مستجدات التشريع المتعلق بالطعن بالنقض المدني من خلال التعليق على القانون 05-25 المعدل للفصلين 353 و 355 من قانون المسطرة المدنية
مستجدات التشريع المتعلق بالطعن بالنقض المدني
من خلال التعليق على القانون 05-25
المعدل للفصلين 353 و 355 من قانون المسطرة المدنية
جــهــاد أكــرام
محام متمرن بهيئة الدار البيضاء
1– تعديل ق.م.م و أهدافه: طالعنا العدد 5374 من الجريدة الرسمية بالقانون 05-25(1) الذي سن أحكاما جديدة تخص الطعن بالنقض في المقررات القضائية، عبر تعديل و تتميم مقتضيات الفصلين 353 و 355 ق.م.م على النحو التالي:
+الفصل 353 – “يبت المجلس الأعلى ما لم يصدر نص صريح بخلاف ذلك في:
1- الطعن بالنقض ضد الأحكام الانتهائية الصادرة عن جميع محاكم المملكة باستثناء: الطلبات التي تقل قيمتها عن عشرين ألف درهم و الطلبات المتعلقة باستيفاء واجبات الكراء و التحملات الناتجة عنه أو مراجعة السومة الكرائية؛
2- الطعون الرامية إلى إلغاء المقررات الصادرة عن السلطات الإدارية للشطط في استعمال السلطة؛
3- الطعون المقدمة ضد الأعمال و القرارات التي يتجاوز فيها القضاة سلطاتهم؛
4- البت في تنازع الاختصاص بين محاكم لا توجد محكمة أعلى درجة مشتركة بينها غير المجلس الأعلى؛
5- مخاصمة القضاة و المحاكم غير المجلس الأعلى؛
6- الإحالة من أجل التشكك المشروع؛
7- الإحالة من محكمة إلى أخرى من أجل الأمن العمومي أو لصالح حسن سير العدالة”.
+الفصل 355 – “يجب أن تتوفر في المقال تحت طائلة عدم القبول:
1- بيان أسماء الأطراف العائلية و الشخصية و موطنهم الحقيقي؛
2- ملخص الوقائع و الوسائل و كذا المستنتجات.
يجب إرفاق المقال بنسخة من الحكم النهائي المطعون فيه و إلا طلبتها كتابة الضبط من المحكمة التي أصدرته؛
يجب تحت طائلة عدم القبول:
1- إرفاق المقال إذا كان الأمر يتعلق بالطعن في مقرر إداري من أجل التجاوز في استعمال السلطة بنسخة من المقرر المطعون فيه؛
2- إرفاقه علاوة على ذلك بنسخة من المقرر الذي يرفض طلب التظلم الأولي المنصوص عليه في الفقرة الثانية من الفصل 360 أو بمستند يثبت تقديم الطلب المذكور إذا كان قد قدم.
يجب أن يرفق المقال بنسخ مساوية لعدد الأطراف، و إذا لم تقد م أي نسخة أو كان عدد النسخ غير مساو لعدد الأطراف، تطلب كتابة الضبط من الطاعن بأن يدلي بهذه النسخ داخل أجل 10 أيام و عند انصرام الأجل المذكور و بقي الإنذار بدون مفعول يدرج الرئيس القضية بالجلسة و يصدر المجلس قرارا بعدم القبول”.
و قد حاول المشرع من خلال هذا القانون أن يحل بعض الصعوبات التي تعوق قضاة النقض بمناسبة تطبيق الفصلين اللذين شملهما التعديل، كمشكل تراكم طلبات النقض على المجلس الأعلى أو ذاك الذي نتج عن قساوة الجزاء المترتب عن عدم إرفاق مقال النقض بنسخ مساوية لعدد الأطراف أو بنسخة من المقرر القضائي المطعون فيه. و قد أورد المشرع في القانون موضوع التعليق ما بدا له مناسبا من حلول للوضعية التي دامت ما يفوق ثلاثين سنة في ظل قانون المسطرة المدنية لعام 1974.
2- منهجية التعليق: لا يمكن طبعا أن يمر قانون مهم كهذا الذي مس بعض إجراءات النقض، دون أن يحرك أقلام المهتمين بالقانون الإجرائي. و من هنا جاءت فكرة التعليق على مقتضياته، عبر عرض بعض الملاحظات التي ظهر من الواجب إبداؤها بخصوص القانون 05-25.
و قبل الدخول في صلب الموضوع، تجدر الإشارة إلى المعرفة المسبقة بأن هذا التعليق سيكون محط انتقاد من الناحية الشكلية من طرف الأكاديميين، لأنه لم يحترم منهجية البحث المتعارف عليها في المغرب، و هي المستوحاة من المنهجية اللاتينية في التحرير، و المبنية على التقديم للموضوع و طرح الفكرة التي يحاول أن يجيب عنها من خلال قسمين اثنين يكمل أحدهما الآخر، و يعضدان معا الفكرة المطروحة للنقاش. و رغم ذاك العلم المسبق، فقد اختيرت هذه الطريقة في كتابة التعليق، و هي التي تتلاءم و الطريقة الأنجلوساكسونية في التحرير، لأن موضوع التعليق عملي أكثر منه نظري من جهة أولى، و لأن اختلاف طبيعة المواضيع التي يشملها، و التي لا يربطها سوى كون المشرع قد جمعها في قانون واحد، تأبى تطبيق المنهجية اللاتينية من جهة ثانية.
و الملاحظات التي تسترعي الانتباه بخصوص القانون 05-25 على نوعين، أولهما شكلي و الآخر موضوعي، سيتم بحث كل نوع منها على حدة.
أولا- الـــمـــلاحـــظــــات الــــشــــكــــلــــيــــة
سنتناول الملاحظات الخاصة بكل واحد من الفصلين موضوع التعديل بانفراد.
I– بالنسبة للفصل 353 ق.م.م
أ- المصطلحات المستعملة
3- أحكام أم مقررات: أول ما يثير الانتباه في الفصل 353، أن المشرع استعمل عبارة الأحكام الانتهائية في الفقرة الثانية منه. و الحقيقة أن مصطلح الحكم مقتصر على ما يصدر عن الهيئات القضائية للمحاكم الابتدائية من قضاء، دون ما يصدر عن رؤساء المحاكم أو عن محاكم الاستئناف، إذ تسمى الأولى أوامر، في حين تنعت الثانية بالقرارات. فكان حريا بالمشرع أن يستعمل مصطلحا يجمع كل هذه المصطلحات. و لعل في كلمة المقرر القضائي المستعملة في قانون المسطرة الجنائية، ما يحل هذا المشكل المصطلحي(2).
4- واجبات الكراء أم السومة الكرائية: كما أن المشرع قد استعمل كلمتين مختلفتين للدلالة على نفس المصطلح في الفقرة الثانية من الفصل 353، و يتعلق الأمر بالواجبات الكرائية من جهة، و بالسومة الكرائية من جهة ثانية. فكان جديرا بالمشرع أن يوحد المصطلح المستعمل لأنه من غير المنطقي أن يستدل ذات القانون على معنى واحد باستعمال مصطلحين مختلفين، فما بالك لو تعلق الأمر بنفس الفصل من القانون، بل و بنفس الفقرة منه!!
5- طلبات أم مقررات صادرة في طلبات: كذلك، فقد استثنى المشرع في الفقرة الثانية من الفصل 353 بعض الطلبات القضائية من إمكانية ممارسة الطعن بالنقض، و الحال أن الصحيح هو استثناء المقررات القضائية الصادرة في هذه الطلبات من إمكانية الطعن فيها بالنقض، لأن الطعن يوجه ضد المقرر القضائي الصادر في الطلب، لا ضد الطلب ذاته.
ب) اعادة صياغة الفصل باكمله:
6- عرض الملاحظة: باستقراء نص الفصل 353 قبل التعديل و بعده، يتضح أن هناك سؤالا يطرح نفسه بشدة: لماذا تم تغيير الفصل 353 و تتميمه كاملا، و لم يقتصر على الفقرة الثانية منه فقط، و هي الوحيدة التي شملها التغيير؟ لا نعلم ما الذي دفع المشرع إلى تعديل الفصل بهذه الطريقة، أي بإعادة صياغته بالكامل، و الحال أنه لا يرمي إلى أكثر من تعديل فقرة وحيدة منه، و هي الفقرة الثانية المتعلقة بطلبات النقض. و المشكل الذي قد يترتب عن ذلك هو أن المشرع في 2005 قد وضع نصا جديدا للفصل 353 و هو غير الفصل الذي كان مضمنا في ظهير 1974. و معنى هذا أن تاريخ العمل بالمقتضيات المضمنة في الفصل هو ثاني ديسمبر 2005، أي اليوم الموالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. و القاعدة هي أن القانون اللاحق يقيد السابق و يلغيه في كل ما يتعارض معه.
و الإشكال القانوني قد يطرح هنا على صعيدين:
7- اختصاص المجلس الأعلى في النصوص السابقة على القانون 05-25: يخص أولهما صياغة الفقرة الأولى من الفصل، و التي تنص على اختصاص المجلس الأعلى ما لم يصدر نص صريح بخلاف ذلك. فإذا اعتبرنا أن الفصل 353 قد صدر في 2005، فمعنى ذلك أنه ألغى كل النصوص السابقة عليه و المحددة لاختصاص المجلس الأعلى، و أنه لن يؤخذ بعين الاعتبار لتحديد اختصاص المجلس الأعلى إلا نص الفصل، و النصوص القانونية التي صدرت في نفس وقت صدور القانون 05-25 أو في وقت لاحق عليه. و أساس هذا القول أن المشرع استعمل عبارة “ما لم يصدر” التي تنصرف إلى المضارع و المستقبل دون أي عبارة أخرى تفيد الاعتداد بالنصوص القانونية السارية المفعول في وقت صدور القانون 05-25، كعبارة “مع مراعاة النصوص القانونية الجاري بها العمل” أو “ما لم توجد نصوص قانونية خاصة” أو غيرهما. و قد ينتج عن هذا التفسير أن اختصاص المجلس الأعلى سيصير محددا في نص الفصل 353 ق.م.م و في النصوص الصادرة مع أو بعد القانون 05-25. أي أن المجلس سيصير، نظريا، غير مختص مثلا بالبت في استئناف الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية، و الحال أن المادة 45 من القانون 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية تمنحه الاختصاص المذكور(3).
