البيع بالمزاد العلني
القرار عدد 8/854
بتاريخ 2013/09/24
في الملف 2012/8/1/1480
القاعدة:
في البيوع العقارية بالمزاد العلني المأمور بها قضائيا في إطار دعاوى قسمة التصفية ، فإن المسطرة الواجبة التطبيق فيها هي المتبعة في بيع عقار القاصرين طبقا للفصلين 259 و 260 من قانون المسطرة المدنية،
لا مجال في المسطرة المذكورة لتطبيق مقتضيات الفصل 479 من نفس القانون المتعلقة بعرض الزيادة بالسدس فوق ثمن البيع الأصلي.
حيث يستفاد من مستندات الملف، أن الهادي حميش قدم بتاريخ 14/3/2006 إلى المحكمة الابتدائية بمكناس مقالا افتتاحيا ضد شركة فولاطيك ورئيس كتابة الضبط وبحضور لطيفة حميش ومن معها، عرض فيه أنه كان قد صدر حكم عن المحكمة الابتدائية بمكناس بتاريخ 19/2/1990 في الملف رقم 82/1988 قضى بإنهاء حالة الشياع بين أطراف الدعوى وتصفية التركة وقسمتها، وذلك عن طريق البيع بالمزاد العلني لعقارات، من بينها العقار ذو الرسم 1752 ك. وأنه في إطار إجراءات تنفيذ الحكم المذكور التي فتح لها الملف رقم 531/1991، نظمت سمسرة علنية لبيع العقار المذكور رست على المدعي، الذي أودع مبلغ البيع بصندوق المحكمة. وبعد ذلك، وبتاريخ 29/12/2005 تقدمت المدعى عليها بعرض زيادة بمقدار السدس من ثمن البيع استنادا إلى مقتضيات الفصل 479 من قانون المسطرة المدنية، وأن القاضي المشرف على التنفيذ وافق على العرض المذكور. ونظرا إلى أن الفصل المذكور لا ينطبق على النازلة، لكونها تتعلق بتنفيذ حكم بتصفية تركة وقسمتها، وإنما تطبق فيها مقتضيات الفصول 209 و210 و260 من قانون المسطرة المدنية، والتي تنص على خضوع البيع لنفس إجراءات البيع القضائي لعقار القاصر، طالبا لذلك الحكم ببطلان عرض زيادة السدس الذي قدمته المدعى عليها، وبطلان الموافقة عليه، وباعتبار المدعي هو من رسا عليه المزاد وبقانونية سمسرة البيع له، وبالتشطيب على المدعى عليها من الرسم العقاري موضوع السمسرة وتقييد المدعي به. وبعد جواب المدعى عليها بأن الدعوى قدمت خارج الأجل المنصوص عليه في الفصل 484 من قانون المسطرة المدنية، وأنه ليس في الفصلين 209 و 210 من قانون المسطرة المدنية ما يمنع من زيادة مقدار السدس وفتح مزايدة جديدة. وبعد جواب المطلوب حضورهم ـ ما عدا المحافظ ولطيفة حميش ـ بعدم قبول الدعوى شكلا ورفضها في الموضوع؛ أصدرت المحكمة المذكورة حكمها بتاريخ 27/2/2007 في الملف رقم 622/2006/2 بإبطال محضر إرساء المزاد العلني المؤرخ في 24/3/2006 وبالتشطيب على المدعى عليها شركة فولاطيك من الرسم العقاري محل النزاع، وبقانونية محضر إرساء المزاد المؤرخ في 20/12/2005 واعتبار المدعي الهادي حميش، الراسي عليه البيع موضوعه، وبإلغاء طلب تسجيله بالرسم العقاري. فاستأنفته المدعى عليها شركة فولاطيك، وقضت محكمة الاستئناف المذكورة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من التشطيب عليها من الرسم العقاري وحكمت برفض الطلب بشأنه وبتأييده في الباقي، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنف عليه بالفرعين الأول والخامس بعدم الارتكاز على أساس قانوني وانعدام التعليل، وخرق الفصل 316 من قانون الالتزامات والعقود، ذلك أنه ألغى الحكم المستأنف فيما قضى به من التشطيب على المطلوبة من الرسم العقاري رقم 1752 ك، وبعد التصدي حكم برفض الطلب بشأنه، وأيده في أجزائه الأساسية المتعلقة بإبطال محضر إرساء المزاد العلني المؤرخ في 24/3/2006 الخاص بالمطلوبة، وبقانونية محضر إرساء المزاد العلني المؤرخ في 20/12/2005 الخاص بالطاعن، واعتبار هذا الأخير الراسي عليه البيع. وأن القرار بتأييده للحكم الابتدائي في أجزائه المذكورة، يفرض منطقا وقانونا وبالنتيجة التشطيب على تقييد المطلوبة من الرسم العقاري المذكور المؤسس على محضر المزاد المشار إليه، لأن ما بني على باطل فهو باطل. وأن تعليل القرار المطعون فيه، بإبقائه على تقييد المطلوبة المحكوم بإبطال سند تملكها في الرسم العقاري لحسن نيتها لا ينسجم ومنطق ما قضى به من إبطال سند تملكها لما يشكله من تناقض بين أجزاء الحكم.
