المحكمة العسكرية – طبيعة تعليلاتها –
القرار عدد 1055-1
الصادر بتاريخ 25-12-2013
في الملف الجنائي عدد 10110-2013
القاعدة:
بالنسبة لأحكام المحكمة العسكرية، فإن الأسئلة التي يلقيها الرئيس على أعضاء الهيئة الحاكمة والأجوبة عنها بنعم أو بلا تقوم مقام التعليل، ولا تتضمن تلك الأسئلة لا أجوبة المتهم ولا شهادات الشهود.
أسئلة المحكمة العسكرية المجاب عليها بأن المتهم التهم الشيك أمام الضابطة القضائية خلال التفتيش بعد أن شهد ضده متهم آخر بأنه هو من باعه مخدر الشيرا يعتبر تعليلا كافيا على اتجار المتهم في المخدرات وانتفاده لذلك يعتبر مجادلة في قيمة الحجج المتوفرة في الملف والتي تخضع في تقييمها للسلطة التقديرية للمحكمة ولا تمتد إليها رقابة محكمة النقض.
نص القرار
بناء على طلب النقض المرفوع من المسمى غ م ، العسكري برتبة عريف رقمه …..، بمقتضى تصريح أفضى به بواسطة الأستاذة سعاد بطل بتاريخ 15 أبريل 2013 لدى كتابة الضبط بالمحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية بالرباط، والرامي إلى نقض الحكم الصادر عنها حضوريا بتاريخ 08 أبريل 2013 في القضية ذات العدد 2613/2323/2012 والقاضي بإدانته بجنحة الاتجار في مخدر الشيرا ومعاقبته بسنة واحدة حبسا نافذا وخمسة آلاف درهم غرامة نافذة وبتحميله الصائر تضامنا مع الغير مجبرا في الحد الأدنى.
إن محكمة النقض/
بعد أن تلت السيدة المستشارة جميلة الزعري التقرير المكلفة به في القضية.
و بعد الإنصات إلى السيد عبدالكافي ورياشي المحامي العام في مستنتجاتـه.
و بعد المداولة طبقا للقانون،
نظرا لمذكرة بيان وسائل الطعن المدلى بها من لدن الطالب بإمضاء الأستاذة سعاد بطل المحامية بهيئة المحامين بالرباط، المقبولة للترافع أمام محكمة النقض.
في شأن وسيلتي النقض الأولى والثانية المستدل بهما مجتمعتين المتخذة أولاهما من انعدام التعليل:
ذلك أن الحكم المطعون فيه يتضمن خروقات واضحة لقواعد موضوعية أساسية، فهو لم يناقش الركنين المادي والقانوني للجريمة وأساء تطبيق الفصلين 1 و 8 من ظهير 21 ماي 1974 لأن جريمة الاتجار في المخدرات تستلزم عنصرين أساسيين هما عنصر حيازة جسم الجريمة وعنصر التلبس.
ومن المعروف فقها وقضاء أن من بين خصائص النص الجنائي الدقة ووضوح الأفعال التي يجرمها، وهذه القاعدة ليست إلا ترجمة لمبدأ الشرعية الجنائية التي تقوم على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
ومن خلال وقائع الملف يثبت أن اتهام طالب النقض كان بناء على تصريح المتهم الأول ع ش بسبب شنآن بينهما، لكون العارض كان دائما يوجه له ملاحظات بشأن العمل، وهذه الوقائع لا تنسجم مع روح القانون الذي توبع وأدين به العارض، رغم أن ملف النازلة يتضمن إنكاره للاتجار في المخدرات وهو الإنكار الذي تجدد أيضا في جلسة المناقشة، والذي أسقطته المحكمة العسكرية من حكمها، وكان عليها أن ترجحه على التصريحات المنسوبة إليه خصوصا وأن الملف خال من الأدلة الدامغة التي تؤكد بأن العارض يتاجر في المخدرات فتصريحات المتهمين ضد بعضهم البعض تكون بدافع تلفيق التهمة، أو الانتقام بسوء نية، أو بسبب الطيش وينبغي أن يتعامل القضاء معها تعاملا صارما وحذرا، فحينما يصرح أحد المتهمين بأنه مدمن على المخدرات وأن فلانا زوده بها، فهذا التصريح لا يعد شهادة وإنما اعترافا لا يلزم إلا صاحبه، لأن الشهادة يكون فيها الشاهد محايدا ولا علاقة له بالواقعة المشهود فيها.