8- اختصاص المجلس الأعلى في طلبات إلغاء المقررات الإدارية للشطط في استعمال السلطة: و يهم الثاني الفقرة الثالثة من الفصل، و التي تحمل رقم 2، و المتعلقة بالطعون الرامية إلى إلغاء المقررات الصادرة عن السلطات الإدارية للشطط في استعمال السلطة. فإذا اعتبرنا مرة ثانية أن تاريخ صدور الفصل 353 هو 2005، فمعنى ذلك أنه يقيد الأحكام القانونية السابقة التي تتعارض و إياه. و ينطوي هذا التفسير على نتائج خطيرة بالنسبة للنظام القضائي المغربي الحالي، لأنه سينقل اختصاص البت في دعاوى الإلغاء للشطط في استعمال السلطة من المحاكم الإدارية ليعيده للمجلس الأعلى. فواضعو القانون 05-25 كانوا على علم بوجود القانون 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية، هذا من جهة. كما أنهم يعلمون من جهة أخرى أن الفقرة الثالثة من الفصل 353 قبل التعديل، قد صارت ملغاة ضمنيا بموجب مقتضيات المادة 8 من القانون 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية(4). و رغم ذلك فقد أعادوا صياغة الفصل بنفس الحالة التي كان عليها في 1974. فما معنى ذلك أمام المسلمة التي مفادها أن أعمال المشرع منزهة عن العبث؟ يكون التفسير الوحيد أمام كل هذه المعطيات، أن القانون 05-25 نقل اختصاص البت في النزاعات المتعلقة بالشطط في استعمال السلطة من المحاكم الإدارية إلى المجلس الأعلى. و هذا هو التفسير الوحيد المقبول من الناحية التقنية القانونية، و لكنه في نفس الوقت مرفوض مطلقا من الجانب المنطقي؛ ذلك أن العبث، كل العبث، في إقصاء البت في دعاوى الشطط في استعمال السلطة من مجال اختصاص المحاكم الإدارية و إسناده لمحكمة النقض. و رغم ذلك فالمنتظر و المطلوب، بل و الأكيد، أن العمل القضائي سيقدم الجانب المنطقي على التحليل التقني القانوني، ليبقى اختصاص البت في النزاعات المتعلقة بالشطط في استعمال السلطة منعقدا للمحاكم الإدارية، و لينفي المشرع المغربي مرة أخرى صدق المقولة القاضية بأن أعمال المشرع منزهة عن العبث.
П– بالنسبة للفصل 355 ق م م :
يثير هذا الفصل ملاحظتين من الناحية الشكلية:
9- قواعد العطف في اللغة العربية: تتعلق اولاهما بالخطا التركيبي الوارد في نهاية الفقرة الاخيرة من الفصل، حيث جاء فيها” …وعند انصرام الاجل المذكور و الانذار بدون مفعول…” والصحيح انه كان على المشرع ان يستعمل فعلين او مصدرين، لا فعلا ومصدرا فيقول: وعند انصرام الاجل المذكور وبقاء الانذار بدون مفعول” او ” اذا انصرم الاجل المذكور وبقي الانذار بدون مفعول”.
10- تكرار الاحكام التشريعية السابقة: وتهم الثانية مقتضيات الفقرات الخامسة و السادسة والسابعة من الفصل 355 والتي تبتدئ ب: ” يجب تحت طائلة عدم القبول: “، و تنتهي في آخر “… إذا كان قد قدم”. و تعالج هذه الفقرات حالة الطعن أمام المجلس الأعلى في القرارات الإدارية للشطط في استعمال السلطة، حيث يجب إرفاق مقال الطعن بنسخة من المقرر المطعون فيه و بما يفيد رفض التظلم الإداري في حالة تقديمه. و قد كانت هذه المقتضيات مضمنة في الفصل 355 في صيغته الأصلية. و وجودها فيه منطقي لأن المجلس الأعلى كان المحكمة المختصة للبت في الطعون المرفوعة ضد المقررات الإدارية للشطط في استعمال السلطة. و قد نقلت هذه المقتضيات إلى المادة 21 من قانون إحداث المحاكم الإدارية التي ألغت ضمنيا المقتضيات المذكورة المضمنة في الفصل 355 قبل التعديل رغم بقائها ضمن أحكام قانون المسطرة المدنية(5). غير أن المشرع أعاد الحياة لهذه المقتضيات في 2005 عندما أعاد صياغة الفصل 355. و يا ليت إعادة صياغة هذا الفصل اتخذت نفس طريقة إعادة صياغة الفصل 353 بإعادة نقله حرفيا، لنقول إن المشرع قد وقع في سهو عندما أعاد نفس المقتضيات في الفصل 355 الجديد. و لكن إعادة الصياغة الهيكلية للفصل 355 بعد التعديل، تفيد بما لا يدع مجالا للشك أن المشرع المغربي أراد فعلا أن يشير الفصل المذكور إلى الأحكام القانونية المنظمة للوثائق اللازم إرفاقها بمقال الطعن في المقررات الإدارية للشطط في استعمال السلطة. و هنا مكمن العيب في الفصل 355 بعد التعديل، ذلك أنه قنن مسألة في غير موضعها من جهة، و سابقة التقنين في نص آخر من جهة ثانية؛ إذ أن هذه المقتضيات مضمنة في المادة 21 من قانون إحداث المحاكم الإدارية، و هذا هو موضعها الصحيح، لأن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عندما تبت في القضايا الإدارية، إنما تطبق الأحكام القانونية الخاصة بالقضاء الإداري و ليس المقتضيات المتعلقة بمحكمة النقض. فيكون المشرع في الفقرات الخامسة و السادسة و السابعة من الفصل 355 قد كرر حكما سابقا في التشريع المغربي، وهذا عين العبث مرة اخرى.
ثانيا- الملاحظات الموضوعية:
يثير القانون 05-25 ملاحظتين على المستوى الموضوعي:
І– مرفقات مقال الطعن بالنقض:
يمكن القول ان المكسب الوحيد الذي حققه القانون 25-05 هو حل مشكل عدم ارفاق مقال النقض بنسخة من المقرر المطعون فيه او عدد من نسخ المقال مساو لعدد الاطراف.
11- جزاء عدم ارفاق المقال بنسخة المقرر المطعون فيه: فقد كان المشكل المطروح في ظل الفصل 355 قبل التعديل هو قساوة جزاء عدم قبول الطلب المقرر عن عدم إرفاق مقال النقض بنسخة المقرر المطعون فيه. و المقصود هنا، النسخة المطابقة للأصل و ليس صورة المقرر. و لا تخفى على أغلب الممارسين تلك الوسائل الحقيرة التي كانت تعمد إليها بعض الجهات للوصول إلى الحكم بعدم قبول طلب النقض بسبب عدم إرفاق مقال النقض بنسخة طبق الأصل من المقرر المطعون فيه، في حين أن الطاعن قد فعل. و لكن الذي وقع أن النسخة قد سحبت من الملف فيما بين لحظتي إيداع المقال و وصوله إلى الهيئة الحاكمة، مما أدى في غير ما مرة إلى حرمان المتقاضين من حقوقهم بل و ربما إلى تقرير المسؤولية المهنية للمحامي. فكان أن تبنى المشرع حلا مرنا يقضي بطلب نسخة المقرر القضائي من المحكمة التي أصدرته عوض الحكم بعدم قبول الطلب، مما يضمن حقوق المتقاضين و يحميها بشكل أكثر فعالية.
12- جزاء عدم إرفاق المقال بنسخ مساوية لعدد الأطراف: كما و أن الفصل 355 قبل التعديل لم يكن صريحا في تحديد الجزاء المترتب عن عدم إرفاق مقال النقض بعدد من النسخ مساو لعدد الأطراف، بحيث لم تكن الفقرة الأخيرة مشمولة بجزاء عدم قبول الطلب المقرر بالنسبة لباقي الفقرات. فطرح أمام المجلس الأعلى إشكال في الحالة التي لا يرفق فيها مقال النقض بعدد من النسخ مساو لعدد الأطراف. فظهر اتجاه يقول بضرورة إنذار الطاعن بالإدلاء بالنسخ الكافية، و لكن ما العمل في الحالة التي لا يستجيب فيها الطاعن للإنذار المذكور، خصوصا و أن القانون غير صريح في تقرير جزاء عدم القبول؟ لذلك جاء تعديل الفصل 355 لوضع مسطرة خاصة واجبة الاتباع في هذه الحالة، حيث يكون على كتابة الضبط إنذار الطاعن و منحه أجل عشرة أيام للإدلاء بالعدد الكافي من النسخ، و إلا أدرجت القضية في الجلسة و قضي بعدم قبول الطلب. و الحقيقة أن المشرع لم يقنن في هذه الحالة سوى قاعدة قانونية من صنع القضاء، إذ قضى المجلس الأعلى بعدم قبول طلب النقض شكلا بعد إنذار الطاعن من أجل الإدلاء بالنسخ الكافية و بقاء الإنذار بدون جدوى(6).