حيث صح ما عابه الطاعن على القرار، ذلك أنه علل بأنه ”بمقتضى الفصل الثالث من ظهير 12 رجب 1333 فإن ما يقع من إبطال أو تغيير لا حق، لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المسجل عن حسن نية؛ كما لا يمكن أن يلحق به أي ضرر. وأنه يتبين أن المستأنفة قد شاركت في المزاد العلني بكيفية قانونية، إذ تقدمت بعرضها للسيد قاضي التنفيذ الذي وافق على عرضها وأمر بفتح باب المزاد من جديد وتم إشعار المستأنف عليه بالإجراء المذكور، ورسا المزاد العلني عليها وصادق عليه القاضي المذكور ومكنها من محضر رسو المزاد الذي يعده المشرع سندا للملكية، وبالتالي فالمستأنفة لم تستعمل أي وسيلة احتيالية أو تدليسية من أجل تقييدها كمالكة في الرسم العقاري عدد 1752 ك، وإنما كان تقييدها عن حسن نية، وعليه لا يمكن التشطيب على المالك المقيد بالرسم العقاري بحسن نية.” في حين أن المسطرة الواجبة التطبيق في النازلة هي المتبعة في بيع عقار القاصرين ما دام الأمر فيها يتعلق ببيع عقار أمرت به المحكمة لكونه غير قابل للقسمة، طبقا للفصلين 259 و260 من قانون المسطرة المدنية، إذ في هذه الحال، لا مجال لتطبيق مقتضيات الفصل 479 من نفس القانون، المتعلقة بزيادة عرض يفوق بمقدار السدس ثمن البيع الأصلي، وهو ما كان على المطلوبة أن تعلمه بحكم القانون؛ وبالتالي لا مجال للاعتماد في النازلة على قاعدة حسن النية، الأمر الذي يكون معه القرار غير مرتكز على أساس قانوني، ومعرضا بالتالي للنقض والإبطال.
وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الدعوى على نفس المحكمة؛
لهذه الأسباب؛
وبصرف النظر عن البحث في باقي الفروع الأخرى المستدل بها أيضا على النقض؛
قضت محكمة النقض، بنقض وإبطال القرار المطعون فيه المشار إليه أعلاه، وبإحالة الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون وبتحميل المطلوبة الصائر.
One Reply to “البيع بالمزاد العلني”
تبدو أهمية هذا القرار في كونه يضع التمييز الواجب قانونا بين نوعين من البيوع التي تتم بالمزاد العلني. والأمر هنا يتعلق بالبيوع التي تقع على العقار وليس المنقول إذ أن مسطرة بيع هذا الأخير لا تسمج بزيادة السدس في ثمن البيع الأول الذي رسا على المشتري. فبالرجوع إلى قانون المسطرة المذنية يتبين أن المشرع تطرق لهذا النوع من البيوع في الفصل474 و من قانون المسطرة المدنية ونص في الفصل 479 أنه يمكن لكل شخص داخل عشرة أيام من تاريخ السمسرة أن يقدم عرضا بالزيادة عما رسا به المزاد بشرط أن يكون العرض يفوق بمقدار السدس ثمن البيع الأصلي والمصاريف. وقد جرى عمل محاكم الموضوع على قبول زيادة السدس في كافة أنواع البيوع التي تطال العقار. إلا أن القرار موضوع التعليق استثنى عن صواب البيوع العقارية التي تكون نتيجة تنفيذ حكم قضائي بقسمة التصفية بين الشركاء ، إذ في هذه الحالة الأخيرة لا يمكن عرض زيادة بالسدس لأن البيع لا يتم وفق للإجراءات المنوص عليها في باب الحجز النفيذي على العقار وإنما وفق مسطرة خاصة أحال عليها الفصل 260 من قانون المسطرة المدنية وذلك حين نص على أن بيع العقار موضوع القسمة يتم وفقا للفصول المتعلقة ببيع عقار القاصرين. وباستقراء الفصول 207 إلى 211 الواردة في الفرع الخامس من الباب الثالث من القسم الخامس المتعلق بالمساطر الخاصة والذي جاء تحت عنوان ” البيع القضائي لعقار القاصر ” لا يوجد أي مقتضى قانوني مماثل للفصل 479 أعلاه. وبالتالي لا مجال للقياس وتطبيق المسطرة المتعلق بالحجز التنفيذي على العقار على بيع العقار في إطار قسمة التصفية. ويكون بالتالي ما كانت تذهب إليه كتبات ضبط المحاكم من قبول عروض الزيادة بالسدس مخالفا لصريح القانون.