حكم المحكمة التجارية بالدارالبيضاء عدد 5800
بتاريخ 12/05/2009
في الملف رقم 1/6/2009
بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 2/1/2009 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيـه المدعي بواسطـة نائبه أنه يتعرض على مشروع التوزيع بالمحاصة الصادر بتاريخ 21/10/2008 في الملف 15/04 والذي تم بموجبه احتساب المبلغ المحجوز وقدره 30.940,00 درهم لفائدة المدعى عليه ، والحال أن الفقرة 4 من المادة 1248 من ق ل ع تؤكد أن الأجور والتعويضات المستحقة للعمال لا تستفيد كلها من الامتياز بل هي الحصة غير القابلة للحجز، كما أن المادة 382 من مدونة الشغل وإن اعتبرت العمال يستفيدون من امتياز الرتبة الأولى فإنها لم تضع أي قيد على مقتضيات الفصل 1248، أي أن مدونة الشغل نفسها لم تميز ما بين حصة الأجر أو التعويض غير القابل للحجز والتي تستفيد من الامتياز العام على الباقي، وما يؤكد أن مدونة الشغل لم تلغ الفقرة 4 من الفصل 1248 من ق ل ع إنما نصت في المادة 387 من مدونة الشغل على كيفية احتساب الحصة غير القابلة للحجز، ذلك أن المشرع عندما يريد أن يسقط حقا من الحقوق فإنه يلغيه صراحة بنص واضح، كما أن المادة 28 من الظهير المنظم للضمان الاجتماعي ينص على أن الامتياز العام المخول للعارض يأتي مباشرة بعد الامتياز المخول للخزينة، وقد تم تعديل بعض مقتضيات هذا الظهير بتاريخ 4/11/2004، أي في تاريخ لاحق لصدور مدونة الشغل ومن ضمنها المادة 28، إذ تم التأكيد على نفس المبدأ القاضي باعتبار امتياز العارض يأتي مباشرة بعد الخزينة العامة، ويستنتج من ذلك أن الدائن المدعى عليه باعتباره أجيرا ليس محقا في إطار الامتياز الممنوح له إلا في حدود الجزء القابل للحجز كما هو مفصل في المادة 287 من مدونة الشغل، مما يكون معه مشروع التوزيع غير مبني على أساس ويتعين إلغاؤه، ملتمسا الحكم بإلغاء مشروع التوزيع بالمحاصة الصادر بتاريخ 21/10/2008 في الملف عدد 15/04 وباستحقاق العارض للمبلغ المحجوز. وأرفق مقاله بصورة من المشروع المتعرض عليه.
وبناء على جواب المدعى عليه الأول أن التأويل الذي حاول المتعرض إعطاءه للفقرة 4 من الفصل 1248 من ق ل ع وباستناده لمقتضيات المادة 287 من مدونة الشغل لا يساير النازلة، ذلك أن الغاية من خلال المادة الأخيرة هي المحافظة على الطابع المعيشي للأجر بينما المادة 382 من مدونة الشغل تمنح امتيازا عاما من الرتبة الأولى للأجير حتى يتمكن من استيفاء دينه من منتوج بيع منقول المشغل، وهو ما نصت عليه المادة المذكورة بصريح العبارة بقولها أن الأجراء يستفيدون خلافا لمقتضيات الفصل1248 من ق ل ع من امتياز الرتبة الأولى المقررة في الفصل المذكور قصد استيفاء ما لهم من أجور وتعويضات في ذمة المشغل من جميع منقولاته، كما أن نفس الامتياز أضفاه المشرع على التعويض عن العطلة المؤدى عنها بموجب المادة 261 من مدونة الشغل، والمادتان المذكورتان أتى بهما المشرع لحماية حقوق الأجير الناتجة عن الطرد التعسفي ولا علاقة لهما بالمادة 287 من مدونة الشغل، وبخصوص التمسك بمقتضيات المادة 28 من ظهير 27/7/1972 فإن هذه المادة تجعل أيضا امتياز الصندوق في رتبة لاحقة لامتياز الخزينة