13- كتابة الضبط المختصة بإنذار الطاعن للإدلاء بالنسخ الكافية: و لكن هذه الفقرة ليست كاملة و لا خالية من كل عيب. ذلك أنها لم تحدد كتابة الضبط التي يجب أن تنذر الطالب بتتميم الملف. أيتعلق الأمر بكتابة ضبط المجلس الأعلى، أم بكتابة ضبط المحكمة مصدرة المقرر المطعون فيه؟ و قد يرد على هذا السؤال بالقول إنه مفتعل و عديم الجدوى لأن الجواب ظاهر غير قابل للنقاش؛ إذ المنطق يقتضي أن الكتابة المعنية هي كتابة ضبط المجلس الأعلى، مادامت هي المكلفة بتتبع الملفات و تنظيمها خلال مرحلة النقض، و مادام الفصل ينص على إدراج القضية في الجلسة للحكم بعدم القبول عند بقاء الإنذار بدون جدوى بعد فوات الأجل. و لكن المنطق و العقل يقتضيان من جانب آخر أن تسند هذه المهمة إلى كتابة ضبط المحكمة المصدرة للمقرر المطعون فيه، لأن مقال النقض لا يودع في كتابة ضبط المجلس الأعلى، و لكن في كتابة ضبط المحكمة المصدرة للمقرر المذكور. و تاريخ الإيداع في هذه المحكمة، هو التاريخ المعتبر للوقوف على مدى تقديم الطعن داخل الأجل، دون الاكتراث إلى تاريخ وصول المقال إلى المجلس الأعلى. و عليه، تكون كتابة ضبط المحكمة المصدرة للمقرر المطعون فيه أول جهة قضائية تتصل بمقال النقض. فيكون من المنطقي أن تخول صلاحية مطالبة الطاعن بتتميم ملفه قبل إحالته على المجلس الأعلى، خاصة إذا علمنا أن المحاكم المصدرة للمقرر المطعون فيه أقرب من حيث المسافة للطاعن من المجلس الأعلى، و أن إحالة الملفات على المجلس الأعلى من مختلف محاكم المملكة، يكبد خزينة الدولة نفقات باهظة. فلماذا نحمل خزينة الدولة هذه المصاريف و نثقل كاهل قضاة النقض بملفات ستحكم بعدم قبول الطلب لأن الطاعن تعذر عليه تتميم ملف النقض داخل الأجل الممنوح له؟ ألم يكن من الأجدر جعل الجزاء مبدئيا هو عرقلة مسار الطعن بالنقض دون الحكم بعدم قبوله، عبر عدم إرسال الملف إلى المجلس الأعلى إلا بعد إدلاء الطاعن بباقي النسخ لدى كتابة ضبط المحكمة المصدرة للمقرر المطعون فيه، خاصة و أن صاحب المصلحة في البت في طلب النقض هو الطاعن، و أن النقض كطريق من طرق الطعن لا يوقف التنفيذ إلا في حالات استثنائية. و لا يكون هذا الحل مقبولا طبعا في الحالات التي يوقف فيها الطعن بالنقض التنفيذ، لأن الطعن قد يستغل في هذه الحالة بسوء نية لعرقلة التنفيذ. و لذلك قيل مبدئيا أعلاه، بحيث لا يعمل بالحل المقترح في الحالات التي يوقف فيها طلب النقض التنفيذ.
П– المستثنيات من حق الطعن بالنقض:
لا يمكن بحث الحلول الممكنة للاشكالات التي تطرحها الفقرة الثانية من الفصل 353 ق م م قبل الوقوف على مدى وجاهة التوجه التشريعي في تعديل هذا الفصل.
أ- نقد التوجه التشريعي:
14-تقليص دائرة المقررات القضائية القابلة للطعن بالنقض: يتمثل التغيير الجذري الذي أدخله القانون 05-25 على الفصل 353، بل و على النظام القانوني لطرق الطعن المدنية، في إقرار استثناءات على ممارسة حق الطعن بالنقض عندما حذف القانون المذكور هذه الإمكانية بالنسبة لثلاثة أنواع من الطلبات ويتعلق الامر بكل من:
– الطلبات التي تقل قيمتها عن عشرين الف درهم.
– الطلبات المتعلقة باستيفاء واجبات الكراء و التحملات الناتجة عنها.
– الطلبات المتعلقة بمراجعة السومة الكرائية.
15- دوافع التعديل: و لعل الدافع الأساسي إلى تقرير هذه الاستثناءات الثلاثة، هو تخفيف الضغط عن المجلس الأعلى. ذلك أن أغلب الدعاوى القضائية لا تنتهي في أرض الواقع بنهاية المرحلة الاستئنافية، و إنما بصدور قرار عدم قبول طلب النقض أو رفضه. فالمتقاضون لا يكتفون بالمقرر النهائي في الموضوع، و إنما غالبا ما يعمدون إلى الطعن بالنقض في هذا المقرر. و إذا كان ذلك من حقهم، استنادا إلى أن من حق كل من تضررت مصالحه من مقرر قضائي أن يمارس طرق الطعن ضده، فيجب أن لا يغيب عن البال أن الطعن بالنقض طريق غير عادي من طرق الطعن، لا يمكن ممارسته إلا وفق شروط محددة، لا يمت للوقائع بصلة، و لا يستجاب له و لا أثر له على المقرر المطعون فيه إلا بناء على أسباب معينة تتصل في الغالب بسوء تطبيق القانون من طرف محكمة الموضوع. و عليه، فإذا كان المبدأ أن كل المقررات القضائية تقبل الطعن بالاستئناف أو بالتعرض، وفق شروط معينة طبعا، نظرا لأن لهذين الطعنين أثرا ناشرا للنزاع، فإن الأمر عكس ذلك بالنسبة لطرق الطعن غير العادية، خاصة فيما يتعلق بالنقض. ذلك أنه لا يستساغ التقدم بطلب النقض ضد مقرر قضائي لم يخرق القانون في أي شيء مطلقا. و لكن الممارسة العملية اليومية أفرزت للأسف حالات عديدة لطعون نقض كيدية، يندى الجبين أن تعرض المقالات التي تتضمنها على أعلى جهاز قضائي في المملكة. و لا أدل على ذلك من الكم الهائل من طلبات النقض المرفوضة، دون ذكر غير المقبول منها. و كلها طلبات ترهق بلا فائدة كاهل قضاة النقض. و لعل هذا هو السبب الكامن وراء محاولة تقليص دائرة المقررات القضائية القابلة للطعن بالنقض. و عليه فقد اختار المشرع ثلاثة أنواع من الطلبات القضائية و منع مقدميها من حق الطعن بالنقض في المقررات النهائية الصادرة فيها.
16- عيوب التوجه التشريعي في التعديل: و لكن المشرع لم يحل المشكل في الواقع، بل خلق كما عودنا، مشكلا أعوص منه و أكبر بل و أشد وطأة على النظام القانوني و القضائي المغربي. فعلى أي أساس تم اختيار الأنواع الثلاثة من الطلبات التي تم إقصاؤها من دائرة اختصاص قضاة النقض؟ لا يمكن أن نقول أمام انتفاء أي معيار معقول، إلا أن المشرع قد وضع اعتباطا هذه اللائحة من الطلبات، و قدر أنها لا تستحق ربما أن تعرض على المجلس الأعلى، و كأني بالمشرع ينظر إلى القانون نظرة طبقية، أو أنه لاحظ أن هذا النوع من الطلبات هو الذي يعرض بكثرة على أنظار قضاة النقض. و المشرع مخطئ باستثنائه الطلبات المذكورة في الفقرة الثانية من الفصل 353، لأنه ما من سبب، مهما كانت مؤيداته، يبرر الحيلولة دون عرض النزاع على قضاء النقض. فقضاء النقض، هو قضاء القانون. و المجلس الأعلى محكمة تنظر في عمل محاكم الموضوع و تقيمه، لتؤيده متى وافق القانون، و لتقومه إن هو خالفه. و قضاة الموضوع معرضون للخطأ في تطبيق القانون، سواء أتعلق الأمر بقضاة محاكم الدرجة الأولى أم الثانية. و عليه، فللمجلس الأعلى الكلمة الفصل، على الصعيد الوطني، في حسن تطبيق القانون و تفسير نصوصه. و بناء على ذلك، فلا يعقل مطلقا أن يستثنى أي نوع من المقررات القضائية من دائرة اختصاصه. وقد كان بإمكان المشرع أن يستعيض عن توجهه هذا بحل آخر أنجع منه و أكثر فائدة، و هو تقييد حق النقض بإيداع كفالة مالية تسترد بعد صدور قرار المجلس، إلا إذا تبين أن طلب النقض كان كيديا، مما سيمنع لا محالة من اللجوء إلى المجلس الأعلى إلا إذا كانت وسائل النقض مبنية على أساس قانوني.
17- مصير الطلبات دون قيمة 3000 درهم: فأولى المشاكل التي سيخلقها الفصل 353 في صياغته الجديدة، تكمن في أن الدعاوى التي تقل قيمة الطلبات الأصلية فيها عن ثلاثة آلاف درهم، ستصير مقصورة النظر على المحكمة الابتدائية وحدها، على اعتبار أنها لا تقبل الاستئناف، و أنها صارت غير قابلة للطعن بالنقض بموجب القانون 05-25.
18- إمكانية تعارض الأحكام القضائية: و أما الوضع الخطير الذي سينتج عن الفصل المذكور، فيكمن في إمكانية ضرب مبادئ التوقع و الاستقرار القانونيين و وحدة تفسير النصوص القانونية. ذلك أن المجلس الأعلى صار محروما من بسط رقابته على الطلبات المستثناة في الفقرة الثانية من الفصل 353. ومعنى ذلك إمكانية نشوء التضارب القضائي بين عمل محاكم الموضوع في المملكة، دون أدنى إمكانية لتحديد الرأي الصائب و الموافق للقانون فيه، مما قد ينتج زعزعة الثقة في المؤسستين القانونية و القضائية المغربيتين، و ينعكس بالتالي سلبا على السوق الاقتصادية الوطنية.
