص على خلاف ذلك في عقود الملكية”.

 ويستفاد من هذه المادة بأن الملاكين ملزمين بتقسيم تكاليف حفظ الأشياء المشتركة وصيانتها،هذه النفقات التي يدخل فيها تكاليف ترميم الأجزاء الشائعة إذا احتاجت إلى ترميم وإصلاح المصعد، ومصروفات الصيانة العادية، ونفقات التجديد كتجديد الباب العام، كما تدخل أيضا تكاليف المياه والكهرباء وأجور الأشخاص الموكلين بتعهد هذه الأجزاء الشائعة كالبواب والسنديك أو وكيل الإتحاد إن لم يكن متبرعا([54]). ولا يجوز أن يعفي نظام الملكية المشتركة أحد الملاك من المساهمة في الأعباء المشتركة، ويكون ذلك الشرط باطلا، كما لا يجوز أن يتحدد معيار توزيع الأعباء على أسس شخصية تختلف من مالك إلى آخر مثل كراء المالك أو عدد أفراد أسرته أو جنسيته. وفي حالة عدم اتفاق الملاك المشاركين حول توزيع الحصص العائدة لكل واحد منهم، لا يفترض أن هذه الحصص متساوية كما هو الشأن بالنسبة للملكية الشائعة حسب مقتضيات الفصل 971 من ق.ل.ع، وإنما يجب أن تكون متناسبة مع قيمة الأجزاء الخاصة في العقار المشترك  مع الأخذ بعين الاعتبار مساحتها وموقعها لا قيمتها التجارية أو الكرائية. كما يتم حساب قيمة العقار المشترك عن طريق تقويم الأرض والبناء بما يشتمل عليه من عناصر التجهيز المشتركة… ثم يوزع الناتج عن ذلك بين مختلف الأجزاء من أجل إقامة علاقة بين قيمة كل جزء وقيمة العقار المشترك([55]).

ثانيا: تحمل التكاليف لمتعلقة بالخدمات الجماعية وبعناصر التجهيز المشتركة.

تدخل في هذه التحملات المتعلقة بجميع وسائل الراحة أو الرفاهية الملحقة بالغرض الرئيسي للعمارة مثل تشغيل وصيانة المصاعد،وإنارة الأجزاء المشتركة،وصيانة المساحات الخضراء،وكذا كل الأجهزة المتعلقة بالانتفاع الجماعي لمجموع الملاك.

وإذا كان توزيع تلك النفقات يكون على أساس نصيب كل مالك في الجزء المفرز  من العقار المشترك بالنظر إلى مساحته وموقعه،فإن هذا المعيار قد يؤدي إلى توزيع تلك  التكاليف على وجه غير عادل،حيث يلزم مالك أحد المحلات بالمشاركة في أعباء التجهيزات الخاصة بالتدفئة والتسخين الجماعي أو المياه أو المصعد “السانسور”، فهذه التجهيزات كلها في الغالب لا يستفيد من خدماتها أصحاب المحلات التجارية، وكذلك إلزام مالك الطابق الأرضي بالمساهمة في تكاليف صيانة المصاعد رغم أنه لا يستعملها، مما يكون ذلك اجحافا  في حقه([56]). فقد قضت محكمة باريس في  حكم صادر عنها بتاريخ 30 يونيو 1960 أي في ظل تطبيق قانون 28 يونيو 1938 الفرنسي بأن إعفاء أحد الملاك المشاركين من المساهمة في تكاليف حفظ وصيانة وترميم المصاعد، بموجب نظام الملكية المشتركة لا يعفيه من تحمل حصته من نفقات وضع سياج حول هذا المصعد والذي تفرضه قواعد حفظ الصحة والسلامة، كما هو مفروض بمقتضى قرار بلدي صادر بتاريخ 22 شتنبر 1951.