العامة، والحال أن امتياز الأجير يحظى بالرتبة الأولى قبل امتياز الخزينة العامة ، وهو ما كرسه الحكم القضائي الصادر بتاريخ 11/5/1971 في الملف التجاري عدد 8762 تحت عدد 1003 والمنشور بمجلة المحاكم المغربية رقم 43، مستعرضا حيثيات الحكم المذكور، ومنتهيا إلى القول أنه استنادا إلى مقتضيات الفصلين 261 و 362 من مدونة الشغل والفصل 1248 من ق ل ع والفصل 155 من ظهير 2/6/1915 والفصلين 105 و 107 من مدونة تحصيل الديون العمومية فإن دين العارض يعتبر امتيازيا من الدرجة الأولى، ومن جهة أخرى فإن المتعرض سبق له أن تعرض على مشروع التوزيع وأصدرت المحكمة حكمها رقم 76 بتاريخ 4/1/2007 في الملف رقم 3519/2006 قضى بإلغاء المشروع وإعداد مشروع آخر فاستأنفه المتعرض إلا أن محكمة الاستئناف أيدته بموجب قرارها رقم 1675/2008 بتاريخ 1/4/2008 في الملف رقم 2518/2007، وقد أثار المتعرض نفس الدفوعات الحالية وبالتالي فإن تعرضه الحالي أصبح غير ذي موضوع لسبقية البت فيه، ملتمسا الحكم برفض الطلب. وأرفق مذكرته بصورة لمقال وحكم وقرار استئنافي.
وبناء على تعقيب المتعرض أن تعرضه يتعلق بمشروع التوزيع بالمحاصة الصادر بتاريخ 21/10/2008 في حين أن القرار الاستئنافي صدر قبل هذا التاريخ، وبالتالي يكون الدفع بسبقية البت غير مؤسس، كما أن القرار المذكور قضى بتأييد الحكم الابتدائي وإرجاع الملف للقاضي المكلف بالتوزيع قصد إعداد مشروع توزيع آخر، وأن الملف الحالي معروض بعد ذلك القرار، وبالتالي فإن شروط سبقية البت غير متوفرة، ومن جهة أخرى فإن المواد 361 و 382 من مدونة الشغل لا تنطبق على النازلة على اعتبار أن المادة 28 في فقرتها الثانية من ظهير 27/7/1972 تعطي الحق للعارض مباشرة بعد الخزينة العامة، ومعلوم أن النص الخاص يقدم في التطبيق على النص العام مع الإشارة أن هذه المادة تم تعديلها بتاريخ 4/11/2004 وتم التأكيد على نفس المبدأ، كما أن الاجتهاد المستشهد به صدر سنة 1971 أي قبل صدور القانون المنظم للصندوق، ملتمسا الحكم وفق مقاله.
وبناء على ملتمس النيابة العامة الرامي إلى تطبيق القانون.
وبناء على إدراج القضية بجلسة 28/4/2009 فحضر نائب المدعي فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 12/5/2009.
التعليـــل
بعد الاطلاع على جميع وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.
في الشكل:
حيث إن التعرض قدم مستوفيا للشروط الشكلية أجلا وأداء للرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.
في الموضوع:
حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.
وحيث أجاب المدعى عليه بالدفوع المشار إليها صدره.
وحيث إن الدفع المتعلق بسبقية البت لا أساس له، لأن القرار الاستئنافي السابق، وإن ناقش نفس النقط القانونية المعروضة على المحكمة، إلا أنه ناقشها في إطار التعرض على مشروع التوزيع الصادر بتاريخ 12/12/205 في الملف رقم 15/2004، في حين أن موضوع التعرض حاليا هو مشروع التوزيع الصادر بتاريخ 21/10/2008، ومن المعلوم أن من شروط سبقية البت أن يكون الشيء المطلوب هو نفس ما سبق طلبه، وأن تؤسس الدعوى على نفس السبب، وأن تكون قائمة بين نفس الخصوم ومرفوعة منهم وعليهم بنفس الصفة.
