إبطال عقد الصدقة لمرض الموت
القرار رقم 90/112
المؤرخ في 99/03/09
الملف الشرعي رقم96/550
– لا يشترط لابطال عقد الصدقة الصادرة عن المريض مرض الموت أن يكون الشخص فاقد الوعي بل يكفي ان تكون إرادته معيبة بسبب المرض.
باسم جلالة الملك
إن المجلس الأعلى
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يؤخذ من عناصر الملف ومن القرار المطعون فيه رقم 52 الصادر من استئنافية أكادير في 1996/01/04 ملف 95/449 أن المطلوبين في النقض قدموا مقالا في 4 أبريل 1994 إلى ابتدائية أكادير في مواجهة الطالبة فاطمة فاهيم بنت ابراهيم وبحضور المحافظ على الأملاك العقارية بأكادير، ادعوا فيه أن موروثهم حنيت محمد بن سعيد كان طريح الفراش شهر أكتوبر 1993 وأن المدعى عليها (الطالبة) باعتبارها زوجة للمرحوم فإنها استغلت فرصةللتصدق عليها بالمنزل الكائن بزنقة 507 رقم 14، ايراك بوركان، أكادير موضوع الرسم العقاري رقم 09/400046 وأن الصدقة صدرت من موروثهم وهو في مرض الموت ملتمسين الحكم بإبطال رسم الصدقة المضمن برقم 18 ص 15 وأدلوا بنسخة مطابقة للأصل من نسخة رسم الصدقة رقم 195 ص 204 وبصورة من لفيف مرض، وصورة من الاراثة رقم 147 ص 149 ص 204 وصورة مطابقة للأصل من الشهادة الطبية مع ترجمتها، أجابت المدعى عليها بأن المتصدق كان صحيح العقل تام الميز والادراك أثناء الصدقة رقم 195 صفحة 204 تاريخ 1994/02/18، وأن هذه الوثيقة تعتبر رسمية ولا يمكن للفيف المستفسر أن يدحضها كما لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور، وأن المرض الذي أصيب به المرحوم في المثانة لا يمنعه من قضاء أغراضه الشخصية لأنه رغم إصابته بالمرض فإنه يزاول مهامه ويقضي حوائجه، وأن الفقه حدد شروطا ثلاثة ليكون المرض مرض الموت : أن يقعد المرض المريض على قضاء مصالحه، وأن يغلب فيه الموت، وأن ينتهي بالموت فعلا، وانتهت الإجراءات برفض المقال وألغته محكمة الاستئناف وتصدت وحكمت بإبطال عقد الصدقة العدلي المضمن أصله برقم 18 ص 15 سجل التركات 1 تاريخ 1993/11/13 توثيق أكادير، وبعدم قبول طلب التشطيب عن رسم الصدقة بالرسم العقاري لعلة أن عقد الصدقة المطعون فيه يفيد أن العدلين انتقلا إلى منزل موروث المستأنفين بتاريخ 1993/11/19 ثم تلقيا منه الاشهاد بالتصدق على زوجته فاطمة فاهيم بالدار موضوع النزاع واصفين حال المتصدق بالرسم بأنه في حالة مرض ألزمه الفراش وهو معه صحيح العقل تام التمييز والإدارك وقد أكد لفيف المستأنفين رقم 332 – المستفسر شهوده بتاريخ 1994/03/16 بأن الموروث كان مريضا، ملازما للفراش منذ حوالي أكتوبر 1993 إلى أن توفي شهر يناير 1994 حسب إراثته رقم 147 ص 149 بتاريخ 1994/01/25 عن ورثته وهما الطرفان وأكدت الشواهد الطبية المدلى بها أن الهالك كان يعاني من تكتلين كبيرين لورم على مستوى المثانة لاوجود لأي علاج طبي له سوى مداواة الألم وقد تطور منذشهر يوليوز 1993 وأن المستأنف عليها لاتنفي إصابة زوجها بمرض السرطان المذكور، وإنما تصف حاله بأنه لم يؤثر على إدراكه وتمييزه ولم يلزمه الفراش، ويباشر تصرفاته بنفسه إلا أن معاينة العدلين واللفيف يكذبان ادعاء المستأنف عليها بعدم ملازمة زوجها للفراش بسبب المرض، وتكذب كذلك اللفيف العدلي المدلى به من طرفها، ولعلة أنه حسب القواعد الفقهية لا يشترط لإبطال العقد الصادر من المريض مرض الموت أن يكون الشخص فاقد الوعي بل يكفي أن تكون إرادته معيبة بسبب مرض السرطان الذي قطع الأطباء بعدم رجاء البرء منه يجعل المتصدق غير حر في إرادته ويستوجب إبطال التصرف الصادر منه خاصة وأن هذا التصرف صدر منه ثم مات بعده بأشهر يسيرة، ولعلة أن الصدقة التي أبرمها المتصدق لزوجته كانت لوارث ويتعين إبطالها لعدم إجازة الورثة لها وهم المستأنفون.
وحيث تعيب الطاعنة القرار بوسيلة وحيدة ذات شقين :
الشق الأول متخذ من عدم ارتكاز القرار على أساس قانوني سليم، ذلك أن محكمة القرار عللت قضاءها بأن المتصدق موروث الطرفين كان وقت تصدقه مصابا بمرض السرطان الذي قطع أهل الخبرة فيه بانعدام الأمل في الشفاء منه مما يجعل رسم الصدقة باطلا، إلا أن المرض المخوف اختلفت حوله الآراء الفقهية، وأن مرض السرطان أنواع كثيرة لا تؤدي كلها إلى الوفاة، وليس بالملف ما يفيد ذلك إضافة إلى أن المتصدق لم يلازم الفراش ومع مرضه كان كامل الإدراك والتمييز منضبط التصرفات، يخرج ويدخل ويقود سيارته حسب شهادة اللفيف المدلى به من طرفها ورسم الصدقة اللذين يتضمنان بأن المتصدق كان بأتمه وقت الصدقة وكذا شهادة الطبيب العباسي فضلا عن أن مورث الطرفين لم يكن مصابا بمرض مخوف، وحتى إذا كان مخوفا فهو مرض متطاول حكمه حكم الصحيح.