وهكذا، فتوزيع تكاليف الملكية المشتركة في التشريع المغربي بصورة جزافية بناء على المعيار السابق ودون الأخذ بعين الاعتبار مدى الفائدة التي تعود على كل مالك محل من بعض عناصر التجهيز المشتركة، كالمصعد أو جهاز التسخين الجماعي أو الخدمات الجماعية كحراسة العقار مثلا، يؤدي إلى توزيع هذه التكاليف المشتركة بشكل غير عادل، الأمر الذي يضر بالمصلحة الخاصة لكل مالك مشارك([57]). وكان الأجدر بالمشرع المغربي أن يحذو حذو ما قرره المشرع الفرنسي حين جعل توزيع تلك التكاليف والأعباء المشتركة تحدد بحسب الفائدة التي تعود على كل شقة، وهذه الفائدة يمكن قياسها بعدد حجرات الشقة التي تدخلها التدفئة،وكذا عدد الأجهزة الموجودة في كل شقة، وتركيب عدادات المياه أو الكهرباء، بالنسبة للمصاعد يمكن الاعتماد على ارتفاع الطوابق([58]). إلا أن هذا المعيار هو الآخر يصعب تحققه،إذ يكفي  أن يدعي أحد الملاك مثلا أن إصلاح هذا الجزء أو ذاك من الأجزاء المشتركة، كالمصعد مثلا، لا يعود عليه بأي نفع، ويرفض الاشتراك والمساهمة  في التكاليف؛كما أن معيار توزيع تلك النفقات بحسب عدد حجرات الشقة والأجهزة الموجودة فيها، هو معيار نسبي، إذ لا يمكن ضبط عدد تلك الأجهزة، وعلى تقدير وجودها، لا يفسر أن مالك الشقة يستهلك الكهرباء أو الماء أكثر من غيره، خاصة إذا كان قليل العيال، كإقامته مع زوجته دون أبناء.

ولقد رأى المشرع الفرنسي الحديث في قانون 10 يوليوز 1965،أن توزيع نفقات الخدمات الجماعية وعناصر التجهيز المشتركة تتم بنسبة الفائدة التي تعود على كل محل منها،فقد ذكرت المادة 10 من هذا القانون الأخير أنه :

«يلتزم  الملاك المشاركون بالمساهمة في التكاليف المترتبة عن الخدمات الجماعية وعناصر التجهيز المشتركة بالنظر للمنفعة التي تمثلها هذه الخدمات والعناصر بالنسبة لكل قسم ».

وهكذا فرغم أن هذا الاتجاه الذي سار فيه قانون 10 يوليوز 1965 الفرنسي، يتماشى أكثر مع قواعد العدالة حيث يحدد نصيب كل  واحد من الملاك المشاركين في تكاليف حفظ وصيانة وإدارة الخدمات الجماعية وعناصر التجهيز المشتركة،بالنظر للفائدة التي تعود لمحله من هذه الخدمات والعناصر، فإن تطبيق  هذه القاعدة تعترضها عدة صعوبات على الصعيد العملي خصوصا من حيث معيار قياس الفائدة بالنسبة لكل محل أومن حيث تحديد المقصود بالخدمات الجماعية وعناصر التجهيز المشتركة.

فبالنسبة لمعيار قياس الفائدة المتحققة لكل محل، فقد كان هدف المشرع الفرنسي في المادة 10 المذكورة من قانون 10 يوليوز 1965، هو توزيع التكاليف المترتبة على الخدمات الجماعية وعناصر التجهيز المشتركة بالنظر إلى الفائدة التي تمثلها هذه الخدمات والعناصر بالنسبة لكل محل أي مع الأخذ بعين الاعتبار فقط عناصر موضوعية، تتعلق مثلا بسعة المحل ووجوده في طابق مرتفع. وتجنب مراعاة الاعتبارات  الشخصية المتعلقة مثلا بالفائدة الفعلية التي تعود على مالك هذا المحل من هذه الخدمات والعناصر.وهكذا فإذا كان يتواجد بالطابق الأعلى من العقار عدة محلات ذات مساحات مختلفة، فإن الفائدة الناتجة لكل واحد منها من خدمات المصعد لا تكون متساوية رغم موقعها المتشابه، فالمصعد يعود بفائدة أكبر على المحل الواسع الذي يستعمل عادة باستمرار؛كما أن مالك المحل الذي يمارس فيه مهنة حرة أو تجارة معينة يستفيد أكثر من المصعد بالمقارنة مع مالك المحل الذي يستعمله للسكن.فتوزيع أعباء المصعد إذن يجب أن يأخذ  بعين الاعتبار سعة وموقع ووجهة استعمال مختلف المحلات. وتبعا لذلك فقد أقر الفقه الفرنسي صعوبة قياس الفائدة المترتبة لكل محل، خصوصا بالنسبة لبعض الخدمات الجماعية كحراسة العقار التي تمثل نفس الفائدة بالنسبة لكل المحلات، حيث اقترح البعض توزيع التكاليف المترتبة عليها، حسب القيمة النسبية للمحلات، وهذا هو الحل الذي عرضه وزير التجهيز والإسكان الفرنسي بمناسبة نقاش دار أمام الجمعية الوطنية الفرنسية بتاريخ 9 شتنبر 1967 فقد ذكر: «لا يبدو معيار التوزيع الذي وضعته المادة 10 فقرة-1- من القانون متنافيا مع توزيع التكاليف المعدة بين مختلف الأقسام، حسب أهميتها النسبية،

                                                                                                                                            الكاتب مجهول

                                                                                                                  منقول من موقع مجلة القانون والأعمال

Loading comments...