فقد نجد أنفسنا يوما أمام واحد و عشرين رأيا قانونيا مختلفا في نفس النقطة القانونية، على اعتبار أن عدد محاكم الاستئناف هو واحد و عشرون. و لا يحتجن في هذا الصدد بكون هذه الافتراضات خيالية بعيدة عن الواقع، لأننا عاينا منذ سنوات قليلة أن العمل القضائي المغربي أفرز ثلاثة أراء مختلفة بخصوص مدى اختصاص المحاكم التجارية بالنظر في النزاعات المتعلقة بظهير 24 ماي 1955، بحيث استقلت كل واحدة من محاكم الاستئناف التجارية المغربية الثلاث برأي متميز، و لم يحل المشكل إلا بعد تدخل المجلس الأعلى. كما أن الممارسين بالدائرة القضائية بالدار البيضاء قد وقفوا منذ وقت غير بعيد على الأزمة التي خلقها دخول القانون 99-63 المعدل للقانون 79-6 المتعلق بالعلاقات التعاقدية بين المكري و المكتري حيز التنفيذ، خاصة فيما يتعلق بشرط التغييرات في قبول طلبات مراجعة السومة الكرائية في إطار الفصل 5 من القانون 79-6. فقد انقسمت المحاكم الابتدائية بالدار البيضاء آنئذ بين رأيين، حسمت فيهما محكمة الاستئناف بقرار شهير أسال من الحبر الكثير(7). و لكن المشكل لم يتوقف عند هذا الحد، إذ عاكس المجلس الأعلى هذا الاتجاه القضائي بقرار محل نظر(8). و على الرغم من ذلك، أي على الرغم من النقد الذي قد يواجه هذا القرار، فإننا نلاحظ من خلاله كيف أن دور المجلس الأعلى أساسي و ضروري في شرح و تفسير النصوص القانونية. و إنه لمما يعضد الرأي المذكور أعلاه، و المتعلق بأنه لا توجد طلبات لا تستحق لعدم أهميتها أن تعرض على محكمة النقض، أن هذا القرار الأخير، و المثير للجدل، قد صدر في مسألة تتعلق بشروط مراجعة السومة الكرائية، و هي إحدى المسائل التي استثنتها الفقرة الثانية من الفصل 353 من نطاق اختصاص المجلس الأعلى.
كما تجدر الإشارة إلى أن مشكل التضارب في العمل القضائي سيتفاقم إذا لاحظنا أن البت في الطلبات المستثناة من ولاية قضاة النقض يتطلب إعمال عدد غير محصور من النصوص القانونية، بدءا بقانون المسطرة المدنية في الجانب الشكلي، و مرورا بقانون الالتزامات و العقود باعتباره الشريعة العامة للقانون في المغرب و الذي لا تكاد أي دعوى قضائية تخلو من إعمال مقتضياته، مرورا بمدونة التجارة على أساس أن من بين الديون التجارية العديد مما لا تتجاوز قيمتها عشرين ألف درهم، دون إغفال القوانين المتعلقة بالكراء و غيرها من النصوص الموضوعية. و معنى ذلك أن تفسير المقتضيات القانونية المتعلقة بالكمبيالة أو الشيك مثلا، قد تتباين من محكمة استئناف إلى أخرى. و كذا الأمر بالنسبة لقواعد الإثبات سواء أتعلق الأمر بالمادة المدنية أم التجارية، و سواء أتعلق أيضا بالنصوص الموضوعية في الإثبات المضمنة في ق.ا.ع و في مدونة التجارة، أم بالأحكام الشكلية المنظمة في قانون المسطرة المدنية. و كذلك الشأن مثلا بالنسبة للقواعد المسطرية، سواء ما تعلق منها بشكليات رفع المقال أمام المحكمة الابتدائية أم بسير الإجراءات أمام المحاكم، أم بممارسة طرق الطعن من استئناف و تعرض و إعادة النظر و تعرض الغير الخارج عن الخصومة ضد مقررات المحاكم الابتدائية و محاكم الاستئناف. و غير ذلك من الأمثلة كثير. و سند الرأي المتقدم، أن المقرر النهائي الصادر في أحد الطلبات المستثناة في الفقرة الثانية من الفصل 353، يكون غير قابل للطعن في مجموعه، و الحال أنه قد يكون أعمل كما هائلا من القواعد القانونية التي يمكن أن يصيب في تفسيرها بقدر ما يمكن أن يخطئ في ذلك. كل هذا، دون أن تتوافر للمجلس الأعلى أدنى إمكانية لمراقبة الأخطاء المحتملة في التطبيق و التفسير المذكورين.
19- الفرق بين منع الطعن بالاستئناف و منع الطعن بالنقض، و أثر الأخير على فعالية القانون: وقد يرد على كل ذلك بالقول إن النظام القانوني المغربي يعرف وضعا شبيها بالذي استحدثه الفصل 353 بعد تعديل 2005. و يتعلق الأمر بالأحكام النهائية الصادرة عن المحاكم الابتدائية، و التي لا تقبل الطعن بالاستئناف(9). فيكون الجواب بأنه لا مجال للمقارنة بين الحالتين. صحيح أن تقرير نهائية بعض الأحكام الابتدائية يحرم المتقاضين من درجة من درجات التقاضي، مما يقلص نسبيا من حقوق الدفاع. و لكن الأمر أشد وطأة بالنسبة للحرمان من حق الطعن بالنقض. فهذا الأخير لا يؤدي فقط إلى تقليص حقوق الدفاع بحرمان المتقاضين من رقابة محكمة النقض على حسن تطبيق محاكم الموضوع للقانون، بل إنه مؤثر في النظام القانوني للبلد، يزعزع استقراره و يضرب وحدته، بحيث لا يمكن القول، في ظل النظم القانونية التي تقر استثناءات على اختصاص محكمة النقض في رقابة عمل محاكم الموضوع، إن هناك جهازا يتربع على هرم السلطة القضائية في البلاد مهمته مراقبة حسن تطبيق و تفسير النصوص القانونية، لسبب بسيط و هو أن سلطة هذا الجهاز لا تمتد لتشمل كافة مجالات عمل محاكم الموضوع، مما ينذر بتضارب محتمل في العمل القضائي، منعكس سلبا لا محالة على مختلف وظائف القانون داخل المجتمع.
ب-الاشكالات القانونية المطروحة:
20- محاولة حل الإشكالات القانونية التي يطرحها القانون 05-25: و لكن المشرع قد وضعنا أمام الأمر الواقع، و لا خيار لنا إلا التكيف مع هذا الوضع، لأنه شئنا أم أبينا فقد صار الطعن بالنقض ممنوعا ضد المقررات القضائية الصادرة في الطلبات التي تقل فيمتها عن عشرين ألف درهم، و في طلبات استيفاء السومة الكرائية و توابعها، و في تلك المتعلقة بمراجعة هذه السومة. لذلك، فالأجدر الوقوف على الاشكالات القانونية التي قد يطرحها التطبيق العملي للقانون 05-25، مع محاولة عرض مختلف الحلول الممكنة لتجاوزها، مما قد يحول دون توجيه الانتقادات للقضاء بدوره من جراء تطبيقه لفصلي القانون موضوع التعليق. و الملاحظ في هذا الصدد، أن من شأن الفصل 353 أن يثير إشكالين قانونيين أساسيين من جهة أولى، و أن هناك حلا عمليا من شأنه أن يحد من مفعول الاستثناء الأول المتعلق بالطلبات التي تقل قيمتها عن عشرين ألف درهم من جهة أخرى.
21- رفع قيمة الطلب إلى عشرين ألف درهم للحد من أثر الاستثناء الأول: أما عن الحل العملي، و الذي يمكن للمحامين اللجوء إليه لضمان الوصول بالطلبات المحددة القيمة، غير تلك المتعلقة باستيفاء السومة الكرائية أو مراجعتها، إلى المجلس الأعلى، فيكمن في عدم تقديم أي طلب قضائي محدد القيمة، بقيمة تقل عن عشرين ألف درهم. فما من شيء يحد من حرية المدعي في تحديد قيمة طلبه إلا ضرورة أداء الرسوم القضائية. و الرسم القضائي المؤدى عن مبلغ عشرين ألف درهم لا يتجاوز خمسمئة درهم(10)، و هو مبلغ زهيد إذا ما وضع في الكفة المقابلة لإمكانية عرض الطلب على أنظار المجلس الأعلى. و إذا قيل إن المنطق يفرض في حالات معينة أن يقل مبلغ الطلب عن عشرين ألف درهم، على اعتبار أن مبلغ الدين مثلا هو خمسة أو ستة أو عشرة آلاف درهم، نقول إنه ما من شيء يمنع رغم ذلك تقديم طلب بما يفوق قيمته مادامت المحكمة لن تحكم إلا بما ثبت استحقاقه من الدين. و قد يرد على هذا التوجه بالقول إن المدعي قد يجد نفسه مدعى عليه في دعوى للتعويض من أجل التقاضي بسوء نية. و ذلك أمر ممكن و غير مستبعد خاصة في ظل نظام قضائي لا تنفك مقرراته تطالعنا بالغرائب و العجائب يوما عن آخر، رغم أنه لا منطق مطلقا في قضاء يعتبر هذا التصرف تقاضيا بسوء نية، في حين أن صاحبه لا يرمي من خلاله إلى أكثر من إيجاد حل لضمان إيصال دعواه أمام المجلس الأعلى – بسبب عبقرية المشرع التي ارتأت، دون أدنى أساس منطقي، إقصاء نوع من الدعاوى من رقابة قضاة النقض-، دون أن تكون له أدنى نية للإضرار بخصمه. و لكن هناك حيلة أخرى قد تمكن من تجاوز هذا الخطر: ذلك أن قيمة الطلب لا تحدد من خلال قيمة أصل الدين المطالب به فقط، بل من خلال قيمة التعويض. و ما من شيء يمنع مرة ثانية المدعي من تحديد قيمة التعويض عن الضرر الذي لحقه في أي مبلغ شاء، لأن التعويض يجب أن يغطي الضرر، و لأن المتضرر أقدر الناس على تقدير قيمة الضرر الذي تعرض له. فيكون للمدعي أن يرفع قيمة التعويض المطالب به إلى مبلغ يجعل مجموعه و أصل الدين، يصل إلى مبلغ عشرين ألف درهم. و لا تأثير في ذلك على الحكم، لأن للمحكمة سلطة تقدير التعويض المستحق في إطار النصوص القانونية الجاري بها العمل، و في حدود ما أصاب المدعي من ضرر، دون أدنى اكتراث منها لقيمة طلبه.
