شركة – حجوز مقيدة بالسجل التجاري – رفض تقييد البيع بالسجل العقاري – الطعن في قرار المحافظ – اختصاص المحكمة
القرار عدد 434-8
الصادر بتاريخ 20-09-2016
في الملف رقم 7372-1-8-2015
القاعدة:
البت في الطعن ضد قرار المحافظ رفض تقييد حق عيني أو التشطيب عليه هو من اختصاص المحكمة الابتدائة وليس الإدارية.
المنع من التقييد بالرسم العقاري لا يكون إلا بسبب الحجوز المقيدة بالكنانيش العقارية للشركة التجارية المالكة لا بالحجوز المقيدة بالسجل التجاري لهذه الأخيرة.
قرار المحافظ رفض التقييد لأن السجل التجاري للشركة مثقل بحجوز مخالف لمقتضيات الفصل 72 و 74 من قانون التحفيظ العقاري الذي يحصر مهمته في التثبت من مطابقة ما تضمنه الرسم العقاري مع الوثائق المطلوب تقييدها به.
حيث يستفاد من مستندات الملف، أنه بتاريخ 22-02-2013 قدم توفيق بوعشرين وأسماء موساوي مقالا إلى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء تجاه المحافظ على الأملاك العقارية بالدار البيضاء أنفا، عرضا فيه أنهما أبرما عقدا توثيقيا اشتريا بموجبه الملك موضوع الرسم العقاري عدد 48620/1 من المالكة شركة ”كوماريت” وعند مباشرة الموثق إجراءات تقييد العقد التوثيقي بالرسم العقاري المذكور الخالي من أية إشارة إلى تسجيل حق عيني أو تحمل عقاري، رفض المحافظ القيام بهذا الإجراء بمقتضى قراره عدد 88 م ع/1 بتاريخ 22-01-2013 بعلة أنه في إطار التحقق من هوية البائعة تبين أن نسخة التقييد بسجلها التجاري يتضمن مجموعة من الحجوزات، وأن هذا القرار مخالف لمقتضيات الفصول 66 و72 و74 من القانون 14.07 المغير والمتمم لظهير التحفيظ العقاري لأن المشرع حصر صلاحية المحافظ في التحقق من هوية المفوت وأهليته ومن صحة الوثائق المؤيدة للطلب شكلا وجوهرا طبقا للفصل 72 المذكور وكذا التحقق من كون التقييد موضوع الطلب لا يتعارض مع البيانات المضمنة بالرسم العقاري، وأن الوثائق المدلى بها تجيز التقييد استنادا لمقتضيات الفصل 74 من نفس القانون وهذه الصلاحيات هي حصرية لا يجوز التوسع في تفسيرها، وأن طلب التقييد مستوفي لجميع الشروط المتطلبة قانونا، وأن المحافظ علل قراره بأن نسخة التقييد بالسجل التجاري للبائعة يتضمن مجموعة من الحجوزات وأن الفصل 453 من قانون المسطرة المدنية ينص على أن الحجز يمنع المدين من التصرف في ماله تصرفا يضر بدائنه ويكون نتيجة لذلك كل تفويت؛ تبرعا أو بعوض مع وجود الحجز باطلا وعديم الأثر، وأن اعتماد الفصل المذكور، فيه انحراف في استعمال السلطة والذي يبدو من خلاله تجاوز المحافظ للسجلات العقارية إلى السجلات التجارية، وأن الرسم العقاري خالي من أي تضمين يفيد كونه موضوع حجز تحفظي أو غيره، ويبقى العقار غير خاضع لمقتضيات الفصل المذكور، وبالتالي فالتقييدات المسجلة بالسجل التجاري تنتج أثرها حصرا بشأن الأصل التجاري دون العقار موضوع طلب التقييد وهذا التفسير يؤكده الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري، طالبين الحكم بإلغاء قرار المحافظ عدد 88 م ع /1 المذكور، وأمره بتقييد العقد التوثيقي المنجز بشأن تفويت كافة الملك موضوع الرسم العقاري عدد 48620/1 من طرف المالكة شركة ”كوماريت” إلى المدعيين.