والمحكمة رغم نفي العارض لتهمة الاتجار اعتمدت على قرينة مبلغ 3720,00 درهم الذي وجـد بحوزته والذي صرح بشأنه بأنه اقترضه بمناسبة رمضان وعيدالفطر، من إحدى المؤسسات البنكية وأثبت ذلك بحجج كتابية، مما يعرض حكمها للنقض والإبطال.
والمتخذة ثانيتهما من خرق قاعدة مسطرية أضرت بأحد الأطراف:
ذلك أن قضاء المجلس الأعلى مستقر على أن عدم طرح الأسئلة المهمة (هكذا) من طرف المحكمة العسكرية كاف لنقض حكمها وأكد ترسيخا للقاعدة ما يلي: << الأسئلة التي يلقيها الرئيس على أعضاء الهيئة الحاكمة في المحكمة العسكرية والجواب عنها إيجابا أو سلبا يقوم مقام التعليل، وعدم إلقاء الرئيس لسؤال مهم في القضية للإجابة عنه يعتبر خارقا لمقتضيات الفصل 99 من قانون القضاء العسكري وأشار العارض إلى مراجع بعض القرارات في هذا الشأن مما ينبغي معه نقض الحكم المطعون فيه.
حيث إنه بالنسبة لأحكام المحكمة العسكرية، فإن الأسئلة التي يلقيها الرئيس على أعضاء الهيئة الحاكمة والأجوبة عنها بنعم أو بلا تقوم مقام التعليل، ولا تتضمن تلك الأسئلة لا أجوبة المتهم ولا شهادات الشهود.
وحيث علل الحكم المطعون فيه ما قضى به في حق العارض بما يلي:
<< هل من الثابت أن المسمى ع ش … ضبط بتاريخ 13/08/2012 حائزا لكمية من مخدر الشيرة ؟ نعم.
<< هل من الثابت أن المتهم اقتنى المخدر المذكور من المتهم غ م ؟ نعم.
<< هل فتش هذا الأخيـر، فتم العثور بمخبئه على قـدر من المال وصل إلى 3720 درهما وشيك بريدي؟ نعم.
<< هل قام المتهم الأخير بالتهام الشيك البريدي بمحضر ضابط الشرطة القضائية ؟ نعم.
<< هل إنه يتاجر في المخدرات ؟ نعم.
<< هل إنه مدان من أجل ذلك ؟ نعم>>.
وحيث يتجلى من هذا التعليل أن المحكمة أبرزت عناصر الجنحة التي أدانت بها العارض وفق القانون، وعللت حكمها من الناحيتين الواقعية والقانونية تعليلا كافيا، ويبقى ماعدا ذلك مما عابه الطاعن عليها مجرد مجادلة في قيمة الحجج المتوفرة في الملف والتي تخضع في تقييمها للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع، ولا تمتد إليها رقابة محكمة النقض، مما تكون معه الوسيلتان غير مرتكزتين على أساس.
من أجـلــه
قضت برفض الطلب.
وحكمت على صاحبه بالمصاريف القضائية تستخلص طبق الإجراءات المقررة في قبض صوائر الدعاوي الجنائية مع تحديد مدة الإكراه البدني في أدنى ما ينص عليه القانون .
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض الكائنة بشارع النخيل بحي الرياض بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: الطيب أنجار رئيسـا، والمستشاريـن جميلة الزعري مقررة وعبد السلام بوكرع وعبد السلام البري وعبد الرزاق صلاح، وبمحضر المحامي العام السـيد عبدالكافي ورياشي الذي كان يمثل النيابة العامة، وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة اليماني.