22- إشكالان قانونيان: و أما فيما يخص الإشكالين القانونين المطروحين إلى حد الآن، فيتعلق أولهما بمدى انطباق الاستثناء الأول على غير الطلبات الأصلية، في حين يهم الثاني مشكل تطبيق القانون 05-25 من حيث الزمان.
الإشكال الأول – الاستثناء الأول و الطلبات الإضافية و المقابلة:
23- مفهوم الطلب: استثنى الفصل 353 الطلبات التي تقل قيمتها عن عشرين ألف درهم. و المفهوم مبدئيا أن الأمر يتعلق بالطلبات الأصلية. فما الحكم بالنسبة لغيرها من الطلبات كالإضافية و المقابلة؟ قد ينتقد البعض المشرع لعدم تنصيصه على حكم باقي الطلبات. ذلك أن الرأي القانوني قد ينقسم بين قائل بكون أحد الطلبات يجر البقية متى كان قابلا للنقض، و بين قائل باستقلال الطلبات عن بعضها البعض. لذلك كان حريا بالمشرع، حسب الرأي المنتقد دائما، أن يحدد موقفه من كل نوع من الطلبات مثلما فعل مثلا بالنسبة للمادة السادسة من القانون 95-53 المحدث للمحاكم التجارية، أو في الفصل 11 و ما يليه من قانون المسطرة المدنية.
24- استقلالية الطلبات عن بعضها البعض: و لكن الواقع أن لا مجال للانتقاد. ذلك أن النص واضح و لا يحتاج إلى أدنى تفسير أو تفصيل. فالمشرع نص على الطلب، لا على الدعوى. و معنى ذلك وجوب معالجة كل طلب بصفة منفردة لتحديد ما إذا كان الشق المخصص له في المقرر قابلا للطعن بالنقض أم لا. و رغم هذه البساطة، فالأمر يحتاج إلى تمييز في الحكم بين الطلب الإضافي الذي يقدمه المدعي صاحب الطلب الأصلي، و الطلب المقابل الذي يتقدم به المدعى عليه. ذلك أن الطلب الإضافي يندمج في الطلب الأصلي و ينصهر فيه ليكونا طلبا واحدا، لذا يتعين جمع قيمة كافة الطلبات التي يتقدم بها المدعي لتحديد مدى قابلية المقرر للطعن بالنقض أم لا. و سند هذا الحكم، نص الفصل 11 ق.م.م الذي ينص على أن قيمة الاختصاص الانتهائي تحدد استنادا إلى مبلغ الطلب المجرد الناتج عن آخر مستنتجات المدعي. و إذا قيل بأن هذا الفصل خاص بالاختصاص الانتهائي للمحاكم لا بقيمة الطلب، رددنا بأنه من الممكن إعمال حكم هذا الفصل بالقياس لتحديد قيمة الطلب القابل للنقض. أما فيما يخص الطلبات المقابلة، فهي مستقلة عن الطلب الأصلي، لذلك ينظر إلى قيمة كل واحد من الطلبين لتحديد مدى قابلية الشق المتعلق به من المقرر للطعن بالنقض، دون أن يجر أي من الطلبين الآخر متى كان وحده دون الثاني قابلا للطعن بالنقض. فمثلا، لو تقدم المدعي بطلب أصلي بقيمة 15.000 درهم، و تبين له أثناء سريان المسطرة ضرورة رفع مبلغ طلبه بقيمة 7.000 درهم، و تقدم المدعى عليه بطلب مقاصة أو بطلب مقابل بقيمة 17.000 درهم، فصدر الحكم الابتدائي و بعده القرار الاستئنافي، كيفما كان منطوقه، لكان بإمكان الطرف المتضرر من شق القرار الاستئنافي المتعلق بطلب المدعي، و هو الناتج عن الطلب الأصلي و الإضافي، أن يطعن فيه بالنقض لأن قيمته 22.000 درهم؛ في حين تعذر على الطرف المتضرر من الشق المتعلق بالطلب المقابل أن يمارس الطعن بالنقض لأن قيمة هذا الطلب لم تبلغ عتبة العشرين ألف درهم المنصوص عليها في الفصل 353.
الإشكال الثاني – نطاق تطبيق القانون 05-25 من حيث الزمان:
25- طرح الإشكال: سيثير الفصل 353 و بلا شك إشكالا يتعلق بنطاق تطبيقه من حيث الزمان. ذلك أن نصي الفصل 353 قبل التعديل و بعده سيتجاذبان التطبيق على طلبات النقض ضد المقررات الصادرة في الطلبات المستثناة بموجب الفقرة الثانية من الفصل المذكور بعد التعديل، إذ سيكون المجلس الأعلى في حالات عدة، أمام نصين قانونين متعارضين بمناسبة البت في قبول طلبات النقض. و يتعلق الأمر من جهة أولى بالفصل 353 قبل التعديل الذي يجيز مثلا الطعن بالنقض في المقررات الصادرة في طلبات مراجعة السومة الكرائية، و من جهة ثانية بالفصل 353 بعد التعديل و الذي يمنع الطعن بالنقض في المقررات المذكورة. و هذه الوضعية التي خلقها القانون 05-25 مثال حي لمشكل تنازع القوانين من حيث الزمان، بحيث يكون على القضاء أن يغلب أحد النصين على الآخر للبت في قبول طلب الطعن بالنقض.
26- دقة الموقف و أهميته: و تترتب نتائج خطيرة على اختيار نص دون الآخر. فالقول بأن القانون الواجب التطبيق هو الفصل 353 في صيغته الأصلية، معناه قبول طلبات النقض و فحص وسائله للاستجابة للطلب متى كانت إحداها مؤسسة، أو رفضه إذا تبين أن لا أساس لها في القانون. أما تطبيق الفصل 353 بعد التعديل فيترتب عنه بكل بساطة عدم قبول طلب النقض شكلا، و إبرام القرار دون حاجة لبحث وسائل النقض و لو كانت مبنية على أساس قانوني و كان المقرر خارقا للقانون. لذلك يكون من المهم تحديد الحالات التي يتعين فيها على المجلس الأعلى تطبيق الفصل 353 بعد التعديل و التي ستؤدي لا محالة إلى عدم قبول طلبات النقض بالنسبة لمستثنيات الفقرة الثانية من الفصل المذكور.
27- عدم رجعية القانون – الأثر الفوري للقانون: قبل بحث هذه النقطة، يجب التذكير أن حل مشكل تنازع القوانين في الزمان يحكمه مبدآن أساسيان: أولهما مبدأ عدم رجعية القانون و الذي مفاده أن القانون الجديد لا يطبق على الوقائع و التصرفات السابقة لتاريخ دخوله حيز التنفيذ، و مبدأ الأثر الفوري أو المباشر للقانون و القاضي بأن القانون الجديد يحكم، فضلا عن الوقائع و التصرفات الناشئة منذ دخوله حيز التنفيذ، بعضا من تلك التي نشأت قبل ذلك التاريخ و التي لم تكتمل أو لم تنتج بعد كافة آثارها، إلا بعد دخوله حيز التنفيذ. و ليس هذا مجال تفصيل الحديث في النظريات و المبادئ المتعلقة بتنازع القوانين من حيث الزمان، و لكن تجدر الإشارة إلى أن إمعان النظر في مبدأي الفورية و عدم الرجعية يبين أنهما وجهان لعملة واحدة، يكمل أحدهما الآخر و لا يتعارضان كما يظهر من خلال الكتابات الفقهية في الموضوع. ذلك أن مبدأ عدم الرجعية يؤدي إلى عدم تطبيق القانون الجديد على المراكز القانونية التي نشأت و اكتملت و رتبت آثارها في ظل القانون القديم، و نفس النتيجة يصل إليها إعمال مبدأ الفورية، مادام يقوم على تطبيق القانون الجديد على المراكز القانونية التي لم تكتمل أو لم تنتج آثارها في ظل القانون القديم، رغم أنها نشأت في ظل هذا الأخير. فالقانون الذي لا يطبق بأثر رجعي، يطبق بأثر فوري.
28- القوانين المسطرية و سريان القانون من حيث الزمان: و ليست هذه الملاحظة حشوا، بل إن لها أثرا في تحديد القانون الواجب التطبيق على قوانين المسطرة. فالمتعارف عليه أن قوانين الشكل من بين الاستثناءات التي ترد على مبدأ الرجعية، و أنها من بين تطبيقات الأثر المباشر أو الفوري للقانون. فتكون، حسب الرأي الفقهي المذكور أعلاه، استثناء من الأول لأن القانون الإجرائي الجديد يطبق على الدعاوى و الإجراءات الناشئة قبل دخوله حيز التنفيذ، و هو بهذه الصفة أيضا من تطبيقات مبدأ الأثر المباشر، مادام أثر القانون الجديد يسري بصفة فورية على كل الإجراءات السارية وقت دخول القانون الجديد حيز التنفيذ، و لو كانت قد نشأت قبلا. و تحتاج هذه الفكرة إلى تشخيصها و توضيحها بمثال واقعي حتى ينجلي عنها الغموض. فلنأخذ مثلا حالة الطعون بالنقض في طلبات مراجعة السومة الكرائية.