وبعد جواب المدعى عليه بأن الفصل 72 من ظهير التحفيظ العقاري أسند صلاحيات واضحة للمحافظ العقاري وأن موقفه سليم طبقا للفصل 453 من قانون المسطرة المدنية لأن العقار مقيد في اسم شركة تجارية وأن الفصل 992 من قانون الالتزامات والعقود اعتبر رأسمال الشركة مكونا من الحصص العينية أو النقدية والتي تشكل العقارات جزءا من رأسمالها، وأنه بالرجوع إلى البيانات المضمنة بالسجل التجاري، فإن أصول الشركة مثقلة بمجموعة من التحملات لفائدة كل من مديرية الجمارك والبنك الشعبي، وأن ديون الخزينة مضمونة بحق الامتياز، وبالتالي فالتقييد قد يفوت على الدولة فرصة استخلاص ديونها. وبعد كل ما ذكر، أصدرت المحكمة المذكورة حكمها عدد 3269 بتاريخ 09/10/2013 في الملف رقم 799/21/13 بإلغاء قرار المحافظ وأمره بتقييد العقد التوثيقي المنجز بشأن كافة الملك موضوع الرسم العقاري عدد 48620/1 من طرف المالكة شركة ”كوماريت”، استأنفه المدعى عليه، وأيدته محكمة الاستئناف المذكورة وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنف بثلاثة أسباب.
فيما يخص السببين الأول والثاني:
حيث يعيب الطاعن القرار في السبب الأول بخرق القانون، ذلك أنه بمقتضى المادة 8 من القانون 41.99 المتعلق بإحداث المحاكم الإدارية، فإن هذه المحاكم هي المختصة نوعيا للبت في طلبات إلغاء قرارات المحافظ باعتباره سلطة إدارية، وبالتالي فقراراته إدارية لا تقبل الطعن إلا أمام القضاء الإداري، وأنه طبقا للمادة 12 من نفس القانون فإن القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي تعتبر من النظام العام، وللأطراف الدفع بعدم الاختصاص في جميع مرحل الدعوى؛
ويعيبه في السبب الثاني بانعدام الأساس القانوني وخرق المادة 21 من القانون 41.99 المتعلق بإحداث المحاكم الإدارية ونقصان التعليل الموازي لانعدامه، ذلك أن شكليات مقال الطعن من النظام العام تثار ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، وأنه طبقا للفصل 355 من قانون المسطرة المدنية وللمادة 21 من القانون 41.99 المذكور، فإنه يجب تحت طائلة عدم القبول أن يكون طلب الإلغاء بسبب تجاوز السلطة مرفقا بنسخة من القرار الإداري المطلوب إلغاؤه، وإذا سبق تقديم تظلم إداري، يتعين أن يصحب طلب الإلغاء أيضا بنسخة من القرار القاضي برفض التظلم أو بنسخة من وثيقة تشهد بإيداع التظلم إن كان رفضه ضمنيا، إلا أن المطلوبين في النقض لم يرفقا طعنهما بنسخة من تلك الوثائق وأن المحكمة لما قضت بقبول الطعن شكلا تكون قد خالفت المقتضيات المذكورة؛
لكن، ردا على السببين معا لتداخلهما، فإنه بمقتضى الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري، ”يجب على المحافظ على الأملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها تقييد حق عيني أو التشطيب عليه أن يعلل قراره ويبلغه للمعني بالأمر. يكون هذا القرار قابلا للطعن أمام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستيناف.” وبالتالي فلا مجال للاحتجاج بانعقاد الاختصاص للقضاء الإداري ولا بخرق مقتضيات المادة 21 من القانون 41.99 التي استوجبت شكليات معينة لتقديم طلب الإلغاء بسبب تجاوز السلطة حينما يكون الطعن مقدما أمام الجهة القضائية الإدارية المنصوص عليها بمقتضى المادة 20 من نفس القانون وليس الجهة القضائية العادية التي انعقد لها الاختصاص في نازلة الحال، مما يبقى معه السببان على غير أساس.