وحيث إن الشرط الأول غير متوفر، كما سبق بيانه، أما الشرط الثاني، فإن سبب التعرض هو تفضيل السيد القاضي المكلف بالتوزيع للمدعي حاليا على المدعى عليه، بينما في الدعوى الحالية فإن العكس هو الذي حصل، وبالنسبة للشرط الثالث فإن الخصوم، وإن اتحدوا في كلا الدعويين فإن صفتهم فيها قد اختلفت، لأن من كان متعرضا أصبح متعرضا عليه والعكس صحيح.
وحيث تعين تبعا لذلك رد الدفع.
وحيث إن المتعرض اعتمد في تعرضه على خرق الأمر المتعرض عليه لمقتضيات الفصل 1248 من ق ل ع من حيث أن الأجير لا يستفيد من الامتياز إلا في حدود الحصة غير القابلة للحجز، وأن المادة 382 من مدونة الشغل لم تضع أي قيد على الفصل 1248 من ق ل ع، وبالتالي فهي بدورها تميز بين الحصة من الأجر أو التعويض غير القابل للحجز المستفيد من الامتياز وبين الباقي، ما دام أن المادة 387 من نفس المدونة نصت على كيفية احتساب الحصة غير القابلة للحجز، وأخيرا فإن المشرع عندما يريد أن يسقط حقا يلغيه بنص واضح.
وحيث إنه من جهة أولى، فإن محكمة الاستئناف، في قرارها الذي استبعدته المحكمة من إطار الاستدلال به على سبقية البت، قد سبق له التعرض لكل هذه الوسائل المثارة من المتعرض، واعتبرت أن دين المدعى عليه حاليا ناجم عن علاقة الشغل، وبالتالي فهو يتمتع بالامتياز الذي يسبق في الترتيب امتياز المدعي، سواء تم الاعتماد على مقتضيات الفصل 1248 من ق ل ع أو الفصل 28 من ظهير المنظم للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي جعل امتياز الصندوق نفسه بعد امتياز الخزينة، والذي جاء لاحقا في الترتيب على امتياز المدعي الحالي، كما أن هذه المقتضيات أكدتها المادة 382 من مدونة الشغل.
وحيث إن محكمة الاستئناف، وإن لم تتطرق في تعليلها المؤيد لتعليل الحكم الابتدائي، إلى مضمون الفقرتين 3 و 4 من الفصل 1248 والمادة 387 من مدونة الشغل، فإنه بالرجوع إلى الفقرتين المذكورتين وقراءتهما في السياق الذي أضحى عليه الوضع بعد صدور المادة 382، يتبين أن المشرع لم يعمد في الأصل إلى تقييد الامتياز وتخصيصه بالحصة غير القابلة للحجز، وإنما فقط عمل على تنظيم طرق الوفاء بالحصة غير القابلة للحجز بالأسبقية عن أي دين آخر، وقد كان تنظيم هذه النقطة مفهوما في ظل الفصل 1248 قبل أن يدخل عليه التعديل، وتنتقل مرتبة الامتياز بالنسبة للأجراء من الرتبة الرابعة إلى الرتبة الأولى، وبالتالي فإن المادة 382 من مدونة الشغل تكون قد استنفدت الأغراض المقصودة من إضافة الفقرتين المحتج بهما عندما نقلت الامتياز إلى الدرجة الأولى ولم يعد الأجر أو التعويض مزاحما من أي دين آخر.
وحيث إنه تأسيسا على ما تقدم يكون تعرض الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي غير مؤسس ويناسب الحكم برفضه.
وحيث تعين إبقاء الصائر على الخزينة العامة.
وتطبيقا للقانون
لهذه الأسبـــــاب
حكمت المحكمة علنيا ـ ابتدائيا وحضوريا
في الشكل: قبول التعرض
في الموضوع : رفض الطلب وإبقاء الصائر على الخزينة العامة.