29- تطبيق مبدأ عدم الرجعية و استثناؤه: فإذا قلنا إن القانون لا يطبق بأثر رجعي، لكانت النتيجة قبول كافة الطعون بالنقض في المقررات الصادرة في الطلبات المقدمة أمام المحكمة الابتدائية قبل دخول القانون 05-25 حيز التنفيذ؛ و العبرة مبدئيا بتاريخ تقديم الطلب أمام المحكمة الابتدائية و ليس بتاريخ تقديم طلب النقض، لأنه يبدو أنه في ذلك التاريخ، أي في تاريخ وضع الطلب أمام المحكمة الابتدائية، يكون المركز القانوني للطلب المعتمد لقبول النقض أو رفضه قد اكتمل، مما يمنع أن يطبق عليه في هذه الحالة القانون الجديد بأثر رجعي. و إذا قلنا بأن القانون يطبق بأثر رجعي، أي إذا اعتبرنا قواعد الشكل استثناء من مبدأ عدم الرجعية، لكانت النتيجة مبدئيا، عدم قبول كافة الطعون بالنقض في المقررات الصادرة في الطلبات المقدمة أمام المحكمة الابتدائية قبل نفاذ القانون المذكور، و التي لم يصدر فيها بعد قرار المجلس الأعلى، رغم أن المركز القانوني قد اكتمل قبل ذلك التاريخ. و العلة في هذه الحالة الثانية أن هذا المركز القانوني لم يرتب كافة آثاره في ظل القانون القديم، و إنما امتدت هذه الآثار إلى فترة نفاذ القانون الجديد، مما يبرر خضوعها، أي الآثار، لهذا الأخير، أي للقانون الجديد، على اعتبار كون قوانين الشكل من مستثنيات مبدأ عدم الرجعية.
30- تطبيق مبدأ الفورية: و إذا نحن قلنا إن القانون الجديد يطبق بأثر فوري على الطلبات المذكورة، لكانت النتيجة مبدئيا تطبيق القانون الجديد على طلبات النقض الموجهة ضد المقررات الصادرة في الطلبات المرفوعة إلى المحاكم الابتدائية و لو قبل نفاذ القانون المذكور، و التي لم يصدر فيها قرار المجلس الأعلى بعد، لأن المركز القانوني المتمثل في تقديم الطلب أمام المحكمة الابتدائية، و الذي على أساسه تتحدد مدى قابلية المقرر للطعن بالنقض، لم ينتج كافة آثاره في ظل القانون القديم الذي نشأ و اكتمل فيه. و هي ذات النتيجة التي يوصل إليها اعتبار قوانين الشكل من بين استثناءات مبدأ عدم الرجعية.
31- نتائج تطبيق مبدأ دون الآخر: و يظهر من خلال هذا المثال خطورة تبني المجلس الأعلى لأحد المبدأين، على قبول طلبات النقض في المستثنيات الثلاتة المنصوص عليها في الفصل 353 بعد التعديل. فإذا أخضعت قوانين الشكل للمبدأ الدستوري القاضي بعدم الرجعية، على أساس أنه لا يجوز تطبيق القانون على الأفراد إلا متى كانوا على دراية و علم به، و عمليا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، احتراما لمبدأ التوقع القانوني الذي يمنع تطبيق القانون على ما سبق نفاذه من وقائع و تصرفات، لقبلت كافة الطعون بالنقض الموجهة ضد المقررات القضائية الصادرة في الطلبات المرفوعة للمحاكم الابتدائية قبل تاريخ نفاذ القانون 05-25. و الدافع إلى اعتبار نقطة البداية هي تاريخ رفع المقال الافتتاحي أمام المحكمة الابتدائية و ليس وضع طلب النقض، أن القانون 05-25 قد جعل نوع الطلب الافتتاحي للدعوى، الأساس المعتمد لعدم قبول طلب النقض؛ و عليه فالمنطق يقتضي ألا يطبق حكم القانون المذكور على الطلبات المضمنة في المقالات الافتتاحية المقدمة قبل علم الأفراد به، أي قبل تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، لأن جواز الطعن بالنقض من عدمه، يتقرر في تاريخ تقديم الطلب أمام المحكمة الابتدائية. أما اعتبار القوانين الإجرائية من مستثنيات مبدأ عدم الرجعية، و بالتالي من القوانين الواجبة التطبيق بأثر فوري، على اعتبار أن قوانين الشكل تستهدف حسن سير العدالة و لأن المشرع عندما يغير قانونا شكليا نافذا، فلأنه كشف فيه عيوبا و نواقص(11)، فيؤدي مبدئيا إلى عدم قبول طعون النقض في المقررات الصادرة في الطلبات المرفوعة أمام المحاكم الابتدائية و لو قبل نشر القانون 05-25، و التي لم يصدر فيها بعد قرار المجلس الأعلى.
32- موقف القضاء: و الحقيقة أن القضاء المغربي يعتبر قوانين الشكل من بين القوانين الواجبة التطبيق بأثر فوري، حسب ما جاء في قرارين للمجلس الأعلى(12)، أكدهما بعد ذلك بقرار حديث اجتمعت لإصداره غرفتان جاء فيه أن “قوانين الشكل، كالمسطرة، يجري العمل بها فور دخولها حيزالتنفيذ”(13). و بالتالي، فالمصير المبدئي لكافة الطعون بالنقض ضد المقررات الصادرة في الطلبات المستثناة بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 353 و التي لم يصدر فيها قرار المجلس الأعلى بعد، هو عدم القبول، بعلة السريان الفوري لقوانين الشكل.
33- تخفيف القضاء لأثر اعتماد مبدأ الفورية: و لكن تقرير هذا الحكم ليس صحيحا مطلقا، و يتعارض مع ما سار عليه عمل المجلس الأعلى سابقا بمناسبة دخول قانون المسطرة المدنية لعام 1974 حيز التنفيذ، و ما ترتب عنه من تقصير مواعيد الطعن بالاستئناف من جهة، و من حذف حق الاستئناف بالنسبة لبعض الأحكام الابتدائية من جهة ثانية. لذلك استعملت كلمة مبدئيا عند تقرير الحكم المذكور أعلاه. فبالرجوع لبعض القرارات السابقة في الموضوع، سيلاحظ أن القضاء خفف من وطأة مبدأ الأثر الفوري للقانون الشكلي. و قد كان له ذلك بتحديد التاريخ الذي اكتمل فيه المركز القانوني لطريق الطعن، و الذي صار فيه قبول هذا الطعن حقا مكتسبا للمتقاضي لا يمكن للقانون الجديد أن يمس به و لو تقرر سريانه بأثر فوري، في لحظة تقديم الطعن ضد المقرر القضائي. فقد جاء في قرار مبدئي للمجلس الأعلى أصدره في 1979 أن “الطعن بالاستئناف إمكانية خولها القانون للمتضررين من الأحكام الابتدائية و لا يصبح الاستئناف حقا مكتسبا إلا إذا مارسه المتضرر من الحكم الابتدائي في ظل قانون يسمح به فإذا صدر قانون جديد و فرض مقتضيات جديدة للاستئناف أو ألغي هذا الحق بالنسبة لأصناف معينة من الدعاوى فإن تلك المقتضيات يجب تطبيقها فورا و تسري على الأحكام التي كانت قابلة للاستئناف في ظل القانون القديم ما لم يكن المتضررون منها قد مارسوا حقهم في الاستئناف لأن العبرة بالمراكز التي حازها الخصوم وقت صدور القانون الجديد و لأن الحق في الدفاع يكتسب باستعماله لا بمجرد إمكانية استعماله”(14).
34- ممارسة الطعن منطلق لاكتساب الحق: يتضح إذن كيف أن المجلس الأعلى اعتبر أن الطعن في المقرر القضائي لا يصير حقا مكتسبا إلا من تاريخ ممارسته بصفة فعلية، و أنه لا يكون كذلك قبل التاريخ المذكور. صحيح أن القرار المشار إليه أعلاه قد صدر بمناسبة تحديد إمكانية قبول الطعن بالاستئناف لا النقض، و لكن لا مانع من تطبيق القاعدة المذكورة فيه بالقياس على الطعن بالنقض، مادام الأمر يتعلق في الحالتين بمدى إمكانية ممارسة طريق طعن في مقرر قضائي أصبح ممنوعا بعد أن كان جائزا بمقتضى القانون الذي صدر فيه المقرر المطعون فيه. و عليه، فالمتوقع أن يقبل المجلس الأعلى طلبات النقض ضد المقررات الصادرة في الطلبات المستثناة في الفقرة الثانية من الفصل 353، متى قدمت قبل يوم 2 ديسمبر 2005، و أن يحكم بعدم قبول طلبات النقض المقدمة ابتداء من التاريخ المذكور. و قد تم اعتماد تاريخ 2 ديسمبر 2005 لأن القانون 05-25 نشر بالجريدة الرسمية المؤرخة في فاتح ديسمبر 2005، و لأن المجلس الأعلى قضى سابقا أن “القواعد العامة تقضي أن القانون الجديد يطبق من لحظة إصداره و هذا يتطلب التعرف على اللحظة الزمنية التي يدخل فيها القانون الجديد مرحلة التنفيذ، و هي في المبدأ العام اليوم التالي لتاريخ صدوره في الجريدة الرسمية إلا إذا حدد القانون خلاف ذلك”(15).
35- تواريخ أخرى كمنطلق لاكتساب الحق: و إذا أردنا تأسيس رأي المجلس الأعلى المعتبر أن الحق في قبول طلب الطعن بالنقض لا يكتسب إلا من تاريخ تقديمه، وجب تحديد مختلف المراحل الأخرى الممكن اعتبارها كذلك. و الحقيقة أن هذه التواريخ الأخرى لا تخرج عن ثلاثة: أولا، تاريخ تقديم الطلب أمام المحكمة الابتدائية، ثم تاريخ صدور المقرر القضائي المطعون فيه بالنقض، و بعده تاريخ تبليغه.