فيما يخص السبب الثالث
حيث يعيب الطاعن القرار فيه بانعدام الأساس القانوني وخرق الفصل 97 من ظهير التحفيظ العقاري ونقصان التعليل الموازي لانعدامه، ذلك أن الفصلين 72 و74 من الظهير المذكور أوجبا على المحافظ فحص ودراسة الوثائق المرفقة بطلبات التقييد المقدمة له، وأنه لما ثبت له أن طلب المطلوبين في النقض غير مبرر، رفض التسجيل لأنه بالرجوع إلى البيانات المضمنة بالسجل التجاري، فإن أصول الشركة البائعة مثقلة بحجزين تنفيذيين لفائدة مديرية الجمارك والضرائب غير المباشرة وبحجزين تحفظيين لفائدة البنك الشعبي وبحجوزات تحفظية لفائدة كل من عابد فانيح ومحمد المدني وعزيز لطفان وتوفيق بوعشرين وأسماء موساوي، وبالتالي فإن الوضعية القانونية للصك العقاري يحول دون الاستجابة للطلب.
لكن؛ ردا على هذا السبب، فإنه لا مجال للاحتجاج بمقتضيات الفصلين 72 و74 من ظهير التحفيظ العقاري ما دام أن مسؤولية المحافظ تنحصر في التثبت من مطابقة ما تضمنه الرسم العقاري مع الوثائق المطلوب تقييدها به، وأنه طبقا للفصل 94 المتمسك به من نفس الظهير، فإنه ”يجب على المحافظ على الأملاك العقارية أن يتحقق من أن التشطيب موضوع الطلب لا يتعارض مع البيانات المضمنة بالرسم العقاري ومقتضيات هذا القانون وأن الوثائق المدلى بها تجيز التشطيب” وبالتالي فالفصل المذكور يعالج مسألة التشطيب ولا مجال للاحتجاج أيضا بمقتضياته في نازلة الحال، وأن العبرة في معرفة التحملات العقارية هي بما تضمنه الرسم العقاري المذكور وليس بالبيانات التي تضمنها السجل التجاري للشركة المالكة؛ البائعة للمطلوبين في النقض، وهو ما اعتمده القرار المطعون فيه ـ وعن صواب ـ لما علل بأنه ”لئن كان يحق للمحافظ طبقا لمقتضيات الفصل 72 من ظهير التحفيظ العقاري صلاحية التحقق من هوية المفوت وأهليته وصحة الوثائق المدلى بها، فإن ما ارتكز عليه في قرار رفضه وما بسطه في أوجه استئنافه من حيث أن التفويت مع وجود الحجز يعد باطلا لا يمكن تطبيقه في نازلة الحال خاصة من حيث امتداده إلى الرسم العقاري موضوع الدعوى على أساس أنه لا يوجد ضمن وثائق الملف وخاصة شهادة الملكية للرسم العقاري عدد 48620/1 ما يفيد توقيع أي حجز مما أشار إليه الطاعن وأن ما نعاه من وجود تحملات على السجل التجاري للبائعة، لا يمكن أن يسري على الرسم العقاري ما دام غير مضمن به”، ونتيجة لذلك يكون القرار معللا تعليلا سليما ومرتكزا على أساس قانوني وما بهذا السبب الأخير غير جدير بالاعتبار أيضا.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطاعن المصاريف.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: مصطفى زروقي ـ مقررا. ومحمد طاهري جوطي ومحمد أسراج والمعطي الجبوجي أعضاء. وبمحضر المحامية العامة السيدة لبنى الوزاني وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة أسماء القوش.