والشق الثاني ويتمثل في نقصان التعليل لكون الطاعنة واجهت دعوى الخصوم برسم الصدقة ولفيف العقل والتمييز المتضمنين للأتمية، ومحكمةالقرار لم تجب على دفوع الطاعنة وحججها إعمالا أو إهمالا،رغم أنها وثائق رسمية مما يكون معه القرار ناقص التعليل نقصانا يوازي انعدامه يتعرض للنقض.
لكن ردا على الوسيلة بشقيها: فإن المحكمة استندت في تعليل قرارها على شهادة عدلي الصدقة اللذين عاينا المتصدق أثناء الإشهاد عليه وهو في حال مرض ألزمه الفراش هو معه صحيح العقل تام الميز والإدراك، وعلى اللفيف رقم 333 ص 303 المستفسر بتاريخ 1994/03/16 يشهد شهوده بأن المتصدق كان مريضا ملازما للفراش منذ أكتوبر 1993، إلى وفاته في شهر يناير 1994 وعلى الشواهد الطبية التي أكدت أن الهالك كان يعاني من تكتلين كبيرين لورم على مستوى المثانة ولا وجود لأي علاج طبي له سوى مداواة الألم، وقد تطور منذ شهر يوليوز 1993، ولم تنف الطاعنة إصابة زوجها بمرض السرطان وانتهت في تعليلها إلى أنه لا يشترط لإبطال العقد الصادر من المريض مرض الموت أن يكون الشخص فاقد الوعي بل يكفي أن تكون إرادته معيبة بسبب المرض، وقد شاهدها عدلا الصدقة بمنزل المريض، المرض الذي قطع الأطباء بعدم رجاء البرء منه مما يجعل المتصدق غير حر في إرادته ويستوجب إبطال التصرف الصادر منه، والذي مات بعده بأشهر يسيرة، الأمر الذي كان معه القرار مرتكزا على أساس، ومعلل بما فيه الكفاية وما عابت به الوسيلة القرار غير جدير بالاعتبار.
لهذه الأسباب
قَضى المجلس الأعلى برفض الطلب وعلى رافعته بالصائر.
وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية للمجلس الاعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد محمد الاجراوي رئيسا والسادة المستشارين : محمد السلاوي مقررا، محمد الصغيرامجاط، علال العبودي، القفيفة ابراهيم، أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد ادريس السايسي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة رجاء المناني.
3 Replies to “إبطال عقد الصدقة لمرض الموت”
يطرح تساؤل كبير حول السبب من إبطال بعض التصرفات التي ينجزها الأشخاص المتمتعون بكامل اهليتهم. فإذا كان إبطال التصرف لا يمكن ان يكون مؤسسا إلا على أحد العيوب التي قد تصيب الإرادة وهي تلك الوارد في قانون الالتزامات والعقود من أمثال التدليس والغبن والغلط والإكراه ، فإن المشرع في الفصل 54 من قانون الالتزامات والعقود جاء بقاعدة جامعة تخص المرض الجسماني الذي قد يؤثر على إرادة المتعاقد ويؤدي بالتالي إلى إبطال التصرف الذي يجريه هذا الأخير.
ولا أعتقد أن حالة المرض المشار إليها في الفصل 54 المذكور تتعلق بالمرض النفسي أو العقلي لأن هذا الأخير إذا ما ثبت يفقد المتعاقد الأهلية بالمرة ولا يعتبر فقط من العوارض المؤثرة في الرضى لدى الأشخاص أثناء تعاقدهم.
وباعتبار ان المشرع ترك المرض والحالات الأخرى المشابهة له لتقدير القضاة وهم بصدد النظر في النوازل فإن ما يلاحظ في النازلة أعلاه أن القضاة أعملوا قواعد الفقه الإسلامي المتعلقة بمرض الموت في نازلة تتعلق بعقار محفظ ، إذ من المعروف أن قواعد قانون الالتزامات والعقود هي الواجبة التطبيق في قضايا العقار المحفظ أما قواعد الفقه الإسلامي فخاصة بالعقار غير المحفظ، وبالتالي كان عليهم تطبيق الفصول المتعلقة بعيوب الرضى وليس القواعد المتعلقة بالتصرفات التي يجريها المريض في مرض موته.
لذا فإنه يتعين التفكير بجدية للخروج من ازدواجية القوانين التي ستؤثر لا محالة على استقرار المعاملات وتؤثر في الأمن القضائي لعموم المتقاضين أمام المحاكم
فاتني في التعليق السابق أن أشير أن القواعد التي يجب إعمالها هي تلك المنصوص عليها في الفصول 344 و 345 من قانون الالتزامات والعقود التي يحيل عليها الفصل 479 من نفس القانون وليس 54 منه لأنها تتعلق فقط بعيوب الرضى ولا يمكن استعمالها إلا من المتعاقد فإن مات لا ينتقل الحق إلى ورثته.
وبه وجب التصحيح.
شكرا أستاذ أيمن على النقل ^^
بحثت عن قرار يتعلق بحق العمرى و لم أجد..خصوصا واني لم أميز بعد الاختلاف بين حق العمرى و حق الانتفاع فيما يتعلق بالتصرف هذا الأخير الذي ينتفي في حق العمرى والحال أن كل عقود العمرى تشير إلى إمكانية التصرف؟