36- تقديم المقال الافتتاحي للدعوى: أما بالنسبة للتاريخ الأول، فمن الصعب أن يعتبر لتحصين المركز القانوني المانع من تطبيق القانون بأثر فوري. ذلك أن المركز القانوني، و هو الطلب المرفوع أمام المحكمة الابتدائية، و إن كان هو المعتمد لقبول أو رفض طلب النقض، إلا أنه لم ينتج بعد أثره المتمثل في مدى إمكانية قبول الطعن بالنقض، بسبب أنه لا يمكن التعرف بعد على مدى إمكانية ممارسة هذا الطعن من أساسه، لأن المقرر القضائي لم يصدر بعد للوقوف على الطرف الذي له الصفة و المصلحة في ممارسة هذا الطعن. فلا يمكن الحديث بتاتا قبل تاريخ صدور المقرر عن إمكانية ممارسة الطعن بالنقض.
37- صدور المقرر القضائي: و لكن الأمر عكس ذلك انطلاقا من تاريخ صدور المقرر القضائي المطعون فيه. ذلك أنه بمجرد صدور المقرر المذكور، يكون من حق المتضرر منه أن يطعن فيه، و لو قبل التبليغ. فمن هذا التاريخ، يظهر صاحب المصلحة في الطعن بالنقض، و يثبت له حق ممارسة هذا الطعن. فلماذا لا يقال إن حق ممارسة الطعن يثبت بمجرد صدور المقرر القضائي؟ فهذا الحق ينطلق شئنا أم أبينا من تاريخ صدور المقرر القضائي، و الدليل أن لا شيء يمنع من ممارسة الطعن بمجرد صدور هذا المقرر. و قد يعضد هذا الرأي بقرارين أصدرهما المجلس الأعلى في مسألة قبول طلبات إيقاف تنفيذ المقررات المطعون فيها بالنقض بعد دخول قانون المسطرة المدنية حيز التنفيذ. فقبل نفاذ ظهير 1974 المتعلق بقانون المسطرة المدنية، و الذي أجاز إمكانية إيقاف تنفيذ المقررات المطعون فيها بالنقض، لم تكن هذه الإمكانية مطروحة في مقتضيات ظهير 1957 المؤسس للمجلس الأعلى. فنشأ إشكال في قبول الطلبات المذكورة بالنسبة للمقررات الصادرة قبل نفاذ ظهير 1974. و قد قضى المجلس الأعلى في القرارين برفض الطلب بحيثية واحدة جاء فيها أنه “إذا كان القانون الشكلي واجب السريان بأثر فوري على الأوضاع القانونية السابقة على نفاذه، إلا أن هذا التطبيق لا يصح أن يمس الحقوق المكتسبة بصفة قانونية قبل تطبيقه”(16). و الذي يثير الانتباه في القرارين المذكورين، أن المجلس أخذ بعين الاعتبار فيهما القانون الذي كان ساريا في تاريخ صدور المقررين المطلوب إيقاف تنفيذهما، و ليس في تاريخ تقديم طلب إيقاف التنفيذ. فقد جاء في القرارين بالحرف ” بناء على الفصل 15 من الظهير الشريف المؤسس للمجلس الأعلى الصادر بتاريخ ثاني ربيع الأول 1377 (27 سبتمبر 1957) الذي كان العمل جاريا به وقت صدور الحكم المطلوب إيقاف تنفيذه و الذي يستفاد منه أنه لا يحق للمجلس إيقاف تنفيذ الأحكام الصادرة في القضايا المدنية العادية”. و الذي يظهر من ذلك أن المجلس الأعلى اعتبر تاريخ صدور المقرر، و ليس تاريخ تقديم الطلب المتعلق به، منطلقا لاكتساب الحق؛ و هو ما قد يعضد الرأي القائل بأن الحق المتعلق بالمقرر، أيا كان نوع هذا الحق، يتحدد بتاريخ صدور المقرر المذكور.
و لكن هذا الرأي قد يواجه بأن هذين القرارين الأخيرين، قد صدرا في تاريخ سابق على تاريخ صدور القرار الصادر في 1979، مما يعني أن المجلس قد تراجع في 1979 عن اعتبار تاريخ صدور المقرر منطلقا لاكتساب الحق المتعلق به. و لكن هذا القول مردود لأنه لا يكفي أن يصدر قرار واحد معاكس لقرار سابق، للتسليم بتراجع القضاء عن موقفه. و إنما المبدأ في القضاء كمصدر من مصادر القانون، و الذي عودنا قضاؤنا للأسف على عدم احترامه، أن التراجع عن القرارات المبدئية لا يكون إلا بقرار صادر عن غرفتين مجتمعتين أو أكثر، و أن القاعدة القضائية لا تصير مبدأ قانونيا قارا، إلا متى تواترت على الأخذ بها المقررات القضائية.
و لكن مع ذلك، فمن المستبعد الأخذ بالقرارين المذكورين و تطبيق القاعدة المنصوص عليه فيهما في ظل وجود القرار المؤرخ في 1979. و سبب ذلك اختلاف المجال الذي صدر فيه القراران عن ذاك الذي صدر فيه قرار 1979. فالأولان يتعلقان بمدى إمكانية إيقاف تنفيذ المقرر القضائي، في حين يهم الأخير مدى إمكانية ممارسة الاستئناف كطريق من طرق الطعن بعد أن كان ممكنا و صار ممنوعا. و القياس يفرض تطبيق حكم القرار الأخير على طلبات النقض، لأن بينها و بين الاستئناف علاقة أوطد من صلتها بطلبات إيقاف التنفيذ، و هي كونهما، أي النقض و الاستئناف، طريقين من طرق الطعن في المقررات القضائية.
38- التشريع المغربي و المقارن: و لكن ذلك لا يعني أن اعتبار تاريخ صدور المقرر القضائي منطلقا لاكتساب الحق المانع من سريان القانون الجديد بأثر فوري منعدم الأساس القانوني. ذلك أن التشريع المغربي و المقارن يأخذان بهذه القاعدة. فالمادة 399 من مدونة الأسرة تنص على أنه ” تظل المقررات الصادرة قبل تاريخ دخول هذه المدونة حيز التنفيذ خاضعة من حيث الطعون و آجالها للمقتضيات المضمنة في الظهائر المشار إليها في المادة 397″. و رغم أن المشرع قد وقع في لبس عند إحالته على المادة 397 التي لا تتضمن القوانين المذكورة فيها أي مقتضيات إجرائية، إلا أن المقصود من المادة 399 هو خضوع المقررات الصادرة قبل دخول القانون الجديد حيز التنفيذ من حيث الطعون، للقانون القديم الذي صدرت في ظله. و نفس الحكم أشارت إليه المادة 755/2 من قانون المسطرة الجنائية عندما أخضعت طرق الطعن بالنسبة للمقررات الصادرة قبل تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ، للقوانين القديمة المنسوخة. و تلك أيضا حال المشرعين المصري و اللبناني و الأردني الذين قرروا تطبيق القانون الذي صدرت في ظله المقررات القضائية على طرق الطعن المدنية في هذه الأخيرة. فقد نصت المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية و التجارية المصري لعام 1968 على سريان هذا الأخير على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل به، مستثنية من هذه القاعدة في فقرتها الأخيرة القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كانت هذه القوانين ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق. و نفس القاعدة مضمنة في المادة 5 من قانون |أصول المحاكمات المدنية اللبناني لعام 1983، و المادة 2 من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني لعام 1988(17). و معنى ذلك كله أن التشريع الإجرائي الزجري المغربي، و جانبا من التشريع الإجرائي المدني فيه، و بعضا من التشريع الإجرائي المدني العربي يسير على إخضاع طرق الطعن للقانون الساري وقت صدور المقرر القضائي المطعون فيه. فلماذا لا يأخذ القضاء المغربي بهذه القاعدة خاصة و أنها تحقق الوحدة بين أحكام المقتضيات الإجرائية بين مختلف فروع القانون المغربي من جهة، و بينه و بين القوانين العربية المقارنة من جهة ثانية؟
39- تاريخ التبليغ: و إذا قبلنا تاريخ صدور المقرر منطلقا لاكتساب الحق، كان من باب أولى أن يكون هذا الحق مكتسبا في تاريخ التبليغ، مما يجعل الحديث عن هذه الحالة عديم الفائدة مبدئيا. و لكن الأمر عكس ذلك، فليس مؤكدا أن المجلس الأعلى سيأخذ بتاريخ صدور المقرر المطعون فيه منطلقا لاكتساب الحق في الطعن، خصوصا مع وجود القرار المؤرخ في 1979 على النحو المبين آنفا. لذلك وجب البحث فيما إذا كان من الممكن أن يتخذ تاريخ التبليغ منطلقا لاكتساب الحق في الطعن لعلة أخرى غير المذكورة أعلاه. فقد يثار بهذا الصدد أن في عمل المجلس الأعلى ما يستفاد منه أن إجراءات الطعن تخضع للقانون النافذ في تاريخ تبليغ المقرر المطعون فيه، من خلال قرار جاء فيه “إن الآجال التي ينبغي اعتبارها هي تلك التي كان معمولا بها قانونا حسب التبليغ إذ لا يمكن الإضرار بمصالح المبلغ له بمقتضى قانون جديد”(18). و قد تصدى المجلس في هذا القرار للمشكل الذي طرحه تقصير أجل الطعن بالاستئناف بعد دخول قانون المسطرة المدنية الحالي حيز التنفيذ. و يلاحظ كيف اعتبر المجلس تاريخ التبليغ منطلقا لاكتساب الحق الذي لا يمكن للقانون الجديد، و لو تقرر سريانه بأثر فوري، أن يمس به. صحيح أن القرار صدر في نقطة أجل الطعن و ليس في مسألة إمكانية ممارسة الطعن، و لكن لا مانع من تطبيق القاعدة المقررة فيه قصد حل مشكل تنازع القوانين فيما يخص هذه المسألة الأخيرة، مادام الأمر يتعلق في الحالتين بممارسة طرق الطعن.
40- خلاصة: يجب إثارة الانتباه إلى ملاحظتين قبل ختم هذا التعليق:
+ أولاهما، أن النقد الموجه فيه للمشرع، مقصود لذاته و ليس الهدف منه مجرد تبيان نقط الخلل لمحاولة إصلاحها، بل إظهار هذه النقط و كفى. و السبب في ذلك، أن الجهات القائمة على التشريع في المغرب قد أثبتت في مرات عديدة أنها لا تكترث للعمل الفقهي عند وضع النصوص القانونية، و أنها لا تستفيد من الأخطاء التي سبق لها، و لغيرها من المشرعين، أن وقعوا فيها من قبل، علها تتلافاها في ما يصدر عنها من نصوص مستقبلا، و أن همها الوحيد هو إصدار النصوص القانونية، بسرعة بل بتسرع أحيانا، تلبية لحاجيات و ضغوط آنية، دون دراسة كافية.
+ و ثانيتهما، أن النقد الموجه فيها للقضاء مقصود لغايته، الغرض منه مساعدة المحاكم على محاولة تلافي ما يعيب عملها من نواقص، و تجاوز ما يشوب النصوص التشريعية من عيوب. و العلة في التمييز بين المشرع و القضاء في هذا الصدد، كامنة في الفرق الشاسع في وسائل العمل و ظروفه بين السلطتين، و التي تفسر عيوب المقررات القضائية دون نواقص النصوص التشريعية، و لكن التي لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تبرر أيا منها. لذلك حاولت هذه الأسطر في جزئها الأخير أن تتقصى بعضا من عمل المجلس الأعلى في مشكل تنازع القوانين الشكلية المطبقة على طرق الطعن في الزمان، لتصل إلى نتيجة مفادها :
– أن الأكيد هو أن الفقرة الثانية من الفصل 353 بعد التعديل لا يمكن أن تنطبق على طلبات النقض المقدمة قبل تاريخ 02 ديسمبر 2005، التي يتعين حتما قبولها، نظرا للقاعدة التي أقرها المجلس الأعلى في القرار الصادر في 1979 المشار إليه في المتن؛
– و أن المرغوب فيه أن يغير المجلس الأعلى نسبيا من الموقف الذي اتخذه في القرار المذكور، من خلال توسيع دائرة تطبيق الفصل 353 قبل التعديل، و بالتالي قبول طلبات النقض ضد المقررات الصادرة في الطلبات المستثناة بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 353 بعد التعديل، لتشمل المقررات الصادرة قبل تاريخ 02 ديسمبر 2005، أو على الأقل تلك المبلغة قبل التاريخ المذكور، و لو لم يقدم الطعن بالنقض إلا بعد ذلك التاريخ. و سيكون ذلك عبر تبني مفهوم جديد للحق المكتسب الذي لا يمكن للقانون الجديد أن يمس به و لو كان واجب التطبيق بأثر فوري، بعد التراجع عن قرار 1979 بغرفتين أو أكثر، في سبيل حماية أحد الحقوق الأساسية للمتقاضين، و هو حق عرض النزاع على محكمة النقض لمراقبة حسن تطبيق القانون، و الذي عصف به المشرع دون أدنى إحساس بالمسؤولية./.
الهوامش:
1- القانون 05-25 بتعديل و تتميم الفصلين 353 و 355 من قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بمقتضى الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 من رمضان 1394 (28 ديسمبر 1974)، المنفذ بالظهير الشريف رقم 1.05.113 الصادر في 20 من شوال 1426 (23 نوفمبر 2005) – ج.ر ع 5374 بتاريخ فاتح ديسمبر 2005 – ص 3142.
2- تنص الفقرة الثالثة من المادة 364 ق.م.ج على ما يلي: “يقصد بمصطلح مقرر في مفهوم هذا القانون كل حكم أو قرار أو أمر صادر عن هيئة قضائية”.
3- تنص المادة 45 من القانون 90-41 على ما يلي: “تستأنف أحكام المحاكم الإدارية أمام المجلس الأعلى (الغرفة الإدارية)…”.
4- تنص المادة 8 من القانون 90-41 على ما يلي: “تختص المحاكم الإدارية، مع مراعاة أحكام المادتين 9 و 11 من هذا القانون، بالبت ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة … “.
5- تنص المادة 21 من القانون 90-41 على ما يلي: “يجب أن يكون طلب الإلغاء بسبب تجاوز السلطة مصحوبا بنسخة من القرار الإداري المطلوب إلغاؤه، و إذا سبقه تقديم تظلم إداري يتعين أن يصحب طلب الإلغاء بنسخة من القرار الصادر برفض التظلم أو بنسخة من وثيقة تشهد بإيداع التظلم إن كان رفضه ضمنيا”.
6- قرار المجلس الأعلى عدد 195 بتاريخ 15/03/1978 في الملف المدني 58318 – مجلة المحاماة – ع 13– ص 116.
7- قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء رقم 3895 بتاريخ 26/04/2001 في الملف رقم 6127/2000 – مجلة المحاكم المغربية – ع 87 – ص 165.
8- قرار المجلس الأعلى عدد 588 بتاريخ 27/02/2003 في الملف المدني 1829/1/6/02 – مجلة القصر – ع 6 – ص 152.
9- و أبرز مثال على ذلك الأحكام الصادرة في الطلبات التي تقل قيمتها عن 3.000 درهم تطبيقا للفصل 19 ق.م.م، و في النزاعات الناشئة عن تطبيق الغرامات التهديدية المقررة في التشريع الخاص بالتعويض عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية حسب الفصل 21/2 من نفس القانون.
10- ينص الفصل 24 من القانون المتعلق بالأحكام المطبقة على المصاريف القضائية في القضايا المدنية و التجارية و الإدارية و على الإجراءات القضائية و غير القضائية و العقود التي يحررها الموثقون على ما يلي:“يستوفى في حالة المطالبة بمبلغ معين:
1. من 1.000 إلى 5.000 درهم: 4% من مجموع مبلغ الطلب، و أدنى ما يستوفى 50 درهما؛
2. إذا كان الطلب يتجاوز 5.000 درهم إلى 20.000 درهم: 2,5% من مجموع مبلغ الطلب، و أدنى ما يستوفى 200 درهم؛
3. إذا تجاوز 20.000 درهم: 1% من مجموع مبلغ الطلب مع زيادة 300 درهم”.
نقلا عن القانون كما نشرته سلسلة “نصوص و وثائق” لمنشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنميةREMALD – العدد 96 –الطبعة الثانية – 2004 – ص 133.
11- محمد جلال السعيد – مدخل لدراسة القانون – مكتبة دار الأمان الرباط – 1993 – ص 179؛ و أيضا عبد الواحد العلمي – المبادئ العامة للقانون الجنائي المغربي – الجزء الأول: الجريمة – مطبعة النجاح الجديدة – 1990 – الهامش 51 . و الكل نقلا عن نجاة بضراني – مدخل لدراسة القانون – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء – الطبعة الثالثة – 2005 – ص 289.
12- جاء في القرارين ما يلي: “بالرغم من أن قانون المسطرة المدنية الجديد واجب التطبيق بأثر فوري على الأوضاع القانونية السابقة على نفاذه إلا أن هذا التطبيق لا يصح أن يمس بالحقوق المكتسبة بصفة قانونية قبل تطبيقه”. قرار المجلس الأعلى عدد 160 بتاريخ 12/03/1975 في الملف المدني 49953 – مجلة المحاماة – ع 13 – ص 118؛ و أيضا قرار المجلس الأعلى رقم 317 بتاريخ 04/06/1975 في الملف المدني عدد 49958 – مجلة القضاء و القانون – ع 126 – ص 112.
13- قرار المجلس الأعلى عدد 524 الصادر بغرفتين بتاريخ 18/03/2003 في الملف الجنائي رقم 9891/99 – قرارات المجلس الأعلى بغرفتين أو بجميع الغرف – إعداد و دراسة و تعليق إدريس بلمحجوب – الجزء الثاني – الطبعة الأولى – مطبعة الأمنية – الرباط – ص 231.
14- قرار المجلس الأعلى رقم 718 بتاريخ 26/12/1979 في الملف المدني 71311 – مجلة قضاء المجلس الأعلى – ع 28 – ص 56.
15- قرار المجلس الأعلى رقم 7839 بتاريخ 10/12/1997 في الملف المدني رقم 2917/97 – مجلة المحاكم المغربية – ع 93 – ص 140.
16- قرار المجلس الأعلى عدد 160 بتاريخ 12/03/1975 في الملف المدني 49953 – مجلة المحاماة – ع 13 – ص 118؛ و أيضا قرار المجلس الأعلى رقم 317 بتاريخ 04/06/1975 في الملف المدني عدد 49958 – مجلة القضاء و القانون – ع 126 – ص 112.
17- تم نقل حكم المادة 2 من القانون الأردني عن: مفلح عواد القضاة – أصول المحاكمات المدنية و التنظيم القضائي – مكتبة دار الثقافة للنشر و التوزيع – عمان – الأردن – الطبعة الثالثة – 1998 – ص 24.
18- قرار المجلس الأعلى رقم 227 بتاريخ 05/05/1978 في الملف المدني رقم 55281 – مجلة رابطة القضاة – ع 6/7 – ص 124.